Almanara Magazine

«اليوبيل»

تحمل عبارة «يوبيل» الآتية من أصل عبري، صدى «الصوت» في طيّات معانيها. إنّها من «يوبيل Yobel»، أي قرن العنزة الذي كان يُستخدم كبوق يُنفخ فيه لإعلان السنة المقدّسة للربّ.

فاليوبيل، في مفهومنا الروحي، صوت يعلن، صوت يبشّر، وصوت ينادي. أفعال ثلاثة يطلقها البوق بصوت جهور لجمهور أبناء جمعيّة المرسلين اللبنانيّين الموارنة، ولجماهير الكثيرين الذين استظلّوا أغصان تلك الغرسة التي زرعها الربّ على يد المثلث الرحمات المطران يوحنا حبيب الذي صرف العمر، ودفع الغالي والرخيص من أجل «تأليف صنف كبير من كهنة غيورين على خير القريب الروحي، يعدّون أنفسهم للجهاد إزاء العدو الجهنمي، متجرّدين عمّا سوى ذلك من الأشغال، لأجل صرف اهتمامهم مع الرعاة وكهنة الرعايا بهذا الجهاد العظيم الشأن».

فهذا الصوت اليوم يعلن، بعد مئة وخمسين عاماً من هذا الجهاد والتجرّد في سبيل النفوس لمجد الله تعالى، أنّ الزمن لا يُقاس بطوله أو بقصره، بل تكمن قيمته بما نملأه به. وها المئة والخمسون، أبعد من سنين توالت أيامها وولّت، بل هي روزنامة عمل تحت هدي الروح القدس انسكبت نشاطاتها، يوماً بعد يوم، في بناء الإنسان، القريب والبعيد، في أرض الوطن وفي الأوطان ما وراء البحار؛ هذا الإنسان الذي يفرّح قلب الله بإيمانه وأمانته، بمسلكه وعمله، رافعاً راية الإنجيل كلمة حيّة، متجسّدة في كلّ زاوية وبقاع، مع كلّ شخص وجماعة.

هذا الصوت أيضاً يبشّر بأنّ السنين لا تزال في مسارها والوقت الحاضر هو زمن الاجتهاد، بحيث نغرف من معين الربّ نوراً وقوّة ومعرفة لنعود فننطلق لإعلان البُشرى أنّ الله معنا، أنّه يسكن فينا. يواكب الزمن تطلعٌ ورجاء، ويسنده الحبُّ والإيمان. لم تعد المئة والخمسون سنواتٍ مضت بل هي مسيرة تتكامل وتتزايد فيها مسؤوليّة العطاء وقدرة الخدمة، عمق الحضور ونوعيّة العمل وصدق القول؛ لأنّ رسالتنا لا تُقاس بكبرها أو بصغرها بل بالحبّ الذي نسكبه فيها، كما عبّر بكلّ وجدان المؤسّس الحبيب في حديث له قال: «… لم أذكر ذلك لبيان فضلي لأنّ احتمالي طبيعي، عن غرامي بالجمعيّة، لا عن فضيلة».

وهذا الصوت أيضاً وأيضاً ينادي لإنهاض الهمّة، «ملكة الروح الحار» كما يسميها المطران يوحنا حبيب؛ أي الحماس في الخدمة الرسوليّة. فالبناء حيث وصلت المئة والخمسون سنة في إعلائه يدعو المرسلين لإكماله من أجل إيواء النفوس وإيفاء الكلمة حقّها وإيجاد النعمة مكانتها؛ هذا ما يتطلّع إليه عالمنا اليوم المتعطّش إلى الله. اليوبيل ينادي المرسلين أن «اذهبوا في الأرض كلّها وأعلنوا البشارة للجميع»، بشارة الفرح والسلام، بشارة الحياة مع الله، بشارة حياة الله معنا وفينا… «كونوا رُسُل سلام ومحبّة».

«إنّها يوبيل لنا»، ولهذا أعدّت إدارة مجلة المنارة هذا العدد الخاص بجمعيّة المرسلين اللبنانيّين الموارنة في يوبيل المئة والخمسين سنة لتأسيسها، فيه تلقي الضوء على التاريخ والروح، على العمل والتوسّع، على العمق والخدمة… لتدلّ بكلّ وضوح أنّ صليب المرسلين الذي يتوسّطه رقم المئة والخمسين باللون الذهبي سيتابع إشراقة نور المسيح في «الكرازة بالإنجيل»، في كلّ اتجاه وعلى كلّ أصقاع الأرض (هذا معنى اللوغو)، ولتؤكّد بكلّ ثبات أنّ «جنى الرسالة من فيض القداسة» (هذا شعار سنة اليوبيل).

إدارة التحرير

Scroll to Top