Almanara Magazine

القضاء في عهد البطريرك يوسف حبيش 1823- 1845

د. روني خليل[1]

  1. لمحة تاريخيّة عن حالة القضاء خلال العهد الشهابي

حظيت كلّ طائفة في إمارة الجبل مع بداية حكم الشهابيين أواخر القرن السابع عشر بقضاة من أبنائها انتموا إلى طبقة رجال الدين، وطبّقوا الشرائع الدينيّة لطوائفهم وتقاليدها وأعرافها الخاصة وبعض النصوص من الشريعة الإسلاميّة، في قضايا الأحوال الشخصيّة والقضايا المدنيّة الأخرى[2].

أمّا القضايا الجزائيّة فقد أُسنِدت إلى الزعماء الإقطاعيين ولم يكن من حقّهم إلّا الحكم بالعقوبات الخفيفة كالسجن والجلد، أمّا العقوبات الشديدة كالإعدام والقطع فقد كان حق إصدارها لشخص الأمير وحده[3].

لم تكن الشريعة الإسلاميّة مطبّقة فعلّياً إلاّ عند القضاة المسلمين، فهؤلاء كانوا متضلّعين من الفقه الإسلاميّ، وكانوا نادراً ما يعلّمونه للنصارى على اعتبار أنّ الفقه علم ديني إسلاميّ بحت لا يجوز أن يعرفه غير المسلم[4].

لكن بعد أن تزايدت قوّة رجال الإكليروس على حساب الأمراء المقاطعجيين خلال القرن 18، راح الأمراء الشهابيّون يعملون للحدّ من سلطة رجال الإكليروس القضائيّة، فحصروا حقّ تعيين القضاة بشخص الأمير الحاكم. ثمّ أعيدت السلطة القضائيّة إلى البطاركة العام 1791 في عهد الأميرين الشهابيّين حيدر[5] وقعدان[6] اللذين تسلّما الإمارة خلال فترة عزل الأمير بشير الثاني[7]. لم يدم هذا الأمر كثيراً، إذ رجع الأمير بشير الثاني[8] إلى الحكم العام 1793، وأصدر قراراً العام 1799 أعلن بموجبه توحيد القضاء من خلال تطبيق الشرع الإسلاميّ حتّى على المسيحيين، ساعياً وراء ذلك لاتّخاذ الفقه الإسلاميّ المرجع الوحيد للمتقاضين. وفي ظنّي أنّ الأمير اتّبع الشريعة الإسلاميّة وحدها للأسباب الآتية: 

  • التناقض في الأحكام التي وقعت بين صفوف العامّة نتيجة تعدد المصادر القضائيّة عند كل طائفة وتعارضها أحياناً مع بعضها البعض.
  • إكساب الأحكام صفة شرعيّة.
  • الحصول على رضى السلطنة العثمانية التي تتبع الفقه الإسلامي كمرجع وحيد في أحكامها.

وحصر الأمير بشير سلطة المطارنة القضائيّة بالأحوال الشخصيّة فقط، كما عيّن قضاة للجبل مدنيين وروحيين طبّقوا الشريعة الإسلاميّة فأصبح هؤلاء بحكم هذا التدخّل قضاة معيّنين من قبل الأمير، وأشبه بموظفين، فلم يعودوا قضاة بصفتهم الكهنوتية كما كانوا من قبل، فاعترض بداية البطريرك يوسف التيّان[9] على هذا الإجراء، وراسل المجمع المقدّس الذي أمره بامتثال الشريعة الوطنيّة في جميع الأمور والقضايا التي لا تتناقض مع قواعد الدين والآداب. وفي العام 1808 استقال التيّان من منصبه بسبب خلافه الشديد مع الأمير بشير. فانتُخِب المطران يوحنّا الحلو[10] بطريركاً وكان قاضياً معروفاً، فتأقلم مع التنظيم القضائيّ الجديد. كذلك فعل خلفه البطريرك يوسف حبيش[11] الذي كان قاضياً أيضاً، وسبق له أن درس الفقه الإسلاميّ ورافع في ديوان الشيخ شرف الدين القاضي[12] قبل انتخابه بطريركاً. ثمّ استطاع بفضل حُنكته ودبلوماسيّته، إقناع الأمير بشير الشهابي بإعادة فتح محكمة غزير، وتعيين المطران جبرايل نصر (الناصري)[13] قاضياً عليها وتطبيقه الشريعة الإسلاميّة. وكانت حجّته في ذلك أنّ أبناء طائفته يكابدون أعباءً كثيرة لقاء ذهابهم إلى المحاكم القضائيّة في بيروت أو صيدا أو طرابلس. وبعدّ تلك الفترة، أخذ البطريرك حبيش يحثّ الطلاب من أبناء ملّته، مدنيين كانوا أم روحيين، على تعلّم الفقه الإسلاميّ وأصول القضاء شرط عدم تعارضها مع العادات والشرائع المسيحيّة[14].

  • إختيار البطريرك حبيش طلاّباً موارنة لتعلّم أصول الفقه

بعد إقناع الأمير بشير الثاني بإعادة فتح محكمة غزير، أراد البطريرك حبيش تأمين شبّان موارنة لتعلّم أصول الفقه الإسلاميّ والقضاء، بهدف العمل بها، ولكي يصبحوا مستندين في أحكامهم على الفقه الإسلاميّ الذي بات المرجع الوحيد في الأحكام. فخلال العام 1837، برز اسم بشارة الخوري[15]، الذي راودته فكرة تعلّم أصول الشريعة وحلم تسلّمه منصب القضاء. فتوسّل الخوري إلى زميله في الدراسة في مدرسة عين ورقة الخوري بولس مسعد[16] (البطريرك لاحقاً) المقرّب من البطريرك حبيش، لكي يساعده في إتمام حلمه، إذ كان من الصعب جدّاً تتلمذ شبّان موارنة على أيدي قضاة من الطوائف الإسلاميّة، نظراً إلى أهمّيّة هذا المنصب. ففاوض الخوري مسعد البطريرك حبيش والأمير بشير وابنه الأمير أمين بما طلبه إليه صديقه الشيخ بشارة. وبعد مشاورات كثيرة بين البطريرك والأمير بشير، تمّت الموافقة على أن يدرس شابّان من الموارنة أصول الفقه الإسلاميّ، على حساب الطائفة، ثمّ يتولّيان في المستقبل بدورهما تدريسه إلى من يقدّمه لهما البطريرك من شبّان موارنة[17]. فكلّف البطريرك حبيش صديقاً له، يدعى الشيخ لطّوف الدحداح[18] المشهود له بعلاقته الوطيدة بحكّام ذلك الزمان، مهمّة إيجاد فقيه لتعليم الشابّين. فوافق الدحداح على طلب حبيش في 17 آب 1837، واستطاع، في بدء الأمر، الإتّفاق مع الفقيه الشيخ يونس البزري[19]، فتمّت المقابلة بين المذكورين مع الشيخ البزري في 7 تشرين الثاني 1837، واتُّفق على أن يدرّس الشيخ البزري كلّا من بشارة الخوري وزميل له لم يكشف حينها عن اسمه علم الفقه، بالاعتماد على ثلاثة كتب قانونيّة هي: “كتاب الكنز”، و”الدرّ المختار” وكتاب آخر لم يذكره بشارة الخوري[20].

طلب القاضي أجراً بقيمة 5000 قرش عن كلّ تلميذ، على أن يبدأ التعليم اعتباراً من 28 كانون الأوّل 1837[21]. فأرسل لطّوف الدحداح في 7 تشرين الثاني 1837، إلى البطريرك حبيش يعلمه بمقابلته وبشارة الخوري القاضي البزري، الذي طلب بداية 6500 قرش تُدفع سلفاً ونقداً، وقدّر ذلك عند نهاية الدراسة فيكون المجموع 13 ألف قرش، لكنّه عاد وخفّضها إلى 5000 قرش عن التلميذ الواحد، لقاء تعليم أصول الفقه مدّة ساعتين يوميّاً وبشكل سرّي وفي خلوة إذ كان يخشى القاضي أن يعلم أبناء طائفته بأمره وتسقط عدالته، لأنّ علم الفقه الإسلاميّ، كان حينها يعدّ علماً خاصاً للمسلمين، ومن غير المقبول تعليمه لغير المسلمين. فوافق الشيخ البزري على تعليم شابّين، الأوّل وهو بشارة الخوري، أما الثاني فكشف عن اسمه لاحقاً وهو الشمّاس حبيب الخوري البتدينيّ[22] الذي قدّمه، على الأرجح، الأمير بشير، إذ إنّ أمّه كانت وصيفة الأميرة حسن جهان[23] زوجة الأمير الثانية[24].

لكنّ القاضي البزري سرعان ما اعتذر خوفاً من شيوع أمره وسقوط شأنه. فراجع الشيخ بشارة الخوري مفتي بيروت أحمد الغرّ[25] علّه يقبل بتعليمه، فرفض طلبه أيضاً. وبعد مشاورات ومداولات بهذا الشأن بين الشيخ بشارة والدحداح من جهة، والشيخ البزري وزملائه من جهة ثانية، اقترح الأخير استقدام ابن خاله من صيدا الشيخ عبد القادر جمال. بيد أنّ المذكور اعتذر أيضاً عن تنفيذ المهمّة. فراسل بشارة البطريرك بتاريخ 5 شباط 1838 مُعلماً إيّاه بكلّ تلك التفاصيل[26]. وسرعان ما بدّل الشيخ البزري رأيه، ووافق على تدريس أصول الفقه للشابّين المارونيين، ذلك بعد توسّط الأمير أمين ابن الأمير بشير الشهابيّ. لكنّه اشترط عليهم ثلاثة أمور:

  • أن يستأجر البطريرك له مكاناً لإقامته خارج بيروت، ليسكن فيه مع عائلته. وفي الوقت عينه يمكنه تعليم بشارة الخوري وزميله العلوم القضائيّة اللازمة سرّاً وبعيداً عن أعيُن الناس؛
  • أن يوهم الشابّين بأنّ إقامتهما في بيروت هي لتعليم الأولاد علم النحو، ذلك بهدف عدم كشف أمره بأنّه يعلّمهما علم الفقه؛
  • أن يزاد أجره عمّا  كان قد طلبه، بقيمة خمسة أكياس، (قيمة الكيس 500 قرش).

وبعد تقديم شروطه، تمّ ترتيب مكان لسكنه. وقد تمكّن بشارة الخوري من دفع مبلغ 1000 قرش له سلفاً. ووجّه الخوري مرسوم البطريرك حبيش إلى زميله يوحنا حبيب يأمره بحضوره إلى بيروت، بعد أن رتّب غبطته مكاناً لسكنهما متحمّلاً كامل المصاريف[27]. وفي 19 شباط 1838 أعلم الخوري البطريرك حبيش بمجريات تلك الأمور. وبعد قبول الطرفين تلك الشروط، وقّع كلّ من بشارة الخوري ويوحنّا حبيب صكّاً في 24 آذار 1838، عاهدا بموجبه على تعليم الفقه لأبناء الطائفة المارونيّة من دون غيرهم إلّا بإذن من البطريرك وبأجر بسيط. واعترفا بجميل البطريرك وأساقفته وبعض أعيان الطائفة الذين أمّنوا مصاريفهما العلميّة والمعيشيّة[28].

وما إن بدأ الشيخ البزري بتعليم التلميذين، حتى آلمه مرض شديد ألزمه ترك التعليم، وبات طريح الفراش. وما هي إلاّ أشهر قليلة حتى وافته المنيّة في 20 حزيران 1838 مضيّعاً على الشابين حلمهما، بالإضافة إلى مبلغ 1750 قرشاً كان قد قبضه سلفاً[29]. قام بعدها بشارة الخوري بالتفاوض مع مفتي بيروت الشيخ أحمد الغرّ، طالباً إليه تدريسه هو ورفيقه أصول الفقه. وحين لم ينل مبتغاه، حاول مقابلة الشيخ عبد القادر جمال في صيدا، بيد أنّ الحجر الصحيّ، بسبب الطاعون، حال دون ذلك. فعاد للتفاوض مع المفتي الغرّ. وبعد إلحاحه عليه، وافق الأخير، وأعطى الشابين بعض الدروس الفقهيّة. لكنّه سرعان ما بدّل رأيه، فصمّم على إبعادهما خوفاً من افتضاح أمره، إذ إنّ هذا الأمر يُعدّ عند أبناء ملّته أمراً غير مرغوب به كما مرّ آنفاً. فما إن أبعد الشدياق حبيب عن الدروس، حتى قرر زميله بشارة الخوري عدم متابعة درسه على يد المفتي، فغادرا بيروت وتوجّها إلى طرابلس[30].

بعد معرفة البطريرك حبيش بالأمر، راسل عبدالله الشبطيني، وهو أحد وجهاء الموارنة في طرابلس، وكان على صداقة قوية بمفتيها، فطلب إليه البطريرك حبيش إيجاد قاضٍ لتعليم الشابين. فخابر الشبطيني المفتي الذي تواصل مع القاضي الشيخ محمد أعرابي الزيلع. وبعد مفاوضات متكرّرة، وافق الزيلع على تعليم الشابين مقابل أجر شهري بقيمة 225 قرشاً وتقديم بيت له في أثناء فترة الدروس في حيّ إسلاميّ. وبعد إتمام الأمر، أعلم بشارة الخوري في 2 كانون الثاني 1839 البطريرك حبيش بما جرى[31].

مكث حبيب والخوري في طرابلس منكبّين على تعلّم الفقه حتى 13 تموز 1839، تاريخ حيازتهما إجازة في الفقه الإسلاميّ، بعد حضورهما يوميّاً حصة دراسيّة عند القاضي الزيلع. فتكون مدّة دراستهما في طرابلس سبعة أشهر، خلافاً لما يشير إليه المطران يوحنّا حبيب بخط يده أنّ مدة دراسته وزميله الخوري دامت تسعة أشهر، ولعلّه لم يحتسب المدّة جيداً[32]. وحرّر الشيخ الزيلع شهادتين في علم الفقه لكلّ من يوحنّا حبيب وبشارة الخوري في 13 تموز 1839[33]، بعد أن قام البطريرك وبعض من أساقفته ورؤساء الرهبنات المارونيّة وبعض من أعيان الطائفة والأمير بشير الثاني بتغطية كامل مصاريف تعليمهما وإقامتهما والتي بلغت 10246 قرشاً[34].

في أواسط آب 1839[35]، أعلم الخوري القاضي أرسانيوس الفاخوري[36] البطريرك حبيش، بأنّ كاتبه الشدياق جرجس يمّين قد أخذ عطلة، وصعب عليه إتمام المعاملات القضائيّة بمفرده لكثرتها، فطلب تعيين شخص مكان يمّين[37]. وفي تلك الأثناء، تبودلت الرسائل بين الأمير أمين نجل الأمير بشير الشهابيّ، والبطريرك حبيش بشأن تسليم الشابّين مهامهما. وبعد اتّفاقهما صدر أمر الأمير أمين بتعيين يوحنّا حبيب قاضياً في محكمة غزير مع الخوري أرسانيوس الفاخوري، وبشارة الخوري في محكمة بيت الدين بحجّة احتياج الأمير بشير إليه[38]. فأرسل البطريرك حبيش بتاريخ 9 تشرين الثاني 1893، أمر الأمير أمين إلى يوحنّا حبيب وبشارة الخوري. وذكّر غبطته بأن المذكورين قد حرّرا، قبل توجّههما لدراسة علم الفقه، سنداً على نفسيهما بأن يعلّما الراغبين من أبناء الطائفة أصول الفقه مقابل أجر بسيط. وفي حال امتنعا عن ذلك، سيكونان ملزمين دفع كلّ ما أنفقته عليهما البطريركيّة في أثناء دراستهما. وبما أنّ حبيب بات معاوناً للفاخوري، فقد صعب عليه تعليم أبناء الطائفة أصول الفقه، فطلب حبيش إلى الأمير بشير إعفاء بشارة الخوري من مهمّته في محكمة بيت الدين، لكي يتسنّى له تعليم تلاميذ الطائفة الذين يقدّمهم له غبطته، فرفض الأمير. ثم عاد غبطته وطلب إليه السماح للقاضي الخوري، تعليم المتقدّمين للقضاء في محكمة بيت الدين وفي الوقت عينه يظلّ في خدمته، فوافق الأمير. وتولّى الخوري تعليم الخوري يوحنّا الحاج[39] (البطريرك لاحقاً) والخوري بطرس منصور السقيّم (البطحاوي) أصول الفقه تنفيذاً لأوامر غبطته[40].

لقد ساهم الأمير بشير بحصّة من نفقات تعليم حبيب والخوري أصول الفقه الإسلاميّ، ما طرح عليّ تساؤلات بداية عن السبب الذي دفعه إلى هذا الأمر. هل دفع إنطلاقاً من محبته للطائفة وصداقته مع البطريرك حبيش؟ هل لغايات خاصة؟…

هدف الأمير من وراء تعليم الشابين أصول الفقه إلى محاولته السيطرة على أحد منهما، وهكذا بالفعل قام الأمير وعيّن بشارة الخوري قاضياً في محكمة بيت الدين، ولم يُجب على طلب البطريرك حبيش إعفاءه، وهذا خير دليل على نيّة الأمير التمسّك بالقاضي الخوري، وربّما أيضاً كان يمرّر أحكاماً تصبّ في خدمته.

  •  مزاولة يوحنا حبيب وبشاره الخوري مهنة القضاء

بدأ حبيب مهمّته القضائيّة في أواخر صيف 1839، وغالباً ما كان يتنقّل بين قرى متعدّدة نذكر منها غزير، دلبتا، صربا، بكفيّا، برمّانا وسواها، حاملاً معاملات الناس القضائيّة وحاكماً فيها. ومع نهاية العام 1842 أصيب بحمّى أجبرته على ترك منصبه استثنائيّاً[41]، ليعود إليه في 10 أيّار 1844، وهذه المرّة مع الخوري يوحنّا الحاج، بعدما أمرهما البطريرك حبيش والقائمقام حيدر أبي اللمع[42] لكنّهما كانا يحكمان في دعاوى الناس خارجاً عن المحكمة. وهكذا استمرّ الحبيب في وظيفته حتى العام 1855 تاريخ اعتزاله القضاء، ليتفرّغ بعدها لأمور الدين. وقد توفّي العام 1894 بعد تأسيسه جمعيّة المرسلين اللبنانيّين الموارنة[43].

مع بداية شهر كانون الأوّل 1842، أصدر حاكم جبل لبنان عمر باشا النمساويّ[44] أمراً قضى بإقالة الخوري بطرس السقيّم (البطحاوي) من محكمة غزير لعدم كفايته، وتعيين الخوري أرسانيوس الفاخوري مكانه كمعاون للخوري يوحنّا حبيب، في تدبير القضايا الشرعيّة وحلّها في مقاطعة جبل لبنان. واشترط سعادته أن تطبّق الأحكام بموجب العدل والحقّ والإنصاف، وأن يبتعد الإثنان عن حبّ الذات والطمع والميل بين الرعايا. ورتّب لكلّ منهما مبلغ خمسة آلاف قرش لقاء أتعابهما[45]. بقي الخوري أرسانيوس الفاخوري فيها حتّى العام 1852[46].

أمّا الشيخ بشارة الخوري، فقد زاول مهنته كزميله بدءاً من صيف 1839. وعلى الرغم من الأحداث التي شهدها جبل لبنان، والتغييرات السياسيّة والإداريّة، فقد بقي الخوري في محكمة بيت الدين عدّة سنوات، حالّاً قضايا المواطنين. توفي العام 1886[47].

ومع وفاة البطريرك حبيش سنة 1845، أفلت مرحلة من التنظيم القضائيّ، وظهرت مرحلة جديدة. فكان القضاء خلال العهد الشهابي أرستقراطياً بمعنى أنّ المشايخ والأمراء كان لهم وحدهم الحقّ بالفصل في القضايا الجزائيّة، ورجال الدين لهم حقّ الفصل في قضايا الأحوال الشخصيّة، والأمير الحاكم كان المرجع الإستئنافي الوحيد، وبالتالي كان القضاء والإدارة غير منفصلين. فمع ظهور نظام القائمقاميتين، وتحديداً بعد ترتيبات شكيب افندي[48] سنة 1845، أنشئ في كلّ قائمقاميّة مجلس إستشاريّ كانت مهمّته معاونة القائمقام في الحكم، وهو يستقلّ بفصل القضايا الخاصّة والعامّة، طبقاً للتقاليد القديمة والنصوص الدينيّة لدى كلّ طائفة. وكان القائمقام يرئس المجلس ويشرف على أعماله، وتألّف المجلس من قاض ومستشار من كلّ من الطوائف الآتية؛ السنّية، والدرزيّة، والمارونيّة، والأرثوذكسيّة، والكاثوليكيّة، ومن مستشار شيعيّ واحد لأنّ القاضي السنّي يمثّل الشيعة أيضاً. يتمّ انتخابهم من قبل رؤسائهم الروحيين، وتعرض النتائج على مشير صيدا فيوافق عليها ويثبّت الإنتخاب، وكانت الدعاوى تعرض أولاً على القائمقام، فيحوّلها إلى مستشار أو قاضي طائفة المدّعي، وفي حال تعذّر إيجاد الحلّ، كان القائمقام يسعى لإحلال التوافق بين المتخاصمين، وفي الحالات الصعبة تحال القضيّة إلى الوالي، وغالباً ما نشأت بعض المنازعات بسبب هويّة المدّعين وانتمائهم إلى طائفتين وقائمقاميتين وتدخّل القائمقامين، إضافة إلى أنّ المعاملات كانت كثيرة التعقيد خاصّة في مثل الحالة الآنفة الذكر[49]. فمع الترتيبات الجديدة، تضاءلت سلطة رجال الإقطاع لصالح مجلس القائمقاميّة[50]. لكن وبالرغم من كلّ ذلك، فقد ظلّ القضاء قضاءً دينياً، وكانت البلاد متعدّدة الطوائف، لكلّ منها قضاة من أبنائها، طبّقوا تقاليد طوائفهم والشرائع الدينية.

وخلاصة القول أنّ البطريرك حبيش كان همّه تعليم شبّان موارنة أصول الفقه وتمرّسهم في هذه المهنة، ورأينا كيف سعى جاهداً لإعطاء القضاء المارونيّ أهميةً. فقد أقنع غبطته الأمير بشير بإعادة فتح محكمة غزير وما ترتّب عن ذلك في ما بعد من تعيين قضاة موارنة فيها. وقد أكمل مسيرة سلفه البطريرك يوحنا الحلو في المجال القضائيّ[51]، خاصة في ما يتعلّق بتشجيع شبّان موارنة على دراسة القضاء، ففي عهد خلفه برز كل من المطران يوسف اسطفان المتوفي سنة 1823، والأب خيرالله الذي تناولت صلاحياته المنطقة الواقعة بين المعاملتين وطرابلس، أمّا في عهده، فبرز المطران بطرس كرم، الأب إرسانيوس الفاخوري، جرجس يمّين والأب يوحنا حبيب والأب يوحنا الحاج[52]. وتميّز عهده بحركة قضائيّة ناشطة، انطلاقاً مما ذكرته وبتعاون بين السلطتين الروحية والزمنية المتمثّلة بالأمير بشير الثاني وبالإقطاعيين، وبضبط للأمن وإحلال للعدل. لكن بعد رحيل الأمير بشير الثاني وما آلت إليه البلاد، تغيّر الوضع القضائيّ في الجبل، فوُضع تنظيم قضائيّ جديد، فهذا الأمر ربما لم يسمح لخلفه البطريرك يوسف الخازن[53] بأن يسير على خطى سلفيه البطريرك حبيش والبطريرك الحلو، فخلال بطريركيته 1845-1854، توقّف تعليم الفقه الإسلاميّ للموارنة، نتيجة عودة النظام القضائيّ القديم، ناهيك عن أزمة قضائيّة شابت عهده، إذ طلب المجمع المقدس سنة 1851 تنحية القاضي أرسانيوس الفاخوري من محكمة بعبدا متّهماً إيّاه بأخذه الرشوة، فامتثل البطريرك والفاخوري للأوامر وتنحّى الأخير، وظلّت المحكمة شاغرة من قاض ماروني لأشهر عديدة ما أدّى إلى انتشار الفوضى، إلى أن صدر القرار بتنصيب الخوري القاضي يوحنا الحاج سنة 1852 مكانه في محكمة القائمقاميّة المسيحيّة[54]. واستمر في مهمّته قاضياً رسميّاً في المحكمة حتى العام 1861 تاريخ رسامته أسقفاً[55].


[1] الدكتور روني سمعان خليل، أحد أساتذة مادة التاريخ في الجامعة اللبنانية وفي معهد القديس يوسف عينطورة.

[2]– إعتمد القضاة الموارنة في أحكامهم على سبيل المثال على كتاب “الشريعة” وكتاب “الفتاوى” وكتاب “الهدى” وبعض النصوص المأخوذة من الشريعة الإسلاميّة وغيرها من المراجع القانونيّة. جوزف أبو نهرا، الإكليروس والملكيّة والسلطة في تاريخ لبنان الإجتماعيّ والإقتصاديّ، دار النهار، بيروت، 2007، ص 133-135.

[3]– الخوري يوسف زياده، القضاء الماروني وعلاقته بالشرع الرومانيّ، مطبعة المرسلين اللبنانيين، جونيه، 1929، ص 4.

[4]– لحد خاطر، الشيخ بشارة الخوري الفقيه 1805-1886، دار لحد خاطر، ط2، بيروت 2004، ص 49.

[5]– ولد العام 1756. تسلّم حكم الجبل العام 1790 حتى العام 1792. توفي سنة 1801. حيدر أحمد الشهابي، لبنان في عهد الأمراء الشهابيين، ط2، عني بضبطه ونشره وتعليق حواشيه ووضع مقدّمته وفهارسه أسد رستم وفؤاد افرام البستاني، منشورات المكتبة البولسيّة، بيروت ـ جونيه، 1984، ق1، ص 163، ق2، ص 356؛ وإيليا حريق، التحوّل السياسي في تاريخ لبنان الحديث، الدار الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت، 1982، لا ذكر للصفحة، جدول في آخر الكتاب بأسماء الحكام الشهابيين.

[6]– إستلم الحكم في الجبل من العام 1790 حتى سنة 1792. توفي سنة 1813. حيدر أحمد الشهابي، المصدر نفسه، ص 163، و 590.

[7]– عزل والي عكا أحمد باشا الجزار الأمير بشير الثاني نظراً لتعاظم المعارضة الداخلية ضدّه ولهزيمته أمام ضرباتهم القتالية وثبّت الأميرين حيدر وقعدان مكانه. الأمير حيدر أحمد شهاب، تاريخ أحمد باشا الجزار، نشره ووضع مقدمته وحواشيه وفهارسه وألحقه بذيل تاريخي الأب أنطونيوس شبلي اللبناني والأب اغناطيوس عبده خليفه اليسوعي، مكتبة أنطوان، 1955، ص 416 – 428.

[8] – ولد بشير الشهابي الثاني في غزير في 6 كانون الأول 1767. تولّى الحكم في جبل لبنان بين 1788 و1840. تحالف مع محمد علي باشا بين 1831 و1840. نفي إلى مالطا، وتوفي العام 1850. نقلت رفاته إلى لبنان العام 1948.

Henri GUYS, La nation Druze, son histoire, sa religion, ses mœurs et son état politique, librairie chez France, Paris, 1863, p. 153                                                                  وسليم خطار الدحداح، ترجمة الأمير بشير الشهابي الكبير المعروف بالمالطي، نبذة تاريخية، د. ن، بيروت، 1969، ص 7-27.

[9] – من بيروت، تلميذ المدرسة المارونيّة في روما، ثمّ نائب بطريركي للطائفة فيها سنة 1784 أيام البطريرك يوسف إسطفان الذي رقّاه أسقفاً على أبرشيّة دمشق. وبعد سنتين جعله نائباً روحياً له. بعد وفاة البطريرك فيليبوس الجميّل (1795- 1796)، انتخبه المطارنة بطريركاً في 28 نيسان 1796. تنازل عن البطريركيّة سنة 1809 متنسّكاً في دير القديس يوحنا مارون كفرحي ودير قنّوبين. توفي سنة 1820 ودُفن في قنوبين. المطران يوسف الدبس، الجامع المفصّل في تاريخ الموارنة المؤصّل، ط4، تقديم الأب ميشال حايك، دار لحد خاطر، بيروت، 1987، ص 357-359.

[10] – ولد في بلدته غوسطا، إنضوى إلى الرهبنة الأنطونية ورقّي إلى درجة القسيس، ثم سيم أسقفاً على مطرانية عكا العام 1787، وجعله البطريرك يوسف إسطفان نائباً له في الأمور الزمنية. بعد استقالة البطريرك يوسف التيّان، انتخب بطريركاً في 8 حزيران 1809. توفي في 12 أيار 1823 ودفن في دير قنّوبين. المطران يوسف الدبس، الجامع المفصّل…، ص 359 و360.

[11] – ولد في ساحل علما العام 1787، تلميذ مدرسة عين ورقة، سيم كاهنا العام 1814 وأسقفاً على أبرشية طرابلس العام 1820. انتخب بطريركاً في العام 1823، توفي في العام 1845. روني خليل، البطريرك يوسف حبيش عصر التحولات الكبرى 1823- 1845، سلسلة موارنة في التاريخ، ج1، 2017.

[12]– إنّ تاريخ ولادته غير محدد. أصبح قاضياً في دير القمر العام 1808. ساءت العلاقات بينه وبين الأمير بشير، فأمر بقتله العام 1819. محمد خليل الباشا، معجم أعلام الدروز، ط1، مج 2، الدار التقدّمية، المختارة، 1990، ص 287. . إشارة إلى أنّ لقب شيخ كان يُطلق على ذوي المكانة من علم وفضل ورئاسة، وهو يشير إلى علو المنزلة في السلّم الإجتماعي العربي إضافة إلى المعنى الديني لدى المسلمين. قاسم الصمد، “ألقاب المسلمين والمسيحيين ونعوتهم في سجلاّت المحكمة الشرعية في طرابلس 1800 – 1850″، العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في بلاد الشام، خلال المرحلة العثمانية (من القرن السابع عشر الى القرن التاسع عشر ميلادي)، معطيات وثائق المحاكم الشرعيّة في مدن حلب، بيروت، دمشق وطرابلس، أعمال مؤتمر آذار 2004 في جامعة البلمند، ص 184 و185، 187.

[13]– يهودي الأصل، قدم من الناصرة إلى لبنان وتنصّر باسم يوحنا. درس في مدرسة عين ورقة، ودرس بعدها أصول الفقه. تولّى القضاء للنصارى في لبنان. إرتسم مطراناً على الناصرة ودُعي باسم جبرايل في 30 كانون الثاني 1820. توفي في غزير سنة 1838. الأب ابراهيم حرفوش، “الثمرة المجنية في تاريخ تأسيس وتجديد جمعية الرسالة اللبنانية في مدرسة عينطورا المارونية ودير الكريم”، ترجمة المطران جبرايل الناصري، مجلة المنارة، العدد 5، السنة 1939، ص 355- 364.

[14]– جوزف أبو نهرا، المرجع السابق، ص 135-138. 

[15]– ولد العام 1805 في رشميا. تلّقى دروسه في مدرسة القرية، ثم دخل مدرسة عين ورقة ثلاث سنوات وخرج منها في كانون الأول 1829. درّس في مدرسة دير مار أنطونيوس بعبدا، ثم انتقل إلى مدرسة دير المخلّص في جون للمهمة نفسها، وبقي فيها نحو أربع سنوات. درس علم الفقه تولّى منصب القضاء في محمكة بيت الدين. توفي العام 1886. لحد خاطر، الشيخ بشارة الخوري الفقيه 1805-1886، ص 23-55، 171.

[16] -ولد في عشقوت العام 1806، تعلّم في مدرسة عين ورقة، أرسله البطريرك حبيش إلى مدرسة البروبغنداه في روما لمتابعة تحصيله العلمي، سيم كاهناً العام 1830، عيّنه بعدها البطريرك حبيش كاتباً له وسامه أسقفاً العام 1841. إنتخب بطريركاً سنة 1854 بعد وفاة البطريرك يوسف راجي الخازن. توفي العام 1890. لويس شيخو، “مناعي آل الوطن في أثناء الحرب”، مجلة المشرق، شباط 1950، ص 84؛ المطران يوسف الدبس، الجامع المفصّل، ص 363 و 364.

[17]– لحد خاطر، المرجع نفسه، ص 52 و53.

[18]– ولد العام 1802، وتوفي العام 1852 في سهل جبيل ودفن في الكفور. طنّوس الشدياق، أخبار الأعيان، ج1، ص 102.

[19]– أصله من الأسرة الحسينية من صيدا، انتقل بعض أفرادها إلى قرية برجا. برز فيها فقيهان هما الشيخ أحمد الذي عيّنه الأمير بشير قاضياً بعد الشيخ شرف الدين، والشيخ يونس الذي كان في دمشق أولاً ثم جاء إلى بيروت وعيّنه الأمير بشير قاضياً فيها. توفي العام 1938. جوزف أبو نهرا، “يوحنا حبيب الفقيه والقاضي”، مجلة المنارة، عدد خاص، السنة 35، عددان 1 و2، 1994، ص 92.

[20]– لحد خاطر، الشيخ بشارة الخوري الفقيه، ص 54، و61.

[21]– أرشيف بكركي، خزانة البطريرك حبيش، جارور 13، وثيقة رقم 5016، رسالة من لطّوف الدحداح إلى البطريرك حبيش في 7 تشرين الثاني 1837؛ وجوزف أبو نهرا، المرجع نفسه، ص 77.

[22]– ولد في بيت الدين في أواسط تشرين الأول 1816. تلقّى علومه في مدرسة عين ورقة. سيم كاهناً في 5 نيسان 1841. درس القضاء وتولّاه مدة 16 سنة. أنشأ جميعة المرسلين اللبنانيّين العام 1865، سيم أسقفاً على الناصرة. توفي في 4 حزيران 1894. الأباتي بطرس فهد، بطاركة الموارنة وأساقفتهم القرن 19، ج1، ص 384؛ والأب يوحنا العنداري، المطران يوحنا حبيب رئيس أساقفة الناصرة شرفاً مؤسّس جمعية المرسلين اللبنانيّين الموارنة، لا دار نشر، 1980، ص 17-65؛ و “المطران يوحنا حبيب بخط يده”، المنارة، عدد خاص، السنة 35، 1994، ص 13 – 22.

[23]– ولدت العام 1816، اسمها فارسيّ يعني جمال الدنيا. هي من بلاد الشركس الواقعة بين البحر الأسود ونهر كوبال والقوقاز. تزوجها الأمير بشير الثاني العام 1833 بعد أن تعمّدت. وهي الزوجة الثانية له بعد وفاة شمس. رافقته في كلّ مراحل حياته. توفّيت في برج البراجنة العام 1875. رياض حنين، حسن جهان، دار المكشوف، بيروت، 1975.

[24]– لحد خاطر، المرجع السابق ص 53 و54.                    

[25]– ولد العام 1783. برع في العلوم الشرعية حتى عيّن قاضياً في بيروت. ثم تولّى وظيفة الإفتاء العام 1824. له العديد من الفتاوى والأحكام الشرعية. توفي في بيروت العام 1857. لحد خاطر، المرجع السابق، ص 73؛ وعيسى اسكندر المعلوف، “القضاء في لبنان بزمن الأمراء الشهابيين”، مجلة المشرق، 31، كانون الثاني 1933، ص 817-820.

[26]– أرشيف بكركي، خزانة البطريرك حبيش، جارور 14 وثيقة رقم 5553، رسالة من بشاره الخوري إلى البطريرك حبيش في 5 شباط 1838؛ ولحد خاطر، المرجع السابق، ص 63.

[27]– المصدر نفسه، جارور 14، وثيقة رقم 5516، رسالة من بشارة الخوري إلى البطريرك حبيش في 19 شباط 1838.

[28]– جوزف أبو نهرا، “يوحنا حبيب الفقيه والقاضي”، المرجع السابق، ص 77.

[29]– لحد خاطر، المرجع السابق، ص 68-71.

[30]– لحد خاطر، المرجع السابق، ص 71-74.

[31]– أرشيف بكركي، خزانة البطريرك حبيش، جارور 15، وثيقة رقم 5587، رسالة من بشارة الخوري إلى البطريرك حبيش في 2 كانون الثاني 1839.

[32]– لحد خاطر، المرجع السابق ص 77 ؛ يوحنّا حبيب، “نبذة تاريخيّة، بخط يده”، مجلة المنارة، السنة 35، عددان 2 و3،  1994، ص 14.

[33]– لحد خاطر، المرجع السابق، ص 77-80.

[34]– جوزف أبو نهرا، الإكليروس والملكيّة والسلطة، ص، 150-152.

[35]– أرشيف بكركي، جارور 15، وثيقة رقم 6715، رسالة من الخوري أرسانيوس الفاخوري إلى البطريرك في 29 تشرين الأول 1832.

[36] – هو فارس الفاخوري، تتلمذ في عين ورقة ثم درّس فيها، سيم كاهنا في العام 1826. درس القضاء على يد المطران جبرائيل الناصري، ثمّ عيّن قاضياً. له عدّة تآليف في الصرف والنحو والمعاني والبيان وديوان شعر كبير. توفي العام 1883. لحد خاطر، الشيخ بشارة الخوري الفقيه 1805–1886، ط2، دار لحد خاطر، بيروت، 2004، ص 42. وثيقة رقم 6715، رسالة من الخوري أرسانيوس الفاخوري إلى البطريرك في 29 تشرين الأول 1832.

[37]– أرشيف بكركي، خزانة البطريرك حبيش، جارور 15 وثيقة رقم 5590. رسالة من الخوري القاضي أرسانيوس الفاخوري إلى البطريرك حبيش في أواسط آب 1839. غير أنّ المطران يوحنّا حبيب يشير في مقالته المنشورة، ” يوحنّا حبيب “نبذة تاريخيّة، بخط يده”، مجلة المنارة، السنة 35، عددان 2 و3، 1994، ص 15، إلى أنّ تاريخ رسالة الفاخوري المذكورة هو في آب 1840.

[38]– لحد خاطر، المرجع السابق، ص 81 و82.

[39] – ولد في دلبتا ـــ كسروان في 1 تشرين الثاني 1817، درس في مدرسة عين ورقة. سيم كاهناً العام 1839 باسم يوحنّا، درس بعدها علم الشرع والفقه، وتسلّم مهنة القضاء من العام 1844 إلى 1861 تاريخ سيامته الأسقفية على أبرشية بعلبك. إنتخب بطريركاً العام 1890. توفي العام 1898. روني خليل، البطريرك يوحنا الحاج 1817-1898، رسالة ماجستير في التاريخ، الجامعة اللبنانيّة، 2009.

[40]– أرشيف بكركي، خزانة البطريرك حبيش، جارور 15، وثيقة رقم 5585 و 5586، رسالة من البطريرك حبيش إلى يوحنا حبيب وإلى بشارة الخوري في 9 تشرين الثاني 1839.

[41]– المصدر نفسه، جارور 19، وثيقة رقم 7030 (2)، رسالة من يوحنا حبيب إلى البطريرك حبيش في نهاية 1842.

[42] – ولد العام 1787 في بلدة صليما قاعدة المتن. والده الأمير اسماعيل من أشهر أمراء عصره. والدته مسيحيّة متديّنة، فنصّرته ودعته الياس في العماد. تولى إقطاع أجداده في المتن والقاطع عدة سنوات. أدى دوراً مهمّاً في عامية أنطلياس العام 1840، فناصر الثوار. عُيّن قائمقاماً للقائمقامية المسيحية العام 1842. توفي في 11 أيار 1854. عبدالله الملاح، المجلس الإداري الأول في متصرفية جبل لبنان 1861، لا دار نشر، 2004، ص 67؛ وابراهيم أبو سمرا غانم، أبو سمرا غانم 18021895، ط3، دار لحد خاطر، بيروت، 2007، ص 102؛ يوسف مزهر، تاريخ لبنان العام، ج1، لا دار نشر، لا تاريخ، ص 578.

[43]– الخوري منصور الحتّوني، “ترجمة الطيّب الذكر البطريرك يوحنّا الحاج”، مجلة المنارة، السنة 39، العدد الأوّل، 1998، ص 14.

[44]– ولد في كرواتيا. مسيحيّ الأصل. كان اسمه Michael LATAS. إعتنق الإسلام والتحق بخدمة السلطان عبد المجيد. تابع دروساً عالية مدنيّة وعسكريّة.حارب ابراهيم باشا. وبعد إقالة الأمير بشير الثالث عيّنته السلطنة حاكماً على جبل لبنان في 15 كانون الثاني 1842 تم أقالته في 7 كانون الأول من العام نفسه. تعيّن بعدها والياً على بغداد ووزيراً ومشيراً حتّى تاريخ وفاته العام 1871. جرجي زيدان، تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر، ط2، ج1، مطبعة الهلال، مصر، 1910،  ص 180 و181؛ و

Karam RIZK, Le Mont-Liban au XIXe siècle, de l’Emirat au Mutasarrifiya. Tenants et aboutissants du Grand-Liban, Jounieh, Kaslik, 1994, p. 11.                                                             

[45]– أرشيف بكركي، خزانة البطريرك حبيش، جارور 23، وثيقة رقم 8589، رسالة من عمر باشا النمساويّ إلى البطريرك حبيش في كانون الأوّل 1842.

[46]– جوزف أبو نهرا،”المطران يوحنا حبيب الفقيه والقاضي”، مجلة المنارة، السنة 35، عددان 2 و3، 1994، ص 85-87.

[47]– لحد خاطر، المرجع السابق، ص 171.

[48]– سفير بلاده في لندن، وقّع معاهدة 15 تموز 1840 مع إنكلترا وروسيا والنمسا وبروسيا، فكافأته دولته وجعلته ناظراً للخارجية، إشتهر بدهائه. فيليب وفريد الخازن، مجموعة المحررات السياسيّة والمفاوضات الدولية عن سوريا ولبنان، ط 2، سنة 1984، المجلّد الأول من سنة 1840 الى سنة 1860، لا دار نشر، ص 205.           

[49]– وجيه خوري، “القضاء في لبنان على عهد الحكم الإقطاعي”، المشرق، السنة 31، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1933، ص 360 – 365.

[50]– ألكسندر أبي يونس، دور البطريرك الماروني يوسف راجي الخازن 1845-1854 في تاريخ القائمقاميتين، من خلال محفوظات بكركي، أطروحة دكتوراه بإشراف الدكتور عبدالله الملاح، الجامعة اللبنانية، بيروت، 2010، ص، ص 243.

[51]– الأباتي بطرس فهد، بطاركة الموارنة وأساقفتهم القرن 19، ج1، دار لحد خاطر، بيروت 1986، ص 147.

[52]– وجيه خوري، المرجع السابق، ص 88.

[53]– من عجلتون ولد سنة 1791. درس في مدرسة عين ورقة، سيم كاهناً سنة 1814، رقّاه البطريرك يوسف حبيش إلى الدرجة الأسقفية في 6 نيسان 1830. وبعد وفاة البطريرك يوسف حبيش في 23 أيار 1845، اجتمع الأساقفة في دير ميفوق وانتخبوا المطران يوسف راجي الخازن بطريركاً في 18 آب 1845. توفي في 3 تشرين الثاني 1854 ودفن في قنوبين. ألكسندر أبي يونس، المرجع السابق، ص 22.

[54]– ألكسندر أبي يونس، المرجع السابق، ص 244- 249.

[55]– الخوري منصور الحتّوني، “ترجمة الطيّب الذكر البطريرك يوحنّا الحاج”، مجلة المنارة، السنة 39، العدد الأوّل، 1998، ص 14.

Scroll to Top