Almanara Magazine

ملامح بيروت العمرانية 1860 – 1920

الأب جان ماري المير م. ل

ها أنذا – المدينة التاعسة كومة من خرائب، أبنائي أموات، يا لتعاستي مجسم الجمال أصبح رمادًا، هل تأسون لمجد بيروت، هل تبكون علي أيها العابرون الماشون فوق أطلالي، هل تسكبون دمعة حزن، هل تأسون لمجد بيروت؟

هذه الأبيات من قصيدة نظمها شاعر إغريقي عندما رثا بيروت عام 560 م، بعد أن ضربها زلزال والتهمتها نيران الحرائق، مما حرك وجدان الشاعر ونظم هذه الأبيات.

نبداء مقالنا بهذه الأبيات لنقول لكل من فقد الأمل والرجاء من قلبه وحياته، ولكل من استسلم أمام الدمار الذي اصاب بيروت في الرابع من آب. ونقول لكل من يقف اليوم فوق أطلالها موقف الندابين البكائين….إن بيروت هي  طائر الفنيق ذاك الذي تكلمت عنه الأساطير وتناقلت أحاديثه الروايات وتغنى به الشعراء.

بيروت هي تلك المدينة التي عرفت عبر العصور النكبات والزلازل والحرائق … ولكنها كانت في كل مرّة تعود وتقف نافضةً عنها الغبار  لتعود زاهرة عامرة أفضل مما كانت عليه بالسابق.

بمناسبة اليوبيل المئوي الأول لإعلان دولة لبنان الكبير، ولتنشيط ذاكرة بعض اللبنانيين ولدفعهم للتمسك بالوطن والتعمق بتاريخ مدينة بيروت؛ عمدت إلى وضع هذا المقال متوقفًا فيه عند ملامح بيروت العمرانية منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر ولغاية عام 1920، ليلة إعلان دولة لبنان الكبير.

أولاً: بيروت بوابة الشرق على الغرب

  1. بيروت في بعض المحطات التاريخية.

بيروت من المدن القديمة على الساحل الكنعاني، كانت مساحتها الجغرافية تضيق وتتسع باختلاف الدول التي مرّت عليها. وفي هذا المجال يذكر صالح بن يحي “أن بيروت مدينة قديمة جدًّا ويستدل على قدمها بعتق سورها”[1].

ارتبطت بيروت منذ القدم بعلاقات مختلفة مع الدويلات الكنعانية الممتدة على الساحل الشرقي للمتوسط مع الدول المجاورة والبعيدة. فقد طمع فيها الفراعنة، بحيث أنه في عهد الأسرة الثامنة عشرة شنوا عليها هجومًا وسيطروا عليها لا سيما في عهد تحوتمس الثالث. وجاء ذكر اسم بيروت في كتابات تل العمارنة بحيث يتم وصف بيروت بالبلدة المنيعة وذكر في هذه الكتابة سفنها التجارية والحربية[2].

سنة 140 تعرضت بيروت للحريق والتخريب، فهدمت أبنيتها وأحرقت بساتينها، نتيجة حرب بين ألكسندر بالا، الذي ادعى الملك لنفسه، وبين ملكها الشرعي ديمتريوس الثاني. لكن أهلها عادوا وجددوا بناءها، ونهضوا بها من جديد بالرغم من كل الدمار الذي لحق بها[3]

خضعت بيروت سنة 64 ق. م للحكم الروماني. فجعلت مستعمرة رومانية ومركزًا لإقامة الجنود المتقاعدين ممن امتازوا في خدمة الوطن[4].

اشتهرت بيروت عبر تاريخها بأنها مركز للتثقيف والتعليم؛ ففيها شيّد المعهد القانوني في أواخر القرن الثاني للميلاد، فنافست بذلك إنطاكيا في الزعامة الفكرية واحتلت الصدارة بين معاهد أثينا والإسكندرية وقيصرية والقسطنطنية. فمن أبرز المشترعين الرومانيين الذين درسوا في معهد حقوقها: إميليوس، بابنيانوس، دوميتيوس، أولمبيوس، وغريغوريوس النازينزي. وإلى جانب مدرسة الحقوق قامت مدارس للآداب والفلسفة والتاريخ[5].

تعرضت بيروت في عام 349 م. لهزة أرضية وهُدِّمت بعض أجزائها، ولكنها ما لبثت أن تعرضت ما بين سنة 551 – 555 م. لسلسلة من الهزات الأرضية.  فتهدمت أهم أبنيتها وهَلِك عدد كبير من سكانها تحت الأنقاض. وفي عام 560 اندلعت النيران في المدينة والتهمت نيرانها معاهدها ودور السكان التي تمّ إعادة بنائها[6].

تحولت شواطئ بيروت مع الفتح العربي مركزًا للأسطول البحري العربي، أما معاوية فقد حصنها كما حصن باقي المدن الساحلية فرمّم وبنى الكثير من المنازل والأبراج والمنارات[7].

وفي العصر العباسي نبغ بعض أهل العلم والأدب منهم الوليد البيروتي وابنه أبو الفضل العباسي، وأبو مهر البيروتي، وعبد الله بن اسماعيل بن صخر البيروتي، ومكحول البيروتي. وكان أعظم هؤلاء وأشهرهم الإمام الأوزاعي الذي شهد له بمواقفه الجريئة ضد الظلم وتعسف الوالي. فتطاير صيته في جميع أرجاء العالم العربي.  ومقام الأوزاعي لا يزال حتى يومنا معروفًا في بيروت باسمه[8].

بقيت بيروت خلال القرنين العاشر والحادي عشر تابعة لجند دمشق. ولكن بسقوطها بيد الصليبيين سنة 1110 تحوّلت إلى بارونية، وزادوا في تحصين أسوارها بطريقة محكمة.

  • بيروت في عهد المماليك

دخلت بيروت سنة 1291 في أمرة المماليك، فعاملوا سكانها معاملة سيئة، فقضى الأمير سنقر على قسم من سكانها كما أرسل قسمًا منهم إلى مصر، وتوجه قسم إلى قبرص. وأتبعت بيروت بنيابة دمشق.

كما تعرضت لعدة هجمات وغارات من الأساطيل الأنبية وخاصة الأسطول الجنوي. وها هو صالح بن يحي يورد لنا أنه في سنة 1299 “وصلت إلى بيروت مراكب كثيرة وبطس للفرنج، فيها جماعات كثيرة من المقاتلة، يقال إن البطس كان ثلاثين بطسة منها نحو سبعماية، وقصدوا أن يطلعوا من مراكبهم إلى البحر وتحصل غارتهم على بلاد الساحل، فلما قربوا من البر أرسل الله عليهم ريحًا مختلفة فغرقت بعض هذه السفن وتكسّر بعضها، ورجع من سلم منهم على أسوأ حال”[9]. وفي عام 1333نزلت سفن جنوى الإيطالية في بيروت؛ وأغارت عليها أيضًا عام 1382 وفي سنة 1403[10]

وخوفًا من عودة الصليبيين إليها، حصنها المماليك، وجعلوها مركزًا للدفاع عن الساحل السوري وقاعدة لغزو جزيرة قبرص. ومن ثم منها اتخذ أمراء الغرب مسكنًا لهم للدفاع عنها. وقد عمر أمير الغرب سيف الدين يحي ايوان بيروت، وجلب الماء إلى حارة بيروت المجاورة للبحر[11].

ولكن مع مرور الزمن وبسبب عوامل عديدة تم هدم أسوارها وقلعتها، فغدت في أواسط القرن الخامس عشر مدينة غير محصنة.

  • بيروت في ظل الحكم العثماني

سنة 1516 دخلت بيروت تحت الحكم العثماني، وفي عام 1592 أصبحت ضمن إطار امارة الأمير فخر الدين المعني الثاني، فجعلها سنة 1632 العاصمة الثانية لملكه، ومركزًا لتجمع قواته العسكرية. فاستعان بالخبراء والمهندسين الإيطاليين في تحصينها وتجميلها، فبنيت فيها الفنادق، والأبنية الفخمة، والفنادق، وأنشئت الحدائق، ورصفت الأسواق. وقد بنى له الأمير قصرًا في منطقة البرج شمال بيروت وهي المنطقة المعروفة اليوم بساحة البرج[12].

دخلت بيروت في حوزة الأمراء الشهابيين سنة 1749، وذلك في عهد الأمير ملحم الشهابي، الذي جعلها عاصمة شتوية له.

أقام الوالي العثماني أحمد باشا الجزار تحصينات عديدة للمدينة وأكمل أسوارها بهدف حمايتها من الغارات، وذلك في الثلث الأخير من القرن الثامن عشر. ولكن هذه التحصينات ظلت هزيلة غير ثابتة. فعمد ابراهيم باشا المصري، على إثر دخوله بيروت إلى تدمير قسمٍ منها، لذا غدت هذه الأسوار  لدى انسحابه منها في عام 1840، غير متواصلة ومحصنة تجاه أي هجوم ممكن أن تتعرّض له[13].

عرفت بيروت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر نموًّا مميزًا، فأصبحت بذلك  العاصمة الاقتصادية والسياسية والقضائية والتعليمية لجبل لبنان. فتم نقل مركز المتصرفية من بيت الدين إلى بعبدا، وهذا ما دفع بالعديد من القناصل الذين اتخذوا من بيروت مركزًا إقليميًّا لهم ورفعوا مستوى تمثيلهم في المدينة. وباتت بيروت مركزًا لشركات النقل البحري والتأمين. كما وأن ذلك  دفع إلى جذب توظيفات فرنسية وأوروبية لا يستهان بها لا سيما في مجال البنية التحتية والاقتصاد والمواصلات[14].

ثانيًا: تحصينات بيروت في أواخر القرن التاسع عشر ولغاية إعلان دولة لبنان الكبير.

لقد أوردنا في هذه النبذة المقتضبة أن تحصينات بيروت قديمة العهد، وقد أقيمت لحمايتها من أي هجوم عسكري ممكن أن تتعرض له.

يروى أن بناء هذه الأسوار يعود إلى الكنعانيين، فهي مبنية من حجارة ضخمة كتحصينات طبيعية ضد أي هجوم ممكن أن تتعرض له. ففي سنة 1791، أعاد أحمد باشا الجزار بناء أسوار بيروت بحجارة أبنية الشهابيين والكنائس التي هدمها[15]. تميزت هذه الأسور بارتفاعها الذي بلغ خمسة أمتار، وسمكه أربعة أمتار عند القاعدة وثلاثة عند القمة[16].

 وحول هذه الأسوار أورد أرنست لوييه خلال وجوده في بيروت عامي 1860 – 1861، أن المدينة القديمة محاطة بأسوار ولكنها كانت غير متواصلة في ما بينها ولا سيما من جهتي الشرق والشمال. وهذا ما لاحظه وأورده الأب J.J BOURASSE حيث يذكر أن آثار قصف الانكليز والنمساويين للمدينة خلال سنة 1840 ظلت بادية وبشكل واضح للعيان، لأن الركام بقي في مكانه ولم ترفع الأنقاض وآثار الخراب والدمار[17].

أما الأب Laurent De Saint – Aignan  فيورد بوصفه لهذه الأسوار بأن عددها بات  قليلاً وبأنها أصحبت متصدّعة وهزيلة إلى أبعد الحدود، بحيث أنها أضحت معرّضه للسقوط في أي لحظة[18].

وبعد مرور اثنين وعشرين عامًا تحدث غبريال شارمس عن زوال هذه الأبراج، وهذا ما أكده فيكتور غورين Victor Guerin في التقرير الذي رفعه إلى وزير التعليم الفرنسي سنة 1882 أورد فيه “تجاوزت المدينة الأسوار القديمة التي كانت تحيط بها من جميع جهاتها، وقد تهدم ثلاثة أرباع هذه الأسوار”[19].

من كل ما أوردناه يمكننا القول؛ أنه في نهاية القرن التاسع عشر قد أزيلت كل تلك الأبراج المحيطة بالمدينة وأنه لم يبقَ منها سوى بعض الأنقاض والأحجار الضخمة والذكريات وما يتناقله التقليد الشعبي من جيل إلى جيل. 

سنحاول الآن ومن خلال بعض هذه الأسطر تحديد أماكن وجود هذه التحصينات وطول خط امتدادها:

  1. من جهة البحر

يعتبر هذا البرج من أهم وأقوى تحصينات بيروت البحرية، فقد شيّد على الصخور وذلك في الجنوب الشرقي عند مدخل المرفأ، ويبعد عن الشّاطئ حوالي 30 مترًا.

تعرّض للقصف من قبل الإنكليز سنة 1840 فتهدم ولكن أساساته كانت لا تزال ظاهرة للعيان حتى تاريخ تشييد وتوسيع مرفأ بيروت في أواخر القرن التاسع عشر.

أما البرج الثاني فقد شيّد عند مدخل المرفأ على مرتفع صخري يتراوح ارتفاعه بين ثمانية وعشرة أمتار. وبدوره تعرض للتصدع والخراب نتيجة تعرضه للقصف من قبل الإنكليز. غير أن آثار وانقاض هذا البرج قد بقيت حتى تاريح إنشاء المرفأ، أما الصخور التي كان مشيّدًا عليها فقد أزيلت بدورها لدى توسيع المرفأ.

  • من جهة الشرق

قام ببنائه أحمد باشا الجزار أواخر القرن الثامن عشر، فكان هذا السور يمتد جنوبي – غربي شارع المرسيلياز على طول خط مستقيم ليبلغ إلى باب الدباغة.

وباب الدباغة هذا أطلق عليه هذا الاسم لأنه كان مدخل إلى سوق الدباغين حيث كانت تتم حركة البيع والشراء التي كانت تجري عند مدخله بين المرفأ وداخل المدينة. وكانت القوافل عند اجتيازها لهذا الباب تتجنب المرور في وسط المدينة نظرًا لطرقاتها الضيقة والملتوية. وأقام الجمرك عند هذا الباب لتحصيل الرسوم المترتبة على البضائع الصادرة والواردة. وإلى جانب الباب جامع عرف بجامع الدباغه نظرًا لوقوعه بالقرب من سوق الدباغين[20].

ويتابع هذا السور امتداده ليبلغ إلى باب السراي (يطلق عليه أيضًا اسم باب الفشخة)[21] على طول المدافن الإسلامية المعروفة بالخارجة لأنها تقع خارج المدينة. ولكن هذا السور ما لبث ان تهدم وفُتح مكانه شارع واسع، وأطلق عليه باب السراي نظرًا لوقوعه على مقربة من السراي القديمة والتي يذكر أن الأمير فخر الدين الثاني شيّدها وأنها تهدمت سنة 1882. واشتهر هذا الباب في مطلع القرن العشرين باسم باب المُصلى نظرًا لوقوعه بالقرب من ساحة المُصلى. وحافظ هذا الباب على وضعه هذا لغاية عام 1920 [22].

 وتتابع هذا الأسوار امتدادها لغاية كاتدرائية مار جرجس المارونية. وفي وسط هذا الامتداد يقع باب أبي النصر والذي يدخل يتم الدخول عبره إلى سوق أبي النصر. ينسب اسم هذا الباب للشيخ عمر أبي النصر اليافي الذي منحه السلطان العثماني عبد الحميد العثماني قطعة الأرض التي يقع عليها سوق أبي النصر[23].  

أما ساحة البرج فتقع خارج أسوار المدينة. فكانت مركز تجمع للقوافل القادمة من جبل لبنان قبل سنة 1861، واكتسبت أهمية بالغة إثر دخول الفرنسيين إلى بيروت ولبنان خلال سنتي 1860 – 1861، فغدت مركزًا حيويًّا في المدينة. بحيث كثرت فيها المقاهي والمطاعم والحوانيت والمتاجر الكبرى، فغدت مركز تلاقي جميع الناس في ما بينهم ومن مختلف الجنسيات: الإنكليز والفرنسيين والألمان …

وفي نهاية القرن التاسع عشر تحوّلت إلى ساحة كبيرة، يجتمع فيها الباعة والتجار وبخاصة تجار الفاكهة والحلويات. وانتشرت على جوانب هذه الساحة المقاهي التركية حيث يُدخن الجالسون نرجيلاتهم[24].

  • من جهة الجنوب

تعتبر أسوار بيروت الجنوبية امتدادًا طبيعيًا للأسوار الشرقية. فكانت هذه الأسوار تمتد على طول شارع الشهداء والسراي على شكل زاوية واسعة الانفراج. ويتخلّل هذه الأسوار بابان هما: باب الدركه وباب يعقوب[25].

باب الدركه: كان يمتد من باب المعرض ونزولاً حتى جامع العمري الكبير[26].  كان باب الدركه متقن البناء وتحفة فنية رائعة، أعدّه البيروتيون من أجمل ابواب المدينة. فالداخل يرى عن يمينه مسجدًا وقربه باب عين ماء جارية من رأس بيروت. وعلى مقربة من الباب تُرى الكنيسة المسكوبية ودير الآباء الكبوشيين الذي أخلاه الرهبان سنة 1870 وبداخله كان المقام الرسمي للقنصل الفرنسي. ولكن خلال المنتصف الثاني من القرن العشرين غدت جميع المنشآت الدينية والعمرانية المحيطة به خرابًا وكذلك الباب أيضًا.

ساحة يعقوب: إنّ تسمية باب يعقوب تعود إلى أحد الأشخاص الذين كانوا يسكنون بالقرب من هذا الباب وكان يدعى يعقوب الكسرواني. في حين أن البعض الآخر نسب تسميته لطبيبٍ صيداوي يدعى يعقوب أبيلاَّ سكن إلى جانب الدار المذكور في اواسط القرن التاسع عشر وعالج المرضى في فناء الدار. وأن يعقوب هذا أصبح فيما بعد قنصل إنكلترا في صيدا وتوفي سنة 1873[27]. والجدير ذكره ههنا، أنه يتوزع عند هذا الباب بعض دكاكين المنجدين[28]

ويقطع الخارج من باب يعقوب ساحة رملية تنتشر فيها بعض أشجار الجميّز، وقد عرفت هذه الساحة باسم “ساحة عصّور” حيث كان معظم البيروتيّين يحتفلون بمواسم أعيادهم الدينيّة. ويذكر أن أحمد باشا الجزار أقام هذا الباب بدلاً من بابٍ آخر على بُعد عشرين مترًا لجهة الشمال لأن الجزار عندما حاول ترميم أسوار بيروت سعى إلى توسيع نطاقها.

  • من جهة الغرب

تعتبر هذه الأسوار من أضعف أسوار بيروت بحيث كان يمكن للعدو اختراقها من أعالي السراي الكبيرة.

فكانت هذه الأسوار مدعومة بسوارٍ مربعة ضخمة وأبراج قوية بلغ عددها حوالي الثماني. وهذه الأسوار من اقدم ما بقي من تحصينات بيروت فقد تمّ هدمها ليشاد مكانها أحياء جديدة. وكان على أمتداد هذه الأسوار يقع أحد أشهر أبواب بيروت وهو باب إدريس.

اطلق على هذا الباب اسم “باب ادريس” بسبب سكن ادريس في منزل مجاور للباب، وكان لهذا الباب مدخل داخلي يطل على خط الترامواي المستحدث أوائل القرن العشرين. أزالت شركة فرنسية هذا الباب وجزءًا من السور لدى شق الطريق التي تربط بيروت – دمشق[29]. هدم هذا الباب سنة 1859 لدى توسيع أسواق المدينة[30].

وتتابع الأسوار امتدادها من باب ادريس لسوق الجميل عند باب المدينة الأخير والمدعو باب السنطية القريب من البحر. وكان هذ الأخير يقع بجانب مدافن السنطية لهذا دعيَ بهذا الاسم.

وفي أواسط القرن التاسع عشر، كان إلى جانب الباب من الجهة الداخلية حقلٌ من التوت يمتد على طول الأسوار من البحر إلى باب إدريس.

وتتابع هذه الأسوار مسيرتها لتصل إلى صخرة الساحل حيث تتجه شرقًا حتى المرفأ[31].

إن هذه الدراسة المقتضبة لتحصينات بيروت، تعطينا صورة واضحة عن واقع هذه المدينة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع قرن العشرين. فكانت كما يبدو عبارة عن بلدة صغيرة يحيط بها سور ويقطنها عدد ضئيل من السكان. ولكنها مع التطور والتقدم العمراني والاقتصادي أخذت هذه المدينة تتسع شيئًا فشيئًا حتى أنه بدأت في أوائل القرن العشرين تشاد بها الفنادق والمقاهي، كما وظهرت في ضواحي المدينة، خارج أسوارها، الأبنية الضخمة.

ثالثًا:  مرفأ بيروت 

تميزت بيروت بموقعها التجاري الهام بسبب موقعها الجغرافي وبسبب مينائها، فشكلت بذلك صلة وصل بين الداخل والخارج، بين المناطق الداخلية كدمشق وسوريا والبلدان العربية، وبين الدول الجنبية والأوروبية.

  1. لمحة تاريخية

موقع بيروت الجغرافي والاستراتيجي قد ساهما عبر التاريخ في تأسيس أهم ميناء في منطقة الشرق الأوسط. ففي العهد الفينيقي نشأ فيها مرفأ بحري على غرار مرافئ صيدا، وصور، وطرابلس…

كان ميناء بيروت في عهد الحكم العربي الاسلامي، مركزًا لصناعة السفن. وفي هذا الصدّد يذكر صالح بن يحي في كتابه “تاريخ بيروت” أن بيروت في عهد معاوية بن أبي سفيان كانت دار صناعة دمشق: “بها عمر معاوية المراكب وجهز فيها الجيش إلى قبرص ومعهم أم حرام…”[32]

كان مرفأ بيروت من المراكز الاستراتيجية الهامة في بلاد الشام. فقد عمد الافرنج في العصور الوسطى بعد سيطرتهم على بيروت ومدن الساحل، على الاهتمام بتحصيناتها إزاء أي غارة بحرية ممكن أن تتعرض لها من قبل الأساطيل البحرية المعادية[33].

ولكن لما حرّر المسلمون بيروت من الصليبيّين، حرص الأمير بيدمر الخوارزمي († 1387) على الاهتمام بمرفأ بيروت وتطويره، وعلى الاهتمام ببناء السفن الحربية، ولأجل هذه الغاية أمر بقطع الأخشاب من حرج بيروت. أما الأمير فخر الدين المعني الثاني فقد أمر بهدم المرفأ وذلك تخوفًا من الأسطول العثماني واتقاء لهجماته[34].

ولما سيطر العثمانيون على بيروت وبلاد الشام، شعروا بأهمية مرفأ بيروت، فعمدوا إلى إعارة هذا المرفأ الحيوي بعض الاهتمامات، كما ودفع ذلك بالتجار الأجانب لا سيما الفرنسيين منهم إلى مراسلة حكوماتهم في سبيل إرسال التجار والصناع للمكوث فيها أو بجوارها ولا سميا من يفهمون بغزل القطن لتوجيه الصناعة والتجارة بأسلوب مناسب.

ومع القرن التاسع عشر كان مرفأ بيروت بمثابة خلية نحل، بحيث كان مركز لقاء لجميع التجار ومن مختلف البلدان فكان “التاجر البيروتي يلتقي بالتاجر الفرنسي والتاجر الايطالي والتاجر المالطي والتاجر النمساوي…”[35]. مما يعني أن حركة التجارة لم تكن تهدأ في المرفأ فكان الجبل بمثابة الخزان المموِّل ومزود التجار بالسلع والمواد، كما وأنه كان من خلاله يتم استيراد جميع ما يحتاجه أهل الجبل ولهذه الغاية نرى أنه نشا في مرفأ بيروت بعض الموانئ المتخصصة ببعض البضائع: ميناء الأرز، ميناء البطيخ، ميناء الخشب، ميناء القمح، ميناء البصل،…[36]

نتيجة لهذا التطور والتقدم والازدهار الذي نعمت به بيروت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، فقام عدد من القناصل بنقل قنصلياتهم إلى بيروت[37].

  • رحلة الملاحة في مرفأ بيروت من الربع الأوّل من القرن التاسع عشر ولغاية عام 1913

أدى اختراع الآلة البخارية في أواخر القرن التاسع عشر إلى إحداث تحوّل كبير في مجال النقل البري والبحري.

فحلّت السفن البخارية مكان تلك الشراعية وظهرت السفن الكبرى وانخفضت تكاليف الشحن والسفر،… فكل ذلك كان بحاجة إلى تطوير المرافئ وتوسيعها لتستطيع استقبال هذه السفن واستيعابها. من هذا المنطلق بدأ العمل على توسيع مرفأ بيروت. سنحاول في هذه الأسطر أن نقدم موجزًا عن تاريخ هذا المرفأ وكيفية تطوره من أواخر القرن التاسع عشر لغاية الربع الأول من القرن العشرين.

 بدأت السفن البخارية تدخل المياه العثمانية في عشرينات القرن التاسع عشر، وفي عدة عقود أصبحت مشهدًا مألوفًا في معظم المناطق، فقد وصلت باخرة بريطانية إلى استانبول سنة 1828، وفي سنة 1836 دخلت أول باخرة إلى ميناء بيروت[38]. وهكذا بدأت السفن تدخل مرفأ بيروت وارتفع نتيجة ذلك الحجم الكلي للنقل في بيروت من 40 إلى 1700 طن. وهذه لوحة بيانية تظهر لنا تطور حجم النقل البحري الذي عرفه مرفأ بيروت مقارنة مع بعض المرافئ الأخرى:

حمولات السفن التي دخلت الموانئ العثمانية من العام 1830 – 1913[39]

الميناء1830186018901913
البصرة10100400
بيروت404006001,700
استانبول8004,00
ازمير1006001,6002،200
طرابزون1512500 

إن حركة الملاحة المزدهرة التي شهدها مرفأ بيروت، كما رأينا، منذ الربع الأول من القرن التاسع عشر ولغاية العام 1913، كانت نتيجة تقدم وتطور مرفأ بيروت. فقد استطاع هذا المرفأ ان يتماشى مع كل التحديثات التي تمكِّن السفن من الوصول إلى الموانئ بطريقة سليمة وآمنة، وأن تفرغ البضائع بطريقة سريعة وأن تزود بالسّلع لتنقلها بدورها إلى الخارج. فبذلك غدا مرفأ بيروت مركزًا حيويًا وموردًا اقتصاديًا هامًا بين مختلف موانئ بحر الأبيض المتوسط.

سنوجز ههنا كيفية تطور هذا المرفأ ليبلغ ما وصل إليه عشية الحرب العالمية الأولى وإعلان دولة لبنان الكبير.

  • مشروع توسيع مرفأ بيروت

في القرن التاسع عشر كان حجم الباخرة يتجاوز ألف طن، وكان طول ميناء بيروت مئة وخمسين مترًا فقط وعرضه مئة متر وعمقه مترين فقط[40]. وللتحميل في مثل هذه الموانئ كانت السفن الكبيرة ترسو بعيدًا عن الشاطئ فيتم نقل البضائع إليها، وكان ينجم عن ذلك أضرار كبيرة وبالتالي يتطلب أجرًا أغلى ويكون أيضًا بطيئًا جدًا[41]. فاحتجّ التجار الأجانب وضغطوا على الحكومة من أجل إدخال التحسينات التي تضمن سرعة التحميل والنقل وضمان سلامة البضائع[42]

ففي سنة 1863 تقدمت شركة “مساجيري ماريتيم” بمشروع مرفق بالخرائط لتحسين هذا المرفأ، فقدمته لمحمد قيصرلي باشا حاكم ولاية صيدا، التي كانت بيروت لا تزال تتبع لها. غير ان هذا المشروع لم ينفذ ويوضع موضع التنفيذ سوى في عام 1880. وفي 19 حزيران 1887 صدرت إدارة سلطانية حميدية نال بموجبها يوسف أفندي المطران امتياز مشروع تطوير وتحسين مرفأ بيروت لمدة ستين سنة تنتهي في 19 تموز 1947 [43]. على أن يبدأ العمل بعد سنتين وينتهى منه في خمس سنوات، على أن يكون طول الرصيف 1200 مترًا.

وفي سنة 1888 تألفت “الشركة العثمانية لمرفأ بيروت وأرصفته ومخازنه”، برأس مال قدره خمسة ملايين فرنك. وكانت هذه الشركة فرنسية. وفي عام 1889 بوشرت أعمال تحسين المرفأ وقامت بها شركة “موزي وطونن ولوزي”، غير أن المشروع واجه الكثير من التعقيدات، ممّا اضطر هذه الشركة إلى الاستدانة من شركة خط حديد بيروت – دمشق – حوران، مبلغًا قدره خمسة ملايين فرنك لمتابعة أعمالها[44]. ولكن بالرغم من كل تلك العراقيل توبعت اعمال البناء فتمَّ بناء سدّين؛ الأول يرتفع خمسة أمتار عن سطح البحر ويمتد 800 متر، والثاني يرتفع مترين ويمتد مسافة200 متر، وبذلك أصبحت مساحة سطح المرفأ حوالي  20 هكتارًا في تشرين الأول 1894. وبانتهاء العمل أصبح بامكان المرفأ أن يستوعب 12 باخرة في آنٍ واحد[45]

بعد الانتهاء من مشروع تطوير المرفأ عام 1894 وقعت خلافات بين شركة المرفأ وبين الحكومة العثمانية ووزارة البحرية العثمانية بسبب دخول البوارج الحربية العثمانية إلى المرفأ وبسبب الخلافات بين شركة المرفأ وإدارة الجمرك. مما أثر على حركة المرفأ من حيث الصادرات والواردات[46]. لما حلت الخلافات عاد مرفأ بيروت لينشط ويستعيد دوره ومكانته أسوةً بباقي المرافئ، فزيدت أحواضه وأرصفته واخذ يستقبل سفنًا أكبر وأكثر اتساعًا بما فيها قوافل الحجاج[47].

عرف مرفأ بيروت تراجعًا بحركة الملاحة في الحرب العالمية الأولى، فأغلق نسبيًّا في وجه المراكب والسفن وتسلمت الشركات الألمانية حركة الاستيراد والتصدير في المرفأ[48]. ولكن مع نهاية الحرب وإعلان الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، فقد سارعت المفوضية العليا إلى دعم شركة مرفأ بيروت بقرض مالي وذلك لجرف الرمال التي تكدست به وإعادة تأهيله لاستقبال السفن[49].   

سنة 1925  تحولت شركة المرفأ، إلى شركة فرنسية برأسمال قدره خمسة ملايين فرنك، موزعة على عشرة آلآف سهم[50]

سنة 1934: تم بناء الحوض الثاني وتمديد السد.

سنة 1960: إعلان الشركة المستثمرة للمرفأ وطنية وتحت وصاية الحكومة اللبنانية.

سنة 1962: إنشاء الحوض الثالث.

إبتداءً من منتصف الستينات: بداية إنشاء الحوضين الرابع والخامس.

بهذه التاريخية المقتضبة توقفنا عند أبرز المحطات الأساسية والفاصلة في تطوير مرفأ بيروت،  وذلك اعتبارًا من الربع الأول من القرن التاسع عشر ولعشية الحرب العالمية الأولى وإعلان دولة لبنان الكبير.

رابعًا: طرق المواصلات في بيروت

عمدت السلطنة العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر إلى  إنشاء شبكة من السكك الحديدية لتغطي أجزاء الدولة العثمانية، ولتوحيد أطراف الدولة وتنشيط الحركة التجارية فيها[51].

كانت نقل البضائع يرتكز في الربع الأول من القرن التاسع عشر على الدواب من جمال وخيول وحمير[52]. فكانت ا مسيرة القافلة من بيروت إلى دمشق تستغرق حوالي 4 أيام[53]. وكانت تضم في سيرها دليلاً ليوضح الطريق أمام القافلة، وعددًا من الحراس المسلحين، لأنها في أحيانٍ كثيرة كانت تتعرض لغارات اللصوص والأشقياء، وإن أفراد الحماية هؤلاء كانوا من العشائر التي تمر القافلة بأرضهم[54].

  1. – سكة بيروت – دمشق
  • فكرة إنشاء السكة والأهداف المتوخّاة منها

فكرة إنشاء سكة حديديّة تربط بيروت بدمشق تعود إلى عزتلو نشارة أفندي مهندس من ولاية سورية، الذي أظهر أهمية ولاية بيروت وضرورة ربطها بدمشق وذلك من الناحية الاقتصادية والعسكرية والاستفادة من الوقت. فالمسافة التي تربط بينهما لا يتجاوز طولها 147 كيلو مترًا وتحتاج لرأس مال يصل إلى حوالي 23 مليون فرنك فيمكن إيفاء هذا المبلغ من إيراداتها في السنة الأولى وذلك من البضائع والركاب (حوالي 134680 فرنكًا) على أنه مع مرور الزمن سوف يزيد هذا الدخل وتنشط التجارة ونطاق العمارة[55].

  • مراحل انجاز السكة

من العوائق التي واجهها هذا المشروع هو طبيعة جبل لبنان، بحيث توجد سلسلتان جبليتان، سلسلة جبال لبنان الشرقية والسلسلة الغربية، فهما يشكلان لسلسلتين متعامدتين على الخط الذي سوف يصل المدينتين، مّما يحول دون شق أنفاق في هذه الجبال، نظرًا للإمكانيات الضخمة واستغراق وقت كبير للقيام بهذا العمل[56].  ولكن بالرغم من كل الصعوبات التي واجهها هذا المشروع فقد ظل هناك إصرار على إنجاز هذا المشروع نظرًا للحاجة الماسة له وللمنافع الناتجة منه[57].

منحت الحكومة العثمانية امتياز إنشاء هذا الخط الحديدي ليوسف أفندي مطران وذلك في 18 نيسان  1890 ولكن ما لبث أن سقط حقه بالامتياز هذا[58]. وفي 28 حزيران 1891 استحصل السيّد حسن بيهم على أمر سلطاني بامتياز خط حديدي بين بيروت – دمشق[59]، وفيه أعطت الدولة العثمانية تسهيلات وذلك من خلال إعطائه أراضي مجانية وإعفاء من جميع مواد البناء اللازمة لتنفيذ هذا المشروع، بالمقابل تعهد صاحب الامتياز باستخدام اللغة التركية وتوظيف عمال من الرعايا العثمانية[60]. واحتفظت الحكومة العثمانية لنفسها بحقّ شراء المشروع بعد مرور ثلاثين عامًا على أن تدفع قيمته أقساطًا[61].

أعاد يوسف مطران امتيازه السابق وأسس شركة بلجيكية باسم: “شركة تراموي بيروت وخط دمشق حوران”، ولكن بالمقابل فإن الشركة التي أُسِّسَت للحصول على الامتياز الممنوح للسيد حسن بيهم دعيت باسم “الشركة المساهمة العثمانية لخط بيروت – دمشق الاقتصادية”. فإن هاتين الشّركتين ما لبثتا أن شعرتا أنه لابد من الاندماج معًا والاتحاد بشركةٍ واحدة، لا سيما بعد حصول شركة إنكليزية امتياز خط حيفا – دمشق. رفعوا طلبهم هذا للسلطات المعنية وحصلوا على موافقة الحكومة العثمانية وذلك بالمرسوم السلطاني المؤرخ في 22 تشرين الثاني 1891 والذي مدّد مدة امتياز هاتين الشّركتان إلى 99 سنة اعتبارًا من 3 حزيران 1891، وبذلك أصبحت الشركتين شركة واحدة باسم “شركة الخطوط الحديدية العثمانية الاقتصادية لبيروت – دمشق – حوران في سورية”[62]. ولكن بعد فترة وجيزة من الزمن تمَّ تغيير هذا الاسم وذلك لحصول يوسف أفندي مطران على امتياز جديد وهو: خط حديد دمشق – حمص – حماة حلب – البيرة.

تمَّ افتتاح خط بيروت – دمشق في 13 آب 1895، فكان قطار الركاب يقطع هذه المسافة في تسع ساعات، في حين أن قطار الشحن يجتازها في 11 ساعة[63]. خلال عام تمَّ استقدام أحد المهندسين الفرنسيين الذي عمل على زيادة سرعة القطار بحيث أصبح يقطع كل هذه المسافة في ست ساعات[64].

بدأ تشغيل الخط بتسيير قطار واحد كل يوم من بيروت إلى دمشق، وكان يعمل على الخط ثماني قاطرات وعشرون عربة ركاب، و73 عربة نقل بضائع. ولكن ما لبث أن ازداد هذا العدد، ففي عام 1902، أصبح يضم 15 قاطرة و130 عربة نقل ركاب ونقل بضائع وكان هناك قطاران واحد للركاب وآخر للركاب  وللبضائع معًا[65]. وقد أنشئت 26 محطة على طول الخط الحديدي بين بيروت ودمشق وكان أهمها محطة رياق إذ تتفرع السكة الحديديّة إلى حلب (وبين حلب ورياق كان هناك 18 محطة)[66].

كما تم إنشاء خط حديدي آخر يربط بيروت –المعاملتين، والهدف منه وصل بيروت بطرابلس، ولكن لم يتم منه سوى 19 كلم لغاية المعاملتين، وهذا الخط هو ملك شركة الترامواي[67].

ساعدت سكة حديد بيروت – دمشق في انفتاح البلدين على بعضهما من حيث سرعة المواصلات وتحريك العجلة الاقتصادية وكذلك من خلال إيجاد فرص جديدة للعمل كالحدادين والنجارين،… كما وأصبح مرفأ بيروت مركزًا تجاريًا هامًا لنقل البضائع من المناطق الداخلية للأسواق الأوروبية. مما ساهم في تنشيط حركة التجارة وتنافس التجار الأجانب في شراء السلع والبضائع والمنتوجات المحليّة.

  • الترامواي الكهربائي

كانت عملية النقل بين أحياء بيروت تتم بواسطة “شركة للعربات” Compagnie de voiture  ويبدو أنها كانت ناجحة بأعمالها. ومن شركات العربات التي عرفت حتى عام 1910 نذكر: جلوان العشقوتي وشركاه، عبد الفتاح النعماني، وبشارة طعمه، وشكري أبو سعد، قيصر فرعون، نصر الله غزيري…. وكانت هذه العربات تجوب محال هذه المدينة وأحياءها. 

قامت إحدى الشركات البلجيكية بإمداد خطوط الترامواي الكهربائية في شوارع بيروت. فكان الترامواي يمرّ من نهر بيروت إلى المنارة، ومن فرن الشباك والبسطة إلى جهة البحر.

إن هذا الخط ساعد كثيرًا في تنشيط الحركة الداخلية ضمن إطار بيروت، هذا بالإضافة إلى المركبات العامة والخاصة والتي كانت عبارة عن عربات للركاب.

والجدير ذكره ههنا أنه تمّ إنشأ مستودع كبير آخر الجميزة لركن الترامواي بعد الانتهاء من العمل.

  • الطريق الدولية المعبّدة بيروت – دمشق

كانت الطرقات في بيروت عبارة عن قادوميات وطرق مكارين. من هنا بدأ التفكير في إنشأ طريق منظمة للعربات بحيث تسير على طرقات معبّدة وذلك لتطوير التحركة التجارية والسياحية في بيروت.

نالت امتياز هذه الطريق شركة فرنسية سنة 1857 [68] وترأس هذا المشروع المهندس دي برتويس وبدأ العمل رسميًّا به سنة [69]1859 واستمر لغاية سنة 1863، وقد أشرف على هندسته المهندس الفرنسي ديمان[70].

بلغ طول الطريق 112 كلم وعرضه 7 أمتار، وتقطعه الحوافل في ثلاث عشرة ساعة. وكانت شتورة محطة أساسية ففيها يتبادل المسافرون عرباتهم. فالذاهبون من بيروت ينتقلون في شتورة إلى عربات دمشق، ليحل مكانهم في عربات بيروت الآتون من دمشق. وكانت هذه العرابات مدهونة باللون الأصفر، وتجرّ بستة خيول. وكانت تسير مرتين في الأسبوع ليلاً ونهارًا. وكان الأهالي يطلقون على هذه العربات اسم البوسطة لأنها تنقل البريد.

كانت البضائع السريعة تنقل عبر هذه الطريق محمولة على مركبات، “تؤلف قطارًا طويلاً” ويواكبها بعض فرسان الدرك[71].

 أما النقل بين المدينة والجبل فقد استمر على ظهور البغال والجمال بحيث كان المكاريون يسلكون الطريق في الجبل، أو يسيرون بالطرق المعبّدة، وذلك لارتفاع الأسعار في الحوافل والرسوم المترتبة للحصول على إجازة سير في هذا الطريق[72].  

طريق سنجق بيروت وهي مجموعة طرق تصل أقضية: صيدا صور ومرجعيون، التي منها يتألف سنجق بيروت. هذه الطرق هي:

  • طريق بيروت – صيدا: يبلغ طول هذه الطريق 48 كلم، بدأ العمل على إنشائها عام 1890 بالسخرة،  ولكن بسبب تفشي مرض الكوليرا في ذاك العام، توقف العمل، ليستأنف في عام 1899، لينتهي العمل منه في عام 1908.
  • طريق بيروت – طرابلس: يبلغ طوله 9 كلم، بدأ العمل به في نفس التاريخ الذي بوشر العمل به في طريق بيروت – صيدا. ولكنه ما لبث أن توقف أيضًا للأسباب الصحية المار ذكرها سابقًا. وفي عام 1317 ه الموافقة لعام 1899، إستؤنف العمل مجددًا، ليصبح جاهزًا للسير في عام 1327 ه[73]

بالاضافة إلى هذه الطرق كانت ولاية بيروت تتصل ببعبدا وبيت الدين وبيت مري وبرمانا والمتن وزحله وشتورة وبعلبك … بسلسلة طرق.

خامسًا: حارات ومناطق وشوارع بيروت

أخذت مدينة بيروت كما رأينا اعتبارًا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر بالازدهار من مختلف النواحي العمرانية والاقتصادية والثقافية. فازداد عدد سكانها ممّا فرض تشييد الأبنية خارج الأسوار.

إن نمو المدينة أخذ اعتبارًا من سنة 1883 شكلاً جديدًا بحيث أقيمت عدة منازل جميلة وسط البساتين المحيطة بالمدينة القديمة، وامتدت هذه الأبنية مع مرور الوقت على إمتداد شوارع عريضة، فنشأت أحياء جديدة كانت بالسابق من الضواحي، وأصبحت ضمن حدودها الجديدة مثل: الأشرفية ، البسطة، راس النبع…

ساحة البرج: فالخارج من باب السراي يرى عن يمينه ساحة البرج فكانت هذه الساحة تظللها أشجار باسقة، وكانت تعرف باسم بستان الأمير فخر الدين المعني (1595 – 1635)، الذي اقام فيها جنينة جمع فيها جميع أنواع الحيوانات، وزينها بعدد كبير من التماثيل التي جلبها معه من إيطاليا.

وسميت هذه الساحة بالبرج نظرًا للبرج الكشاف الذي كان قائمًا مكان مقهى البارزيانا، في الزاوية الشمالية من شارع غورو. ويقال إنّ الأمير فخر الدين اختار هذا البرج حيث كان يجلس من منظرته المطلة على الأرض الخصبة على الشاطئ فيتأمل بالبساتين الخضراء وزوارق البحر وجبال لبنان المكللة بالثلوج[74].

وقد أطلق على هذه الساحة تسمية Canon des palaces يوم رابط فيها الجيش الفرنسي عام 1860. وفي سنة 1884 دشن رئيس بلدية بيروت فخري بك الساحة المذكورة  وأطلق عليها ساحة الحميدية، وذلك تكريمًا للسلطان عبد الحميد الثاني.

 ومنذ 1900 بدأت الساحة تزدهر لتصبح قلب مدينة بيروت ومركزها السياحي والتجاري. وبعد أن أعلن العودة للدستور العثماني سنة 1908سميت ساحة الحرية أو الوحدة.

 واليوم تعرف هذه الساحة بساحة الشهداء حيث نصب العثمانيّون المشانق سنتي 1915 و 1916[75].

الكرنتينا: تتمادى مسالك الطرق شرق المدينة حيث البساتين والممرات الضيقة لتصل إلى لحجر الصحي (الكرنتينا) الذي بناه سنة 1834 هنري غيز قنصل فرنسا في بيروت يومئذ بإيعاز من ابراهيم باشا المصري وبالاشتراك مع قناصل النمسا والدانمارك وإسبانيا واليونان. فإلى هؤلاء يعود الفضل في بناء هذا المحجر الصحي[76].

سمي المحجر بالكرتينا لأن المسافرين كانوا يعزلون في الأبنية خوفًا من تفشي الأمراض المعدية في حال إصابتهم بها، وكانت مدة العزل تصل أحيانًا إلى أربعين يومًا، اي quarantaine من هنا تسميته بالكرنتينا[77].

قلعة بيروت: كانت قائمة على مدخل الميناء، وكانت مبنية بالحجارة الضخمة على قمة صخر ناشز، ومجهزة من الداخل بالأدوات الحربية كالمجانيق والمواد النفطية المتفجرة.

لم يبقَ لهذه القلعة في يومنا هذا أي أثر. لقد اختفت جميع معالمها.

مار متر: هضبة مار متر قد سحر بجمالها لامرتين فقد وصفها وصفًا مهيبًا: “جملة أمرها أنها صورة عن جنة عدن التي طالما حلمت بها، وباستطاعتي أن اقول الآن، إني شاهدتها”.

وعلى مسافة من مار متر كانت جلول مغطاة بأشجار التوت تمتد شرقًا حتى أعالي محلة الأشرفية، حيث تربية دود القز ومعامل لحل الحرير[78].

الأشرفية: قيل إنها سميت كذلك نسبة إلى الملك الأشرف خليل ابن الملك منصور قلاوون (1291) الذي حارب الصليبيين وتم على يده فتح صيدا وصور وبيروت…

أما صالح بن يحيى فيذكر في كتابه تاريخ بيروت: “اسماعيل بن هلال من الأشرفية، وكان من أعيان الناس وذوي اليسار، حكي عنه أن السلطان نزل على المسطبة (المسيطبة) التي كانت معروفة بمنزلة السلاطين قبالة الأشرفية فعمل له اسماعيل ضيافة فكان صبوح البكرة ماية خروف مشوي، فظن السلطان أنه السماط ثم بعد ساعة أو ساعتين حضر السماط الكبير فتعجب السلطان ورسم له بخلعة.

كانت الأشرفية مزرعة خارج المدينة تنتشر فيها أشجار التوت والفاكهة والزيتون والليمون وبعض المنازل. وقد اشتراها السيد أبي سعد الدين محمد مصطفى شاتيلا من بدره فرح الغزوزي بمبلغ ألف وستمئة قرش فضة أسدية عثمانية. وتمت عملية البيع في سنة 1236 ه الموافق 19 كانون الثاني 1821 م. بحضور تسعة من  شهود الحال من آل فخري، وسربيه، وسعاده وشقير والفاخوري…[79]

في الأشرفية عدة أحياء مثل الرميلة ومار متر والسراسقة، فشيدت فيها قصور فخمة على النمط الشرقي وكانت تخص وجهاء المسيحيين الأغنياء؛ فمثلاً في حي السراسقة قصور آل سرسق والتويني وطراد وتابت…[80] وقد وصف هذا الحي لامارتين بقوله أنه كان يتكون من جنائن خلابة، أما الآن فتخترقه طريق معبدة حالتها جيدة تتجه إلى شاطئ البحر شمالاً حتى مدينة طرابلس وتتجه عبرها طريق أخرى تصل بيروت بجبل لبنان[81].

وفي سنة 1890 وصف الرحالة المصري عبد الرحمن بك سامي حي الرميل بأنه أشهر أحياء بيروت حيث منازل أشهر الأغنياء من عائلات بسترس وسرسق وتويني،… وبيوتهم تحاكي القصور الشاهقة في فخامتها وزخرفتها وأثاثها[82].

وضمن الأشرفية حي المدوّر شمال أسوار المدينة حيث شيَّدَ الأغنياء القصور الفخمة مثل: أسعد بك ملحمة وقصر جان المدوّر. عندئذٍ بدأت تعرف المنطقة باسم رأس بيروت المدوّر.

مار مخايل: لم تعرف منطقة مار مخايل أي ازدهار أو تقدم عمراني قبل نهاية القرن التاسع عشر. فكانت منازلها متواضعه جدًا يحيط بها بعض الحقول الزراعية. ولكن بتأسيس السكة الحديدية ومحطة القطار في عام 1891، وازدياد نشاط الإرساليات الأجنبية وخاصة الفرنسية والتي عمدت على تأسيس المدارس والمستشفيات،… إزاء هذا التحول أخذت معالم تلك المنطقة تتغير وتتجه نحو الاكتظاظ السكاني بحيث أن قسم كبير من سكان المناطق المجاورة، ذات الدخل المنخفض، أتت وتوطنت تلك المنطقة في حين أن بعض مالكي الأراضي باعوا أراضيهم أو أخلوا بيوتهم وأجّروها للوافدين الجدّد. وانتقلوا هم بدورهم ليشتروا أراضي في التلال  المحاذية “للأشرفية”، مثل “حيّ الروم”، بعدما كانت مصيفًا للعائلات الثريّة.

أما تسمية تلك المنطقة  بمار مخايل فيعود إلى كنيستها[83]. ومن أبرز معالم تلك المنطقة محطة القطار التي تمّ بناؤها في القرن التاسع عشر، وجسر سكك الحديد حيث كان هذا الجسر يربط محطة مار مخايل بمحطة التحويل الرئيسية في منطقة التحويطة في فرن الشباك.  هذا بالإضافة إلى “مسرح مارون نقاش”[84]، و”معمل البيرة” وهو أول معمل للبيرة في لبنان والمنطقة[85].

الصيفي:  تتعدّد الروايات حول التسمية فمنهم من يردّ الاسم إلى أن أهالي بيروت، يوم كانت محصنة بأبوابها وأسوارها، كانوا يقصدون المناطق المتاخمة للاصطياف؛ في حين أن بعض المصادر تورد أنه اطلق عليها اسم الصيفي لزراعة أراضيها بالمزروعات الموسمية المرتبطة بفصل الصيف.

تورد بعض المصادر أن السكن في محلة الصيفي يعود للعام 1840 وذلك جاء متزامنًا مع نقل الإيالة العثمانية إلى بيروت، وتمركز القنصليات الأجنبية فيها هذا بالإضافة إلى توسع مرفأ بيروت. ولم يمرّ عشرون عامًا حتى كانت فتنة 1860 التي أدت إلى انتقال الآلاف من الموارنة إلى بيروت، فقطن عدد كثير منهم في هذا الحي، كما ونزل بعضهم الآخر في الرميل والأشرفية ومار متر.

ومن المؤكد أن الحركة السكانية الناشطة التي عرفتها الصيفي تعود أيضًا إلى تأسيس العديد من المدارس مثل “الحكمة” و”الآباء اليسوعيين” ومستشفى “الراهبات اللعازارية”،

الجميزة: كان شارع الجميزة أشبه بقرية هادئة وسط ضجيج المدينة. وهو امتداد طبيعي لشارع الصيفي لذا كان يسمى ب “جميزة الصيفي”، لتمييزه عن المحلة البيروتية الثانية المنسوبة لشجرة “الجميز”، التي كانت تقع شمال محلة “زقاق البلاط” في مزرعة “القنطاري” وتعرف بـ “جميزة يمّين”، نسبة لعائلة يمين…[86]

كان شارع الجميزة قبل أن يطلق عليه هذا الاسم معروفًا باسم “البيارة” وهي تعني المكان الذي تتوفر فيه أعداد كبيرة من آبار المياه. وتسمية المنطقة “بـ “الجميزة”، تعود حتمًا إلى شجرة “جميز” ضخمة، اعتاد مسنّو المنطقة التفيؤ في ظلّها وتمضية ساعات طويلة بجوارها، إلى أن قطعت لدواعي توسعة “الحي”[87]

بعدما توسعت رقعة مدينة بيروت خارج أسوارها وذلك بفعل الحركة العمرانية والاقتصادية والتجارية الزاهرة التي عرفتها بيروت وخاصة اعتبارًا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تأثرت الجميزة كغيرها من هذا النمو والازدهار ولا سيما على الصعيد الإداري فقد أضيف إليها شارعا “غورو” و”باستور”. 

ومن أبرز معالم شارع “الجميزة” “درج مار نقولا”، الذي كان في الماضي ممرًّا من التراب وملاذًا للهاربين من الجنود العثمانيين، ولكن هؤلاء سوروه بالحجارة فأصبح كأنه جسر غير مرتفع،  وفيما بعد أتخذه  الهاربون  من جنود الانتداب الفرنسي مخبأً لهم. 

كان ولايزال أهل “الجمّيزة” حتى اليوم يفتخرون أنّ رئيس جمهورية فرنسا الراحل الجنرال شارل ديغول كان يقيم، خلال وجوده في لبنان من حين إلى آخر، في أحد قصوره، الذي كان ملكاً لعائلة «برنار» الفرنسيّة، وهو القصر الذي سكن فيه أيضاً المندوب السامي للانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا الجنرال هنري غورو، الذي تولّى إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920 بعد فصله عن سوريا…

رأس النبع: إلى الجنوب الغربي للأشرفية قرية صغيرة تدعى رأس النبع. فكان النبع يتغلغل في جوف الأرض إلى محلة الكراوية، ثم ينساب إلى المدينة في ساحة الدركة. ومن هناك يجري في أنبوب إلى حوض منحوت في الصخر فيشرب منه الأهالي. وفي عام 1920 انقطعت مياه النبع عن الحوض وانحصرت في محلة الكراوية.

وإلى نبع الماء هذا تعود تسمية المنطقة برأس النبع[88].

وإلى جانب رأس النبع تقوم منطقة البسطة على تلة مقابلة للأشرفية، ثم منطقة الباشورة مركز المستشفى الفرنسي. وفي مكان قريب بُني ضريح لأحد ولاة سوريا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كما أقيم حوض ماء. من هنا جاءت تسمية المنطقة المجاورة حوض الولاية.

حرج بيروت: ذكره الشاعر نونوز في القرن الرابع كما وذكره الادريسي في جغرافيته المعنوية بنزهة المشتاق في أخبار الآفاق، في أواسط القرن الثاني عشر فقال ان مساحته اثنا عشر ميلا. كما وذكره غيرهما من المؤرخين إن الأمير فخر الدين المعني جددها ووسعها بعد أن كادت تبيد لما كان يقطع منها لبناء السفن والمساكن وتجهيز الأساطيل وصنع المجانيق….[89]

وجدد الغابة إبراهيم باشا المصري، وقيل إن هذا التجديد جاء منعًا لتوسع الرمال التي كانت تهاجم المدينة من غربها الجنوبي، هذا بالإضافة إلى تنقية الهواء واستجلاب الأمطار[90].

مزار الأوزاعي: غلب اسم الأوزاعي مع مرور الزمن على قرية حنتوس، إحدى القرى اللبنانية التي تقع على باب بيروت الجنوبي وعرفت تلك القرية بعد دفن الأمام الأوزاعي[91] في مسجدها باسم محلة الأوزاعي. وتميز هذا المسجد بطوره العربي في شكله وهندسته المعمارية التي جاءت تحفة فنية رائعة بجمالها ورونقها. 

شارع الحمراء: يروى أنه  “في مطلع القرن الخامس عشر الميلادي تنازع بنو تلحوق الدروز مع بني حمراء المسلمين الذين كانوا يترددون على بيروت لبيع غلاّتهم ومحاصيلهم الزراعية، ونتيجة هذا النزاع غادر بنو تلحوق منطقة “جرن الدب” الواقعه في رأس بيروت وتركوها لبني الحمراء، الذين حلوا في تلك المحلة وأصبحت تعرف ب “كرم الحمراء”. وهكذا إن شارع الحمراء اليوم هو منسوب لبني الحمراء البقاعيين والذين تحدرت منهم عائلات: عيتاني، شاتيلا، حمدني،…

كانت مزرعة الحمراء مزرعة مستقلة يدخل إليها من جهات مختلفة بممرات  قد لا يتجاوز عرض الواحد منها ذراعين أو مترين…. وكانت هذه المزرعة عبارة عن حقول مغروسة بالبطاطا والسلق واللوبياء…وبأشجار المقساس التي يستخرجون منها الصمغ لصنع الدبق لالتقاط العصافير. أما بيوت فلاحيها فكانت مبعثرة يحيط بها الحمام والدجاج والغنم والحمير، هذا هو واقع شارع الحمراء عشية الحرب العالمية الأولى.

ولكن بدخول الحلفاء بدأت ملامح هذه المدينة تتغير وأخذت شوارعها تتسع ويطلق عليها أسماء مثل: شارع لندن، وأطلق اسم “شارع شامبانيا” على شارع جان دارك الوحيد الذي كان فيه بيوت على جانبيه. وأول بناء عصري على الطراز الحديث أقيم في شارع الحمراء كان البيت الذي بناه البروفسور سيلي كسكن له سنة 1923م وكان موقعه حيث مطعم الهورس شو الشهير.

وبعد مرور حيِّز من الزمن وبالتحديد اعتبارًا من عام 1933، بدأت بلدية بيروت تعمل بتخطيط وتزفيت شارع الحمراء الرئيسي والشوارع المحيطة به. كما وعمدت إلى  إعطائها أسماء خاصة بها وخاصة بأسماء العائلات القاطنة فيها مثلاً:  منيمنة والعيتاني وربيز وصوراتي ومزبودي وغيرها.

برج حمود: كانت هذه المحلة بالأساس برجًا، وموقع هذا البرج بالقرب من برج الخضر شرقي بيروت. “وقد أقامه أمراء بني حمود المغاربة الأندلسيون الذين وفدوا إلى بيروت للدفاع عنها ضد الصليبيين”[92].

ثم محلة الجناح على شاطئ البحر، وسمي كذلك لأنه يشبه جناح الطائر وهو مرفرف. ويبدو من هناك دير مار الياس ومقبرة الروم الأرثودكس ثم المقالع في محلة الزيدانية، حيث تقطع منها الحجارة الكبيرة لبناء المنازل.

الباشوراء: فيقال إنها قديمة تعود إلى عصر الخليفة المنصور، جمعها بواشير وتعني سد التراب، وقد استخدمت الباشورة في المناطق الاسلامية كسد ترابي لمنع وصول الخيالة والرجال والسهام إلى موضع المحاربين. 

وقد مرّ بها الإمام الأوزاعي حين دخوله بيروت مرابطًا بأهله وولده. وفي الباشوراء كان يوجد برج  وهو الذي يطلق عليه برج الباشوراء أو برج العريس. وكان هذا البرج يتصل بمغارة تنفذ إلى محلة المزرعة جنوبًا[93]. كما واشتهرت المحلة بالمقبرة الإسلامية التي  كانت تفصل بين محلة السور وبيروت القديمة[94].

المسيطبة: فهي المسطبة وتحرف اسمها على توالي الأيام، كانت هي أيضًا خارج أسوار بيروت، وانتشر في أنحائها أنواع عديدة من الأشجار وخاصة التوت. وتقدمت هذه المنطقة منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر[95].

ذكرها صالح بن يحي في كتابه “تاريخ بيروت”: “وعمر بيدمر الخوارزمي في ظاهر بيروت مسطبة عرفت به إلى الآن، وكانت المراكب تصنع فيها على بعد من البحر… وكان لمحلة المسطبة شأن بعد ذلك، فكان السلاطين والأمراء إذا قدموا بيروت، وهي على ما كانت عليه من ضيق المساحة وبساطة العمران، ينزلون مع اتباعهم وأجنادهم في محلة المسطبة ويخيمون فيها. وقد اختاروها على سواها لارتفاعها واعتدال هوائها. وتكرر نزولهم فيها حتى عرفت بمنزلة السلاطين”[96].

عين المريسة: والأصح “عين المرسي” وهي عبارة عن ميناء صغير ترسو فيه الزوارق والمراكب الصغيرة، وسميت بهذا الاسم لوجود عين ماء على الشاطئ وهي معروفة إلى اليوم من أبناء المحلة[97].

رأس بيروت: تشكل ضاحية مهمة من ضواحي بيروت. زارها لامرتين عام 1832 فوصفها على أنها أرض خالية تضم بعض أطلال قديمة، وأنها قطعة من صحراء مصر مرمية على أقدام جبل لبنان[98]

كانت مقفرة من السكان باستثناء بعض المناطق الزراعية التي يعمل فيها المواطنون لتأمين قوتهم وبيع ما يجنون منها. كانت الطريق التي تصل بتلك المنطقة تمرّ عبر الرمال فلا يتجرأ المرء على السير فيها منفردًا. ويوم علم سكان المدينة أن المبشرين الاميركيين سيبنون كلية في رأس بيروت قالوا إنهم يريدون أن يبنوا بين الواوية[99].

بدأت هذه المنطقة بالتطور عندما بنى المبشرون المدرسة السورية الإنجيلية فكانت أولى مبانيهم الكولدج هول سنة 1873. وهكذا انطلقت عجلة العمران فظهرت المباني على الطراز الإيطالي، فكان يسكنها قناصل الدول الأجنبية[100]. فوصفها De lombay سنة 1887 بالحي الأوروبي الجميل المنظر وفي جنوبها منارة[101]. أما القنصل العام الفرنسي في بيروت ففي إحدى رسائله إلى وزير خارجيته يصف عمران رأس بيروت فيقول: بعد نموالمدينة، غدت منطقة رأس بيروت كثيفة السكان فأخذت بالاتساع يومًا بعد يوم، واتخذتها الجالية مركزًا لسكنها[102].

زقاق البلاط: ومن أحياء بيروت الجديدة كان حي زقاق البلاط، الذي رُصفت أزقته بالبلاط من جانب السلطنة العثمانية، تابع مزرعة القنطاري، لذا سُميَّ بزقاق البلاط[103].

تميز بطابعه الجميل فقامت فيه قصور الأغنياء وإلى جانبها بعض المنازل المتواضعه لأفراد يدينون بالولاء أو الخدمة لأصحاب هذه القصور. تميز الحي أيضًا بطابعه الثقافي فأنشئت فيه مدارس متعددة كالمدرسة الوطنية ومدرسة راهبات الناصرة قبل انتقالها للأشرفية[104]، ومدرسة المرسلين الأميركيين قبل انتقالها إلى رأس بيروت لتصبح بعد ذلك الجامعة الاميركية[105]، والمدرسة البطريركية[106]، ومدرسة مار يوسف الظهور[107].

الزيتونه: من الأحياء التي عرفت الازدهار خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر حي الزيتونه. فالزيتونه عرفت بالفنادق والملاهي التي كانت مقصدًا للسيّاح. فنشأت فيها لوكندات أنطونيو بيانكي، وحبيب رزق الله، وأوروبا، وبل فو، والشرق الكبير والعالم، وكونتيننتال، وفيكتوريا الكبير، وغاسمان[108]. أما ميناء الحصن فهو امتداد للزيتونه[109].

الحمراء: تقع في رأس بيروت، وكانت تعرف قبل ذلك بجرن الدب، ويسكنها آل تلحوق الدروز، فأخرجهم منها آل الحمرا البقاعيون، ومنذ ذلك الحين أقاموا فيها، واصبحت تعرف باسمهم، وأقاموا فيها جامعهم “زاوية الحمراء”[110]

كانت الحمراء تتميز بكثرة مزروعاتها وبساتينها ولا سيما التوت والفواكه والخضار والصبير. ومن معالم منطقة الحمراء جامع الحمراء، وبرجها الشهير المعروف باسمها. ولكن هذه المنطقة مالبثت أن عرفت التقدم والتطور والازدهار فأصبحت مع مرور الزمن مركز للإدارات الرسمية والسفارات والقنصليات…[111]

سادسًا: أسواق بيروت

كانت أسواق بيروت تتكامل مع مرفأ بيروت الذي كان يمد هذه الأسواق بالسلع والبضائع والمواد الأولية المستوردة من الخارج. فكانت الأسواق التجارية في باطن بيروت في داخل أسوار المدينة بمجملها وعدد لا بأس به خارجها. وكانت هذه الأسواق ملتقى التجار الذين كانوا يأمون المدينة[112]. سنتوقف ههنا عند بعض هذه الأسواق:

  1. سوق الحدادين: يقع في باطن بيروت في الطريق المؤدي إلى ميناء بيروت، وكان مركزًا لعمل الحدادين وكافة الأشغال المتعلقة بالحديد والصناعات الحديدية اللازمة للبيوت والمباني والدكاكين والعربات…

وكان أول السوق من مدخل سوق البياطرة، بينما يلتقي سوق الحدادين بالباب الشرقي للجامع العمري الكبير حتى أول سوق اللحامين عند مدخل كاتدرائية مار جرجس للروم الأرثوذكس[113]. وكان هذا السوق يتصل بزاروب ضيق يدعى زاروب سوق النجارين الواقع بينه وبين سوق سرسق شمالاً. وكان يوجد في آخره جرينة الحنطة لطحن الحنطة[114].

وأما العائلات والأشخاص الذين كانوا يقطنون فيه أو يشغلون حوانيته فنذكر منها: دار الشيخ فرح، دور آل قباني، آل محفوظ، آل ياسين، آل سعيد يموت، آل الغلوطي،…[115]

  • سوق الأسكافة: ويسمى سوق السكافية أو سوق الصرامي، كان يقع قرب جامع العمري الكبير بالقرب من دكان “قفة الخبز”. كان يمارس في هذا الشارع صناعة الأحذية وتصليحها وتجديدها. وكانت تجمع في هذا السوق الجلود المستخدمة في هذه الصنعة بالإضافة إلى المسامير الخاصة والأصباغ ومواد لصق الجلد…

كما وكان يوجد في هذا السوق مطعم يلبي حاجة الإسكافية من الشاي والقهوة…وقد عرفت باسم “قهوة الإسكافية”.

أما العائلات التي كانت تسكن في هذا السوق أو بمحاذاته أو تشغل دكاكينه فنذكر منها: آل الميقاتي، آل دسوم، آل المبسوط، آل قليلات، آل الرافعي، آل الغول، آل بيهم، آل الجندي، آل الشيشي،…[116]

  • سوق البازركان: “البازار”، تعني باللغة الفارسية السوق، فدخلت هذه الكلمة إلى التركية في هذا المعنى. وسوق البازركان كان من أهم أسواق بيروت، ففيه يجتمع البيارتة  لشراء حاجاتهم لا سيما الأقمشة وأدوات الخياطة.

كان هذا السوق يقع في باطن بيروت بمحاذاة الجدار الشرقي لجامع الأمير منذر المعروف باسم “جامع النوفرة”، كما كان يوجد بالقرب من هذا السوق “جامع شمس الدين”[117].

كان سوق البازركان من الأسواق المسقوفة وكان يطلق على الأسواق المسقوفة “قيسارية”، لذا كان يلاصق سوق البازركان “قيسارية الأمير منصور الشهابي” و “قيسارية الصاغة”. وهذا السوق كان يتألف من طبقتين، الطابق الأرضي مخصص لدكاكين الخياطين العربي وبيع الأقمشة وتوابعها، في حين أن الطابق العلوي قد شغل كمكاتب للمؤسسات. وقد كان يوجد في سوق البازركان ميزان الحرير وسوق الصاغة[118].

أما العائلات التي كانت تقطن فيه وبقربه أو تشغل حوانيته نذكر منها: آل الفاخوري، آل حلاق، آل رمضان، آل بدران، آل الجبيلي، آل الداعوق، آل قريطم، آل حماده،…[119]

  • سوق العطارين: يقع غربي جامع العمري الكبير. وكان يباع في هذا الشارع جميع العطور ومستلزماتها ومشتقات انواعها، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الأعشاب والنباتات والسوائل الطبية…[120] وكان لسوق العطارين قيسارية خاصة تدعى قيصرية العطارين، وقيسارية الشيخ شاهين تلحوق.

أما العائلات والأشخاص الذين كانوا يسكنون في هذا السوق أو بمحاذاته: آل العطار، آل الميقاتي، محمد المبسوط، آل السلحوت، طالب شبقلو، محمد سلام،…[121]

في الحرب العالمية الأولى بدأ هدم بعض أسواق المدينة القديمة لتوسيع الشوارع وقد طال سوق العطارين ما طال بعض الأسواق الباقية فنقل بعض التجار محالهم لسوق أبي النصر[122].  

  • سوق القطن: يمتد هذا السوق من مخفر ميناء بيروت صعودًا على خط مستقيم بشارع فوش حتى بناية البلدية الثانية. وكان يتفرع من السوق ثلاثة ممرات: “الأول عند مدخل جامع باب الدباغة الذي سمي فيما بعد جامع أبو بكر الصديق” والممران الآخران يبتدئان من بناية البلدية الثانية فيمتد واحد نحو الشرق ليدعى سوق الخمامير وزاروب سابا، في حين أن الآخر يمتد نحو الغرب ليصل سوق القطن بسوق البياطرة. كما وكان يوجد في السوق فرن وكان يعرف بفرن سوق القطن. وكانت عمليات البيع بأغلبيتها بالجملة.

 أما العائلات المعروفة في هذا السوق: آل يارد، آل الجبيلي، آل الدهان، آل فياض، آل عفرة، آل سعاده، …[123]

  • سوق النجارين: يقع تجاه جامع السرايا، قرب سوق سرسق[124]. كان يباع في هذا السوق كل ما يرتبط بمهنتهم من أخشاب ومسامير…كما وكان يقع إلى جانب هذا السوق سوق الإسكافية القريب من الجامع العمري الكبير.

كان سوق النجارين ينقسم إلى سوقين: سوق النجارين التحتاني وسوق النجارين الفوقاني. ومن أبرز عائلاته: آل الحلاج، آل يارد، آل الملاط، أولاد مصطفى الحبوب، يوسف يونس،…[125]

  • سوق الصاغة: سنة 1883 شرع أسعد رعد وبشارة الهاني، بإنشاء سوق للصاغة والمجوهرات. وكان هذا السوق يخترق غربي ساحة البرج ليصل حتى كنيسة النورية، تم الانتهاء من تشييده عام 1886[126]. وكان لهذا السوق قيسارية خاصة تدعى “قيساريه الصاغة” وقد تمركز في هذا السوق باعة الصاغة والمجوهرات،… وكان “يدخل إليه من ساحة الشهداء من بابه الشرقي في الطريق المؤدي إلى سينما كريستال، وكان لهذا السوق باب حديدي يقفل ليلاً من جهتيه الشرقية والجنوبية”[127].

ومن العائلات والأشخاص الذين اقاموا في سوق الصاغة الأول بالقرب من سوق البازركان: آل العجوز، آل محرم، محمد الحلبي، عبد الله الجمل…[128]

  • سوق الخضار: يقع هذا السوق مكان مقبرة الغربا قريبا من مقبرة الخارجة الواقعة في رأس سوق الخضار قرب مرفأ بيروت. وكان هذا السوق مركزًا لتجمع الخضار الواردة من بيروت وضواحيها ومن مختلف المناطق اللبنانية. ومن المقيمين في هذا السوق: آل غندور، آل البواب، آل الداعوق،….[129]
  • سوق الشبقجية: كان موقع هذا السوق بالقرب من سوق سرسق. وكان يختص بصناعة الشبق وهو الغليون وما يرتبط به، بالإضافة إلى صناعة “نرابيج” الأراكيل. وكان يباع في هذا السوق الأدوات الزجاجية والنحاسية المرتبطة بالأراكيل ومستلزماتها: من ملاقط زجاج أراكيل،…

“كان صانع الشبق أو صاحبه يسمى “الشبقجي” بينما نافخ الغليون أو الأركيله  أو مدخنها يسمى “شبقلو”. أما متذوق الدخان في المعامل والمصانع فقد عرف باسم “خرمنجي” هذا وقد حملت بعض الأسر أسماء هذه المهن”[130].

  1. سوق السيّد – سوق أياس

أنشأ سعد حماده وأشقاؤه سنة 1864، بجانب الطويلة (أي الطريق الطويلة) سوقًا سموه بسوق السيّد نسبةً لوالدهم عبد الفتاح آغا حماده المعروف باسم فُتيحة.

كان هذا السوق ينفذ على أربع جهات ويحتوي مخازن ودكاكين على الجانبين، وأرجاؤه مبلطة وأقيمت في وسطه بين الأقسام الأربعة قبة ارتفعت في الدكاكين، وفي وسطها بركة ماء[131]

وفي صيف 1877 اشتراه الإخوة أياس فأدخلوا إليه بعض التحسينات، وسقفوه، وبيضوا جدرانه وحسنوا البركة،…فبذلك اصبح سوق أياس أهم أسواق بيروت لبيع النوفوتيه[132].

  1. سوق الجميل

يقع هذا السوق في المساحة الممتدة بين باب ادريس جنوبًا وميناء القمح شمالاً. تمَّ البدء بتشييد هذا السوق عام 1894،  بناءً على طلب آل بسترس وبيهم، الذين كانوا يرغبون بناء سوق جديد مكان مستودع الغلال حيث كانت تتجمع البهائم والعربات وتتكدس الغلال وتتطاير الغبار والأتربة. وأطلقوا على هذا السوق “سوق الجميل” لجمال تربته. فكان هذا السوق يضم 72 حانوتًا. أما عرضه فكان عشر أذرع. وكانت أرضه مرصوفة بالحجارة الناعمة[133]

  1. سوق سرسق والتويني

سنة 1882 قرّر مجلس إدارة لواء بيروت بيع سراي بيروت القديمة وإنشاء سراي جديد عوضًا عنه. فاشتراه السيدان سرسق وتويني  وهدماه وشيدوا مكانه سوقًا عرف باسمهما وباسم سوق النزهة. وفي عام 1884 نقلا مكاتبهما إليه.

تشكل سوق سرسق من اثنتي عشرة بناية مشتملة على خمس عشرة دارًا، ومائة وأربعة عشرة مخزنًا، وتسعة دكاكين[134].

  1. سوق الفشخة

“أطلق اسم الفشخة على الطريق من بوابة السراي إلى بوابة إدريس”، ويعود هذه التسمية إلى ضيق السوق وازدحامه بالمارة بحث لا يترك للمارة أكثر من فشخة.

ومع زمن الانتداب أصبح يعرف بشارع ويغان فبنيت فيه دار البلدية، وفتحت فيه محال للأجواخ والأصواف والحرير[135]

  1. سوق أبي النصر

نسبة إلى الشيخ محمد أبو النصر عمر اليافي، تم بناؤه على قطعة أرض منحه إياها السلطان عبد الحميد. كان السوق خارج السور مؤلف من عدة دكاكين، “فُتحت له من جهة ساحة البرج بوابة جديدة باسم صاحبه وأصبح سوقًا للعطارين بعد هدم سوقهم القديم”[136].   

بالإضافة إلى هذه الأسواق فقد وجد في بيروت أسواق عديدة تمثل المجتمع المهني والصناعي والتجاري[137].

الخاتمة

عرفت بيروت، كما رأينا، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر قفزة نوعيّة وذلك من الناحية العمرانية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الديمغرافية. بحيث ظهر تسابق الممولين الأجانب من فرنسيين وإنكليز وألمان من أجل الحصول على الالتزامات في شق الطرق وتمديد الخطوط الحديدية…

ولعب مرفأ بيروت دورًا بفتح فرص عمل جديدة أمام أبناء الجبل، وتنشيط الحركة التجارية بين الداخل والخارج، وتنشيط الحركة الزراعية، بحيث أصبح إنتاج الحرير وغيرها من الصناعات الحرفية… من المواد والسلع المتنافس عليها بين التجار الأجانب.

وهذا الازدهار دفع إلى بروز أسواق جديدة وحركة عمرانية مميزة للأحياء المحيطة لبيروت، فأصبحت بعض الأحياء السكانية تحاكي الشوراع الأوروبية من حيث هندستها وجمالها وتناسقها.

فبيروت غدت مع نهاية القرن التاسع عشر، محط أنظار جميع الدول العربية وحتى الأجنبية منها، فاجتذبت عددًا لا بأس به من السياح الذين تغنوا بجمال هذه المدينة وبشوارعها المنظمة. فكان لكل شارع رواده وسلعه الخاصة. أما الشوارع القريبة من البحر فكانت مقصدًا للمتنزهين مساءً وخاصة الأوروبيين منهم. وعلى جانب هذه الشوارع ظهرت المقاهي التي كان يقصدها هؤلاء المتنزهون لارتشاف القهوة أو تذوق الليموناضة المنعشة.

أُنشئت في بيروت اعتبارًا من الربع الأخير من القرن التاسع عشر الفنادق المميزة برونقها وموقعها المشرف على البحر وبقربها من قلب المدينة مما سمح للسيّاح بالتنقل بين المرفأ وسائر أحياء المدينة.

ولكن عجلة العمران والازدهار التي عرفتها بيروت ما لبثت أن حطت رحالها مع انفجار الحرب العالمية الأولى، بحيث توقفت الحركة الاقتصادية والعمرانية بسبب الحصار البحري والبري، وموت معظم السكان بالجوع. ولكن مع إعلان دولة لبنان الكبير عادت الآمال بعودة الحياة إلى سابق عهدها.

واليوم بالرغم من كل ما أصاب بيروت علينا أن نتطلع بعين الرجاء والأمل، متأملين بتاريخنا وتاريخ هذه المدينة العريق، فكم مرَّ عليها من غزاة واندحروا على تخومها، وكم ضربتها الهزات وهدمتها، ولم تبقِ حجرًا على حجر، فعاد طائر الفينيق لينفض الغبار وليحلّق عاليًا بالجو.   

وتبقى بيروت ست الدنيا، المتأملة بتاريخها والفاتحة ذراعيها بقلب رحب وأمل للمستقبل.


[1] صالح بن يحي، تاريخ بيروت، تحقيق فرنسيس هورس اليسوعي وكمال سليمان الصليبي وآخرون، دار المشرق، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1967، ص8؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين، دار مصباح الفكر، بيروت، 1987، ص 19.

[2] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين، ص 18 – 19؛الناضوري، رشيد، التاريخ الحضاري والسياسي في منطقة جنوب غرب آسيا، دارالجامعة العربية، 1968.

[3]  لبنان مباحث علمية واجتماعية، نشر بهمة اسماعيل حقي بك متصرف جبل لبنان سنة 1334 ه  1918، تحقيق فؤاد افرام البستاني، ج1، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت،  1969، ص 275؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين، ص 23

[4] لبنان مباحث علمية واجتماعية، ….ص 277؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين، ص 24-26؛ صالح بن يحي، تاريخ بيروت،…ص 8-9؛ حتي، فيليب، تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، أشرف على مراجعته وتحريره جبرائيل جبور،  ج 1، دار الثفافة، بيروت، 1958، ص 342 -343؛ حتي، فيليب، تاريخ لبنان منذ أقدم العصور إلى عصرنا الحاضر، مراجعة نقولا زيادة ؛ أشرف على تنقيح هذه الطبعة وتحريرها جبرائيل جبور، بيروت، 1985، ص 272 – 273.

[5] حتي، فيليب، تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، …ص 343 و360و 364؛ حتي، فيليب، تاريخ لبنان منذ أقدم العصور إلى عصرنا الحاضر،…ص 276؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 28-29.

[6] حتي، فيليب، تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، …،ج1، ص 402؛ لبنان مباحث علمية واجتماعية، ….ج1، ص 291، يزبك، يوسف، أوراق لبنانية، م2، دار الرائد اللبناني – بيروت، 1403 – 1983، ص 179؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 30؛ الخطيب، نسيمه، بيروت التراث، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1993، ص 15

[7] صالح بن يحي، تاريخ بيروت،…ص 14، الخطيب، نسيمه، بيروت التراث،…ص 16؛ العبادي، احمد المختار،  وسالم، عبد العزيز، تاريخ البحرية الإسلامية، جامعة بيروت العربية، بيروت، 1972، ص 25؛ 

[8]  محمد طه الوالي، تاريخ المساجد والجوامع الشريفة في بيروت، طبعة أولى، دار الكتب – بيروت، 1973،  ص 35و 72؛ ؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 46 -52.

[9] صالح بن يحي، تاريخ بيروت،…ص 72.

[10] المرجع السابق ص 97.

[11] صالح بن يحي، تاريخ بيروت،…ص 192 – 197؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 97؛ الخطيب، نسيمه، بيروت التراث،…ص 17.

[12] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 126؛ الخطيب، نسيمه، بيروت التراث،…ص 18؛ المعلوف، عيسى، تاريخ الأمير فخر الدين، وقف على نشره رياض معلوف، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1966،  ص 256؛ رستم، أسد، البستاني، فؤاد افرام، لبنان في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 1969.

[13] Du mesin,  Du   Buisson “ Les anciennes defenses de Beyrouth” in Syria 2(1921), pp 239 – 244. رستم، أسد، بشير بين السلطان والعزيز (1804-1841)، ج2، طبعة ثانية،  منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 1966، ص 204؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 155 -156.

[14] عام 1863 أنهت “الشركة العثمانية لطريق بيروت – دمشق”، فكانت تمتد على طول 110 كيلومترات. وتم أول اتصال تلغرافي مع أوروبا عام 1858. وفي عام 1890 استحصلت الشركة الإمبراطورية للمرافئ والارصفة والمخازن في بيروت” على امتاز مدته 100 عام لبناء وإدارة مرفأ جديد والاشراف على مستودعات الجمرك وعلى أعمال التحميل والتفريغ. وفي عام 1895 سيِّرت الشركة الفرنسية – البلجيكية، والمعروفة ب “الشركة العثمانية لسكك حديد دمشق وحماه إمداداتها”  أول قطاراتها بين بيروت ودمشق وحوران.

طرابلسي، فواز، تاريخ لبنان الحديث من الإمارة إلى اتفاق الطائف، بيروت  – لبنان، 2008، ص 95 – 96.

[15]  محمد كرد علي، خطط الشام، ج3، ص9.

[16] يزبك، يوسف، أوراق لبنانية، م1، ص 278 – 279.

[17] L abbe J. J. Bourasse, La Terre Sainte, voyage dans l Arabie Petree, la Jude, la samarie, la galilee et le syrie (Tours,  Mama …1860), p 477

[18]  L abbe Laurent De Saint – Aignan: La Terre Sainte, Syrie, Egtypte, et Asthma de Suez, Paris et Grenoble, 1868, p 22.

[19] Guerin, Victor, Rapports addresses a M. le Ministre de l instruction publique sur sa Mission Scientifique dans le Liban, Paris, 1882, p 13.

[20] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 136.

[21] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 96.

[22] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص

[23] Du mesin,  Du   Buisson “ Les anciennes defenses de Beyrouth”, p 317 شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص136.

[24] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 140.

[25] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 137 – 138.

[26] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، …  ص 96.

[27] طرازي، الفيكونت الفراد، أصدق ما كان في تاريخ لبنان،…..

حلاق، حسن، أحياء بيروت التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت والولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، سجلات المحكمة الشرعية بيروت، دار الجامعية، بيروت، 1987، ص 135.

Du mesin,  Du   Buisson “ Les anciennes defenses de Beyrouth”, pp 318 -322.

[28] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، … ص 96.

[29] Du mesin,  Du   Buisson “ Les anciennes defenses de Beyrouth”, pp 323 -324

روى الشيخ عبد القادر قبّاني قصة باب ادريس بين والي بيروت وآل ادريس: “لما كانت صيدا إيالة، قدِمَ بيروت أحمد مخلص افندي لتخطيط الطريق خارج اسوار بيروت، وكان الاهالي شرعوا في البناء في كرم التوت داخل السور  وفي ابراجهم خارج البلدة أو في بساتينهم بجوار أبراجهم المتقدّم ذكرها، وقد اقتضى بحسب التخطيط فتح باب أبي النصر وباب ادريس وحدث ان فتح باب ادريس وطريقه كانت في كرم توت لآل ادريس، وكانت والدتهم متقدمة بالسن فأغاظها جعل بستان التوت طريقًا، فأخذت تسخط وتدعو على احمد افندي، فكان يجيبها قائلاً: سوف تخصِّين احمد مخلص بدعواتك الخيرية. ثم أنه لما قدِم مخلص باشا سنة 1284 ه (1886 م) واليًا على سورية، وكانت بيروت تابعة لها، قصدَ بوابة ادريس فوجد كرم التوت تحوّل إلى دكاكين ومخازن ومنازل. فذهب إلى منزل تلك السيّدة وسألها عمّا إذا كانت لا تزال ساخطة على احمد مخلص أم أنها عرفت له حسن عمله. فاعتذرت إليه وأكثرت من شكره والدّعاء له بالخير”.

الشيخ طه الوالي، يوم كان لبيروت سبعة أبواب وسور وأسواق، في المقاصد 21 (كانون الثاني) 1984، ص 50

[30] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 139؛ طرابلسي، فواز، تارخ لبنان الحديث من الإمارة إلى الطائف، رايض الريس للكتب والنشر، بيروت – لبنان، 2008، 98

[31] Du mesin,  Du   Buisson “ Les anciennes defenses de Beyrouth”, p 325

[32]  تاريخ بيروت، لصالح بن يحي، …ص 17 و92.

[33] حلاق، حسّان، بيروت المحروسة في العهد العثماني، الدار الجامعية، بيروت، 1987، ص 30.

[34]  حلاق، حسن، بيروت المحروسة في العهد العثماني،…ص 31 – 32؛ حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، العدد 135، كانون الثاني – شباط (1992)، ص 72 – 74.

[35] حلاق، حسّان، بيروت المحروسة في العهد العثماني، دار الجامعة، بيروت، 1987، ص 31

[36] حلاق، حسن، بيروت المحروسة في العهد العثماني،…ص 32؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 174.

[37] كانت منازل الأجانب وبعض قناصل الدول الأجنبية، تقع في الجهة الجنوبية من ميناء بيروت. كما تركزت الكثير من الحانات (الفنادق) قرب المرفأ وبمحاذاته. وذلك لاقامة التجار والوافدين من خارج بيروت. من بين هذه الحانات –  الفنادق: خان أنطون بيك، خان البربير، خان الحرير، خان حمزة، خان الدركه. حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 73.

[38]  العيدروس، محمد حسن، السياسه العثمانية تجاه الخليج العربي في القرن التاسع عشر، بيروت، دار الشروق، 1991، ص 89 -90.

[39]  راجع بهذا الخصوص الدراسة التي أعدها المدرس المساعد أمين عباس نذير، النقل في الدولة العثمانية من 1812 – 1914، الجامعة الإسلامية كلّيّة الآداب، قسم التاريخ، نشرة في مجلة لكية الإمام الأعظم ، 2009، ص 434.

[40]  ارشيبالد. ر. لويس، القوى البحرية والتجارية في حوض المتوسط، ترجمة أحمد محمد عيسى، القاهرة، مكتبة النهضة الاوروبية، (د.ت)، ص 400 – 401.

[41] لويس لورته، مشاهدات من لبنان، تعريب  كرم البستاني، طبعة ثانية، دار المكشوف، 1951، ص 38.

[42] برودين، فرنان، البحر المتوسط، المحال والتاريخ، ترجمة يوسف شلب، دمشق، دار الفكر، 1990، ص 124.

[43] كرد علي، محمد، خط الشام، ج5، ص155؛ حلاق، حسّان، بيروت المحروسة في العهد العثماني…، ص33.

[44] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 74.

[45]  شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 214

[46] الحكيم، يوسف، بيروت ولبنان في عهد آل عثمان، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1964، ص 30.

[47] حلاق، حسان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد  العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 74؛  شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 214. 

[48] ضاهر، مسعود، تاريخ لبنان الاجتماعي 1914 – 1926، دار الفارابي، بيروت، 1974، ص 93.

[49] المرجع السابق ص 94.

[50] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 214؛ كرد علي، محمد، خطط الشام، ج5، مكتبة النوري، طبعة ثالثة، دمشق، 1403/1983، ص 156.

[51] دسوقي، محمد كمال، الدولة العثمانية والمسألة الشرقية، القاهرة، 1976، ص 307.

[52] القاسمي، محمد سعيد، قاموس الصناعات الشامية، ج1، باريس، 1960، ص 106 – 107؛ هاملتون جب وهارولد بوون، المجتمع الإسلامي والغرب، ترجمة أحمد عبد الرحيم مصطفى، مراجعة أحمد عزت عبد الكريم، ج 2، مصر، 1971، ص 100؛ عبد العزيز محمد عوض، الادارة العثمانية في ولاية سورية 1864 – 1914، القاهرة، 1969، ص 270.

[53]  الحسني، علي، تاريخ سوريا الاقتصادي، دمشق، 1342 ه، ص 205.

[54]  غرابية، عبد الكريم، سورية في القرن التاسع عشر 1840 – 1876، القاهرة، 1969، ص 154.

[55] المقتطف – المصرية، ج9، السنة التاسعة، حزيران، 1885.

[56] كرد علي، محمد، خطط الشام، ج 5، طبعة ثالثة، مكتبة النوري، دمشق، 1403/1983، ص 161

[57]  المرجع السابق نفسه.

[58] راجع بهذا الخصوص جريدة تقويم الوقائع، العدد 42 تاريخ 29 ذي العقدة 1308ه.

[59]  كرد علي، محمد،  خطط الشام، ج5، … ص 161.

[60] م كرد علي، محمد، خطط الشام، ج 5، …. ص 161

[61] المصدر نفسه.

[62] كرد علي، محمد، خطط الشام، ج 5، … ص 162.

[63]  كانت القوافل لاجتياز هذه المسافة تستغرق 4 أيام. محمد كرد علي، خطط الشام، ج 5، ….ص 163.

[64] جريدة الأقدام السنة الأولى، العدد 154، تاريخ 5 رجب، 1312 ه.

[65]  عيسوي، شارل، التاريخ الاقتصادي للهلال الخصيب 1800 – 1914، ترجمة رؤوف عباس حامد، بيروت، 1990، ص 342

[66] المرجع السابق نفسه.

[67] علي كرد، محمد، خطط الشام، ج5، ….ص 162؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 216.

[68] انحلت هذه الشركة سنة 1892، فاستلمت الحكومة العثمانية هذه الطريق وأهملت المحافظة عليها.

[69] افتتح العمل رسميًّا في 3 كانون الثاني 1859، بحضور خورشيد باشا الحاكم العام للولاية، وجميع السلطات المحلية المدنية والعسكرية والسياسية. ومنذ تلك اللحظة بوشر بالعمل، ولكنه توقف بسبب الفتنة التي عرفها الجبل سنة 1860. جريج، الياس، ولاية بيروت 1887 –  1914 التاريخ السياسي والاقتصادي، مطبعة عكار، د.ت،  ص 701

[70] أشرف هذا المهندس على خمس طرق في بيروت غير هذا الطريق راجع بهذا الخصوص: عوض، عبد العزيز، الإدارة العثمانية في ولاية سورية، ص 273.

[71] كانت الحكومة مسؤولة عن حماية عربات الدلليجانس من اللصوص.

[72] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،…ص182؛ لويس لورته، مشاهدات في لبنان،… ص 70؛ يزبك، يوسف، أوراق لبنانية، ج2، ص13.

[73]جريج، الياس، ولاية بيروت 1887 – 1914 التاريخ السياسي والاقتصادي،  ص 703

[74] طرابلسي، فواز، تاريخ لبنان الحديث من الامارة إلى اتفاق الطائف، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، لبنان، 2008، ص 93؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،…ص185.

[75] طرابلسي، فواز، تاريخ لبنان الحديث من الامارة إلى اتفاق الطائف،….ص 93؛ القول الحق في بيروت ودمشق، عبد الرحمن بك سامي، دار الرائد العربي، بيروت – لبنان، 1981، ص 25 -26.

[76] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 152؛ غيز، هنري، بيروت ولبنان منذ قرن ونصف قرن، ترجمة ماون عبود، مؤسسة  هنداوي للتعليم والثقافة، مصر – القاهرة، 2012، ص 54؛  حلاق، حسّان، أحياء بيروت التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت والولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، سجلات المحكمة الشرعية بيروت، دار الجامعة، بيروت، 1987، ص42

[77] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص153؛  حلاق، حسّان، أحياء بيروت التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت والولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، سجلات المحكمة الشرعية بيروت، …ص42

[78] حلاق، حسّان، أحياء بيروت التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت والولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، سجلات المحكمة الشرعية بيروت …، ص 46.

[79]  يزبك، يوسف،”مزرعة الأشرفية الشهيرة خارج بيروت”، في أوراق لبنانية 2 (نيسان 1956) 4، ص 185 – 186؛ طباره، شفيق، ضواحي بيروت القديمة هي أحياء بيروت اليوم، مجلة تاريخ العرب والعالم، السنة الثانية عشرة، العدد 135، كانون الثاني – شباط 1992، ص 86.

[80] القول الحق في بيروت ودمشق، عبد الرحمن بك سامي، دار الرائد العربي، بيروت – لبنان، 1981، ص 28.

[81] الأب هنري لامنس اليسوعي، تسريح الأبصار في ما يحتوي لبنان من آثار، ج2، دار الرائد اللبناني، الحازمية، 1982.

[82]  عبد الرحمن بك سامي، القول الحق في بيروت ودمشق، بيروت دار الرائد العربي، 1981، ص 28.

[83] بنيت للمرة الأولى عام 1831 على أيام ابراهيم باشا في منطقة الكرنتينا، ثم نقلت عام 1855 إلى حيث هي اليوم ، ثم تم ترميمها عام 1883، إلى أن تم توسيعها وتكبيرها عام 1972 لتحصل على شكلها الحالي تقريباً.

[84] قدّم مارون نقاش في منزله عام 1848 للمرة الأولى مسرحية “L’ Avare” ل “موليير”، ثم بنى قرب منزله مسرحاً قدّم فيه عروضًا مسرحية كثيرة، وعام 1855 انتقل المسرح إلى جانب كنيسة “مار مخايل”، بعدما أوصى نقاش بتحويل المسرح القديم إلى كنيسة ليدفن فيها.

[85] أسسه جورج وإميل جلاّد عام 1932 بعد عودتهما من فرنسا. ولكن تم إقفاله عام 1955 لأسباب مالية. ثم اشتراه أحد المستثمرين لكنه عاد وأوقف عن العمل عام 2003.

[86] راجع لجنة البحوث التراثية في جمعية تراثنا بيروت.

[87]  المرجع السابق

[88] طباره، شفيق، ضواحي بيروت القديمة هي أحياء بيروت اليوم، في أوراق لبنانية 2(شباط 1956) 2، ص 70؛ طباره، شفيق، ضواحي بيروت القديمة هي أحياء بيروت اليوم، مجلة تاريخ العرب والعالم، السنة الثانية عشرة، العدد 135، كانون الثاني – شباط 1992، ص 87.

[89] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص152؛ يزبك، يوسف، أوراق لبنانية، ج1، ص 24

[90] Xavier, Marmier, Du Rhin au Nif, de Constantinople au caire 1845 – 1846, Paris, Lecoffre, 1887, p 93. ; Agenor, Etienne GASPARIN, Voyage au levant , vol2, Paris, 1878, p 359.   شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 152.

[91] حول سيرة الامام الأوزاعي راجع: ملاح، محمد حسين، الامام الأوزاعي عالم مدينة بيروت، تاريخ العرب والعالم، السنة الثانية عشرة، العدد 135، كانون الثاني – شباط 1992، ص 105 – 107؛ الخطيب، نسيمه، بيروت التراث، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1993، ص 29 -30. شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 46 -52.

[92]  المرجع السابق نفسه ص 24 -25.

[93] حلاق، حسّان، بيروت المحروسة في العهد العثماني، دار الجامعة، بيروت، 1987،ص 22 – 23.

[94] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 166

[95] طرابلسي، فواز، تاريخ لبنان الحديث من الامارة إلى اتفاق الطائف،…ص 100.

[96] بين يحي، صالح، تاريخ بيروت، تحقيق فرنسيس هورس، وكمال الصليبي مع آخرين، دار المشرق، بيروت، 1967، ص 30 و 50 – 53 و 133. شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 170.

[97] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 170.

[98] Alphonse de LAMARTINE: Voyage en Orient, vol 2, Paris, Hachette, 1875, p 336

[99] يوم بنيت الجامعة الاميركية بين الواوية، أوراق لبنانية، 1(آذار 1956)3، ص 116؛ الخطيب، نسيمه، بيروت التراث، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1993، ص 62-64.

[100] Comte de Rocquigny Du FAYEL: Trois mois en orient, Paris, challamel Aine, 1876, p 324.

[101] G. DE LOMBAY, Au Sinai, Palestine et Syrie, Paris, Ernest Leroux, 1892, p 144.

 بنيت منارة راس بيروت خلال سنتي 1862 – 1863 على يد مهندسين فرنسيين، وكان يبلغ ارتفاعها ثمانية وثلاثين مترًا. شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 172.

[102] Adel ismail, letter de j. jullemier, conseil general de france a beyrouth, a M. anotaux conseil des affaires Etrangers , Beyrouth le 18 juin 1894> حلاق، حسّان، أحياء بيروت التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت والولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، سجلات المحكمة الشرعية بيروت، دار الجامعة، بيروت، 1987، ص 44.

[103] الشدياق، طنوس، اخبار الاعيان في جبل لبنان، ج1، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 1970،  ص14؛ طربلسي، فواز، تاريخ لبنان من الامارة إلى الطائف،…ص 99.

[104] الخطيب، نسيمه، بيروت التراث، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1993، ص 61.

[105] يوم بنيت الجامعة الاميركية بين الواوية، أوراق لبنانية، 1(آذار 1956)3، ص 118 -119؛ الجندي، خالد عبد القادر، الحياة العلمية والثقافية في بيروت، في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في صوت الجامعة، ص 145 – 166؛ القول الحق في بيروت ودمشق، عبد الرحمن بك سامي، دار الرائد العربي، بيروت – لبنان، 1981، ص 11-12.

[106] الخطيب، نسيمه، بيروت التراث، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1993، ص 58؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 170.

[107] يوم بنيت الجامعة الاميركية بين الواوية، أوراق لبنانية، 1(آذار 1956)3، ص 118 -119، الخطيب، نسيمه، بيروت التراث، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1993، ص 58-62، الجندي، خالد عبد القادر، الحياة العلمية والثقافية في بيروت، في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في صوت الجامعة، ص 145 – 166.

[108]  أول هذه الفنادق راجع؛ شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 180.

[109] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 170؛ طرابلسي، فواز، تاريخ لبنان الحديث من الإمارة إلى اتفاق الطائف،…ص 100.

[110]طه،  الوالي، بيروت التاريخ والحضارة والعمران، دار العلم للملايين،  ط1 ، بيروت  1993، ص 23؛ النيف، ممدوح منوخ ذياب، ولاية بيروت في العهد المملوكي، دراسة لحصول درجة الدكتوره من جامعة مؤتة الاردن، 2013، ص25؛ حلاق، حسّان، بيروت المحروسة في العهد العثماني، دار الجامعة، بيروت، 1987، ص86.

[111] حلاق، حسّان، بيروت المحروسة في العهد العثماني، ….ص 86

[112] شبارو، عصام محمد، تاريخ بيروت منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين،… ص 175-176.

[113]الجندي، خالد عبد القادر، الحياة العلمية والثقافية في بيروت، في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في صوت الجامعة، ص 157؛  زيدان، جرجي، تاريخ آداب اللغة العربية، ج4، طبعة ثانية، دار مكتبة الحياة، بيروت، د. ت، ص 348.

[114] حلاق، حسّان، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت الولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، الدار الجامعية، بيروت، 1987، ص23؛ كنعان، داوود، بيروت في التاريخ، مطبعة عون، بيروت، 1969، ص 90-93.

[115] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 76.؛ حلاق، حسّان، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت الولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، الدار الجامعية، بيروت، 1987، ص23.

[116] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 76؛ حلاق، حسّان، بيروت المحروسة في العهد العثماني، دار الجامعة، بيروت، 1987، ص 37.

[117] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، …  ص 97.

[118]كنعان، داوود، بيروت في التاريخ، مطبعة عون، بيروت، 1969، ص 327 -38؛  حلاق، حسّان، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت والولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، ….ص 23

[119] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 76 – 77.

[120] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 107.

[121] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 79 – 80.

[122] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 108.

[123] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 80 – 81.

[124]  هذا السوق غير سوق النجارين الذي كان قائمًا في ساحة الدباس عند مفرق سينما بيكال. حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 81.

[125] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 81 -82.

[126] هذا السوق غير ذاك الذي أنشئ فيما بعد قرب سوق الخضار واللحوم والاسماك. حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 82.

[127] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 82.

[128] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 82.

[129] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 82.

[130] حلاق، حسّان، مرفأ بيروت والأسواق التجارية في العهد العثماني، في “تاريخ العرب والعالم”، ص 83.

[131] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 100.

[132] لمزيد من المعلومات وبشكل مفصل راجع: الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 100 – 101.

[133] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 102.

[134] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 109.

[135] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 109.

[136] الفاخوري، عبد اللطيف، الأسواق القديمة ذاكرة بيروت وهي تنهض إلى الحياة، في “مرايا التراث”، العدد الثاني عشر – ربيع / صيف، 2020،  ص 109.

[137] ؛  حلاق، حسّان، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بيروت و الولايات العثمانية في القرن التاسع عشر، ….ص 23 – 24.

Scroll to Top