Almanara Magazine

«حراك من نوع آخر»

الأب مارون مبارك م.ل.

يشهد زمننا «حراكات متعدّدة» نبعت من معاناة الناس لفقدان العدل وغياب النظام وهضم الحقوق وضياع «قضيّتهم». فالحراك «نهضة وجدانية» يلتئم حولها من يشعر بحاجاتها، ومن يسعى إلى النموّ والتطوّر. يتخذ التجمّع وسيلة والكلمة سلاحاً والتضامن قوة والاستمراريّة جهاداً. يطالب بالحقوق وينادي بالواجبات؛ يدعو إلى التحرّك ويحدّد المسؤوليات؛ فمعه تهتز المشاعر وتعي الضمائر، فتبدأ المسيرة دون هوادة.

كما في الوطن كذلك في الكنيسة، يولد «حراك من نوع آخر»، وهو «دعوة إلى التجدّد» بالعودة إلى البحث بالعمق لاستكشاف مخطّطات الله والدخول في «سرّه العظيم» لإدراك مرماه غير الموصوف.

إنّها عمليّة «حسن التمييز» التي تتحلّى بها الكنيسة لتنهل من معين دعوتها نداءات جديدة ومتجدّدة يلهمها إليها الروح القدس فتلتزم طُرُق الربّ الخلاصيّة في مواكبة مسار البشريّة نحو الملكوت. فبقدر ما نغوص في عمق السرّ نسمو في معرفة الحق والبرّ. هذا ما خبرته الجماعات المسيحيّة، ومنها الجماعات المكرّسة الرهبانيّة، عبر «تساؤلاتها حول رسالتها ومآلها» وخياراتها المتنوّعة والملائمة لدعوتها ولحاجات عصرها. ثمرة هذا التمييز الروحي ولّدت جسماً رسوليًّا يشكّل امتداداً لرسالة المرسلين اللبنانيّين الموارنة الذين يحتفلون باليوبيل المئة والخمسين سنة لتأسيس جمعيّتهم، وهم يسرّون في العناية به، ألا وهو «العائلات الكُريميّة».

حركة الروح القدس

«العائلات الكريميّة» تسمية يفخر المرسلون اللبنانيّون الموارنة بإطلاقها على التجمّعات والحركات والمنظمات والرابطات المنبثقة عن مؤسّسات جمعيّتهم، والمرتبطة بارشاد آباء الجمعيّة، والتي «تستقي معها من نبع الكلمة الإلهيّة، أي الإنجيل، حياتها، وتستشفّ من عبير الكنيسة رونقها. وتنفتح على روح الله لتحيا رسالتها»[1].

لقد لمعت الفكرة إثر مشاركة قدس الأب خليل علوان، الرئيس العام الأسبق، في لقاء تجمّع الرؤوساء العامين في مدينة روما، حيث تباحث المجتمعون بدور العلمانيّين في الإسهام برسالة الحياة المكرّسة الرهبانيّة، فاستعادوا في مداخلاتهم ما أجمع عليه آباء المجمع الفاتيكاني الثاني وآباء السينودس من بعدهم، «كيف استمرّ الروح القدس في تجديد الكنيسة، مستحدثاً فيها طاقات قداسة جديدة، بمساهمة الكثيرين من المؤمنين العلمانيّين»[2]. وهنا بدأ الانفتاح أكثر فأكثر على دور العلمانيّين في مشاركتهم «المسؤولة في رسالة الكنيسة، الرامية إلى إعلان إنجيل المسيح»[3]. وهذا ما كان قد أثنى عليه قداسة البابا بيوس الثاني عشر مؤكّداً بالقول: «إنّ المؤمنين، ولا سيّما العلمانيّين منهم، هم أكثر من غيرهم، في الحط الأمامي من حياة الكنيسة. والكنيسة هي عبرهم، العنصر الحيوي في بنية المجتمع البشري»[4].

لقد عملت الكنيسة عبر مؤسّساتها، وبالأخصّ المؤسّسات الرهبانية على تفعيل دور العلمانيّين الحيوي، فنشأت أشكال متنوّعة «من مختلف الرابطات وجماعات العلمانيّين الخاضعين لقانون رهباني، مثل الرهبنة الثالثة»[5]، وهي تعمل جاهدة في الشهادة والخدمة، فتنشر روحانيّة الرهبنة في سبيل خدمة النفوس الخلاصيّة. ولقد تجلّى هذا الاهتمام في حراك المرسلين اللبنانيّين عبر خدمة الإرشاد الروحي الذي يشكّل وسيلة هادفة «إلى التوعية المسيحيّة وهداية المؤمنين في سعيهم إلى الكمال… ومن ثم إيقاظ حسهم الروحي ومسؤوليّتهم في سبيل اندماج حقيقي صادق في حياة الكنيسة ورسالتها»[6]. لم يتوقّف الارشاد عند هذا الحدّ، بل أخذ في تطوّر وسائله وتنوّع أوجهه يطال الجماعات على اختلاف أنواعها، المكرّسة منها والعلمانية. فنشظ المرسلون في إرشاد «مختلف الحركات والمنظمات المسيحيّة العلمانيّة» عاقدين النيّة بأن يحضنوا إيمانها ويغذّوه، وينمّوا طاقاتها الفرديّة والجماعيّة، ويطلقوها «لتكون خميرة البركة في البيئات المختلفة، والقوة الدافعة نحو تجديد المجتمع وتقديسه»[7]. واعتبر المرسلون اللبنانيّون أنّ كل صلة لهم مع تلك الجماعات، وغيرها ممن لهم معهم علاقة قربى أو صداقة أو عمل، «تُعدُّ بحق امتداداً» لحياتهم المشتركة. «هؤلاء جميعاً هم شركاء لنا في النعمة»[8]، كما يوضحون مؤكّدين في نص قوانين جمعيّتهم.

تحرّك الهمم:

انطلق العمل تحت راية «الإرشاد الروحي» الذي تمرّس في خدمته الآباء المرسلون وهم يرافقون التجمّع الكشفي في مدرسة الرسل، «أقدم العائلات الكُريميّة، (منذ 1940)؛ وقد وقّع بروتوكول تعاون بين الجمعيّة والعائلة الكشفيّة في 8 آب 2004 خلال اليوم الكريمي الذي جمع كلّ العائلات الكُريميّة في مزار سيدة لبنان – حريصا»[9]. وقد توالى هذا العمل في خدمة الإرشاد مع تجمّعات أخرى انبثقت متتالية من قلب الجهاد الرسولي الكريمي، إن في المدارس كرابطة الخريجين، وإن في الوسط الاعلامي، كعائلات صوت المحبّة وشبيبتها، وإن في النشاط الرسولي الميداني كالفريق الرسولي العلماني الكريمي ودرب السما. بناءً عليه بدأت ملامح «هذا الجسم الرسولي» الجديد تظهر، ونظراً للحاجة إلى تطويره والعمل على تنسيق العمل ضمن جهاز إدارته، أقرّ آباء المجمع العام المنعقد في تموز 2007 التوصية العشرين والتي تقضي بـ «إنشاء لجنة خاصة مكوّنة من مرشدي العائلات الكريميّة، تعمل على متابعة تلك العائلات والتنسيق فيما بينها وبين الجمعيّة، ولتفعيل القدرات البشريّة والتخصّصيّة والمهنيّة والماديّة التي تحتويها على كافة الأصعدة»[10].

تبنّى مجلس الشورى العام المنتخب في المجمع المذكور، برئاسة قدس الأب إيلي ماضي، الموضوع في رؤيته المستقبليّة وبرنامج عمله المختصّ بالحياة الرسوليّة، تحت عنوان «الرسالة مع العائلات»[11] وأوكل إلى المشير العام الرابع مسؤولية «متابعة استراتيجيات العمل الرسولي بكافة حقوله الروحيّة، الثقافيّة، الفكريّة، الاعلاميّة والعائلات الكُريميّة»[12]. وبناءً عليه بدأ العمل على جمع الشمل عن طريق دعوة ممثلين عن تلك العائلات، وانطلقت المسيرة.

ولادة وانطلاقة:

اجتهد الأب معين سابا، المشير الرابع آنذاك في حثّ الأشخاص المعنيّين على اللقاء والتباحث والتداول إلى أن أثمرت جهوده مع الممثلين عن العائلات الكُريميّة، فولد «المجلس التنسيقي للعائلات الكريميّة» في الثاني من آذار سنة 2013، وتمّ توقيع شرعة هذا المجلس في احتفال رسمي في الثالث والعشرين من شهر آذار ذاته سنة 2013. ولقد تحدّد في مقدمة هذه الشرعة الدور الذي يناط به وهو «السهر على توطيد العلاقة وتنظيم التواصل والتعاون» إذ «يتوقف نجاح هذه العائلات، إلى حدٍّ كبير، على حسن تنظيمها، والتكامل العضوي والتعاضد العملي، بعضها مع بعض ومع الجمعيّة»[13]. وعليه، تمّ حصر شروط الانتساب إلى هذه العائلات في ثلاثة:

«1- أن تكون العائلة قد نشأت في كنف الجمعيّة، وتقوم بنشاطات كنسيّة، رسوليّة، وفق أهداف الجمعيّة وروحها.

2- أن يكون مؤسّسها، أو مشارك في تأسيسها، كاهناً من الجمعيّة، وترتضي بمرشد روحي كُريمي يرافق مسيرتها ويسهر على تنشئتها الدينيّة والرسوليّة.

3- أن يوافق مجلس شورى الجمعيّة العام على شرعتها التأسيسيّة ورسومها، وعلى قبولها في عداد العائلات الكُريميّة بناءً على طلبها الخطّي الموقّع من كامل أعضاء هيئتها الإداريّة»[14].

بالاستناد إلى هذه الشروط تحدّدت «العائلات» المستوفية الشروط والمنتسبة إلى «العائلات الكُريميّة» بعدد عشرة وهي[15]:

1- عائلة الرسل الكشفيّة:

تأسّس فوج كشافة الرسل في 15 تشرين الأول 1940 بعد ثمانية أيام من تدشين معهد الرسل في جونيه. كان أول فوج كشفي عن جبل لبنان في جمعية كشافة لبنان. وهو الوحيد في هذه الجمعيّة الذي لم يعرف أي توقّف في مساره منذ تأسيسه، وذلك بفضل مرافقة الأب شلهوب المرسل اللبناني المثالية له طوال عمره ومساندة الآباء الكريميّين الكاملة، ولا سيّما قدس الأب الراحل بولس نجم في فترة غياب أبونا شلهوب عن لبنان لتأدية أعمال الرسالة في الأرجنتين وإسبانيا من خريف 1959 إلى صيف 1969.

بعد عودة الأب شلهوب نهائيًّا إلى لبنان، تمكّن على تجسيد فكرتين رائدتين في عالم التربية الكشفيّة:

الفكرة الأولى هي ربط الأجيال الكشفيّة المتعاقبة في فوج الرسل برباط عائلي عضوي، فيسهر الكبار على الأجيال الفتية.

الفكرة الثانية هي متابعة استثمار المبادئ الكشفيّة وروحانيتها مع الذين أكملوا مسارهم الكشفي الشبابي وخاضوا معترك الحياة، ما يعني إطلاق فكرة «الكشفيّة الاجتماعيّة».

فأنشأ ما أسماه هو «عائلة الرسل الكشفيّة»، التي تضم جميع أجيال فوج الرسل منذ تأسيسه، وقد وضعت أول شرعة مكتوبة للعائلة ولمجلس أمنائها في أوائل العام 1975. ثمّ انطلق التجمع الاجتماعي الكشفي بموجب علم وخبر للسلطات اللبنانية تاريخه 28 تشرين الثاني 1981. ويعمل هذا التجمع على جمع كبار الكشاف الراغبين في تجسيد مُثُلهم الكشفيّة إجتماعيًّا ووطنيًّا والتكرّس لخدمة الإنسان في لبنان. واندرج التجمّع الاجتماعي الكشفي في عائلة الرسل الكشفيّة منذ اليوم الأول لتأسيسه، فكان حبة العنقود الثانية بعد فوج كشافة الرسل.

كان من ضمن أهداف التجمّع الاجتماعي الكشفي نشر الكشفية في محيطه، فرعى، سنة 1985، تأسيس فوج كشفي على اسمه لدى جمعية كشافة لبنان (تحت اسم الفوج الكشفي للتجمّع الاجتماعي الكشفيّ)، وانضمّ هذا الفوج بدوره إلى عائلة الرسل الكشفية ليكون الركن الثالث فيها. عام 1990، تأسّس فوج دليلات الرسل، التابع لجمعية دليلات لبنان، وانضمامه إلى عائلة الرسل الكشفيّة كعضو رابع فيها.

في منتصف العام 2000، أُطلِقت ورشة بناء ما دعته بيت الأب بطرس شلهوب الكشفي في جوار مار شليطا. وهو مركز منظّم يستقبل بعض نشاطاتها، ومنها المخيم الصيفي السنوي للأولاد المعوزين، ويعدّ بيت الأب بطرس شلهوب الكشفي اليوم منارة كشفيّة وكريميّة تنطق بذكرى أبونا شلهوب الطاهرة وبفضله العظيم على الحركة الكشفيّة في لبنان.

بدعم قدس الأب العام خليل علوان ومجلس المشيرين، والأب مالك أبو طانوس مع آباء معهد الرسل، تمّ إنجاز ميثاق تعاون دائم بين الجمعية وعائلة الرسل الكشفيّة تتأسّس بموجبه الهيئة الدائمة للتكامل العضوي والتشارك الرسولي بين الطرفين. تمّ التوقيع عليه في 8 آب 2004 في بازيليك سيدة لبنان بمناسبة يوبيلها المئوي، يكرّس وحدة الأهداف والوسائل والروحانيّة بين الجمعية والعائلة، ويشكّل نموذجاً للتعاون بين المكرّسين والعلمانيّين في كنيستنا. ووقّع الفريقان أيضاً، في اليوم نفسه، على الأنظمة الداخليّة الجديدة التي تنظّم عمل المرشدية العامة لعائلة الرسل الكشفيّة، فأصبح الرئيس العام للجمعية رسميًّا، بموجبها، «المرشد الحاضن» (aumônier protecteur) للعائلة، وبات يعيّن لها، من بين آباء الجمعية، مرشداً عاماً يتولّى تدبير المرافقة الروحيّة لجميع فصائلها مع فريق من المساعدين، آباء وإخوة وعلمانيّين.

2- رابطة خريجي معهد الرسل:

تأسّست رابطة خريجي معهد الرسل عام 1956، حين اجتمع خمسة أعضاء من خريجي المعهد. بدأوا يُعدّون القوانين والأنظمة واتصلوا بأكبر عدد ممكن من الخريجين للانضمام إلى مشروعهم.

عقد اجتماع مع الأب ساسين زيدان المرسل اللبناني، الذي كان رئيساً لمعهد الرسل آنذاك، وتمّ خلاله المصادقة على النظام الأساسي للرابطة.

انعقدت الجمعيّة العموميّة للخريجين كما كان مقرّراً برئاسة الرئيس الفخري الأب ساسين زيدان وحضور 124 خريجًا وتمّت المصادقة على النظام الأساسي وجرى انتخاب أول هيئة إدارية لرابطة الخريجين.

تعتبر هذه الرابطة من أوائل رابطات الخريجين في لبنان وأقدمها، تحتضنها جمعية المرسلين اللبنانيّين الموارنة ومعهد الرسل في جونية. والغاية من تأسيسها هو إنماء علاقات الصداقة والتعاون بين الأعضاء على كافة الأصعدة الثقافيّة والمعنويّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، وتمتين العلاقة بين الخريجين والطلاب الحاليّين في معهد الرسل والتعاون مع إدارة المعهد في العمل بما يعود عليهما بالخير المتبادل. توجيه النشاطات من أجل إنماء وترسيخ التنشئة وطنيا وإكمال دور المعهد في هذا المجال.

3- عائلات صوت المحبّة

تأسّست عائلات صوت المحبة سنة 2000 بمبادرة من الأب فادي تابت المرسل اللبناني مدير عام إذاعة صوت المحبة، وقد تمَّ تكريس الفوج الأول «فوج قلب يسوع» في عيد صوت المحبّة نهار أحد العنصرة بتاريخ -30 حزيران 2001.

أما أهمّ الأهداف التي رسمتها لرسالتها فهي:

  • خدمة إذاعة صوت المحبّة ورفع مستواها
  • مساعدة الإذاعة في تحقيق أهدافها الرسولية ونشر كلمتها وإدخالها إلى كل بيت.      
  • الشهادة لفرح الحياة الليتورجية
  • التعمّق في الحياة الروحية والسعي لعيش الكمال والقداسة
  • نشر تعاليم المسيح في المجتمع
  • خلق شبكة علاقات إجتماعية بين جميع العائلات
  • تنظيم رياضات روحية
  • المشاركة بنشاطات إذاعة صوت المحبّة
  • المشاركة بمسيرات ورحلات إذاعة صوت المحبّة.

4- شبيبة صوت المحبّة

تأسّست شبيبة صوت المحبة سنة 1999 بمبادرة من الأب فادي تابت المرسل اللبناني وتعاقب على إرشاد هذه الجماعة الآباء: عمر الهاشم (لمرتين) وجان بو خليفة وجان يونس، وحالياً الأب جان العقيقي منذ سنة 2010.

أهدافها متعدّدة تتلخّص بمساعدة إذاعة صوت المحبة في توصيل كلمة الرّب يسوع إلى مجتمعاتنا وعيالنا وتشجيعيها والدّفاع عن مصالحها والعمل على تقدمها ومساعدتها في تحقيق أهدافها الرسوليّة.

5- الفريق الرسولي العلماني الكريمي

تأسّس الفريق الرسولي العلماني الكريمي سنة 2002 وذلك لضرورة وجود مُساند داعم لجماعة الإخوة في أعمالهم الرسوليّة. فبات وجودُه وكيانُه مرتبطين ارتباطاً وثيقاً برسالة الإخوة في الإكليريكيّة وخارجها. باشرت الجمعيّة بتهيئة هذا الفريق عبر تنشئة مُستدامة على مدار السنة في كلّ الأصعدة: الروحيّة، الرسوليّة، الإنسانيّة، النفسيّة، الإجتماعيّة والثقافيّة.

1- مُرشد الفريق: رئيس إكليريكيّة مار يوحنّا الرسول، أو أحد الآباء المرسلين المعيّنين في الإكليريكيّة بتفويضٍ مُباشر من الأب الرئيس.

2- رئيس الفريق: أحد الإخوة المرسلين. يُعَيَّن من الرئيس مُباشرَةً.

6- درب السما – مؤسّسة الخوري سيمون الزند

تلقى الخوري سيمون الزند دروسه في معهد الرسل في جونية ثم في ثانويتي غزير وحارة صخر. دروب الكشفية ضمن فوج كشافة الرسل قادته الى الكهنوت. إذ سيم كاهناً في 14 أيلول 1989. عيِّن كاهناً لرعية مار مارون-حارة صخر في 12 تشرين الاول 1996. توفي بعد صراع مع مرض السرطان استمر سبعة أشهر، في 10 ايار 2002. وكان قد أبدى رغبته أن يكون من عداد كهنة جمعية المرسلين اللبنانيّين الموارنة؛ وأثناء مرضه طلب أن يُدفن بقرب ملهمه الكشفي الأب بطرس شلهوب المرسل اللبناني، وهكذا صار.

بعد غيابه، تكاتفت جهود مجموعة من الأصدقاء والأهل والمحبّين من أجل إنشاء مؤسسة تحمل اسمه وتعنى بنشر كتاباته وأفكاره وتحاول تثمير اختبارها الروحي معه. فكانت درب السما- مؤسسة الخوري سيمون الزند. وكان قد طلب أبونا سيمون من محبّيه قبل الرحيل أَلاّ يتوقفوا يوماً عن الصلاة. فدرب السما جماعة مصليّة قبل كلّ شيء لتحيا هذه الصلاة في فرح العبور واللقاء مع الربّ، فرح العمل من أجل مجد الربّ، فرح الخدمة من خلال مركز المساعدات الاجتماعيّة، فرح السير على طريق درب السما نحو سيدة لبنان التي ترعاها، فرح الجماعة التي تلتقي تحت نظر الرب.

هذا ما ثابرت عليه مؤسسة «درب السّما» منذ نشأتها، ويرافقها آباء جمعية المرسلين اللبنانيّين روحيًّا بإرشاد مرشدها الأب مارون مبارك الذي واكب المسيرة الروحيّة حيث كانت الجماعة تلتئم في موعد شهري (قداس، لقاء صلاة، رياضة روحيّة، تنشئة…) وهي فرصة الاغتناء من نبع الحياة، يسوع المسيح، وعيش الشراكة وتبادل الخبرات. كل ذلك ليقطف كل ملتزم بهذا التيّار الرّوحي ثمار «القفزة النوعيّة» التي دعا إليها أبونا سيمون في حياتنا الشخصيّة، في كنيستنا ورعيتنا، في جماعتنا ومجتمعنا…

7- رابطة قدامى جمعية المرسلين اللبنانيّين الموازنة

إنّ جمعية المرسلين اللبنانيّين الموارنة، بناءً على توصيات مجامعها السابقة، وتجاوباً مع رغبة مجموعة من قدامى المنتسبين إليها، وتماشياً مع توجهات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في دستوره الراعوي «الكنيسة في عالم اليوم»، فتحت المجال أمام الراغبين من قدامى الجمعية إلى الإنضواء في رابطة رسوليّة تسمّى «رابطة قدامى جمعية المرسلين اللبنانيّين الموارنة» سعياً وراء عمل رسولي منظّم يقومون به كلّ بحسب المواهب التي قبلها من الروح في بيئته وظروفه المجتمعيّة.

ومع بداية العام 2000، وبمتابعة ثابتة ومتواصلة مع الأب إيلي نصر مكلّفاً من قدس الأب العام جورج حرب ومجلس الشورى في جمعية المرسلين اللبنانيّين الموارنة، ونتيجة الجهود التي بذلتها الهيئة التأسيسيّة على مدار ما يزيد عن ثلاث سنوات، أصدر قدس الأب العام خليل علوان بتاريخ 8 أيلول عام 2003 المرسوم 219/2003 معلناً تأسيس «رابطة قدامى جمعية المرسلين اللبنانيّين الموارنة» وبدء العمل بالقانون الأساسي والنظام الداخلي إبتداءً من 14 أيلول 2003 يوم عيد ارتفاع الصليب المقدّس، في الدير الأم للجمعيّة في وادي الكريم – غوسطا.

وبحسب نظام الرابطة، يتولّى رئيس عام جمعيّة المرسلين اللبنانيين أمر إرشاد الرابطة وتوجيهها الروحي مباشرة أو يسند أمر إرشادها إلى كاهن من أبناء الجمعيّة ليصرف لها جهده وإهتمامه. ومنذ العام 2000 رافق الأب إيلي نصر الرابطة بتكليف من الآباء الرؤساء العامين الذين توالوا على رئاسة الجمعية الأب جورج حرب والأب خليل علوان والأب إيلي ماضي والأب مالك أبو طانوس، وقد عاون الأب نصر في فترة محدودة الأب جورج بو شعيا قبل سفره إلى الخارج.

لقد حدّدت الرابطة أهدافها التالية:

  • تجسيد هويّتها عبر إرتباط عضوي في بنية الكنيسة الجامعة.
  • عيش الإنجيل بحسب الرسالة العلمانيّة لأعضائها وما تعلّموه من روحانيّة رسالة جمعيّة المرسلين اللبنانيين الموارنة.
  • إنماء الشخصيّة المسيحيّة الملتزمة بتوجيهات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في «دستور حول الكنيسة في عالم اليوم» وتطبيقاً لمبادئه المعلن عنها في القرار المجمعي في «رسالة العلمانيّين».
  • تمثيل قدامى جمعيّة المرسلين اللبنانيين الموارنة أمام الهيئات والمراجع كافة.
  • توثيق أواصر التعاون والتضامن والمحبّة بين أعضائها والعمل على توفير وضع أفضل لهم على الصعد الروحيّة والأدبيّة والثقافيّة والإجتماعيّة والرسوليّة.
  • دعم إكليريكيّة الجمعيّة إجتماعيًّا وروحيًّا وثقافيًّا ورسوليًّا.
  • المشاركة العمليّة في نهج الكنيسة إيمانيًّا ووطنيًّا وتربويًّا وفي إدارة مؤسّسات الجمعيّة.
  • التعاون مع سائر الديانات ومؤسّـساتها بروح الإلتزام بالقيم والدفاع عن الحريّة والأخوّة الإنسانيّة الشاملة.

8- رابطة خريجي مدرسة قدموس

لقد أنشئت في مدرسة قدموس رابطة لخريجيها القدامى والجدد بتاريخ 9/1/2003 خلال فترة رئاسة قدس الأب جورج حرب المرسل اللبناني.

تعيّن يوم الأحد الواقع في 22/6/2003 عيداً للرابطة وقد تمّ الإعلان عنه في الصحف والمجلات.

بعدها توالت الاجتماعات وعلى مدار الأشهر الأولى وكان اهتمام الأعضاء المؤسسين يتركز على مسألة انضمام أعضاء جدد للهيئة العامة وتشكيل لجان عمل مختلفة المهام منبثقة عن الهيئة الإدارية لمتابعة سير النشاطات والاحتفالات وذلك لإبراز حضور الرابطة في المنطقة بشكل خاص ولدى القدموسيين بشكل أخص.

تهدف رابطة خريجي مدرسة قدموس إلى:

  • توثيق عرى الصداقة والتآلف بين أعضائها.
  • العمل على امتداد روح التعاون فيما بينهم وبين المدرسة الأم بكلّ هيئاتها الإدارية والتعليمية والطلاب.
  • التعاون مع الروابط والجمعيات المماثلة والتي تتلائم مع أهدافها في كلّ أرجاء لبنان بعيداً عن أي انتماء طائفي أو سياسي أو حزبي.

9- جماعة الرسل العلمانيين

تلاقى في مدينة جونية فريق من العلمانيّين بناءً على دعوة من السيد جورج مبسّط، وتوافقوا على إطلاق حركة مسيحيّة روحيّة هدفها التوعية على الإيمان والشهادة له أَسموها «جماعة الرسل العلمانيّين» وكان ذلك يوم الاثنين الواقع فيه 4 تموز 1988.

علاقة السيد جورج مبسّط الرسولية منذ شبابه لها ارتباط وثيق بمعهد الرسل – جونية وبنوع أخصّ مع الأب يوسف العنداري المرسل اللبناني على الصعيد العائلي والإرشادي. اتّجه إليه راجياً إرشاده فكان خير مرشد للمجلس العام لمدة 21 سنة وبعد تقاعده رعى الأب جورج الترس المرسل اللبناني الإرشاد حتى يومنا.

10- جوقة أرزة لبنان  Coro Cedro del Libano

تأسّست «جوقة أرزة لبنان» في 6 آذار 2007، الحائزة على ترخيص من وزارة الداخليّة والبلديّات بموجب علم وخبر رقم 53/2009، بتاريخ 14 كانون الثاني 2009، ومعترف بها كجوقة كنسيّة من قِبَل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير البطريرك الماروني، بموجب كتاب رقم 2150/2011، صادر بتاريخ 8 أذار 2011؛ وقد استحصلت من وزارة الإقتصاد والتجارة (المديريّة العامّة للإقتصاد والتجارة – مصلحة حماية الملكيّة الفكريّة) على شهادة بتسجيل علامة فارقة رقم 135429، بتاريخ 11 أيار 2011، وذلك بمسعى ومبادرة من الأب مارون حرب المرسل اللبناني، وذلك تحت كنف ومباركة جمعيّة المرسلين اللبنانيين الموارنة، وبالتعاون مع نخبة من شباب وصبايا ينتمون إلى رعايا وأبرشيّات عدّة، بهدف جمع الشمل وتوحيد المجهود وتوظيف المواهب التي يتمتعون بها والتي أصقلوها ونمّوها من خلال إختصاصاتهم في سبيل تمجيد إسم الله. وبالرغم من حداثتها فقد حققت إنجازات عدّة وذلك بفضل ما يكتنزه أفرادها من خبرة ومقدرة وجدارة وإرادة صلبة ونيّة صادقة وغيرة على تحقيق أهدافها ومشروعها، سيّما وأن العذراء أرزة لبنان هي شفيعتها.

بدأت الجوقة مشروعها الرسوليّ بمشاركتها في المهرجان الموسيقي العالمي الكنسيّ في مزار Loreto في إيطاليا وذلك خلال سنة 2007، وقد حازت على ثلاث ميداليّات من بينها ميداليّة البابا بندكتس السادس عشر مع شهادة تنويه، كما وشاركت بالمهرجان نفسه خلال سنة 2010 وحازت على ميدالية المهرجان وعلى شهادة تقدير.

كما أحيت الجوقة عدّة إحتفالات دينيّة ومدنيّة وفولكلوريّة في مناسبات عدّة في لبنان وخارجه.

مركز الجوقة الحالي في دير الكريم غوسطا، وتقوم بتمارينها في معهد الرسل جونية.

هدف الجوقة هو خدمة الكلمة من خلال التراتيل والإنشاد، وتنشيط العمل الليتورجي والوطني والرعائي والمحافظة على التراث الديني الشرقي الليتورجي والموسيقي من خلال خدمة القدّاسات وإحياء ريسيتالات وإنتاج أعمال فنيّة دينيّة وتراثيّة لبنانيّة، ونقل ثقافة طقسيّة كنسيّة شرقيّة أصيلة، مع الإنفتاح على أنواع موسيقيّة مختلفة شرقيّة وغربيّة مقدّسة وفولكلوريّة.

رؤية وتطلّع

تذهب هذه العلاقة العضوية القائمة بين جمعية المرسلين اللبنانيّين والعائلات الكُريميّة أبعد من التنظيم والتنسيق. إنها تهدف أيضاً إلى رؤية «التكامل الفعلي» بعيش الدعوة الرسوليّة في شهادة حيّة أفعل لتتسع مساحة مفاعيلها حتى تضمّ نفوساً أكثر تعتنق الرسالة في الشهادة وتتبنّى الروح في نمط العيش، فتصير مرسلة؛ وأيضاً حتى تخدم مؤسّسات فكريّة وحيويّة جديدة تنهض بالعمل من أجل البنيان كما يرتضيه الله. تصبو هذه الرؤية إلى إنشاء ممرّات إنسانيّة روحيّة تسهّل لفيض النعمة التي تزيد في الشكر لله، كما يؤكّد بولس الرسول: «لأنّ ذلك كلّه من أجلكم، حتى إذا كَثُرت النِعمة عند عدد أوفر من الناس، أفاضت الشكر لمجد الله» (2قور 4/15).

أما التطلعات التي تصبو إليها هذه العلاقة العضويّة وهذا التكامل الفعلي فعديدة: أوّلها أن يسهم هذا «الامتداد العلماني الرسولي» للجمعيّة في إنجاح رسالتها وذلك عن طريق المشاركة في نشاط الجمعيّة ضمن مؤسّساتها على أنواعها، بحيث يستثمر أعضاء العائلات الكريميّة طاقاتهم وخبراتهم في تطوير عمل هذه المؤسّسات للافادة الرسوليّة والعمليّة. أما الجمعيّة من ناحيتها فإنّها تفعّل عمليّة إرشاد هذه العائلات لتحفظ لها خصوصيّة موهبتها وخصوبة رسالتها وهي تنسجم مع روحانيّة الجمعيّة وروحها ورسالتها. أما أبرز هذه التطلعات فيكمن في أن يثمر هذا التكامل الفعلي في إنماء الدعوات المهنوتيّة، لكي تؤدّي الجمعيّة قسطها الرسولي ضمن رسالة الكنيسة، ألا وهي «الكرازة بالإنجيل»، في الشهادة والعمل.

لكن يبقى الباب مفتوحاً لمجالات واسعة للشهادة وللرسالة، أمام العائلات الكريميّة حتى تتسع مساحة المشاركة في حضورها وعملها. نذكر هنا إمكانيات غنية في استحداث فئات جديدة تضمّ إلى هذه العائلات، ولها دور مميّز في اتصالها بالجمعيّة، وفي التفاعل مع رسالتها. وهنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر أهل أبناء الجمعية كافة، فهم الأقرب في الشركة بالنعمة، وهم امتداد للمرسلين إذ تربطهم فيهم صلة القربى الدموية وهي تشكّل رباطاً روحيًّا عاطفيًّا عضوياً يؤثر في التكامل الفعلي. كما ونذكر روابط الأهل والمعلمين في مؤسّسات الجمعية التربويّة، فهم شركاء في الرسالة وحاملو راية الجمعية في روحها ورحانيتها إلى جانب راية الرسالة التربويّة والتعليميّة. أما بالنسبة إلى روابط الموظفين في كلّ أديارنا ومراكزنا ومؤسّساتنا فهم المعاونون الفعليّون الداخليّون، إذ يواكبون عيشة المرسلين عن قرب ويتفاعلون مع أجوائها ومتطلباتها، ويسهم عملهم في تسهيل عمل الرسالة. ولا ننسى الأصدقاء والمحسنين، شركاء الهموم الذين يعزّون معنويًّا وماديًّا فيشجعون الرسالة لتنهض بكل أعبائها وتؤدّي أهدافها بكلّ جدارة. بهذا كلّه نلمس أكثر فأكثر الدعوة التي وجهّها لنا الإنجيل «أُطلبوا من ربّ الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده»، فالحصاد كثير، والفسحات واسعة، والحاجات كبيرة؛ ومقابل هذا كلّه يأتي «الحبّ الكبير» الذي يزرعه الله في القلوب ويقتضيه منها حتى يستعد أصحابها فيتأهّبوا للخدمة والعمل.

ثروات كبرى، نفوس سخية، خبرات غنية، كلّها رهن «كلمة»، كلّها تنتظر «نداء»، إنّها كلمة «هلمّ وأنظر»، ونداء «تعال ابتعني». هذا هو سرّ المسيرة مع الربّ ولأجله؛ وهذا هو سرّ الدعوة إلى الروح الرسولي «في العائلات الكريميّة». ولهذا هي «حراك من نوع آخر»؛ لأنّها حركة الروح التي تحرّك الهمم لتصير في حالة الخدمة والعطاء في الشهادة والرسالة. تبدأ بنعمة، تنطلق من كلمة، تتابع حسب النداء وتكمل في الشركة والعطاء. إنّها همسات الروح الجديدة، الروح الذي يجدّد وجه الأرض.


[1] . ماضي ايلي، الأب، «أنا أخترتكم وأقمتكم لتذهبوا فتثمروا ويبقى ثمركم»، تقديم كتيّب «جمعية المرسلين اللبنانيّين وجماعات العائلة الكُريميّة»، مطابع الكريم، جونيه، 5 آب 2010، ص 5.

[2]. يوحنا بولس الثاني، رسالة «العلمانيّون المؤمنون»، روما 19  عدد 15.

[3]. المرجع السابق، عدد 29.

[4]. المرجع السابق، عدد 9.

[5]. المرجع السابق، عدد 29.

[6]. قوانين جمعيّة المرسلين اللبنانيّين الموارنة، مطابع الكريم الحديثة، جونيه، 2004، عدد 20.

[7]. المرجع السابق، عدد 20.

[8]. المرجع السابق، عدد 66.

[9]. سجل أمانة سرّ المجمع العام، جمعية المرسلين اللبنانيي الموارنة، 2001-2013، ص 167.

[10]. المرجع السابق، ص 231.

[11]. رؤية مستقبليّة وبرنامج عمل مجلس الشورى العام للسنوات 2007 – 2013، ص 15؛ «المطلوب من مجلس الشور العام»، ص 2.

[12]. المرجع السابق، ص 21.

[13]. شرعة المجلس التنسيقي للعائلات الكريميّة، المقدمة، ص 1.

[14]. المرجع السابق، المادة السادسة، ص 2.

[15]. راجع جمعيّة المرسلين اللبنانيّين وجماعات «العائلة الكريميّة»، مطابع الكريم، جونيه، 5 آب 2015، ص 24-47.

Scroll to Top