جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في خدمة البؤساء إبان الحرب العالمية الأولى
الأب جان ماري المير
تتشابه الحروب في أسبابها وويلاتها وتختلف بأساليبها ووسائلها، لكنها تبقى كلها عبئًا على الشعوب. تسلبها السلام ورغد العيش، وتكلّفها ألمًا ومعاناةً وحرمانًا. وها نحن في سنة 2014 نعيش المآسي ونفتقد السلام ورغد العيش وندفع ثمن المعاناة وشظف العيش تمامًا كما عانت الشعوب سنة 1914 إبّان الحرب العالمية الأولى. وبالمناسبة، في الذكرى المئوية الأولى لهذه الحرب الأليمة بفظاعة مآسيها، وأمانةً للتاريخ وصونًا للقيم، وتقديرًا للمساعي الخيّرة الكثيرة التي حاول العديدون القيام بها لتخفيف وطأة الألم والجوع، ننشر هذه الصفحات لتبقى نورًا يغلب الظلمات وقدوة لكل جيل وزمان تتكرّر فيه الحروب. وإن كان ضجيج الحروب عاليًا فإن عمل السلام الصامت هو الذي يبقى ليترك علامة رجاء تفتح الأفق للحياة.
ما اندلعت الحرب العالمية الأولى حتى انقسمت معظم دول العالم إلى تيارين أو حلفين، فعمد كل منهما إلى استغلال هذه الفرصة من أجل بسط سلطته وزيادة نفوذه ومضاعفة مستعمراته، مستخدمًا في سبيل ذلك كل الوسائل والإمكانات والإبتكارات التي يمكن الاعتماد عليها بغية تحقيق هدفه.
دخلت السلطنة العثمانية الحرب إلى جانب دول المحور الالماني وقد كان لقرارها هذا إنعكاساته السياسية والعسكرية والإقتصادية على الشعوب التي كانت خاضعةً لها منهم أبناء جبل لبنان.
سنحاول في دراستنا هذه نقل صورة مصغّره عن واقع جبل لبنان في الحرب العالمية الأولى لننتقل بعد ذلك إلى دراسة مساعي رئيس عام جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة وآبائها لوضع حدٍ للنتائج المترتبة والناجمة عن هذه الحرب ولاسيما على الصعيدين الإنساني والاجتماعي.
اولاً: انعكاس الحرب العالمية على الأوضاع السياسية والإقتصادية في جبل لبنان
أدّى دخول السلطنة العثمانية الحرب إلى جانب دول المحور إلى انعكاسات عديدة على جبل لبنان، سياسيًا واقتصاديًا. وسنحاول هنا نقل هذا الواقع بطريقة مقتضبة، وغايتنا ابراز، ولو باختصار الجوّ العام الذي كان سائدًا في جبل لبنان، إبان الحرب العالمية الأولى.
- واقع جبل لبنان السياسي في غضون الحرب العالمية الأولى
أعلن جمال باشا[1]، بُعيد وصوله إلى دمشق في 5 كانون الأول 1914، الأحكام العرفية في الولايات العربية، وقد شمل ذلك جبل لبنان، كما وجه إليهم بلاغًا يُحذِّرهم فيه من الإخلال بالأمن وبسلامة المملكة، ومن إظهار أي عطف ومحبة نحو دول الحلفاء، وإلا سيحال كل من سيخالف ذلك إلى الديوان العرفي[2]. وقد بعث جمال باشا، في الموضوع عينه، برسالة إلى البطريرك الياس الحويك[3] بتاريخ 29 كانون الأول 1914، طالبًا منه فيها “بذل النصائح والارشادات التي لا شك قط في حسن تأثيرها، وذلك قيامًا بواجب الشفقة لوقاية بعض مواطنيكم من سوء العاقبة”[4].
لم ينتظر جمال باشا نتائج تاثيرات إرشادات البطريرك الحويك، إذ سرعان ما أقدم على إقامة الديوان العرفي في عاليه، وأخذ يستدعي إليه أعضاء من مجلس الإدارة وكبار الموظفين، ليوعز إليهم بالسفر الى الأناضول[5].
بعد نفي جمال باشا لأكثر أعضاء مجلس الإدارة، أقدم على حلّه في 23 آذار من العام 1915، وأصدر في الربع الأخير من أيار 1915، أمرًا بتأليف مجلس إداري جديد. وتمّ تاليف هذا المجلس من الأعضاء التالية أسماؤهم:
لوحة بيانية بأسماء أعضاء مجلس الإدارة الجديد الذين عيّنهم جمال باشا
الاسم | الطائفة | القضاء |
احمد الحسيني اسعد مخايل لحود سليم داود تابت حسين الحجار(بعد وفاته ابنه عبد الحليم) الأمير سامي ارسلان مقعد شاغر الشيخ عقل أبي صعب الدكتور زخور بك العازار يوسف بك بردويل فؤاد عازوري المقدّم رشيد مزهر ابراهيم بك الاسود اسكندر بك الخوري | شيعي ماروني ماروني سني درزي درزي ماروني الكورة زحله جزين المتن المتن المتن | كسروان كسروان دير القمر دير القمر دير القمر دير القمر البترون روم ارثودكس روم كاثوليك ماروني درزي روم أرثودكس ماروني |
المصدر: الحكيم، يوسف، بيروت ولبنان… ص 183؛ خاطر، لحد، الانتخابات… ص 104.
استقبل اللبنانيون المجلس الاداري الجديد بفتور ممزوج بالقلق على مصير نظام جبلهم. أما المتصرف أوهانس باشا( 1913 – 1915)[6] فلم ينسجم مع هذا المجلس، وعامله بطريقة فظّه وجافة، مما جعله يتعرّض لضغوطات رضا باشا وجمال باشا. إزاء هذا الوضع المتأزم قدّم أوهانس باشا في 5 حزيران 1915 أستقالته، وتسلّم حليم بك رئيس المالية مقاليد حكم المتصرفية بالوكالة[7].
وبعد ثلاثة أشهر على المرحلة الانتقالية، أصدرت الحكومة العثمانية في شهر أيلول الإرادة السلطانية بتعيين علي منيف بك ( 1915 – 1916)[8] متصرفًا على لواء جبل لبنان، وجعله مرتبطًا مباشرة بوزارة الداخلية في اسطنبول؛ وبواسطة هذا التعيين، انتهى امتياز جبل لبنان[9].
وصل علي منيف بك إلى بعبدا في آخر شهر أيلول 1915، وعمد إلى تنسيق الإدارة في جبل لبنان على مثال ما يجري في الولايات والألوية المستقلة المرتبطة مباشرة بوزارة الداخلية. فعيّن ممثلين عن أبناء جبل لبنان في مجلس “المبعوثان” ( المجلس النيابي العثماني). وفي غضون عهد منيف بك، أصدر المجلس العرفي أحكام الاعدام بحق اللبنانيين الذين اقتيدوا قوافل إلى المشانق بدءًا من أواخر شهر آب 1915 وحتى 6 أيار 1916 [10].
خلف علي منيف بك المتصرّف اسماعيل حقي ( 1916 – 1918 )[11] الذي نقل عند نهاية الحرب إلى ولاية بيروت، ليخلفه في المتصرفية ممتاز بك ( من 3 آب 1918حتى 30 أيلول من العام نفسه) الذي انتهى معه العهد العثماني.
- وضع جبل لبنان الإقتصادي في الحرب
لم يكن الوضع الاقتصادي في جبل لبنان، أثناء الحرب العالمية الأولى، أفضل حالاً من الوضع السياسي. فقد اشتدّت الأزمة الاقتصادية اشتدادًا عظيمًا حتى أدت إلى مجاعة، وأخذت تفتك بأهالي هذا الجبل واحدًا تلو الآخر. أما أسبابها فعديدة، نذكر منها:
توقف الحركة التجارية نتيجة الحصار البحري الذي فرضته أساطيل الحلفاء على طول سواحل الدولة العثمانية، بما فيها الساحل اللبناني، فمنعت بذلك السفن من الدخول إلى الموانىء اللبنانية أو الخروج منها، فانقطع الكاز والسكر والارز ومشى المحتاجون حفاة عراة، ولبس بعضهم الجنفيص واقتلعوا الاعشاب ليأكلوها ولم يعفوا عن لحوم الحيوانات الميتة[12]. وبانقطاع المواصلات البحرية، انقطع وصول أموال المغتربين إلى ذويهم. وقد كانت أسر كثيرة تعتمد في معيشتها على المساعدات المالية التي كانت تردها من بلاد الإغتراب.
بالاضافة إلى ذلك، فإن السلطنة العثمانية صادرت جميع البضائع والمنتوجات الزراعية لإطعام جيشها، كما منعت دخول القمح وسائر الحبوب من سوريا وحوران والبقاع… مما أدّى إلى فراغ الأسواق من البضائع والسلع، وارتفاع اسعارها ارتفاعًا فاحشًا فبيعت المنازل والارزاق بأثمان بخيسة[13].
وفي نيسان 1915 اجتاحت جبل لبنان أسراب كبيرة من الجراد، ففتكت بالمزروعات والتهمت أغصان الأشجار الخضراء فكانت أشجار التين، والعنب والجوز وباقي الأشجار المثمرة قد بدأت تورق فالتهمتها الجراد ولم يسلم من الزراعات الشتوية إلا البصل والثوم المغمورين بالتراب،[14]، وقد ” ظل هذا الجراد نحوًا من أسبوع حاجبًا عنا نور الشمس يسرح ويمرح في الأراضي كلها غير مُبقٍ على شيء من النبات والزرع والشجر، ومن كل أخضر في الحقول والسهول والأحراش والبراري”[15].
في أواخر سنة 1915، أصدرت السلطنة العثمانية كميات كبيرة من العملة الورقية، فهبطت قيمتها بالنسبة إلى النقد الذهبي والفضي هبوطًا كبيرًا. ولكنها كانت تصرّ على اعتبار الليرة الورقية مساوية لليرة الذهبية، وكانت تجبر الناس على قبضها والتعامل بها[16]. بالاضافة إلى ذلك فقد انتشرت في لبنان سوق سوداء للمتاجرة بالنقد أدّت وبشكل خطير إلى ارتفاع جنوني في أسعار الليرة الذهبية وانخفاض قيمة العملة الورقية، مما أدّى إلى نسبة تضخم كبيرة نتج عنها ارتفاع أسعار المواد الغذائية الضرورية التي كانت تحتسب اسعارها على أساس الليرة الذهبية[17].
إن هذه الأسباب وسواها خلّفت مجتمعة مجاعة لم يعرف جبل لبنان مثيلاً لها. فأودت بحياة الكثيرين، كما دفعت آخرين إلى الهروب نحو البقاع سوريا وحوران…طلبًا للقوت.
ونكبت البلاد فوق ذلك بالمرض، فانتشرت الحُميات والأوبئة، وفتكت فتكًا ذريعًا بالسكان، فكان القمل ينقل حمى التيفوس، وكانت الجرذان تنقل عدوى الطاعون، أما الجدري والهواء الأصفر والملاريا فكانت ضحاياها تُعد بالآلاف وذلك لانعدام الوسائل الصحية والأدوية الكافية[18].
إن هذه الأسباب وسواها قد أدت إلى ضائقة اقتصادية، قُضي من جرائها على معظم سكان جبل لبنان. ففي هذا الصدد تذكر المؤرخة ليندا شاتكوفسكي شيلشر أن هذا الجبل فقد من جرّأ المجاعة حوالي 200 ألف من أبنائه[19].
وإن ما تعرض له هذا الجبل من ضيق وظلم وتنكيل ومجاعة قد أصاب أيضًا قرى وسط كسروان والتي تشكل جزءًا منه. وهذا ما سنحاول إظهاره من خلال دراستنا لمساعي رئيس عام جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة و آباء دير الكريم في سبيل سدّ عوز المحتاجين أمام المجاعة التي أخذت تفتك بأبناء القرى المجاورة لهذا الدير.
ثانيًا: مساعي قدّس الأب العام يوسف مبارك وآباء دير الكريم لمساعدة المحتاجين
بعد أن عرضنا بطريقةٍ مقتضبة واقع جبل لبنان عشية الحرب العالمية الأولى، فإننا سنورد الآن بعض الشواهد التي تظهر بشكلٍ جليّ ما أصاب بعض مناطق وسط كسروان وساحله من جراء أهوال هذه الحرب، وذلك للإنطلاق من العام إلى الخاص ولإبراز الدور والمساعي الحميدة التي قامت بها جمعية المرسلين في سبيل إغاثة الفقراء والمحتاجين.
- واقع مناطق وسط كسروان وساحله في غضون الحرب العالمية الأولى
- ساحل كسروان
لقد تمّ تدوين على كتاب الشحيمة الموجود في كنيسة مار نهرا ساحل علما بعض المعلومات التفصيلية عن الحرب العالمية الأولى ومما جاء فيها: ” سنة 1914، كان الحرب العمومي ودام أربع سنوات. وعمّ الغلاء الفاحش الكون فجاع العالم وخصوصًا لبنان. فمات من جرى ذلك ثلث سكانه. ومن هذه القرية فقد قيمة أربعماية شخص أكثرهم جوعًا. وفي بعض محال أكل الناس بعضهم بعضًا إذ رطل الحنطة بلغ حتى ليرتين وربع عثماني أي نحو 55 فرنكًا. وماتت الحركة التجارية والأشغال وقفت كلّها تمامًا ثم تفشّت الأمراض التيفوسية والجدري وقسى القلب الغني، يديّن القريب قريبه بفائدة الماية ماية ومايتين ويستبيح أرزاقه بثمن تافه. فانقرض الشغّيل والفاعل وأصحاب الصنائع ولم يسلم غير المزارع والغني. وكانت الناس في الليالي بدون نور حيث بلغ الكاز الرطل عشر ليرات عثمانيّة أي ما قيمته عشرون فرنكًا. وكانت البلديّة في جونيه ترسل بواليسها… إلى قَيم الموتى إلى وادي الزوق…يأخذون من العشرة إلى العشرين عدا الذين يموتون في المعاملتين والنواحي الذين مشتركين في بلديّة جونيه مثل قريتنا ، ساحل علما، والذين يموتون في حارة صخر وصربا حتى أنَّ الوالدين كانوا يأكلون أولادهم. ومن جملة ما صار في قريتنا أنَّ جرجوره التحومي قد نظرته امرأة يأكل من لحم حمار كان مائت في المعاملتين فأخذ من جسمه فخذ وابتدأ يأكل فيه على مدة يومين، وكان هذا الفخذ يعمل عزائم إلى أصدقائه الذين كانوا بجيرته. وكنت ترى الفقراء يطوفون البراري يفتشون عن الاعشاب والبلوط وما كنت ترى في الطريق قشرة الليمون ومن جميع القشور. وكثيرون هم الذين سلقوا عَجو الأكدنيا وزحفوها وأكلوها ثم ماتوا جوعًا على الطرقات.”[20]
كما نجد بعض المعلومات عن الحرب العالمية الأولى دونها أنطونيوس نجيم على كتاب ريش قريان المطبوع عام 1841، والموجود أيضًا في كنيسة مار نهرا ساحل علما[21] ومما جاء في هذه الكولوفون[22]:
” …إنه في اليوم الأول من شهر تشرين الأول 1918، دخلت جنود الحلفاء بلادنا سوريا واحتلّت. وكانوا كلّما مرّوا ببلد على السواحل البحرية تلاقيهم الأهالي باشة الوجوه فرحة بهم، بيد الأغلب البندقيات يطلقونها فرحون بدويّها نصر الحلفاء.فيا لذلك اليوم من يوم سعيد تخلّنا به من عبودية الأتراك والألمان ومن المجاعة… وفي أثناء خمس سنوات الحرب ما يزيد عن الخمسمئة نفس في قريتنا ساحل علما ناهيك عن الأمراض المختلفة التي تضربة (ضربت) عصاها أنحاء بلادنا سوريا وعن القرى … ومن الذين كانوا سببًا لموت البعض من الناس أيضًا…”.
وفيما بعد قد تمت في 28 تموز 1918، زيادة ما يلي: ” إن الحرب الكونيّة بقيت أربع سنوات 1914 – 28 تموز 1918 من جرائها حلّ الويل والدمار بالانسانية جمعاء وعمّ الغلاء الكون كله وكان نصيب جبل لبنان من ويلاتها الضيق والموت. فمن جرّاء المجاعة مات ما ينيف عن ماية وثلاثين ألفًا ومن نفس هذه القرية مات ما يناهز الأربعة ماية شخصًا لأن رطل الحنطة بلغ المايتين غرشًا صاغًا. وقد طغى الاتراك فنفوا كثيرين وعلقوا المشانق لكثيرين أيضًا ومنعوا الحنطة عن جبلنا، فقاسينا المجاعة والموت”.
- وسط كسروان
أورد الأب ابراهيم حرفوش في ماجرياته[23] أنه في 13 نيسان من العام 1915 وأثناء إقامته في دير الكريم غوسطا ” وفد الجراد علينا وكاد يحجب الشمس لكثرته فهلع الناس لقدومه يناوئونه دون جدوى”. وظل الجراد يتجول في ربوع هذه المنطقة بالرغم من تدني درجات الحرارة إلى شهر كانون الثاني 1916[24].
وهكذا أخذت أهوال هذه المجاعة تتضاعف يومًا بعد يوم وهاتيّن شهادتيّن أخريين ينقلهما لنا الأب ابراهيم حرفوش في ماجرياته. ففي تموز 1916 ” تزايد الجوع ولم يزل الغلاء ضاربًا رغمًا عن اقبال الموسم، وذلك بسبب احتكار الحكومة القمح لحاجيات الجيش. واتفق ان وقعت في وهق بصنارة في البستان انثى ابن آوى، فبدا لنا طبخها للخنزير. فلما درى الفقراء بذلك تهافتوا على هذا اللحم المسلوق وأكلوه بنهم. ذكرنا ذلك لئلا يرتاب البعض بصحة ما ورد في التواريخ من هذه الأمور ومشاكلها. فليس إذًا بغريب عن العرف ما ورد من الروايات في حصار أورشليم وباريز وغير ذلك من الأمور التي نستصعب تصديقها ايام الرخاء؛ وقاّنا الله. هذا، وقد تجددت وطأة الهواء الأصفر في طرابلس وجوارها” [25].
” في 23 منه (تموز 1916): رأى الأب السبعلي ولدين من غوسطا بالقرب من حارة الشيخ بان الخازن يستخرجان الشعير من روث الفرس ويأكلانه بنهم. وقد كان أخبرنا البعض أن كثيرين من أهل بيروت وغيرها يترددون إلى إسطبلات خيل العسكر فيجمعون حبوب الشعير من روث الخيل ثم يصولونها ويغسلونها ويعرضونها للشمس ثم يطحنونها. فاستغربنا ذلك بادىء الامر، واما الآن فقد شاهدنا الأمر بأم العين. وهل من ضيق ينتظرنا أعظم من هذا؟ فالله أعلم! وقد ورد في سير الآباء السيّاح كمكاريوس المصري وغيره انهم كانوا يفتشون على مآكل نظير هذه ويأكلونها. فما كان يفعله هذا القديس عن زهد في الدنيا يفعله الفقراء الآن عن اضطرار”[26].
عمد الأب ابراهيم حرفوش إلى إحصاء عدد الأموات والأحياء والأيتام والآرامل في كل من قرى درعون وغوسطا وبطحا وذلك من آب 1914 إلى كانون الثاني 1917. “فكان عدد الموتى في درعون حريصا 165، وعدد الأحياء في المحلين 1203، ومن هذا العدد 252 ارامل وايتام والباقون مما سواهم أي 951، وأرسلت هذه اللائحة إلى لجنة الاحسان الآتية من اميركا باسم الصليب الاحمر والهلال الاحمر. ثم أعيدت اليّ، لأن الحكومة أخذت على نفسها هذا الاحصاء : بطحا الاحياء 271 والأموات 111. غوسطا الأحياء 1213، والأموات 184، وفي هذا العدد من الأحياء 100 ارملة و6 أيتام”[27].
هذه الشواهد الخطية التي أوردنا ليست سوى نموذج بسيط عن الواقع المرير الذي عرفه جبل لبنان عامةً وهذه المناطق خاصةً في غضون الحرب العالمية الأولى. فالفقر والجوع كما رأينا كانا يفتكان بسكان المنطقه، هذا بالاضافة إلى الأمراض والأوبئة.
- دير الكريم والحرب العالمية الأولى
أمام هذا الواقع الأليم وهذه الظروف العصيبة والمريرة، لم يقف رؤساء الأديار ورجال الدين مكتوفي الأيدي، إنما بذلوا قصارى جهدهم في سبيل مساعدة الفقراء وسدّ عوز المحتاجين، ففتحوا أبواب الأديار، وقدموا المساعدات اللازمة.
من المبادرات الإدارية والتنظيمية الخيرية التي قام بها رؤساء أديار منطقة وسط كسروان ما سُمّي ب “المشروع الخيري” الذي ضم الأديارالتالية: دير المخلص – الكريم، دير سيّدة النصر – نسبيه، مدرسة عين ورقه، دير مار شليطا – مقبس، دير سيدة النجاة الشرفه، ودير المرسلين البولسيين. وقوام هذا المشروع هو التعاون من أجل مساعدة أكبر عدد ممكن من المحتاجين والمعوزين[28].
ولوضع هذا المشروع موضع التنفيذ أقدم رؤساء هذه الأديار على دراسة إمكانيات كل دير في مساعدة هؤلاء المحتاجين ووضع لوائح بأسمائهم.
من جهته كان دير الكريم السبّاق في هذا الموضوع الرسولي وفي بسط يد العون لكل من يقرع بابه ويلتمس أي مساعدة من قاطنيه. وهذه لوحة بيانية بتوزيع الفقراء على الأديار وتظهر عدد الأشخاص الذين أدرجت أسماؤهم ضمن لائحة الأشخاص المستفيدين من هذا المشروع والذين كانوا يأمّون دير الكريم من أجل الحصول على أوقية ونصف الوقية من الطحين في اليوم:
لائحة بيانية بتوزيع الفقراء على الأديار خلال الحرب العالمية الأولى
اسماء الأديار | عدد الأشخاص | وزن القمح بالقنطار | رطل شهريًا |
مدرسة عين ورقه دير الكريم دير نسبيه دير مار شليطا دير الشرفه دير البولسيين المجموع | 150 130 100 70 80 10 540 | 5 4 3 2 3 20 | 62،20 87،20 75 62،20 37،20 25 |
المصدر: ماجريات الأب ابراهيم حرفوش، جارور الأب ابراهيم حرفوش، أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، دفتر رقم4، صفحة 40-41.
الأب بولس عبود، وثائق ...، ص 191.
من خلال هذه اللائحة يمكننا أن نستنتج الإشعاع الرسولي الذي لعبه دير الكريم في المحيط الموجود فيه. فدوره هذا كان فاعل وفعّال وهو لا يختلف كثيرًا عن رسالة باقي الأديار فهذه الجمعية رغم حداثة تأسيسها وقلة عدد كهنتها وضعف إراداتها المالية قد استطاعت أن تلعب الدور المرجو منها وتشارك بهذا المشروع بكل فعالية.
أما كيفية حصول رؤساء هذه الأديار على القمح فقد تمَّ بمسعى من بطريرك السريان الكاثوليك افرام الرحماني ( 1898-1929)[29] الذي رفع معروضًا إلى مدير شركة القمح نجيب بك الأصفر[30]، يطلعه فيه على غاية اللجنة المؤلفة من رؤساء الأديار، ويطلب منه الحصول على الموافقة من أجل تسلم الحنطة وتوزيعها مجانًا على المعوزين[31]. وهكذا تم، فتمكن نجيب بك الأصفر من عرض هذا المشروع على المتصرف علي منيف، والحصول منه على الموافقة بتخصيص ماية واربعة عشر قنطارًا[32] من الحنطة مقطوعية الخمسماية وأربعين شخصًا لمدة ستة أشهر بمعدل 300 غرام للشخص الواحد يوميًا. ويكون تسلم تلك الكمية من مستودع الحدث على ست دفعات، بمعدل تسعة عشر قنطارًا كل شهر. وفي نهاية كلّ شهر، يجب تقديم لائحة بأسماء الذين تم توزيع الحنطة عليهم إلى إدارة شركة القمح[33].
بعد الحصول على الموافقة من السلطات وتوفر المال اللازم لشراء الحنطة بوشر العمل بهذا المشروع. ففي 15 تشرين الأول 1916، كتب بطريرك السريان إفرام الرحماني الثاني رسالة إلى الأب بولس عبود ر.ل.م ( 1870 – 1941)[34]، يبلغه فيها أن شركة القمح ستعمد إلى تسليم مقدار من القمح لشهر أو لشهر ونصف، وذلك نهار الإثنين من مستودع الحدث. وطلب منه أن يبلغ رؤساء الأديار أن يرسلوا من يتسلّم نصيبهم من القمح، لتوزيعه على أبناء المنطقة. هذا بالاضافة إلى ضرورة مراسلة دير الكريم ودير عين ورقه من أجل هذا الموضوع، وليؤديا الدراهم المتوجبة عليهما لدى تسلمهما نصيبهما من القمح[35].
هكذا انطلق هذا المشروع وبدأ العمل به، وقد ساهم نوعًا ما في تخفيف حدّة هذه المجاعة وموت السكان من جراء الجوع والفقر. غير أن رئيس دير الكريم الأب نعمة الله مبارك (1866 – 1949)[36] وجمهور ديره لم يتوقفوا عند هذا المشروع وهذا العدد من الأشخاص الواردة اسماؤهم في هذه اللائحة. إنما صرف الإكليريكيين والطلاب المقيمين في الدير إلى منازلهم، كما ظلوا بالمقابل محتضنين إكليريكيي أبرشية بيروت الذين كانوا يقيمون ويتنشئون في الكريم[37]. وقد بلغ عدد سكان هذا الدير في تلك الآونة خمسين شخصًا. كما إنهم ظلوا أيضًا محافظين على شركاء الدير ومحتضنيهم، وقد كان يتجاوز عددهم المائة شخص، وقد عاملوهم كمعاملة أبناء الدير أنفسهم. فكانوا لا يبخلون عليهم بشيء ويقدمون لهم كل ما توفر لديهم من قوت وغذاء[38].
كما أن الجمعية لم ترد فقيرًا واحدًا طيلة أيام الحرب. بل كانت تعتبر جميع الفقراء كانهم من سكان الدير، ومن أبناء الجمعية، ولا تزال سائرة على خطتها هذه حتى يومنا هذا. ويذكر أنه في أحد أيام الحرب إستقبلت الجمعية في يومٍ واحد ألفي ومائتي فقير وذلك في ديريها جونيه وغوسطا. وهذا الأمر دفع غبطة البطريرك إلى القول بأن أبناء الجمعية :” باذلين في سبيل ذلك (مساعدة المحتاجين ) النفس والنفيس”[39].
- دير الكريم ملجأ المضطهدين وحاميهم
كان دير الكريم ولا يزال ملجأ ومركز استقطاب لجميع المؤمنين سواء في زمن الحرب أم في زمن السلم. استقبل دير الكريم في الحرب العالمية الأولى عددًا لا يستهان به من الأشخاص الذين حلّوا ضيوفًا في ربوعه هربًا من الجوع ومن الجور التركي والاضطهاد وقد عُرِف منهم: سيادة المطران شكرالله خوري (1863-1934)[40]؛ وقد دوّن حول شأنه الأب ابراهيم حرفوش ما يلي: “ومنها ( كانون الثاني 1916) مغادرة سيادة شكرالله صور وحضوره للدير هنا هربًا من ضيق الحال”[41]؛ عبدو ديب زيدان[42] شقيق الأب جبرايل، اسكندر أخرس من حلب شقيق المطران ميخائيل أخرس، ورفله صالحه وبهجت نحاس من صور، وسعيد آدمو من سعرت، وجبرا طنوس من حيفا[43]…
وفي آذار من العام 1916 يذكر الأب ابراهيم أن الحكومة العثمانية خرقت “حرمة القنصلية الافرنسية”[44] واطلعت على قماطرها وأوراقها فنزل سخطها في كثيرين منهم المطران بطرس شبلي (1870-1917)[45] الذي نفي إلى اطنه وقضى نحبه هناك على ما هو مشهور. اذاء هذه الواقعة ولأخذ المزيد من الاحتياطات والتدابير ولاسيما بعدما انتشرت الاشاعات التي تردد “أن السلطات العسكرية عادت تشدد في طلب بطريرك الموارنة، فهاجت خواطر اللبنانيين، وخشي الجميع سوء العاقبة، كما خاف البطريرك من شيوع ما شاع، ودفعه الاحتياط إلى نقل محفوظات الأرشيف البطريركي إلى دير الكريم – غوسطا” [46].
لم يكن دير الكريم غوسطا قبلة أنظار المحتاجين فقط، إنما المضطهدين أيضًا. عندما شعر غبطة البطريرك بدنو استغاث بمن هو مقرب ومحبب إليه وموضع ثقه فطلب إليه المحافظة على الوديعة الثمينة والمدافعة عنها ريثما تنجلي المكارب وتعود الأمور إلى نصابها السالفه.
وها هم أبناء جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة يقفون إلى جانب غبطته خاضعين له محتضنين هذه الوزنة بأمانة، راضين بهذه المجازفه، وحاملين هذه المسؤولية بكل تجرد وطيبة خاطر، وراضين باجتراع الكأس عينها إذا دعا الواجب إلى ذلك.
- الأب نعمة الله مبارك رئيس دير المخلص الكريم – غوسطا والحرب العالمية الأولى
مع بداية الحرب العالمية الاولى انفتح أمام الأب نعمة الله مبارك الميدان للجهاد المسيحي، واضطر أن يخوضه، بكل أمانة ومسؤولية وحكمة وعطف وحنان… فكان لأبناء الجمعية ولكل من يقرع أبواب الدير بمثابة الأب الحنون الذي يحتضن أبناءه في خضم المصاعب.
فجمعية المرسلين، كما سبق وذكرنا، أبت أن ترسل طلابها إلى منازلهم تخفيفًا عنها، إنما احتضنتهم كما احتضنت جمهور الآباء والإخوة الدارسين التابعين للجمعية وتلامذة ابرشية بيروت، والمساعدين، وشركاء الديروالفقراء… مّما حمل الأب نعمة الله مبارك إلى رهن أوبيع كل ما تملكه الجمعية في سبيل تأمين عيش من أتمن على أرواحهم. كما أنه تجشم الأسفار الخطرة والمضنية، مرة بعد مرة، نحو سوريا والبقاع، ليجلب القمح والحبوب … وواجه في رحلاته هذه الضيق والتعب والمشقات والأخطار؛ ففي الرابع عشر من شهر تشرين الثاني 1915 وجّه رسالة إلى حضرة الأب يوحنا غصن (1870-1945)[47] رئيس الرسالة اللبنانية في الأرجنتين عارضًا فيها للواقع المرير وطالبًا منه المساعدة المالية. لكن قلم المراقبة اقتطع قسمًا منها وحذفه، وهذا أبرز ما جاء فيها:
” اذا سالتم عن المواسم وغلات الأرض واجارات المغالق فالجواب ( واقول لكم الحق يا ابتِ) انها عدم ولولا عناية الله الابوية لكنا في حالة يرثى لها ولكن شكرًا لله الذي لا يهمل من يتكل عليه ملقيًا عليه كل همه فانه حافظ على كبارنا وصغارنا كما يحافظ على حدقة العين. الصلوات في كل مكان مرتفعة إلى العلا وحالة الفقراء تفتت الاكباد. فمن هنا تعلمون انكم اذا ارسلتم لنا الف ليرة دفعة واحدة لا تكونون ارسلتم أكثر من اللازم. فيما أبتِ اذا كان في الإمكان إرسال هذه الكمية فلا تبخلوا بها على أمكم الجمعية التي تحبكم وتصلي لأجلكم وتحفظ لكم في سجلاتها وقلوب بنيها أجمل ذكر. فهذه الكمية وغيرها اذكر أنكم تقون من الهلاك جوعًا شركاءنا وجيراننا وعددًا كبيرًا من الفقراء الذين لا يعفون لهم ملجا سوى ديرنا. وقلبنا لا يطاوعنا ان نرد أحدًا خائبًا بعد ما نراه مصفرّ اللون خائر القوى يكاد يسقط على الأرض من الجوع آه لو كان يعلم ذوو الغنى في أطرافكم كالخوجا يوسف المعلم وغيره بحالة بلادنا لكانوا يحتسبون أفضل تجارة لهم وأشرف واسطة لاستعمال أموالهم انقاذ اخوانهم من أنياب المجاعة.
لانعلم إلى أي حد يتصل الضيق في هذا الشتاء القادم وكم يموت من الناس جوعًا فهذه أيامكم يا من تحنون إلى الأعمال الخيرية. وهذه هي أوقات أعمال الرحمة المسيحية فيا حبذا أبت لو ناديتم في أبناء الوطن هناك لتجمعوا الاحسان منهم بل ليرسلوا لاهاليهم الدراهم عن يد سخية وهنا يمكن للمحتاج ( قص قلم المراقبة البقية)[48].
ولكن بمقابل ذلك فانه إكتشف كيف أن عناية الله كانت ترعاه. فمثلاُ في 25 آذار سنة 1917 سافر الأب مبارك إلى حلب حاملاً معه كمية من المصاغ والنذور ليبيعها ويشتري بثمنها كمية من الحنطة ليوزعها على الفقراء، ويستدين كمية أخرى من المال. فخلال سفرته هذه قد أضاع وثيقة سفره التي فات وقتها ولم تعد صالحة. فلما وصل الى حلب إذا بالبوليس يستدعيه إلى الدائرة، ويحيله إلى المدير الأعلى وهذا الأخير يرسله إلى المديرية.
وفي المديرية يلتقي بالمطران أخرس وبشقيقه اللذين طلبا إطلاق سبيله مقابل كفالة مالية. على أن يحضر إلى محكمة الصلح لتبرره، وإعطائه وثيقة جديدة. وفي الغد تمَّ كما طلب منه وباع المصاغ بثمانين ليرة عثمانية ذهبًا واستدان من آل أخرس 600 ليرة ورق تركيه، واشترى الحنطة وعاد إلى الكريم حاملاً إياها من أجل توزيعها[49].
هذه حادثة من مجموعة الحوادث والمجازافات والمهمات التي واجهها وقام بها الأب نعمة الله مبارك. فرسالته لم تقتصر فقط على الجمعية إنما تعدّتها لتشمل الطائفة المارونية بحيث أوكله غبطة البطريرك الياس الحويك بمجموعة مهمات “كزيارة الرعايا المارونية” و”استحصال القمح من السلطنة العثمانية” وغيرها من المهمات التي تعود بالخير على الطائفة المارونية [50] .
- السياسة التقشفية التي إعتمدها أبناء دير الكريم
المحنة القاسية التي ألمّت بالكريم وساكنيه، وطارقي أبوابه، من جراء أهوال الحرب، أثرت في حياة الدير وفي جميع ساكنيه كما تركت بصمات حملها جميع قاطنيه طيلة مسيرة حياتهم. فقد أمَّ الدير مئات الجياع والمصابين، وسُدّت أبواب الرزق والتموين، فلم يدّخر الدير غلالاً ولا مالاً لإطعام الملهوفين وإيوائهم. فاضطر الآباء الى السفر مرارًا عديدة نحو شمالي سوريا لجلب القمح والحبوب لسد عوز المحتاجين. فقد ورد في سجل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة بعض المعطيات التي ترسم صورة ولو مصغره عن الممارسات التقشفية التي فرضها على نفسهم جمهور دير الكريم في أيام الحرب وذلك في سبيل توفير المال لمساعدة المحتاجين، إذ إنهم أبقوا على نوع واحد من الطعام، إلى جانب الحرمان الدائم من أكل الثمار وشرب القهوة، كما خلط القمح بالشعير، واقتصدوا بلباسهم معتمدين رتق ثيابهم ورقعها، واستعمال الشمع بدل الكاز للإنارة، و الاكتفاء بالملابس العتيقة والقباقيب الخشبية بدل الحذاء… أما الإخوة المساعدون فانصرفوا إلى التمرس بمهنةٍ يدوية ومزاولتها، إداءً للخدمات المطلوبة[51].
ربي في دير الكريم فوج من أبنائه الدارسين، طبعت حياتهم المآسي التي شهدوها، وخلدت في وعيهم وجوهٌ ثلاثة لم تفارقهم هنيهة: رئيسهم العام الاب يوسف مبارك (1866-1929)[52]، ورئيس الدير الأب نعمة الله مبارك(1866-1949)، ومعلمهم الأب بطرس فضّول (1887-1920)[53].
تجسد لنا هذه المعطيات كيفية إقدام أبناء الجمعية على اتخاذ هذا النوع من المواقف والقرارات وذلك في سبيل مصلحة الخير العام، إذ فضلوا التقشف والحرمان في سبيل المشاركة لمساعدة كل محتاج ومعوز وفقير. وهنا أيضًا نكتشف وتنبّه أبناء الجمعية لرسالتهم ولنذورهم.
- انعكاس المجاعة على صحة أبناء الجمعية
إن السياسة التقشفية التي اعتمدها المرسلون اللبنانيون إبّان الحرب خلّفت تأثيرًا كبيرًا على صحة عددٍ من أبناء الجمعية، ونذكر على سبيل المثال ولا الحصر: الأب لويس غصن ( 1885 – 1971)[54] الذي نظرًا، لحالة القحط والحرمان وقلة الغذاء… قد ساءت حالته الصحيّة واعتلّت صحته لمدى العمر. الأب بولس السخن ( 1882 – 1969)[55] الذي نتيجةً لغيرته الرسولية وتفانيه في سبيل خلاص النفوس قد عمل جاهدًا من أجل إسعاف المصابين ولاسيما بأمراض “حمّى التيفوس الخبيثة” ومدّهم بالقوت والأسرار الإلهية، فسرعان ما أصيب بدوره بالعدوى اشتدت عليه الحمىّ وكادت تودي بحياته. غير أن قدرة الله، وثقته فيها، كانت الأقوى فاستعاد عافيته وتغلّب على الموت.
- الأب جبرايل زيدان في الديوان العرفي
وجّه الأب جبرايل زيدان[56] رسالة إلى أخيه الياس في بيروت. لكن هذه الرسالة وقعت بيد عميلة، مّما اودت إلى استدعائه للمثول أمام المحكمة العرفية التركية في عاليه. وقد تمّ تدوين هذا الخبر في سجل الجمعية وأبرز ما جاء فيه أنه :” يوم الخميس مساء، الواقع في 14 كانون الثاني 1915، طرق ديرنا النفر العسكري ابراهيم جرّو من غوسطا مع نفر آخر، موفدين من قبل الأمير فايز شهاب نائب القائمقام في كسروان، للقبض على الأب جبرايل زيدان ليسوقاه إلى الديوان العرفي في عاليه. وكان قدس الأب العام ونائبه غائبين عن الدير. فصرفهما الجمهور بحجة أن الأب متغيب في الرسالة، وأبلغا القائمقام ذلك. فبعد المداولة واستشارة غبطته ايّده الله، قرّ الرأي على تسليم الأب المذكور. فتوجّه صحبة الأب النائب العام (نعمة الله مبارك) إلى عاليه، وواجها اولاً الشيخ خليل الخازن الذي أظهر كل مساعدة واريحية. ويوم الأحد، الساعة الثالثة بعد الظهر، دخل الأب المذكور إلى الأستنطاق، وجاوب على الأسئلة بصدق اللهجة وحرية الأفكار. وكانت تدور على مكتوب كان كتبه لأخيه الياس في بيروت، يخبره فيه بعض الاخبار الشائعة عن الحرب بين الدولة العليّة ودول الاتفاق. فبعد الاخذ والرد، برأه الديوان واطلق سراحه. وكان الفضل، بعد الله، لجناب الشيخ خليل الخازن والشيخ ابراهيم تلحوق”[57].
- رسالة جمعية المرسلين في جونيه
أ – المدارس الأجنبية
ما إن دخلت السلطنة العثمانية الحرب العالمية الأولى حتى أقدمت على انتزاع المدارس من أيدي أصحابها الأجانب، لاسيما مدارس الإخوة المريميين في البترون وجبيل وجونيه، وخشية أن تتحول إلى ثكنات للجيش العثماني، رأى السيد البطريرك والقاصد الرسولي أن تتسلم الجمعية تسيير هذه المدارس قدر المستطاع. فعيّنت لهذا الغرض الأبوين يوسف كميد (1876-1952)[58] وبطرس طنّوس[59] في البترون، في كانون الثاني 1915، ومعهما المعلم آدمو. ثم عهد لاحقًا إلى الأب كميد نفسه افتتاح مدرسة الإخوة المريميين في جونيه، بمعاونة الآباء يوحنا رحمه (1881-1959)[60] رئيس دار الرسالة، ومنصور سلامه ( 1878-1924)[61] وبولس السخن (1882-1969)، وذلك في شهر نيسان 1915 .
واعترافًا بفضل الجمعية وتفاني أبنائها، منحت كنيستهم في جونيه حقوقًا رعائية شملت “توزيع الأسرار الإلهية، ومنح سر العماد، ومباركة الأكاليل، ووفاء الوصية الفصحية”، ضمن الإطار الجغرافي الممتد من ” خراج غادير من سراي الحكومة الى الوادي المعروف بالعبارة في خراج صربا، قبل الشير”. وقد جدّد المطران يوحنا مراد هذه التفويضات [62].
ب- مساعدة المرضى والمتألمين
ما إن حلّ البؤس وتفاقم، من جراء الحرب حتى تساقطت الضحايا التعيسة تحت وطأة المجاعة وتفشي الأوبئة والأمراض، ومنها حمى التيفوس الخبيثة، إلى حدّ أن عجز الناس عن إغاثة مرضاهم، وحتى عن دفن موتاهم. فعمد الأب بولس السخن ( 1882 – 1969) إلى إسعاف المصابين وأمدهم بالقوت وسماع اعترافهم وتزويدهم بأسرار الكنيسة، ونقل جثثهم ودفنها حيث أمكن.
باشر بعمله هذا بعد أن إستأذن رئيسه في الكريم، الأب نعمة الله مبارك، فأذن له، مُكبرًا روحه النبيلة وفضيلته. فكتب لرئيسه يعلمه بما يعلمه:
“أعرض بعد قبلة يديكم أني أقوم من النوم باكرًا وأقدس، وآخذ الشنتة المحتوية على أدوات المسحة المقدسة وأطوف في الأسواق والأزقة، فاعرف وامشح المطروحين في القنية، وكذلك المرضى في البيوت الذين لا يأتيهم أحد كهنتهم الشرعيين. وعند الظهر أعود فأصنع التطهيرات اللازمة، وبعد الغذاء بأقل من ساعة، أعود إلى دورة ثانية، ولا أرجع إلاّ بعد غياب الشمس. ثم اني لا أعفي نفسي من زيارة أي مريض كان من الممروضين بالتيفوس، لأن كهنة الرعايا لا يكترثون، أو لا يتجرأون على ذلك، والحافظ الله. ولست بمتأخر عن وسائط الحيطة ابدا، وقد قدمت ضحية موتي من أول خطوة خطوتها بامر الطاعة المقدسة في هذا المشروع، فقيمة الحياة عندي أصبحت كلا شيء، فأهلا بالموت الذي يرضي الله. والحمد لله لم تعد تحدث وفاة قط بدون سابق الاعتراف والمشحة المقدسة. وقد اخترعت إختراعًا آخر، وهو أني تجولت امس بعد الظهر، السبت 3 آذار، وانتقيت كل الذين اصبحت حياتهم تعد بالساعات، كالمورَّمين وذوي الضعف الزائد، وقلت لهم اسبقوني الى الكنيسة وهناك أعطيكم خبزًا، فأتوا بسرعة البرق. وبعد ان استمعت اعترافهم كلهم في باب الكنيسة، وزعت عليهم الخبز، واليوم الأحد، تناولوا جميعهم القربان الأقدس، فأصبحت اذًا مطمئنًا بزيادة انهم لو ماتوا كلهم، فكلهم يخلصون ان شاء الله. هذا ملخص اعمالي الروحية بهذا الأيام، والى اليوم صحتي بدعاكم جيدة جدًا…” [63]
ج- جمعية ملجأ الفقير
أنشأ الآباء المرسلون اللبنانيون الموارنة سنة 1901 جمعية ملجأ الفقير، في دير مار يوحنا الحبيب تحت إرشادهم. اتخذت هذه الجمعية لها ختمًا حُفر عليه اسمها الرسمي بالعربية والفرنسية، وشارة صغيرة تعلق على الصدر، وراية كبيرة تمثل صورة شفيعها القديس يوحنا الحبيب، وعربة للموتى. وتبنت شعارًا تتوّج به رسائل الدعوة الى المحسنين:” خير الإنسان ما نفع الإنسان”. و ” خير الإنسان مَن نَفَع الانسان”.
أما نشاط هذه الجمعية الخيري والإجتماعي، فهو الإحسان للفقراء، من تقديم طحين ولحوم وملبوسات ومساعدات مالية ودفع فواتير المستشفى، وزيارة المرضى في بيوتهم، والاتصال بعدد من الأطباء لمعاينتهم مجانًا، والتكفل بنفقة دفن الموتى الفقراء، وتأمين التعليم المسيحي للأولاد في المدارس ودفع ريالين مجيدي شهريًا للمعلمين، … و تضاعف نشاط هذه الجمعية بشكلٍ كبيرٍ جدًا في الحرب العالمية الأولى فطرقت أبوابًا كثيرة طلبًا للمساعدة، وشكلت لجنة لزيارة ” عمدة الاحسان المؤلفة في كلية الأميركان في بيروت لتشغيل الفقراء والاحسان إليهم، بغية استجلاب ما يمكن من الحسنة ليوزع على فقراء جونيه وضواحيها بمعرفة هذه الجمعية في هذه الأيام التي كثر فيها الفقراء النازحون إلى هذه الاسكلة”.
لكن هذه الجمعية، وبالرغم من تفاني أعضائها وازدياد عددهم، لم تقو على الصمود خلال السنتين الاخيرتين من الحرب العالمية الأولى، فتوقف نشاطها. وذلك نظرًا إلى الحالة العصيبة التي كانت تمر بها البلاد، والضائقة الإقتصادية، وتضاعف حالات المرض والأوبئة والموت والفقر[64].
- دير البترون.
في شهر آب من سنة 1904، وبناءً على رغبة السيّد البطريرك، وهِبت الجمعية، في مدينة البترون، العقار المعروف باسم ” تين مار منصور” . فبادرت وضمّت إليه أرضًا محاذية اشترتها من جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، وأخرى من المدعو سمعان جرجس العكاري، وذلك بغية إنشاء ديرٍ جديدٍ للجمعية، وهذا الدير يكون مدرسة اكليريكية موّحدة للطائفة. وتحقيقًا لهذا الغرض، عمدت الجمعية بيع ارزاق لها في قرى الغينة وعينطوره وزوق مصبح.
لكن هذا المشروع تأخّر، إلى أن عقدت الجمعية مجمعها العام في 21- 28 نيسان سنة 1912وفيه بحثت الحاجة الضرورية لتوسيع اديارها في لبنان. وجاء في احد قرارات المجمع: ” تداول الآباء في المجمع العام بأمر بناء دير للجمعية، لأن دير الكريم اصبح ضيقًا على الجمهور ولاسيما بحيث تقرر قبول تلامذة جدد في مدرسة الجمعية. فأجمع الآباء على وجوب بناء دير في البترون في الأرض التي وقفتها جمعية مار منصور دي بول البترونية على الجمعية. وقد استأذن غبطة السيد البطريرك في ذلك فأجازه. وقد تقرر استئجار بيت مؤقتًا إلى أن يتم بناء الدير. فتوجه الأبوان نعمة الله مبارك وبولس العاقوري فاستأجرا بيتًا يخص الخوري يوسف البشراني بمبلغ اثنتي عشرة ليرا فرنساوية”.
وكان قد صدر في جلسة التعيينات المنعقدة في 3 ايار من السنة المذكورة تعيين “الأب شكرالله مبارك (1879-1944)[65] رئيسًا لدير الجمعية المنوي انشاؤه في مدينة البترون والأب فيليب الخازن (1885-1972)[66] وكيلاً له “. [67]
بعد مضي عام ونيف، باشرت الجمعية بعملية بناء الدير وجاء في سجل الجمعية حول هذا الموضوع: ” في مجمعنا العام الأخير الذي انعقد سنة 1912 قرّر الاباء وجوب بناء دير للجمعية في مدينة البترون بسبب صغر دير الكريم عن استيعاب اكثر جمهور الآباء والاخوة والتلامذة. ففي شهر حزيران 1913 شرعنا في تأسيس دير البترون. فوضع لنا الرسم احد الاخوة المريميين المقيمين في البترون. فبنينا اربعة عشر محلاً منها الكابيلا والمقعد، وكان ملتزم العمار المعلم جرجي خطار من البترون. وقد بلغت اكلاف العمار مائة وثلاثة واربعون الفًا وتسعمائة وثلاثة عشر غرشًا “.[68]
وحدث أن برزت في تلك الأثناء فكرة إنشاء مدرسة إكليريكية إعدادية، تُنشّىء طلاب الكهنوت في الطائفة المارونية وتؤهلهم لدخول المدرسة المارونية في روميه. وبعد التداول، أرادها السيد البطريرك والسادة المطارنة في منطقة البترون، على أن يتولى أمرها الآباء المرسلون، ووضعت الشروط الناظمة لإدارتها في 16 ايار 1914.
أثناء هذه الفترة دخلت السلطنة الحرب وجرت حينها محاولة، بأمر من متصرف جبل لبنان، بوضع اليد على البناء وجعله مدرسة علمانية. إزاء هذا الواقع تدخّل السيّد البطريرك والمطران بولس عواد فأقنعا المتصرّف بصرف النظر عن الاحتلال كون الدير تابعًا لبابا روما. ودوّن في سجل الجمعية حول هذا الموضوع المعلومات التالية:
” يوم الثلثاء الواقع في 28 تشرين الثاني من هذه السنة ( 1916 ) وردنا تلغراف من الأخ بطرس لطوف الذي كان في ديرنا في البترون يصلح سطوحه معناه ان دولة متصرف جبل لبنان علي منيف بك اصدر امره بأخذ ديرنا هناك ليجعله مدرسة سلطانية. فبادر كاتبه الأب نعمة الله مبارك مع الأب فيليب الخازن إلى هناك فوصلا يوم الأربعاء بعد الظهر فوجدا دولة المتصرف عند سعادة القائمقام جرجي بك زوين. فبسط الأب نعمة الله المذكور لدولته استعداد المرسلين اللبنانيين لمساعدة القريب ولخدمة أفكار الحكومة وبيّن له بعض ملاحظات لجهة الدير كعدم صلاحيته لبعده عن المياه وتعطل سطوحه وعدم وجود أحواش مهيأة لتنزه التلاميذ وما شاكل ذلك وعرض له اذا كان بالامكان ان يستأجر المرسلون محلاً آخر أنسب واوفق ويقدموه للحكومة، فأبى وألح بمشترى الدير وحرج على الأب المذكور أن يعين له ثمنًا. فتوقف الأب المذكور عن تعيين الثمن واعطاء قول بالبيع واكتفى بالقول لدولة المتصرف: انه اذا كان لا بد من البيع فنحن نطلب الثمن قمحًا. واذ لم يرضَ حضرته ان يبت البيع ولا يعين ثمنًا قال المتصرف تخابروا مع القائمقام وجاوبوني وقام وسافر الى جونيه. وفي أثناء الحديث سأله الأب نعمة الله اذا كان لا بد من جعل الدير مدرسة سلطانية هل يرضى دولته ان يكون باستلام المرسلين. فاجاب كلا لان المدرسة ستكون علمانية لا اكليريكية أي بيد أناس علمانيين لا اكليريكيين.
وبعد ذهاب المتصرف قال حضرته للقائمقام ان البت بالبيع وتعيين الثمن لا يتعلق بي وحدي بل اولاً بالسيد البطريرك بما ان المدرسة بطريركية، وثانيًا بمجلس الجمعية. فقال سعادته كان الواجب ان تقول هذه للمتصرف. قال حضرته: ذهل ذلك عن بالي لأن دولة المتصرف بادهني بمسألة البيع فلم تحضر إلى فكري كل الملاحظات؛ مع ذلك لم يفت شيء فمعنا الوقت لمخابرة غبطته ومجلس الجمعية. فقال أن دولته مصرّ على التعجيل باحتلال الدير. قلنا نقدر ان ننقل الاثاث على مهلنا مدة ثلاثة ايام فتكون فرصة للمخابرة. أجاب، لا بأس من ذلك، فرجوناه ان لا يكثر الالحاح وكتبنا إلى غبطته وقدس الأب العام ثم رأى الأبوان فيليب ونعمة الله ان التوجه الى مقر غبطته لا تغني عن الكتابة؛ فقام الأب نعمة الله في اول الليل وتوجه إلى الديمان فوصلها الخميس بعد الظهر وكان سبقه الرسول وسلم كتابه لغبطته. فتأثر وتداول مع السادة المطران يوسف سقر والمطران عبدالله خوري وقرّ رأيهم ان يكتب غبطته للمتصرف يبيّن له ان الدير يخص البطركية وان البطركية ساعية بانشائه ليكون مدرسة طائفية وان يوجّه الكتابة لسيادة المطران بولس عواد ليحملها ويتوجّه إلى المتصرف يعرض له ذلك باسهاب وهكذا كان”.
وفي يوم الجمعة صباحًا ودّع حضرة الأب نعمة الله مبارك غبطته ورجع إلى البترون ومنها يوم السبت توجه إلى انطلياس وسلم الكتابة لسيادة عواد. فرأى سيادته ان تعزز الكتابة بفكرة اخرى يعتقد انها أقوى وأكفل للوصول إلى النتيجة المطلوبة وهي أن يقال للمتصرف أن الدير تقرر جعله مدرسة طائفية بأمر من البابا ليكون فرعًا لمدرسة الطائفة المارونية في رومية، وان هذا الدير متعلق ليس فقط بالرسالة اللبنانية والبطريركية المارونية بل بالحبر الأعظم كما هي الحقيقة. وسيادته يعتقد ان المتصرف يقف عند هذا الأمر لأن البابا تعتبره كل الدول على حد سوا. فكتب سيادته ملحوظاته هذه وارسلها الأب نعمة الله مع رسول مخصوص لنادي غبطته فلاقت استحسانًا.
وكتب غبطته كما ارتاى سيادة عواد وردّ المكتوب لسيادته فتوجه إلى مقر المتصرفية يوم الخميس الواقع في 30 كانون الأول وقابل المتصرف وبسط له الملاحظات المار ذكرها بعد أن سلمه كتاب السيد البطريرك. فوقف عندها دولته وابرق حالاً إلى قائمقام البترون بترك الدير وابقائه بتسليم المرسلين اللبنانيين.
وارسل سيادته كتابًا لكاتبه الأب نعمة الله يقول فيه ما نصه:
حضرة الأب الجليل الجزيل الاحترام
غب اهداء البركة الالهية بوافر الاشواق إلى مشاهدتكم الشهية لقد قابلنا عطوفة المتصرف وتكرم بقبول ملاحظاتنا الصوابية بخصوص دير رسالتكم في البترون وحالاً ارسل بحضورنا تلغرافًا لقائمقام البترون بترك الدير في استلامكم دون معارضة والله ولي التوفيق يقبل شكرنا وشكر حضرتكم على نجاح مسعانا هذا العائد لمجده تعالى وبوافر الاشواق نكرّر لحضرتكم ما تقدم طال بقاؤكم 31 كانون الأول 1916.”
الداعي لحضرتكم
المطران بولس عواد
هكذا تمكنّت جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة من تخطي هذه الأزمة ومحافظتها على هذا الدير إلى العام 1922، حيث اضطرت، نتيجة الديون المتراكمة عليها من جراء الحرب العالمية الأولى، إلى التوقف عن متابعة البناء فأوقف المدرسة، فأعطيّ لغبطة البطريرك إيفاءًا للديون المترتبة على الجمعية والمستدانة من غبطته، وسلم غبطته الدير بدوره لراهبات العائلة المقدسة المارونيات اللواتي حولنه لمدرسة. وقد ورد في سجل الجمعية حول هذا الموضوع:” في اواخر نيسان هذه السنة ( 1922 ) بعنا ديرنا في البترون من راهبات المارونيات بمبلغ الفين ومائتين وخمسين ليرة مصرية. وقد ترك لنا غبطة السيد البطريرك بهذه المناسبة الدين الذي كان له علينا وقدره تسعون الف غرشًا كنا اخذناها منه لأجل تشييد اساسات المدرسة التي كان في نياتنا تكميلها في البترون لأجل تهذيب الاكليريكيين الاحداث. وكنا بعنا أملاكنا في افقا ولاسا …كل ذلك لوفاء الدين المشؤوم”[69] .
- 10- رسالة الجمعية في بلاد الإغتراب
كما في لبنان كذلك أيضًا في بلاد الانتشار، عمل المرسلون في الأرجنتين[70] ساعين إلى غيرة أبناء الوطن ليسندوهم في محنتهم، فهبوا إلى إيقاظ الضمائر، مستخدمين صحيفة “المرسل “[71]. التي كانت أسستها الجمعية عام 1913. لقد لعبت هذه الجريدة دورًا بارزًا خلال فترة الحرب وذلك من خلال استنهاض الهمم من أجل مساعدة أبناء الوطن الرازحين تحت أهوال المجاعة والضيق والقهر والتنكيل بحيث كانت تقوم بدور صلة الوصل بين سكان جبل لبنان المقيمين وأبنائهم وأهاليهم المغتربين. كما انها عمدت إلى تقصي أخبار الوطن بمعاناته والآمه ونشرها على صفحاتها الأولى نظرًا لأهميتها وللفت نظر أبناء الجالية للاطلاع عليها ليكونوا على بينة مما يجري ومما يعاني منه أهلهم[72]. وهذه بعض الشواهد التي انتقيناها والتي كانت نُشرت في اعدادٍ مختلفة من “جريدة المرسل” والتي استصرخت ضمائر أبناء الجالية ودعتها للاكتتاب والتبرع في سبيل اغاثة الأهل والأحباء من غدر الجوع والموت. ولطالما تصدّرت عناوين بارزة تناجي القلوب الخيرة وأصحاب اليد البيضاء لانقاذ الذين يفارقون الحياة الواحد تلوى الآخر.
نقل أحد الشهود أن “ما اصاب بلاد البترون جرى لجوارها بلاد جبيل. فقرية غوسطا على الرغم من تفاني الديار والمدارس بانقاذ اهاليها قل من بقي حيا فيها. وشركاء عين ورقه احسن حالا من جيرانهم لأن رئيس المدرسة الجديد فعل افعالاً لم يكن أحد يستنظر ابيانها منه…فباع كثيرًا من املاكها وذهب بنفسه إلى عكار مرات عديدة وابتاع حنطة لشركائه.
الآباء الكريميون: باعوا مسقوفاتهم في جونيه انقاذًا لشركائهم. فالحارة التي كانت لهم مع المطران عواد باعوها بنصف ثمنها. ولايبعد ان يبيعوا كل ما يملكوه انقاذًا لمن بقي حيًا من جيرانهم”[73].
وهذه رسالة نشرتها جريدة “المرسل” ليطّلع عليها الأهل والأقارب من خلالها على الواقع الأليم والمرير الذي يعاني منه أهلهم في الوطن وليمدّوا يد المساعدة لأشقائهم فيه:
“الى العم العزيز الخواجا بشاره يعقوب البواري الافخم.
… افيدك اني موجود الان في مصر وما هذه الا منة ورحمة من الله الذي اوجدني في هذه البلاد. ان ما نظرناه من الشقاء في بلادنا عظيمًا نخص بالذكر اهل قريتنا البوار فالجوع هناك قد ضرب اطنابه حتى مات ما يزيد عن 270 نسمة وهاجر للخارج نصف الباقي دون ان نعرف مقرهم وهل هم أحياء أم أموات.
إذهب بعقلك إلى جانب تلك الكنائس الثلاث فهناك تجد مئات من الجثث مدفونة عدا الذين دفناهم إلى جوانب بيوتهم لعدم وجود من يحملهم هذه ضربة مؤلمة للغاية لذلك جئتكم راجيًا باسم الغيرة الوطنية والمحبة أن تمدوا لنا يد المساعدة وتبذلوا غيرتكم التي هي اشهر من نار على علم لعلنا نقدر أن نحيي احدا لبعد نهاية الدولة التركية التي اماتت شعبها بغضًا. الآن وقتها يا ابن العم بلغوا القصي والداني وكل من عنده حمية وطنية كي يتكرم بما تجود نفسه فاليوم يوم الرحمة. أبناء شقيقكم بقيد الحياة ساعدوهم. نعزيكم بفقد امرأة أخيكم فريدة ماتت بالهواء الاصفر من مدة سنة وشقيقتكم منون ان شاء الله تكون فداكم العائلة الكريمة ودمتم” [74].
كما أوردت جريدة المرسل نقلاً عن أحد الشهود كيف: “كان الناس إذا عرفوا بجيفة حيوان حمار أو بغل أو كلب أو قطة يتراكضون عليها وبالضرب والملاكمة يهجمون عليها يعضونها كالكلاب ويا لسعادة من قدر أن يصل إليها ليملا بطنه منها ثم يرجع إلى بيته ويموت لأنها معدته تكون ناشفة لا تقدر على الهضم. ومن توفق لرهن أرزاقه أو بيعها بأثمان بخسة جدًا كان يعد نفسه سعيدًا ويركض إلى أحد المطاعم فيأكل بشراهة ونهم فيبقى على كرسيه ميتًا. بيوت كثيرة كانوا يفتحونها فيجدون كل سكانها مطروحين على الأرض أمواتًا لم يجدوا من يعرف بهم إلا بعد حين.
قد أصبحنا بدون شعور وفقدنا الإحساس نمر على جثث الموتى ونشاهد النساء والبنات والرجال يموتون أمامنا ولا نبالي فقد قست قلوبنا من كثرة ما شاهدنا ونشف دمعنا واعتدنا مشاهدة الموتى. والأغرب أن حاسة الأم وحنوها قد فقدا فكثيرًا ما كانوا يشاهدون أمهات يحفظن ما بأيدي أولادهن ويأكلنه أو يتركن أولادهن يصيحون ويعولون ويذهبن.
ريفون مات منها النصف عجلتون مات منها لا أقل من ثماني مئة نسمة وعشقوت مثلها بقعتوتا مات منها 350 نسمة. المزرعة أمست أحياء كثيرة منها بدون ساكن. عينطورا مات منها 150 بلوني مات منها 140 فاريا وحراجل بقي فيهما عدد قليل. جونيه وصيدا وضواحيها بقي فيها النصف تقريبًا. بزمار وبيت عيد ورعشين وضيع صغيرة في جهات فتوح كسروان انقطعت تمامًا” [75] .
وبرسالةٍ من كسروان يروي المراسل ” تعرفون أن اشد الضيق الذي حل بسوريا إنما ألقيَّ لكله على لبنان وأشد الضيق في لبنان كان في اقليم كسروان وبلاد جبيل فالقرى التي كانت آهلة بالسكان باتت خالية خاوية والمنازل تهدمت والارض التي تزرع باتت بورا ويتطلب تعميرها زمنًا طويلاً والأحياء الذين قاوموا الموت حتى الأن تلقوا منذ أيام قليل من الاعانات وهي عبارة عن رطل دقيق في الشهر واقة من الأرز وأقة فاصوليا أما الملابس والأحذية فلا وجود لها والبرد شديد…
وقد ظهر نوع من الحمى ” الاسبانيولية” لا يمهل المصاب أكثر من 48 ساعة على الأكثر وهذا المرض عم جميع الجهات ولكن أهالي الشوف والمتن يتحملون الاصابة به أكثر من أهالي كسروان وبلاد جبيل والجرود نظرًا لضعف اجسامهم ونحولها والاكثرين باتوا عراة حفاة وقد مر ببلادنا بعض السياح الاجانب فلم يجدوا في بعض القرى منازل يصرفون فيها ليلهم لأنها خلت من السكان ومنازلها سقطت على جثث الموتى فباتت قبورًا لهم وكم نحن الأحياء ننتظر من أولادنا المهاجرين المساعدة المالية…”[76].
تجاوبًا مع هذه النداءات المستغيثة وتخفيفًا من حدّة الويلات تألّفت اللجان، وأقيمت الحفلات الخيرية، وجمعت التبرعات، لترسل إلى لبنان. وهذا التحرك لم يهدف فقط إلى جمع التبرعات إنما أيضًا إلى توحيد الكلمة وازدياد التماسك، فأصبحت بذلك كنيسة مار مارون في الأرجنتين المرجع الروحي والوطني لأبناء الجالية من مختلف الطوائف[77].
فجمعية المرسلين لم تكتفِ برسالتها على صعيد الوطن إنما تعدّته لبلاد الإغتراب مرافقةً الموارنة أينما حلّوا ووجدوا في مختلف أصقاع الأرض، حاملة لهم كلمة المسيح، محافظة على عاداتهم وتقاليدهم ومبادئهم، داعية إياهم إلى تمسكهم بوطن الأم. فكانت خير عضدٍ لهم في كل آنٍ و أوان.
يضاف إلى دورها الرسولي هذا، الدور التربوي التعليمي الذي لعبته الجمعية في الارجنتين وقد تجسّد من خلال المدرسة “السورية الفضية”[78]. أما على الصعيد الوطني والاجتماعي فقد برز دورها من خلال لمّ شمل أبناء الوطن والتواصل بين المقيمين والمغتربين، وتقريب المسافات بينهم، وإطلاعهم على كل ما يجري في الوطن بسبب الحرب العالمية الأولى. بالإضافة إلى كل ذلك فقد كان للمرسلين دور بارز في تعريف الغرب على الأصالة اللبنانية وحضارتها العريقة.
- الديون.
ما إن انتهت الحرب العالمية الأولى حتى استتب الأمن وعمّ السلام، فوجدت نفسها الجمعية نفسها في أزمة مالية قاتلة، تهددها من التلاشي، بحيث أضطرت إبان الحرب ودفعًا عن الكوارث المروعة، إلى استدانة الأموال الطائلة مما زاد في ارتفاع ديونها إلى حدّ نصف مليون فرنك ذهبًا، أي ما يوازي قيمة إرثها المادّي بأكمله، وترتّب عليها فوائد باهظة، تراكمت فأربت على 25 ألف ليرة عثمانية ذهبية، والى بيع ورهن معظم أرزاقها، وذلك من أجل إطعام الجياع واغاثة الملهوفين. فكان لابد والحالة هذه، من ايجاد السبل للخروج من الضائقة العصيبة.
فحول قدس الأب العام نظره بادئ الأمر نحو رسالة الارجنتين عساها تمد يد العون وتنتشل الجمعية من المحنة القاسية المديدة التي ألمّت بها وبجميع أبناءها.
فوجّه رسالة إلى رئيس الرسالة اللبنانية في الأرجنتين الأب يوحنا غصن، عارضًا فيها الواقع الأليم الذي عرفته البلاد والجمعية من جرّاء أهوال الحرب وما خلفت من نكبات مروعة، طالبًا منه بذل قصارى الجهد من أجل “أن تخففوا حمل الجمعية الثقيل”.
” أخي العزيز
بشوق وحب شديدين اعانقكم بعد انقطاع المكاتبة بيننا من أكثر من سنتين غير اني لا أدري كيف اعبر لكم عن حاسات أشواقنا اليكم ولا أعلم كيف أصف لكم الحالة التي مرت علينا وعلى لبنان المسكين في هاتين السنتين الأخيرتين لا بد من أن تكونوا عرفتم حالة لبنان الإجمالية وربما وصلتكم كتابات بهذا الخصوص فان الخوف والجوع اللذين استوليا على اللبنانيين خصوصًا لا يستوفي وصفهما قلم فقد قطع الاتراك عنا تقريبًا المواصلات البحرية والبرية وأجذوا دوابنا فتعسرت جدًا وسائط نقل الارزاق وفحش الغلاء فحشًا لا يطاق واحيانًا كثيرة كان ينقطع القمح ولا يوجد الا الشعير الاسود الكريه الرائحة الذي لا تاكله الدواب وقد بلغ ثمن رطل القمح 250 عملة ورق واللحم 300 والزيت 280 وصندوق الكاز 50 و 60 ليرا والبطاطا 50 الخ فتاملوا واما الان فبفضل دول الاحتلال العظيمة قد ابتدأت الاسعار بالهبوط فالحمد لله .
مسكين لبنان الذي فقد رجاله وشبانه حتى اصبح نحو نصف سكانه من سكان المقابر وبعض القرى انقطع سكانها تمامًا فيا للأسف. وكثيرون، جدًا الذين دفنوا جنب بيوتهم بحيث لم يوجد من يقدر على حملهم إلى المقابر وكثيرون ايضًا الذين كانت لحومهم طعام الغربان والوحوش.
نحن أخانا العزيزنعم لم نذق مرارة الجوع ولكن تضايقنا جدًا في طريقة الحصول على الحبوب وقد تقاطر علينا جماهير من الفقراء يوميًا حتى كانوا يعدون بالمئات وبعض المرات كانوا يتجاوزون الالف نسمة فضلاً عن الضيوف وطالبي الاحسان من كل أنحاء الطائفة وعن شركائنا الذين واصلنا مساعدتهم كل هذه الحرب. واذا قلتم من أين جئتم بالدراهم قلت قد عرضنا أرزاقنا في جونيه والضبيه على البيع فما قدرنا ان نبيع الا حارة واحدة فالتزمنا ان نستدين المال ولما كان الذهب قليلاً اضطررنا ان نستدين عملة ورق فكنا نستدين الليرا مع فائض بمئة وعشرين ومئة وثلاثين غرشًا نصرفها بقيمة خمسين وثلاثين وعشرين غرشًا فتأملوا لان سعر الليرا ورق هبط منذ أكثر من سنة هبوطًا فاحشًا حتى وصل سعر الليرا إلى عشرة غروش ومن جراء ذلك بلغت ديوننا إلى نحو واحد وعشرين ألف ليرا وهذه كلها نلتزم أن نفيها بعد الحرب وأذا قلتم كيف تقدرون على وفائها قلت إذا اعتبرنا ذلك بشريًا وطبيعيًا فوفاء ديوننا من المحال بل ان مداخيل جمعيتنا لا تكفي لدفع فائض هذا المبلغ العظيم من الدين بل لا تكفي لوفاء نصف الفائض ولا لوفاء ربعه ولكن نحن نعتقد ان العناية الالهية التي حافظت علينا وحفظتنا حتى الان بين الاخطار الهائلة التي احدقت بنا في سني الحرب لا تهملنا ولا ترخي بنا الايدي ولا تسمح بملاشاة عمل المثلث الرحمات المطران يوحنا الحبيب فاتكالنا عظيم على مساعدة العناية الالهية بالدرجة الأولى واذا اراد الله ملاشاة هذا العمل قصاصًا وتاديبًا لنا فليس لنا الا أن نحني رؤوسنا خضوعًا لاحكام العناية وان نقبل التأديب بالصبر والتسليم وبالاتكال على العناية – عزمنا ان نطرق الأبواب ونتخذ الوسائل التي عساها تمكنا من الفرج ومن الحصول على بعض المساعدات المادية.
وأما أنتم يا أخانا العزيز فلا لزوم لان نستنهض همتكم بأن تمدونا بكل ما في وسعكم وطاقتكم من المساعدات وانتم ادرى بالوسائط والابواب التي تطرقونها رجاء ان تخففوا حمل الجمعية الثقيل.
ربما أرسلت عريضه إلى رئيس الاساقفة عندكم اطلعه فيها على حالة الموارنة التعسة في لبنان وعلى الظلم الذي نزل بهم من حكومة الاتراك.
نحن قد اقتصدنا اقتصادًا كبيرًا في الاكل والكسوة والاثاث وترون الان ديرنا فارغًا من أكثر الحاجيات الضرورية .
اطمنكم عن صحة والدتكم وأما شقيقكم الخوري نقولا فقد كان كل هذه المدات في اسكندرونة ومن مدة انقطعت المخابرات بيننا وبينه أي منذ نحو نصف سنة وسبب ذلك قساوة الاتراك وقطعهم المواصلات والمخابرات من كل انحاء البلاد.
منذ سنة ونصف اصيب اخونا الأب بولس العاقوري بداء الفالج وتوفي ايضًا شقيقي الخوري حنا بداء التيفوس رحمهما الله بدعاكم.
توفي من السادة الاساقفة المطران شبلي في المنفى والمطران يوسف صقر في الديمان بداء التيفوس وتوفي مؤخرًا المطران بولس بصبوص وقد توفي ايضًا المونسنيور يوسف صفير بداء التيفوس رحم الله الجميع.
سلامي إلى كل فرد من الآباء عندكم طمنونا عنكم وعنهم بسرعة سلامنا ايضًا غلى اخواننا الموارنة أصدقائكم وأصدقاء الجمعية هذا الان ونحن بانتظار أخباركم السارة المعزية قلوبنا طال عزيز بقائكم.
في 3 تشرين الثاني 1918
اخوك
الأب يوسف مبارك
أما الملجأ الثاني الذي وجّه قدس الأب العام يوسف مبارك نظره إليه ليسانده ويعضده، فهو الكرسي البطريركي، وكيف لا فجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة جمعية ذات حقٍ بطريركي، وكانت اليد اليمنى للبطريرك في الحرب العالمية الأولى، وغبطته أدرى بواقعها. ومن بمقدوره غير صاحب الغبطة من خلال مشورته اسعاف الجمعية للخروج من الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها. فتوجه الأب نعمة الله مبارك إلى بكركي وطلب من غبطة البطريرك الياس الحويك أمرين:
الأول: أن يدبر لتلامذة الجمعية مدرسة في أوروبا يستطيعون من خلالها متابعة دروسهم الفلسفية واللاهوتية.
الثاني: أن يطلب من قداسة البابا اذنًا من أجل أرسال أحد أبناء الجمعية إلى أميركا لجمع مساعدات للجمعية التي خرجت من الحرب وعليها 23 ألف ليرة دين، منها ثمانية الاف ليرة ذهبية عثمانية.
حمل البطريرك هذين الطلبين معه إلى روما. ولدى زيارته لقداسة البابا، في 20 تموز 1919، عرض على مسامع قداسته مآتي آباء الكريم في الحرب، وما آلت إليه حال الجمعية. فاتفق مع قداسته على إعادة فتح المدرسة المارونية الرومانية[79]، وتم ارسال اليها عشرة من تلاميذ الجمعية هم: بطرس العلم، افرام الشمالي، فيليب السمراني، لويس الحايك، بولس الخوري، أنطونيوس العنداري، يوحنا سعاده، اسطفان معوض حبيب عواد.
كما وانه حصل من الحبر الأعظم على إذن خاص يسمح للأب يوسف كميد بالسفر إلى الولايات المتحدة ومساعدة الجمعية على إيفاء ديونها. سافر الأب كميد في 22 كانون الثاني 1920، مزودًا برقيم بطريركي. فعرّج على روما حيث حظي بالمثول أمام قداسة البابا بنديكتوس الخامس عشر، وتسلم كتاب توصية من الكاردينال ماريني رئيس المجمع المقدس للكنائس الشرقية، ومنها أكمل سفره الى نيويورك حيث بلغها في 26 نيسان 1920.
فور وصوله انكبّ على العمل من أجل تحقيق اهداف رحلته: فنشر مقالاً في جريدة “الهدى” معلنًا فيه مسعاه الموجه لهدفين: تفقد شؤون الموارنة، وجمع الاعانات المالية لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة. وهكذا انطلق بتجواله في أوساط المغتربين الكُثُر مطًلقًا الدعوة من أجل التكاتف والتعاضد، ومطلعًا إياهم على مآسي الحرب وما خلفته في أرجاء الوطن. فتهافت القادرون منهم على مساعدته، ومدّ الجمعية بالاعانات لسدّ الديون الباهظة وفوائدها المتزايدة، وتحرير ما رهن من أرزاقها واستعادتها.
لقد استطاعت جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة بدءًا من تاريخ انتهاء الحرب وحتى عام 1935 من إيفاء كافة الديون المترتبة عليها[80].
خاتمة
هذا بعضٌ من كمٍّ كبير لمعاناة شعبنا وسعي جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة لتخفيفه. إنها صورة ولو مرّ عليها الزمن، مئة عام، فإنها تتكرر ملامحها أمام ناظرينا في الكثير من الحروب والعديد من المناطق وبالأخص في شرقنا المتألم.
وما دور رئيس عام الجمعية وآباء دير الكريم سوى مسعى من المساعي التي بذلها باقي الرهبان والجمعيات في سبيل إبعاد شبح الموت وسدّ عوز المحتاجين الذين كانوا يموتون من جراء الفقر والجوع والأمراض…
وكما كان لغبطة البطريرك ورؤساء الأديار والرهبانيات والجمعيات الدور الحميد في الحرب العالمية الأولى وتم كتمان وتناسي هذا الدور مع مرور الزمن، هكذا كان لهم أيضًا الدور المجيد والمميز في الحرب اللبنانية الأخيرة. فلم يبقَ دير ولا مدرسة… إلاّ وفتحت أبوابها في وجه كل مهجّر ومشرد ومنكوب ومحتاج… وسيأتي التاريخ ويكشف هذه الأمور نافضًا الغبار عن الوقائع وناصفًا كل من عمل في سبيل نهضة الانسان وخلاصه. وقراءتنا للأحداث ودرسنا للتاريخ، ما هما إلاّ للاستذكار ولأخذ العبر. فتاريخ وطننا طويل مع المعاناة ومليء بالمعاني، حيث اجتمعت الأصالة الثابتة مع المروءة الحيّة وأثمرت عطاءات وتضحيات، نبعها الايمان وهدفها كرامة الانسان. هذا ما عهده آباؤنا الذين سبقونا، فأورثونا ذخر الايمان وكنز الاخلاق، وعلّمونا أن الزمن قيمته بما نملأه من الأعمال، مذكرين إيانا بما قاله بولس لأهل تسالونيكي: “أما أنتم، أيها الإخوة، فلا تفتر هِمَّتُكم في عمل الخير” (2 تس 13:3)
[1] عُين جمال باشا قائدًا للجيش العثماني المتمركز في الأقطار العربية ، وكُلف مهمة الهجوم على قناة السويس، الحفاظ على استتباب الأمن والهدوء في سوريا. وقد سمح للجيش التركي الدخول والتمركز في جبل لبنان، وارفق ذلك بأعلان الأحكام العرفية، وإلغاء الإمتيازات التي كان يتمتع بها جبل لبنان.
زين، نور الدين زين، نشوء القومية العربية، مع دراسة تاريخية في العلاقات العربية التركية، بيروت، 1968. ص 118.
خاطر، لحد، عهد المتصرفين في لبنان 1861- 1918، دار لحد خاطر بيروت، 1982. ص 197.
[2] شرف، جان، آل عقل شديد، طبعة ثانية (د- ن)، 2001. ص 174.
الملاح، عبدالله، هيمنة جمال باشا على جبل لبنان (1914 – 1917)، في المسرة (2002) تموز آب، العدد 858، السنة الثامنة والثمانون، ص 468-469.
[3] أبصر النور في أوائل كانون الأول سنة 1843، وتنصّر في 3 كانون الثاني 1844. وفي عام 1859، دخل مدرسة الآباء اليسوعيين في غزير، وانتظم في سلك تلامذتها سبع سنين.وبعد ذلك أرسله البطريرك بولس مسعد (1845-1890) إلى مدرسة نشر الايمان المقدّس في روميه حيث أكمل دروسه العليا. وأبرز الحلف في 8 كانون الأول 1867، ودرس اللاهوت مدة 4 سنوات حتى سنة 1870 وفاز بشهادة الملفان، ونال درجة قص الشعر في 27 آذار سنة 1869، ونال درجة البواب في 29 آذار 1869. وسيم قارئًا وشمعدانيًا في 4 نيسان، ثم شدياقًا وشماسًا في 4 حزيران 1870. وفي 5 حزيران رقّاه المطران يوسف جعجع (1808-1882) إلى درجة الكهنوت المقدسة في روميه، وعاد إلى الوطن في 9 آب حيث علّم مدة سنتين في مدرسة مار يوحنا مارون – كفرحي.
استدعاه البطريرك بولس مسعد في عام 1872، ليكون كاتمًا لأسراره، ومحاميًا لدعاوى الزواج في المحكمة البطريركية. وفي الرابع من كانون الأول سنة 1889، سيم الخوري الياس الحويك أسقفًا على مطرانية عرقة. انتدبه البطريرك يوحنا الحاج ( 1890-1898)، إثر انتخابه في 28 نيسان 1890، لزيارة الأعتاب الرسولية، ليحصل له على درع التثبيت. وفي اوائل كانون الثاني من العام 1899، رُقيَّ المطران الياس الحويك إلى السدة البطريركية.
وفي الحرب العالمية الأولى، طلب غبطته من جميع الكهنة ورؤساء الأديار والأوقاف رهن الأراضي أو بيعها في سبيل سدّ عوز المحتاجين. وفي عام 1919، ترأس الوفد الثاني لمؤتمر الصلح المنعقد في باريس، وطالب باستقلال لبنان، واعادته إلى حدوده الطبيعية، وتقديم التعويضات والمساعدات لإعادة إعماره. وفي اوائل ايلول 1920، أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير بحضور غبطة البطريرك الياس الحويك والشيخ مصطفى جحا مفتي بيروت. توفي البطريرك الياس الحويك في 24 كانون الأول1931 . لمزيد من المعلومات حول سيرة هذا البطريرك راجع: غانم، يوسف خطار، برنامج أخوية القديس مارون، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1903. ص 10-23؛ العنداي،الأب نعمة الله، “حياة رجل العظائم”، في المنارة 1( 1930) ص 3 – 20؛ حرفوش، الأب ابراهيم ، تلامذة المدرسة المارونية القديمة، في المنارة 9( 1938) ص 165-166؛ داغر، الخوراسقف يوسف، بطاركة الموارنة، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1958. ص 109-121؛ فهد، الاباتي بطرس، بطاركة الموارنة واساقفتهم -القرن 19، ج1، دار لحد خاطر، 1986. ص 384-385؛ فهد، الاباتي بطرس، بطاركة الموارنة واساقفتهم -القرن 20، دار لحد خاطر، بيروت، 1987. ص 7-197؛ القطار، الياس، تاريخ وطني وتطلعات، في المنارة (1995) 1-2، ص 81-86.
[4].[4] شرف، جان، آل عقل شديد…. ص 174
[5] من أبرز الأشخاص الذين تم نفيهم الى خارج لبنان نذكر: حبيب باشا السعد رئيس مجلس إدارة جبل لبنان، المطران بطرس شبلي، الأميرالاي سعيد البستاني قائد الجند اللبناني وشقيقه سليمان البستا ني، سعدالله الحويك نائب البترون، فؤاد عبد الملك نائب الشوف، سليمان كنعان نائب جزين، ابراهيم أبو خاطر قائمقام زحله، توفيق ارسلان قائمقام الشوف، فايق شهاب قائمقام المتن، رشيد نخله وسواهم… يوسف، الحكيم، بيروت ولبنان في عهد آل عثمان، بيروت، 1980. ص 161-162، 167-168، 178. لحد، خاطر، عهد المتصرفين … ص 198، لحد، خاطر، الإنتخابات النيابية في تاريخ لبنان، قدّم له وحققه عبدالله الملاح، دار لحد خاطر، بيروت، 1996. ص 104؛ جان، شرف، ص 175-176. أبو نهرا، جوزيف، مآسي الحرب في لبنان من خلال مذكرات المطران بطرس شبلي، في لبنان في الحرب العالمية الأولى، منشورات الجامعة اللبنانية، الجزء الأول، بيروت 2011. ص 53-82
[6] ولد أوهانس باشا في الاستانة سنة 1852 من أسرة أرمنية كاثوليكية، وفي ايلول 1915 عيِّن متصرفًا على جبل لبنان. أما رسوم تعيينه فقد أدخلت في عدة تعديلات اصلاحية جديدة زيدت على نظام لبنان، إجابة للمطالب التي تقدمت بها جمعية الأرزة. وعلى أثر النكبة التي أصابت الأرمن قدم أوهانس باشا في 5 حزيران 1915 استقالته وسافر مع أسرته إلى الاستانة. خاطر، لحد، عهد المتصرفين…، ص 190-2014.
[7] خاطر، لحد، عهد المتصرفين…ص 200-201؛ شرف، جان ، آل عقل شديد …، ص 178 – 179.
[8] وصل علي منيف بك الى لبنان في 25 ايلول 1916 قادمًا من الاستانة، وفي 28 منه قرأ فرمان تعيينه في بعبدا بمحضر جماهير غفيرة. وفي عهده علقت المشانق وسيق اللبنانيون قوافل قوافل للإعدام بتهمة انتمائهم لمنظمات تعمل على الانفصال عن الدولة. خاطر، لحد، عهد المتصرفين…، ص 202-205
[9] خاطر، لحد، عهد المتصرفين…ص 202- 203؛ شرف، جان ، آل عقل شديد …، ص 105.
[10] هذه أسماء الشهداء الذين أعدموا في عهد علي منيف بك في ساحة بيروت: من شهداء القافلة الأولى الذين أعدموا في 5 آب 1915 نذكر: عبد الكريم الخليل، محمود ومحمد المحمصاني، عبد القادر الخرسان ، ونور الدين القاضي، محمود نجا، صالح حيدر.
أما القافلة الثانية فضمّت كلاً من الشيخ أحمد طباره، عبد الغني العريسي، عمر حمد، علي الحاج عمر، بترو باولي، سعيد فاضل عقل، توفيق البساط، وجميعهم هؤلاء قد تم أعدامهم أيضًا في ساحة بيروت في 6 أيار من العام 1916. لحد، خاطر، عهد المتصرفين…، ص 204 -205.
[11] في اوائل أيار 1915 عيّن اسماعيل حقي بك خلفًا لعلي منيف بك. وكان عند تعيينه في الاستانة عضوًا في مجلس الأعيان، وقد شغل من قبل على عهد عبد الحميد منصب أمانة السر في الديوان الهمايوني، كما كان مستشارًا في مصر عند مختار باشا الذي صار صدرًا أعظم. وفي عهد المتصرف اسماعيل حقي تم إعدام الأخوين فيليب وفريد الخازن، والأخوين انطوان وتوفيق زريق. الحكيم، يوسف، بيروت ولبنان في عهد آل عثمان، بيروت، 1980. ص 161-162، 167-168، 178. خاطر، لحد، عهد المتصرفين … ص 198، خاطر، لحد، الإنتخابات النيابية في تاريخ لبنان، قدّم له وحققه الملاح عبدالله ، دار لحد خاطر، بيروت، 1996. ص 104؛ الحكيم، يوسف، بيروت ولبنان في عهد آل عثمان، بيروت، 1980. ص 161-162، 167-168، 178. خاطر، لحد، عهد المتصرفين … ص 198؛ خاطر، لحد، الإنتخابات النيابية في تاريخ لبنان، قدّم له وحققه عبدالله الملاح، دار لحد خاطر، بيروت، 1996. ص 104؛ شرف، جان، آل عقل شديد، … ص 178.
[12] ما اعلنت السلطنة العثمانية دخولها الحرب حتى فرضت الحصار البحري على طول الساحل اللبناني فمثلا في 15 كانون الأول من العام 1914 وصلت ” مدرعة إلى بيروت واسرها بابور الريجي ومركب آخر شراعي عثماني”. ماجريات الأب ابراهيم حرفوش، جرور الأب ابراهيم حرفوش، أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، دفتر رقم4، صفحة 21، ماجريات الأب ابراهيم حرفوش، تواريخ تنير التاريخ، حققها وقدم لها الأب اغناطيوس سعاده، منشورات الرسل – جونيه، 2003. ص 31. ادمون بليبل، دروس التاريخ وفقًا لمنهج التعليم الرسمي اللبناني، الثانوي الرابع، مطبعة المرسلين اللبنانيين، جونيه، دون تاريخ، ص 270.
[13] يمين، الخوري أنطون، لبنان في الحرب أو ذكرى الحوادث والمظالم في لبنان في الحرب العمومية 1914 – 1918، المطبعة الأدبية، بيروت، 1919. ص 94 – 97. يمين، الخوري أنطون ، لبنان في الحرب، ج 2 ، مصر 1920. ص 21 – 22 . كنعان، ابراهيم، لبنان في الحرب الكبرى 1914 – 1918، بيروت ، 1974. ص 163 – 164 .
[14] يذكر المسنون الذين عايشوا هذه الحرب، أن الجراد عندما اجتاح جبل لبنان في عام 1915، قد حمل أبناءها على استعمال بعض الأدوات والآلات كالطبول، والتنك والطناجر… التي تصدر صوتًا لمنع حلول هذه الجحافل في قراهم، وغرز بيوضها في أرضها، ومع ذلك فأنهم لم ينجحوا.
[15] يمين، الخوري انطون، لبنان في الحرب أو ذكرى الحوادث...، ص 103.
[16] كنعان، ابراهيم، لبنان في الحرب…، ص 184 – 187.
[17] لمزيد من العلومات حول الوضع الاقتصادي في الحرب العالمية الأولى راجع: الحارس، عبد اللطيف، الأوضاع الأقتصادية والمالية في الدولة العثمانية والمقاطعات اللبنانية (1914-1918)، لبنان في الحرب العالمية الأولى، الجزء الأول، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت،2011. ص 117-190.
[18] يمين، الخوري انطون، لبنان في الحرب أو ذكرى الحوادث…، ص 119 – 120؛ يمين، الخوري انطون، لبنان في الحرب، ج2، مصر، 1920. ص32؛ كنعان، ابراهيم، لبنان في الحرب ...ص 180 – 186.
[19] Linda Schotkowski Schilcher, The famine of 1915-1918 in greater Syria, in the problems of the modern middle East in historical perspective, Essays in honor of Albert Hourani, john Spagnolo (ed), Ithaca Press, 1972, P 229
[20] محفوظات كنيسة القديس نوهرا في ساحل علما
[21] محفوظات كنيسة القديس نوهرا ساحل علما
[22] الكولوفون هو ما يعلق على المخطوطات، في بدايتها أو نهايتها أو في مواضع أخرى منها، و لا تمت بصلة إلى مضمونها، من أخبار وأحداث سياسية أو اقتصادية أو تاريخية… الجميل، الخوري ناصر، النساخ الموارنة ومنسوخاتهم، الجزء الأول، بيروت 1997. ص 71
[23] ولد ابراهيم في بلدة بكاسين يوم عيد انتقال العذراء في 15 آب 1871، تلقى مبادىء القراءة والكتابة في مدرسة البلدة، أدخل مدرسة مار عبدا هرهريا، ومنها انتقل إلى كلية الآباء اليسوعيين ليتابع دروسه العالية، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 5 تشرين الأول 1892، وارتقى درجة الكهنوت في 24 كانون الأول 1897. اختاره البطريرك قيّمًا على المكتبة البطريركية فعمل على استخراج كنوزها الدفينة ووضع لها جداول وفهارس، ليسهل الاهتداء عليها والافادة منها. كما حرّر مقالاتٍ في مجلتي “المشرق” و “المنارة”
أوتي الاب ابراهيم حرفوش موهبة الكلام وأتقن فنّ الخطابة، فاشتهر بين الواعظين كأحد أسياد المنابر الذين لا يضاهون غزارة وفصاحة. قام بعدة رياضات روحية للسادة الاساقفة وفي مختلف القرى، فدوّن يومياته ورسالاته والاحداث التاريخية في سجلات وهي اليوم من اهم المراجع التاريخية.
العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء، منشورات الرسل، 1993. ص 253-260.
[24] إن هذه المعلومات مستقاة من ماجريات الأب ابراهيم حرفوش المرسل اللبناني، جارور الأب ابراهيم حرفوش، أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، دفتر رقم 4، صفحة30، ماجريات الأب ابراهيم حرفوش المرسل اللبناني، الجزء الثاني ، تواريخ تنير التاريخ، حقق وقدّم لها الأب اغناطيوس سعاده م.ل، منشورات الرسل 2003. ص 33-34.
[25] المرجع السابق ص 37
[26] المرجع السابق ص 38.
[27]المرجع السابق ص 40
[28] حول هذا الموضوع راجع: جريدة البلاغ البيروتية، 11 كانون سنة 1917، عدد 871.
ما جريات الأب ابراهيم حرفوش،.الارشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، دفتر رقم 4، ص 40-41.
عبود، الأب بولس، الوثائق تاريخية، جمعها ونشرها الأب فيليب السمراني، مطبعة المرسلين اللبنانيين، جونيه، 1939. ص 183- 184.
[29] ولد في الموصل في 9 تشرين الثاني 1849، ودعي لويس واسم أبيه ابراهيم. ذهب سنة 1863 إلى مدرسة انتشار الإيمان في روما، حيث نال شهادة الملفنة في الفلسفة واللاهوت. وفي 12 نيسان 1873، سيم كاهنًا. وفي 2 تشرين الثاني رقاه البطريرك شلحت مطرانًا على الرها. وفي 20 ايلول 1890، عُين على كرسي بغداد، وفي أوائل ايار 1894،نصب مطرانًا على حلب. وفي تشرين الأول 1898 نودي به في ماردين بالصوت الحي بطريركًا على الطائفة باسم افرام الثاني.
واستدراكًا لاضطرابات وانقلابات سياسية، نقل الكرسي البطريركي ماردين إلى بيروت سنة 1910. وثارت عليه خلافات تغلب عليها بحكمته وبطول اناته. وقد فاجأته المنية في القاهرة في 7 أيار سنة 1929. نقل جثمانه إلى بيروت حيث دفن في كاتدرائية مار جرجس.
عاقوري، جورج ديب، السريان الأراميون من أمسهم الغابر إلى يومهم الحاضر، الفا باء – الأديب، دمشق، 1998. ص 165 – 169.
[30] إزاء الضائقة الإقتصادية التي كان يرزح تحت أثقالها أبناء الجبل في غضون الحرب العالمية الأولى، أصدرت الحكومة الأوامر بتأليف شركة ( بيروتية – لبنانية) عٌهِد إليها جلب الحبوب، وبيعها بأسعار متهاودة، وجعل مستودع تلك الشركة في الحدث.
أما عبلي منيف ( 1915 – 1917 ) متصرف جبل لبنان، فقد حلّ شركة الحبوب هذه، بعد مرور فترة على عملها، وأمر بتأليف شركة جديدة للحنطة في جبل لبنان. فأوعز إلى قائمقامي الأقضية بأن ينظم كل منهم لائحة بكبار الأغنياء الموجودين في قضائه، واوجب على كل من أولئك المتوّلين أن يدفع سهمًا أو أكثر( كان السهم 250 ليرة عثمانية) لجمع رأسمال لتلك الشركة. وأظهر علي منيف أن الغاية من تأليف تلك الشركة كانت لتخفيف الضائقة الاقتصادية. واخذ هذا المتصرف على عهدته استجلاب الحبوب وتوزيعها على الأهالي بأسعار متهاودة.
لإدارة شركة الحبوب عيّن المتصرف علي منيف أحد وجهاء بيروت، وأكثرهم تقربًا منه هو الطبيب نجيب بك الأصفر.
يمين، الخوري أنطون، لبنان في الحرب الكبرى، أو ذكرى…ص 121- 132؛ يمين، الخوري أنطون، لبنان في الحرب…، ص 47 – 52.
[31] في 14 كانون الأول 1916 نشرت “جورنال دي بيروت” مقالة مفادها أن غبطة البطريرك افرام الرحماني هو صاحب المبادرة والداعي لهذا المشروع الخيري مما أثار غيرة الأب ابراهيم حرفوش فجمع المعطيات اللازمة والضرورية ورد بمقال آخر في “جريدة البلاغ” تحت عنوان “بيان الحقيقة” مظهرًا فيه “…ان غبطة السيد افرام رحماني أيده الله لما أثر في قلبه ما يحلّ بالفقراء من ويلات الشقاء راى أن ينضم إلى هولاء رؤساء الاديار المحسنين ويكون معهم يدًا واحدة في عمل المبرات واخذ على نفسه تنظيم هذه الاعمال عن طريقة تتكفل بسد عوز عدد معين من المحتاجين يقوم بقسم منه كل من الاديار المجاورة والمتضافرة على عمل الخير وقصده بذلك وقاية فقراء القرى المذكورة من الموت جوعًا وتوفير النفقات الطائلة التي لا تصل إلى هذه الغاية ان لم تكن منظمة…”
“ماجريات الأب ابراهيم حرفوش، دفتر 4، صفحة 40-41، “بيان الحقيقة”، في جريدة البلاغ البيروتية، تاريخ 11 كانون الأول 1917 عدد 871. السمراني، الأب فيليب، الوثائق تاريخية متعلقة بحضرة العلامة الأب بولس عبود المحامي الكنسي، مطبعة المرسلين اللبنانيين – جونيه (لبنان)، 1939. ص 183-184.
[32] القنطار يساوي 250 كيلو غرام .
[33] راجع هذه الرسالة في كتاب ” الوثائق…”، ص 187.
[34] ولد الأب بولس عبود في غوسطا سنة 1870. رغب عن زخارف هذه الحياة، وزهد بالدنيا، فدخل الرهبانية اللبنانية المارونية. أرسله رؤساؤه لتلقي علومه الثانوية في مدرسة اليسوعيين – بيروت ( 1893 – 1896) ومن ثم أكمل دروسه العليا بجامعة البروبغندا روما، حيث حصل على ثلاث شهادات دكتوره ، الأولى بالفلسفة والثانية باللاهوت، والثالثة بالحقوق الكنائسية.
في عام 1902 عينه البطريرك الياس الحويك نائبًا أسقفيًا على يافا – فلسطين. وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، ترك الأب عبود يافا وسكن كسروان، ومن مركزه هذا عمد إلى مساعدة المعوزين ، ومدّ يد العون لكل مضطهد في الحكم العثماني، نذكر من هؤلاء الأشخاص الأخوين فيليب وفريد الخازن، نعوم لبكي، ولطيف قززيان.
منحت الحكومة الفرنسية الأب عبود وسام جوقة الشرف، ووسام المعارف العاليين في عام 1921. وفي عام 1928 انتخب عضوًا في المجمع العربي اللبناني.
توفي الأب عبود في 29 كانون الأول 1941. مخلفًا وراءه عدد من المؤلفات.
السمراني، الأب فيليب، تأبين المرحوم الأب بولس عبود، في مجلة المنارة 13( 1942) ص 81 – 86. ؛ السمراني ، الأب فيليب، الأب بولس عبود، في المنارة، 13 ( 1942) ص 72 – 80.
GHANEM, J.,” ABBUD BULUS”, In Encyclopedie Maronite. T1, Université Saint Esprit de kaslik, Liban , 1992, p 5.
[35] راجع هذه الرسالة في المرجع السابق ص 189 – 190.
[36] ولد قرياقوس مبارك في رشميا في 2 آذار 1866، تلقن علومه الابتدائية في مدرسة القرية. في 2 آذار 1884 دخل مصاف الاكليريكيين في مدرسة الحكمة – بيروت. سيم كاهنًا بتاريخ 17 تموز 1890 متخذًا اسم نعمة الله. وفي كانون الثاني 1898 دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة وانتخب رئيسًا عامًا في 26 نيسان 1930 وتوفي برائحة القداسة في 21 تشرين الاول 1949. حول سيرة الأب نعمة اللع مبارك راجع: الأبوان يوسف ويوحنا العنداري، اسماء في السماء، منشورات الرسل، 1993. ص 261-274
[37] العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء، منشورات الرسل 1993. ص 266.
[38] السمراني، الأب فيليب، الأب نعمة الله مبارك، مجلة المنارة، (1949) 11و 12، ص 461.
[39] المرجع السابق
[40] ولد شكرالله في بكاسين التابعة لقضاء جزين في 15 شباط 1863، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 27 تشرين الأول 1877، سيم كاهنًا في 8 كانون الأول 1886، وأبرز نذوره الدائمة في 18 نيسان 1889. انتخب رئيسًا عامًا من عام 1903 ولغاية 1906، حيث رقي الى درجة الأسقفية على ابرشية صور يوم سبت النور، 14 نيسان 1906. توفي في 11 شباط 1934.
العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء،…ص 173-186.
[41] ماجريات الأب ابراهيم حرفوش، أرشيف جمعية المرسلين، دفتر رقم 4، ص 30.
ماجريات الأب ابراهيم حرفوش : تواريخ تنير التاريخ، حققها وقدم لها الأب اغناطيوس سعاده، منشورات الرسل، 2003، ص 32.
[42] كان عبدو ديب زيدان نجارًا فقد عمل للدير خزانات المكتبة والأرشيف ومذبح الكابلا ومغسلة وطاولة.
العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء…ص 344.
[44] الصمد، الدكتور قاسم، موقف فرنسا من عملية الاعتداء على قنصليتها في بيروت عام 1914، في لبنان في الحرب العالمية الأولى، جمعه ونسقه الدكتور انطوان القسيس،منشورات الجامعة اللبنانية، الجزء الثاني، بيروت، 2011. ص 459- 495.
[45] ولد خليل شبلي في 19 كانون الأول 1870 في بلدة دفون – الشوف، تلقى مبادئ التعليم الأولي في مدرسة القرية “تحت السنديانة” فدخل بعد ذلك مدرسة الآباء اليسوعيين في بيروت. سافر سنة 1885 الى باريس ليتابع دروسه في معهد سان سالوبيس الاكليريكي، سيم كاهنًا في 14 تموز 1897، ومطرانًاعلى ابرشية بيروت في 22 شباط 1908. نفي الى أضنه يوم الجمعة 7 نيسان 1916. فارق الحياة في 20 آذار 1917 عن 47 عامًا. لمزيد من المعلومات حول سيرة حياته ودوره الوطني راجع: أبو نهرا، الدكتور جوزيف، مآسي الحرب في لبنان من خلال مذكرات المطران بطرس شبيلي، في لبنان في الحرب العالمية الأولى، جمعه ونسقه د. انطوان القسيس، منشورات الجامعة اللبنانية ،الجزء الأول، بيروت 2011. ص 53-82.
[46] خوري، المطران عبدالله، البطريرك الماروني وجمال باشا ابن الحرب”، في مجلة المشرق مجلد السنة 22، 1924، ص 165. الملاح ، عبدالله، محاولة نفي البطريرك الياس الحويك (1915 – 1916)، في لبنان في الحرب العالمية الأولى، جمعه ونسقه وحققه د. أنطوان القسيس، منشورات الجامعة اللبنانية، الجزء الثاني، بيروت 2011، ص 769؛حرفوش، الأب ابراهيم، دلائل العناية الصمدانية، طبعة ثانية 2002 منشورات الرسل جونيه – لبنان. ص 546
[47]ولد خطّار في عجلتون في 9 كانون الثاني سنة 1870، تلّقى دروسه الأولى في البلدة، دخل دير الكريم في 22 أيلول 1884، أبرز نذوره الدائمة في 18 نيسان 1889، سيم كاهنًا في 9 شباط سنة 1893.
في شهر نيسان 1901 قرّرت الجمعية، بناءً على طلب من غبطة البطريرك الياس الحويك، التوجه إلى الأرجنتين حيث يتكاثف الوجود اللبناني، فتعين للسفر اليها الأبوان يوحنا غصن ومخايل حجار. فرسّخا اقدام المرسلين في تلك الاصقاع وأسّسا الرسالة اللبنانية الأولى. العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء، …ص 243-251.
[48] نشرة هذه الرسالة “جريدة المرسل “ الصادرة في 13 ايلول 1916 ، عدد 191، ص2.
[49] حول هذه الرواية وسواها من الحوادث التي حصلت مع الأب نعمة الله مبارك أثناء الحرب العالمية الأولى راجع: مجلة المنارة ز(1949) 11 و 12، الأب نعمة الله مبارك ص : 445 – 453.
[50] المرجع السابق عينه.
[51] سجل 1 عدد 465.
[52] ولد رشيد في ريفون بتاريخ 2 تموز 1866، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 6 تشرين الأول 1883، سيم كاهنًا في 4 آب 1887. أنتخب رئيسًا عامًا لولايتن الأولى 1898-1903 والثانية من العام 1906إلى العام 1929. توفي في 29 أيار 1929. العنداري، الأبوان، يوسف ويوحنا، أسماء في السماء، …ص 151 – 167.
[53] ولد نجيب في 17 كانون الأول 1887، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 30 ايلول 1900. سيم كاهنًا في 17 ايار 1913. توفي في 9 ايار 1920. المرجع السابق ص 125-130.
[54] ولد في بيروت في 18 كانون الثاني 1885، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 26 ايلول 1900، سيم كاهنًا في 15 آب 1911، بدأ رسالته الكهنوتية معلمًا في دير الكريم لينتقل بعد ذلك الى مدرسة الحكمة حيث شغل وظيفة معلم وبالتالي مدير.
أُسندت اليه وظائف عدة، فتعين رئيسًا لدير الكريم ( 1936 – 1939ثم 1948 – 1951) وناصحًا عامًا إثر وفاة الأب شكرالله مبارك. بالاضافة الى ذلك فقد شغل وقته في تعريب الكتب الروحية المتنوعة ونشر مؤلفات قيمة تداولتها الأيدي واغتذت بها النفوس ، هذا فضلاً عن مقالات عديدة في مجلة ” المنارة” و “سيدة لبنان” . …
توفي في 14 كانون الثاني 1971.لمزيد من المعلومات حو ل سيرته راجع الأبوان يوسف ويوحنا العنداري، اسماء في السماء …ص 369 – 376.
[55] ولد يوسف أبي حنا السخن سنة 1882 في قرطبا، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في آخر شهر آذار 1901، سيم كاهنًا في 15 آب 1911، توفي في 11 آذار 1969. لمزيد من المعلومات حول سيرته راجع: الابوان يوسف ويوحنا العنداري، اسماء في السماء، ص 359-367
[56] ولد في الأشرفية – بيروت في 31 آذار 1882، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 23 ايلول 1901، سيم كاهنًا في 15 آب 1911. تسلّم مدرسة الحكمة بيروت سنة 1919، ومن ثم سافر الى الأرجنتين سنة 1923 وبعد ذلك إلى البرازيل ليساعد الأب الياس الغريب في تأسيس مقرّ للرسالة … قضى الأب زيدان خمسين سنة ونيّف في الرسالة عاش معظمها في لبنان والباقي في بلاد الاغتراب ، إلى أن رقد على رجاء القيامة في 14 نيسان 1963. ولمزيد من المعلومات حول سيرة هذا الأب راجع كتاب العنداري، الأبوان، يوسف ويوحنا، اسماء في السماء … ص 341 – 349.
[57] سجل 1 – عدد 531.
[58] ولد سلوم في ساحل علما بتاريخ 5 تشرين الثاني 1876، ودخل جمعية المرسلين في 7 آذار 1889، سيم كاهنًا في 28 حزيران 1902. توفي في 29 حزيران 1952. العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء،…ص283-291.
[59] دخل بطرس طنوس الجمعية بتاريخ 5 تشرين الأول 1901 وغادرها في 27 آب 1924.
[60] هو يوحنا حبيب رحمة المولود في 24 حزيران 1881، دخل جمعية المرسلين في أول تشرين الأول 1898، سيم كاهنًا في 15 آب 1911. توفي في 20 تشرين الثاني 1959. المرجع السابق ص 299-304.
[61] ولد في كفردبيان في 20 كانون الثاني 1878، دخل مدرسة الجمعية في عينطوره في 5 تشرين الأول 1894. سيم كاهنًا في 11 أيار 1905. رقد على رجاء القيامة في 12 تشرين الثاني 1943. المرجع السابق ص 221-225.
[62] الجزء الثاني من سجل تاريخ الجمعية وترتيباتها ابتداءً 13 نيسان 1927، مجفوظات جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، عدد 701، صفحة 285؛ لعنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء…ص 158؛ و 301؛ الملاح، عبدالله، و زرق الله، شارل، رعية مار فوقا غادير 1837-1932، د.ن، 2012، ص 70-71.
[63] المرجع السابق ص 361 – 362.
[64] سعاده، الأب إغناطيوس، على دروب التاريخ احداث وتراث، منشورات الرسل – جونيه، 2000. ص 337 – 341.
[65] أبصر النور في 9 آذار 1879، في بلدة رشميا. دخل جمعية المرسلين اللبنانيين في 21 تشرين الأول 1895. سافر الى روما في 25 تشرين الأول 1898، فدخل مدرسة البروبغندا حيث امضى ثماني سنوات أحرز في نهايتها أرفع الشهادات في الفلسفة واللاهوت. سيم كاهنًا صباح سبت النور في 14 نيسان سنة 1906. توفي في 26 تموز 1944. العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء،...ص 235-241.
[66] هو فريد بن يوسف صقر الخازن ولد في عجلتون في 29 كانون الثاني 1885، دخل الجمعية في 5 تشرين الأول 1899. سيم كاهنًا في 15 آب 1911. توفي في 10 كانون الأول 1972. المرجع السابق ص 383-391.
[67] سجّل الرسالة اللبنانية، الجزء الأول من 5 نيسان 1838 إلى 12 نيسان 1927، عدد 460 و461،ص 193- 194.
[68] المرجع السابق عدد 509، ص 209.
[69] لمزيدٍ من المعلومات حول هذا الدير راجع: سجل الجمعية عدد 707، ص 286؛ السمراني، الأب فيليب، الأب نعمة الله مبارك…، ص 455؛ العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا، أسماء في السماء… ص 179، 202، 266، 286، 385و386.
ماجريات الأب أبراهيم حرفوش، تواريخ تنير التاريخ، حققها وقدم لها الأب اغناطيوس سعاده، ج2، منشورات الرسل، 2003. ص 39
[70] تأسست رسالة جمعية المرسلين اللبنانيين في الأرجنتين عام 1901.
[71] تسهيلاً لمهام المرسلين في بلاد الأرجنتين اقدم الأب يوحنا غصن على شراء آلات طباعية وانشاء ” مطبعة المرسل” في اوائل 1913. إلاّ أن عمل المطبعة لم يقتصر على توفير احتياجات الآباء المرسلين، بل ان المؤسسين وضعوها في خدمة العموم. وأحرزت هذه المطبعة مع مرور الزمن تقدمًا باهرًا بحيث أصبحت من المطابع المعتبرة في العاصمة الأرجنتنية. عدد المرسل الممتاز، بوانس ايرس، اول ايلول، 1939. ص 145. الملاح، عبد الله، أضواء على جريدة المرسل الصادرة في الأرجنتين، ( 1913 – 1917)، في إعلام وتوثيق، السنة السابعة 1992. ص 51 – 52.
[72] حول هذا الموضوع راجع بعض هذه المقالات:” الشعب اللبناني يموت بفعلي الجوع والتسمم”، “الرئيس ولسن يبذل قصارى الجهد في رفع الضيق عن لبنان”، “ماذا عن سوريا؟ اخبار سوريا ولبنان”. وفي مكان اخر يرد ” اللبنانيون على وشك الإنقراض” المرسل، عدد 176، تاريخ 22 تموز 1916؛ وعدد 177، تاريخ 26 تموز 1916؛ وعدد 181، تاريخ 9 آب 1916.
[73] المرسل الأربعاء 20 تشرين الثاني 1918، عدد 396، ص 2
[74] نُشرت هذه الرسالة في “جريدة الأرز” وهي موجهة من الخوري يوسف صقر إلى بشاره البواري المقيم لدى المطران دريان. غير أن جريدة المرسل قد أعادت نشرها في 6 نيسان 1918 عدد 339 ص 2-3 وذلك ليتمكن القراء من الاطّلاع على أهوال الحرب.
[75] نقل هذا الخبر عن شهود عيان ونشر في جريدة المرسل نهار الاربعاء 2 نيسان 1919،عدد 427، ص 2-3
[76] جريدة المرسل، الأربعاء 21 آذار ،1919 عدد422، ص 2.
[77] لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع راجع: ” المُرسَل ” 31 ايار 1916.و أسماء في السماء… ص 248-249.
[78] تأسست مدرسة الآباء الكريميين في العاصمة الأرجنتنية في 25 ايار 1902. وقد عرفت يومها بالمدرسة السورية الفضية. وتولى الأب يوحنا غصن رئاسة المدرسة والأب مخايل الحجار إدارتها. كان عدد طلابها في بادىء الأمر لا يزيد على الثلاثين. أما في العام 1916 فقد بلغوا المئة والخمسين تلميذًا…
الغاية من تأسيس هذه المدرسة تجذير اللغة العربية في قلوب ابناء الجالية، وعامل توحيد بينهم ومنبع حنين وشوق للوطن.
[79] بعد مرو ثماني سنوات على إقفال المدرسة المارونية، تمّ الاتفاق بين قداسة البابا بنديكتوس الخامس عشر والبطريرك الحويك على اعادة فتح المدرسة وتسليمها الى الاكليروس اللاتيني. فوصل فوج كبير من الاكليريكيين ضم 19 تلميذًا، منهم 9 من جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة وواحد من كل ابرشية. ورافقهم الاب شكرالله مبارك م.ل بصفة نائب للرئيس واستاذ اللاهوت والطقوس المارونية. لمزيد من المعلومات حول هذه المدرسة راجع، سعاده، الاب اغناطيوس، المدرسة المارونية الحديثة، في محطات في مسيرة الزمن، منشورات الرسل، 2010. ص 245- 287.
[80] لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع راجع السمراني، الأب فيليب، الأب نعمة الله مبارك، مجلة المنارة، (1949)11 و12ص 453 -462.
العنداري، الأبوان يوسف ويوحنا،أسماء في السماء…ص 286 – 287.