Almanara Magazine

الجمعية في خدمة الشان الكنسي العام

الأب خليل علوان ،م.ل.

مقدمة 

عندما وضع المؤسس المطران يوحنا حبيب قوانين جميعة المرسلين اللبنانيين المورنة، حرص ان يضمّنها معاهدة  مؤكدة بالقسم يتعهد بموجبها كل ناذر «ان لا يقبل درجة روحية رسمية خارج الجمعية ما دام مقيدًا بنذورها».  يتبين من هذا القسم، رغبة المؤسس الواضحة في حصر ممارسة الرسالة ضمن الجمعية لا خارجها، وذلك ربما لسببين اساسيين. السبب الاول خوفًا من ان ينشغل المرسلون في العمل الاداري في دوائر  الابرشيات فيتدرجون في الرتب الروحية من نائب اسقفي الى خورأسقف وصولا الى الدرجة الاسقفية. والسبب الثاني يكمن في وقوع المرسل نفسه في تجربة السعي الى هذه الدرجات . وكلا الحالين يبعدان المرسل عن تأدية رسالته الاساسية ، والتي من اجلها كرس نفسه بالنذور، وهي التبشير بالكلمة عن طريق الوعظ والكتابة والتعليم.

منذ مئة وخمسين سنة، يوم تأسست الجمعية الرسولية على غرار الجمعيات في الكنيسة الجامعة، لم تكن خدمة الشأن الكنسي العام شيء مألوف لديها، بل كانت الرهبنات والجمعيات الرسولية تمثل جذرًا مستقلة في حضن الكنيسة، حيث لكل منها اديارها ومؤسساتها ورسالتها الخاصة بها .  ولم يكن للمكرس من اهداف سوى تقديس الذات  وافادة القريب الروحية وتمجيد الله . وقد ورد في العدد الاول من القوانين التي وضعها المؤسس محددًا غاية الجمعية، كما يلي: «إن الغرض من تأسيس جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة أن يجري ابناؤها في قصد طريق الكمال ويبذلوا جهدهم في أمر خلاص نفس القريب ونفعه الروحي بالكرازة بالانجيل المقدس وبالانذار والارشاد والتفقيه بالامور الدينية ومباشرة اعمال الرسالة وتعليم العلوم الكنائسية والأديبة التي تأول لنفع القريب وذلك لجد الله الأعظم»[1]

ولكن بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، تطورت مفاهيم الحياة الرهبانية بحيث لم يعد من مبرر لانعزال الجمعية وتقوقعها، بل اصبحت حياتها في قلب الكنيسة هو مبرر وجودها ، ووأصبحت رسالتها الأساسية هي خدمة الكنيسة وتلبية حاجاتها.

إنطلاقًا من هذه المفاهيم الجديدة، سعت الجمعية الى الانفتاح على حاجات الكنيسة وضرورات الازمنة، وحددت في قانونها الجديد غايتها واهدافها  بخدمة ملكوت الله . فقد ورد في البند 6 « إن جُلَّ الغرض من تأسيس جمعيتنا مباشرة الرسالة. ودعوتنا إلى الجمعيّة دعوة رسوليّة في جوهرها وأهدافها وأبعادها كافـة. وعليه يلزمنا بداهةً أن نعتبر أنفسنا، أفرادًا وجماعات، في عمل رسولي مستمرّ يدفعنا إلى تكريس حياتنا وكامل قوانا لخدمة الملكوت الذي بشّر به المسيح وتحققه الكنيسة في الزمن على رجاء اكتماله في المجد»[2] .وورد في المادة 9: «غاية الجمعيّة الخاصة خدمة الموارنة، ورسالتها تمتدّ إلى كل جهة في العالم يوجد فيها جماعة مارونيّة. مع ذلك، وانطلاقًا من تراثنا، وجب أن نعمل وسط بيئتنا في سبيل وحدة الكنيسة ونسهم في رسالتها الجامعة وفقًا لضرورات الأزمنة»[3].

في العام 1971،  وخلال المجمع العام الغير العاديّ التجدّدي، إعتمدت الجمعيّة، مبدأ القبول بالخدمة الرعائيّة، شرط صيانة مقتضيات النذور، والحياة المشتركة، وطابع الجمعيّة الرسوليّ[4] . وقد ورد في العدد 18 من القوانين ما يلي: «امتثالاً لإرادة الكنيسة وسدّاً لحاجات شعب الله، تؤدّي جمعيّتنـا، دون أن تحدّ من نشاطها الرسوليّ المميَّز، قسطها الخاص في مجال الخدمة الرعائيّة. تزاولها بداية، على الوجه الممكن، في أديارها ومختلف مراكزها، وتتولاّها من ثَمَّ في الرعايا، لا سيّما المجاورة، شرط أن يقيم المرسلون في ديرهم، وأن يتسنّى لهم الحفاظ التام على مقتضيات النذور والعيشة المشتركة. والجدير بهم أن يحيوا رسالتهم في نطاق رعيّتهم، فيَسخوا بالغيرة ليُتمّوا عملاً متواصلاً متناميًا، يشمل الرعيّة بكل فئاتها، وينشّئها في سبل القداسة، لتغدو بمثابة الأنموذج الحي للجماعة المسيحيّة المثلى» ([5]).

مع تجديد القوانين، وضع المرسلون كل وطاقتهم البشرية وامكاناتهم الفكرية ومهاراتهم الرسولية في خدمة الشأن الكنسي العام، مع حفاظهم على المعاهدة المثبتة بالقسم، أي التزامهم بعدم السعي إلى الحصول على رتبة أو وظيفة أو منصب، خارج الجمعيّة.

مجالات الخدمة في الكنيسة ولاجلها

لم تكن خدمة الكنيسة شيء جديد على المرسلين اللبنانيين، فقد سيم منهم اسافقة يوم كان المؤسس لا يزال حيا، وعمل البعض منهم في المحكمة المارونية، كما استلموا مدرسة الحكمة والمدرسة الاكليريكية في عين ورقه وكفرحي وكرم سده. ولكن بعد العام 1990 ، ومع تجديد القوانين تجند المرسلون لخدمة الكنيسة بشك اكبر، وقد توزعت مهامهم على الشكل التالي:

في الشأن الاداري: اهتم المرسلون بادارة الكنيسة وتنظيم هيكليتها، مثل الأمانة العامة لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، والأمانة العامة لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان. كما سعوا لان تكون الجمعية ممثلة  في مختلف اللجان الاسقفية في لبنان، مثل اللجنة الاسقفية للتعليم المسيحي، واللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام، والأمانة الاعامة للمدارس الكاثوليكية، واللجنة البطريركية للشؤون الليتورجية ولجنة الدعوات في الابرشية المارونية في الولايات المتحدة الأميركية – كليفورنيا.   

في الشأن الروحي الارشاد العلمانيين: اسس المرسلون اللبنانيون فريقًا رسوليًا علمانيًا لمواكبة المرسلين في رسالاتهم ومخيماتهم. والجدير بالذكر ان تاسيس الحركة الرسولية المريمية وانفصالها عن الليجيومارية كان في معهد الرسل وعلى يد المرسلين وبفضل ارشادهم وسهرهم وعنايتهم. وقد تدرّج الاخوة المرسلون والاباء على مواكبة العلمانيين ، فكانوا مرشدين لعدة حركات رسولية، منها:  التجمع الاجتماعي الكشفي، والشبيبة الطالبة المسيحية في لبنان وفي الشرق الاوسط، والفريق الرسولي في مدرسة القلبين الاقدسين – كفر حباب وفرق السيدة، والاتحاد الكاثوليكي للصحافة العالمية – لبنان وجمعية مار منصور والسجون في لبنان في الشرق الاوسط وجماعة ايمان ونور ومعهد التنشئة لرابطة الاخويات.

في شأن ارشاد الاكليروس والرهبانيات: عمل المرسلون في القاء الرياضات الروحية للسادة المطارنة ولكهنة الابرشيات والاكليريكيات، الى جانب الرهبنات الرجالية والنسائية. وقد تولوا بصورة رسمية مرشيدية راهبات العائلة المقدسة، وجمعية راهبات القربان المرسلات، وجمعية راهبات مار افرام السرياني، وجمعية راهبات القديسة تريزيا الطفل يسوع.

في شأن العمل الاجتماعي: عمل المرسلون ايضا في ادارة مؤسسات الكنيسة الاجتماعية، كمنصب رئيس كاريتاس لبنان، ومدير عام الصندوق الاجتماعي الماروني، ومدير الوطني للاعمال الباباوية الرسولية ، ووكيل وقف دير سيدة البشارة وآل الخازن، ووكيل وقفية آل شديد في اده – البترون.

في الشأن التربوي: لم يكتفي المرسلون بالرسالة التربوية في مدارسهم في لبنان والارجنتين وجنوب افريقيا، بل علموا في عدة جامعات لبنانية واجنبية، مثل جامعة الروح القدس – الكسليك، والجامعة اللبنانية، وجامعة اللاتران في روما، وغيرها. وسعوا الى خدمة باقي المدارس الكاثوليكية ، فكان منهم الأمين العام للمدارس الكاثوليكية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، والأمين العام للمدارس الكاثوليكية في لبنان، و ومندوب الجنوب في هذه الامانة.

في الشأن القضائي: كان للمرسلون وجودا فاعلا في المحاكم الكنسية، وتحديدا في الروتا الرومانية في روما وفي المحكمة المارونية الموحدة في لبنان، وفي محكمة الكنيسة الملكية الكاثوليكية الكنيسة السريانية.

في الشأن الاعلامي: الى جانب نشر المجلات الدينية كمجلة المنارة ومجلة المرسل ومجلة سيدة لبنان ، أسس المرسلون اذاعة صوت المحبة، وتلفزيون تيفي تشارتي، ومثلوا الجمعية في اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام وفي مجلس ادارة التيليلوميار حيث الجمعية عضو دائم في مجلسها.

مجالات الخدمة في الكنيسة ولاجلها

تميز المرسلون في خدمتهم الكنيسة، بالغيرة على مصالحها، والعمل المجاني والتضحية والسخاء في سبيل اعلاء شأنها. سخّر الاباء علمهم ومهاراتهم وطاقاتهم الفكرية والروحية والاجتماعية في الوظيفة التي أتمنوا عليها. ولم ينحازوا في خدمتهم الى الاحزاب السياسية ، بل كانوا ، في أحلك الظروف المأساوية التي مرت بها البلاد، على مسافة واحدة من الجميع وكانوا المرجع الصالح لتلاقي المتخاصمين. وقد أفاد المرسلون، في خدمتهم هذه، جمعيتهم اذ عرفوا في اوساط الشباب ، فازدادت في هذه الفترة الدعوات الرسولية والكهنوتية.

نظام التعيين والعمل في الوظائف الكنسيّة الرسميّة، خارج الجمعيّة

حيال هذا الواقع الرسولي الجديد عمد المرسلون على وضع «نظام للتعيين والعمل في الوظائف الكنسية الرسميّة خارج الجمعية». عرض هذا النظام خلال المجمع العام سنة 2013، حيث نوقشت مضامينه وأقر بعد تصحيحة.

تعميما للفائدة نعرض هنا نص هذا النظام، في نسخته الاخيرة الموافق عليها:

أوّلاً: مبادئ عامّة

  1. إنّ جمعيّة المرسلين اللبنانيّين الموارنة، في جوهر موهبتها وغايتها ونيّة مؤسِّسها، تهدف إلى تقديس الذات وإفادة القريب الروحيّة، بالسعي الدائم إلى المحبّة الكاملة، عن طريق التكرّس بالنذور، والتجنّد لخدمة الكلمة والعمل الرسوليّ، الكهنوتيّ أو العلمانيّ، لنشر الإيمان وصيانته، في كنيستنا المارونيّة والكنيسة الجامعة[6].
  2. بغية التجنّد السخيّ للجهاد الرسوليّ، والجهوزيّة التامّة «للذهاب حيث تدعو الطاعة، بلا تراخٍ ولا مبالاة بكدٍّ ونصب»[7]، شدَّد مؤسّسنا البارّ على «التفرّغ عن العالم ومشاغله ومتعلّقاته عامّة» (ق 134)، وألحقّ بالنذور معاهدة مؤكّدة بالقَسَم تحرِّم على الناذر «قبول درجة أو رتبة كنسيّة، أو وظيفة روحيّة رسميّة خارج الجمعيّة» (ق 134).
  3. من باب المعاهدة المؤكّدة بالقَسَم، يلتزم المرسلون ضميريًّا بعدم السعي مطلقاً، ولا بأيّة وسيلة، لا من قريب ولا من بعيد، ولا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إلى الحصول على رتبة أو وظيفة أو منصب، خارج الجمعيّة. وفي حال امتثالهم إلى «إلزام من له الحكم عليهم» (ق 134)، وقبولهم وظيفة كنسيّة رسميّة، وَجب عليهم التقيّد بما يرسمه الشرع العامّ والخاصّ في شأن تسلّمهم الوظيفة، والقيام بمهامّها، والاستقالة منها أو الإقالة؛ مع الاستعداد الدائم للتخلّي عنها، بطيبة خاطر، في أيّ وقتٍ كان، ولدى أيّ طلب من رؤوسائهم، وليس فقط عند نهاية مدّتها.
  4. منذ أيام المؤسِّس، رُقِّي بعض أبناء الجمعيّة إلى الدرجة الأسقفيّة، وشغلوا وظائف في المدارس، وفي الكرسيّ البطريركيّ، أو لدى أساقفة الابرشيّات. وما زالت السلطات الكنسيّة، إلى اليوم، تطلب من المرسلين القيام بوظائف كنسيّة رسميّة، في مختلف قطاعات العمل الراعوي، والإدارة، والقضاء، والخدمات الاجتماعيّة، والتعليم في المدارس والجامعات.
  5. تحسُّساً مع حاجات الكنيسة وتلبيةً لنداءاتها، اعتمدت الجمعيّة، في مجمعها العام الغير العاديّ التجدّدي، مبدأ القبول بالخدمة الرعائيّة، شرط صيانة مقتضيات النذور، والحياة المشتركة، وطابع الجمعيّة الرسوليّ[8] (ق 18).
  6. من تسلّم خِدمة كنسيّة رسميّة، خارج الجمعيّة، يبقى ابن الجمعيّة، مُرسلاً من قِبَلها، يعمل باسمها، تحقيقاً لأهدافها، مُعتمداً على نِعمة موهبتها، مستوحياً روحها وروحانيّتها، مُعتبراً عمله من صلب دعوته الرسوليّة، فيبذل من جهة قصارى جهده للقيام بمهامه خير قيام، بكلّ جدارة وإخلاص، وروح تفانٍ وسخاءٍ مجّانيّ، وتجرّد تامّ عن المطامع البشريّة، والمنافع الدنيويّة، من مال وجاه، وسلطة ومقام. ويرسخ في اليقين، من جهة أخرى، أنّه لن يُكتَب له النجاح ويشهد الشهادة الصادقة لوجه الكريميّ الأصيل، إلاّ بقدر ما يضع في أولى أولويّاته أمانته لانتمائِه إلى الجمعيّة: فلا يأخذ من وضعه ذريعةً لإهمال واجبات تكرّسه، ولا يسمح بأن تحول أشغاله دون قيامه بمقتضيات الحياة المشتركة الأخويّة، وتوجيهات رؤوسائه، ورسوم هذه الوثيقة.

ثانياً: في الدرجة الأسقفيّة ووظيفة الإكسرخوسيّة.

  • إذا انتُدِبَ أحد أبناء الجمعيّة إلى الدرجة الأسقفيّة، لرعاية أبرشيّة، أو لخدمة الكرسيّ البطريركيّ، بانتخاب في سينودس أساقفة كنيستنا المارونيّة، أو بتعيين من الحبر الروماني، يعود إليه، بكلّ حريّة ضمير، أمر القبول أو الرفض. وفي حال القبول وترقيته بالسيامة إلى الدرجة الأسقفيّة، يخضع، في ممارسة مهامّه وتنظيم عيشه وسلوكه لرسوم الشرع العام، وبخاصّة القانون /431/ من مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، وفقاً للبنود التالية:

بند 1: يبقى ابن الجمعيّة، مقيّداً بنذوره، وبسائر التزامات تكرّسه، ما عدا تلك التي يحسب هو بفطنته أنّها لا تتآلف ومقامه الجديد في بيعة الله، ويفقد الصوت الفاعلي والانفعالي في الجمعيّة، ويُعتَق من سلطة الرؤوساء، ويظلّ خاضعاً بقوّة نذر الطاعة للحبر الروماني وحده[9].

بند 2: يسترجع استعمال الأموال التي كانت له والانتفاع بها وإدارتها. ويكتسب لنفسه على وجه كامل الأموال التي تحصل له فيما بعد[10].

بند 3: له حقّ تغيير وصيّته التي كان قد حرّرها قبل إبرازه النذور المؤبّدة[11].

بند 4: يتدبّر الأموال التي تأتيه غير موحَّهة إلى شخصه، بموجب الشرع ونيّة الواهب[12]. 

  • بعد إتمام مهمّته، بالاستقالة أو الإقالة، وفقاً للقوانين، للأسقف حريّة اختيار محل إقامته، في أديار الجمعيّة أو خارجها. أمّا مَن عاد إلى الجمعيّة، فيستعيد كامل الحقوق والواجبات، ما عدا حقّه بالصوت الفاعلي والانفعالي، ويحتفظ بلقبه، ومقامه، وما له من إكرام، لا سيّما في الحفلات الطقسيّة[13]. أمّا بشأن أمواله الثابتة والمنقولة فيخضع لأحكام قوانين نذر الفقر لا سيّما الأعداد 45، 46، 47 و125 مع التنويه بأنّه لا يحتاج لموافقة الرئيس العام ومجلس شوراه بشأن التنازل عن أمواله المنصوص عنه في القانون 47.
  • إذا انتُدِبَ أحد أبناء الجمعيّة إلى رعاية إكسرخوسيّة، بصفة إكسرخوس، بدون السيامة الأسقفيّة، يكون حكمه حكم أصحاب الدرجة الأسقفيّة، ويسوس رعيَّته وفق رسوم الشرع، بخاصّة القوانين 311-321 من مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة. بعد نهاية خدمته، بالاستقالة أو الإقالة، أو بلوغ سنّ التقاعد، يعود الإكسرخوس الكاهن حكماً إلى الجمعيّة، ويستعيد كامل الحقوق والواجبات، أمّا الإكسرخوس الأسقف فيكون حكمه حكم الأسقف، كما ينصّ العدد 8 أعلاه.

ثالثاً: في خدمة الكرسيّ الرسوليّ

  1. إسهاماً في رسالة الكنيسة الجامعة، وخدمةً لمصلحة الجمعيّة، يحسن بالمرسلين، لدى توفّر الإمكانات والكفاءات، النزول عند طلب الكرسيّ الرسوليّ والقبول بوظيفة لا تستوجب الدرجة الأسقفيّة، في دوائر الكوريا الرومانيّة على أنواعها، مع التقيّد برسوم الشرع العامّ والخاص.
  2. عملاً بما توجبه النذور والمعاهدة المؤكّدة بالقَسَم، يلزم ضميريًّا عدم السعي مطلقاً إلى الحصول على هذه الوظائف والمناصب، ويَسوغ للناذر القبول بها فقط عند طلب الرؤوساء، واقتراح الرئيس العام وإذنه الخطيّ الصريح بموافقة مجلس شوراه.
  3. يبقى من انتُدِب للقيام بهذه الرسالة ابن الجمعيّة، كامل الحقوق والواجبات، مقيَّداً بنذورها، مُلزماً بحفظ قوانينها لا سيّما قوانين نذر الفقر والإلزام بتأدية الحساب. وعليه العودة إلى رئيسه في كلّ ما تفرضه القوانين، والعمل بتوجيهاته في أمر السكن والنفقات والأسفار، والنشاط الرسوليّ. وحيث لا مركز خاصّ للجمعيّة، يلزمه اختيار محل سكنه في أحد الأديار، أو البيوت المخصَّصة للإكليريكيّين، لا في الفنادق والمنازل أو بيوت الطلبة العلمانيّين.
  4. في حال ترقّيه في الوظيفة إلى مراتب ومناصب مقرونة بألقاب،– مثلاً لا حصراً وظيفة القاضي ومحامي العدل أو الوثاق في محكمة الروتا، أو محكمة التوقيع الرسوليّ ومحكمة التوبة الرسوليّة -، جاز له قبولها، بعد استشارة الرئيس العام. لكنّه يفقد الحقّ بالصوت الانفعالي لا الفاعلي في الجمعيّة.
  5. يستطيع الرئيس العام، بموافقة مجلس شوراه، عندما يراه مناسباً أو ضروريًّا، أن يُسند إلى من يُشغل وظيفة لدى الكرسيّ الرسوليّ، مسؤوليّات أو وظائف في الجمعيّة لا تعيقه عن حسن القيام بمهام وظيفته الأساسيّة.
  6. بعد نهاية خدمته، بالاستقالة أو الإقالة، أو بلوغ سنّ التقاعد، يعود حكماً إلى الجمعيّة، ويستعيد كامل الحقوق والواجبات.

رابعاً: في الوظائف الكنسيّة في لبنان

  1. مع التقيّد، نصًّا وروحاً، بمنطوق المعاهدة المويّدة بالقَسَم، تلبّي الجمعيّة، بدافع الغيرة، طلبات الرؤوساء المألوفين، وتسمح بأن ينخرط المرسلون في شتّى ميادين الخدمة الكنسيّة، وفق الإمكانات، والكفاءات، والحاجات (راجع ق 1، 3، 11، 12، 134).
  2. في سياق توجيهات المؤسّس[14]، ترتضي الجمعيّة بأن يَكلَ السيَّد البطريرك، – بعد استشارة الرئيس العام -، إلى أحد المرسلين مهمّة القيام بأمور تتعلّق بخدمة شخصه أو الكنيسة البطريركيّة جمعاء، حتى وإن لَزِم الأمر عندئذٍ أن يُخضِع غبطتُه ذاك المرسل مباشرةً لنفسه، ما دامت المهمّة قائمة[15].
  3. يستطيع المرسل – إنّما دون سعيٍ منه، بل على طلب الرئيس العام وبإذنه الخطيّ الصريح، بموافقة مجلس شوراه -، أن يُقدم على قبول وظيفة تُسندها إليه، عن طريق الانتخاب أو التعيين، السلطات أو الهيئات الكنسيّة العليا، شرط أن تتوافق وغاية الجمعيّة ومقتضيات الحياة المكرّسة (ق 75)[16].
  4. لا تعفي الوظيفة خارج الجمعيّة صاحبها من حفظ القوانين وعيش النذور، وتقديم الحساب عمّا يدخله من أموال وأجور (ق 45)، مع التشديد الكلّي على مواصلة السكن في الدير الذي ينتمي إليه، والمشاركة الأخويّة الفاعلة في الحياة الديريّة والاجتماعات الدوريّة، على نطاق الجماعة أو الجمعيّة. ولا يحقّ لأحد مطلقاً التخلّي عنها، ولا التغيّب، إلاّ بإذن صريح من رئيسه، أو في حال الضرورة المتكرّرة بتصريح خطّي من الرئيس العام بموافقة مجلس شوراه، يحدّد حصراً التفسيحات الممنوحة ومدّتها وشروطها.
  5. ليحذر مَن قُلِّد وظيفة خارج الجمعيّة الانعزال عن جماعته الديريّة، والتفرّد في عيشه، أو إهمال واجبات حالته المكرّسة، بل عليه اعتبار نفسه مُلزَماً أكثر من سواه بممارستها بأمانة وإتقان لتكون الحصن المنيع يقيه العثرات، والينبوع الخصيب يروي عمله ويؤتيه الثمار الوفيرة التي تدوم وبها يتمجّد الآب (يو 15/2، 8، 16).
  6. يُحذَّر على أصحاب الوظائف خارج الجمعيّة استعمال الدير، – قاعات وأمتعة وهاتف وما إليه – لقضاء شؤون وظيفتهم، إلاّ بإذن صريح من الرئيس، وبعد التأكّد من عدم إزعاج جمهور الدير، أو إعاقة حسن قيامهم بأعمالهم الديريّة والرسوليّة.
  7. يستطيع الرؤوساء، لا بل يلزمهم، بموافقة مجالس شوراهم، وفقاً للقوانين، تكليف المرسل، إلى جانب وظيفته خارج الجمعيّة، ببعض المهامّ والوظائف في الجمعيّة والجماعة الديريّة، مع مراعاة ظروف الحال والكفاءات، متجنّبين تعريض الأشخاص للإرهاق، أو الأعمال للإهمال.
  8. لا يستطيع المرسل أن يتقلّد وظيفة في مؤسّسة رهبانيّة أخرى، إلاّ بإذن خاصّ خطّي من الرئيس العام بموافقة مجلس شوراه.

خامساً: في الوظائف الكنسيّة في بلدان الانتشار

  • 24.   مع التقيّد بمرسوم شرعة الزائرين الدائمين، يستطيع الرئيس العام، بموافقة مجلس شوراه، أن يأذن لأحد المرسلين، في بلدان الانتشار، بقبول وظيفة خارج الجمعيّة، في الكنيسة المارونيّة أو في الكنائس الأخرى الكاثوليكيّة، ضمن توافر الإمكانات والكفاءات، والشروط الواردة أعلاه في شأن الوظائف الكنسيّة خارج الجمعيّة في لبنان (الأعداد 16-23).
  • يحتكم الرئيس العام، بموافقة مجلس شوراه، في شأن التعيين في وظيفة نائب عام أو نائب أسقفيّ، ضمن الشروط التالية:

بند 1: يبقى المرسل المعيّن في هذه الوظيفة مقيماً في ديره، ومع جماعته، وإليه يعود يوميًّا، بعد قيامه بمهمّته خير قيام.

بند 2: في حال عدم وجود مركز للجمعيّة، في ذات المدينة، يؤذن للمرسَل عندئذٍ بالإقامة في دار المطرانيّة، ويتبع نظامها، خاضعاً للأسقف في كلّ ما يعود إلى شؤون وظيفته، مثابراً على القيام بواجبات حالته المكرّسة، ليكون بمثله الصالح خير قدوة، تحقّق أهداف الجمعيّة وتجلب لها المزيد من الدعوات.

بند 3: لا يجوز مطلقاً أن يُمنَح من يقوم بهكذا وظائف الألقاب الفخريّة (مثل مونسنيور، أو خوراسقف)، وله أن يستعمل الشارات الحبريّة فقط في الاحتفالات الليتورجيّة ضمن نطاق الأبرشيّة التي يعمل فيها، وفق ما يرسمه الشرع العامّ والخاصّ[17].

  • 26.   تحتّم ضرورات الخدمة الرسوليّة، بعض الأحيان، على المرسلين العمل بمفردهم، في رسالات نائية، بدون جماعة ديريّة. على المسؤولين، في هذه الحالات، بدافع الغيرة، عدم التلكّؤ في تلبية حاجات النفوس، مع السهر الشديد على حسن اختيار الأشخاص، واستمرار التواصل معهم ومساعدتهم مع مراعاة أهميّة الحياة المشتركة ومضمون القانون /69/. «ومَن عُدَّ ثقة لهذه الخدمة» (1طيم 1/11)، يتوجّب عليه، مع بذل قصارى جهده في أداء مهامّه، ألاّ يتهاون في حفظ قوانينه وعيش نذوره، والتدقيق في ضبط حساباته، وإطلاع رؤوسائه، دوريًّا وبصراحة، على سير أعماله وسائر شؤونه.

سادساً: في الوظائف غير الكنسيّة خارج الجمعيّة

  • لا يستطيع المرسل أن يتقلّد وظيفة عامّة مدنيّة، غير كنسيّة، خارج الجمعيّة، إلاّ إذا توافرت الشروط التالية:
  • أن يكون المدعوّ للوظيفة من الناذرين مؤبّداً، إلاّ بتفسيح خاصّ من السيّد البطريرك، وإذن الرئيس العام بموافقة مجلس شوراه.
  • أن تندرج الوظيفة ضمن نطاق رسالة الكنيسة التبشيريّة التعليميّة، وخدمة القريب الروحيّة والاجتماعيّة.
  • ألاّ تتعارض الوظيفة مع متطلّبات الحالة المكرّسة، ولا تكون غريبة عن روحيّتها وأهدافها.
  • لا يستطيع المرسل أن ينخرط في حزب سياسيّ، ولا أن يتقلّد أيّ عمل نقابيّ أو حزبيّ، ولا أن ينتسب إلى منظّمات مدنيّة، أو علمانيّة غريبة عن رسالة الكنيسة ولا تتلاءم مع أهدافها.
  • يبقى أصحاب الوظائف المدنيّة غير الكنسيّة خارج الجمعيّة أبناء الجمعيّة، مقيّدين بنذورها، مُلتزمين بقوانينها، لا سيّما مكان الإقامة، وتأدية الحسابات، ومتطلبات الحياة المشتركة، والرسوليّة[18].
  • يدخل هذا النظام حيّز التنفيذ لدى إقراره في المجمع العام الذي له وحده حقّ تعديله وتعليقه وإلغائه.

[1] كتاب قوانين جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، مطبعة المرسلين اللبنانيين ، جونيه، 1929، ص. 1، عدد 1.

[2] قوانين جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة ، جونية، 2004، عدد 6، ص. 15.

[3] المرجع ذاته، عدد 9، ص. 16.

[4] . راجع أيضاً التصريح المجمعي، في تراث الجمعيّة الروحيّ، تاريخ 24/8/1971، عدد 44، و52. في كتاب دليل التنشئة، ص 196-197.

[5]  –  راجع مجلة القوانين الشرقية، ق 542.

1. راجع كتاب قوانين الجمعيّة ق 1 و2 و134. نُشير إليه فيما بعد، في صلب النصّ، بالحرف ق يليه رقم القانون.

2. من كلام المؤسّس، القوانين الأولى، 1-12-4، ص 41-42.

3. راجع أيضاً التصريح المجمعي، في تراث الجمعيّة الروحيّ، تاريخ 24/8/1971، عدد 44، و52. في كتاب دليل التنشئة، ص 196-197.

4. م.ق.ك.ش.، ق 431، بند 2-1″.

[10]. راجع م.ق.ك.ش.، ق 431، بند 3-2″.

[11]. راجع قوانين الجمعيّة، ق 128، والشرع العام ق 530.

[12]. راجع م.ق.ك.ش.، ق 431، بند 3-3″.

8. ق 431، بند 3-2″. ق 431، بند 2-2″؛ ق 62؛ ق 211، بالمقارنة مع قانون 707، من الحقّ القانوني للكنيسة اللاتينيّة.

9. راجع القوانين الأولى 1-13-19، ص 59-60.

10. راجع م.ق.ك.ش. ق 89 – بند 2.

11. م.ق.ك.ش. ق 431، بند 1، وق 538 بند 2، وق 984.

12. راجع م.ق.ك.ش. ق 430 وق 250.

[18]. راجع م.ق.ك.ش.، ق 371 – بند 3، 382، 383، والشرع الخاص للكنيسة المارونيّة المادة 45 و46 و47.

Scroll to Top