Almanara Magazine

رقيم بطريركي

البركة الرسوليّة تشمل قدس الأب مالك أبو طانوس رئيس عام جمعيّة المرسلين اللبنانيّين المورانة ولفيف الآباء والأخوة والمبتدئين، في يوبيل المئة والخمسين سنة لتأسيس الجمعيّة؛ كما وكل فريق عمل «مجلة المنارة» التابعة للجمعية من آباء ومحرّرين وإداريّين.

بلغنا بكلّ سرور خبر صدور عدد خاص من مجلتكم الزاهرة يتناول موضوع الجمعية للمناسبة الغالية على أبنائها، ونزولاً عند رغبة أسرة تحرير المجلة، يسعدنا أن نشارككم أفكارنا للتعبير عن العطف الأبوي والثقة البنوية التي تجمع، وجمعت طوال هذه السنوات المئة والخمسين، بين أبناء الجمعية الأعزاء والكرسي البطريركي بشخص السادة البطاركة، كونهم الرؤساء الأعلين للجمعية بطبيعة العلاقة وبفعل المودّة.

منذ بدايات تأسيس الجمعيّة حتى يومنا، حفلت صفحات تاريخ هذه العلاقة بالمآثر الحميدة تُثني عليها الوقائع التاريخيّة القديمة والحديثة، وتؤكّدها الوثائق العديدة الثمينة. لقد انطلقت العلاقة بين جمعية المرسلين اللبنانيّين والكرسي البطريركي عن طريق العلاقة بين شخص المؤسّس المطران يوحنا حبيب والبطاركة الذين عايشهم.

فمع البطريرك يوسف حبيش الذي «كان يرى يوحنا حبيب تلميذا ودارس فقه وقاضياً وكاهناً، وتدخّل في مجمل أموره كمن له عليه حقّ الأبوّة والولاية»؛ تواصل بشأن الجمعية في انطلاقتها الأولى. أما البطريرك يوسف الخازن فكان يثق بجدارة القاضي ونزاهته وأوكله بإدارة شؤون خاصة بعائلته. وللبطريرك يوسف مسعد اليد الطولى في حياة يوحنا حبيب وفي ازدهار جمعية المرسلين التي ثبّت قوانينها في 31 أيار 1873، ورقّى يوحنا حبيب إلى درجة الأسقفيّة.

أما البطريرك يوحنا الحاج فيرقى في علاقته بالحبيب إلى الصبا، زمن الدراسة في مدرسة عين ورقة، حيث قال في أول لقاء لهما: «هو أوّل من وقع نظري عليه… ومن اللمحة الأولى التي لمحته إيّاها وقع حبّه في قلبي موقعاً عظيماً»؛ وعلى أثر موت الحبيب كتب الحاج «عاشرته تلميذاً وكاهناً وقاضياً ومرسلاً وأسقفاً، وكنت الرقيب القريب لكلّ تصرفاته في كلّ طور من أطوار حياته». ولا ننسى الصداقة التي ربطت بين الحبيب والبطريرك الياس الحويك بالرغم من فارق العمر بينهما، فعهد هذا الأخير إلى أبناء الرسالة اللبنانيّة بالرعاية الروحيّة لبنات العائلة المقدّسة بعد ثلاثة أشهر من تأسيس جمعيّتهنّ.

هذا في التاريخ الماضي، أما اليوم، في التاريخ الحديث، فظلّت هذه العلاقة تتوطّد أكثر فأكثر، وإنّنا بشخصنا نؤكّد عليها، كما عهدنا مع سلفنا صاحب النيافة غبطة أبينا البطريرك مار نصر الله بطرس صفير الكلي الطوبى، وهو الذي عهد إلى المرسلين لسنين طويلة العمل في إدارات الكنيسة المارونيّة العامة فكانوا له خير معاونين في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، في رئاسة كاريتاس لبنان، وفي المرشدية العامة للسجون في لبنان، وفي الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكيّة، وإدارة الصندوق الماروني؛ هذا بالإضافة إلى إلقاء مواعظ الرياضات الروحيّة على السادة الأساقفة ومواكبة رحلاته الرسوليّة داخل لبنان وخارجه. وإنّنا اليوم نتبع النهج نفسه ونواصل مشدّدين أواصر هذه العلاقة وبالأخص في زياراتنا الشخصيّة لمشاركة كلّ أبناء الجمعية في ختام شهر كانون الأول من كلّ سنة، واللقاء حول مائدة الشراكة الاخويّة، حيث تلتقي الأسرتان، الأسرة البطريركيّة مع أسرة الآباء الكُريميّين، في اجتماع أخوي محبّب على قلبنا جميعاً؛ فبات الأمر عرفاً يتوق إليه الكلّ. وتوّجت هذه العلاقة بترأسنا احتفال افتتاح سنة اليوبيل المئة والخمسين لتاسيس الجمعيّة مؤتلفين مع كلّ أبناء الجمعيّة وأصدقائها وأهلها عائلة تنشد الفرح والشكر للربّ على «جنى الرسالة من فيض القداسة». وإنّنا ننتهزها فرصة لنجدّد التهنئة لقدس الأب العام مالك أبو طانوس والآباء المشيرين وكلّ الآباء، والأخوة والمبتدئين لهذه المناسبة السعيدة؛ مستمطرين عليهم جميعاً، وعلى إدارة مجلة المنارة وأسرة تحريرها، البركة الرسوليّة، متمنين للجميع النجاح والتألّق، في «نفع القريب الروحي ولمجده تعالى»، باسم الآب والابن والروح القدس، آمين.

Scroll to Top