Almanara Magazine

الجمعيّة العامّة العاديّة السادسة عشرة لسينودوس الأساقفة

الجمعيّة العامّة العاديّة السادسة عشرة لسينودوس الأساقفة

الجمعية الأولى (4-29 تشرين الأوّل / اكتوبر 2023)

 تقرير ملخّص: كنيسة سينودوسيّة مُرسِلة

 28 تشرين الأوّل / اكتوبر 2023

  

مقدّمة

الأخوات العزيزات والإخوة الأعزّاء

«نحن جميعاً تعمّدنا بروحٍ واحدٍ، لنكون جسداً واحداً، وارتوينا من روحٍ واحد» (1 كور12/13). هذا هو الاختبار المليء بالفرح وبعرفان الجميل الذي عشناه في هذه الجمعية الأولى لسينودوس الأساقفة، والتي عُقدت من 4 إلى 28 تشرين الأوّل / اكتوبر 2023، حول موضوع «من أجل كنيسة سينودوسيّة، شركة، مشاركة ورسالة».

بفضل نعمة العماد المشتركة، استطعنا أن نعيش معاً بقلبٍ واحدٍ ونفسٍ واحدة، بالرغم من اختلاف أصولنا، ولغتنا، وثقافتنا. حاولنا أن نرتّل كما في جوقة متعدّدة الأصوات ولكن في وحدة النفوس. لقد وهبنا الروح القدس أن نختبر الانسجام الذي، هو وحده، يعرف أن يخلقه: هذا الانسجام هو عطيّة وشهادة في عالمٍ ممزّقٍ ومنقسم.

تنعقد جمعيتنا في وقتٍ تعصف بالعالم حروبٌ قديمة وجديدة، ترافقها المأساة الغاشمة بسقوط عدد كبير من الضحايا. صرخة الفقراء والمرغمين على الهجرة، والذين يعانون من العنف، والذين يقاسون من نتائج التغيّر المناخي. هذه الصرخة قد وصل صداها إلينا، ليس فقط من خلال الإعلام ووسائل التواصل بل من خلال كثيرين معنيين شخصياً مع عائلاتهم ومع شعوبهم، وهم يعانون من هذه الأمور. لقد حملنا الجميع في كل لحظة، في قلبنا وفي صلاتنا متسائلين كيف تستطيع كنائسنا أن تُعطي الأولويّة لمسارات المصالحة والرجاء والعدالة والسلام.

حصل لقاؤنا في مدينة روما، حول خليفة بطرس، الذي ثبّتنا في الإيمان وشجّعنا لنكون مقدامين في الرسالة. إنّها حقاً لنعمة أن نبدأ مسيرتنا بسهرة مسكونيّة، رأينا فيها البابا وإلى جانبه جميع رؤساء الكنائس المسيحيّة الأخرى يصلّون أمام قبر القديس بطرس. الوحدة تختمر بصمت داخل كنيسة الله المقدّسة، ونحن نشاهد ذلك بأم العين، ويملؤنا الفرح فيما نشهد به أمامكم. «ما أجمل وما أطيب أن يجتمع الإخوة معاً» (مزمور 133/1).

على طلب من قداسة البابا ضمّت هذه الجمعيّة، إلى جانب الأساقفة، أعضاء آخرين من شعب الله. الأساقفة، في وحدتهم فيما بينهم ومع أسقف روما، أظهروا وجه الكنيسة كشركة بين الكنائس. علمانيّات وعلمانيّون، مكرّسات ومكرّسون، شمامسة وكهنة، كانوا شهوداً مع الأساقفة لمسارٍ يهدف سينودوسي إلى إشراك كل الكنيسة والجميع في الكنيسة. هؤلاء ذكّروا بأنّ الجمعيّة ليست حدثاً منعزلاً، بل جزءاً أساسياً ومعبَراً ضرورياً للمسار السينودوسيّ. في كثرة المداخلات وتعدّدية المواقف صدح صدى خبرة كنيسة في التدريب على السينودوسيّة والبحث عن أفضل الطرق لتحقيقها.

منذ أكثر من سنتين، بدأنا هذه المسيرة التي أوصلتنا إلى هذه الجمعيّة. بعد افتتاح المسار السينودوسيّ في 9 تشرين الأوّل / اكتوبر 2021، التزمت كل الكنائس، حتى ولو بخطى مختلفة، بمسيرة الإصغاء التي شهدت مراحل على كل المستويات: الأبرشيّ والوطنيّ والقاريّ، وقد وصلت نتائجها من خلال الوثائق والتقارير المتلاحقة. من خلال هذه الجمعيّة افتُتحت المرحلة التي تستقبل فيها الكنيسة ثمار هذه الاستشارات لكي تميّز، في الصلاة والحوار، والسبل التي يطلب منا الروح أن نسير عليها. هذه المرحلة مستمرّة حتى شهر تشرين الأوّل / اكتوبر 2024، عندما تُنهي الجمعيّة الثانية عملها الخاص وترفعه إلى قداسة البابا.

كل هذا المسار المتجذّر في تقليد الكنيسة، حصل على ضوء السلطة التعليميّة المجمعيّة. المجمع الفاتيكاني الثاني كان، في الحقيقة، حبّةً مرميّةً في حقل العالم والكنيسة. حياة المؤمنين اليوميّة، وخبرة الكنيسة في كل شعبٍ وحضارة، وكذلك الشهادات العديدة للقداسة، وتفكير اللاهوتيين، كلّ هذه الأمور كانت الحقل الذي نبت فيه ونما بذار المجمع.

يستمر المسار السينودوسيّ 2021-2024 في استمداد الطاقة من هذه البذرة وينمّي إمكاناتها. في الواقع، يطبِّق المسار السينودوسي ما علّمه المجمع عن الكنيسة باعتبارها سرّ شعب الله، المدعو إلى القداسة. فهو يثمّن مساهمة جميع المعمّدين على اختلاف دعوتهم، من أجل فهم أفضل للإنجيل وتطبيقه. بهذا المعنى، هو يشكّل قبولاً فريداً ومستكملاً للمجمع، يمدّد إلهاماته، ويعيد ضخ طاقته النبويّة في عالم اليوم.

بعد مرور شهر من العمل المتواصل، يدعونا الرب للعودة إلى كنائسنا لكي نحمل إليكم ثمار عملنا، ونتابع معاً المسيرة. هنا في روما كان البعض منا فقط مشاركًا، ولكن الهدف من المسار السينودوسيّ كما يريده البابا هو أن يشارك فيه جميع المعمّدين. نتمنّى بشدّة أن يحصل هذا الأمر ونحن نسعى إلى تحقيقه.

في هذه الخلاصة، جمعنا العناصر الأساسيّة التي انبثقت عن الحوار، والصلاة والمحادثة، التي طبعت هذه الأيام. رواياتنا الشخصيّة سوف تُغني هذه الخلاصة على نغمة الخبرة المُعاشة والتي لا يمكن نقلها بالكلمات المكتوبة. هكذا، يمكننا أن نشهد أمامكم كم كانت غنيّة لحظات الصمت والإصغاء، لحظات المشاركة والصلاة. سنتشارك معكم أيضاً صعوبة الإصغاء إلى أفكارٍ مختلفة من دون الوقوع فوراً في تجربة ردّ الفعل. وهذا يعني تقديم المساهمة الشخصيّة على أنّها عطيّة للآخرين وليس كقناعة مطلقة. ولكن نعمة الله قادتنا إلى القيام بذلك بالرغم من محدودياتنا، وكان هذا بالنسبة لنا خبرة تعاضد حقيقيّة. فيما كنا نعيش هذه الحقيقة فهمناها بشكلٍ أفضل وعرفنا قيمتها أكثر.

في الواقع، لقد فهمنا أنّ السير معاً كمعمّدين في تعدّديّة المواهب، والدعوات والخِدم، أمرٌ مهمٌ ليس فقط لجماعتنا بل أيضاً للعالم. الأخوّة بروح الإنجيل هي في الواقع كسراج يجب عدم وضعه تحت المكيال بل على المنارة لكي يضيء كل البيت (متى 5/15). واليوم يحتاج العالم إلى هذه الشهادة أكثر من أي وقت مضى. وبصفتنا تلاميذ يسوع المسيح لا يمكننا التخلّي عن واجبنا في أن نشهد أمام البشريّة الجريحة على رحمة الله وحبّه وأن نحملهما إليها.

لقد سارت الأعمال في هذه الجمعيّة بحسب المقترح المقدّم من وثيقة العمل التي كانت تدعونا للتفكير حول العلاقات المميّزة لكنيسة سينودوسيّة وحول ديناميات الشركة، والرسالة والمشاركة المرتبطين بها. النقاشات حول المسائل المطروحة أكّدت على جودة البنية العامّة للمخطّط. لقد استطعنا أن ندخل إلى جوهر المسائل، وأن نتعرّف على المواضيع التي تحتاج إلى تعميق، وتقديم قالب أوّلي للاقتراحات على ضوء الخطوات التي تمّت سابقاً. لا تأخذ الخلاصة هذه بعين الاعتبار كل محتوى وثيقة العمل ولا تجيب عن كل المسائل، ولكنّها تُطلق المواضيع التي تعتبرها أولويّة. ليست الخلاصة بأي شكل من الأشكال، وثيقة نهائيّة ولكنّها وسيلة في خدمة التمييز الذي يجب أن يستمر.

يتألّف النص من ثلاثة أجزاء، الأوّل يرسم «وجه الكنيسة السينودوسيّة» ويقدّم المبادئ اللاهوتيّة التي تضيء على السينودوسيّة وتؤسّس لها. هنا يظهر أسلوب السينودوسيّة وكأنّه طريقة تصرّف وعمل في الإيمان، الذي يولد من التبحّر في سرّ الثالوث ويُظهر قيمة الوحدة والاختلاف كغنى للكنيسة.

الجزء الثاني يحمل عنوان «الجميع تلاميذ، الجميع رسل». يتحدّث عن جميع المنخرطين في حياة ورسالة ورسالتها، وعن علاقتهم ببعضهم البعض. في هذا الجزء تظهر لنا السينودوسية، بشكل أساسيّ، على أنّها مسيرة لشعب الله وحوارٌ خصب بين المواهب والخِدَم من أجل حلول الملكوت.

الجزء الثالث يحمل عنوان «نسج علاقات، بناء جماعات». هنا تظهر السينودوسيّة، بشكل أساسيّ، على أنّها مجموعة مسارات، وشبكة هيئات تسمح بالتبادل بين الكنائس والحوار مع العالم.

في كل فصل من الأجزاء الثلاثة نجد: مسائل متوافق عليه، ومسائل مطروحة للنقاش واقتراحات. مسائل متفق عليها تعرّف عن النقاط الثابتة التي يمكن التفكير فيها، وهي تشبه الخارطة التي تساعدنا على تحديد وجهتنا في رحلتنا من دون أن نتوه في الطريق. المسائل المطروحة للنقاش تجمع النقاط التي وجدنا من الضروري متابعة التعمّق فيها على الصعد: اللاهوتيّة والراعويّة والقانونيّة. إنّها أشبه بملتقى الطرقات التي يجب الاستراحة عندها، وذلك لكي نفهم، بشكل أفضل، في أي اتجاه نتابع المسيرة. وتشير الاقتراحات، في المقابل، إلى مسارات يمكن السير وفقها: البعض منها مقترح، البعض الآخر منصوح به، والباقي مطلوب بقوّة وثقة وتصميم.

خلال الأشهر المقبلة، ستلعب المجالس الأسقفيّة وبنى السلطة في الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة دور صلة الوصل بين الكنائس المحليّة وأمانة السرّ العامّة للسينودوس، وسوف تقوم بعمل مهم من أجل تطوير التفكير، من خلال الأمور التي تمّ الاتفاق حولها. الكنائس مدعوّة إلى التركيز على المسائل والاقتراحات الأكثر أهميّة والأكثر إلحاحاً، لكي تكون الأولويّة للتعمّق اللاهوتيّ والراعويّ وتحديد التبعات القانونيّة.

نحمل في قلبنا الرغبة، مدعومةً بالرجاء، بأن يكون جوّ الإصغاء المتبادل والحوار الصريح الذي اختبرناه في أيام العمل المشترك في روما، مصدر إشعاع في جماعاتنا وفي كل العالم خدمةً لنمو الزرع الصالح لملكوت الله.

 

 

الجزء الأوّل – وجه الكنيسة السينودوسيّة

1. السينودوسيّة: خبرة وفهم

مسائل متفق عليها

أ) لقد قبلنا الدعوة إالى العتراف بوعي جديد بالبعد السينودوسيّ للكنيسة. في العهد الجديد وفي الكنيسة الأولى نجد شهاداتٍ عن ممارسات سينودوسيّة، أخذت لاحقاً أشكالاً تاريخيّة محدّدة في الكنائس المختلفة والتقاليد المسيحيّة. المجمع الفاتيكاني الثاني أعاد تفعيل هذه الممارسات، والبابا فرنسيس يشجّع الكنيسة أن تجدّدها باستمرار. في هذا المسار يندرج أيضًا سينودوس 2021-2024. من خلال هذه الجمعيّة، اكتشف شعب الله أنّ النهج السينودوسيّ للصلاة، والإصغاء والكلام، المتجذّر في كلمة الله، تتخلّله لحظات من اللقاء بفرح، وأحياناً لحظات أخرى من التعب، وكلّها تقود إلى وعي أعمق لحقيقة أنّنا جميعاً أخوات وإخوة في المسيح. إنّ أحد الثمار التي لا تقدّر بثمن للمسار السينودوسيّ هو هذا الوعي المتنامي لهويّتنا بأنّنا شعب الله المؤمن والأمين، حيث كل واحدٍ منّا له كرامته التي تنبثق من المعموديّة وحيث هو مدعوٌ للمشاركة في تحمّل المسؤوليّة من أجل البشارة المشتركة.

ب) هذا المسار جدّد خبرتنا ورغبتنا بكنيسة تكون بيت الله وعائلته. على هذه الخبرة بالذات وعلى هذه الرغبة بكنيسة أكثر قرباً من الناس، تكون أقل بوروقراطيّة وأكثر علائقيّة، أُطلقت تعابير «سينودوسيّة» و «مجمعيّة». لقد قدّمنا فهماً أوّلياً لهذه التسميات التي تحتاج إلى المزيد من الدقّة والتحديد. إنّها الكنيسة التي أعلن الشباب عن رغبتهم فيها بمناسبة السينودوس الخاص بهم والذي انعقد سنة 2018.

ج) الطريقة، بحد ذاتها، التي انعقدت فيها الجمعيّة، أي توزيع المشاركين إلى فرق صغيرة تجلس حول طاولة مستديرة في قاعة بولس السادس، يمكن مقاربتها مع الصورة الكتابيّة «وليمة العرس» (رؤيا 19/9)، وهو شعار الكنيسة السينودوسيّة، وصورة للإفخارستيا منبع السينودوسيّة وقمّتها، ولكلمة الله القائمة في وسط الشعب. في هذه الكنيسة ثقافات، ولغات، وطقوس، وطرق تفكير، وتركيبات مختلفة تستطيع أن تعمل معاً، وتتعاون بطريقة مثمرة، في سعيٍ صادق، بقيادة الروح القدس.

د) شارك معنا أخوات وإخوة ينتمون إلى شعوبٍ تعاني من الحرب، ومن الاستشهاد، ومن الاضطهاد ومن الجوع. أوضاع هذه الشعوب لم تكن تسمح لهم بالمشاركة معنا في المسار السينودوسي ولكنّهم أصبحوا الآن جزءاً من حواراتنا وصلاتنا. لقد غذّوا لدينا معنى الشركة وشدّدوا عزيمتنا وتصميمنا على أن نكون فعلة سلام.

ه) تحدّثت الجمعيّة، غالباً، عن الرجاء، والشفاء، والمصالحة، واستعادة الثقة، من بين العطايا الكثيرة التي أفاضها الروح القدس على الكنيسة خلال هذا المسار السينودوسيّ. الانفتاح على الاصغاء للجميع ومرافقتهم، بمن فيهم من عانوا من الجراح أو من الاستغلال في الكنيسة، جعل الكثيرون يشعرون من جديد بأهميّة وجودهم بعد أن عانوا لمدّة طويلة من أنّ أحدًا لم يعد يراهم. ما زال علينا القيام بمسيرة طويلة نحو المصالحة والعدالة التي تتطلّب مواجهة البنى والمؤسّسات التي سمحت بهذا الاستغلال وهذه التجاوزات والقيام بمبادرات توبة حقيقيّة.

و) نعرف أنّ كلمة سينودوسيّة هي تعبير مجهول عند الكثيرين من أعضاء شعب الله، مما يثير عند البعض الارتباك والقلق. من بين هذه المخاوف أن يتمّ تغيير تعليم الكنيسة، والابتعاد عن الإيمان الرسولي لآبائنا القدّيسين وخيانة انتظارات الذين ما زالوا حتى اليوم جياع وعطاش إلى الله. ولكن نحن مقتنعون بأنّ «السينودوسيّة» هي تعبيرٌ عن ديناميّة التقليد الحي.

ز) من دون التقليل من أهميّة الديمقراطيّة التمثيليّة، يردّ البابا فرنسيس على قلق البعض من أن يتحوّل السينودوس إلى هيئة تقرير بالأغلبيّة بعيداً عن الطابع الكنسي والروحي فيعرّض للخطر طبيعة الكنيسة الهرميّة. البعض يخشون من أن يكونوا مجبرين على التغيير، والبعض الآخر يخشى من أنّ شيئاً لن يتغيّر وسوف يكون هنالك القليل من الجرأة للتحرّك على إيقاع التقليد الحيّ. بعض الضياع وبعض المعارضات قد تُخفي أيضاً الخوف من فقدان السلطة والامتيازات المرتبطة بها. على أي حال، في كل السياقات الثقافيّة تعابير: «سينودوسيّ» و«سينودوسيّة» تدل على طريقة تحدّث الكنيسة بوضوح عن شركة، رسالة ومشاركة، والمثال على ذلك هو مجلس الكائس لأمازون وهو ثمرة المسار السينودوسيّ الرسوليّ في تلك المنطقة.

ح) يمكن فهم السينودوسيّة على أنّها مسيرة المسيحيين مع المسيح نحو الملكوت، إلى جانب كل البشريّة. هذه المسيرة متّجهة نحو الرسالة وهي تتضمّن لقاءات على كل مستويات الحياة الكنسيّة: الاصغاء المتبادل، الحوار، التمييز الجماعيّ وخلق تفاهم يكون التعبير عن حضور المسيح الحيّ بالروح القدس، واتّخاذ القرارات في مسؤوليّة مشتركة ومتمايزة.

ط) من خلال الخبرة واللقاء نَمَونا معاً في هذا الوعي. في الخلاصة، ابتداءً من الأيام الأولى، وجدت الجمعيّة نفسها مطبوعة بقناعتين: الأولى هي أنّ الخبرة التي تشاركناها خلال هذه السنوات هي خبرةٌ مسيحيّة أصيلة، ويجب قبولها بكل غناها وعمقها؛ والثانية هي أنّ تعابير «سينودوسيّ» و«سينودوسيّة» تحتاج إلى توضيح أكثر دقّة : حول معانيها في مختلف الثقافات. لقد أبصر النور اتفاقٌ جوهريٌ بأنّ الرؤية السينودوسيّة هي التي تمثّل الكنيسة، بعد القيام بالتوضيحات الضروريّة.

مسائل مطروحة للنقاش

ي) إنطلاقاً من عمليّة التفكّير التي جرت سابقاً، لا بدّ من توضيح معنى السينودوسيّة على مختلف المستويات، انطلاقاً من الاستعمال الراعويّ وصولاً إلى الاستعمال اللاهوتيّ والقانونيّ، مع التنبّه إلى خطر أن يكون هذا التعبير مبهماً أو عامّاً أو أن يظهر وكأنّه زيّ عابر. وبنفس الطريقة، من الضروري توضيح العلاقة بين السينودوسيّة والشركة كما والعلاقة بينها وبين الأسقفيّة الجماعيّة الأسقفيّة.

ك) برزت الرغبة في تقييم الاختلافات في ممارسة وفهم السينودوسيّة بين تقاليد الشرق المسيحيّ والتقليد اللاتيني، حتى خلال أيّامنا هذه، وتسهيل التوفيق فيما بينهما.

ل) بشكل خاصّ، يجب إبراز التعبير عن الحياة السينودوسيّة في سياقات ثقافيّة حيث الأشخاص معتادون على السير معاً كجماعة. في هذا المجال، يمكن التأكيد على أنّ ممارسة السينودوسيّة تشكّل جزءاً من جواب الكنيسة النبويّ على الفرديّة التي تنطوي على نفسها، وعلى الشعبويّة التي تقسّم، وعلى الشموليّة التي تُلغي الفرادة وتسطّح كل شيء. لا تحلّ السينودوسيّة هذه المشاكل ولكنّها تقدّم طريقاً بديلاً، مليئاً بالرجاء، إذ تعلّمنا كيف نكون وكيف نعمل، وهذا الأمر يتضمّن العديد من وجهات النظر، كما سيجري استكشافه وتوضيحه لاحقاً.

إقتراحات

م) عمق وغنى الاختبار السينودوسيّ المُعاش يقوداننا إلى إعطاء الأولويّة لزيادة عدد الأشخاص المشاركين في المسيرة السينودوسيّة، وللتغلّب على عوائق المشاركة التي برزت إلى الآن، وكذلك للتغلّب على انعدام الثقة والمخاوف التي يغذّيها البعض.

ن) يجب تطوير طرائق جديدة من أجل مشاركة أكثر حيويّة من قبل الشمامسة والكهنة والأساقفة في المسار السينودوسيّ، خلال العام المقبل. فالكنيسة السينودوسيّة لا تستطيع الاستغناء عن أصواتهم، وعن خبراتهم ومساهمتهم. نحن نحتاج إلى فهم الأسباب الكامنة وراء رفض السينودوسيّة من قِبل البعض منهم.

س) وأخيراً، برزت حاجة ملحّة إلى أن تكون الثقافة السينودوسيّة موزّعة بين الأجيال، مع مساحات تسمح للشباب بالتحدّث بحريّة مع عائلاتهم، مع أبناء جيلهم ومع رعاتهم ولو تمّ ذلك من خلال القنوات الرقميّة.

ع) تقدّم اقتراح بأن يتمّ الدفع إلى الأمام، في المكان المناسب، بالعمل اللاهوتيّ من أجل تعميق المفردات والمفاهيم التي تتعلّق بالسينودوسيّة، وكيفيّة عيشها وذلك قبل الجمعية المقبلة للسينودوس، مستفيدين من الإرث الغنيّ للدراسات التي تلت المجمع الفاتيكاني الثاني، وبشكل خاص، وثائق اللجنة اللاهوتيّة العالميّة حول السينودوسيّة في حياة ورسالة الكنيسة (2018) وحسّ الإيمان في حياة الكنيسة (2014).

ف) المفاعيل القانونيّة للرؤية السينودوسيّة تحتاج هي أيضاً إلى توضيح. في هذا السياق، تمّ اقتراح تشكيل لجنة خاصّة من اللاهوتيّين والقانونيّين، من القارات المختلفة، تحضيراً للجمعيّةالسينودوسيّة المقبلة.

ص) يبدو أنّ الوقت قد حان لإعادة النظر في الحق القانونيّ الغربيّ والحق القانونيّ الشرقيّ. فلتبدأ إذاً دراسة أوّليّة حول هذه المسألة.

2. الثالوث الأقدس يجمعنا ويُرسلنا

مسائل متفق عليها

أ) يذكّرنا المجمع الفاتيكاني الثاني بأنّ الكنيسة هي: «شعبٌ يجتمع بقوّة الوحدة بين الآب والابن والروح القدس» (نور الأمم 4). يُدخِلُنا الآب، من خلال إرسال الابن وعطيّة الروح القدس، في ديناميّة شركة ورسالة تجعلنا ننتقل من «الأنا» إلى «النحن» وتضعنا في خدمة العالم. تترجم السينودوسيّة من خلال مواقف روحيّة وسياقات كنسيّة، ومن خلال الديناميّة الثالوثيّة التي بها يلاقي الله الإنسانيّة. لكي يتم هذا الأمر، لا بدّ من أن يلتزم جميع المعمّدين في عيش دعوتهم وموهبتهم الخاصّة وخدمتهم الخاصة. هكذا فقط تستطيع الكنيسة حقاً أن تجعل من نفسها «حواراً» مع ذاتها ومع العالم (Eclesiam suam 67)، فتسير جنباً إلى جنب مع كل كائن إنسانيّ وعلى نهج يسوع.

ب) منذ البدايات، تتجه مسيرة الكنيسة السينودوسيّة نحو الملكوت الذي يتحقّق بالكامل عندما يصير الله هو الكل في الجميع. شهادة الأخوّة الكنسيّة والتكرّس للرسالة في خدمة المهمّشين لن تكون أبداً على مستوى السرّ الذي ترمز إليه وهي أداته. لا تفكّر الكنيسة حول بوجهها السينودوسيّ لكي تفرض نفسها في قلب البشارة ولكن لكي تتمّم، بأفضل ما يكون، الخدمة من أجل حلول الملكوت، وذلك بالرغم من النقص في تركيبتها.

ج) يكون تجديد الجماعة المسيحيّة ممكنا، فقط من خلال الاعتراف بأولوية النعمة. إذا نقص العمق الروحيّ تبقى السينودوسيّة تجديداً للواجهة. ولكن ما نحن مدعوون إليه، ليس فقط أن نحوّل خبرة روحيّة، نضجت في مكان آخر، إلى مسارات جماعيّة، ولكن أن نختبر، بالعمق، أنّ العلاقات الأخوية هي المكان والإطار حيث يمكننا أن نلتقي بالله بطريقة عميقة. بهذا المعنى، إنّ الرؤية السينودوسيّة، فيما تستقي من الإرث الغني للتقليد، تساهم في تجديد المسارات: صلاة منفتحة على المشاركة، تمييز ما نقوم به معاً، طاقةٌ رسوليّة تولد من المشاركة ونشرٌ لإشعاع الخدمة.

د) المحادثة في الروح القدس هي وسيلةٌ، محدودة طبعاً ولكن خصبة، للوصول إلى إصغاء أصيل وإلى تمييز ما يقوله الروح القدس للكنائس. عيش المحادثة في الروح سبّب فرحاً واندهاشاً وعرفاناً للجميل. تمّ اختبارها كمسار تجدّدي يحوّل الأفراد والجماعات والكنيسة. كلمة «محادثة» تعبّر عمّا يفوق الحوار البسيط إذ يتداخل فيها الفكر مع الإحساس بطريقة متناغمة، ويخرج عنها عالمٌ حيويٌ يتشارك فيه الجميع. لذلك نستطيع القول إنّ التحوّل يدخل أيضاً في المحادثة. يرتبط الأمر بمُعطى انتروبولوجيّ متواجد في شعوب وثقافات عديدة، معتادة على الاجتماع معاً بطريقة متعاضدة من أجل مناقشة وتقرير مسائل حيويّة بالنسبة إلى الجماعة. النعمة هي التي تقود هذا الاختبار البشريّ إلى تمامه. المحادثة في الروح القدس تعني عيش اختبار المقاسمة على ضوء الإيمان والبحث عن إرادة الله، في جوٍ إنجيليّ أصيل يستطيع فيه الروح أن يُسمع صوته بطريقةٍ لا لُبسَ فيها.

ه) وبما أنّ مَهمّة السينودوسيّة هي الرسالة، فمن الضروري أن تتشارك الجماعات المسيحيّة بالأخوّة مع نساء ورجال من ديانات أخرى، ومعتقدات وثقافات متنوّعة لكي يتجنّبوا، من جهة خطر المرجعيّة الذاتيّة والحفاظ على الذات، وخطر إضاعة الهويّة، من حهة ثانية. إنّ منطق الحوار، والتعلّم المتبادل والسير معاً، هذه كلّها يجب أن تميّز إعلان الإنجيل وخدمة الفقراء، والاهتمام بالبيت المشترك والبحث اللاهوتيّ فيكون هذا أسلوب الكنيسة الراعويّ.

مسائل مطروحة للنقاش

و)من أجل تحقيق الإصغاء الحقيقيّ لإرادة الله الآب، يبدو من الضروريّ تعميق التمييز الكنسيّ في المجال اللاهوتيّ، بحيث أنّ يحصل الرجوع إلى الحريّة والتجديد، اللذين يحقّقهما الروح، في تنسيق مناسب مع حدث يسوع المسيح الذي حصل «مرّة واحدة وإلى الأبد». هذا الأمر يتطلّب، قبل كلّ شيء، تحديد العلاقة بين كلمة الله المثبتة في الكتاب المقدّس، وقبول التقليد وتعليم الكنيسة، وبين القراءة النبويّة لعلامات الأزمنة.

ز) لذلك من الأمور الأساسيّة تعزيز رؤى انتروبولوجيّة وروحيّة قادرة على دمج البعد العقليّ والبعد العاطفيّ لاختبار الإيمان، متخطين بذلك كل اختزال وكل ثنائيّة بين العقل والإحساس.

ح) يبدو من المهم توضيح كيف تستطيع المحادثة في الروح القدس أن تدمج مساهمات الفكر اللاهوتيّ والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة من أجل طرائق جديدة للتمييز الكنسيّ، والتي تتم بحسب الترتيب التالي: «أرى، أحكم، أعمل» أو بحسب «أتعرّف على، أفسّر، أختار».

ط)يجب التعمّق في مساهمة الكتب المقدّسة والتقاليد الروحيّة، القديمة والجديدة، في ممارسة التمييز. في الواقع، إنّه لأمرٌ جيّد، تثمين تعدّديّة النماذج، والأساليب، والطرائق والمقاييس التي يقدّمها الروح القدس عبر العصور، والتي هي جزء من إرث الكنيسة الروحيّ.

إقتراحات

ي) هنالك اقتراح باختبار واعتماد المحادثة في الروح وأشكال أخرى من التمييز في حياة الكنيسة، بحسب الثقافات والسياقات. بعض نماذج المرافقة قد تسهّل مثل هذه الممارسة، فتساعد على فهم منطقها، وتخطّي بعض المقاومة الظرفيّة تجاهها.

ك) ليكن في كلّ كنيسة محليّة أشخاص مؤهّلين لكي يسهّلوا مرافقة مسار التمييز الكنسيّ.

ل) يبدو من المهم أن يُمارس التمييز في مجال العمل الراعويّ، بشكلٍ يتناسب مع السياقات لكي يضيء على واقع الحياة الكنسيّة. هذا التمييز سوف يسهّل التعرّف، بشكل أفضل، على المواهب الحاضرة في الجماعة، وإسناد الأدوار والخِدَم بحكمة، ورسم المسارات الراعويّة على ضوء الروح القدس والوصول إلى أبعد من مجرّد تنظيم بسيط للنشاطات.

3. الدخول في جماعة إيمان: في التنشئة المسيحيّة

مسائل متفق عليها

أ) التنشئة المسيحيّة هي المسار الذي، من خلاله وبواسطة خدمة الكنيسة، يُدخلنا الرب في الإيمان الفصحيّ وفي الشركة الثالوثيّة والكنسيّة. هذا المسار يحمل نماذج متعدّدة، بحسب العمر الذي تبدأ فيه هذه المسيرة، وبحسب العادات المختلفة الخاصّة بالتقاليد الشرقيّة والغربيّة. ولكن، هذه التنشئة تلاقي الإصغاء إالى الكلمة واهتداء الحياة، وتقود إلى الاحتفال الليتورجيّ، والدخول إلى الجماعة وإلى الرسالة. لهذا يُعتبر مسار الموعوظيّة نموذجًا لكل «سير معاً» في الكنسية لأنّه يتميّز بتدرّج مراحله ومساراته.

ب) تجعلنا التنشئة في تواصل مع عدد كبير من الدعوات والخِدَم الكنسيّة المختلفة، من خلالهم نرى الوجه الأموميّ للكنيسة التي تعلّم أبناءها السير فيما هي تسير معهم. تُصغي إليهم، وفيما هي تُجيب على أسئلتهم وتبدّد شكوكهم، تغتني من الجديد الذي يحمله كل شخص في ذاته، مع قصّته الخاصّة، ولغته وثقافته. في ممارسة هذا العمل الراعويّ تختبر الجماعة المسيحيّة أوّل نموذج للسينودوسيّة، حتى ولو لم تكن واعية لهذا الأمر في أغلب الأحيان.

ج) قبل كل امتياز في المواهب والخِدَم، «نحن جميعاً اعتمدنا بروحٍ واحد لنصير جسداً واحداً» (1 كور 12/13). لأجل هذا، توجد بين المعمّدين مساواة أصيلة في الكرامة، ومسؤوليّة مشتركة في سبيل الرسالة، بحسب دعوة كل واحد، وبفضل مسحة الروح القدس الذي «يعلم كل شيء» (1 يوحنا 2/27). جميع المؤمنين يملكون حساً فطرياً أمام الإنجيل، وهو يسمّى حسّ الإيمان (sensus fidei)، الذي يقوم على إلفةٍ مع الحقائق الإلهيّة وعلى موقف القبول بطريقة عفويّة لكل ما هو مطابق لحقيقة الإيمان. مناهج العمل السينودوسيّة تثمّن عالياً هذه العطيّة، وتوافق على التحقّق من وجود حسّ مشترك (consensus fidelium) بين المؤمنين، لأنّه يشكّل المقياس الأكيد لتحديد إذا كان أي تعليم أو أيّة ممارسة خاصّة ينتميان إلى الإيمان الرسولي.

د) إنّ سرّ التثبيت يجعل نعمة العنصرة حاضرة في الكنيسة بطريقة دائمة وهو يُغني المؤمنين بفيض عطايا الروح القدس، ويدعوهم إلى تفعيل دعوتهم الشخصيّة المتميّزة، المتجذّرة في كرامة العماد المشتركة، ويقودهم في خدمة الرسالة. يجب أن نُظهِر، بشكل أفضل، أهميّة سرّ التثبيت وأن نضعه في علاقة مع تعدّدية المواهب والخِدَم التي ترسم وجه الكنيسة السينودوسيّ.

ه) الاحتفال بالإفخارستيا، ولا سيّما يوم الأحد، هو النموذج الأوّل والأساسي الذي يجتمع فيه شعب الله ويلتقي. وحيث يستحيل الاحتفال بالإفخارستيا يجتمع شعب الله حول ليترجية الكلمة. في الإفخارستيا نحتفل بسر نعمة لسنا نحن صانعيها: بدعوته لنا للمشاركة في جسده ودمه، يجعلنا الرب يسوع المسيح جسداً واحداً معه وفيما بيننا. انطلاقاً من تعبير «كينونيا» الذي يستعمله بولس، اعتمد التقليد المسيحيّ كلمة «شركة» لكي يدل في الوقت عينه على المشاركة الكاملة في الإفخارستيا وعلى طبيعة العلاقات فيما بين المؤمنين وفيما بين الكنائس. فيما تفتح لنا أفق التبحّر في حياة الله وصولاً إلى أعماق سرّ الثالوث، تذكّرنا الشركة بعلاقاتنا اليوميّة: في أبسط العلاقات التي ننفتح فيها بعضنا على البعض تسري فتسري حقيقةُ نفحةِ الروح القدس. لذلك، فإنّ الشركة التي نحتفل بها في الإفخارستيا والتي تنبثق عنها، تمثّل مسارات السينودوسيّة وتوجّهها.

و) نتعلّم من الإفخارستيا كيف نفهم الوحدة في التنوّع: وحدة الكنيسة وتعدّدية الجماعات المسيحيّة، وحدة السرّ واختلاف التقاليد الليتورجيّة، وحدة الاحتفال وتنوّع الدعوات والمواهب والخِدَم. ما من شيء أفضل من الإفخارستيا يستطيع أن يُظهر أنّ الانسجام الذي يخلقه الروح القدس ليس تماثلاً وأنّ كل عطيّة كنسيّة تهدف إلى البناء المشترك.

مسائل مطروحة للنقاش

ز) لا يمكن فهم سرّ العماد بطريقة منعزلة عن مفهوم التنشئة في الحياة المسيحيّة. من الضروري إذاً التعمّق لاحقاً بما يقدّمه هذا السرّ لفهم السينودوسيّة، والذي يتأتّى عن رؤية موحّدة للتنشئةالمسيحيّة.

ح) إنّ نضج الحسّ الإيماني (sensus fidei) يتطلّب، ليس فقط، قبول سرّ المعموديّة، بل أيضاً تفعيل نعمة السرّ في حياة تتلمذ أصيلة، والتي تؤهّل لتمييز عمل الروح القدس بشأن التعبير عن الفكر السائد، والناتج عن تكيّفات ثقافيّة قد لا تنسجم مع الإنجيل. يجب كذلك التعمّق في هذا الموضوع من خلال الفكر اللاهوتيّ المناسب.

ط) إنّ التفكير العميق حول السينودوسيّة يستطيع أن يقدّم أفكاراً متجدّدةً من أجل فهم سرّ التثبيت، الذي من خلاله، تنظّم نعمة الروح القدس مختلف العطايا والمواهب. فعلى ضوء الخبرات الكنسيّة المختلفة، يجب درس الطريقة التي تجعل التحضير لهذا السرّ والاحتفال به مثمرة أكثر، في سبيل إيقاظ الدعوة إلى بناء الجماعة، وأداء الرسالة في العالم، والشهادة للإيمان من قبل جميع المؤمنين.

ي) انطلاقاً من البعدين اللاهوتيّ الراعويّ، من المهم متابعة البحث عن الطريقة التي يمكن فيها لمنطق الموعوظيّة أن يُضيء على مسارات راعويّة أخرى: مثل التحضير للزواج أو مرافقة اختيار العمل المهنيّ والاجتماعيّ وصولاً إلى التنشئة على خدمة الكهنوت والتي يجب أن تنخرط فيها كل الجماعة الكنسيّة.

إقتراحات

ك) إذا كانت الإفخارستيا تُعطي نموذجاً للسينودوسيّة فالخطوة الأولى التي يجب القيام بها هي تكريم النعمة بأسلوب احتفاليّ يليق بالعطيّة، وبروح الأخوّة الأصيلة. الليتورجيا المُحتفل بها بطريقة أصيلة هي المدرسة الأولى والجوهريّة للتتلمذ والأخوّة. قبل المبادرة بأيّة تنشئة علينا أن نتنشّأ على جمال الليتورجيا العظيم وحركاتها النبيلة على الرغم من بساطتها.

ل) الخطوة الثانية، والتي أشارت إليها أكثر من جهة، تتحدّث عن ضرورة تقريب اللغة الليتورجية إلى أذهان المؤمنين وجعلها أكثر تجسّداً في الثقافات المختلفة. إننا نحرص على التفكير حول هذا الموضوع من دون الدخول في نقاش حول استمراريّة التقليد وضرورة التنشئة الليترجيّة. ونضع مسؤولية كبرى على المجالس الأسقفيّة وفق ما ورد في الإدارة الرسوليّة «المبدأ الخاصّ والعظيم» (Magnum principium)

م) تكمن الخطوة الثالثة في الالتزام الراعويّ من أجل إبراز قيمة الصلوات الجماعيّة وعدم الاكتفاء بالاحتفال بالذبيحة الإلهيّة. صلوات ليترجيّة أخرى وممارسات التقوى الشعبيّة التي تعكس فطرة الثقافات المحليّة هي عناصر مهمّة من أجل انخراط جميع المؤمنين، ودخولهم تدريجياً في السرّ المسيحيّ، وتقريب من هم أقل إلفة مع الكنيسة من أجل لقاء مع الرب. ومن بين نماذج التقوى الشعبيّة يبرز الإكرام لوالدة الإله مريم، وذلك لقدرته على دعم وتغذية إيمان الكثيرين.

4. الفقراء: الأشخاص الأساسيّون في مسيرة الكنيسة

مسائل متفق عليها

أ) الفقراء يطلبون الحبّ من الكنيسة. والمقصود بكلمة حبّ هو احترامهم واستقبالهم والاعتراف بهم. أمّا تأمين الطعام والمال أو الخدمات الاجتماعيّة فتقدّم شكلاً من المساعدة المهمّة، ولكنّها لا تأخذ على عاتقها كرامة الشخص البشريّ. الاحترام والاعتراف بالآخر هي وسائل كبرى من أجل تفعيل القدرات الشخصيّة، بحيث يكون كل شخص البشريّ لمسيرة نموّه الخاصّ وليس خاضعاً لتعاضد الآخرين.

ب) إنّ خيار تفضيل الفقراء حاضر في الإيمان الخريستولوجيّ: يسوع، الفقير والمتواضع، صادق الفقراء، وسار معهم، وجلس إلى مائدتهم وفضح أسباب الفقر. بالنسبة في منظور الكنيسة، يعتبر تفضيل الفقراء والمهمّشين يُنظر إليه من ناحية لاهوتيّة، قبل أن يكون واقعاً اجتماعيّاً أو سياسيّاً أو فلسفيّاً. وبالنسبة إلى البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني فالله يُعطي الفقراء الأولويّة في منح رحمته. هذه المفاضلة الإلهيّة لها انعكاسات في حياة جميع المسيحييّن المدعوّين إلى أن تنمو فيهم «نفس عواطف المسيح يسوع» (فيلبي 2/5).

ج) لا يوجد نوع واحد من الفقر. بين الوجوه المتعدّدة هنالك فقراء لا يملكون ما هو ضروريّ من أجل عيش حياةٍ كريمة. هنالك أيضاً المهاجرون واللاجئون: وهم شعوب من أصول أفريقيّة، أو أولئك الذين يتعرّضون للعنف والاستغلال وبشكلٍ خاصّ النساء، وأشخاص مدمنين، وأقليّات مكتومة الصوت، وكبار في السن متروكين ومهملين، وضحايا التمييز العرقيّ، وهنالك أيضًا استغلال القاصرين والاتجار بهم، والعمّال المستغلّين، المهمّشين اقتصادياً، وآخرون يعيشون في الضواحي التعيسة. ومن بين هؤلاء الأكثر عرضة هم الأطفال في الرحم وأمهاتهم، الذين يجب الدفاع عنهم باستمرار. الجمعيّة الحاضرة واعية لصرخة «الفقراء الجدد» من جرّاء الحروب والاضطهاد والإرهاب التي تعصف ببلدان كثيرة في مختلف القارّات. والجمعيّة تدين الأنظمة السياسيّة والاقتصاديّة الفاسدة التي تقف وراء كل هذه المآسي.

د) إلى جانب كل هذه الأشكال من الفقر المادّي، يعرف عالمنا أشكالاً من الفقر الروحيّ المفهوم على أنّه نقصٌ في معنى الحياة. الخوف الزائد على أنفسنا يمكن أن يقودنا إلى رؤية التهديد في الآخرين والانغلاق في الفرديّة. لقد لاحظنا أن التحالف والتعاضد بين الفقراء، فقير المادّة وفقير الروح، يؤدّي في النهاية إلى إيجاد أجوبة تلبّي حاجة كل واحد منهما. هذا شكلٌ من أشكال السير معاً والذي يُضفي الواقعيّة على مبدأ الكنيسة السينودوسيّة، ويكشف لنا معنى التطويبة الإنجيليّة «طوبى للفقراء بالروح» (متى 5/3).

ه) إنّ الوقوف إلى جانب الفقراء يعني أيضاً العمل معهم على الاهتمام ببيتنا المشترك: صرخة الأرض وصرخة الفقراء واحدة. غياب ردّات الفعل يجعل الأزمة البيئيّة، وبنوع خاصّ التغيّر المناخيّ، تشكّل تهديداً للبشريّة في بقائها على قيد الحياة، كما تؤكّد على ذلك االارشاد الرسولي «فلنسبّح الربّ» (Laudate Deum) التي نشرها البابا فرنسيس بالتوازي مع افتتاح أعمال الجمعيّة السينودوسيّة. الكنائس المتواجدة في البلدان الأكثر عرضة لنتائج التغيّر المناخي تعي جيّداً الضرورة الطارئة لتغيير الأمور، وهذا يشكّل مساهمة منها في مسيرة الكنائس الأخرى على الأرض.

و) لذلك يجب على الكنيسة أن تصبّ جهدها على قضايا الفقر والتهميش. هذا يتضمّن أن تتبنّى وترعى حقوق الفقراء والمهمّشين، وأن تندّد وتشهّر بالظلم المرتكب من قِبل أشخاص أو حكومات أو شركات أو مؤسسات اجتماعيّة. لذا بدّا من الإصغاء إلى شكواهم وإلى وجهة نظرهم فتعيرهم الكنيسة صوتها وتستعمل كلماتهم.

ز) واجب على المسيحيين أن ينخرطوا ويشاركوا بفعالية في بناء الخير العام والدفاع عن كرامة الحياة، مستمدّين إلهامهم من تعليم الكنيسة الاجتماعيّ، عاملين على كل المستويات (في الجمعيات والنقابات والحركات الشعبيّة والسياسيّة الخ). الكنيسة تعبّر لهؤلاء عن عرفانها العميق بالجميل على عملهم وتضحيتهم. فلتدعم الجماعات جميع الذين يعملون في هذه الحقول بروح أصيل من المحبّة والخدمة. عملهم هذا هو جزء من رسالة الكنيسة في إعلان الإنجيل ومساهمةٌ في حلول ملكوت الله.

ح) في الفقراء تلتقي الكنيسة وجه المسيح الذي صار بشراً، هو الغني صار فقيراً من أجلنا، لكي نصير نحن أغنياء بفقره (2 كور 8/9). الكنيسة مدعوّة، ليس فقط لأن تكون قريبة منهم، بل أن تتعلّم منهم. إذا كان كوننا سينودوسًا يعني أن نسير مع الذي هو الطريق، فالكنيسة السينودوسيّة تحتاج إلى أن تضع الفقراء في قلب حياتها بمختلف جوانبها. ولأنّهم يتألّمون فهم يعرفون، بشكلٍ مباشر، المسيح المتألّم، راجع «فرح الأنجيل» (Evangelii gaudium) عدد 198. كما أنّ تشابه حياتهم مع حياة المسيح تجعل منهم مبشّرين بخلاصٍ نالوه كعطيّة، وشهودًا لفرح الإنجيل.

مسائل مطروحة للنقاش

ي) في أنحاء من العالم، تعيش الكنيسة فقيرة مع الفقراء، ومن أجل الفقراء. لذلك هنالك خطرٌ دائم يجب تجنّبه بعناية، وهو الحديث عن الفقراء بتعابير «هم» و«نحن» أو على أنّهم ساحة لفعل الرحمة في الكنيسة. إنّ وضع الفقراء في الوسط والتعلُّم منهم، عملٌ يجب على الكنيسة أن تقوم به أكثر ودائماً.

ك) الجرأة النبويّة في فضح أوضاع الظلم، والضغط على السياسيين أصحاب القرار مما يتطلّب اللجوء إلى مساعي دبلوماسيّة يجب أن يستمر بطريقة دينامية، يتم فيها الحفاظ على الهدف والغاية. في حال كانت البنى الكنسيّة تستعمل مالاً عامّاً أو خاصّاً، فيجب السهر بشكلٍ خاصّ على ألا يؤثّر هذا الأمر على حريّتها في الحديث عن متطلّبات الإنجيل.

ل) إنّ العمل في حقول التربية والصحة والمساعدة الاجتماعيّة من دون تمييز أو استثناء أحد، هو علامة واضحة على أنّ الكنيسة تشجّع على اندماج ومشاركة الفقراء في حياتها وحياة المجتمع. الجمعيات الفاعلة في هذا المجال مدعوّة إلى اعتبار نفسها ممثّلِة للجماعة المسيحيّة وأن تتجنّب عيش الشفقة بطريقة غير شخصيّة. ندعوها أيضاً إلى التشابك والتنسيق فيما بينها.

م) يتوجّب على الكنيسة أن تكون مستقيمة في احترام متطلّبات العدالة تجاه الذين يعملون في المؤسّسات التابعة لها، لكي تشهد على انسجامها مع ذاتها.

ن) في الكنيسة السينودوسيّة يكون التعاضد على مستوى تبادل العطايا والحسنات ومشاركة الموارد بين الكنائس المحليّة في مناطق مختلفة. هذا أمر يعزّز وحدة الكنيسة ويخلق علاقات بين الجماعات المسيحيّة المعنيّة. يجب البدء إذن بتحضير الظروف التي تضمن للكهنة الذين يذهبون للعمل في كنائس تفتقر إلى الإكليرس أن لا يكونوا فقط علاجاً وظيفياً بل مصدراً لنمو الكنيسة التي ترسلهم، والكنيسة التي تستقبلهم. في السياق عينه يجب العمل على ألاّ تكون المساعدات الماديّة مجرّد رعاية، بل أن تعزّز تضامناً إنجيلياً أصيلاً، فتتم إدارتها بطريقة شفّافة ومسؤولة.

اقتراحات

س) إن تعليم الكنيسة الاجتماعيّ هو موردٌ مجهولٌ إلى حدٍّ ما، ولكن تجب العودة إليه واستثماره. وعلى الكنائس المحليّة أن تبذل جهداً لكي تُظهِر مضامينه وتستلهمه في وضع خطط عمليّة تسهّل تطبيق مبادئه.

ع) إنّ خبرة اللقاء ومشاركة الحياة وخدمة الفقراء والمهمّشين تتحوّل إلى جزء أساسيّ من مسارات التنشئة التي تقدّمها الجماعات المسيحيّة. هذه حاجة إيمانية وليست مسألة اختياريّة. وينطبق هذا الأمر بشكل خاصٍ على من يتحضّرون للخِدم المرسومة والحياة المكرّسة.

ف) في مجال إعادة التفكير بالخدمة الشمّاسية، يجب التأكيد على التوجّه الثابت نحو خدمة الفقراء.

ص) مع التنبّه لتعليم الكنيسة، يمكن إدراج لأسس الكتابيّة واللاهوتيّة لحماية البيئة بأسرها، في الليتورجيا والأنشطة الكنسيّة، بطريقة أكثر وضوخًا.

5. كنيسة من «كل قبيلة ولسان وشعب وأمّة»

مسائل متفق عليها

أ) يعيش المسيحيون في وسط ثقافات محدّدة فيحملون إليها المسيح بالكلمة والأسرار. ويلتزمون بخدمة المحبّة، ويستقبلون بتواضع وفرح سرّ المسيح الذي يسبق وينتظرهم في كل مكان وزمان. وهكذا يصبحون كنيسة من «كل قبيلة ولسان وشعب وأمّة».

ب) إنّ السياقات الثقافيّة والتاريخيّة والإقيلميّة حيث تتواجد الكنيسة، تكشف عن حاجات ماديّة وروحيّة مختلفة. هذا تطبع ثقافة الكنائس المحليّة وأولوياتها الرسوليّة، واللغات التي تعبّر بها عن نفسها، جميعها تشكّل همومها والمواهب التي تحملها كل واحدة منها إلى الحوار السينودوسيّ. خلال فترة انعقاد الجمعيّة أتيح لنا أن نختبر، بشكل مباشر ومليء بالفرح، تعدّديّة التعابير عن كوننا كنيسة.

ج) يومًا بعد يوم، تعيش الكنائس في أوساط متعدّدة الثقافات والديانات، حيث من الضروري لها الانخراط في حوار مع الديانات والثقافات إلى جانب الجماعات الأخرى التي تكوّن المجتمع. فإنّ عيش رسالة الكنيسة في هذه الأوساط يتطلّب أسلوب حضور، وخدمة وبشارة يقوم على السعي إلى بناء جسور، وتعزيز الفهم المتبادل، والانخراط في بشارة ترافق وتصغي وتتعلّم. أكثر من مرّة، تردّدت في الجمعيّة عبارة «خلع النعلين» في الذهاب إلى لقاء الآخر، من الندّ إلى الند كعلامة للتواضع واحترام المساحة المقدّسة.

د) إنّ حركات الهجرة واقع يعيد تشكيل الكنائس المحليّة كجماعات تتفاعل فيها ثقافات متنوّعة. غالباً ما يتحوّل المهاجرون الذين يحملون في معظمهم جراح الانسلاخ من جذورهم، والحرب والعنف، إلى ينبوع للتجدّد واغناء الجماعات التي تستضيفهم، ومناسبة لنسج روابط مباشرة مع كنائس بعيدة جغرافياً. ومع ازدياد المواقف العدائيّة تجاه المهاجرين، نجدنا مدعوّين إلى استقبالهم بانفتاح، ومرافقتهم في بناء مشروع حياة جديد، وبناء شركة بين الشعوب تتفاعل فيها الثقافات المختلفة. إنّ احترام التقاليد الليتورجيّة والممارسات الدينيّة للمهاجرين تشكّل جزءاً لا يتجزّأ من الاستقبال الأصيل.

ه) يبذل المرسلون حياتهم في سبيل حمل البشارة إلى كل العالم، وعملهم هذا يُعطي شهادة راقية عن قوّة الإنجيل. ولكن علينا التنبّه إلى أنّ كلمة «رسالة» تحمل بعض الحساسيات في بعض الأوساط بسبب الإرث التاريخيّ الأليم الذي يمنع اليوم قيام الشركة. في بعض الأماكن جاء إعلان الإنجيل مرتبطاً بالاستعمار وأحيانًا بالإبادة الجماعيّة. لذلك يتطلّب حمل البشارة إلى تلك الأوساط الاعتراف بالأخطاء التي حصلت في الماضي، وتكوين حسّ جديد لهذه الإشكاليات، ومرافقة جيل يبحث عن تشكيل هويّة مسيحيّة بعيداً عن الاستعمار. الاحترام والتواضع هي مواقف أساسيّة فالاعتراف بأنّنا نتكامل فيما بيننا، وبأنّ لقاء الثقافات المختلفة يستطيع أن يُغني طريقة عيش إيمان الجماعات المسيحيّة واستيعابه.

و) تعلّم الكنيسة ضرورة الحوار بين الأديان، وتشجّع عليه كجزء من بناء الشركة بين كل الشعوب. وفي عالم مليء بالعنف والتفكّك، تبدو الشهادة لوحدة الإنسانيّة في مصدرها الواحد ومصيرها الواحد، أكثر إلحاحاً، وذلك في تعاضدٍ منسّق وأخوي نحو تحقيق العدالة الاجتماعيّة واحلال السلام والمصالحة، والاهتمام بالبيت المشترك. تعي الكنيسة أنّ الروح القدس يستطيع أن يتكلّم من خلال رجال ونساء من كل دين ومعتقد وثقافة.

مسائل مطروحة للنقاش

ز) لا بدّ من تنمية الشعور بغنى التعابير المختلفة عن كيفيّة كوننا كنيسة. وهذا الأمر يتطلّب البحث عن توازنٍ ديناميكي بين بُعد الكنيسة من حيث شموليتها، ومن حيث تجذّرها في محيطها، وبين احترام رابط الوحدة في الكنيسة وخطر التماثل الذي يخنق التعدّديّة. المعاني والأولويّات تختلف بين السياقات المتعدّدة وهذا ما يتطلّب استنباطً نماذج جديدة وتعزيز اللامركزيّة عبر محطّات وسيطة.

ح) الكنيسة أيضاً مصابة بالاستقطاب وانعدام الثقة في حقول مهمّة: كالحياة الليتورجيّة والتعليم الأخلاقيّ والاجتماعيّ واللاهوتيّ. يجب أن تُكتشف أسباب هذه الأمور من خلال الحوار، واتخاذ مسارات جريئة لكي نتخطّاها مثل إعادة إحياء الشركة والمصالحة.

ط) قد نختبر أحياناً في كنائسنا المحليّة مشادات بين توجّهات مختلفة لإعلان الإنجيل والتي تتركّز على: شهادة الحياة، والعمل على التنمية البشريّة، والحوار مع الأديان والثقافات الأخرى، وحمل البشارة بطريقة علنيّة. تبرز أيضاً مشادة بين الحديث علانية عن يسوع المسيح أو تثمين مميّزات كل حضارة للبحث عن آثار إنجيليّة (semina Verbi) موجودة فيها.

ي) من بين المسائل التي تحتاج إلى توضيح طُرحت مسألة إمكانيّة الالتباس بين رسالة الإنجيل وثقافة المبشّر.

ك) إنّ امتداد الصراعات وتجارة الأسلحة واستعمال أسلحة أكثر فتكاً وبشكل متزايد يطرح مسألة ورد الحديث عنها في معظم فرق العمل، تدعو إلى التفكّر بعناية بهذه المسألة، والتنشئة على إدارة الأزمات بطريقة لاعنفيّة. هذه مساهمة متخصّصة يُمكن للمسيحيين أن يقدّموها لعالم اليوم من خلال الحوار والتعاون مع الديانات الأخرى.

اقتراحات

ل) لا بدّ من تجديد طريقة الكلام التي نستعلها لكي نخاطب عقول وقلوب الأشخاص في سياقات مختلفة جداً، بشكلٍ تبدو فيه جميلة وسهلة المنال.

م) فيما يتعلّق باختبار نماذج من اللامركزيّة، يجب تحديد إطار مرجعي مشترك من أجل إدارتها وتقييمها وتحديد العاملين فيها والمهمات المسندة إليهم، من أجل متطلّبات التعاون، فمسارات التمييز، بما يخص اللامركزيّة، يجب أن تتم بأسلوب سينودوسيّ أي أن تحدّد مسبقاً المسار ومساهمة جميع العاملين على مختلف المستويات.

ن) من الضروري إيجاد نماذج جديدة للعمل الراعويّ من قبل الشعوب الأصليّة بحسب مفهوم السير معاً، بحي لا يكون عملاً نحقّقه لهم أو نفعله من أجلهم. إنّ دورهم في عمليات التقرير على كل المستويات يسهم في بناء كنيسة أكثر حيويّة ورسوليّة.

س) برزت من أعمال الجمعيّة المطالبة بمعرفة أفضل لتعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني والتعليم اللاحق للمجمع وتعليم الكنيسة الاجتماعيّ. نحن نحتاج إلى معرفة أفضل لتقاليدنا المختلفة لكي نكون، بشكل واضح، «كنيسة كنائس» في شركة فعّالة من الخدمة والحوار.

ع) في عالم يتزايد فيه عدد المهاجرين واللاجئين يتقلّص التأهّب لاستقبالهم. وحيث يُنظر إلى الغريب بشكٍ متزايد ينبغي أن تلتزم الكنيسة بحزم في التربية على ثقافة الحوار واللقاء، فتحارب العنصريّة وكراهيّة الغرباء، وبشكل خاص، في التنشئة الراعويّة. لا بدّ أيضاً من الانخراط في مشاريع لدمج المهاجرين في المجتمعات المضيفة.

ف) نوصي بالتزام متجدّد في الحوار والتمييز في مجال العدالة العرقيّة. فيجب كشف الأنظمة التي تُبقي التمييز العرقيّ داخل الكنيسة ومحاربتها. فلنخلق مسارات شفاء ومصالحة لكي نقتلع خطيئة التمييز العنصري، من جذورها، بمساعدة الذين يتلقّون عواقبه.

6. تقاليد الكنائس الشرقيّة والكنيسة اللاتينيّة

مسائل متفق عليها

أ) من بين الكنائس الشرقيّة تلك التي هي في شركة تامّة مع خليفة بطرس وهي تتمتّع بخصوصيّة ليتورجيّة، ولاهوتيّة، وكنسيّة وقانونيّة تُغني بشكل كبير الكنيسة جمعاء. من خلال اختبارها للوحدة في التنوّع تستطيع أن تقدّم مساهمة قيّمة في فهم وممارسة السينودوسيّة.

ب) إنّ مستوى الاستقلاليّة المضمون لهذه الكنائس قد مرّ بمراحل مختلفة عبر التاريخ، وسجّل أيضاً مواقف كاللّيتنة التي تمّ تخطّيها اليوم. في السنوات العشر الأخيرة، عرفت مسيرة الاعتراف بخصوصيّة هذه الكنائس وتمايزها واستقلاليتها تطوّراً ملموساً.

ج) تثير الهجرة المستمرّة لمؤمنين من الشرق الكاثوليكي إلى بلدان ذات أكثريّة لاتينيّة أسئلة راعويّة مهمّة. إذا استمر هذا التوافد أو ازداد قد يصبح عدد المؤمنين من الكنائس الكاثوليكية الشرقيّة أكثر من عدد المقيمين في الرقع البطاركيّة القانونيّة. وقد لا يكفي تكوين سلطات شرقية في بلدان المهجر لحلّ المشكلة وذلك لأسباب عديدة. لذلك يجب على الكنائس اللاتينيّة، وباسم السينودوسيّة، أن تساعد المؤمنين المشرقيين المهاجرين في الحفاظ على هويّتهم واستثمار إرثهم الثقافي الخاص من دون التعرّض لعمليات استيعاب من قبل الكنائس المضيفة.

مسائل مطروحة للنقاش

د) سيتم لاحقاً درس المساهمة التي يمكن للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة أن تقدّمها من أجل فهم وتطبيق السينودوسيّة.

ه) هنالك بعض الأمور المطلوبة بشأن تثبيت البابا للأساقفة المنتخبين من سينودوس الكنائس ذات الحقّ الخاص المنتخبين على أبرشيات تقع ضمن النطاق البطريركيّ وتعيينه للأساقفة التي تقع أبرشيّاتهم خارج النطاق البطريركيّ، الأمر الذي لا يزال هو أيضاً موضوع درس وتمييز في الحوار مع الكرسي الرسوليّ الرومانيّ.

و) في المناطق التي يتواجد فيها مؤمنون من مختلف الكنائس الكاثوليكيّة، يجب إيجاد صيغ وأوضاع تجعل الوحدة في التنوّع منظورة وقابلة للاختبار.

ز) يجب التفكير حول المساهمة التي يمكن للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة أن تقدّمها للمسيرة نحو الوحدة بين جميع المسيحيّين والدور الذي يمكن أن تلعبه في الحوار بين الأديان والحوار بين الثقافات.

اقتراحات

ح) تأتي أولاً المطالبة بتشكيل مجلس بطاركة ورؤساء أساقفة من الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة تكون حول قداسة البابا.

ط) طالب البعض بالدعوة إلى سينودوس خاص بالكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة يعالج هويّتها ورسالتها بمواجهة التحدّيات الراعويّة والقانونيّة الناجمة عن الحرب والهجرة الجماعيّة.

ي) اقتراح تشكيل لجنة تضم لاهوتيّين وعلماء تاريخ وقانونيّين شرقيين ولاتين، من أجل دراسة المسائل التي تحتاج إلى مزيد من التعمّق وتُقدّم اقتراحات لمتابعة الأمور المطروحة للبحث.

ك) أن يكون في الدوائر الفاتيكانيّة تمثيل مناسب لأعضاء من الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة لإغناء الكنيسة جمعاء من خلال تقديم رؤيتهم، وتسهيل حلّ المشاكل المطروحة، والمساهمة في الحوار على مستويات مختلفة.

ل) في سبيل تشجيع تقبّل الإرث الثقافي لمؤمني الكنائس الشرقيّة، ينبغي تكثيف العلاقات بين الإكليرس الشرقيّ في المهجر والإكليرس اللاتيني وتعزيز المعرفة المتبادلة والاعتراف بالتقاليد الخاصّة بكل كنيسة.

7. في السير نحو وحدة المسيحيّين

مسائل متفق عليها

أ) هذه الجمعيّة السينودوسيّة افتُتحت تحت عنوان العمل المسكونيّ. سهرة الصلاة «معاً» (Together) شهدت حضور العديد من رؤساء وممثّلي الجماعات المسيحيّة المختلفة إلى جانب البابا فرنسيس. هذه علامة واضحة وصادقة لإرادة السير معاً في روح وحدة الإيمان وتبادل المواهب. وقد سمح هذا الحدث، السامي برمزيّته، أن نعي أنّنا نعيش في زمن مسكونيّ، وأن ونؤكّد من جديد أنّ ما يجمعنا هو أكبر بكثير ممّا يفرّقنا. في الواقع، ما يجمعنا هو أنّ لنا «ربٌ واحدٌ، إيمان واحد، معموديّة واحدة، إله واحد وأب للجميع، هو فوق الجميع، بين الجميع وفي الجميع» (أفسس 4/5-6).

أ) المعموديّة بالتحديد التي هي مبدأ السينودوسيّة، تشكّل أيضاً أساس العمل المسكونيّ. من خلال المعموديّة يشترك جميع المسيحيين في حسّ الإيمان (sensus fidei) ولهذا يجب الإصغاء إليهم بتنبّه بغضّ النظر عن تقليدهم، كما فعلت الجمعيّة السينودوسيّة في مسار التمييز الذي اعتمدته. لا يمكن أن تكون سينودوسيّة من دون البعد المسكونيّ.

ج) العمل المسكوني هو قبل كل شيء مسألة تجديد روحيّ يتطلّب أيضاً مسارات توبة وشفاء للذاكرة. في هذه الجمعيّة تردّد شهادات مضيئة لمسيحيّين من تقاليد كنسيّة مختلفة، يتقاسمون الصداقة والصلاة وقبل كل شيء العمل في خدمة الفقراء. إنّ التكرّس في سبيل الآخرين يقوّي الروابط، ويساعد للتركيز على ما يوحّد جميع المؤمنين بالمسيح. لذلك من المهم أن يتطوّر العمل المسكونيّ قبل كل شيء في الحياة اليوميّة. أمّا في الحوار اللاهوتيّ والمؤسّساتيّ فلا بدّ من حياكة الفهم المتبادل بصبر، وفي جو من الثقة المتناميّة والانفتاح.

د) ظهرت في أماكن عديدة من العالم، مسكونيّة الدمّ، حيث بذل مسيحيّون ذات انتماءات مختلفة حياتهم معاً في سبيل الإيمان بيسوع المسيح. إنّ شهادة استشهادهم هي أرقى من أيّة كلمة، حيث الوحدة تأتي من صليب الرب.

ه) يشكّل التعاون بين المسيحيين عنصراً أساسياً لمواجهة التحدّيات الراعويّة في زمننا الحاضر. ففي المجتمعات المُعلمنة يمكن إعطاء قوّة أكبر لصوت الإنجيل، التي توحّد القوى في البيئات الفقيرة لخدمة العدالة والسلام والحفاظ على كرامة الآخِرين. كل مكان، وعلى الدوام، يكون التعاون مصدرًا أساسيًّا في معالجة ثقافة الحقد والتفرقة والحرب، التي تضع المجموعات والشعوب والأمم، وتحرّضها بعضها على بعض، وتضعها في مواجهة بعضها مع البعض.

و) إن الزيجات المختلطة بين مسيحيين ينتمون إلى كنائس أو جماعات كنسيّة مختلفة تشكّل واقعاً قد يساهم في إنضاج خدمة الشركة، إذ قد يمكّن الشريكين من تبادل البشرى السارّة.

 مسائل مطروحة للنقاش

ز) استطاعت جمعيّتنا أن تدرك الاختلاف بين الطوائف المسيحيّة في فهم البنية السينودوسيّة. في الكنائس الأرثوذكسيّة تُفهم السينودوسيّة بالمعنى الضيّق، أي كتعبير عن ممارسة جماعيّة لسلطة الأساقفة فقط (المجمع المقدّس). أما بالمعنى الواسع، فيشير إلى المشاركة الفاعلة لجميع المؤمنين في حياة الكنيسة ورسالتها. وقد أشير أيضًا إلى ممارسات أخرى مستعملة في جماعات كنسيّة، أغنت نقاشنا. كل ذلك يتطلّب دراسات معمّقة لاحقة.

ح) هنالك موضوع آخر يحتاج إلى تعميق يتعلّق بالعلاقة بين السينودوسيّة والأوّلية، على مختلف المستويات: المحليّة والأقليميّة، والعالميّة. ويتطلّب هذا الموضوع إعادة قراءة مشتركة للتاريخ من أجل تخطّي الأحكام المسبقة. وقد سمحت الحوارات المسكونيّة القائمة أن نفهم بشكل أفضل، على ضوء الممارسات في الألف الأوّل، أن السينودوسيّة والأوّلية هما حقيقتان مرتبطتان ومتكاملتان لا تنفصلان. إنّ توضيح هذه النقطة الحسّاسة ينعكس على طريقة فهمنا للخدمة البطرسيّة لصالح الوحدة وفق رغبة البابا القديس يوحنا بولس الثاني في رسالته العامّة سنة 1995، «ليكونوا واحدًا» (Ut unum sint).

ط) إنّ مسألة الاستضافة الافخارستيّة (communicatio in sacris) تحتاج أيضاً إلى دراسة، من الناحية اللاهوتيّة والقانونيّة والراعويّة، على ضوء الرابط بين الشركة الأسراريّة والشركة الكنسيّة. وقد أثير هذا الموضوع بشكل خاص من قِبَل الأزواج المنتمين إلى كنائس مختلفة. وهذا يقود إلى تفكير أوسع حول الزيجات المختلطة.

ي) كما أُثيرت أيضاً مسألة ظاهرة الجماعات «اللاطائفيّة» وحركات «الصحوة» ذات الأصل المسيحيّ، والتي ينتمي إليها أيضاً مؤمنون من أصل كاثوليكيّ.

اقتراحات

ك) سنة 2025 هي ذكرى مجمع نيقية (325)، الذي فيه جرى تحديد قانون الإيمان الذي يتّفق حوله جميع المسيحيّين. التذكار المشترك لهذا الحدث سيساعدنا أيضاً على أن نفهم بشكل أفضل كيف كانت المسائل الخلافيّة تناقش وتُحل معاً في المجمع.

ل) وفي سنة2025 عينها يكون تاريخ الاحتفال بعيد الفصح واحداً لدى جميع الكنائس المسيحيّة. وقد عبّرت الجمعيّة عن رغبة شديدة في التوصّل إلى تاريخ موحّد للاحتفال بالفصح. وهكذا نستطيع أن نحتفل معًا في يوم واحد بقيامة الرب، الذي هو حياتنا وخلاصنا.

م) توجد أيضاً رغبة في متابعة إشراك مسيحيّين من كنائس أخرى في المسار السينودوسيّ الكاثوليكيّ على كل المستويات، ودعوة عدد أكبر من الإخوة المنتدبين إلى الجمعيّة القادمة سنة 2024.

ن) تمّ اقتراح تعليم مسكونيّ مشترك حول الشهداء.

الجزء الثاني – الجميع تلاميذ، والجميع مرسلون

8. الكنيسة هي في ذاتها رسالة

مسائل متفق عليها

أ) بدل أن نقول الكنيسة تحمل رسالة، نؤكّد أنّ الكنيسة هي في ذاتها رسالة. «كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضاً» (يوحنا 20/21): الكنيسة تأخذ من المسيح المُرسل من الآب رسالتها الخاصّة. بدعم وقيادة الروح القدس تعلن الإنجيل وتشهد له أمام الذين لا يعرفونه أو لا يستقبلونه، مع خيارها التفضيلي للفقراء المتجذّر في رسالة يسوع. فتساهم هكذا في حلول ملكوت الله الذي «تشكّل البزار والبداية له» (نور الأمم 5).

ب) أسرار التنشئة في المسيحيّة تولي جميع تلاميذ يسوع مسؤولية رسالة الكنيسة. العلمانيّون والمكرّسون والخدّام المرسومون لهم الكرامة نفسها. لقد نالوا مواهب ودعوات متنوّعة ولكنّهم يمارسون أدواراً ومهمّات مختلفة. جميعهم مدعوون من الروح القدس ويتغذّون منه لكي يشكّلوا جسداً واحداً في المسيح. الجميع إذًا تلاميذ، والجميع مرسلون، يختبرون في ديناميّة الحياة الأخويّة في الجماعات المحليّة الفرح المعزّي واللذيذ في حمل البشارة بالإنجيل. إنّ ممارسة المسؤوليّة المشتركة ضروريّة للسينودوسيّة وضروريّة أيضاً لكي تطال جميع مستويات الحياة في الكنيسة. كلّ مسيحيّ هو عنصر رسالة في هذا العالم.

ج) العائلة هي أساس وعماد كل جماعة مسيحيّة. الوالدون والأجداد وجميع الذين يعيشون في العائلة ويتشاركون إيمانهم معًا هم أوّل المرسلين. العائلة من حيث هي جماعة حياة وحب هي المكان الأفضل للتنشئة على الإيمان وعلى العيش المسيحيّ، من حيث هي جماعة حياة وحبّ وهي تتطلّب مرافقة خاصّة في قلب الرعايا. كما إنّ مساندة الأهل أمر ضروريّ وخصوصًا أولئك الذين يتوجّب عليهم أن يوفّقوا بين العمل ومتطلّبات الحياة العائليّة، المنتمين إلى الرعايا المسيحيّة والعاملين في خدمة رسالتها.

د) إذا كانت الرسالة نعمة تتشارك فيها كل الكنيسة، فالمؤمنون العلمانيّون يساهمون بشكل حيويّ في تحقيقها، في جميع مجالات الحياة اليوميّة وأحوالها. هم الذين يجعلون الكنيسة حاضرة، ويعلنون الإنجيل في الثقافة الرقميّة، التي لها تأثير قوي في عالم اليوم: في ثقافة الشباب، وفي مجال العمل، والاقتصاد والسياسة، والفنون والثقافة، والبحث العلميّ، التعليم والتنشئة، وفي الاهتمام بالبيت المشترك، وبشكل خاص بالمشاركة في الحياة العامّة. حيثما يتواجد المسيحيّون، هم مدعوون للشهادة ليسوع المسيح في الحياة اليوميّة، ولمشاركة الإيمان مع آخرين بطريقة واضحة. الشباب، بنوع خاص، بمواهبهم وهشاشتهم، يكونون رسلاً للإنجيل بين أبناء جيلهم عندما ينمون في الصداقة مع يسوع.

ه) المؤمنون العلمانيّون هم، أكثر فأكثر، حاضرون وفاعلون في الخدمة داخل الجماعات المسيحيّة. والكثيرون منهم ينظّمون ويحيون جماعات راعويّة، ويقدّمون خدمة نقل الإيمان، لاهوتيّون ومنشّئون، منشطون روحيّون ومعلّمو التعليم المسيحيّ، والذين يشاركون في مختلف المجالس الراعويّة والأبرشيّة. ففي الكثير من المناطق، تتمحور حياة الجماعات المسيحيّة ورسالة الكنيسة حول شخص معلّمي التعليم المسيحيّ. إلى جانب ذلك، يخدم المسيحيون في مجال الحماية والإدارة، ولا يمكن الاستغناء عن مساهمتهم في رسالة الكنيسة، لذلك يجب الاهتمام باكتسابهم المهارات اللازمة.

و) إنّ مواهب العلمانيّين على اختلافها هي عطيّة من الروح القدس للكنيسة، ويجب إبراز هذه المواهب والاعتراف بها وتقديرها التقدير الواجب. في بعض الأوضاع، قد يحدث أن يُدعى العلمانيّون لسدّ الفراغ الناجم عن النقص في الكهنة، مع وجود الخطر بأن تنقص رسالتهم كعلمانيّين. وفي سياقات أخرى، قد يحدث أن الكهنة يقومون بكل الأعمال ويتم تجاهل وإهمال مواهب وخِدم العلمانيّين. لذلك يجب التنبّه أيضاً إلى الخطر الذي عبّر عنه كثيرون في الجمعيّة، والذي يتمثّل في جعل العلمانيّين إكليرسًا، خالقين بذلك نوعاً من النخبة العلمانيّة التي تثبّت اللامساواة وتتسبب في الانقسامات داخل شعب الله.

ز) إنّ نقل البشارة إلى الشعوب تحقّق غنىً متبادلاً للكنائس، لأنّها لا تطال فقط المرسلين، بل كل الجماعة التي تشجّع على الصلاة، وعلى مقاسمة الخيرات وعلى الشهادة. حتى الكنائس التي تفتقر إلى رجال إكليرس، يجب ألاّ تتخلّى عن خدمة العلمانيّين، بينما الكنائس التي تزهر فيها الدعوات الإكليريكيّة تستطيع أن تنفتح على التعاون الراعويّ، في منطق إنجيليّ أصيل. جميع المرسلين، إكليرسًا وعلمانيّين ورهبان ومكرّسين، ولاسيّما أعضاء الجمعيّات الرسوليّة (fidei donum)، وهم بحكم دعوتهم الخاصّة، هم موردٌ هام لخلق روابط تعارفٍ وتبادل للمواهب.

ح) تتجدّد رسالة الكنيسة باستمرار، وتتغذى من الاحتفال بالإفخارستيا ولاسيّما عندما تضع في المقام الأوّل طابعها الجماعيّ والرسوليّ.

مسائل مطروحة للنقاش

ي) تجب متابعة تعميق الفهم اللاهوتيّ للعلاقة بين المواهب والخِدم من منظور البشارة.

ك) قدّم المجمع الفاتيكاني الثاني والتعليم اللاحق له يقدّمان رسالة العلمانيّين المميّزة على أنّها تقديس الأوضاع الزمنيّة أو العلمانيّة. ولكن في واقع الممارسة الراعويّة، على صعيدين الرعيّة والأبرشيّة وعلى الصعيد العالميّ، غالباً ما يُكلّف العلمانيّون بمُهمّات وخِدم في قلب الكنيسة. لذلك يجب أن يتلاءم التفكير اللاهوتيّ والأحوال القانونيّة مع هذه التطوّرات الجديدة، وأن يعملا على تجنّب الازدواجيّة التي يمكن أن تُضعف مفهوم وحدة الرسالة في الكنيسة.

ل) في تقديمنا للمسؤولية المشتركة في البشارة الملقاة على عاتق جميع المعمّدين، نعترف بالقدرات الرسوليّة للأشخاص ذوي الهمم الاحتياجات الخاصّة. نريد أن نثمّن دورهم في حمل البشارة التي تنبع من الغنى الإنسانيّ الكبير الذي يحملونه في داخلهم. كما نعي خبرات الألم والتهميش والتمييز التي يعانون منها، في بعض الأحيان، في قلب الجماعة المسيحيّة نفسها.

م) يجب إعادة ترتيب البنى الراعويّة بشكل يساعد الجماعات والرعايا لكي تُظهر وتعي وتنشّط المواهب والخِدم العلمانيّة، وذلك بإدخالهم في ديناميّة الكنيسة السينودوسيّة الرسوليّة. تحت قيادة رعاتها، تكون الرعايا قادرة على إرسال ودعم الأشخاص الذين أرسلتهم في خدمة البشارة. وتكون هذه البنى، بشكل أساسيّ، هي في خدمة البشارة التي يتابع القيام بها المؤمنون داخل المجتمع، وفي الحياة العائليّة، والحياة العمليّة، من دون التركيز فقط على النشاطات التي تتم ضمن الرعايا.

ن) إنّ عبارة «طابع الكنيسة كلّها خِدميّ» (أي متصل بالخدم)، كما استُعمل في وثيقة العمل، قد يؤدّي إلى تفسيرات خاطئة. لذلك لا بدّ من التعمّق بالمعنى الصحيح، من أجل توضيح الإتباسات محتملة.

اقتراحات

س) هنالك شعور بالحاجة إلى إبداع أكبر في قيام خِدم بحسب حاجات الكنائس المحليّة، مع مشاركة خاصّة للشباب. لذلك من الممكن توسيع مهام خدمة القارىء، التي لا تنحصر بالدور الذي يقوم به في الليتورجيا. وهكذا من الممكن تصوّر خدمة حقيقيّة وخاصّة بكلمة الله، وفي بعض السياقات الخاصّة قد تتضمّن أيضاً الوعظ. لذلك علينا إقامة خدم جديدة تُعطى للأزواج الملتزمين من أجل دعم الحياة العائليّة ومرافقة الأشخاص الذين يتحضّرون للزواج.

ع) ندعو الكنائس المحليّة إلى خلق نماذج ومناسبات لإظهار وتقدير الخِدم التي تُغني الجماعة، وتعبّر عن تقديرها في الكنيسة. ويمكن أن يتم هذا خلال احتفال ليتورجيّ يُسلّم فيه الخادم مهمّته الراعويّة.

9. النساء في حياة الكنيسة ورسالتها

مسائل متفق عليها

أ) لقد خُلقنا ذكراً وأنثى، على صورة الله ومثاله. منذ البدء، تُظهر الخليقة الوحدة والاختلاف، فتُعطي للنساء والرجال طبيعة، ودعوة، ومصير مشتركَين، وفي الوقت عينه خبرتين إنسانيّتين مختلفتين. يشهد الكتاب المقدّس على التكامل والتبادل بين الرجال والنساء. تحت أشكال عديدة، التحالف بين الرجل والمرأة هو في قلب مخطّط الله للخليقة. كان يسوع يعتبر النساء محاوِراتٍ له: كان يحدّثهن عن ملكوت الله ويستقبلهن بين تلاميذه، ومريم من بيت عنيا هي عيّنة منهن. النساء اختبرن قوّة شفائه وتحريره واعترافه بهن، وقد وسرن معه على طرقات الجليل وأورشليم (لوقا 8/1-3) وهو كلّف امرأة، مريم المجدلية بمهمة إعلان قيامته فجر عيد الفصح.

ب) في المسيح، النساء والرجال يلبسون الكرامة نفسها في المعموديّة وينالون بالتساوي مختلف مواهب الروح القدس المتنوّعة. النساء والرجال مدعوون إلى شركة تتميّز بالمسؤولية المشتركة، لا بالمنافسة، وهذا يجب أن يتجسّد في كل مستويات حياة الكنيسة. كما قال لنا البابا فرنسيس: معاً نحن «شعبٌ مدعوٌ بقوّة التطويبات».

ج) خلال انعقاد الجمعيّة اختبرنا جمال التبادل بين النساء والرجال. معاً نجدّد الدعوة التي اُطلقت في المراحل السابقة للمسار السينودوسيّ، ونطلب إلى الكنيسة أن تنمو في الالتزام بتفهّم النساء ومرافقتهنّ من الناحية الراعويّة والأسراريّة. النساء يرغبن في مقاسمة الخبرة الروحيّة بالسير نحو القداسة في مختلف مراحل الحياة : كشابات، كأمّهات، في علاقات الصداقة، في الحياة العائليّة بكل الأعمار، في عالم العمل والحياة المكرّسة. يُطالبن بالعدالة في مجتمعات ما زالت تسمح بالعنف والظلم الاقتصاديّ والنزعة إلى إخضاع النساء. إنّهن يحملن آثار المتاجرة بالبشر والتهجير القسري والحروب. لذلك فإنّ مرافقة النساء وترقيتهن أمران يسيران بالتوازي.

د) النساء يشكّلن أكثريّة بين الذين يتردّدون إلى الكنيسة، وهنّ أولى مرسلات الإيمان في العائلة. المكرّسات في الحياة التأمّليّة والرسوليّة يشكّلن عطيّة، علامة وشهادة جوهريّة غنيّة في وسطنا. التاريخ الطويل لنساء مرسلات، وقديسات، ولاهوتيات وذات روحانيّة، هو منبع قوي للإلهام والإفادة لنساء عصرنا ورجاله.

ه) مريم ابنة الناصرة، امرأة الإيمان ووالدة الإله تبقى للجميع ينبوعاً أساسيّا للمعنى من وجهة النظر اللاهوتيّة والكنسيّة والروحيّة. تذكّرنا مريم بالدعوة الشاملة إلى الإصغاء إلى الله بانتباه، والانفتاح على الروح القدس. لقد عرفت مريم فرح الولادة والتربية وتحمّلت آلاماً وعذابات. وَلَدَت في ظروف فقيرة، اختبرت التهجير واللجوء وعاشت مأساة قتل ابنها بطريقة عنيفة، ولكنّها عرفت أيضاً روعة القيامة ومجد العنصرة.

و) نساء كثيرات عبّرن عن تقديرهنّ لعمل الكهنة والأساقفة، ولكنّهن تحدّثن أيضاً عن جروحات في الكنيسة الإكليروسيّة، والغلبة الذكورية، والاستعمال المفرط للسلطة، ما زالت تشوّه وجه الكنيسة وتُلحق الأذى بالشركة. نحن نحتاج إلى اهتداء روحي عميق يكون أساساً لأي تغييرٍ بُنيوي. حالات من الاستغلال الجنسي والسلطوي والاقتصادي ما زالت تطلب العدالة والشفاء والمصالحة. ولذلك نحن لا نزال نتساءل كيف تستطيع الكنيسة أن تصبح فضاءً رحباً قادراً على حماية الجميع؟

ز) في قلب الكنيسة، عندما تتأذّى الكرامة والعدالة في العلاقات بين النساء والرجال تصبح البشارة التي تحملها الكنيسة للعالم ضعيفة وصعبة التصديق. المسار السينودوسيّ يُظهر الحاجة إلى تجديد العلاقات التي تحتاج أيضاً إلى تغييرات بنيويّة. بهذه الطريقة نصير قادرين أن نقبل بشكل أفضل مشاركة ومساهمة الجميع، نتشارك مسؤوليّة الرسالة معًا بصفتنا تلاميذ المسيح.

ح) تطلب الجمعيّة تجنّب تكرار الخطأ بالحديث عن النساء كما عن مسألة أو مشكلة. بل بالعكس، نتمنّى أن نروّج لكنيسة يتحاور فيها الرجال والنساء بهدف فهم أفضل لعمق مخطّط الله، حيث يظهرون فيها معاً كعاملين أساسيّين فيه من دون تبعيّة ولا إقصاء ولا منافسة.

مسائل مطروحة للنقاش

ط) طلبت الكنائس من كل العالم بوضوح أن يكون هنالك اعتراف وتثمين لمساهمة النساء في إنماء المسؤوليات الراعويّة الموكلة إليهن، في كل مجالات حياة الكنيسة ورسالتها. للتعبير بشكل أفضل عن مواهب الجميع وتلبية الحاجات الراعويّة على أفضل وجه، يتمّ التساؤل حول كيف يمكن للكنيسة أن تستعين بعدد أكبر من النساء في الأدوار والخِدم القائمة فيها؟ وإذا كنا نحتاج إلى خِدم جديدة، من له حق التمييز، وعلى أي مستوى وبأية وسائل؟

ي) تمّ التعبير عن مواقف مختلفة بشأن نيل النساء إلى الخدمة الشماسيّة. البعض يعتبر أنّ هذه الخطوة قد تكون غير مقبولة لأنّها لا تنسجم مع التقليد. أما بالنسبة لآخرين، فتسهيل وصول النساء إلى الخدمة الشماسيّة فهو يستعيد ممارسةٌ كانت قائمة في الكنيسة منذ الأجيال الأولى. يرى البعض في هذه الخطوة جواباً مناسباً وضرورياً على علامات الأزمنة، بالأمانة للتقليد. وتجد لها صدى في قلب كثيرين يبحثون عن حيويّة جديدة وطاقة متجدّدة في الكنيسة. ويعبّر البعض عن خوفه من أنّ هذا الأمر قد يكون تعبيراً عن ارتباك انتروبولوجيّ، إذا تمّ اعتماده قد يجعل الكنيسة تحاكي روح العصر.

ك) النقاش في هذا الموضوع مرتبط بتفكير واسع النطاق حول لاهوت الخدمة الشماسيّة.

اقتراحات         

ل) نشجّع الكنائس المحليّة بشكل خاص، على توسيع نطاق خدمة الإصغاء، والمرافقة والاهتمام بالنساء اللواتي، على ما يبدو، يعانين التهميش في مختلف السياقات الاجتماعيّة.

م) من السابق لأوانه ضمان مشاركة النساء في اتخاذ القرارات، وتحمّل المسؤوليات في العمل الراعوي وفي الخدمة. لقد زاد البابا عدد النساء مراكز المسؤوليّة في الدوائر الرومانيّة، وهذا أمرٌ له دلالاته. يجب أن يحصل الأمر نفسه في حياة الكنيسة على المستويات كافة. وهذا الأمر يتطلّب مراجعة الحقّ القانونيّ ليتلاءم والظروف الجديدة.

ن) لا بدّ من متابعة البحث اللاهوتيّ والراعويّ حول وصول النساء إلى الخدمة الشماسيّة، مستفيداً من نتائج اللّجان التي عيّنها البابا ومن الأبحاث اللاهوتيّة والتاريخيّة والتفسيريّة التي تمّت حتى الآن. كما يجب أن تُقدّم النتائج إلى الجمعية المقبلة إذا أمكن.

س) ينبغي مجابهة حالات التمييز في العمل والمعاشات غير المتساوية، في داخل الكنيسة وحلّها، ولاسيّما ما يتعلّق منها بالمكرّسات اللواتي يعتبرن غالباً يداً عاملة رخيصة.

ع) هناك حاجة لتوسيع دخول النساء إلى برامج التنشئة وإلى الدراسات اللاهوتيّة. فلتُدخل النساء على برامج التعليم والتنشئة في الاكليريكيّات من أجل تقديم تنشئة أفضل للخدمة المرسومة.

ف) فلتكن النصوص الليتورجيّة والوثائق الكنسيّة أكثر تنبّهاً، ليس فقط في استعمال أسلوب لغوي يساوي بين الرجال والنساء بلّ أيضاً في إدخال مجموعة من الكلمات والصور والقصص التي تستلهم بحيويّة أكبر خبرة النساء.

ص) نقترح وجود قاضيات نساء في كل المسارات القانونيّة بعد الحصول على التنشئة اللازمة.

10. الحياة المكرّسة والجماعات العلمانيّة: علامة مواهبيّة

مسائل متفق عليها

أ) على مدى العصور اختبرت الكنيسة عطيّة المواهب التي بفضلها يُعيد الروح القدس إلى الكنيسة شبابها ويجدّدها، من المواهب النادرة وصولاً إلى الأكثر بساطة والمنتشرة بشكل واسع. بفرح وعرفان للجميل، يرى شعب الله في هذه المواهب عوناً من العناية الإلهيّة. فالله نفسه هو الذي يدعم ويوجّه وينير رسالة شعبه.

ب) فعل المواهب يظهر بشكل خاص في الكنيسة من خلال الحياة المكرّسة، يسبب غنى نماذجها وتنوّعها. لقد ساهمت شهادتها، عبر الأزمنة، بتجديد حياة الجماعة الكنسيّة وكأنّها علاج ضد الوقوع في الروح العالميّة (الدنيويّة). العائلات الرهبانيّة المختلفة تُظهر روعة اتّباع الرب، على جبل الصلاة وعلى طرقات العالم، في نماذج الحياة الجماعيّة، في عزلة الصحراء وعلى حدود التحدّيات الثقافيّة. في أكثر من مرّة، كانت الحياة المكرّسة متنبّهة إلى تغيّرات التاريخ وفهم نداءات الروح القدس. واليوم أيضاً تحتاج الكنيسة إلى دور الحياة الرهبانيّة النبوي. الجماعة المسيحيّة تنظر أيضاً بانتباه وتقدير الاختبارات العمليّة في الحياة السينودوسيّة، وإلى التمييز المشترك الذي أنضجته جماعات الحياة المكرّسة عبر العصور. نعرف أنّنا نستطيع أن نتعلّم منها حكمة السير معاً. فالكثير من الجمعيات والمؤسّسات تمارس المحادثة في الروح القدس أو نماذج أخرى مشابهة من التمييز في انعقاد مجامعها الإقليميّة والعامّة في سبيل تجديد البنى وإعادة التفكير بأساليب الحياة وإطلاق نماذج جديدة من الخدمة والوقوف إلى جانب الأكثر فقراً. في بعض الحالات الأخرى، نجد للأسف استمرارًا لنخج سلطوي لا يفتح مجالاً واسعًا للحوار الأخوي.

ج) إن هذا التقدير عينه يشعر به شعب الله فيما ينظر إلى خمير التجديد الحاضر في جماعات تحمل تاريخاً طويلاً، والحاضر أيضاً في، ازدهار اختبارات جديدة في الجماعات الكنسيّة. الجماعات العلمانيّة، والحركات الكنسيّة الجديدة تشكّل علامة قيّمة لإنضاج حسّ المسؤولية المشتركة لدى جميع المعمّدين. وتكمن قيمتها في تعزيز الشركة بين الدعوات المتنوّعة، في غيرتها بالبشارة بالإنجيل، وفي قربها من الذين يعيشون تهميشاً اقتصادياً أو اجتماعياً، وفي التزامها بالخير العام. هذه الجماعات هي غالباً نماذج من الشركة السينودوسيّة والمشاركة في سبيل خدمة الرسالة.

د) حالات الاستغلال على أنواعها، سواءٌ كان ضحاياها من المكرّسين أو أعضاء في جماعات علمانيّة، ولاسيّما النساء، تؤشّر إلى مشكلة في ممارسة السلطة، وتتطلّب تدخّلات حاسمة ومناسبة.

مسائل مطروحة للنقاش

ه) طوّرت السلطة التعليميّة في الكنيسة تعليماً شاملاً حول أهميّة العطايا الهرميّة والعطايا المواهبيّة في حياة الكنيسة ورسالتها، التي تتطلّب فهماً أفضل في الوعي الكنسيّ، والتفكير اللاهوتيّ، لذلك من الضروري أن نتساءل حول المعنى الكنسيّ لهذه العطايا وحول استثمارها في الحياة الراعويّة بشكلٍ واقعيّ.

و) تؤكّد التعابير المواهبيّة المختلفة في الكنيسة على التزام شعب الله المؤمن بعيش الرؤية النبويّة إلى جانب الآخِرين (المستضعفين)، وتنوير الثقافة بفضل خبرة عميقة للحقائق الروحيّة. لا بدّ أن نفقه كيف أنّ الحياة المكرّسة وجماعات المؤمنين والحركات الكنسيّة والجماعات الجديدة تستطيع أن تضع مواهبها في خدمة الشركة والرسالة في الكنائس المحليّة، وذلك من خلال مساهمتها في التقدّم نحو القداسة بحضورٍ نبوي.

اقتراحات

ز) يتراءى لنا أن الوقت قد حان لمراجعة «المعايير في العلاقات المتبادلة بين الأساقفة والرهبان في الكنيسة» كما هو مقترح في وثيقة «العلاقات المتبادلة» (Mutuae relationes) الصادرة سنة 1978. نقترح أيضًا أن تتمّ هذه المراجعة بروح سينودوسيّة وبمشاركة جميع الأشخاص المعنيّين.

ح) في الاتّجاه عينه، يجب على المجالس الأسقفيّة ومجالس الرئيسات العامّات والرؤساء العامّين للرهبنات، وجماعات الحياة الرسوليّة أن يؤمّنوا أماكن ويضعوا آليات عمل مناسبة، من أجل تفعيل لقاءات التعاون ومناهجها بروحٍ سينودوسيّة.

ط) على مستوى الكنائس المحليّة ولقائها في تجمّعات اقليميّة، لا بدّ من تعزيز الروح السينودوسيّة الرسوليّة وتفعيلها، وهو أمرٌ يتطلّب إصلاح الاستشارات والمجالس حيث يوجد ممثلون عن الجماعات العلمانيّة، والحركات الكنسيّة، والجماعات الجديدة لكي تتمّ تعزيز العلاقات العضويّة بين هذه الجماعات الحاضرة، وتفعيلها على أرض الواقع وفي حياة الكنائس المحليّة.

ي) من المناسب أن يتمّ التأكّد من أنّ مسارات التنشئة اللاهوتيّة على كل المستويات وبشكل خاص على مستوى تنشئة الخدّام المرسومين، لكي تولي ما يكفي من للمواهب في الكنيسة وتدعمه حيث تدعو الضرورة.

11. شمامسة وكهنة في كنيسة سينودوسيّة

مسائل متفق عليها

أ) الكهنة هم المعاونون الأوّلون للأسقف، ومعه يشكّلون معه جسماً كهنوتياً واحداً (نور الأمم 28). الشمامسة المرسومون للخدمة يخدمون شعب الله في خدمة الكلمة في الليتورجيا ولكن فوق كل شيء في خدمة المحبّة (نور الأمم 29). الجمعيّة السينودوسيّة تعبّر لهم عن تقديرها العميق، وتدرك أنّهم قد يختبرون الوحدة والانعزال ولذلك توصي إلى الجماعات المسيحيّة بأن تدعمهم بالصلاة والصداقة والتعاون.

ب) الشمامسة والكهنة ملتزمون بالخدمة الراعويّة بكل أشكالها: خدمة في الرعايا، بشارة إلى جانب الفقراء والأشخاص المهمّشين، التزام في عالم الثقافة والتربية، رسالة بين الأمم، بحث لاهوتيّ، تنشيط مراكز روحيّة ونشاطات أخرى كثيرة. في الكنيسة السينودوسيّة، يُدعى الخدّام الذين نالوا الرسامة إلى عيش خدمتهم لشعب الله بالقرب من الأشخاص، واستقبال الجميع، والإصغاء إليهم، وتنمية الروحانيّة الشخصية العميقة، وحياة الصلاة. إنهم مدعوون إلى التفكير بممارسة السلطة على مثال يسوع الذي «على الرغم من كونه إلهًا أخلى ذاته آخذاً صورة عبد» (فيلبي 2/6-7). تقرّ الجمعيّة بأنّ كثيرين من الكهنة والشمامسة يُظهرون بتقواهم وجه المسيح الراعي الصالح، والخادم.

ج) إنّ الإكليروسيّة عائق في وجه الخدمة والرسالة، يتأتّى عن فهم خاطئ لدعوة الله، ويقود إلى فهم الكهنوت على أنّه امتياز أكثر مما هو خدمة. وهي تظهر من خلال أسلوب سلطويّ ودنيويّ يرفض أن يؤدّي حساباً. هذا التشويه في ممارسة الكهنوت تجب مواجهته منذ المراحل الأولى للتنشئة بفضل الاحتكاك مع الحياة اليوميّة لشعب الله، واختبار واقعيّ للخدمة إلى جانب الأكثر حاجة. لا نقدر اليوم إن نتخيّل خدمة الكاهن إلاّ من خلال ارتباطها بالأسقف، في قلب الجسم الكهنوتيّ وفي شركة عميقة مع الخِدم والمواهب الأخرى. مع الأسف، قد تظهر الحالات الإكليروسيّة ليس فقط عند الخدّام المرسومين، بل عند العلمانيين أيضاً.

د) لا بدّ من معرفة نقاط القوّة ونقاط الضعف للانخراط في الخدمة المرسومة من خلال التشاركك في المسؤوليات. يجب إذاً أن تتضمّن التنشئة الانسانيّة مساراً من أجل معرفة الذات بواقعيّة، متلائمة مع النموّ الثقافيّ والروحيّ والرسوليّ. في هذا المسار يجب عدم الاستخفاف بأهميّة مساهمة العائلة والجماعة المسيحيّة، والعائلات الأخرى التي ترافق نموّ الدعوة عند الشباب وتسهم في نضوجها.

مسائل مطروحة للنقاش

ه) التطلّع نحو مستقبل تنشئة جميع المعمّدين من أجل كنيسة سينودوسيّة، تتطلّب تنشئة الشمامسة والكهنة تتطلّب اهتماما خاصاً. لقد عبّرنا في غالب الأحيان عن رغبتنا في أن تكون الاكليريكيّات أو مسارات التنشئة الأخرى الخاصّة بالمرشّحين للخدمة، مرتبطة بالحياة اليوميّة في الكنيسة. كما يجب تجنّب خطر الوقوع في الشكليات والنظريات التي تؤدّي إلى مواقف سلطويّة وتمنع النمو الحقيقي للدعوة. يتطلّب التفكير حول أساليب التنشئة ومساراتها إعادة نظر ونقاش معمقين.

و) إنّ عزوبيّة الكهنة تمّ فهمها عبر التاريخ بطرق مختلفة. الجميع يثمّنون قيمتها النبويّة وشهادة تطابقها مع المسيح. لكنّ البعض يتساءل إذا كان ارتباطها اللاهوتيّ بالخدمة الكهنوتيّة يجب أو يبقى على فرضها فرضًا في نظام الكنيسة اللاتينيّة. هذه المسألة ليست جديدة على البحث ويجب التعمّق فيها أكثر.

اقتراحات

ز) في الكنائس اللاتينية طُبقت الشماسية الدائمة على نحوٍ مختلف، وذلك وفق الأطر الكنسيّة المتنوّعة. بعض الكنائس المحليّة لم تعتمدها أبداً، في بعض الكنائس الأخرى تخشى أن يُنظر إلى الشمامسة كعلاج لتناقص عدد الكهنة. فيكتفي الشمامسة عندها بممارسة خدمتهم في الليتورجيا بدل أن يكونوا إلى جانب الفقراء والمحتاجين في الجماعة. لذلك نوصي بتقييم وضع الخدمة الشماسيّة بعد المجمع الفاتيكاني الثاني.

ح) من وجهة نظر لاهوتيّة يتراءى أنّه لا بدّ من فهم الشماسيّة في حد ذاتها، وليس فقط كمرحلة عبور ملزم إلى الكهنوت. إطلاق تسمية «الشماسية الدائمة» لتمييزها عن «الشماسية الانتقالية» هو بحد ذاته تأكيد على تغيير الرؤية التي لم يتم بعد فهمها بشكل صحيح.

ط) إنّ اللغط الذي يحيط بالخدمة الشماسيّة يأتي أيضاً من أنّ كونها لم تعاد في الكنيسة اللاتينيّة لم تقم كدرجة خاصّة ودائمة في سرّ الرتب المقدّسة، إلاّ منذ المجمع الفاتيكاني الثاني. ولا شكّ في أنّ التفكير العميق حول هذه المسألة سيلقي الضوء على مسألة نيل النساء رتبة الشماسيّة.

ي) إنّ الشفافيّة وسياسة المحاسبة أمران مهمان من أجل التقدّم في بناء الكنيسة السينودوسيّة. لذلك نطلب من الكنائس المحليّة أن تضع البنى والمسارات اللازمة التي تسمح بتدقيق حسابات منتظم يسهر على طريقة إدارة الكهنة والشمامسة الذين يتولّون مسؤوليّة إداريّة في مجال خدمتهم.

ك) يجب السهر على مشاركة كل أعضاء الكنيسة في البحث عن الشفافية. فكل أشكال البحث عن الشفافيّة يجب أن تتناسب مع الأطر المحليّة، ومع الثقافات المختلفة لكي لا تكون عائقاً أو ثقلاً إدارياً. لذلك فالمستويين المناطقيّ والقاريّ يتلاءمان أكثر مع مثل هذا التمييز.

ل) وحول إمكانية إعادة كهنة تركوا الخدمة الكهنوتيّة إلى الخدمة الراعويّة، لا بدّ من فحص كل حالة على حدة، وفقًا للإطار الملائم، وحسب مستوى تنشئة وخبرة كلّ منهم.

12. الأسقف في الشركة الكنسيّة

مسائل متفق عليها

أ) وفق المجمع الفاتيكانيّ الثاني، الأساقفة، خلفاء للرسل، هم في خدمة الشركة التي تتحقّق في الكنيسة المحليّة، وبين الكنائس ومع الكنيسة جمعاء. من الصائب إذاً وضع الأسقف في صلب العلاقة بين القطيع الصغير من شعب الله الموكل إليه، والجسم الكهنوتيّ والشمامسة، والمكرّسين، والأساقفة الآخرين، وأسقف روما وذلك في خدمة البشارة.

ب) الأسقف في أبرشيته هو المسؤول الأوّل عن إعلان الإنجيل وعن الليتورجيا. وهو يقود الجماعة المسيحيّة ويعزّز الاهتمام بالفقراء والدفاع عن الضعفاء. ولأنّه المبدأ المنظور للوحدة، يتولّى مهمّة تمييز وتنسيق المواهب المتنوّعة والخِدم التي يحفزّها الروح في سبيل إعلان الإنجيل والخير المشترك للجماعة. هذه الخدمة تتفعّل بطريقة سينودوسيّة عندما يمارس الرعاية بتشارك المسؤولية، والوعظ في إصغاء شعب الله، والتقديس والاحتفال الليتورجيّ في التواضع والتوبة.

ج) إنّ دور للأسقف في إطلاق المسار السينودوسيّ وتفعيله في الكنيسة المحليّة لا بدّ له، وهو يقوم على تعزيز التشارك بين «الجميع، البعض والواحد»: إنّ خدمة الأسقف «الواحد» يسهّل مشاركة «الجميع» أي المؤمنين، بفضل مساهمة «البعض» أي المعنيين مباشرةً في مسارات التمييز والتقرير (هيئات مشاركة وحكم).القناعة الشخصيّة التي يتحمل فيها الأسقف مسؤولية تحقيق السينودوسيّة، والأسلوب الذي يمارس به سلطته، يؤثّران بشكل قاطع على مشاركة الكهنة والشمامسة وجميع المؤمنين والمكرّسين الموجودين في نطاق الأبرشية. الأسقف مدعوٌ ليكون مثالاً لروح السينودوسيّة أمام الجميع.

د) عندما نفهم الكنيسة على أنّها عائلة الله، يُعتبر الأسقف أبًا للجميع. بالمقابل، نشهد على أزمة في ممارسة سلطته في المجتمعات المُعلمنة. لذلك ينبغي ألاّ ننسى أن نعود إلى الطبيعة الأسراريّة للأسقفية، لكي نتجنّب التشبيه بين الأسقف والسلطة المدنيّة.

ه) في غالب الأحيان ينتظر الناس الكثير من الأسقف. والعديد من الأساقفة يشتكون من فائض الالتزامات الإداريّة والقانونيّة، وهذا ما يجعل تحقيق خدمتهم أمرًا معقّدًا. على الأسقف أيضاً أن يقبل هشاشته ومحدودياته وهو لا يجد دائماً السند الروحيّ والإنسانيّ الذي يحتاج إليه. فالاختبار الموجع للوحدة حاضر في أغلب الأحيان. لذلك من المهم التركيز على الأوجه الأساسيّة لخدمة الأسقف وعلى تعزيز روح الأخوّة الأصيلة بين الأسقف والجسم الكهنوتيّ.

مسائل مطروحة للنقاش

و) على الصعيد اللاهوتيّ، ينبغي التعمّق في معنى الرابط في العلاقة بين الأسقف والكنيسة المحليّة. فالأسقف مدعوٌ إلى قيادتها مع المحافظة على غنى تاريخها وتقليدها ومواهبها.

ز) يجب أيضاً القيام بفحص دقيق لمسألة العلاقة بين سرّ الرسامة والسلطة القانونيّة على تعليم الكنيسة المجمعيّ في الدستور العقائدي «نور الأمم» (Lumen gentium) والتعاليم الأحدث مثل الدستور الرسوليّ الذي عنوانه «بشّروا بالإنجيل» (Praedicate Evangelium) من أجل توضيح المعايير اللاهوتيّة والقانونيّة التي تدعم مبدأ المسؤولية التي يتشارك فيها الأسقف، وتحديد مجالات ونماذج ومفاعيل هذه المسؤولية المشتركة.

ح) لا يشعر بعض الأساقفة بارتياح عندما يُطلب منهم التدخّل في مسائل إيمانيّة وأخلاقيّة، لا تحظى توافق تامّ عليها داخل المجلس الأسقفيّ. لذلك نحتاج إلى تفكير معمّق حول العلاقة بين الجماعيّة الأسقفيّة ووجهات النظر اللاهوتيّة والراعويّة.

ط) إنّ ثقافة الشفافيّة واحترام إجراءات حماية القاصرين والأشخاص الضعفاء هي جزء لا يتجزّأ من الكنيسة السينودوسيّة. لذلك لا بدّ من تطوير البنى الموضوعة للوقاية من الاستغلال. فحساسية موضوع الاستغلال ومعالجته تجعل الأساقفة يواجهون صعوبة في التوفيق بين دور الأب ودور القاضي. ونحن ندعو إلى درس إمكانيّة توكيل هذه المهمّة القانونيّة إلى جهة أخرى يحدّدها القانون.

اقتراحات

ك) يجدر تفعيل البنى والمسارات، تحت نماذج قانونية تحدَّد لاحقاً، للتحقّق الدوري من رسالة الأسقف وما يتعلّق بأسلوب ممارسته للسلطة، والإدارة الاقتصادية لخيرات الأبرشية، وطريقة عمل هيئات المشاركة، والحماية من الاستغلال. إنّ ثقافة المحاسبة هي مكوّن أساسيّ للكنيسة السينودوسيّة لأنّها تحفّز على المشاركة في المسؤولية وتقدر أن تحمي من اشتّى أنواع الاستغلال.

ل) نطالب بأن يكون المجلس الأسقفيّ (CIC c. 473 § 4) والمجلس الراعويّ الأبرشيّ أمرًا ملزمًا (CIC c. 511, CCEU c. 272) ، وأن يُفعّل دور الهيئات الأبرشيّة لتشارُك في المسؤولية على المستوى القانونيّ.

م) تدعو الجمعيّة إلى مراجعة المعايير عند اختيار المرشّحين إلى الأسقفية، من خلال مشاركة مجلس الأساقفة إلى جانب سلطة السفير البابويّ. وهي تطالب أيضاً بتطوير استشارة شعب الله من خلال الإصغاء إلى أكبر عدد ممكن من العلمانيين: نساء ورجالاّ وأشخاصًا مكرّسين، مع السهر على الحماية من كل أنواع الضغط غير المناسب.

ن) لقد عبّر عدد من الأساقفة عن الحاجة إلى إعادة التفكير في عمل المتروبوليّات والمجالس الإقليميّة، وتدعيم بنيتها لكي تكون التعبير الملموس للسينودوسيّة في أقاليم ومناطق يُمكن لالأساقفة من خلالها اختبار الأخوّة والدعم المتبادل والشفافية والاستشارة المتطوّرة.

13. أسقف روما وسط مجمع الأساقفة

مسائل متفق عليها

أ) تحمل الديناميّة السينودوسيّة أيضاً إيضاحاً جديداً حول خدمة أسقف روما. في الواقع، تتحدّث السينودوسيّة بشكل رمزيّ عن البعد الجماعيّ والمجمعيّ والشخصيّ، على المستويات التالية: المحليّ والمناطقيّ والعالميّ. كهذا تكون الخدمة البطرسيّة لأسقف روما من طبيعة الديناميّة السينودوسيّة وتتضمّن البعد الجماعيّ وسط شعب الله، والبعد المجمعيّ في الخدمة الأسقفيّة. لذلك فالسينودوسيّة والمجمعيّة والأولويّة تتكامل فيما بينها. الأولويّة تفترض ممارسة السينودوسيّة والمجمعيّة كما أن الاثنتين تتضمّنان ممارسة الأولويّة.

ب) إنّ تعزيز وحدة جميع المسيحيين هي سمة جوهريّة لخدمة أسقف روما. لقد سمحت المسيرة المسكونيّة بتعميق فهم خدمة خليفة بطرس، ومثل هذا التعميق لا بدّ أن يستمر. إنّ الأجوبة الواردة على دعوة البابا القديس يوحنا بولس الثاني في رسالة «ليكونوا واحداً» (Ut unum sint) ونتائج الحوارات المسكونيّة يُمكن أن توضح المفهوم الكاثوليكيّ للأولويّة، والمجمعيّة والسينودوسيّة وأن تحدّد العلاقات فيما بينها.

ج) إنّ إصلاح الدوائر الرومانيّة أمر مهمّة في المسيرة السينودوسيّة للكنيسة الكاثوليكيّة. والدستور الرسولي «بشّروا بالإنجيل» (Praedicate evangelium) يشدّد على أنّ «الدوائر الرومانية لا تقف بين البابا والأساقفة، بل بالعكس هي في خدمتهم بحسب الأساليب الخاصة بطبيعة كل واحد». لذلك تشجّع الكنيسة على إصلاحها يكون مؤسّسًا على «حياة شركة» وعلى «لامركزيّة خلاصيّة». ونظراً إلى أنّ عدداً كبيراً من أعضاء الدوائر الرومانية هم أساقفة أبرشيّون فهذا الأمر يعبّر عن جامعيّة الكنيسة، ويعزّز العلاقات بين هذه الدوائر والكنائس المحليّة. التطبيق الفعلي لـ «بشّروا بالإنجيل» يسمح بممارسة السينودوسيّة على نحوٍ أفضل في الدوائر الرومانيّة سواءٌ أكان في المجامع المختلفة أم في كل واحد منها على حدة.

مسائل مطروحة للنقاش

د) الحاجة إلى دراسة حول فهم متجدّد للأسقفية داخل الكنيسة السينودوسيّة يشمل خدمة أسقف روما ودور الدوائر الرومانية. هذه المسألة لها دلالات رمزيّة بشأن ممارسة المسؤولية المشتركة في إدارة الكنيسة. على المستوى العالميّ، يُعنى الحق القانونيّ الغربيّ والحق القانونيّ الخاص بالكنائس الشرقيّة تحدّد أطر ممارسة الخدمة البابويّة بروح أكثر مجمعيّة. هذه الترتيبات يمكن توسيعها عند التطبيق وتدعيمها في تحديث مستقبليّ للنصّين.

ه) يمكن للسينودوسيّة أن توضح طرق التعاون بين مجمع الكرادلة والخدمة البطرسيّة، وكذلك طريقة تحفيز التمييز المجمعيّ خلال اجتماع المجالس العاديّة وغير العاديّة.

و) في سبيل خير الكنيسة، ينبغي دراسة الوسائل الأنسب لتحفيز المعرفة المتبادلة وروابط الشركة بين أعضاء مجلس الكرادلة، آخذين بعين الاعتبار اختلافهم من حيث البلدان الوافدين منها وثقافتهم.

اقتراحات

ز) تشكّل الزيارات القانونيّة (ad limina Apostolorum) إلى الفاتيكان الوقت الأهم لتوثيق العلاقات بين رعاة الكنائس المحليّة وأسقف روما، وأقرب معاونيه في الدوائر الرومانيّة. لذلك يجب إعادة النظر في تنظيم هذه الزيارات لكي تكون مناسبةً لتبادل أفضل وأكثر انفتاحًا يعزّز الشركة والممارسة الحقيقيّة للمجمعيّة والسينودوسيّة.

ح) على ضوء الرؤية السينودوسيّة للكنيسة، من الضروري أن يتمّ تحسين الدوائر الرومانيّة باستشارة الأساقفة لكي تولي اهتماماً أكبر لتعدّديّة الأوضاع، وتُصغي بانتباه أكبر إلى صوت الكنائس المحليّة.

ط) من المناسب إعادة النظر في وضع استمارات تقييم لعمل السفراء البابويّن من قبل الكنائس المحليّة، في البلدان التي يمارسون فيها خدمتهم، وذلك لتسهيل وتحسين هذه الخدمة.

ي) تمّ كذلك اقتراح تحسين وتدعيم خبرة مجلس الكرادلة (C-9) بصفته مجلسًا سينودوسيًّا في خدمة كرسي بطرس.

ك) على ضوء تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني، ينبغي التفحّص الدقيق إذا كان من المناسب إعطاء الأحبار العاملين في الدوائر الرومانيّة السيامة الأسقفيّة.

الجزء الثالث – إقامة روابط، وبناء علاقات

14. مقاربة سينودوسيّة للتنشئة في الكنيسة

مسائل متفق عليها

أ) ينبغي على كل معمّد ان يهتم بتنشئته الخاصّة كجواب على عطية الرب، لكي يستثمر الوزنات التي نالها ويضعها في خدمة الجميع. الوقت الذي كرّسه الرب لتنشئة التلاميذ يكشف لنا أهميّة هذا العمل الكنسيّ، الخفيّ في غالب الأحيانوالحاسم بشأن الخدمة والبشارة. نريد توجيه كلمة شكر وتشجيع لكل الملتزمين في هذا المضمار، ودعوتهم إلى تلقّف العناصر الجديدة التي تنبثق عن مسيرة الكنيسة السينودوسيّة.

ب) الطريقة التي نشّأ بها يسوع تلاميذه تشكّل المثال الذي يجب أن نرجع إليه. فهو لم يكتف بتوزيع تعليم، ولكنّه تقاسم حياته معهم. وبصلاته أشعل فيهم هذا الطلب: «علّمنا أن نصلي»، وباطعامه الجموع علّمهم ألا يصدوا المحتاجين، وبسيره نحو أورشليم، سار على طريق الصليب. الإنجيل يعلّمنا أنّ التنشئة ليست فقط تطويرًا للقدرات الذاتيّة، بل إنّها اهتداء إلى منطق الملكوت الذي يخصّب الفشل وخيبات الأمل.

ج) شعب الله المقدّس ليس فقط موضوع التنشئة بل هو الفاعل الذي يتشارك المسؤولية في التنشئة التي تتم في العائلة أولاً. هنا نتلقّى أوّل إعلان للإيمان بلغة أهلنا وأجدادنا ولهجاتهم. إنّ مساهمة الذين يمارسون خدمة في الكنيسة يجب أن تلتقي مع حكمة البسطاء في عهدٍ تربوي لا يمكن للجماعة الاستغناء عنه. هذه العلامة الأولى للتربية وفق المعنى السينودوسيّ.

د) في التنشئة المسيحيّة نجد الخطوط العريضة التي توجّه وتقود مسار التنشئة. في قلب البشارة يمكننا التعمّق بالكريغما kerygma (نواة وجوهر البشارة)، أي اللقاء بيسوع المسيح الذي يقدّم لنا عطيّة الحياة الجديدة. منطق التنشئة الأوّليّة يذكّرنا بأنّنا جميعاً خطأة ومدعوّين إلى القداسة. لذلك ندخل في مسيرات اهتداء وتوبة تتم من خلال سرّ المصالحة. نحن ننمّي رغبة القداسة مدعومين في ذلك من عدد كبير من الشهود.

ه) إنّ مجالات تنشئة شعب الله متعدّدة. إلى جانب التنشئة اللاهوتيّة تمّ الحديث عن تنشئة مرتبطة بسلسلة من المهارات المتخصّصة: ممارسة المسؤولية المشتركة، والإصغاء، والتمييز، والحوار المسكونيّ، والحوار بين الأديان، وخدمة الفقراء، والاهتمام بالبيت المشترك، والالتزام «كرسل رقميين»، والمساعدة في مسارات التمييز والمحادثة في الروح، والسعي إلى الاتفاق وحل النزاعات. يجب إيلاء التنشئة المسيحيّة للأولاد والشباب اهتمامًا خاصًّا لأنّها تحفّز المشاركة الفعّالة من قبل الجماعة.

و) وفق النهج السينودوسيّ، يُنشّأ شعب الله بكامله معاً فيما هو يسير معاً. لذلك يجب أن نتخطّى عقلية التكليف التي نجدها في الكثير من المجالات الراعويّة. إنّ تالنشئة بالروح السينودوسيّة تهدف إلى السماح لشعب الله أن يعيش في العمق دعوته العماديّة الخاصّة، في العائلة، وأماكن العمل، والأوساط الكنسيّة، والاجتماعيّة، والفكريّة حتى تجعل كل واحد قادرًا على المشاركة بطريقة فعّالة في رسالة الكنيسة، وذلك وفق مواهبه ودعوته الخاصّة.

مسائل مطروحة للنقاش

ز) نوصي بتعميق التربية العاطفيّة والجنسية في مرافقة الشباب على طريق النموّ، وذلك لتعزيز النضج العاطفيّ للمدعوين إلى العزوبيّة والعفّة المكرّسة. التنشئة في هذه المجالات دعم ضروري على امتداد مراحل الحياة.

ح) ينبغي تعميق الحوار بين العلوم الإنسانيّة وبشكل خاص بين علم النفس واللاهوت في سبيل فهم الاختبار الإنسانيّ الذي لا يضع مكتسباتها جنباً إلى جنب، بل يدمجها في خلاصة مُنضِجة.

ط) يجب أن يكون شعب الله ممثّلاً بشكل واسع في تنشئة الخِدم المرسومة، بحسب ما طلبت الجمعيات السابقة. الفحص المعمّق لبرامج التنشئة أمر ضروري مع التنبّه الخاص إلى تدعيم مشاركة النساء والعائلات. نشجّع المجالس الأسقفية على العمل، على المستوى المناطقي، لكي يحقّقوا معاً ثقافة للتنشئة المستمرّة مستعملين كل المصادر المتوفّرة بما فيها تطوير الاقتراحات الرقميّة.

اقتراحات

ي) على ضوء السينودوسيّة نقترح، ضمن الممكن، إعطاء الأولويّة لمسارات التنشئة المشتركة الموجّهة إلى شعب الله بأسره (علمانيين، خدام مكرّسين ومرسومين). ويعود الأمر إلى الأبرشيات في قيام هذه المشاريع على الصعيد المحلّي. كما نشجّع المجالس الأسقفيّة على العمل معاً، على المستوى المناطقي، لتحقيق ثقافة التنشئة المستمرّة، وذلك باستعمال كل المصادر المتوفّرة بما فيها تطوّر الاقتراحات الرقميّة.

ك) إنّ مكوّنات شعب الله المختلفة، لا بدّ وأن تكون ممثّلة في مسارات التنشئة على الخدمة المرسومة وفق ما طالبت به الجمعيات السابقة. من حيث مشاركة وجوه نسائيّة الذي يرتدي أهميّة كبيرة.

ل) لا بدّ من وجود مسارات ملائمة من أجل اختيار المرشّحين إلى الخدمة المرسومة، كما ينبغي احترام ما هو مطلوب في برامج السنة التمهيديّة.

م) يجب أن تكون تنشئة الخدّام المرسومين منسجمة مع الكنيسة السينودوسيّة، بحسب السياقات المختلفة. هذا يتطلّب أن يكون المرشّحون إلى الخدمة قد أنضجوا اختباراً واقعياً للجماعة المسيحيّة قبل الالتزام في مسارات متخصّصة. يجب ألاّ يخلق مسار التنشئة بيئة اصطناعيّة منفصلة عن حياة جماعة المؤمنين. ومع الحفاظ على متطلّبات التنشئة على الخدمة، لا بدّ من تعزيز الروح الأصيلة من أجل خدمة شعب الله في الوعظ، والاحتفال بالأسرار، وتفعيل المحبّة. هذا قد يقود إلى تحديد الخيارات بين من يصير كاهناً ومن يبقى شماساً دائماً.

ن) فيما نتطلّع إلى انعقاد الجمعيّة المقبلة، نقترح البدء باستشارة المسؤولين عن التنشئة الأوّلية والمستمرّة للكهنة من أجل استكشاف وقياس استيعاب المسار السينودوسيّ، وفي سبيل اقتراح تغييرات الضروريّة لتعزيز ممارسة السلطة بأسلوب يتوافق مع روح الكنيسة السينودوسيّة.

15. تمييز كنسيّ وأسئلة مفتوحة

مسائل متفق عليها

أ) إنّ اختبار المحادثة في الروح القدس كان مغنياً لجميع المشاركين. لقد ثمّنا الطريقة التي يعزّز فيها هذا النوع من التواصل حرية التعبير عن كل وجهة نظر والإصغاء المتبادل. هذا يسمح بعدم الوصول سريعاً إلى نقاش يرتكز على ترداد الحجج الشخصيّة، من دون ترك الوقت والمكان لاستيعاب تفكير الآخر.

ب) هذا الموقف الأساسي يشكّل جوّاً مناسباً لتعميق مواضيع خلافيّة في قلب الكنيسة، كمثل العواقب الأنتروبولوجيّة للتقنيات الرقميّة والذكاء الاصطناعي، واللاعنف وحق الدفاع عن النفس، والإشكاليات المرتبطة بالخدمة، والمسائل المتعلّقة بالجسد وبالجنس، وإشكاليات أخرى.

ج) من أجل تطوير نهج أصيل في هذه المجالات وغيرها، على ضوء كلمة الله وتعليم الكنيسة، لا بدّ من إضافة معلومات أكثر، وتفكير أكثر وضوحاً. ولتجنّب الانغلاق في الصيغ التقليديّة، من المناسب دمج هذه المقاربة مع وجهة نظر العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة والتفكير الفلسفيّ والبحث اللاهوتيّ.

د) تجب متابعة التفكير بما يخصّ العلاقة بين الحبّ والحقيقة، مع تأثيراتها عل العديد من المسائل المختلف عليها. هذه العلاقة، قبل أن تكون تحدّياً، هي في الواقع نعمة تسكن في الوحي الكريستولوجيّ. فقد حقق يسوع الوعد الذي نقرأه في المزامير: «الحبّ والحقيقة يلتقيان، والعدل والسلام يتعانقان. الحقّ من الأرض ينبت والعدل من السماء يشرق» (مزمور 84/11-12).

ه) صفحات الإنجيل تُظهر أنّ يسوع يلتقي الأشخاص في فرادة تاريخهم واحوالهم. وهو يتخلّى دائماً عن الأحكام المسبقة والتصنيفات ليبدأ علاقة أصيلة يلتزم فيها بالكامل، معرّضاً نفسه لخطر عدم فهمه ورفضه. يُصغي يسوع دائماً إلى صرخة النجدة التي يُطلقها من هم في حاجة، حتى ولو لم يُعبّر عنها. يقوم بمبادرات تنقل الحبّ وتُعيد الثقة. فهو بحضوره يجعل الحياة الجديدة ممكنة، ومن يلتقيه يتحوّل بفعل اللقاء. يحدث هذا لأنّ الحقيقة التي يحملها يسوع ليست فكرة، بل هي حضور الله نفسه فيما بيننا، والحبّ الذي يتصرّف من خلاله ليس مجرّد شعور بل هو عدالة الملكوت التي تغيّر التاريخ.

و) الصعوبة التي نواجهها اليوم في ترجمة هذه الرؤية الإنجيلية الصافية إلى خيارات راعويّة هي علامة لعدم قدرتنا على عيش الإنجيل، تذكّرنا بأنّنا لا نستطيع أن نساند المحتاجين إلاّ من خلال توبتنا على الصعيد الفرديّ الجماعيّ. إذا استعملنا العقيدة بقساوة وادانة نخون الإنجيل، وإذا مارسنا الرحمة باستخفاف لا ننقل حب الله. وحدة الحقيقة والحب تعني تبنّي صعوبات الآخر، كما هو الحال بين إخوة وأخوات حقيقيّن. ولكنّنا لا نستطيع أن نبلغ هذه الوحدة إلاّ إذا اتّبعنا بصبر طريق المرافقة.

ز) بعض المواضيع التي تتعلّق بالجندريّة (ذكر أم أنثى)، وبالتوجيه الجنسي، وبنهاية الحياة، وبالأوضاع الصعبة في الحياة الزوجيّة، والمسائل الأخلاقيّة المرتبطة بالذكاء الاصطناعيّ، كلّها هي مواضيع جدليّة ليس فقط في المجتمع بل في الكنيسة أيضاً، لأنّها تعالج مسائل جديدة. التصنيفات الأنتروبولوجية التي تباحثنا فيها لا تكفي دائماً لفهم تعقيدات الحقائق التي تنجم عن الاختبار أو عن معرفة العلوم وهي تتطلّب توضيحاً وتعميقاً. من المهم أخذ الوقت الضروري للتفكير واستثمار كل طاقاتنا فيه، من دون الاستسلام لأحكام تبسيطيّة تجرح الأشخاص المعنيين وجسم الكنيسة. إنّ تعليم الكنيسة يقدّم الكثير من التوجيهات التي تنتظر أن تُترجم إلى مبادرات راعويّة مناسبة. حتى حيث توجد توضيحات كثيرة ضروريّة، وحده تصرّف يسوع هو الذي يدلّنا على الطريق إذا استوعبنا موقفه في الصلاة واهتداء القلب.

مسائل مطروحة للنقاش

ح) نعترف بضرورة متابعة التفكير بالترابط الأصيل بين الحب والحقيقة الذي شهد لهما يسوع من أجل التوصّل إلى تطبيق عمليّ كنسيّ يحترم إرادة المسيح.

ط) نشجّع الأخصائيين في مختلف ميادين المعرفة على تطوير حكمة روحيّة تسمح لخبرتهم أن تتحوّل إلى خدمة كنسيّة حقيقيّة. السينودوسية تُترجم في هذا المجال بإرادة التفكير معاً في خدمة البشارة، في اختلاف المبادرات ولكن في انسجام النوايا.

ي) ينبغي أيضًا إبراز الشروط التي تعزّز البحث اللاهوتيّ والثقافيّ الذي ينطلق من الاختبار اليوميّ لشعب الله، ويضع نفسه في خدمته.

اقتراحات

ك) نقترح تشجيع المبادرات التي تسمح بتمييز مشترك لمسائل عقائديّة وراعويّة وأخلاقيّة جدليّة، على ضوء كلمة الله وتعليم الكنيسة والتفكير اللاهوتيّ مستفيدين من خبرة السينودوس. هذا الطريق يتطلّب تفكيراً معمّقاً لأصحاب الخبرة في مجال المهارات والأفق المختلفة، في إطار مؤسّساتي يضمن سريّة النقاشات، ويشجّع على صراحة الحوارات وإعطاء الكلام أيضاً إلى الأشخاص المعنيين مباشرةً بالمسائل الجدليّة. هذا المسار يجب أن ينطلق ليكون جاهزًا في الجمعيّة للسينودوسيّة المقبلة.

16. من أجل كنيسة تُصغي وترافق

مسائل متفق عليها

أ) يصف الإصغاء بشكل رائع جداً ما تمّ عيشه خلال أول سنتين من المسار السينودوسي وكذلك خلال انعقاد الجمعيّة. كان الإصغاء متبادلاً بين الجميع. الإصغاء قيمة إنسانيّة عميقة، ديناميّة متبادلة، حيث نقدّم شيئاً لمسيرة الآخر ونقبل بدورنا شيئاً منه لمسيرتنا.

ب) أن تتكون مدعوًا إلى التحدّث وأن يُصغى إليك في الكنيسة ومن قلبها، فهذا الأمر قد شكّل اختباراً مكثّفاً وغير متوقّع بالنسبة إلى كثيرين ممّن شاركوا في المسار السينودوسيّ على الصعيد المحلّي، وبنوع خاص الذين يعانون أشكالاً من الإقصاء في المجتمع كما أو في الجماعة المسيحيّة. أن يتمّ الإصغاء إليك هو خبرة تثبيت لذاتك، واعتراف بكرامتك الشخصيّة، وهو أمر فعّال من أجل تحفيز مقدّرات الشخص والجماعة.

ج) أن نضع يسوع في مركز حياتنا، ذلك أمر يتطلّب نوعاً من نكران الذات. فانطلاقاً من هذه الرؤية، يتطلّب الإصغاء الاستعداد لإفراغ الذات وفسح المجال أمام الآخر. لقد اختبرنا هذا الأمر عندما طبّقنا المحادثة في الروح القدس. إنّه تمرين تقشّفي متطلّب يُجبر كل واحد منّا على الاعتراف بمحدوديّته وتحيُّز رأيه. وهذا التمرين يقدّم إمكانية الإصغاء إلى صوت روح الله، الذي يتكلّم أيضاً خارج حدود الانتماء الكنسيّ ويستطيع أن يبدأ مسيرة تغيير واهتداء.

د) للإصغاء قيمة كريستولوجيّة، إذ يقوم على تبنّي موقف يسوع تجاه الأشخاص الذين التقى بهم. للإصغاء أيضاً قيمة كنسيّة: بما أنّ الكنيسة هي التي تُصغي من خلال عمل بعض المعمّدين، الذين لا يفعلون ذلك باسمهم الخاص بل باسم الجماعة.

ه) على طول المسار السينودوسيّ التقت الجمعيّة أشخاصاً كثيرين وفِرَقاً كثيرة، يطلبون الإصغاء إليهم ومرافقتهم. فلنذكر الشباب أوّلاً، وقد سمعت الجمعية صدى صوتهم وطلبهم للإصغاء والمرافقة بقوّة خلال السينودوس الذي خُصّص لهم (2018) وفي هذه الجمعيّة، جرى التأكّد على أنّ الشباب خيار تفضيلي في الكنيسة.

و) وينبغي على الكنيسة أن تُصغي بانتباه ودقّة إلى أصوات الضحايا والناجين من الاستغلال الجنسيّ، الروحيّ، الاقتصاديّ، المؤسّساتيّ، السلطوي والضميري الذي ارتُكب من بعض رجال الإكليروس أو من أشخاص معيّنين من قبل الكنيسة. الإصغاء الفعلي هو عنصر أساسيّ للسير نحو الشفاء والتوبة والعدالة والمصالحة.

ز) تعبّر الجمعيّة عن قربها ودعمها لجميع الذين يعيشون حالة من العزلة في خيار أمين للتقليد وتعليم الكنيسة، بما يتعلّق بالزواج وعلم الأخلاق الجنسيّة، ويجدون فيها ينبوع حياة. الجماعات المسيحيّة مدعوّة إلى أن تكون قريبة منهم على نوع خاص، وأن تُصغي إليهم وترافقهم في التزامهم.

ح) إنّ الأشخاص الذين يشعرون بأنّهم مهمّشون أو منبوذون من الكنيسة بسبب وضعهم الزواجي أو بسبب ميولهم وهويَّتهم الجنسيّة، يطالبون بالإصغاء إليهم ومرافقتهم واحترام كرامتهم. خلال انعقاد الجمعيّة، لاحظنا شعوراً عميقاً بالحب والرحمة والرأفة تجاه الأشخاص الذين يشعرون بأنّهم مجروحون أو مهمَلون من قبل الكنيسة. هؤلاء يتوقون إلى إيجاد مكان يكون بمثابة بيتهم يعودون إليه وفيه يشعرون بالأمان، والإصغاء والاحترام، من دون الخوف من الأحكام والإدانة. الإصغاء هو شرط مسبق للسير معاً في البحث عن إرادة الله. الجمعيّة تعود وتؤكّد على أنّ المسيحيّين لا يستطيعون إهانة كرامة أحد.

ط) الأشخاص الذين يعانون من شتّى أنواع الفقر والإبعاد والتهميش في قلب المجتمعات حيث الظلم يحفر عميقاً وبلا هوادة، يتّجهون أيضاً صوب الكنيسة بحثاً عن الإصغاء والمرافقة. الإصغاء يسمح للكنيسة بسماع رأيهم والوقوف إلى جانبهم، ولكن قبل كل شيء السماح لهم بتبشيرها. نشكر ونشجّع أولئك الذين يلتزمون في خدمة الإصغاء والمرافقة للمسجونين المحتاجين بشكل خاص إلى اختبار رحمة الله وحبّه، وعدم الشعور بالانعزال عن الجماعة. فهم يحقّقون باسم الكنيسة كلمات الرب: «كنت مسجوناً فجِئتم إليّ» (متى 25/36).

ي) كثيرون من الأشخاص يجدون أنفسهم في حالة الوحدة إلى حد الشعور بالتخلّي عنهم. غالباً ما يكون المسنّون والمرضى غير منظورين في المجتمع. لذلك نشجّع الرعايا والجماعات المسيحيّة أن تكون قريبة منهم وأن تُصغي إليهم. فأعمال الرحمة المُستلهمة من كلمات الإنجيل «كنت مريضاً فزرتموني» (متى 25/36) تحمل معنى عميقاً للأشخاص المعنيين ولتعزيز الروابط الجماعيّة.

ك) تريد الكنيسة أن تُصغي للجميع وليس فقط للذين يستطيعون إسماع صوتهم بسهولة. في بعض المناطق، ولأسباب ثقافيّة واجتماعيّة، قد يصادف الشباب والنساء والأقليات صعوبات أكبر في التعبير بحريّة عن ذواتهم. فاختبار الحياة في ظل أنظمة قمعيّة ودكتاتوريّة تزعزع أيضاً الثقة الضروريّة للجرأة على التعبير بحريّة. الشيء نفسه يحصل عندما تصبح ممارسة السلطة في قلب الجماعة المسيحيّة قامعة أكثر ممّا هي محرّرة.

مسائل مطروحة للنقاش

ل) يتطلّب الإصغاء استقبالاً غير مشروط. والأمر لا يرتبط بالتخلّي عن الوضوح في نشر رسالة الإنجيل الخلاصيّة، ولا حتى بالموافقة على أي رأي أو أيّة وجهة نظر. الرب يسوع كان يفتح آفاقاً جديدة للذين كان يُصغي إليهم من دون شرط. ونحن مدعوون للقيام بالشيء نفسه لكي نتشارك البشرى السارّة مع الذين نلتقي بهم.

م) في مناطق عديدة من العالم تنتشر بشكل واسع الجماعات الأساسيّة أو جماعات مسيحيّة صغيرة تعزّز ممارسات الإصغاء بواسطة المعمّدين وفي وسطهم. نحن مدعوون إلى تطويرها، والبحث في نفس الوقت عن طريقة تبنّيها في سياق المدن.

اقتراحات

ن) ماذا علينا أن نغيّر لكي يستطيع الذين يشعرون بالتهميش والنبذ أن يختبروا الكنيسة المنفتحة على استقبال افضل؟

س) إنّ خيار الإصغاء والمرافقة ليس مبادرة فرديّة بل هو نهجخدمة الكنيسة. لذلك يجب أن يجد مكانه ومكانته في التنظيم الراعويّ العاديّ والبنى الواقعيّة للجماعات المسيحيّة على مستويات مختلفة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تطوير المرافقة الروحيّة. الكنيسة السينودوسيّة لا تستطيع التخلّي عن كونها كنيسة تُصغي. ويجب ترجمة هذا الالتزام بأفعال واقعيّة.

ع) لا تنطلق الكنيسة من لا شيء، فهي تملك مؤسّسات عديدة وبنى تقوم بهذا العمل القيّم. على سبيل المثال لا الحصر: الشبكة الواسعة للإصغاء والمرافقة في وسط الفقراء والمهمّشين والمهاجرين واللاجئين الذين تهتم بهم كاريتاس، والكثير أيضاً من الأعمال الواقعيّة المرتبطة بالحياة المكرّسة أو بجماعات المؤمنين. علينا أن نعزّز روابط هؤلاء بالحياة الجماعيّة من أجل تجنّب فهمها على أنّها نشاطات كُلّف بها بعض الأشخاص.

ف) الذين يمارسون خدمة الإصغاء والمرافقة، تحت أشكال مختلفة، يحتاجون إلى تنشئة مناسبة تتلائم مع أحوال الناس الذين يحتكّون بهم، ويجب أن يشعروا بأنّ الجماعة تدعمهم. من ناحيتها، تعي الجماعات وعيًا الكامل حول قيمة هذه الخدمة التي تُقدّم باسمها، وتتوصّل إلى قطف ثمار هذا الإصغاء. لكي نُعطي أولويّة لهذه الخدمة، نقترح إقامة خدمة للإصغاء والمرافقة مؤسّسة على المعموديّة وملائمة لمختلف السياقات. والطريقة المناسبة التي ستُسلّم بها، لا بدّ وأن تعزّز مشاركة أوسع من قِبَل الجماعة.

ص) نشجّع (مجلس أساقفة أفريقيا ومدغشقر- SECAM) أن تعزّز تمييزاً لاهوتياً وراعوياً حول مسألة تعدّد الزيجات، وحول مرافقة الأشخاص العائشين هذه الحالة، عندما يطلبون الإيمان.

17. المرسلون في العالم الرقميّ

مسائل متفق عليها

أ) تشكّل الثقافة الرقميّة تغييراً أساسياً في كيفيّة إدراكنا للواقع، وكيفيّة علاقتنا مع أنفسنا، ومع بعضنا البعض، ومع محيطنا، وحتى مع الله. العالم الرقميّ يغيّر مسارات تعلُّمنا، ومفهومنا للمكان والزمان، وللجسد وللعلاقات بين الأشخاص ولكل طريقة تفكيرنا. وإنّ الازدواجيّة بين الواقعيّ والوهميّ لا تصف الواقع بشكل صحيح، ولا خبرتنا جميعاً ولاسيّما خبرة الشباب الذين يُطلَق عليهم لقب «أبناء الثقافة الرقمي».

ب) الثقافة الرقميّة مكانٌ محدّدٌ للرسالة أكثر مما هي بعدٌ مهمٌ لشهادة الكنيسة في الثقافة المعاصرة. هي إذاً ذات أهميّة خاصة جداً في الكنيسة السينودوسيّة.

ج) انطلق المرسلون دائماً مع المسيح إلى بلدان جديدة، يسبقهم ويدفعهم عمل الروح القدس. اليوم، جاء دورنا لكي نلاقي الثقافة المعاصرة في كل الأماكن حيث الناس يبحثون عن المعنى وعن الحبّ، وهذا يشمل هواتفهم الذكيّة وألواحهم الرقميّة.

د) لا نستطيع حمل الإنجيل إلى الثقافة الرقميّة من دون أن نفهمها أوّلاً. الشباب ومن بينهم الإكليريكيّين والمكرّسيّن الذين غالباً ما تكون لديهم خبرة مباشرة وعميقة بالموضوع، هم أفضل من يستطيع ان يقود رسالة الكنيسة في العالم الرقميّ، ومرافقة إعضاء الجماعة بما في ذلك الرعاة، لكي يتآلفوا أكثر مع هذه الديناميّات.

ه) في إطار المسار السينودوسي، مشروع «الكنيسة تُصغي إليك» يُظهر القوّة الكامنة للعالم الرقميّ من منظور رسوليّ والقدرة على الخلق، وسخاء الذين ينخرطون في هذا المجال، وضرورة أن تُقدَّم لهم التنشئة والمرافقة والفرصة للتنافس مع أقرانهم والتعاون فيما بينهم.

مسائل مطروحة للنقاش

و) الإنترنت حاضر أكثر فأكثر في حياة الأولاد والعائلات. حتى ولو كان يساهم بشكل كبير في تحسين حياتنا، لكنّ بإمكانه أيضاً أن يسبّب أضرارًا وجراحات من خلال: التحرّش، والمعلومات المغلوطة، والاستغلال الجنسيّ، والإدمان. لذلك ينبغي التفكير بالطريقة التي تمكّن الجماعة المسيحيّة من مساعدة العائلات على جعل مساحة الإنترنت آمنةومحفّزة من الناحية الروحيّة.

ز) توجد على شبكة الإنترنت مبادرات عديدة مرتبطة بالكنيسة، قيّمة ومفيدة، تعرض تعليمًا مسيحيًّا رائعًا وتنشئة على الإيمان. ولكن للأسف توجد بالمقابل مواقع تعالج مسائل الإيمان بطريقة سطحيّة، وموّجهة، وحاقدة. وبصفتنا كنيسة ومرسلين رقميّين منفردين علينا، جماعةً وأشخاصًا، أن نسأل ماذا وكيف نعمل لكي يكون حضورنا على الشبكة خبرة نموّ للذين نتواصل معهم.

ح) المبادرات الرسوليّة على شبكة الإنترنت لها مدى وحقل عمل يمتدّان إلى أبعد من الحدود الإقليميّة المعتادة. هذا الأمر يطرح أسئلة مهمّة حول طريقة ضبط المواقع وتنظيمها وتحديد السلطة الكنسيّة التي تسهر عليها.

ي) علينا أن نأخذ أيضاً بعين الاعتبار تداعيات الحدود الرسوليّة الرقميّة الجديدة من حيث تجديد البنى الراعويّة والأبرشيّة القائمة. في عالم ينخرط أكثر فأكثر في الثقافة الرقميّة، كيف نستطيع تجنّب البقاء مساجين منطق المحافظة، والتحرّر بقوّة من أجل ابتداع نماذج جديدة البشارة؟

ك) حفّزت جائحة كورونا الابداع الراعويّ عبر الإنترنت، وساهمت بذلك في تخفيف آثار الوحدة والعزلة التي عاشها بشكل خاص المسنّون والأعضاء الضعفاء في الجماعة. فعرفت المؤسّسات التربويّة الكاثوليكيّة كيف تستعمل بشكل فعّال منصّات التواصل لكي تتابع عرض دورات التنشئة والتعليم مسيحيّ خلال فترات الحجْر الصحّي. من الجيد أن نقيّم ما تعلّمناه من هذه الخبرة وأن نعرف الفوائد المستدامة بالنسبة إلى رسالة الكنيسة في العالم الرقميّ.

ل) وفي بحثهم عن الجمال ترك كثيرون من الشباب المساحات الواقعيّة للكنيسة، لصالح المساحات الوهميّة عبر شبكة الإنترنت، ونحن بصدد محاولة إعادتهم إليها. هذا الأمر يتطلّب إيجاد طرق جديدة للتحدّث إليهم، وتقديم التعليم المسيحيّ ملائم لهم. وهذه مسألة تعالج على نحوٍ أفضل عند التفكير بها من منطلق راعويّ.

اقتراحات

م) نقترح أن تعترف الكنائس بالمرسلين الرقميّين الذين يعملون حالياً، وأن تقدّم لهم التنشئة والمرافقة، وأن تساعدهم على التواصل فيما بينهم.

ن) ينبغي وضع شبكات تعاون للمؤثّرين تضمّ أشخاصًا من ديانات أخرى وأشخاصًا لا يعتنقون أي إيمان، ولكنهم يتعاونون من أجل قضايا مشتركة، من مثل تعزيز الكرامة الإنسانيّة والعدالة وحماية البيت المشترك.

18. منظّمات وجمعيّات للمشارَكَة

مسائل متفق عليها

أ) بصفتهم أعضاء في شعب الله المؤمن، يشارك جميع المؤمنين في مسؤوليّة البشارة، كل واحد بحسب دعوته وخبرته ومهاراته. الجميع يشاركون في رسم المراحل الإصلاحيّة وإقرارها للجماعات المسيحيّة وللكنيسة جمعاء، لكي نستطيع أن نعيش «عذوبة وطمأنينة الفرح بإعلان الإنجيل». من خلال تأليف الهيئات ومتابعة عملها على أرض الواقع، تهدف السينودوسيّة إلى إعلان البشارة. وهذا الأمر يعني أنّنا حقاً مجتمعون باسم يسوع، ويتيح للمنظمات والجمعيّات المعدّة للشركة تجنُّب التلاشي الإداريّ، والمفاهيم الدنيويّة للسلطة، وهذا يجعل اللقاءات مليئة بالثمار.

ب) على ضوء تعليم الكنيسة الحديث «نور الأمم» و«فرح الإنجيل»( Lumen gentium e Evangelii gaudium)، يجب أن تكون مشاركة الجميع في مسؤولية البشارة المعيار الذي على أساسه تُبنى الجماعات المسيحيّة وكل الكنائس المحليّة، مع كل مؤسّساتها وخدماتها وكل البنى الشركة فيها. إنّ الاعتراف الصائب بمسؤولية العلمانيّين في إعلان البشارة في العالم لا يمكن أن يتحوّل إلى ذريعة لتكليف الأساقفة والكهنة وحدهم الاهتمام بالجماعة المسيحيّة.

ج) تكون دومًا السلطة المطلقة لكلمة الله التي يجب أن تُلهم كل لقاء لهيئات المشاركة وكل استشارة وقرار. فلا بدّ إذاً أن تستقي اللقاءات المتنوّعه المعنى والقوّة من سرّ الإفخارستيا على ضوء الكلمة المسموعة والمُتقاسمة في الصلاة، وذلك على كلّ المستويات،.

د) مجالس التمييز والقرار المتنوّعة يجب أن تضُم الجماعة الرسولية السينودوسيّة رجالاً ونساءً ذات خبرة رسوليّة. فيتم اختيارهم ليس بحسب تواتر تردّدهم إلى الكنيسة ولكن بحسب شهادة حياتهم الإنجيليّة الأصيلة في واقع الحياة اليوميّة. يكون شعب الله رسولياً بقدر ما يستطيع أن يعكس في ذاته وخصوصًا في هيئات المشاركة صوت الذين يعلنون البشارة وهم يسكنون في العالم وفي ضواحيه وأطرافه.

مسائل مطروحة للنقاش

ه) على ضوء ما تشاركنا به معاً، علينا أن نفكّر كيف نطوّر المشاركة في المجالس المختلفة، ولا سيّما عندما يشعر المشاركون بأنّهم ليسوا على مستوى المهمّة. السينودوسيّة تكبر بمشاركة كل عضو في مسار التمييز والقرار من أجل رسالة الكنيسة. نحن نشجّع ونتعلّم عندما نرى العديد من الجماعات المسيحيّة الصغيرة في الكنائس الصاعدة تعيش تقارباً أخوياً يومياً حول كلمة الله والإفخارستيا.

و) فيما نؤلّف مجموعات المشاركة، لا نستطيع أن نتغاضى عمّا طلبه منا البابا فرنسيس في رسالة «فرح الحبّ» (Amoris laetitia)، أي مشاركة نساء ورجال يعبرون في صعوباتٍ عاطفية وزواجيّة معقّدة، «الأمر الذي يؤخذ بعين الإعتبار في خدم الكنيسة المتنوّعة. فمن المناسب إذاً التمييز بين أشكال الإقصاء المفروضة حالياً على الصعيد الليتورجيّ والراعويّ والتربويّ والمؤسّساتيّ، وتحديد ما الذي يمكن تخطّيه» (رقم 299). هذا التمييز يشمل أيضاً الإقصاء من مجالس المشاركة الراعويّة والأبرشيّة القائمة في العديد من الكنائس المحليّة.

ز) من أجل بلوغ الفرادة الإنجيلية للشركة الكنسيّة، نتساءل اليوم كيف نقارب بين الأبعاد الاستشاريّة والتقريريّة في عيش السينودوسيّة؟ انطلاقاً من الترتيب المواهبيّ والخدميّ لشعب الله، كيف يمكننا أن نُدخل ممارسة الاستشارة والتمييز والقرار في مختلف مجالات الشركة؟

اقتراحات

ح) بالاستناد إلى مفهوم شعب الله عاملاً فاعلاً في إعلان بشارة الإنجيل، نرى أنّه من المناسب إدراج الطابع الإلزاميّ على المجالس الراعويّة في الرعايا، وفي الكنائس المحليّة، وفي الحقّ القانونيّ.

في الوقت عينه، يجب دعم مجالس ومجموعات الشركة بحضور مناسب لنساء ورجال علمانيّين، وتكليفهم بمهمّات تمييز من أجل أن تكون قراراتهم رسوليّة حقاً.

ط) إنّ المجالس وهيئات الشركة هي المكان الأوّل الذي يجب أن يُخضع للمحاسبة كل من يمارس مسؤوليّة مشتركة. فيما نشجّعهم في التزامهم ندعوهم إلى ممارسة تقديم الحساب أمام الجماعة التي انتدبتهم لهذه الخدمة.

19. تجمّع كنائس في شركة الكنيسة الجامعة

مسائل متفق عليها

أ) نحن مقتنعون بأنّ كل كنيسة في شركة مع الكنائس الأخرى لديها الكثير لتقدّمه لأنّ الروح القدس يوزّع مواهبه بسخاء في سبيل الخير العام. إذا كنا نعتبر الكنيسة جسد المسيح، فنحن نفهم، بسهولة أكبر، أنّ الأعضاء المختلفين مرتبطين بعضهم ببعض ويتقاسمون الحياة ذاتها: «إذا تألم عضوٌ، كل الأعضاء الأخرى تشاركه الألم، إذا كان عضوٌ في دائرة الضوء، يشاركه الجميع فرحه» (1 كورنتس 12/26). نريد إذاً أن نطوّر المواقف الروحيّة التي تنشأ عن ذلك: التواضع والسخاء والاحترام والمشاركة. لذلك ينبغي الاستعداد للنموّ في المعرفة المتبادلة، وتجهيز البنى الضروريّة من أجل أن يصير تبادل الغنى الروحي وتبادل المرسلين وتبادل الخيرات الماديّة أمراً محقّقاً على أرض الواقع.

ب) إنّ مسألة تجمّع الكنائس المحليّة معًا، بدا حاسماً من أجل تطبيق كامل للسينودوسيّة في الكنيسة. في إجابتها على السؤال لمعرفة كيفيّة تشكيل الهيئات السينودوسية التي تشارك فيها تجمّعات كنائس محليّة، اعترفت الجمعيّة بأهميّة التمييز الكنسيّ الذي لعبته المجالس الاسقفيّة والجمعيات القارية في إطلاق المرحلة الأولى من المسار السينودوسي وتفعيله.

ج) كشف المسار السينودوسي كيف أنّ المجالس والهيئات المذكورة في قانون الكنيسة الغربية ومجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة تكون أكثر فعاليّة عندما يتم فهمها انطلاقاً من الكنائس المحليّة. لأنّ الكنيسة الجامعة (Ecclesia tota) هي شركة الكنائس المحليّة، يتوجّب على كل أسقف أن يعيش التعاطف مع كل الكنائس من باب الموهبة النبويّة عنده ، بصفته راعيًا لكنيسته.

د) أبرزت المرحلة الأولى من المسار السينودوسي الدور الحاسم للمجالس الأسقفيّة وأضاءت على ضرورة قيام هيئة سينودوسيّة ومجمعيّة على المستوى القاريّ. فالمجالس والهيئات القائمة على هذا المستوى تساهم في ممارسة السينودوسيّة مع احترام الواقع المحلّي وتأخذ بعين الاعتبار مسألة المثاقفة. الجمعيّة مقتنعة بأنّ خطر التوحيد والمركزية في إدارة الكنيسة يمكن تجنّبه عن طريق تفعيل هذه المجالس والهسئات.

مسائل مطروحة للنقاش

ه) قبل البدء بانشاء نماذج وبنى جديدة، نرى أنّه من الأفضل دعم تلك الموجودة حالياً وإعادة إطلاقها. كما أنّه من الأفضل أيضاً، على المستوى الكنسيّ والقانونيّ، دراسة تداعيات إصلاح البنى وتجمّعات الكنائس في الأقاليم أو القارات، لكي تلبس طابعاً سينودوسياً بالكامل.

و) فيما نتفحّص الممارسات السينودوسية في كنيسة القرون الأولى، يبدو من الجيّد أن ندرس إعادة تأهيل المؤسّسات القديمة في التنظيم القانونيّ الجديد، لكي نجعلها تتلاءم مع المؤسّسات المقامة حديثاً، مثل المجالس الأسقفيّة.

ز) نعتبر أنّه من الضروري تعميق الطبيعة القانونيّة والعقائديّة للمجالس الأسقفيّة، معترفين بإمكانية عمل مجمعيّ حتى في المسائل العقائديّة التي تطرأ في الحيّز المحلّي مفسحين في المجال أمام التفكير في البراءة الباباوية «رسل المسيح» (Apostolos suos).

ح) يجب إعادة النظر في القوانين المتعلّقة بالمجامع الخاصّة (العامّة والاقليميّة) في سبيل التوصّل إلى أكبر قدر من مشاركة شعب الله، كما جرى الأمر بإذن خاص في المجمع العام لأستراليا.

اقتراحات

ي) بالنسبة إلى البنى التي يلحظُها القانون، نقترح دعم الأقاليم الكنسيّة أو المتروبوليّات، بإعتبارها مكانًا لشركة الكنائس المحليّة في إقليم ما.

ك) يجب تفعيل الممارسة السينودوسيّة على كل المستويات: الإقليميّة والوطنيّة والقاريّة على قاعدة ما هو مطلوب للوصول إلى تقارب بين الكنائس.

ل) حيث تدعو الضرورة، نقترح خلق أقاليم كنسيّة في العالم لمصلحة الأساقفة الذين لا ينتمون إلى أيّ مجلس أسقفيّ ومن أجل تطوير الشركة بين الكنائس إلى أبعد من الحدود الوطنيّة.

م) في البلدان التي تتبع الطقس اللاتينيّ، وحيث توجد أيضاً سلطة للكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، ينضم الأساقفة الكاثوليك الشرقيّون إلى المجالس الأسقفيّة الوطنيّة مع الحفاظ على استقلالهم الإداريّ الذي يحدّده شرعهم الخاص.

ن) أن يُؤخذ بعين الإعتبار التمثيل قانونيّ للجمعيات القاريّة، مع احترام خصوصيّة كل قارّة، مفيدٌ لمشاركة مجالس الأساقفة ومشاركة الكنائس، من خلال ممثلين يجعلونها حاضرة في تعدّدية شعب الله المؤمن.

20. مجلس أساقفة وجمعيّة كنسيّة

مسائل متفق عليها

أ) عندما شعرت بالتعب من «السير معاً»، تلمّست الجمعيّة الفرح الإنجيليّ من كونها شعب الله. المسائل الجديدة التي طُرحت في هذه المرحلة من المسار السينودوسيّ تمّ قبولها بشكل جيّد. لكن تبقى مسألة العبور من الاحتفال بالسينودوس كحدث إلى عيشه كمسار. ونذكر هنا أهميّة حضور أشخاص آخرين، نساء ورجال، إلى جانب الأساقفة، بالإضافة إلى الحضور الفعّال للمنتدبين الأخويّين ممثلي الكنائس غير الكاثوليكيّة، والرياضة الروحيّة التي سبقت أعمال الجمعيّة، والاحتفال بالإفخارستيا في بازيليك القديس بطرس، وجو الصلاة ونهج الحادثة بالروح القدس، وانعقاد الجمعية في قاعة البابا بولس السادس.

ب) جمعيّة سينودوس الأساقفة، على الرغم من حِفاظها على طابعها الأسقفيّ البارز، أظهرت، في هذه المناسبة، الرابط الجوهريّ بين البعد السينودوسيّ لحياة الكنيسة (مشاركة الجميع) والبعد المجمعيّ (تعاطف الأساقفة مع كل الكنيسة) وبُعد الأولويّة (خدمة أسقف روما، الضامن للشركة).

ج) المسار السينودوسي هو زمن نعمة شجّعنا جميعاً، إذ فيه وهب الله لنا الفرصة لكي نختبر ثقافة جديدة للسينودوسيّة قادرة أن ترشد حياة الكنيسة ورسالتها. لقد تمّ التذكير بأنّه لا يكفي خلق بنى للمسؤولية المشتركة إذا غاب الاهتداء الشخصيّ إلى روح السينودوسيّة رسولية. البنى والهيئات السينودوسيّة، على صعدها المتنوّعة، لا تحدّ من المسؤولية الشخصيّة التي لجميع المدعوّين إلى المشاركة فيها، بحكم خدمتهم ومواهبهم، بل تمنحهم دعماً إضافياً.

مسائل مطروحة للنقاش

د) إنّ حضور أشخاص آخرين إلى جانب الأساقفة، كشهود على المسيرة السينودوسيّة، كان موضع تقدير من الجميع. ولكن، مسألة تداعيات حضورهم، كأعضاء دائمين، على الطابع الأسقفي لهذه الجمعيّة تبقى مفتوحة. البعض يرى فيها خطر عدم فهم المهمّة الخاصّة بالأساقفة بطريقة مناسبة. لذلك ينبغي توضيح المعاني التي تتمّ على أساسها دعوة أعضاء غير أساقفة إلى المشاركة في أعمال الجمعيّة.

ه) لقد جرى الحديث عن خبرات الجمعيّة الكنسيّة الأولى لأميركا اللاتينيّة وجزر الكاراييب، وعن هيئات تمثيل شعب الله في البرازيل، وعن المجمع العام الأستراليّ. يبقى أن نُبرز ونحدّد ونعمّق وتوضّح معنى السينودوسيّة والمجمعيّة في المستقبل، مميّزِين بين مشاركة جميع أعضاء شعب الله في استنباط القرارات، وبين الخدمة الخاصّة بالأساقفة. إنّ شرح وتوضيح السينودوسيّة والمجمعيّة والأوّليّة يجب ألاّ يتم بطريقة جامدة ومسطّحة بل بطريقة جماعيّة وديناميكيّة ضمن المسؤوليّة المشتركة المميّزة.

و) إذا كان من الممكن التفكير على المستوى الإقليميّ بممارسة السينودوسيّة على مراحل متلاحقة (جمعيّة كنسيّة تتبعها جمعيّة أسقفيّة). يبدو من الملائم دراسة كيف يمكن عرض هذا الأمر على مستوى الكنيسة الكاثوليكيّة بمجملها. فالبعض يعتبر أنّ الصيغة التي اعتُمدت في هذه الجمعيّة تُجيب عن هذه الحاجة، فيما البعض الآخر يقترح أن تُعقد جمعيّة كنسيّة تليها جمعيّة أسقفيّة لوضع اللمسات الأخيرة على التمييز. والبعض أيضاً يفضّل أن يُحفظ للأساقفة دور الأعضاء في الجمعيّة السينودوسيّة.

ز) يجب أيضاً البحث بوضوح وعمق حول دور الخبراء في الاختصاصات المختلفة، ولا سيما اللاهوتيّين والقانونيّين وفي سبل مساهمتهم في الجمعيّة السينودوسيّة، وفي مسارات الكنيسة السينودوسيّة.

ه) كما ينبغي التفكير بالطريقة التي يمكن فيها للإنترنت ووسائل التواصل أن تؤثّر على المسارات السينودوسيّة.

اقتراحات

ح) إنّه لأمر مفيد أن يصار إلى تقييم ثمار الجمعيّة السادسة عشرة العامّة العادية لسينودوس الأساقفة.

 

متابعة الطريق

«بماذا نشبّه ملكوت الله؟ وبأي مثل نستطيع أن نقدّمه؟» (مرقس 4/30).

كلمة الرب تسبق كل كلمة للكنيسة. كلمات التلاميذ وكلمات أي سينودوس ليست سوى صدى لما يقوله هو، يسوع المسيح.

لكي يُعلن الملكوت، اختار يسوع أن يتكلّم بالأمثال. في الخبرات الأساسيّة للحياة الإنسانيّة، وفي علامات الطبيعة، وفي حركات العمل، وفي أحداث الحياة اليوميّة وجد يسوع الصور الملائمة لكي يكشف عن سرّ الله. وبذلك يقول لنا أنّ الملكوت يتخطّانا، ولكنّه ليس غريباً عنّا. إما إن نراه في واقع العالم إمّا لا نراه أبداً.

رأى يسوع في حبّة الحنطة التي وقعت في الأرض إشارة إلى المصير الذي كان ينتظره. لا شيء في الظاهر يؤول إلى الاهتراء، إلاّ وتسكنه في النهاية ديناميّة حياة لا تنضب، غير متوقّعة وفصحيّة. هذه الديناميّة مدعوّة لتُعطي الحياة وتصير خبزاً للجموع، عندما تتحوّل إلى إفخارستيا.

اليوم وفي ثقافةِ الصراعٍ من أجل التفوّق ، والسعي المجنون وراء حبّ الظهور، الكنيسة مدعوّة إلى ترداد كلمات يسوع وإعادة إحيائها بكل ما تملكه من قوّة.

«بماذا نشبّه ملكوت الله؟ بأي مثل يمكننا أن نقدّمه؟» هذا السؤال من الرب يوضح العمل الذي ينتظرنا. لا يتعلّق الأمر بأن ننتشر على عدّة جبهات من منطلق الكفاءات والإجراءات. فالمسألة تتعلّق بأن نجمع من بين الكلمات والاقتراحات العديدة التي يقدّمها هذا التقرير الملخّص، ما يشبه حبّة صغيرة ولكنّها مليئة بالمستقبل وإن نتخيّل كيف نزرعها في أرضٍ تجعلها تنمو لأجل حياة الجموع.

«كيف سيكون ذلك؟ تسأل مريم الناصريّة بعد أن أصغت إلى الكلمة (لوقا 1/32). ليس هناك إلا جواب واحد: السكن في ظلّ الروح وترك قوّته تحلُّ علينا.

عندما ننظر إلى الوقت الذي يفصلنا عن الجمعيّة المقبلة، نشكر الرب على الطريق الذي قطعناه حتى الآن، وعلى النعم التي بارك بها مسيرتنا. نسلّم المرحلة الثانية إلى شفاعة مريم العذراء، علامة الرجاء الأكيد والعزاء في مسيرة شعب الله المؤمن، وإلى الرسولين سمعان ويهوذا اللذين نحتفل اليوم بعيدهما.

مجتمعون معًا بالروح القدس !

روما، في 28 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، عيد القديسين الرسولين سمعان ويهوذا.

 

 

الفهرس

 

مقدّمة. 2

الجزء الأوّل – وجه الكنيسة السينودوسيّة. 5

  1. السينودوسيّة: خبرة وفهم. 5

مسائل متفق عليها 5

مسائل مطروحة للنقاش… 6

إقتراحات.. 7

  1. الثالوث الأقدس يجمعنا ويُرسلنا 7

مسائل متفق عليها 7

مسائل مطروحة للنقاش… 8

إقتراحات.. 9

  1. الدخول في جماعة إيمان: في التنشئة المسيحيّة. 9

مسائل متفق عليها 9

مسائل مطروحة للنقاش… 10

إقتراحات.. 11

  1. الفقراء: الأشخاص الأساسيّون في مسيرة الكنيسة. 11

مسائل متفق عليها 11

مسائل مطروحة للنقاش… 12

اقتراحات.. 13

  1. كنيسة من «كل قبيلة ولسان وشعب وأمّة». 13

مسائل متفق عليها 13

مسائل مطروحة للنقاش… 14

اقتراحات.. 15

  1. تقاليد الكنائس الشرقيّة والكنيسة اللاتينيّة. 16

مسائل متفق عليها 16

مسائل مطروحة للنقاش… 16

اقتراحات.. 16

  1. في السير نحو وحدة المسيحيّين.. 17

مسائل متفق عليها 17

مسائل مطروحة للنقاش… 18

اقتراحات.. 18

الجزء الثاني – الجميع تلاميذ، والجميع مرسلون. 19

  1. الكنيسة هي في ذاتها رسالة. 19

مسائل متفق عليها 19

مسائل مطروحة للنقاش… 20

اقتراحات.. 21

  1. النساء في حياة الكنيسة ورسالتها 21

مسائل متفق عليها 21

مسائل مطروحة للنقاش… 22

اقتراحات.. 22

  1. الحياة المكرّسة والجماعات العلمانيّة: علامة مواهبيّة. 23

مسائل متفق عليها 23

مسائل مطروحة للنقاش… 24

اقتراحات.. 24

  1. شمامسة وكهنة في كنيسة سينودوسيّة. 25

مسائل متفق عليها 25

مسائل مطروحة للنقاش… 25

اقتراحات.. 26

  1. الأسقف في الشركة الكنسيّة. 26

مسائل متفق عليها 26

مسائل مطروحة للنقاش… 27

اقتراحات.. 27

  1. أسقف روما وسط مجمع الأساقفة. 28

مسائل متفق عليها 28

مسائل مطروحة للنقاش… 29

اقتراحات.. 29

الجزء الثالث – إقامة روابط، وبناء علاقات.. 29

  1. مقاربة سينودوسيّة للتنشئة في الكنيسة. 29

مسائل متفق عليها 29

مسائل مطروحة للنقاش… 30

اقتراحات.. 31

  1. تمييز كنسيّ وأسئلة مفتوحة. 31

مسائل متفق عليها 31

مسائل مطروحة للنقاش… 32

اقتراحات.. 32

  1. من أجل كنيسة تُصغي وترافق.. 33

مسائل متفق عليها 33

مسائل مطروحة للنقاش… 34

اقتراحات.. 34

  1. المرسلون في العالم الرقميّ… 35

مسائل متفق عليها 35

مسائل مطروحة للنقاش… 36

اقتراحات.. 36

  1. منظّمات وجمعيّات للمشارَكَة. 37

مسائل متفق عليها 37

مسائل مطروحة للنقاش… 37

اقتراحات.. 38

  1. تجمّع كنائس في شركة الكنيسة الجامعة. 38

مسائل متفق عليها 38

مسائل مطروحة للنقاش… 39

اقتراحات.. 39

  1. مجلس أساقفة وجمعيّة كنسيّة. 39

مسائل متفق عليها 39

مسائل مطروحة للنقاش… 40

اقتراحات.. 40

متابعة الطريق.. 41

الفهرس… 42

 

Scroll to Top