هو مزمور صلاة المؤمن الذي يسعى إلى لقاء الرب، يهتف بما ينشده الحبيب لمحبوبه. عندها نرى وجه الحبيب تشرق من وحياه لالىء الفرح، وينبثق من أشراقته بلسم عزاء وطيب اللقاء. وفي سنة الايمان التي نشرف على نهايتها، وفيها عشنا اختبار العمق ودعوة التطلع ورسالة التجدّد، سمّرنا نظرنا إلى المسيح “مبدأ إيماننا ومكمله”، فالتمسنا منه سنداً لإيماننا واكتسبنا قوة في سلوكنا الإيماني.
“وجهك يا ربي ألتمس”، فعل تأمل فيه تصفو عين العقل لتنظر الوجه الإلهي وراء حجب الأرض، وفيه يصفو حس القلب ليستشف إرادته فيعمل بموجبها ويحققها، ويولد للفرح.
“وجهك يا ربي ألتمس”، فعل بحث، فيه يمشي الإنسان في نور الإيمان مستندًا على قدرة الوحي ليلمس حقيقة الحضور، فينتقل من ناظر ينتظر، إلى مؤمن يهلل بفرح.
“وجهك يا ربي ألتمس”، نشيد شوق النفس إلى الله كشوق الأيل إلى مجاري المياه، فتنتعش بالحياة وتجري صاعدة دروب السعادة وارتقاء السلام.
“وجهك يا ربي ألتمس”، مسيرة سعي ونمو، وسيرة هداية وسمو، تدفع بالسائر على طرق الرب إلى بلوغ هدف الامتلاء الباطني بالحياة الهانئة بالسلام.
يسرنا، أعزاءنا القراء، أن نكمل مسيرة التماس وجه المسيح، في الإيمان، بعدما كنا قد بدأناها في مطلع هذا العام مع صدور العددين الأول والثاني. يطل هذا العدد الثالث والأخير من السنة الحالية ليحمل في طياته باقة من المقالات تسهم في تمتين التماس وجه الرب، وتسند في تعزيز الإيمان لمتابعة الطريق في مسيرة الصلاة والتأمل، البحث والنشيد والسعي، كما صلى صاحب المزمور وأنشد، تأمل وسعى وبحث فقال: “وجهك يا ربي ألتمس”.
هيئة التحرير