تمهيد
تأثرت منطقة الجبّة، كما غيرها من مناطق متصرفية جبل لبنان، بمجريات الحرب العالمية الأولى. مع الإشارة الى أن هناك أقضية تأثرت أكثر من غيرها، لا سيما مناطق البترون وجبيل وكسروان، أما المناطق المتاخمة لولاية بيروت، فقد تعرّضت بصورة أقل لأضرار الحرب .
في العام 1917، زار الأبوان ابراهيم حرفوش وشكرالله مبارك، المرسلان اللبنانيان، منطقة الجبّة، بتكليف من البطريرك الحوّيك، لتوزيع المساعدات، وقد لاحظا أن المجاعة منتشرة في جميع القرى والبلدات في المنطقة.
نزل الأب حرفوش بلدة عينطورين بين 12 و 23 آذار، ووزع ما يزيد عل 3 آلاف قرش، وذلك لشدة العوز، اذ توفي من جمهور القرية عدد وافر ولا يزال الموت يتهددهم، وأما رياضة إهدن “فلم نتوفق بها لاعتذار القوم بالعوز وعدم المقدرة على ضيافتنا، فوزعنا عليهم مبلغ ألف قرش”[1].
في 29 نيسان، غادر الأبوان المذكوران الديمان الى البترون بطريق الحدث ليصلا الى ديرهما في جونيه “وقد بلغ مجموع ما وزّعناه على حصرون وبزعون وبقرقاشا وبقاعكفرا وبشري وحدشيت وبلوزا
و بان وحوقا و كفرصغاب وعينطورين واهدن والمرح 11,000 قرش ومائة قرش عملة ورق، و ١٩٩٠ عملة حجر. وعبّرت عن هذه الحسنات بعبارة “رشّ بهار” لأن الضيق شامل الجميع ولا فرج إلا من الله [2]2.
اخترت في هذه الدراسة ثلاث قرى هي بلوزا والديمان ووادي قنوبين، اعتمدت على سجلات الكنائس المتوافرة، وقد اتبعت الطريقة التالية في العمل، استمرت الحرب خمس سنوات ١٩١٤-١٩١٨، وقد استبقت الحرب بخمس سنوات ۱۹۰۹ – ۱۹۱۳ ، وتأخرت عنها خمس سنوات أخرى، ۱۹۱۹ – ۱۹۲۳ . وهكذا بلغ مجموع السنوات المدروسة 15 سنة ، أدخلتها في جداول المعمدين والمتزوجين والمتوفين، مستخلصاً النسبة التابعة لسنوات الحرب إلى ما عداها.
كذلك اطلعت على زيارة رعائية لمنطقة الجبّة، تعود إلى العام ١٩٠٠ ، أي ما قبل الحرب بـ ١٤ سنة، واعتمدت على زيارة رعائية في العام ١٩٣٢ ، أي بعد انتهاء الحرب بـ ١٤ سنة، وهكذا نكوّن التطور الديموغرافي على مدى ٣٢ سنة.
أهالي القرى الثلاث، منذ مئات السنين ، هم شركاء في الأرض مع البطريركية المارونية في الديمان. عمد البطريرك نصرالله صفير ١٩٨٦ – 2011 ، إلى مبادرة تمليك المنازل والأراضي إلى الأهالي، وكان في بدايتها المونسنيور أميل شاهين، الوكيل البطريركي في الديمان، فعمل جاهداً على ترجمتها، إلى أن تولى بعده المونسنيور فؤاد بربور لمدة 25 سنة، أخذت خلالها المبادرة مداها الأوسع. وشهدت الديمان نهضة عمرانية وزراعية. وقد تملّك الأهالي ٥٠ بيتاً من أصل ١٢٠ .
وهذا ما شجّع عدد من المغتربين إلى العودة والمساهمة في عمران القرية بلغ سعر المنزل مع مساحة ألف متر مرّبع، أربعة آلاف دولار أميركي، وهذا سعر رمزي.
استكمل البطريرك بشارة الراعي (2011- …) ، مبادرة تمليك الأهالي وبذل جهود إضافية لتذليل عقبات تعترضها ناجمة عما يسمّى بتدابير حماية الوادي المقدّس المصنّف في لائحة التراث العالمي، وتقييد الحركة العمرانية في بلدات نظاق الوادي ومنها بلوزا والديمان ووادي قنوبين.
بالنسبة إلى قرية وادي قنوبين، التي لم تصلها طريق السيارات حتى الآن، فلم يتقدم أحد من الشركاء، بالرغم من وصول الكهرباء الى القرية، بطلب تملّك المنزل والأرض. أما في قرية بلوزا، فقد تقدّم ٢٩ شخصاً بطلب تصفية شراكة، أي تمليك.
أولاً: المادة التوثيقية
إن أقدم السجلات المارونية العائدة إلى كنيسة ما، هي موجودة في أرشيف مطرانية حلب المارونية، ويعود تاريخها إلى سنة1666 ، حين أسس البطريرك اسطفان الدويهي، المدرسة المارونية في حلب.أمّا بالنسبة إلى لبنان، فإن أقدم السجلات، حسب معلوماتنا، تعود إلى بلدة بجّة الجبلية، والتي يعود تاريخها إلى سنة ١٦٨٣، كما يذكر الأستاذ صقر صقر[3].
يمكن اعتبار هذه السجلات، تاريخاً مباشراً للحركة السكانية من ولادات و تثبيت وخطبة وزيجات ووفيات. وبالرغم من الرتابة الشكلية التي تطغى على هذا النمط من السجلات، فإنها تحتوي على الكثير من المعطيات التاريخية.
أولى الناس بحفظ سجلات الرعية، هو الكاهن، المنتخب أو المعيّن شفهياً أو كتابة من قبل السلطة الكنسية. ولعلّ بعض الخلافات كانت تنشأ عن تسليم أوراق الرعيّة ، بين خادمها وآخر منتخب أو مُعّين عليها ، وهذا سبيل إلى إضاعة هذه السجلات في بعض الرعايا . إلا أن ظروفاً أخرى قاهرة، قد أطاحت بهذه السجلات ومنها : الحريق، الإهمال، الرطوبة، المياه ، تصدّع المنازل، العوامل الطبيعية ، جهل ورثة الكاهن قيمتها، وحرص البعض على إزالة ما يراه مزعجاً من ملاحظات.
يدل هذا التدوين على رُقي الناس، وبداية ضبط العلاقات الدينية من جهة، والعلاقات المدنية من جهة أخرى. وجود هذه السجلات المدوّنة هو تعبير عن دخول الموارنة مرحلة حضارية متقدمة.
إن المجمع الذي عقد في دير قنوبين عهد البطريرك سركيس الرزّي 1581 – 1597 في ١٨ ايلول ١٥٩٦، قد أقرّ واحد وعشرين قانوناً، وتحدّث القانون الأول فيه عن سرّ المعمودية، فدعا بأن لا يؤجّل العماد أكثر من عشرة أيام أو اثني عشر يوماً، “وأن يتخذ كاهن الرعية دفتراً يرقم فيه أسماء طالبي العماد وعرّابيهم”[4].
وقد جاء في القانون الرابع عشر ما يلي : “يتحتّم عقد الزيجة بحضرة كاهن الرعية وشهود. وليتخذ كاهن الرعيّة دفتراً يكتب فيه أسماء المتعاقدين والشهود ومكان العقد ويومه”[5].
جاء في الباب الثالث من المجمع اللبناني المنعقد سنة ١٧٣٦ تحت عنوان: في القس وخادم الرعية والبرديوط والخوري، أي كبير الكهنة، والخوري الأسقفي في العدد الخامس ما يلي :
” يجب أن يكون عند كهنة الرعايا تسنيةً لأحكام إدارة الخورنية دفاتر محكمة التجليد يكتبون في أحدها أسماء المعمودين، وفي الثاني أسماء المثبتين، وفي الثالث المخطوبين، وفي الرابع المتزوجين، وفي الخامس أحوال النفوس وعددها، وفي السادس المتوفين في الخورنية برمتها … وأي كاهن رعية لا يحرز من الآن فصاعداً هذه الدفاتر يغرّم غرامة مالية … ونأمر بأن يتّخذ في كل خورنية خزانة يحفظ فيها حفظاً بليغاً كل الدفاتر السابق ذكرها…”[6].
وقد لفتني خلال عملي هذا ، أهمية سجلات الكنائس، في معرفة العلاقات الإجتماعية والجوانب الدينية والمشجرات العائلية وتاريخ الأسماء والوضع التربوي والصحي، وهذا ما نسعى اليه، في دراسة الحرب العالمية الأولى من خلال هذه السجلات.
ثانياً: قرية بلوزا
تقع قرية بلوزا، في قضاء بشري، ترتفع ١٣3٤ متراً عن سطح البحر، تبعد 106 كلم عن العاصمة بيروت، و ٤٦ كلم عن مدينة طرابلس مركز محافظة لبنان الشمالي، و 7 كلم عن بلدة بشري مركز القضاء. بلغ عدد ناخبيها سنة ٢٠١٤ ، ١٦٧١ ناخباً .
من أشهر رجالاتها، البطريرك الماروني جبرائيل البلوزاوي 1704 – 1705 ، أحد مؤسسي الرهبنة الأنطونية[7].
ورد اسم قرية بلوزا، في العام ١٣٤٨، وذلك في مخطوطة إنجيل ربّولا ، حيث جاء فيه كتابة باللغة العربية تفيد بأنه تمّ وقفيّة أرض في قرية بلوزا الی دیر سيدة قنوبين. وفي العام نفسه، تمّ تقديم عصاة بلّورية من القرية عينها إلى دير سيدة قنوبين، وهبها القسّ يوسف وأخوه مبارك . وفي العام عينه، هناك وقفية أرض في بلوزا، وهبها القسّ يوسف وأخوه مبارك لدير سيدة قنوبين[8].
في العام ١٣٦١ ، تبرّع يوحنا بن سركيس من قرية بلوزا ، بكرم إلى جانب النبع العلوي في قرية بلوزا، لدير سيدة قنوبين[9].
يذكر الدكتور عصام خليفة[10] ، بأنه في العام ١٥١٩ ، كان يوجد في القرية 4 خانه (متزوجون)، و 2 مجرّد(غير متزوجين)، وهم من النصارى. اجتماعياً، قليلة هي الدلالات في هذا الاحصاء، على الوضع الاجتماعي أو المهني، وفي بلوزا، في سنة 1519، هناك مثلاً جرجس الراعي[11].
في العالم 1571، بلغ عدد المتزوجين في بلوزا 12 شخصاً ،وهم من المسيحيين. بلغ عدد الذكور في بلوزا، 51 ذكراً حسب احصاء المتصرف داود باشا (1861 – 1868) وسلفه فرنكو باشا (1868-1873)، وذلك في حدود العام 1870. وهذه القرية تتبع ناحية قنات، التي بدورها تتبع قضاء البترون[12].
لم يرد ذكر القرية في كتاب ابراهيم بك الأسود، دليل لبنان، خلال مراجعة قری قضاء البترون[13].
في العام ١٩٠٠، قام الكاهنان بطرس ديب الحويك (حلتا – البترون) والخوري يوسف تاتي صقر (المطران). بزيارة رعائية إلى منطقة الجبّة، بتكليف من البطريرك الياس الحويك. وقد وردت في هذه الزيارة المعلومات التالية عنها:
عدد العائلات 8
1 – عائلة بيت الحصاراتي من بان . ٢ – بيت الشدياق من خريبية (عكار) .
٣- بيت الخوري (مناسا ) من غوسطا. 4 – بيت الطبجي من جورة سرعل.
٥ – بيت القاضي من العاقورة. 6 – بيت يونس من شموت.
7 – بيت حكيك من اليمونة. 8 – بيت الصغير من بلوزا نفسها.
نسمات: 500، حاضر 420، غائب 80، معترف 450، غير معترف 50، مكلّف دفع العشور 180، متزوج 140، أعزب 40. خوري 1 متزوج وخادم رعيّة (الخوري يوسف مناسا).
أولاد قابلون العلم: 50، الداخلون في المدرسة 30، غير داخلين 20، رهبان2[14] .
– دور البطريركية المارونية في مساعدة بلوزا
يمكننا القول، استناداً إلى سجلات الكرسي البطريركي في الديمان، أن قرية بلوزا ، هي المكان الجغرافي الأكثر فقراً في الجبّة بين أعوام ١٩١٢ و ١٩١٨، مثلها مثل جارتها سرعل في قضاء الزاوية – زغرتا، وكلاهما من شركاء الكرسي البطريركي في الديمان .
أمّا شركاء الكرسي الآخرون في وادي قنوبين والديمان، فكانوا يملكون بعض مقومات الحياة. فقنوبين كانت ولا تزال مورداً اقتصادياً هـاماً. أراضيها واسعة ومياهها غزيرة، وسكانها أشدّاء. أما الديمان وإن كانت تشبه إلى حد كبير بلوزا وسرعل من حيث الانتاج ، غير أن وجود المقرّ البطريركي الماروني على أراضيها جعلها قابلة للصمود كونها توأماً مع البطريركية، وفق معادلة إما أن نموت معاً وإما أن نعيش معاً بما تيسّر في الخزائن من فتات، وفي الأرض من محاصيل زراعية محدودة.
وإذا كان البعض فى الشركاء في حالة مادية أفضل بعض الشيء، فإن مصائب كبيرة قد حلّت بهم. ويذكر الوكيل البطريركي اغناطيوس اللحفدي، بأن البدوي بولس الحصاراتي الذي دفع عام ١٩١٤ مبلغ ۸۰ قرشاً “عداد ماعز” قرشين عن كل رأس، لم يدفع أي شيء عام 1916 لأن ماشيته قد نفقت بالكامل بسبب الجوع والمرض، ومثله شقيقه رومانوس الذي دفع ۷۰ قرشاً “عداد ماعز” بحيث أنه يملك قطيعاً من ٣٥ رأساً، لم يدفع عام ١٩١٦ سوى ٩ قروش فقط، ما يعني أنه استطاع أن ينقذ منها خمسة رؤوس فقط [15].
موسم الحرير الذي كان العمود الفقري للحياة، أصبح عموداً يابساً للفقر، وشجرة التوت باتت عموداً من حطب لا حول فيها ولا قوة، ولا حياة في أوراقها والتي كانت الطعام الوحيد للبذر الذي ينتج الشرانق، يصار لاحقاً إلى قطفها، ومن ثم إلى بيعها في معامل انتاج الحرير في بلدة رشعين[16] في منطقة الزاوية .
يبست أشجار التوت، ويبست رؤوس الشركاء في الشمس، والشرانق لا تأكل إلا أوراق التوت الخضراء، ولمّا تعذّر ذلك، أصبح الحرير في خبر كان .
إنها مأساة معيشية حقيقية. لقد تقاطعت كل الظروف السيئة على رؤوس الشركاء الضعفاء. همهم كبير جداً وعيالهم أكبر. الجميع في أزمة وجوديّة، وليس هناك إلاّ خيار وحيد فقط لا غير: تخزين ما تيسر من محاصيل الأرض البخيلة واستهلاكها في أيام الشتاء البارد، في منطقة جبلية. فلا مصانع في منطقة الجبّة، ولا شركات، ولا مصارف، ولا أية منافذ أخرى.
لقد دارت الحياة دورتها مع أولئك البسطاء حراس الأرض القاحلة . وما زاد في الطين بلّة، حالات المرض الكثيرة التي بدأت تضرب الشركاء وعيالهم. وكان القس اغناطيوس اللحفدي الوكيل البطريركي في تلك المرحلة راهباً قديراً. وكان على ءالمام بمجال الطبّ، يجمع الأدوية من أماكن عديدة في جبل لبنان ويجلبها معه إلى الديمان، ويوزّعها مجاناً على المرضى، غير أن حالات مرضية كثيرة كانت تستعصي عليه، فيلجأ إلى استدعاء الأطباء ويشتري الأدوية من صيدلية بشرّي أو غيرها، كل ذلك على نفقة الكرسي البطريركي، لأن الشركاء لا نفقة معهم[17]
قام المرسلان اللبنانيان الأبوان شكرالله مبارك[18] وابراهيم حرفوش[19]، بتوزيع الدراهم على المعوزين في منطقة الجبّة، بتكليف من البطريرك الحويك. فبتاريخ 2 آذار سنة ١٩١٧ ، وصلا إلى بلوزا “قدّسنا وتقدم عدد غفير من منبر التوبة وسرّ القربان. ثم بدا لنا أن نعدل عن اتباع طرق الوادي المقدس لوعورة الطريق . فأممنا بلوزا ونزلنا على الفونس بو زعيتر ووزعنا نحو 5 ليرات ورق و ۳۰ قرشاً حجراً. وصباح السبت انحدرنا إلى قنوبين على أن نعود إلى بلوزا مساء فنقدس للشعب ونعظهم. وهكذا احبط مسعانا هذه المرة أيضاً عن زيارة الصوامع، وأرجأناه لوقت آخر. وفي ٣ منه، زرنا قنوبين وعدنا مساء لبلوزا ، فعّرفنا ووعظنا وقدسنا نهار الأحد فيها”[20]
لقد واكبت البطريركية المارونية هؤلاء الشركاء، من المهد إلى اللحد كما يقال، أنها علاقة عمر بكامله .
يبدأ هذا العمر باحتضان البطريركية للشركاء منذ ولادتهم وتسلمهم الأراضي للعمل والانتاج، ثم تبني لهم المنازل المعروفة بالحارات، تعلّم الأولاد وتؤمّن الأدوية للمرضى، وفي محطة الموت تتولّى نفقات دفن العاجز عن تحمل النفقات .
نشير، استناداً إلى سجلات الشركاء، المحفوظة في مكتبة الوادي المقدس، إلى أن المواد الغذائية من قمح وشعیر وبطاطا و درا بیضا ودرا صفرا والتي بدأت بالظهور عام ۱۹۱۷ ، في صفحات محاسبة الشركاء، هي كناية عن مساعدات قدّمها جمال باشا إلى البطريركية المارونية وسلّمها إياها من تلكلخ وحمص في سوريا، وهي تكفّلت بنقلها إلى الديمان ووزعتها على الشركاء، وسجّلت عليهم كلفة النقل فقط .
وقد تبين لاحقاً، بأن هذه الكلفة لم تدفع وبقيت حبراً على ورق[21].
في سجلات المحاسبة اليومية من ١٩١١ حتى ۱٩٣٢، صفحات سوداء ، لا بياض فيها سوى قلب البطريرك الياس الحويك، الذي ألغى جزءاً كبيراً من ديون الشركاء في العام ١٩٢٠.
انتهت الحرب ولم يتغير شيء، شركاء بلوزا منهكون، حقولهم يابسة وصناديقهم فارغة. كان الدخول إلى الحرب أسهل بكثير من الخروج منها. لكن ماذا يفعلون ؟ لقد قارب من بقي منهم، الموت جوعاً، لكنهم لم يموتوا، إلا أنّ العيش كان يشبه عيش الأموات
إنتشرت الأمراض المعدية خلال الحرب، بخاصة بعد الجوع، وانخفاض المناعة لدى جسم الإنسان. وقد قامت البطريركية المارونية، بدفع مبلغ ٨٨٠ قرشاً “دفعة ثمن أدوية للتطهير وقت وجود وباء التيفوئيد[22]“. وهذا المبلغ كبير جداً، في وقت كانت إجرة العامل نحو ٣ قروش يومياً .
ومن اهتماماتها أيضاً بالشركاء، “دفعة للطبيب منصور شبل لفحص يوسف نصري 80 قرشاً[23] في العام ١٩١٧الذي توفي لاحقاً، بلغ ثمن تابوته 95 قرشاً. کذلك في العام 1918، تمّ دفع مبلغ 15 قرشاً “دفعة اجرة مركوب للطبيب للكشف على مرضى في بلوزا[24] “. و ٤٢ قرشاً “دفعة ءاجرة مكاري للطبيب لبلوزا ووادي قنوبين على مرتين[25] ” .
بسبب الحرب والمجاعة والأمراض، تدهور الوضع الأمني، ما دفع البطريركية، وللحفاظ على أرزاقها، إلى شراء “بارودة لراعي الماعز” وقد بلغ ثمنها ٨٠ قرشاً في العام ١٩١٧.
رغمم انتهاء الحرب، بقي الجوع حاضراً والعوز مستمراً ، مما دفع البطريركية، إلى مساعدة ٨٤ شخصاً من بلوزا، وبتاريخ ۳۱ أيار سنة ۱۹۱۹ ، وذلك بمبلغ ٨٤٠ قرشاً ، سلّمها القس اغناطيوس اللحفدي، الوكيل البطريركي في الديمان، إلى القس يوسف الكفوري ، وکیل دير قنوبین، ليوزعها على فقراء بلوزا المدقعين بمعدل ۱۰ قروش لكل شخص مع ذكر اسمائهم كاملة .
٢- سجل الكنيسة
تعتمد هذه الدراسة على سجل كنيسة بلوزا، وهو مطبوع على الكمبيوتر ومحفوظ في مكتبة الوادي المقدس – الديمان. يحتوي على سجلي العماد والمتوفين فقط. تمّ تقسيم الصفحة في سجل العماد إلى ستة أعمدة حسب الترتيب التالي : العدد المتسلسل، الأسم، اسم الأب، اسم الأم، محل وتاريخ الولادة، الكاهن المعمد. هذا السجل غير مرقّم الصفحات. أول عمادة هي للطفلة مريم سرحان بتاريخ سنة ١٨٥٠ ، دون ذكر الشهر واليوم، على يد الخوري الياس مناسا 1886.
آخر عمادة ذكرت بتاريخ ٧ حزيران سنة ١٩٥٣ للطفل رومانوس جميل سجيع وهبه، قام بها الخوري أنطونيوس فارس الشدياق(+ 1954)، وهي تحمل الرقم ۱۱۸۹ .
من الملاحظات على هذا السجل، وجود ملامح عن الهجرة ، حيث ذكر في العام ١٨٩٧، ولادة الطفل المعمد في ريو دي جنيرو – البرازيل، وأيضاً في العام 1903، عمادة سليم محبوب الخوري في أميركا على يد الخوري الاماركاني [هكذا] وكذلك أخويه فيليب وأمين محبوب الخوري في العام ١٩٠٤. وعمادة طفل في بلوزا ولد في اميركا العام 1904 ،هو كربومين الخوري، على يد الخوري الياس واصاف.
تراوح عمر الطفل المعمّد، حسب السجل موضوع الدراسة، بين 5 أيام للطفلة مريم انطونيوس يوسف في العام ۱۹33 وسنتين وشهرين للطفل سركيس الياس وهبه واصاف في العام 1909. كان على الأهل واجب عمادة أطفالهم في تاريخ معيّن أقصاه إثني عشر يوماً بعد الولادة (نص مجمع سنة 1596 المنعقد برئاسة البطريرك سركيس الرزي تم تعديله ليصبح أربعين يوماً ) .
يبدأ سجل الموتى، تحت الرقم ٥ ، وأول وفاة كانت للمدعو لطوف ناصيف بو عبدالأحد، في ٢٤ كانون الثاني سنة ١٨٥٧ ، على يد الخوري يواكيم مناسا[26]، دفن بقرب كنيسة مار سابا .
تسلسل الأرقام غير محترم ، كذلك التدرج التاريخي في ذكر سنوات الوفاة. آخر وفاة مسجلة تعود إلى وفيق بطرس حصاراتي، الذي توفي بتاريخ 26 نيسان سنة ٢٠٠٣ ، عمره 76 عاماً.
من الملاحظات التي يمكن ذكرها في هذا السجل :
– ورود وفيات خارج القرية، مثلاً في 22 ك2 سنة 1872 توفي ميخائيل يوسف ديب في طرابلس، ودفن بقرب السيدة (الحارة) طرابلس. وفي 15 ك1 سنة 1873، توفي سركيس التقشي، ودفن في الجديدة – عكار. وفي سنة 1874 توفي أسعد نقولا الخوري الياس، ودفن في مقبرة ماري يوحنا طرابلس.
– ملاحظة أخرى مسجلة تحت الرقم ٤٢٢ جاء فيها “في سنة ١٨٩٥ مسيحية، حدث مرض جدري في قرية بلوزا، فوافت المنية وحكم الرب القدير، بانتقال ثلاثة وثلاثون نفر من القرية المذكورة من رجال ونساء وأولاد مدونة أسماؤهم هنا“.
– ابتداء من العام 1898، بدأ ذكر أسماء المتوفين في أميركا، وهذا دليل على الهجرة الى العالم الجديد، حيث توفي اللقيس مخايل الواو في 24 أيار 1898.
أيضاً وفاة كاترين ملحم رومانوس زوجة الياس فارس أنطون، بتاريخ 2 أيلول سنة ١٩٠٥، وذلك في مدينة مرسيليا الفرنسية، وهذه المدينة كانت محطة للمسافرين من جبل لبنان إلى الديار الأميركية. وهذا دليل آخر على بدايات الهجرة .
أ- المعمّدون
سنستعرض في الجدول التالي، أعداد المعمدين بين 1909 و 1923. لنظهر النسبة المئوية لانخفاض عدد المعمدين خلال الحرب، وهكذا نبدأ بخمس سنوات قبل الحرب، وننتهي بخمس سنوات بعدها.
الجدول رقم -1-
أعداد المعمدين في بلوزا (1909-1923)
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
1909 |
8 |
1914 |
8 |
1919 |
6 |
1910 |
8 |
1915 |
8 |
1920 |
11 |
1911 |
6 |
1916 |
13 |
1921 |
6 |
1912 |
10 |
1917 |
2 |
1922 |
6 |
1913 |
6 |
1918 |
صفر |
1923 |
18 |
المجموع |
38 |
المجموع |
31 |
المجموع |
47 |
|
|
|
|
المجموع العام |
116 |
بلغ عدد المعمّدين بين ۱۹۰۹ و ۱۹۱۳، ۳۸ معمداً، وبين 1914 و 1918، 31 معمداً، وبعد انتهاء الحرب ۱۹۱۹ – 1923، 47 معمداً. وهكذا بلغ المجموع العام ١١٦ .
في المرحلة الأولى بلغت نسبة المعمّدين 32,76 بالمئة، وخلال الحرب بلغت النسبة 26,72 بالمئة،
وبعد انتهاء الحرب بلغت النسبة 40,52 بالمئة، وهذا يدلّ على تراجع الولادات، وبالتّالي على عدد السكان خلال الحرب
ب- المتوفون
سنستعرض في الجدول التالي، أعداد المتوفين بين 1909 و 1923 . لنظهر النسبة المئوية لازدياد عدد الموتى خلال الحرب وأعدادهم. وهكذا نبدأ بخمس سنوات قبل الحرب، وننتهي بخمس سنوات بعدها.
الجدول رقم -2-
أعداد المتوفين في بلوزا (1909-1923)
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
1909 |
9 |
1914 |
6 |
1919 |
3 |
1910 |
5 |
1915 |
3 |
1920 |
2 |
1911 |
5 |
1916 |
21 |
1921 |
2 |
1912 |
5 |
1917 |
18 |
1922 |
3 |
1913 |
7 |
1918 |
27 |
1923 |
4 |
المجموع |
31 |
المجموع |
75 |
المجموع |
14 |
|
|
|
|
المجموع العام |
120 |
|
بلغ عدد المتوفين بين ١٩٠٩ و ۱۹۱۳ ، ۳۱ شخصاً، وبين ١٩١٤ و ۱۹۱۸ ، ۷5 متوفياً، وبعد انتهاء الحرب ۱۹۱۹ – ١٩٢٣ ، 14 شخصاً. والمجموع العام خلال ١٥ سنة هو ٢٠ شخصاً.
في المرحلة الأولى، بلغت نسبة المتوفّين 25,83 بالمئة ، وخلال الحرب بلغت النسبة ٦٢,٥٠ بالمئة.
وبعد انتهاء الحرب بلغت النسبة ١١,٦٧ بالمئة ، وهذا يدل بصورة واضحة على مآسي الحرب و تأثيرها على عدد سكان القرية.
الجدول رقم 3
عدد موتى بلوزا في العام 1916 حسب الأشهر
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
كانون الثاني |
1 |
أيار |
2 |
أيلول |
3 |
شباط |
– |
حزيران |
4 |
تشرين الأول |
– |
آذار |
3 |
تموز |
3 |
تشرين الثاني |
1 |
نيسان |
3 |
آب |
1 |
كانون الأول |
– |
لقد بلغ العدد الإجمالي، 21 شخصاً، والعدد الأكبر كان في حزيران حيث سجلت وفاة 4 أشخاص، بينما غابت الوفيات عن أشهر شباط وتشرين الأول وكانون الأول، دون تحديد سبب الوفاة.
الجدول رقم 4
عدد موتى بلوزا في العام 1917 حسب الأشهر
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
كانون الثاني |
2 |
أيار |
4 |
أيلول |
– |
شباط |
1 |
حزيران |
5 |
تشرين الأول |
– |
آذار |
2 |
تموز |
1 |
تشرين الثاني |
– |
نيسان |
2 |
آب |
1 |
كانون الأول |
– |
بلغ العدد الإجمالي ، ١٨ شخصاً ، والعدد الأكبر كان في شهر حزيران ، حيث سجلت وفاة ٥ أشخاص، بينما غابت الوفيات عن أشهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول.لم تذكر سبب الوفاة إلا مرة واحدة، حيث توفيت امرأة من شدة البرد في ١٥ شباط سنة ١٩١٧، هي أرملة يعقوب دیب بلوزا ، ودفنت بمار سمعان أيطو. وقد توفيت أختان خلال شهر نیسان ۱۹۱۷ ، الأولى رشيدة يوسف الياس الخوري في الثامن منه، ومریم يوسف الياس الخوري في الثالث عشر منه، دون ذكر سبب الوفاة .
الجدول رقم 5
عدد موتى بلوزا في العام 1918 حسب الأشهر
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
كانون الثاني |
– |
أيار |
– |
أيلول |
– |
شباط |
– |
حزيران |
18 |
تشرين الأول |
1 |
آذار |
– |
تموز |
7 |
تشرين الثاني |
– |
نيسان |
– |
آب |
– |
كانون الأول |
1 |
لقد بلغ العدد الإجمالي ، 27 شخصاً ، والعدد الأكبر كان في شهر حزيران ، حيث سجلت وفاة 18 أشخاص، وغابت الوفيات عن أشهر كانون الثاني وشباط وآذار ونيسان وآيار وآب وأيلول وتشرين الثاني. إن هذا العدد من الوفيات في شهر واحدٍ، ربما يعود الى انتشار الأوبئة والأمراض، بخاصة في فصل الصيف.
في العام 1932، قام المونسنيور اغناطيوس كيروز، بزيارة رعائية الى منطقة الجبة، مكلفاً من البطريرك أنطون عريضة، وهذا ما جاء فيها عن بلوزا:
” لا مساحة خاصة بها”. مساحتها تحصى مع الديمان وقنوبين. عدد الحاضرين: الذكور 211، الإناث 222، المجموع 433. عدد الغائبين: الذكور 300، الإناث 296، المجموع 596. المجموع العام 1029 [27]
إن اجراء مقارنة بين عدد سكان بلوزا الحاضرين في العام ١٩٠٠ ، والذي بلغ ٤٢٠ شخصاً ، و العدد الوارد في العام۱۹۳۲، والبالغ 433 شخصاً، يعطينا الاستنتاج التالي :
على مدى ٣٢ عاماً إرتفع العدد بنسبة 3,1%، وهذا رقم متدنٍ جداً بالنسبة للديموغرافيا السكانية .
أما بالنسبة للغائبين، فقد ارتفع العدد من ٨٠ شخصا سنة 1900، إلى٥٩٦ في العام 1932 ، والنسبة هي ٦٤٥ % وهي نسبة مرتفعة جداً.
بالنسبة للعدد الإجمالي للسكان ، الذي ارتفع من ٥٠٠ شخص إلى ١٠٢٩ ، فقد بلغت النسبة 105,8 ٪ .
ثالثاً : الديمان
تقع قرية الديمان، في قضاء بشري، ترتفع ١٤٠٠ متر عن سطح البحر، تبعد ١٠٠ كلم عن العاصمة بيروت، و ٣٩ کلم عن مدينة طرابلس، مركز محافظة الشمال، و ١٠ كلم عن بلدة بشري مركز القضاء. بلغ عدد ناخبيها سنة ٢٠١٤ ، ١٣٠٢ ناخباً .
لم يرد ذكرها، في كتاب قسطنطين بتكوفيتش[28] ،
بالعودة إلى كتاب دليل لبنان، ورد، ضمن مديرية حصرون، هذه العبارة: “بريسات والديمان لا شيخ ولا مختار لهما[29] ” دون ذکر عدد السكان أو معلومات أخرى .
تتألف جغرافية الديمان الطبيعية من ثلاثة أحياء. كفرصارون من الشرق، و بريسات من الغرب، والديمان من الوسط. يذكر البطريرك الدويهي، أنه في سنة ١٢٨٣ ، سارت العساكر الاسلامية الى فتح جبّة بشري “ثم انتقلوا إلى بقوفا، وفتحوها في شهر تموز، و قبضوا على أكابرها أحرقوهم بالبيوت، و نهبوا، وسبوا، ودكّوها إلى الأرض ، وبعدما ضربوا بالسيف أهالي حصرون وكفرسارون في الكنيسة، توجهوا في الأثنين وعشرين من شهر آب الى الحدث”[30] .
ورد في مخطوطة إنجيل ربولا، أنه في العام ١٤٦٨ ، هناك هبة شجرة جوز في قريتا بريسات وبجديت، الى دير سيدة قنوبين[31] وورد في المخطوطة عنها، أنه في العام 1499 تبرّع الشدياق وهبه إلى الشدياق بطرس، بزيتون في الديمان في جبّة بشري حردين، الى دير سيدة قنوبين[32].
يذكر الدكتور خليفة، بأنه في العام ١٥١٩ ، كان يوجد في كفرصارون 7 متزوجين ( خانه ) واعزب (مجرد) واحد، وهم من النصارى، بینما كان يسكن في إبريسات، رجل متزوج واحد من النصارى[33].
في العام ١٥٧١ ، لم تكن إبريسات مأهولة ، بينما ارتفع عدد المتزوجين إلى ١٨ شخصاً. وهم من النصارى في كفرصارون.
ورد عند البطريرك الدويهي ، انه في العام 1668، قدم من فرنسا، أربعة شبّان ، قصدوا السكن في محابس جبل لبنان “فاختار البعض منهم السكن في دير ماري آسيا بأرض قرية كفرصارون، والبعض دير مار أبون بأرض الحدث”[34] .
تشكّلت قرية الديمان في بدايات القرن التاسع عشر، وكانت تكتب أحياناً “بديمان” . كان الوكيل البطريركي، يتولى مهمّة المختار في قرى الشركاء، مثلاً الأب اغناطيوس مطر اللحفدي ۱۸۷۸ – ١٩٥٠ ، الذي عايش البطريركين الحويك وعريضة ، يعتبر أول المخاتير في الديمان. تبعه في هذه المهمة الخوري يوحنا غصن سنة ١٩٢٨ ، وتبعه قيصر صالح من الديمان، الذي بقى في منصبه حتى العام 1963 ليخلفه قبريانوس موسى[35].
من مشاهير الديمان ، جورج أنطونيوس سعید عرب 1920-2007، عيّن قنصلاً فخرياً في مقاطعة نوفاسكوشيا الكندية سنة ١٩٧٠ . آدوارد فرنسیس عرب 1915-1944 محامٍ، أسس وترأس الجمعية اللبنانية الكندية سنة 1938 ، انخرط في الجيش الكندي أصيب في معركة وقعت على الحدود بين هولندا وبلجيكا، توفي في ٢٥ تشرين الأول سنة 1944، دفن في بلجيكا، له شارع باسمه في هاليفكس – كندا.
الضابط جميل الهندي، 1920-1943، انخرط في الجيش الأميركي 1942، توفي في حادث سير ليلة 14 تشرين الثاني سنة 1943.
ولمع في كندا كل من وزيرة الهجرة لينا متلج في الفدرالية، ووزيرة الإتصالات باتريسيا عرب في مقاطعة نوفاسكوشيا[36].
في العام ١٩٠٠ ، قام الكاهنان بطرس ديب الحويك (حلتا – البترون) (كاهناً 1872 – ۱۹۱۷)، والخوري يوسف تاتي صقر (أسقفاً ١٩١١ – ۱۹۱۷ ) بزيارة رعائية إلى منطقة الجبّة[37]، بتكليف من البطريرك الياس الحويك، وقد جاء في هذه الزيارة المعلومات التالية :
عدد العائلات 7:
1 – بيت صالح من وطى الجوز. ٢- بيت غضن من كفرتيه.3- بيت رميا من معاد . ٤ – بيت عرب من العاقورة . 5 – بيت متلج من العاقورة . ٦- بيت حرب من العاقورة .7- بيت دعبول وبيت فضول من بزعون.
عدد النسمات : ٥٣٠ ، حاضر ٤٥٨ ، غائب ٧٢ ، معترف ۳۰۰ ، غير معترف ۱۳۰ ، مکلّف يدفع العشور ١٨٠ ، متزوج ٨٠ ، أعزب ١٠٠ ، كهنة عدد 1، راهب عدد 3 ، أولاد قابلون العلم : ٦٠
داخلين، ٣٠ ، غير داخلين ٣٠ .
انتاجية الأراضي في الديمان، كانت أفضل من بلوزا ومن سرعل، والشركاء ينتظرون ويصبرون، على أيام الشتاء ببردها وثلجها وقهرها، ينتظرون اطلالة الربيع عساه يطلّ وهم لا يزالون على قيد الحياة . ففي الربيع ينبت العشب الأليف والبري لا فرق، وتبدأ المزروعات الهزيلة الماحلة بالوعود. إنه زمن المأساة الكبيرة زمن الجوع المميت، فالعيال كبيرة والأولاد لا يتقنون الصبر. في العام ١٩١٥ ، قامت البطريركية المارونية، بشطب ضريبة ربع المجيدي، التي كانت تفرض لشق الطرقات وصيانتها، كما جرى التسامح بالمتوجبات المتعلقة بتعليم الأولاد . وذلك تحسساً بالأوضاع الاقتصادية المتردية .
إهتمت البطريركية بصحة شركائها ، ففي العام ١٩١٧، تمّ دفع “ثمن أدوية من فرمشية بشري بموجب قيد بدفتر بيد سعيد حنا ضاهر ٢٤٢ قرش”[38]
وعن الوضع الاقتصادي المتدهور، ورد في سجلات الشركاء ، خلال شهر نيسان ١٩١٧ هذه العبارة “انهارت اجرة الفاعل هذا العام من ٦ قروش إلى ما دون الأربعة”[39].
يورد كتاب الديمان في الحرب العالمية الأولى، اسماء العديد من الأشخاص الذين تلقوا مساعدات أسبوعية من الكرسي البطريركي، وآخرون استفادوا شهرياً، والبعض تلقى مساعدات في الصيف والشتاء، ففي العام ۱۹۱۸ ، وجه الجائعون یوسف فاضل وسلیم أبي سليم وأنطون حبیب وحنا بولس وباخوس ، رسالة مؤثرة الى البطريرك الحويك جاء فيها ” لأننا صرنا بخطر الموت من الجوع … فعلى القليلي، اسمحوا لنا أن نخدمكم بالمونة لكي تخلصونا من الموت جوعاً “[40] .
من ضحايا المجاعة، أشخاص من خارج منطقة الجبّة، أتوا يبحثون عن فتات الطعام في المنطقة ، بعضهم عثر على مبتغاه، والآخرون انتقلوا على رجاء القيامة.
دفن الخوري يوحنا غصن (١٨٧٢ – ١٩٦٣) ، خادم رعية الديمان خلال الحرب وبعدها حتى وفاته ، وفق رواية المعمّرين، الذين كانوا يموتون جوعاً وهم متجهون الى الكرسي البطريركي في الديمان، لينالوا قوتاً، وكان يلفّهم بكفن من قماش، وينقلهم إلى كنيسة مار اسطفان أو كنيسة مار يوحنا، كونهم يسلكون طريق ناحية حدث الجبّة باتجاه الديمان. وكانت غالبيتهم من بلاد البترون وجبيل وكسروان . عظامهم لا تزال شاهدة[41] .
١- سجل الكنيسة
تعتمد هذه الدراسة على سجل كنيسة الديمان،(28سمx 20سم) سماكته 2سم، وهو مطبوع على الكمبيوتر ومحفوظ في مكتبة الوادي المقدس- الديمان، يحتوي على المعمدين والمثبتين والمخطوبين والمتزوجين والمتوفين.
يبدأ سجل العماد في 5 تموز سنة ١٨٤٧، وينتهي في ٣٠ تشرين الأول سنة ١٩٢٩، ويمتد على ٩٠ صفحة .
ننتقل إلى القسم الثاني، وهو التثبيت، يبدأ مع المطران يوسف المريض في 8 تشرين الأول سنة ١٨٦٥، وينتهي في 10 تشرين الأول سنة ١٩٦١ ، على يد المطران ( البطريرك) نصرالله صفير. وهو يمتد على ٣٥ صفحة .
القسم الثالث، هو قسم المخطوبين، تاريخه ١٦ أيار سنة 1845، وينتهي في ٦ آب سنة ١٩٢١، وقد بلغ العدد ٢٥ خطبة .ليس هناك أرقام وصفحات لهذا القسم.
رابعاً نصل إلى سجل الزواج الذي يبدأ في تشرين الأول سنة ١٨٤٦ ،وينتهي في ٢١ آب سنة ١٩٣٤ .
وأخيراً ،سجل الوفيات، الذي بدايته في ١٤ آب سنة ١٨٤٨، ونهايته في ١٠ كانون الثاني سنة 1962 مع أسعد يوسف بوسلیم غصن.
من الملاحظات على هذا السجل،
بالنسبة للقسم المخصص للعماد، نورد هذه النقاط :
1-تراوحت الحقبة الزمنية بين الولادة وتاريخ العماد، بين يومين (مورا جرجس يوسف فرنسيس) في العام ١٩١١، وسنة وشهرين (حنة الياس حنا الياس) في العام ١٩٠٩ ، وصولاً إلى ٣ سنين و ٣ أشهر ونصف
(حنا يوسف فضول ) في العام ١٩١٠ ، وانتهاءّ الى 9 سنوات لـ بولس بطرس مدلج ) ١٤ تشرين الأول 1907.
2-أحياناً، مع الولادة ، تكون حالة المولود الصحية غير سليمة، ما دفع الخوري يوسف الصوراتي، إلى تعميد طفلة لأجل الضرورة بتاریخ ۱۷ تموز سنة ٠١٨٧٧
3- تقوم الداية (القابلة القانونية اليوم) ، بتعميد الطفل في حالة المرض الشديد عند ولادته ، وهذا وارد في السجل موضوع الدراسة بتاريخ 15 تشرين الثاني 1885، كتب القس بطرس عجلتوني خادم الديمان “عمدت مخایل طنوس غصن من كفرصارون الذي كانت عمدته حرمة عبد الله غصن حين ولادته”،وذلك استناداً إلى المجمع اللبناني المنعقد سنة 1736 حيث سمح للقابلة بأن تقوم بخدمة سرّ المعمودية في حال الضرورة، وذلك “بعد ابرازها شهادة بصلاح سیرتها، ووقوف كاهن الرعية على حسن خبرتها … واجازته لها بذلك 000 [42] “.
٤- بتاريخ 2 آذار سنة ١٩٠٦ ، قام القس بطرس العجلتوني، بتعميد دومینا طنوس بطرس فضول، بعد مولدها بيومين لأجل الضرورة، بالماء المبارك، ثم كملت لها الرتبة.
5- التسلسل الرقمي والتاريخي للعمادات، غير محترم أحياناً.
6- بتاریخ ۳۱ آب سنة ١٩٢٢ ، قام المطران عبد الله خوري ، النائب البطريركي ، بعمادة “جورج وأخاه حنا ولدّي أرتود بلدوين الانكليزي الذي تزوج بنت حبيب لابا من حصرون”[43] .
بالعودة إلى سجل المخطوبين، فهو بدون أرقام وغير مصفّح، بلغ العدد 25 خطبة. ينتقل مباشرة من ٤ شباط سنة ١٨٩٩ الى خطبة واحدة في 6 آب سنة ١٩٢١ .
أما سجل الزواج فهو مرقّم الصفحات، وهو لا يحترم التاريخ التدرجي في بعض الأحيان.
1- بتاریخ ۱۸ تموز سنة 1922، حصل زواج بين يوسف سعيد جرجس رزق من جزّين وابنة خاله هولا يوسف عساف القطار من قرية الميدان الجزينية. وقد رأينا سابقاً أن سجل الزواج يحوي أسماء من الجوار الجغرافي للديمان .
2- في العام ١٩٢٣ ، حصل زواج لرجل من حصرون، مقيم في مصر، وهذا يدلّ على الهجرة الحصرونية إلى مصر .
ننتقل أخيراً إلى سجل الوفيات .
1- هذا السجل غير مرقم الصفحات، وأسماء المتوفين غير مرقمة.
2- يتمّ ذكر عمر المتوفي إذا كان صغير السن فقط، دون ذكر سبب الوفاة، بتاريخ ٢٠ آذار سنة ١٨٥٧ ، توفيت مريم سليمان بزعوني، وهي طفلة، كذلك في 21 أيار سنة 1857، توفي ابن سليمان بيوس، هو وشقيقه توم، وكان طفلاً.
٣ – في العام ١٨٥٩ ، ذكر وفاة طفل له من العمر سنتين وآخر سبع سنوات.
٤- بتاریخ 29 حزيران سنة ١٨٦٨ ، توفي القس اغناطيوس مسعد الأنطونياني ، ودفن بأمر البطريرك بولس مسعد، في مقبرة القديسة مارينا.
5- ورد ذكر وفاة المطران يوسف مسعد، النائب البطريركي، في ٢٩ آب سنة ١٨٨٩ ، الساعة عشرة مع الفجر. كذلك سجل وفاة المطران بطرس مسعد، النائب البطريركي ، في غرّة ٢٢ تموز سنة ١٨٨٠، ودفن في دير سيدة قنوبين الكرسي البطريركي .
٦ – بتاریخ 15 آب سنة ١٩٠٤، توفي في أميركا، جبرايل يوحنا صالح وحرمته ، وهذا دليل آخر على فتح باب الهجرة الديمانية إلى الخارج، ووفاة بعض المهاجرين بعد مدة .
أ- المعمّدون
الجدول رقم 6
أعداد المعمدين في الديمان 1909-1923
سجل الكنيسة ص 64-83
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
1909 |
15 |
1914 |
12 |
1919 |
8 |
1910 |
18 |
1915 |
19 |
1920 |
19 |
1911 |
18 |
1916 |
10 |
1921 |
13 |
1912 |
13 |
1917 |
5 |
1922 |
23 |
1913 |
14 |
1918 |
11 |
1923 |
13 |
المجموع |
78 |
المجموع |
57 |
المجموع |
76 |
بلغ عدد المعمدين بين ۱۹۰۹ و ۱۹۱۳ ، ۷۸ معمداً ، وبين ١٩١٤ و ۱۹۱۸، 57 معمداً، وبعد انتهاء الحرب ۱۹۱۹ – ١٩٢٣ ، 47 معمداً .وهكذا بلغ المجموع العام ٢١١ .
في المرحلة الأولى ، بلغت نسبة المعمّدين ٣٦,٩٧ بالمئة، وخلال الحرب تدنت النسبة إلى 27,01 بالمئة،
وبعد انتهاء الحرب بلغت النسبة 36,02 بالمئة، وهذا يدلّ على تراجع أعداد المعمدين، وبالتالي عدد السكان، بسبب الحرب.
ب – المتزوجون
الجدول رقم 7
أعداد المتزوجين في الديمان 1909 – 1923
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
1909 |
5 |
1914 |
2 |
1919 |
1 |
1910 |
4 |
1915 |
3 |
1920 |
5 |
1911 |
– |
1916 |
2 |
1921 |
4 |
1912 |
3 |
1917 |
5 |
1922 |
3 |
1913 |
6 |
1918 |
2 |
1923 |
– |
المجموع |
18 |
المجموع |
14 |
المجموع |
13 |
بلغ عدد المتزوجين من أبناء الديمان بين ۱۹۰۹ و ۱۹۱۳، ۱۸ متزوجاً، وبين ١٩١٤ و ١٩١٨، ١٤ متزوجاً، وبعد انتهاء الحرب،۱۳ متزوجاً . وهكذا بلغ المجموع العام ٤٥ .
في المرحلة الأولى بلغت نسبة المتزوجين 40 بالمئة، وخلال الحرب تدنت الى 31,11 بالمئة،
وبعد انتهاء الحرب وصلت الى 28,89 بالمئة.
كانت البطريركية المارونية في الديمان ، مقصداً لرعايا النيابات البطريركية في بلاد جبيل والبترون والجبّة وزغرتا، وهكذا، توجّه طالبو الزواج إلى الديمان، حيث الحصول على الأوراق المطلوبة للزواج متوفر.
بلغ عدد المتزوجين من خارج الديمان ، واستناداً إلى سجل كنيستها ١٦٣ متزوجاً، توزعوا على الشكل التالي: بين ١٩٠٩ و ١٩١٣ ، بلغ العدد ٧٩، وخلال الحرب إنخفض العدد الى 33 ، ليرتفع بعد الحرب إلى 51 متزوجاً .
1- نسبة المتزوجين بين (١٩٠٩-1913) 48,47 بالمئة،2 – نسبة المتزوجين بين (1914-1918) 20,25 بالمئة،3 – نسبة المتزوجين بين (1919-1923) 31,29 بالمئة.
ج – المتوفون
الجدول رقم 8
أعداد المتوفين في الديمان 1909 – 1923
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
1909 |
5 |
1914 |
4 |
1919 |
3 |
1910 |
5 |
1915 |
4 |
1920 |
– |
1911 |
3 |
1916 |
12 |
1921 |
– |
1912 |
4 |
1917 |
12 |
1922 |
2 |
1913 |
2 |
1918 |
24 |
1923 |
2 |
المجموع |
19 |
المجموع |
56 |
المجموع |
7 |
لقد بلغ المجموع العام للوفيات استناداً إلى سجل كنيستها خلال ١٥ سنة، ٨٢ شخصاً.
في المرحلة الأولى بلغت نسبة المتوفّين 23,17 بالمئة، وخلال الحرب ارتفعت النسبة الى 68,29 بالمئة،
وبعد انتهاء الحرب بلغت النسبة 8,54 بالمئة.
وهذا يظهر بصورة واضحة الضرر الكبير الذي لحق بقرية الديمان.
الجدول رقم 9
عدد موتى الديمان في العام 1916 حسب الأشهر
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
كانون الثاني |
– |
أيار |
– |
أيلول |
– |
شباط |
3 |
حزيران |
– |
تشرين الأول |
1 |
آذار |
2 |
تموز |
1 |
تشرين الثاني |
1 |
نيسان |
1 |
آب |
3 |
كانون الأول |
– |
بلغ العدد الإجمالي للوفيات 12 شخصاً، والعدد الأكبر كان في شهري شباط وآب، حيث سجل وفاة ثلاثة أشخاص.
الجدول رقم ١٠
عدد موتى الديمان في العام ۱۹۱۷ حسب الأشهر
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
كانون الثاني |
– |
أيار |
1 |
أيلول |
– |
شباط |
– |
حزيران |
2 |
تشرين الأول |
1 |
آذار |
2 |
تموز |
– |
تشرين الثاني |
– |
نيسان |
2 |
آب |
3 |
كانون الأول |
1 |
بلغ العدد الإجمالي للوفيات 12 شخصاً، العدد الأكبر كان في شهر آب حيث سجل وفاة ثلاثة أشخاص.
في المنتقلين لرحمته تعالى المطران يوسف صقر في ٢٠ نيسان سنة ١٩١٧، الذي توفي بمرض التيفوس، ولم يذكر سبب وفاته في السجل.
الجدول رقم 11
عدد موتى الديمان في العام 1918 حسب الأشهر
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
كانون الثاني |
3 |
أيار |
5 |
أيلول |
2 |
شباط |
2 |
حزيران |
5 |
تشرين الأول |
– |
آذار |
1 |
تموز |
3 |
تشرين الثاني |
1 |
نيسان |
1 |
آب |
1 |
كانون الأول |
– |
بلغ العدد الاجمالي للوفيات ٢٤ شخصاً، والعدد الأكبر كان في شهر أيار، حيث سجلت وفاة خمسة أشخاص، بينهم ٣ اشخاص في يومٍ واحد هو 30 أيار، هم أرملة جرجس أبو ابراهيم وكنتها وردة وابنة لها. كذلك الحال في شهر حزيران، حيث بلغ عدد الوفيات خمسة أشخاص، بينهم ثلاثة في 25 حزيران 1918 هم: ظريفة زوجة خليل ابو ابراهيم صالح وموسى يوسف مدلج وبنت نوهرا الجرموش. نشير إلى وفاة طنوس فرنسيس من قرية كفرزينا في 24 كانون الثاني 1918.
في العام ١٩٣٢، قام المونسنيور اغناطيوس كيروز، بزيارة رعائية الى منطقة الجبة، بتكليف من البطريرك أنطون عريضة، وهذا ما جاء فيها عن الديمان[44]:
” مساحتها وايراداتها الحبوب على أنواعها، بالاضافة إلى تربية دود القزّ.
عدد أهالي الديمان وبريسات :
عدد الحاضرين: الذكور 328، الإناث ٣٤٥ ، المجموع ٦٧٣. عدد الغائبين : الذكور ١٦٠ ، الإناث ١٨٦ ، المجموع 346.المجموع العام ١٠١٩ . بالنسبة إلى بريسات وحدها عدد الحاضرين ٣٥، وعدد الغائبين 50 . المجموع العام للديمان ٩٣٤ و بريسات ٨٥ شخصاً.
إن اجراء مقارنة بين عدد سكان الديمان الحاضرين في العام ١٩٠٠، والبالغ ٤٥٨ شخصاً ، والعدد الوارد في العام 1932، وهو 673 ، يعطينا الاستنتاج التالي:
علی مدی ٣٢ عاماً، ارتفع العدد بنسبة ٤٧٪ .
أما بالنسبة للغائبين، فقد ارتفع العدد من ٧٢ في العام 1900، إلى 3٤٦ غائباً في العام 1932 ، وقد بلغت النسبة 380,55% ، وهذا الرقم مرتفع عن المعدل الطبيعي للولادات .
بالنسبة للعدد الإجمالي للسكان، الذي ارتفع من ٥٣٠ الى۱۰۱۹ ، فقد بلغت النسبة 92,26% .
رابعاً : وادي قنوبين
نظن أن منطقة الجبّة، ومن ضمنها الوادي المقدّس، كانت مأهولة في العهد الروماني، والاشارة إلى ذلك وجود برج مراقبة للوادي في بلدة حدشيت وتمثال روماني قرب كنيستها، وايضاً وجود نواويس رومانية الشكل فيها . في العهد الروماني ثبّت المسيحيون أرجلهم في الوادي استناداً إلى عدّة دلائل :
الدليل الأول: اختار المسيحيون السمكة رمزاً لهم، منذ القرن الأول الميلادي حتى أيام الامبراطور قسطنطين، حيث تحوّل الرمز الى صليب، وبحسب عالم الآثار Charles Miller حفرت سمكة على أحد صخور الوادي ترتقي إلى بداية المسيحية.
الدليل الثاني: مخطوط عائد للكنيسة السريانية الأرثوذكسية (المعروفة باليعاقبة ) في المكتبة البريطانية رقمه 14542 كتبه يعقوب، ربما من آمد (حالياً مدينة ديار بكر في شرق ترکیا ) في دير فعنور (شمالي سوريا) سنة 820 لليونان، أي ٥٠٩ للميلاد، حيث يذكر “ليكن ذكرٌ للاونطي ( الذي هو ) من حدث في جبل لبنان الذي بين يديه حصل هذا العمل، ودعت الحاجة، وكتب هذا الكتاب. ليكن ذكرٌ لمار حلفاي الحبيس في جبل لبنان …”
الدليل الثالث: تقليد الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، يذكر أن الأمبراطور تاودوسیوس الأول ( 3۷۹ – ٣٩٥)، بنى أول كنيسة في جبل لبنان، وهي كنيسة سيدة قنوبين في القرن الرابع . أما بحسب تقليد الكنيسة المارونية ، فلقد أسس دير قنوبين ، تاودوسيوس الكبادوكي في القرن السادس الميلادي[45] .
كان يساعد البطريرك في ادارة دير قنوبين قبل استقراره فيه قسس، واحیاناً خوارنة، عرف منهم الخوري مخائيل الحدثي الذي كان مترئساً على دير قنوبين في العام ١٣٠٢ م وركّب الدرابزين داخل الكنيسة وفوق منه منبر[46].
كان هناك عمران كنسي في الوادي المقدس، قبل وصول البطريرك يوحنا الجاجي في العام ١٤٤٠ .عدد كبير من مغاور قاديشا ووادي حولات وملاجئها الطبيعية تحوّل إلى مناسك وأديرة ومعابد منها :
1- مقام القديسة شمونة في حدشيت من مطلع القرن الحادي عشر أو الثالث عشر.
2- دير الصليب في حدشيت من القرن الثاني عشر.
3- سيدة الدرّ في حدشيت من القرن الحادي عشر أو الثاني عشر.
4- مار آبون مذكور في سنة 1163.
تشاء الصدف أن قنوبين قبل وصول البطريرك الجاجي اليها، وبعده حتى القرن السادس عشر، وأبعد من ذلك، كانت تنعم بوقفيات شتى تسمح للبطريركية المارونية بالحياة والاستمرار. هذه الوقفيات نجد نماذج عنها على صفحات انجيل يدعى ربولا، لم يؤلفه الموارنة و لكنه كان بحوزتهم[47].
كل نصوص هذه الوقفيات المارونية المملوكية تنشير إلى أمور هي :
– تأكيد وجود الموارنة في قرى يأهلونها في المناطق المحيطة بطرابلس.
– أهمية دير قنوبين قبل انتقال البطريركية المارونية إليه وبعدها.
هذه الأهمية هي التي دفعت، لربما، البطريرك الجاجي لاخـتيار قنوبين لسكناه . ومن هنا، نكتشف أن الدافع الاقتصادي المادي الذي يحرّك التاريخ، هو الذي حرّك البطريرك الماروني للنزوح إلى قنوبين حيث تأـمنت له الكفاية المعيشية و الحماية السلطوية والمناعة الجغرافية التي تفرضها الطبيعة[48] .
في العام ١٩٠٠ ، ورد في الزيارة الرعائية لمنطقة الجبّة، المعلومات التالية عن قنوبين وتوابعها:
“عائلات : 5، بيت ۸۰ ، نسمات 350، حاضر 330 ، غائب ٢٠ ، معترف ٢٥٠ ، غير معترف ١٠٠ ، مكلّف 150، متزوج ١٠٠، أعزب ٥٠، أولاد قابلون العلم ٤٠، لا يوجد مدرسة لعلم الأولاد، خوري 1[49].
تعتبر قرية وادي قنوبين، الأكثر انتاجاً في قرى شركاء البطريركية المارونية. مياهها غزيرة وأراضيها خصبة وسكانها أشدّاء أقوياء. وأرقام سجلات الشركاء تظهر على أن قنوبين هي الأولى من حيث الانتاج، تليها الديمان، ومن ثمّ وبانخفاضٍ كبير، بلوزا وبعدها سرعل.
في الماضي، كانت وادي قنوبين تضج بالحياة ، وكانت هي القلب النابض لدورة قاديشا طرقاتها مفتوحة على الديمان والحدث وبلوزا وحدشيت وحصرون وبشري ومار ليشع وعلى مشارف قضاء زغرتا ۔ الزاوية.
والآن أصبحت وادي قنوبين شبه مقفرة من ناسها.
بسبب الحرب المدمّرة، تظهر لنا صورة سركيس رومانوس بو جريج، الذي نفقت ( ماتت ) ماشيته بالكامل عام ١٩١٥ ، والبالغة ٣٦ رأس ماعز، ومثله شربل مخایل بو ساسين، الذي كان يملك 30 رأساً، ونفقت أيضاً بسبب الجوع والمرض، وكذلك صورة جرجس ملحم عازار وابنه كرم وقد أصابهما المرض الشديد، واستدعاء الطبيب لمعالجتهما مرّات عديدة عام۱۹۱۷ . كلّها صور ماثلة في ذاكرة قنوبين، وهي على سبيل المثال فقط، لا الحصر، لأن حالات مأساوية كثيرة، مرّت على سكان الوادي خلال الحرب الكونية الأولى[50] .
في العام ١٩١٤،جرى محاسبة الطبيب جرجي جريج، ثمن أدوية بموجب لائحة بيده استجرار.[51] وقد بلغ الثمن ٨٤ قرشاً . شملت مساعدات البطريرك الحويك التي قدّمها شتاءً، وهو في بكركي، عدداً من فقراء وادي قنوبين، الذين اعتادوا على مساعدته لهم صيفاً .وهذه اسماؤهم :
۱۹۱۸ : قبلان ملحم عازار، قبلان ملحم عازار ( للمرة الثانية)، يوسف قبلان، حنا بو جیب، فرح قبلان عازار[52] .
في العام ١٩١٧، قام البطريرك الحويك بتوزيع الحنطة على الشركاء، وقد نالت الوادي ٦٩٧ رطلاً خلال أشهر تموز وآب وأيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول، وكانون الثاني وشباط. وكذلك نالت بلوزا ٤٠٠ رطل[53].
بالعودة إلى دفتر حسابات دير قنوبين في العام ١٩١٧، عن يد كاتبه القس يوسف الكفوري، أن مدخول الدير من القمح، خلال شهري حزيران وتموز بلغ ٢٩٥ رطلاً ومن الوادي ٢٥٠ رطلاً ومن بلوزا ٨٨٠ رطلاً .
في المقابل قام دير قنوبين بتوزيع ١٦٩٧ رطلاً على شركاء الوادي و 400 رطل على شركاء بلوزا[54] .
في العام 1917 ، قامت البطريركية بتوزيع الحنطة علی كهنة الجبّة، وقد نال خوري وادي قنوبين يوسف عبدو، 5 أرطال و 10 واق، ودفع اجرة نقل ١٣ قرشاً، ومثله خوري الديمان يوحنا وأيضاً الخوري أنطونيوس الشدياق من بلوزا، والذي كانت حصته 5 أرطال من الحنطة و 9 واق[55].
1 – سجل كنيسة الوادي
أ – المعمّدون
الجدول رقم 12
العماد في وادي قنوبين (1909-1923) ص 44-58
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
1909 |
14 |
1914 |
9 |
1919 |
5 |
1910 |
11 |
1915 |
17 |
1920 |
9 |
1911 |
9 |
1916 |
4 |
1921 |
12 |
1912 |
6 |
1917 |
3 |
1922 |
16 |
1913 |
14 |
1918 |
3 |
1923 |
8 |
المجموع |
54 |
المجموع |
36 |
المجموع |
50 |
المجموع العام للمعمدين ١٤٠ .
نسبة المعمدين بين ۱۹۰۹ – ١٩١٣ الى المجموع العام 38,57%، نسبة المعمدين بين ۱٩١٤ – 1918 الى المجموع العام 25,71%، نسبة المعمدين بين 1919 – 1923 الى المجموع العام 35,71%
من الملاحظات على هذا السجل :
1 – التسلسل التاريخي غير محترم أحياناً .
2 – تراوحت المدة بين ولادة الطفل وعماده ، بين يوم واحد ،كما حدث مع مارینا يوسف منصور ديب، وكان عمادها في البيت غير احتفالي، والسبب الخطر على صحة الطفل في النهار الذي ولدت فيه في ١٨ حزيران سنة ١٩١٥ ، على يد القس بولس بجاني، وبين اربع سنين، كما حدث مع الطفلة نظيرة مخايل الهندي، بعد عمادها الضروري في البيت ، وذلك في 9 تموز سنة ١٩١٩ ، على يد الخوري بولس عبده .
3- تراوحت أماكن العمادة بين دير قزحيا، وكنيسة بلدة حدشيت، وسيدة حوقا، وسيدة الكرمل، وماري سمعان، لكن الأكثرية من المعمدين كانت في سيدة قنوبين وسيدة الكرم .
4- في ١٠ كانون الثاني سنة ۱۹۱۰ ، تمّ عمادة سيدي حنا خليل ديب، على يد الخوري الياس الهندي( 1868 – 1918 ) ، ” وكانت قد ولدت في أماركا وكان لها في العمر نحو أربعة أشهر وتمّ ذلك في سيدت الكرم”[56] .
وهذا يدلّ، على أن بعض المهاجرين قد عادوا إلى بلادهم.
5- عمّد الخوري يوسف غلوب (1870-1954)، حنا يوسف منصور بو جريج من الفراديس، وذلك في اول تشرين الثاني سنة ١٩٠٩ ، وأيضاً من خارج الرعية ، قام الخوري نفسه، بعمادة مارینا رومانس يوسف وردان من حدشيت، وذلك في سيدة قنوبين، بتاريخ ٢٥ تموز ١٩١٥.
٦ – أحياناً ، كان يذكر اسم المعمّد ، مع التأكيد أن والده من شركاء دير قنوبين، وأحياناً لا يذكر أنه شريك. مثلاً ” أنا القس بولس بجاني، قد عمدت رزق الله بن طنوس حنا بشاره من شركا قنوبين في اليوم الثاني عشر من شهر أيار سنة الف وتسع ماية واثني عشر مسيحية 1912 “[57].
7- وردت في السجل التابع لكنيسة الديمان، عمادة الطفل توفيق توما، (الدكتور المختص بعلم الاجتماع)، وقد جاء في الصفحة ٧٦ هذه المعلومة ” أنا القس اغناطيوس اللحفدي، وكيل الديمان، قد عمّدت توفيق ابن حنا مسعود توما من وادي قنوبين، وكان عرّابه توفیق سلیمان الهندي وعرّابته ياسمين زوجة سعيد عرب من الديمان، في خمسة وعشرين تشرين سنة ألف وتسعماية وتسع عشرة مسيحية، 25 ت1 1919″[58].
ب- المتزوجون
الجدول رقم 13
الزواج في وادي قنوبين (1909-1923)
نقلاً عن سجل الكنيسة ص 122-130
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
1909 |
4 |
1914 |
6 |
1919 |
4 |
1910 |
2 |
1915 |
– |
1920 |
8 |
1911 |
1 |
1916 |
– |
1921 |
2 |
1912 |
2 |
1917 |
2 |
1922 |
11 |
1913 |
8 |
1918 |
– |
1923 |
8 |
المجموع |
17 |
المجموع |
8 |
المجموع |
33 |
المجموع العام لعدد المتزوجين بين ۱۹۰۹ و 1923 بلغ ٥٨ زواجاً، نسبة المتزوجين في السنوات الخمس الأولى : 29,31% ، نسبة المتزوجين خلال الحرب : 13,79% ، نسبة المتزوجين بعد الحرب بخمس سنوات: 56,90%
من الملاحظات على هذه الأرقام نسجل ما يلي:
1- في العام ۱۹۱۳، ذكر زواج لشخص من الديمان من أصل 8، هو الياس يوسف بو رشدان على ابنة يوسف يعقوب من الفراديس .
2- في العام ۱۹۱۷ ، ذكر زواج لرجل من بلدة بجّة الجبلية من أصل 2، هو يوسف الخوري يوحنا سعاده، على بسما طنوس زكريا، من بجة أيضاً.
3 – في العام ١٩٢٢ ،وردت أربع زواجات من أصل 11 ، من خارج الوادي، هم على التوالي من قرى حوقا وبان والكفور والعفص (الديمان ).
4 – في العام ١٩٢٣ ، وردت ثلاث زيجات من أصل ٨ ، لرجال من الفرادیس و حدشيت .
ج – المتوفون
الجدول رقم 14
أعداد الموتى في وادي قنوبين (1909-1923)
نقلاً عن سجل الكنيسة ص 11-14
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
السنة |
العدد |
1909 |
7 |
1914 |
3 |
1919 |
غير مذكور |
1910 |
4 |
1915 |
3 |
1920 |
غير مذكور |
1911 |
3 |
1916 |
13 |
1921 |
1 |
1912 |
2 |
1917 |
4 |
1922 |
غير مذكور |
1913 |
9 |
1918 |
غير مذكور |
1923 |
غير مذكور |
المجموع |
25 |
المجموع |
23 |
المجموع |
؟ |
من الملاحظات على هذا السجل :
1 – التسلسل التاريخي للوفيات غير محترم، وقد غابت بشكل واضح أسماء المتوفين بين ۱۹۱۸ و 1923، ما شكل عائقاً أمام معرفة أعداد المتوفين، لكن الزيارة الرعائية التي قام بها المطران عبدالله خوري، النائب البطريركي لمنطقة الجبة في صيف 1921، وقد وصل الى الوادي بتاریخ ۱۰ آب سنة 1921، أظهرت الأرقام التالية[59] :
1- عدد الحاضرين ٢٥٨. المهاجرون ١٧٩ ، وقد بلغ عدد موتى الحرب ١٠٤ ، ونسبتهم إلى عدد الحاضرين بلغت 28،73 % .
2- ازدیاد أعداد المتوفين، بعمري الطفولة والشباب، وذلك بسبب انعدام الرعاية الصحية ، ما أدّى إلى وفيات الأطفال والأمهات.
3 – جغرافية الوادي الوعرة، الانتقال من ٩٢٠ متراً في دير قنوبين، وصولاً إلى الديمان ١٤٠٠ متر، عزز الموت المبكر، نتيجة حوادث الإنهيار ، خلال التنقلات فوق المنحدرات وقرب المجاري المائية الخطرة .
لقد بلغ العدد الأجمالي، للمتدهورين بين ١٨٦٠ و ١٩٤٩، ١٦ شخصاً، توزعوا على النحو التالي : ١١ ذكراً وخمس نساء . وهذا يدلّ على دور المرأة في العمل الزراعي ورعاية الحيوانات، ومساعدة الرجل لتحسين وضعه الاقتصادي .
٤- وجود نهر قاديشا، ضمن الوادي المقدّس، كان سبباً لوفاة بعض الأشخاص، وهؤلاء هم جبرايل بن جريش يونان “راح في النهر” سنة ١٨٥٨ ، ميلان ابن الیاس توما، “سبب موته هوير في النهر” سنة ١٨٨٣ . واستعمال كلمة “هوير ” هو للدلالة على تدهور الشخص ووفاته .
5- هناك أربع وفيات، بين ١٩٢١ و 1931، غير واضحة التاريخ.
٦ – في العام ١٨٨٨ ، توفي حبيب مخابل لحود عبده ، وكانت وفاته في بلاد ” أمارکیا حيث كان مسافر من جملة الناس لاجل المتاجرة”[60] ، ولم يصل خبر وفاته إلا بعد ثلاثة أشهر، بواسطة كتابة من الذين كانوا معه .
وهذا يدل على الهجرة الباكرة من الوادي، حيث اشتغل ابناؤها في تجارة “الكشة” . كذلك قد انتقل حنا ملحم سعد القاضي في جهة اماركا[61] في ٢٠ نوّار سنة ١٩٠٩ .
7 – خارج اميرکا ، سُجلت وفاة في جزیرة کوبا، بتاريخ ٢٤ تشرین الثاني سنة ١٩٢٥ ،والمتوفي هو يوسف طنوس وهبه ،وله من العمر 35 سنة، والسبب مرض الكلية والزلال، وفي العام نفسه، توفي قسطنطين الخوري بولس، فی بونس أيرس، بمرض القلب، وله من العمر ستون سنة، وقد دفن أيضاً حيث توفي .
الجدول رقم 15
أعداد الموتى في الوادي سنة 1916 حسب الأشهر
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
الشهر |
العدد |
كانون الثاني |
– |
أيار |
1 |
أيلول |
– |
شباط |
1 |
حزيران |
2 |
تشرين الأول |
3 |
آذار |
– |
تموز |
– |
تشرين الثاني |
2 |
نيسان |
– |
آب |
1 |
كانون الأول |
3 |
من خلال هذا الجدول ، يظهر لنا أن عدد الوفيات المسجلة في سجل الرعية التابع للوادي بلغ 13 شخصاً، والعدد الأكبر كان ثلاثة أشخاص خلال شهري تشرين الأول وكانون الأول. وقد تبيّن لنا بعد مراجعة السجل، أن هناك شخصين توفيا في اليوم نفسه بتاريخ 5 تشرين الأول وهما “مارون جريج يونان، ودفن عند القديسة مارينا، وراجي غلوب الخوري، ودفن عند مار سركيس بلوزا”[62] .
في العام ١٩٣٢، قام المونسنيور اغناطيوس كيروز، بزيارة رعائية إلى منطقة الجبّة، بتكليف من البطريرك أنطون عريضة، وهذا ما جاء فيها عن وادي قنوبين:
“مزرعة ودير قنوبين: ءان أخصّ ايراداتها هو الحرير، وقليل من الزيت، والاحراج. مشال نحو تسعماية درهم بزر حرير، ومفرط 30 قلّة زيت. عدد الحاضرين : الذكور 18 ، الإناث ١٦٦ ، المجموع 329. عدد الغائبين : الذكور ٢٧٦ ، الإناث 236، المجموع 512.
المجموع العام 841 شخصاً. نقلاً عن لوائح بيد رئيس دير قنوبين الوكيل البطريركي القس يوسف الكفوري.
أحصي عدد الماعز الموجودة عند بعض الشركاء. فبلغ عددها نحو الألف وستمائة رأس”[63].
إن إجراء مقارنة بين عدد سكان وادي قنوبين الحاضرين في العام 1900 ،والذي بلغ 330 شخصاً، والعدد الوارد في العام 1932، والبالغ 3٢٩ شخصاً، يعطينا النسبة التالية:
على مدى ٣٢ عاماً ، انخفض العدد بنسبة 0,3% ،وهذا مؤشر لتراجع عدد الحاضرين بدل زيادتهم.
أما بالنسبة للغائبين، فقد ارتفع العدد من ٢٠ شخصاً سنة ١٩٠٠ ، إلى 512 في العام ١٩٣٢، ونسبة الزيادة هي ٢٤٦٠%، وهي نسبة مرتفعة جداً جداً ، ودليل على الهجرة القنوبيّة الكثيفة .
بالنسبة للعدد الإجمالي للسكان، الذي ارتفع من ٣٥٠ إلى٨٤١ ، فقد بلغت النسبة 140,29 %،على مدى ٣٢ سنة .
بعض الاستنتاجات
تركت الحرب العالمية الأولى، تداعيات في قرى بلوزا والديمان ووادي قنوبين، وهذه التداعيات شملت أغلبية قرى متصرفية جبل لبنان .
نذکر على سبيل المثال، الناحية الديموغرافية ، حيث تراجع عدد السكان بسبب المجاعة والأمراض والهجرة قبل الحرب وبعدها. أيضاً هناك إهمالٌ للأعمال الزراعية والحرفية، نظراً لفقدان اليد العاملة الشابة، وأدى تدهور العملة إلى انخفاض الوضع المعيشي، ما جعل الخروج من الحرب، أشبه بحرب جديدة من الناحية الإقتصادية.
قام الخوري جورج الخوري اليسوعي (١٩٠٩ – 2009) ، والذي شارك في تأسيس رابطة الأخويات في لبنان، بكتابة تقرير عن الأخويات في منطقة الجبّة والبترون ، احتفظ بتقريره ، الذي جاء فيه عن قرية جديدا البترونية ، التي كانت تحتوي على ثلاث أخويات هي الحبل بلا دنس وقلب يسوع والميتة الصالحة “هذه الأخويات بقيت الى الحرب الكونية، ثم انقرضت بعد الحرب، فلم يبق إلا أخوية الحبل بلا دنس، وسبب ذلك الضيقة والجوع والمرض الذي أبقى ثلث القرية وهذا هو سبب انقراض الأخويات”.
أثرت الحرب بصورة مباشرة وغير مباشرة على كل النظم في جبل لبنان، وقد تأثرت مناطق أكثر من غيرها، وهذه التداعيات استمرت لمدة طويلة، ربما إلى وقتنا الحاضر. الدخول إلى الحرب سهل، أما الخروج منها فهو الأصعب.
الملحق رقم (1)
وفيات الحرب في منطقة الجبّة
نقلا عن زيارة رعائية قام بها المطران عبدالله خوري الى بلاد الجبّة بين 22 تموز و18 اب سنة 1921 بعد انتهاء الحرب، وهي من محفوظات الوادي المقدس-الديمان، 90صفحة.
الجدول رقم 16
جدول احصائي مفصل لسنة 1921
نسبة الموتى % |
موتى الحرب |
المهاجرون |
المقيمون |
المحلّة |
26،84 |
350 |
1232 |
954 |
حدشيت |
47،46 |
103 |
50 |
114 |
أهالي النهر |
19،43 |
210 |
622 |
871 |
كفرصغاب |
26،18 |
111 |
48 |
313 |
بلوزا |
28،73 |
104 |
179 |
258 |
قنوبين |
21،61 |
134 |
600 |
486 |
طورزا |
32،65 |
16 |
22 |
33 |
مغر الأحول |
47،33 |
186 |
66 |
207 |
رشدبين |
5،29 |
11 |
56 |
197 |
عين عكرين |
25،34 |
55 |
70 |
162 |
متريت وبيت الشعار |
42،20 |
138 |
97 |
289 |
برحليون |
54 |
27 |
27 |
23 |
شيرا |
22،41 |
54 |
45 |
187 |
عبدين |
5،55 |
7 |
28 |
119 |
بلّا |
42،13 |
300 |
403 |
412 |
قناة |
33،85 |
65 |
83 |
127 |
مزرعة أبي صعب |
24،58 |
29 |
54 |
89 |
بيت مندر |
0،91 |
1 |
112 |
109 |
قنيور |
ملاحظات على احصاء 1921:
- أكبر نسبة لموتى الحرب العالمية الاولى ظهرت في شيرا وقد بلغت 54% يليها أهالي النهر 47،46% ورشدبين 47،33%.
- أقل نسبة لموتى الحرب العالمية الاولى ظهرت في قنيور وقد باغت 0،91% يليها عين عكرين 5،29% وبلا 5،55%.
- لم يذكر عدد موتى الحرب في المحلّات التالية: بشرّي و بان و دير مار أنطونيوس قزحيا و اهدن وبقاعكفرا وبقرقاشا و بزعون و حصرون والحدث و حارة بيت رعد.
- ورد عدد سكان بشرّي الحاضرين 3177 و المهاجرين 3499 و قد بلغت نسبة المهاجرين 52،41%، أيضا ورد عدد سكان بان الحاضرين 355 والمهاجرين 143 و قد بلغت نسبة المهاجرين 28،71%، كذلك عدد سكان دير مار أنطونيوس قزحيا الحاضرين 27 والمهاجرين 2 وعدد خدم الدير 11 و قد بلغت نسبة المهاجرين 6،90%.
- لم يذكر عدد السكان الحاضرين ولا المهاجرين في المحلات التالية : اهدن وبقاعكفرا وبقرقاشا و بزعون و حصرون والحدث و حارة بيت رعد.
- لم يذكر عدد المعترفين في منطقة الجبة الا في قرية مغر الاحول و قد بلغ عددهم 23 معترفا ونسبتهم الى عدد المقيمين هي 69،70%.
- اعتمدنا تسلسل أسماء المحلات، كما وردت في الزيارة الرعائية، ولم نستخدم التسلسل الألفبائي.
[1] – الأب اغناطيوس سعاده، ماجريات الأب ابراهيم حرفوش المرسل اللبناني، ج 2 ، مطابع الكريم الحديثة، جونيه- لبنان، منشورات الرسل، 2003، ص 46. راجع أيضاً الأباتي أنطوان ضو، مساعدات البطريركية المارونية في الحرب العالمية الأولى، المطبعة البولسية، جونيه-لبنان، منشورات رابطة قنوبين للرسالة والتراث، 2018، ص 263-317. كذلك عصام خليفة، مقاومة أهوال المجاعة، 1916-1918، مطبعة دار صادر، بيروت، 2017، صفحات متفرقة.
[2] -الأب اغناطيوس سعاده ، المرجع السابق ، ص47.
[3] صقر صقر، تاریخ بجّه، دار عشتار، بیروت ، ١٩٨٦ ، ص ٤٢٤- 425.
[4] – الأباتي بطرس فهد، مجموعة المجامع الطائفية المارونية عبر التاريخ ، مطابع الكريم الحديثة، ١٩٧٥، ص ٧٦ .
[5] – الأباتي بطرس فهد ، المرجع السابق، ص ۷۸ .
[6] – المجمع اللبناني، ترجمة المطران يوسف نجم ، مطبعة الأرز، جونيه ، ١٩٠٠ ، ص ٣٣٠- 331.
[7] – الأب يوسف متى، “الوادي المقدس في إنجيل ربولا”، بحث ضمن كتاب، التراث المسيحي المشترك في الوادي المقدّس، منشورات رابطة قنوبين للرسالة والتراث، 2023، ص 337.
[8] – المرجع نفسه، ص 33٩ .
[9] – المرجع نفسه، ص 3٤١ .
[10] – عصام خليفة ، نواحي لبنان في القرن السادس عشر، إصدار خاص، بیروت 2004، ص 205.
[11] – جان شرف، جبل لبنان في القرن السادس عشر، الديموغرافيا والاقتصاد من خلال الدفاتر العثمانية، مرکز فونيكس للدراسات اللبنانية – الكسليك، 2008، ص 205.
[12] – قسطنطين بتكوفيتش، لبنان واللبنانيون تعریب یوسف عطاالله، مراجعة مسعود ضاهر، دار المدى للطباعة والنشر،بيروت،1986،
ص 60.
[13] – ابراهيم بك الأسود، دليل لبنان، المطبعة العثمانية في بعبدا (لبنان)، 1906،ص ٦٦٧- ٦٨٨ .
[14] – أرشيف بكركي، الزيارة الرعائية لمنطقة الجبّة في العام 1900. لمزيد من المعلومات راجع مقالتنا “الديموغرافية التاريخية لناحية بشري في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين”. ضمن كتاب: أعمال المؤتمر الأول لتاريخ جبّة بشري، مطبعة دكّاش – البوار، منشورات لجنة جبران الوطنية، 1998، ص 143-192.
[15] – بلوزا في الحرب العالمية الأولى، جمعها بولس رميا، حققها جورج عرب، راجعها الأباتي أنطوان ضو، المطبعة البولسية ، جونية – لبنان. منشورات رابطة قنوبين للرسالة والتراث، ٢٠١٦ ، ص ١٢ .
[16] – في العام 1906 ، كان في رشعين معملان للحرير، الأول للخواجه يوسف رحمه، عدد دواليبه 60، والثاني لعزتلو كنعان بك الضاهر، بشراكة الخواجه يوسف المذكور، عدد دواليبه 60.
[17] – بلوزا في الحرب العالمية الأولى، المرجع السابق، ص 18.
[18] – شكر الله مبارك: ولد في رشميا في 9 آذار ١٨٧٩ ، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 21 تشرين الأول 1895، أبرز نذوره الدائمة في ٢٥ كانون الأول 1896 ، سيم كاهناً في ١٤ نيسان١٩٠٦ في رومية ، توفي في ٢٦ تموز ١٩٤٤ ودفن في مدافن دير الكريم – غوسطا.
[19] – ابراهیم حرفوس، ولد في بكاسين فی 15 آب 1871، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 5 تشرين الأول 1892 ، ارتقى درجة الكهنوت في 24 تشرين الأول 1897 على يد المطران يوسف دريان ، توفي في ٢٠ آذر ١٩٤٩، له عشرات المؤلفات التاريخية.
[20] – الأب اغناطيوس سعاده ، المرجع السابق، ص ٤٥.
[21] – بلوزا في الحرب العالمية الأولى، المرجع السابق ص 31.
[22] – بلوزا في الحرب العالمية الأولى، المرجع نفسه، ص ٠٢٣٧
[23] – بلوزا في الحرب العالمية الأولى، المرجع السابق، ص 239.
[24] – المرجع نفسه والصفحة ذاتها.
[25] – المرجع نفسه، ص 265 – 266.
[26] – الخوري يواكيم مناسا : ولد عام 1831، دخل مدرسة مار يوحنا مارون كفرحي ١٨٤١، رسمه البطريرك يوسف الخازن كاهناً ١٨٥٢ ، خدم قريته ٤٦ سنة. اعتمد عليه البطريرك في فحص الكهنة، توفي بتاريخ 7 تشرين الأول 1897.
[27] – المطران فرنسيس البيسري، الوادي المقدس والجوار 1932، منشورات رابطة قنوبين للرسالة والتراث، الديمان 2012، ص 164.
[28] – قسطنطين بتكوفيتش، لبنان واللبنانيون، المرجع السابق، مادة قضاء البترون، ص 59-61.
[29] – ابراهيم بك الأسود، دليل لبنان، المرجع السابق، ص ٦٨٦.
[30] – البطريرك اسطفانوس الدويهي، تاريخ الأزمنة ١٠٩٥ – ١٦٩٩ ، طبعة توتل، المطبعة الكاثوليكية – بيروت، ١٩٥١، ص ١٤٦ .
[31] – الأب يوسف متّى، المرجع السابق، ص 336.
[32] – المرجع نفسه، ص 347.
[33] – عصام خليفة ، المرجع السابق ص ٩٢ .
[34] – البطريرك اسطفان الدويهي، المصدر السابق، ص 364.
[35] – جورج عرب، الديمان عليّة قنوبين ، 2023، ص 233.
[36] – المرجع نفسه ، ص 286-287 و304.
[37] – ارشيف بكركي، الزيارة الرعائية إلى منطقة الجبّة، 1900.
[38] – الديمان في الحرب العالمية الأولى، جمعها بولس رميا، حققها جورج عرب، راجعها الأباتي أنطوان ضو، المطبعة البولسية، جونية – لبنان، منشورات رابطة قنوبين للرسالة والتراث، ٢٠١٦ ، ص ٢٥٤ .
[39] – المرجع نفسه، ص 257.
[40] – المرجع نفسه ، ص 3٤١ – 3٤٤.
[41] – المرجع نفسه، ص 453.
[42] – المجمع اللبناني، ترجمة المطران يوسف نجم ، مطبعة الأرز، جونيه، ١٩٠٠، ص 42.
[43] – سجل الديمان، قسم العمادة، رقم 925، ص 80.
[44] – المطران فرنسيس البيسري، المرجع السابق، ص 222. مع الإشارة الى وجود أخطاء في الجمع.
[45] -الياس القطار،” الوادي المقدس من البدايات حتى سنة ١٤٤٠ م. تاريخ اقامة البطريركية المارونية فيه”، ضمن كتاب التراث المسيحيي المشترك في الوادي المقدس، منشورات رابطة قنوبين للرسالة والتراث، 2023، ص 246 – 247.
[46] – البطريرك اسطفانوس الدويهي، طبعة توتل، المصدر السابق، ص 126.
[47] – الياس القطّار، المرجع السابق، ص٢٦٩.
[48] – الياس القطار، المرجع نفسه، ص 273.
[49] –أرشيف بكركي، الزيارة الرعائية الى منطقة الجبّة، في العام 1900.
[50] – وادي قنوبین، جمعها بولس رميا، حققها جورج عرب، راجعها الأباتي أنطوان ضو، المطبعة البولسية ، جونية – لبنان، منشورات رابطة قنوبين للرسالة والتراث، ٢٠١٦ ، ص 11.
[51] -المرجع نفسه، ص ١٩٩.
[52] – المرجع نفسه، ص 223.
[53] – المرجع نفسه، ص ٢٢٥.
[54] – المرجع نفسه ، ص 236 (أنظر الوثيقة ).
[55] – المرجع نفسه، ص 277،279.
[56] – سجل وادي قنوبين، قسم العماد، ص 45 .
[57] – سجل وادي قنوبين، المصدر السابق ، ص ٤٧ .
[58] – لمزيد من المعلومات عنه، راجع : الأب كميل حشيمة اليسوعي، المؤلفون العرب المسيحيون من قبل الإسلام الى آخر القرن العشرين،ج2، دار المشرق، المكتبة الشرقية، 2011، ص 288-289 مع الإشارة الى ذكر ولادته 1920، وانه من بلدة الحدث.
[59] – وادي قنوبين ، المرجع السابق، ص ٤٠٤ .
[60] – سجل رعية وادي قنوبين ، باب الوفيات، ص8 .
[61] – سجل رعية وادي قنوبين ،المرجع السابق، ص ١١ .
[62] – سجل رعية وادي قنوبين، باب الوفيات، ص ١٣ .
[63] – المطران فرنسيس البيسري، المرجع السابق، ص 306 و 311.