ضحيّة الطوائف في تطوّرها التاريخي
الدكتور انطوان افرام سلامه
“ومن لا يتألّم من الخلل الاجتماعي والسياسي الذي يفصل بين فئات هذا البلد، فتنطلق فئة في طريق، وتذهب أخرى في طريق، وهيهات أن يجمع بينهما اتجاه؟”[1]
يومَ وقفَ الجنرال غورو أمام قصر الصّنوبر في بيروت معلنًا برجاءٍ ولادة “لبنان الكبير”، لم يكن يعلم أنَّ مسبّباتٍ عدّة ستزعزع عبر الزّمن كيان “الكبير”. ولعل أبرزها كَمَنَ في التطوّر التاريخي غير المتوازن للطّوائف اللبنانيّة[2]، من النواحي السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، والّذي أُغفِلَ في معظم الدّراسات التي تناولت سياسة لبنان المعاصر، وأَرهَق بطريقةٍ أو بأخرى مسيرة هذا البلد في بناء الدّولة الحديثة.
فصحيحٌ أنَّ معظم دول العالم هي في أصولها متنوِّعة الثّقافات ومتعدِّدة السكّان، حتّى بالنِّسبة إلى تلك المقتصرة على لغّة أو إثنيّة أو ديانة واحدة[3]، وصحيحٌ أنَّ الكيان اللبناني هوَ كيانٌ مشتركٌ بكونِهِ نشأَ نتيجة التقاء المسيرة التاريخيّة المارونيّة بالمسيرة التاريخيّة الدرزيّة، كما علَّلَ كمال الصّليبي[4]. لكن لبنان من منظورٍ مقارن، يختلف عن بلدانٍ أُخرى يتقاسم وإيّاها خصائص التعدديّة ومفاهيمها، مثل بلجيكا وكندا وسويسرا وتشكوسلوفاكيا السّابقة وقبرص والعراق والسّودان وسريلانكا وماليزيا[5]. ففي لبنان عددٌ كبيرٌ من الجماعات التي تمارس نشاطًا سياسيًّا ولها برامجها السياسيّة وموقعها المميّز، إلى جانب الجماعات الثّلاث الكبيرة، الموارنة والسنّة والشّيعة[6]. وفي لبنان، ميزانٌ ديموغرافي متغيِّر من جماعةٍ إلى أخرى، بخلاف المجتمعات التعدديّة الأخرى التي تتعادل نسبيًّا في الولادات[7].
وبالتالي فإنَّ هذه التعدديّة الملتبسة غيّرت مع الزّمن مفهوم لبنان وصيغته بأنّه “الإبن البكر”[8] للتعايش السلميّ بين الإسلام والمسيحيّة بحسب الأب يواكيم مبارك، والوطن “الرّسالة”[9]، بحسب البابا يوحنّا بولس الثّاني. فما إن بصقت الإمبراطوريّة العثمانيّة “آخر أسنانها”[10] بتعبير الياس أبو شبكة، وما إن قسّمت اتفاقيّة سايكس – بيكو سنة 1916 الولايات العربيّة في السلطنة العثمانيّة السّابقة إلى منطقتين بريطانيّة وفرنسيّة، وما إِنْ التقى المؤتمرون في فرنسا بين السنوات 1918 و1920 ليبصر النّور “لبنان الكبير”، حتى برزت العيوب والمعطوبيّات الوفيرة المؤثِّرة على كيان الوطن وديمومته، لا سيّما تلك المتعلِّقَة بالنموّ التاريخي غير المتوازن للطّوائف اللبنانيّة.
فكيفَ بدت هذه الطوائف الأساسيّة قبل وبعد ولادة لبنان الكبير؟ وكيف أثَّرَ خلل تطوّرها على مسيرة لبنان الكبير؟…
1- بين الموارنة والدّروز: تشابُهٌ وتمايزٌ
من المعروف أنَّ بين الجماعتين المارونيّة والدرزيّة تشابُهًا وتناغُمًا تاريخيّين، بالرُّغم من الاختلاف العقائديّ والعرقيّ. فكِلتاهما تعرّضتا للنّفي والرّفض من البيئة الحاضنة، وانتقلتا إلى جبال لبنان ووديانه طلبًا للأمن والأمان، وكلتاهما برزتا منذ القرنين الخامس والسّادس عشر، كجماعتين موحّدتين لهما كيانهما وأصولهما وتوجّهاتهما وانتماءاتهما، وكلتاهما سعَتا حينها للمشاركة في العالم الخارجيّ انطلاقًا من المفاهيم المستمدّة من داخلهما، كما علَّلَ دومينيك شوفالييه(Dominique Chevalier) [11]، وكلتاهما سعتا لترسيم حدود لبنان الحالي منذ القرن السّادس عشر، عندما “مدّ الموارنة يدهم المخلصة للأمراء الدّروز”[12]، كما قال الأب ميشال الحايك. غير أنَّ هذه الثنائيّة سرعان ما تصدّعت مسيرتها وتبدّلت تدريجيًّا جرّاء التطوّر غير المتوازن لهاتين الطّائفتين على الصُّعُد كافّة السياسيّة والاجتماعيّة والديموغرافيّة والاقتصاديّة، والذي خبرته الجماعتان خلال ردحٍ يقارب أربعة قرونٍ من الزّمن، منذ الحكم العثماني حتّى الحرب العالميّة الأولى.
تمثَّل هذا التطوّر غير المتوازن بتوسُّعٍ جغرافي للموارنة في المناطق الدرزيّة، عندما بدأ تحركهم في الشّمال مطلع القرن السّادس عشر، ثمّ انتشر امتدادًا إلى المناطق الجنوبيّة من الجبل. فمنذ منتصف القرن التّاسع عشر أصبح الموارنة أكثرية، ليسَ فقط في المناطق التي كانوا مقيمين فيها تقليديًّا، بل أيضًا في الأجزاء الوسطى والجنوبيّة من جبل لبنان، بما فيها المناطق الدرزيّة[13]. ترافق هذا التمدُّد الجغرافي مع توسُّعٍ في السّلطة والنّفوذ بفضل عوامل عدّة منها دعم فرنسا للموارنة، وتَعَزُّز قوّتهم الاقتصاديّة بسبب عملهم في الزّراعة وفي تربية دود القزّ وصناعة الحرير، وازدهار صلاتهم التجاريّة بين أوروبا وبلاد المشرق؛ هذا إلى جانب الدّور الكبير الّذي أدّته الكنيسة المارونيّة والرهبانيّات والإرساليات في تحقيق ذلك وفي نشر التربية والتّعليم الّذي زاد من طبقة المتعلّمين الموارنة وجعلهم يتبوّأون المناصب العامّة وأملى في الكثير الغالب سياسة الإمارة[14].
قُوبِلَ هذا التطوّر السّريع للطائفة المارونيّة بجمودٍ في الطائفة الدرزيّة لأسبابٍ عدّة منها انقسام الدّروز نتيجة الصِّراع القيسيّ – اليمنيّ المتحوِّل لاحقًا إلى نزاعٍ يزبكي – جنبلاطي[15]، ومنها غياب المؤسّسات الكنسيّة والرهبانيّة، وتبدُّل السياسة الخارجيّة لمصلحة الموارنة. وكان لهذا التبدُّل في ميزان القوى أن انفجر في مذابح 1860، وهو وإنْ سجَّل انتصارًا عسكريًّا للدروز، لكنه لم يسجِّل انتصارًا في المجال السياسيّ، لأنَّ القوّة السياسيّة في مرحلة المتصرفيّة كانت بمعظمها بين أيدي الموارنة.
وعندما بلغت الحرب العالمية الأولى نهايتها، لم يكن الدروز قد بلوروا طرحًا سياسيًّا خاصًّا بهم، ولم يصوغوا نوعًا من المطالب المتلائمة مع الطموحات السياسيّة الدّارجة مع تلك الأيّام أي طرح الأمّة – الدّولة[16]. فإذا بالمعادلة السياسيّة إبّان إعلان دولة لبنان الكبير، تتغيّر من درزيّة – مارونيّة، إلى سنيّة – مارونيّة، مفضيةً بالدّروز إلى المرتبة الخامسة[17]؛ ليجد بنو معروف أنفسهم فجأةً أقليَّةً تصارع من أجل البقاء. فرفضوا آنذاك الصّيغَة الجديدة أُسوَةً بسائر المسلمين وحتّى بعض المسيحيين، لأنّهم أدركوا أنّهم أمام مشروعٍ غربيّ يتنافى مع قوميّتهم العربيّة ومع سعيهم للاِتحاد مع سوريّا على أساس اللامركزيّة[18]. واحتجّوا على السّلطة لأنّهم حُرِموا من حقوقهم المشروعة بالوظائف وبالإدارات، وأُقصوا عن المعادلة القائمة في بلدٍ لم يَغِبْ عن بالهم يومًا أنّهم صانعو تاريخه الوسيط والحديث[19]. وبعدَ سنواتٍ من الكفاح والمطالبة لاسترجاع الحقوق، عادوا وانخرطوا في العمل السياسيّ، بما قُسِّمَ لهم من وظائف وصلاحيات ضئيلة[20].
2- بين الموارنة والسُّنَّة: تجربةٌ واختلاف
لم تعرف الطائفَتَان المارونيّة والسنيّة، قبل العام 1920، مسيرةً تاريخيّةً كالتي عرفها الموارنة والدّروز عبر عقودٍ من الزّمن. فالموارنة والمسلمون السنّة لم يتعاونوا في ممارسة السلطة السياسيّة ضمن إطار الإمارة أو المتصرفيّة، ولم يدخلوا في نزاعٍ طائفي كما كانت الحال بين الدّروز والموارنة في أواسط القرن التاسع عشر، ذلك لأنّ الأقلية السنيّة الصّغيرة التي كانت تقيم في الطرف الجنوبي من الجبل، لم تُؤَدِّ سوى دورٍ هامشي في سياسة جبل لبنان. وكمن الفارق التاريخي بين الطائفتين بعيش الموارنة ومعهم الدّروز تحت الحكم العثماني، في حين تميَّز السنَّة بأنّهم رعايا الدولة العثمانية وخليفتها السلطان.
لكن مسار الجماعتين تبدَّل غداة ولادة لبنان الكبير، إذ حُكِمَ على الموارنة والسنّة بالعيشِ معًا وبتقاسم السلطة السياسيّة، بالرّغم من الاختلاف العقائديّ والعرقيّ والفكري والاجتماعي بينهما؛ فانعكس ذلك بتبعاته على الحياة السياسيّة في لبنان، خصوصًا في الفترة ما بين 1920 و1943. فغداة التغيّرات السياسيّة الكبرى في بلاد الشّام مطلع القرن العشرين، اعتبرَ السنّة وهم الأكثرية في مشرقٍ عربي يحكمه العثمانيّون، أنَّ التحوّل الحاصل في تلك الفترة هوَ تحوّلٌ من العثمانيّة إلى العروبة، في حين اعتبرَ الموارنة هذا التبدُّل تحوّلاً من العثمانية المبهمة الوصف والتحديد، إلى اللبنانيّة التي لطالما حلموا بها[21].
وعندما كان الحلفاء يتفاوضون بين سنة 1916 و1920 حول مستقبل المناطق العثمانيّة، كان الموارنة قادرين على صياغة برنامجهم السياسيّ – الوطنيّ القاضي بتوسيع المتصرفيّة وإنشاء لبنان الكبير، إذ إنّ لبنان ما بعد 1920، من وجهة نظرهم، هو امتدادٌ طبيعيّ للـ “القوميّة” المارونيّة التي انبثقت من خصوصيّة تجربتهم التاريخيّة في جبل لبنان[22]. أمّا السنّة، وأسوةً بسائر الطوائف الإسلاميّة أو سكّان المناطق العربيّة الملبننة، فقد رفضوا الانضمام إلى لبنان الكبير أو الانسلاخ عن سوريا، وقاوموا بشدّة الانتداب الفرنسيّ[23]. وبالتالي برزت الخصومة المارونيّة – السنيّة كأحَد مظاهر الحياة السياسيّة اللبنانيّة خلال مرحلة الانتداب، إذ استمرّ الفريقان في الاصطدام حول المسائل الأساسيّة على رغم تزايد مشاركة أهل الواقعيّة من السنّة في الحياة السياسيّة.
لكن تطوّراتٍ عدّة، منها ما كان متعلِّقًا بالحرب العالميّة الثانية ومنها ما كان متصلاً بالتبدّلات السياسيّة في سوريا ولبنان، مهّدت السّبيل إلى التقارب بين السنّة والموارنة، الطائفتين اللتين امتلكتا قوّة الفيتو الكبرى في البلد بعد الفرنسيين. فالمعاهدة بين فرنسا وسوريا أسقطت إصرار السوريين على ضمّ لبنان إلى سوريا، ليفقد المسلمون اللبنانيّون ومن بيهم السنّة، الدّاعم الأساسي في مطالبتهم المستمرّة للانضمام إليها، وتَحوُّل تركيز قادتهم على إيجاد موقعهم المناسب والممثِّل لطوائفهم داخل الكيان اللبناني[24]. سمح هذا التغيُّر بالوصول إلى الاستقلال الّذي بُنيَ على صيغة من التوافق الطائفي عُرِفَت بـ “الميثاق الوطني”، وهو اتفاقٌ غير مكتوب كان معناه إسقاطًا متبادلاً للفيتو الماروني – السنّي، مقابل القبول المشروط باستقلال لبنان حيث يتمُّ توزيع المناصب السياسيّة على أساسٍ طائفيّ[25].
غير أنَّ هذا الميثاق، بقيَ، وككلِّ عقدٍ بين فريقين، عرضةً لتفاسير متباينة، خصوصًا أنّه كان عمل نخبةٍ آتيةٍ من خلفيّات اجتماعيّة متجانسة نسبيًّا، سهّلت بلوغه الظّروف الإقليميّة والدوليّة، ولم تبدِ “الجماهير” حماسًا كبيرًا له، ولم تسمح التطوّرات الدوليّة بتطبيق مضامينه[26]. فانتقل الخلاف بين الموارنة والسنّة حول هويّة لبنان التي حدّدها الميثاق بأنّه “ذو وجهٍ عربيّ”، في حين أراده السنّة عربيًّا محضًا، وجلبت بالتالي هذه الصورة الجديدة والمستحدثة لهويّة لبنان، أكبر معضلةٍ وأعقدها، فلا المسلمون السنّة، تحديدًا، اكتفوا بوجه لبنان العربي ولا المسيحيّون ارتضوا بعروبة البلاد[27]؛ وإذا بالهوّة بين الموارنة والسنّة تتسع مجدَّدًا، في النصف الثّاني من القرن العشرين، تُؤجِّجها الصّراعات الإقليميّة والخلافات العربيّة والانتماءات الخارجيّة، ويزيدها تعقيدًا بروز طرحٍ سياسيٍّ جديد هوَ طرح الطّائفة الشيعيّة.
3- بين الطّوائف الثّلاث والشّيعة: غربةٌ وعقدةٌ
عرف لبنان، الشّيعة، إلى جانب الموارنة والدّروز منذ زمنٍ بعيد، لكن الطّائفة الشيعيّة لم تكن عاملاً مؤثِّرًا على السّاحة السياسيّة، إلاّ بعد الاعتراف الرسمي بها كطائفة مستقلّة ضمن إطار النّظام الطائفي، وذلك غداة الاعتراف بالمذهب الجعفري الشّرعي سنة 1926. فخلال العهد العثماني، تجمّعت الأغلبيّة الشيعيّة في جبل عامل، باستثناء أقليّة منها سكنت في مناطق جبل لبنان وفي البقاع. وغداة إعلان لبنان الكبير وما تبعه من ضمِّ أراضٍ جديدة، أُلحِقَت منطقة جبل عامل به، فزاد عدد سكّانه حوالي مئتي ألف نسمة، معظمهم من المسلمين الشّيعة الّذين كانوا يسكنون في مناطق مهملة ومتأخّرة اقتصاديًّا واجتماعيًّا، بحسب تأريخ فيليب حتّي[28].
أَحدَثَ هذا التبدُّل الديمغرافيّ والجغرافيّ المستجدّ خللاً على السّاحة اللبنانيّة وتحديدًا من النّواحي السياسيّة والاجتماعيّة. فصحيحٌ أنَّ الدّروز والموارنة عرفوا الشّيعة في قرونٍ غابرة، وحدثت مواجهات بين آل حماده وحكّام الجبل، لكن هذه المواجهات كانت بمثابة مناوشات بين زعماءَ محليين في صراعٍ على السلطة، ولم تؤد إلى العداء والانقسام الطائفيين اللذين وسما العلاقات الدرزيّة – المارونيّة في القرن التاسع عشر، لأنّ الأقليّة الشيعيّة في وسط جبل لبنان كانت أقل نشاطًا في سياسة الجبل المحليّة من الدروز والموارنة[29]. بالإضافة إلى أنَّ الدولة العثمانيّة (السنيّة)، لم تعترف طيلة حكمها، بالشّيعة، كجماعةٍ أو كطائفةٍ دينيّة متميِّزة، كما لاحظ الرحّالة البريطاني في القرن التاسع عشر ديفد أوركهارت (David Urquhart) بأنَّ المسلمين الشّيعة كانوا مكروهين من الفرس بوصفهم عربًا ومن الأتراك بوصفهم عربًا وشيعة[30]. فظلّت الطّائفة الشيعيّة طوال تلك الفترة وحتى انهيار الإمبراطوريّة العثمانيّة، جماعةً منغلقةً على ذاتها، خاليةً من المؤسّسات الدينية والاجتماعيّة ومن العلاقات مع العالم الخارجيّ؛ فلم تضع طرحًا سياسيًّا خاصًّا بها كما فعل الموارنة، ولم يدخل الشّيعة كجماعةٍ دينيّة أو سياسيّة في حسابات الدول الكبرى، كما الطائفة السنيّة[31].
لكن، ما إِنْ أُعلِنَت دولة لبنان الكبير، حتى تبدّل المشهد السياسيّ وبرز عددٌ من الزّعماء المسلمين الشّيعة في الجنوب والبقاع الّذين محضوا الدولة النّاشئة دعمهم وبدأوا يشاركون بنشاطٍ في الحياة السياسيّة في بيروت، مطالبين بتمثيلٍ سياسيّ على أساسٍ طائفي؛ وهو التمثيل الذي منح الطّائفة موقعًا محدّدًا ومضمونًا في النّظام السياسيّ[32]. وبخلاف السنّة، لم تكن السياسة القوميّة العربيّة الشّغل الشّاغل للشيعة، فهدفهم تركّز على الانخراط في العمل السياسيّ اللبنانيّ[33].
أمّا التطوّر السياسي والاجتماعي المنظور، فكمن في ستينيّات القرن العشرين، عندما بدأ الشّيعة ينتقلون بأعدادٍ كبيرة إلى بيروت وضاحيتها الجنوبيّة والشماليّة، وارتفعت نسبة المتعلّمين وازدادت الحركة السياسيّة والاجتماعيّة داخل الطائفة، وبرزت الصحوة الدينيّة التي جسّدها شخص الإمام موسى الصدر وتعاليمه ورسالته؛ هذا بالإضافة إلى تزايد النفوذ الإيراني في الطائفة الشيعيّة على كل الأصعدة، السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة، وبروز حركة أمل وحزب الله كحزبين شيعيين لهما أتباعهما وأهدافهما على السّاحة اللبنانيّة.
والجدير ذكره أنّ التعبئة الشيعيّة جاءت متأخّرة وسريعة وفي زمن التغيّر الداخلي وعدم الاستقرار الإقليمي، بخلاف التعبئة السياسيّة لدى الطوائف المارونيّة والسنيّة والدرزيّة التي تمّت في ظروف داخليّة وخارجيّة ملائمة وبطريقةٍ تدريجيّة.
الخاتمة
“وطني ماتَ مثلَ ما تموتُ الطيورُ الطريَّهْ أَشعِلوا النارَ حولَها يا مجوسُ”[34]… من قصيدةٍ وضعها الأب ميشال الحايك (1928 – 2005)، ولربما دوّنها لاستشفافه أنَّ لبنان الكبير الذي كان حلم الموارنة الموعود وقبلة انتظاراتهم قد سقط ضحيّةً بريئةً على مذبح الطوائف بنموّها التاريخي غير المتوازن. صحيحٌ أن أسباب تفكّك كيان لبنان الكبير عديدة ومتنوّعة ومتشعِّبة من مختلف النّواحي الإنسانيّة والدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، ولم تقتصر فقط على الخلل الطائفي. لكن النمو التاريخي غير المتوزان للطوائف بقي سرطانًا خبيثًا قضى رويدًا رويدًا على كينونة هذا البلد وصيغته التعدديّة. فما إِنْ شارف “الكبير” على المئة من سنيه، حتى بان الخلل وسقطَ نتيجة الهشاشة السياسيّة والاجتماعيّة كما علّم الخطيب والفيلسوف والكاتب الرّوماني شيشرون (Cicéron) بأنّه لا قيام للدّولة إلاّ بتوافق جماعاتها توافقًا متينًا مرتكزًا على بُنى متماسكة يهب التوازن والديناميّة لمؤسّساتها[35]، أو كما قال كمال جنبلاط بأنَّ “لبنان هو بلد أعظم تنوّع ثقافي”[36]، وبأنَّ الصّيغة اللبنانيّة كان يمكن أن تكون مثالية “لو أنّنا قبلنا الامتزاج ورضينا التكافل قلبًا وروحًا داخل أمّة واحدة إنسانية بالتّراث: أي لو أنّنا ارتضينا التنوّع في الوحدة لا الكثرة فيها”[37].
لكن أنّى للبنان الكبير الديمومة وسط هذا الخلل الملحوظ في تطوّر الطوائف التاريخي وفي توازنها؟ وأنّى لهذه الوحدة المرجوّة أن تتحقّق والهوّة ما زالت تتسع بين جماعةٍ وأخرى نتيجة الفارق العقائدي والتباعد الاجتماعي واللاتوازن الطائفي… فكل جماعةٍ ترى في الجماعة الأخرى المنافسة خطرًا محدقًا ومصدر تهديدٍ ووعيد، وكل جماعةٍ تسير في اتجاهٍ معاكسٍ ترسمه لها الأيّام والمتبدّلات الاجتماعيّة والمتغيّرات السياسيّة والتدخلات الخارجيّة كما ذَكرَ مرّةً المطران جورج خضر مستشهدًا بعادل اسماعيل الّذي أثبت في مجموعته العظيمة “الوثائق الدبلوماسيّة”، أنَّ ما من حادثةٍ جرت في هذه البلاد منذ 300 سنة حتى الآن، إلاّ وكان لإحدى الدول الغربيّة ضلعٌ فيها[38].
لا ننفي ما قاله الأب يواكيم مبارك مرّةً بأنّ في الشّرق ثلاث طوائف يُنظَر إليها على أنّها أقليّات، قاصدًا بذلك المارونيّة والدرزيّة والشّيعية، الّتي وبالرّغم من تقلّبات الدهر والخيارات الكثيرة المطروحة أمامها، أثبتت قدرتها على الانفتاح وأظهرت بشكلٍ دائم روح تضامنها الكبيرة[39]. لكن هذا الانفتاح لن يكتمل إلاّ إذا وعت هذه الجماعات وغيرها من مكوّنات الوطن، المشاكلَ التي أخّرت تقدّم “الكبير” ونموّه، ومن بينها ذلك الخلل التاريخيّ واللاتوازن الاجتماعي والسياسيّ والفكري والاقتصادي بين الطوائف الأربع الأساسيّة الّذي ما زال يُوقِظُ منذ سنة 1920 وحتى اليوم، القلق الوجودي من الآخر والرّعب منه…
يبقى الالتزام بالعيش المشترك الّذي حدِّده جان فانييه (Jean Vanier) في كتابه “الجماعة صفح وعيد” بأنّه يرتكز على تحديد العمل الّذي على الجماعة القيام به، وتحديد ما تريد الجماعة أن تكونه، أي إذا قرّر أشخاص أن يعيشوا معًا من دون أن يحدّدوا أهدافهم ويوضِّحوا الغاية من التقائهم، فسرعان ما تنشأ بينهم خلافات ويتهدّم كل شيء؛ والتوتر في الجماعات يأتي غالبًا من عدم التصريح بما يَنْشُد كلّ واحد[40]. فهل سنجلس كلبنانيين على طاولة حوارٍ مميّزة ومختلفة عن سابقاتها ومن دون معيّةِ أحد، بغية تقويم الأخطاء بشفافيّةٍ مطلقة وتصويب الأهداف بروحيّةٍ مطلقة… فينهض “الكبير” كطائر الفينيق؟
قائمة المراجع
– البابا يوحنّا بولس الثّاني، “خطابان: ما قبل الزيارة للبنان وما بعدها“، تعريب جورج باليكي، في: المسرّة، السنة 83، عدد 829، تموز – تشرين الأوّل 1997، ص ص. 716 – 720.
– أبو صالح، عبّاس، ومكارم، سامي، تاريخ الموحّدين الدّروز السياسي في المشرق العربي، طبعة ثانية، منشورات المجلس الدرزي للبحوث والإنماء، بيروت، 1981.
– البعيني، حسن أمين، دروز سورية ولبنان في عهد الإنتداب الفرنسي 1920 – 1943-دراسة في تاريخهم السياسي، المركز العربي للأبحاث والتوثيق، 1993.
– بجّاني، إميل، مدرسة بيروت للحقوق يليه شيشرون رائدًا ومعلّمًا، دار النّهار للنّشر، بيروت، 2005.
– الجسر، باسم، ميثاق 1943 لماذا كان ولماذا سقط؟، دار النّهار للنّشر، بيروت، 1978
– جنبلاط، كمال، هذه وصيّتي، تحقيق فيليب لابوستيرل، طبعة ثانية، الدّار التقدميّة، المختارة، 1987.
– الحايك، ميشال،
- “لبنان في خطر الموت“، في: كتابات في تاريخ الكنيسة المارونيّة وروحانيّتها، إعداد وترجمة دانيال زغيب، سلسلة التراث الليتورجيّ (1)، المطبعة البولسيّة، جونيه، 2009، ص ص. 205 – 222.
- ضاقت الأرض، دار المشرق، بيروت، 2004.
– حتّي، فيليب، تاريخ لبنان منذ أقدم العصور التاريخيّة إلى عصرنا الحاضر، ترجمة أنيس فريحة، دار الثّقافة، بيروت، د.ت.
– الحوراني، يوسف، لبنان في قيم تاريخه-بحث في فلسفة تاريخ لبنان-العهد الفينيقي، دار المشرق، بيروت، 1972.
– الخازن، فريد، تفكّك أوصال الدولة في لبنان 1967 – 1976، ترجمة شكري رحيِّم، طبعة ثانية، دار النّهار للنشر، بيروت، 2002.
– خضر، جورج، هذا العالم لا يكفي، سلسلة حوارات أجراها سمير فرحات، الطبعة الثانية، تعاونية النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع، بيروت، 2016.
– الرّاعي، باسم، “من إشكاليّة العيش المشترك إلى واقعيّة الالتزام المشترك في لبنان”، في: المشرق، الجزء الثّاني، تمّوز – كانون الأوّل 2006، ص ص. 369 – 381.
– سالم، يوسف، خمسون سنة مع الناس، دار النهار للنشر، بيروت، 1975.
– شرارة، وضاح، الأمة القلقة، العامليون والعصبيّة العاملية على عتبة الدولة اللبنانيّة، دار النّهار، بيروت، 1996.
– شوفالييه، دومينيك، مجتمع جبل لبنان في عصر الثّورة الصناعيّة في أوروبا، ترجمة منى عبدالله عاقوري، نظر في الترجمة أحمد بيضون، طبعة ثانية، دار النّهار للنّشر، بيروت، 2001.
– الصّليبي، كمال،
- منطلق تاريخ لبنان، هاشيت أنطوان، بيروت، 2012.
- الموارنة-صورة تاريخيّة، دار نلسن، بيروت، 2011.
- تاريخ لبنان الحديث، طبعة سابعة، دار النهار، بيروت، 1991.
– ضاهر، مسعود، الجذور التاريخيّة للمسألة الطائفيّة اللبنانيّة 1697 – 1861، طبعة رابعة، دار الفارابي، بيروت، 2009.
– فارس، وليد، التعدديّة الدينيّة في لبنان، مركز البحوث للتنمية والسلام (3)، طبعة ثانية منقّحة، منشورات جامعة الروح القدس، الكسليك، 2007.
– فانييه، جان، الجماعة صفح وعيد، منشورات المكتبة البولسيّة، جونيه، 1982.
– فحص، هاني، الشيعة والدولة في لبنان-ملامح في الرؤية والذّاكرة، دار الأندلس، بيروت، 1996.
– فريحة، نمر، الخلاف المستمر على الهوية والمصير (1860 – 2020)، مئويّة لبنان الكبير (1)، دار سائر المشرق، بيروت، 2020.
– مبارك، يواكيم،
- حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلاميّ – المسيحيّ – مختارات، ترجمة سلام دياب، دار الفارابي، بيروت، 2014.
- “إشكاليّة تاريخ لبنان منذ نشوء الإسلام إلى إعلان دولة لبنان الكبير-نظرة عامّة“، في: قرم، جورج، ودياب، توماس (إعداد)، حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي – المسيحي–مختارات، ترجمة سلام دياب، دار الفارابي، بيروت، 2014، ص ص. 31 – 72.
– مجموعة محاضرين، لبنان بقلم مفكّري الندوة–محاضرات مختارة من الندوة اللبنانيّة (ميشال أسمر، ميشال شيحا، تقي الدين الصلح، انطوان موراني)، إعداد أمين الياس، مركز فينيكس للدراسات اللبنانيّة – أنتولوجيا (5)، منشورات جامعة الروح القدس، الكسليك، 2012.
– مراد، سعيد، الحركة الوحدويّة في لبنان بين الحربين العالميتين 1916 – 1946، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1986.
– نعمان، بولس، “تكوين الدولة اللبنانيّة الظروف التاريخيّة الداخليّة والخارجيّة لنشوء الدّولة اللبنانيّة”، في: مجموعة باحثين، بحوث مهداة إلى الدكتور جان شرف، معهد التاريخ (22)، منشورات جامعة الروح القدس، الكسليك، 2010، ص ص 427 – 441.
– Ajami, Fouad, The Vanished Imam: Musa Al-Sadr and the Shia of Lebanon, Cornell University Press, Ithaca, 1986.
– Connor, Walker, “Nation-Building or Nation-Destroying?”, in: World Politics 24, no.3, April 1972, pp.319-355.
– Kymlicka, Will, Multicultural Citizenship–A Liberal Theory of Minority Rights, Clarendon Press, Oxford, 1995.
– Rondot. Pierre, Destin du Proche-Orient, Centurion, Paris, 1958.
[1] المطران انطوان حميد موراني في محاضرةٍ له من محاضرات الندوة اللبنانيّة سنة 1961، عن: لبنان بقلم مفكّري الندوة-محاضرات مختارة من الندوة اللبنانيّة (ميشال أسمر، ميشال شيحا، تقي الدين الصلح، انطوان موراني)، إعداد أمين الياس، مركز فينيكس للدراسات اللبنانيّة – أنتولوجيا (5)، منشورات جامعة الروح القدس، الكسليك، 2012، ص 96.
[2] يَرُدُّ الكثير من المؤرِّخين والباحثين، أمثال فيليب حتّي، يوسف الحوراني وبيار روندو (Pierre Rondot) أسباب التنوُّع الطائفي وأصوله إلى موقع لبنان الفريد على ساحل المتوسِّط، وإلى طبيعته الموحشة التي شكّلت، منذ فجر التّاريخ، ملاذًا آمنًا وحصنًا حصينًا لكُلِّ طالبِ عيشٍ وحريّةٍ وحمايةٍ ولجوء، خصوصًا للجماعات المخالفة لعقيدة المجتمع الّذي تتحرّك فيه وللأقليّات المضطهدة: حتّي، فيليب، تاريخ لبنان منذ أقدم العصور التاريخيّة إلى عصرنا الحاضر، ترجمة أنيس فريحة، دار الثّقافة، بيروت، د.ت، ص 9؛ الحوراني، يوسف، لبنان في قيم تاريخه-بحث في فلسفة تاريخ لبنان-العهد الفينيقي، دار المشرق، بيروت، 1972، ص. 39 – 59؛ Rondot. Pierre, Destin du Proche-Orient, Centurion, Paris, 1958, p.25
[3] في مقال واسع الشّهرة، كُتِبَ سنة 1972، يقول ووكر كونر (Walker Connor) بأنَّ ثلاثًا وخمسين دولة في العالم، ينقسم فيها الشّعب إلى أكثر من خمسين مجموعة كبيرة، ومثله تمامًا يقول ويل كيمليكا (Will Kymlica) في كتابه حول المواطنيّة المتعدِّدة الثقافات. فقد خَلُصَ كيمليكا إلى أنَّ معظم البلدان اليوم متنوِّع الثّقافات، وحسب التّقديرات الحديثة فإنَّ دول العالم المائة والأربع والثّمانين المستقلّة تضمُّ أكثر من ستمائة جماعة لكلٍّ منها لغّتها الخاصّة بها، وقليلةٌ البلدان التي يمكن اعتبار مواطنيها يتكلّمون اللغة نفسها أو ينتمون إلى مجموعةٍ إثنيّةٍ – وطنيّةٍ واحدة: Connor, Walker, “Nation-Building or Nation-Destroying?”, in: World Politics 24, no. 3, April 1972, p.320; Kymlicka, Will, Multicultural Citizenship-A Liberal Theory of Minority Rights, Clarendon Press, Oxford, 1995, p.1 and pp.10 – 33.
[4] الصّليبي، كمال، منطلق تاريخ لبنان، هاشيت أنطوان، بيروت، 2012، ص 183.
[5] الخازن، فريد، تفكّك أوصال الدولة في لبنان 1967 – 1976، ترجمة شكري رحيِّم، طبعة ثانية، دار النّهار للنشر، بيروت، 2002، ص 54.
[6] الخازن، المرجع نفسه، ص 54.
[7] الخازن، المرجع نفسه، ص 55.
[8] مبارك، يواكيم، حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلاميّ – المسيحيّ – مختارات، ترجمة سلام دياب، دار الفارابي، بيروت، 2014، ص 165.
[9] ذكر مرارًا البابا يوحنّا بولس الثّاني بأنَّ لبنان هو الوطن الرسالة. ففي خطاب ألقاه في اللقاء العام الذي عقد في روما الأربعاء 14 أيّار 1997، أي بعد زيارته إلى لبنان وعودته إلى روما، قال: “إنّ السلام، نوعًا ما، هو رسالة لبنان الجوهريّة. وإذا ما كان على لبنان القيام بهذه الرّسالة النّاجمة فعلاً عن تعدديته الثقافيّة والدينيّة، فيحقّ له من ثَمَّ أن يسانده أولئك الذين يمكنهم التّأثير على السّلام فوق أرضه. بهذه الشروط فقط يمكن لبنان أن يكون ما هو عليه، أي بلدًا تتواجد فيه وتتعايش الجماعات الثقافيّة والدينيّة التي تتبادل احترام هويّاتها. إنّ كلّ تعصّب دينيّ لغريبٌ عن روح لبنان. وهذا، في الواقع، ما يميّزه عن سائر البلدان، حيث تأتمر كليًّا الحياة السياسيّة والاجتماعيّة بالتطرّف، الذي غالبًا ما ينتسب، جورًا وإجحافًا، إلى الدين. إنّ لبنان مجتمعٌ منفتح. وأتمنى لمواطنيه، كما للبلدان المجاورة، أن يدوم التعاون في سبيل ذلك الانفتاح. لأنّه، في الواقع، بمثل هذا الانفتاح فقط يستطيع لبنان أن يؤدّي رسالته، سواءٌ أكان داخل حدوده، أم في الأسرة الكبرى لبلدان الشّرق الأدنى وجماعاته: “البابا يوحنّا بولس الثّاني، “خطابان: ما قبل الزيارة للبنان وما بعدها“، تعريب جورج باليكي، في: المسرّة، السنة 83، عدد 829، تموز – تشرين الأوّل 1997، ص 720.
[10] عن: نعمان، بولس، “تكوين الدولة اللبنانيّة الظروف التاريخيّة الداخليّة والخارجيّة لنشوء الدّولة اللبنانيّة“، في: مجموعة باحثين، بحوث مهداة إلى الدكتور جان شرف، معهد التاريخ (22)، منشورات جامعة الروح القدس، الكسليك، 2010، ص 430.
[11] شوفالييه، دومينيك، مجتمع جبل لبنان في عصر الثّورة الصناعيّة في أوروبا، ترجمة منى عبدالله عاقوري، نظر في الترجمة أحمد بيضون، طبعة ثانية، دار النّهار للنّشر، بيروت، 2001، ص 84.
[12] الحايك، ميشال، “لبنان في خطر الموت”، في: كتابات في تاريخ الكنيسة المارونيّة وروحانيّتها، إعداد وترجمة دانيال زغيب، سلسلة التراث الليتورجيّ (1)، المطبعة البولسيّة، جونيه، 2009، ص 219.
[13] قارن بين الخرائط الجغرافيّة في: الصليبي، كمال، الموارنة-صورة تاريخيّة، دار نلسن، بيروت، 2011، ص 19و20.
[14] ضاهر، مسعود، الجذور التاريخيّة للمسألة الطائفيّة اللبنانيّة 1697 – 1861، طبعة رابعة، دار الفارابي، بيروت، 2009، ص. 134 – 138، ص 234؛ الصّليبي، الموارنة، ص. 77 – 82؛ الصّليبي، كمال، تاريخ لبنان الحديث، طبعة سابعة، دار النهار، بيروت، 1991، ص 42.
[15] الصّليبي، تاريخ لبنان الحديث، المرجع نفسه، ص 40؛ أبو صالح، عبّاس، ومكارم، سامي، تاريخ الموحّدين الدّروز السياسي في المشرق العربي، طبعة ثانية، منشورات المجلس الدرزي للبحوث والإنماء، بيروت، 1981، ص 151، 160.
[16] الخازن، المرجع السّابق، ص 60.
[17] البعيني، حسن أمين، دروز سورية ولبنان في عهد الانتداب الفرنسي 1920 – 1943-دراسة في تاريخهم السياسي، المركز العربي للأبحاث والتوثيق، 1993، ص 109.
[18] البعيني، المرجع نفسه، ص ص. 108 – 109.
[19] البعيني، المرجع نفسه، ص 109.
[20] البعيني، المرجع نفسه، ص 346، 377، 378.
[21] الخازن، المرجع السّابق، ص 62.
[22] الخازن، المرجع نفسه، ص 62.
[23] فارس، وليد، التعدديّة الدينيّة في لبنان، مركز البحوث للتنمية والسلام (3)، طبعة ثانية منقّحة، منشورات جامعة الروح القدس، الكسليك، 2007، ص 212، 216.
[24] فريحة، نمر، الخلاف المستمر على الهوية والمصير (1860 – 2020)، مئويّة لبنان الكبير (1)، دار سائر المشرق، بيروت، 2020، ص 125.
[25] أنظر: الجسر، باسم، ميثاق 1943 لماذا كان ولماذا سقط؟، دار النّهار للنّشر، بيروت، 1978.
[26] الخازن، المرجع السّابق، ص 63.
[27] فارس، المرجع السّابق، ص 243.
[28] حتّي، المرجع السّابق، ص 597.
[29] الخازن، المرجع السّابق، ص 65.
[30] Ajami, Fouad, The Vanished Imam: Musa Al-Sadr and the Shia of Lebanon, Cornell University Press, Ithaca, 1986, p.56.
[31] أنظر حول ذلك: فحص، هاني، الشيعة والدولة في لبنان-ملامح في الرؤية والذّاكرة، دار الأندلس، بيروت، 1996.
[32] سالم، يوسف، خمسون سنة مع الناس، دار النهار للنشر، بيروت، 1975، ص ص. 67 – 68؛ فحص، المرجع نفسه، ص ص. 51 – 55، 70 – 103. وحول سياسة الشيعة وموقف النخب الدينيّة والسياسيّة من الدولة اللبنانيّة عشية تكوينها في العام 1920، أنظر: شرارة، وضاح، الأمة القلقة، العامليون والعصبيّة العاملية على عتبة الدولة اللبنانيّة، دار النّهار، بيروت، 1996.
[33] مراد، سعيد، الحركة الوحدويّة في لبنان بين الحربين العالميتين 1916 – 1946، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1986، ص. 143 – 254.
[34] الحايك، ميشال، ضاقت الأرض، دار المشرق، بيروت، 2004، ص 10.
[35] عن: بجّاني، إميل، مدرسة بيروت للحقوق يليه شيشرون رائدًا ومعلّمًا، دار النّهار للنّشر، بيروت، 2005، ص 158.
[36] جنبلاط، كمال، هذه وصيّتي، تحقيق فيليب لابوستيرل، طبعة ثانية، الدّار التقدميّة، المختارة، 1987، ص 76.
[37] جنبلاط، المرجع نفسه، ص 77.
[38] خضر، جورج، هذا العالم لا يكفي، سلسلة حوارات أجراها سمير فرحات، الطبعة الثانية، تعاونية النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع، بيروت، 2016، ص 102.
[39] مبارك، يواكيم، “إشكاليّة تاريخ لبنان منذ نشوء الإسلام إلى إعلان دولة لبنان الكبير–نظرة عامّة“، في: قرم، جورج، ودياب، توماس (إعداد)، حول لبنان وفلسطين والحوار الإسلامي – المسيحي-مختارات، ترجمة سلام دياب، دار الفارابي، بيروت، 2014، ص 64، 65.
[40] فانييه، جان، الجماعة صفح وعيد، منشورات المكتبة البولسيّة، جونيه، 1982، ص 14؛ أو أنظر بحثًا قيِّمًا حول ذلك للخوري باسم الرّاعي في: الرّاعي، باسم، “من إشكاليّة العيش المشترك إلى واقعيّة الالتزام المشترك في لبنان”، في: المشرق، الجزء الثّاني، تمّوز – كانون الأوّل 2006، ص ص. 369 – 381.