Almanara Magazine

إسهام بعض علماء الموارنة في ترجمة الكتاب المقدَّس وفي نشره في الشرق والغرب

الخوري ناصر الجميِّل،


الجامعة اللبنانيَّة، كليَّة التربية


 
يندرج إسهام علماء الموارنة، طلاَّب المدرسة المارونيَّة في روما، في
ترجمة الكتاب المقدَّس بنصَّيه السرياني والعربي إلى اللاتينيَّة، اللغة
العلميَّة في الغرب يومذاك، ضمن التطوُّر العام لعلم الاستشراق. كان علم
الاستشراق دينيًّا في بداياته، قبل أن يأخذ منحى علميًّا وسياسيًّا
وحضاريًّا. فبعد مجمع فينَّا، المنعقد 1311-1312، إثر انتهاء الحروب
الصليبيَّة، انكبَّ الغرب العالِم على دراسة اللغات الساميَّة وفرضها في
كبريات الجامعات الأوروبيَّة أمثال بولونيا وروما وباريس وأكسفورد
ولشبونة وفلورنسا وسلمنكا وغيرها. وكان القصد من ذلك ضبط ترجمة التوراة،
أوَّلاً، ثمَّ التبشير بالديانة المسيحيَّة ونشرها بين سكَّان بلدان
المشرق. لقد برز من بين الموارنة العلماء الآتية أسماؤهم، مع ذكر ما
قاموا به في هذا المجال:


1 – البطريرك جرجس عميرة (+1644). ينسب إليه ابراهيم الحاقلاني “شرحًا
للإنجيل” بالسريانيَّة. كان موجودًا في المكتبة الفاتيكانيَّة.


 
2 – يعقوب بن هلال المعروف في الغرب بـ جاك لونا (Jacques Luna). وُلد
سنة 1568 في بسلوقيت، في لبنان الشمالي، ثمَّ دخل تلميذًا إلى المدرسة
المارونيَّة، منذ أوائل عهدها. تمرَّس على فن الطباعة وعمل في مطبعة آل
مديتشي الشهيرة، ابتداء من العام 1589، متدرِّبًا على أيدي جان باتيست
ريموندي. وفي هذا المجال، طبع “الأناجيل الأربعة” باللغة العربيَّة، سنة
1590، بـ 1500 نسخة. وهي من أولى طبعات الكتاب المقدَّس. ثمَّ ألحقها،
بعد سنة، بطبعة عربيَّة ولاتينيَّة للأناجيل عينها بـ 3500 نسخة. وهذا هو
النص الذي اعتمده الكتاب المقدَّس المتعدِّد اللغات (البوليغلوتا)،
المطبوع في باريس.


 
3 – موسى العنيسي سعاده العاقوري: نسخ كتاب الأنبياء (أشعيا، وإرميا،
وباروك، وحزقيّال، ودانيال، وهوشع، ويوئيل، وعاموص)

.
 
4 – جبرائيل الصهيوني الإهدني: هو من أوائل تلامذة المدرسة المارونيَّة
في روما (+1648) الذين اهتمّوا بنشر الكتاب المقدَّس المتعدِّد اللغات
الباريسي. قام، في روما، بترجمة سفر المزامير، من العربي إلى اللاتيني،
بمشاركة نصرالله شلق العاقوري، عنوانه: Liber Psalmorum Davidis. وإليك
بعض نماذج من هذه الترجمة:


من المزمور 21: “يا ربُّ بقوَّتك يفرح الملك وبخلاصكَ يستبشرُ جدًّا.
لأنَّك أعطيته شهوة قلبه. لم تحرمه. سؤال شفيته. ابتدأته ببركات صالحة.
وضعت على رأسه إكليلاً من الجوهر الكريم. سألك حياة أعطيته طول
الأيَّام…”.
ومن المزمور 27: “الربُّ نوري ومخلِّصي ممَّن أخاف. الربُّ ناصر حياتي
ممَّن أجزع. إذا اقتربوا منّي الأشرار لتأكل لحمي. الذين أحزنوني مع
أعدائي كالواحد يسقطون ويهلكون. وإن حلَّ عليَّ جميعهم لم يخاف
قلبي….”.
من المزمور 108: “مستعدٌّ قلبي يا ألله مستعدٌّ قلبي. اسبّح وأرتّلُ في
تمجيدي. إستيقظ يا مجدي…”.


ومن المزمور 121: “رفعت عينيَّ إلى الجبال من حيث تأتي معونتي. معونتي من
عند الربّ. الذي صنع السماء والأرض. لا تُعطي للزلل رجلك. ولا ينعس
حافظك… الربُّ يحفظكَ…”.


ثمَّ نشر، وحده، في باريس، الكتاب ذاته مترجمًا إلى اللاتينيَّة من الأصل السرياني.
لكنَّ عمله الرئيس كان إسهامه في البوليغلوتا الباريسيَّة، بين العام
1628 و 1645، مصلحًا النصوص العربيَّة والسريانيَّة لجميع الأسفار، ما
عدا سفرا راعوت والمكَّابيِّين الثالث. ثمَّ ترجم من السريانيَّة خمس كتب
التوراة، وكتب يشوع والقضاة والملوك، وكتابي المكَّابيِّين الأوَّل
والثاني، وأعمال الرسل والمزامير.
وترجم من العربيَّة كتب سليمان النبي، وترجم من اللغتين الأنبياء الكبار والصغار.
 
5 – المطران سركيس الرزِّي: عُرف في الغرب بـ سرجيوس ريزيوس (Sergius
Risius)، من بلدة بقوفا من لبنان الشمالي (+1638). هو من خرِّيجي المدرسة
المارونيَّة؛ أرسله للدراسة فيها عمُّه البطريرك سركيس، سنة 1584. بعد
عودته إلى لبنان، سنة 1590، استقرَّ في محبسة دير مار أنطونيوس في
قزحيَّا. وفي هذه الأثناء، نسخ الكتاب المقدَّس، بالسريانيَّة، بنسخ
متعدِّدة. وصلت إحداها هديَّة إلى البابا بولس الخامس، الذي أودعها مكتبة
الفاتيكان. والثانية حصل عليها الأب يوحنا مورين (Morin) الشهير في علم
الكتاب المقدَّس.
والمعروف عن سركيس الرزِّي، الذي رُسم مطرانًا على دمشق، سنة 1600، أنَّه
استقدم مطبعة سريانيَّة-كرشونيَّة من إيطاليا، وطبع فيها لأوَّل مرَّة في
الشرق كتاب “المزامير”، سنة 1610، في دير مار أنطونيوس قزحيَّا.
ولـمَّا سافر إلى روما، بعد وفاة شقيقه البطريرك يوسف الرزِّي، أوكل إليه
مجمع انتشار الإيمان فحص المخطوطات العربيَّة والسريانيَّة للكتاب
المقدَّس وتوافقها مع النسخة اللاتينيَّة المعروفة بالشعبيَّة، الفولغاتا
(La Vulgate) التي أقرَّها المجمع التريدنتيني. قام بعمله هذا خير قيام
مستندًا إلى جميع النسخ الموجودة في مكتبة الفاتيكان، مستعينًا بجميع
المعاجم السريانيَّة والعربيَّة اللازمة، وبسِفر طوبيَّا، وبالطبعة
الملكيَّة للكتاب المقدَّس، التي صدرت في أنفرس (Anvers) (بلجيكا)،
والمعروفة باسمها.
لكنَّ إنتاجه لم يُطبع إلاَّ بعد مماته بعنوان:Biblia Sacra ad usum
Ecclesiarum Orientalium, additis e regione Bibliis latinis Vulgatis,
in-fol.
 ظهر الكتاب في ثلاثة مجلَّدات، سنة 1671. اثنان للعهد القديم، وواحد
للجديد والملحقات. من خصائصها أنَّ النص العربي موضوع بمواجهة النص
اللاتيني. تُعتبر أوَّل نص كامل للكتاب المقدَّس يُطبع باللغة العربيَّة.
هي التي ستعتمد عليها جمعيَّة لندن للكتاب المقدَّس، بالمشاركة مع أحمد
فارس الشدياق، في طباعة النص العربي للكتاب المقدَّس في مالطة، سنة 1827.
(منها نسخة خطيَّة جميلة، مزيَّنة بنقوش وماء ذهب، في مكتبة كرسي
أبرشيَّة حلب المارونيَّة )


 
6 – الشمَّاس ابراهيم الحاقلاني: معروف في الغرب باسمه اللاتيني Abraham
Ecchellensis من بلدة حاقل الجبيليَّة (1605-1664). هو أيضًا خرِّيج
المدرسة المارونيَّة. توزَّع نشاطه بين الدبلوماسيَّة والعلم والثقافة،
في إيطاليا وفرنسا ولبنان. خلف المطران سركيس الرزِّي في لجنة تصحيح
الكتاب المقدَّس وترجمته إلى اللغة العربيَّة. أعطى خلال إقامته الأولى
في باريس،بين العام 1640 و 1641، إلى الكتاب المقدَّس المتعدِّد اللغات،
المطبوع في باريس، سفر راعوت، بالسرياني والعربي، مع ترجمته إلى
اللاتينيَّة، وسفر المكّابيّين الثالث بالعربيَّة.


 
7 – نصرالله شلق العاقوري: من خرِّيجي المدرسة المارونيَّة في روما،
ومعروف في أوروبَّا بفكتوريوس شلق (Vittorius Scialac Accurensis)
(+1635). قضى حياته يعلِّم ويؤلِّف. شارك جبرائيل الصهيوني في ترجمة كتاب
المزامير، الذي صدر في روما، في العام 1614، من السرياني إلى اللاتيني.
ترجم الأناجيل من السرياني إلى اللاتيني، وهي لا تزال مخطوطة في مكتبة
الفاتيكان (فاتيكان لاتيني 7413). وترجم سفر أيُّوب، من السرياني إلى
اللاتيني، وقد طُبع في روما في العام 1618. وله شروحات للأسفار الخمسة
الأولى، من العربي إلى اللاتيني، لا تزال مخطوطة (فاتيكان بورجيا لاتيني
185).
 
8- مرهج نمرون الباني: معروف بفاستوس نيرونوس (Faustus Naironus)
(+1712). خرِّيج المدرسة المارونيَّة في روما، وكان لسنوات عدَّة وكيل
البطريرك الماروني لدى الكرسي الرسولي وأستاذ اللغات الشرقيَّة في معهد
الحكمة الروماني (السابينسا). اهتمَّ بطبع الأناجيل الأربعة وكتاب أعمال
الرسل والرسائل. عاونه في ذلك يوسف الباني وابراهيم الغزيري وميخائيل
المطوشي القبرسي الماروني.
 
9 – بطرس بن زيتون التولاوي: هو أيضًا من خرِّيجي المدرسة المارونيَّة في
روما المجلِّين (+1746). ترجم، بتكليف من البطريرك إسطفان الدويهي، نصوص
قراءات مختارة من الكتاب المقدَّس، أي ريش قريان، مكتبة كرسي أبرشيَّة
حلب المارونيَّة، مخطوطة رقم 572. وصحَّح أيضًا ترجمة ابن الفضل في تفسير
إنجيل متى الذي كتبه القديس يوحنا فم الذهب (مكتبة عين تراز، مخطوطة 5 و
6).
 
10 – البطريرك سمعان عوَّاد الحصروني: من خرِّيجي المدرسة المارونيَّة
الرومانيَّة. له في مجال الكتاب المقدَّس:
– “كتاب تسهيل صعوبات الكتاب المقدَّس”، أو “حلُّ المشاكل الواردة في
الأسفار المقدَّسة”. موجود في مكتبة المرسلين اللبنانيِّين الموارنة، وفي
مكتبة جامعة الروح القدس، وكان منه نسخة في مكتبة الشيخ يوسف الخوري
دانيال الجميِّل، موجودة حاليًّا في مكتبة دير مار إشعيا، رقم 80،
للرهبان الأنطونيِّين.


– وله أيضًا كتاب “تفسير أربع بشائر الإنجيل”، و”كتاب في تفسير العتيقة
والحديثة” في مكتبتي جامعة الروح القدس، ومكتبة المرسلين اللبنانيِّين
الموارنة.


– ونقل من اللاتينيَّة إلى العربيَّة شرحًا حول “بشارة متى الرسول”، ذكره
المطران يوسف الدبس في تاريخ سوريَّا، المجلَّد الثامن، صفحة 514.
 
11 – يوسف شمعون السمعاني: من تلامذة المدرسة المارونيَّة البارزين
(+1668)، حافظ المكتبة الفاتيكانيَّة. نسخ مجموعة صلوات ومزامير،
بالسريانيَّة. موجود في مكتبة الآباء المريميِّين، في روما.


 
12 – يوسف بن جرجس الباني: (+1725). له في مكتبة المرسلين اللبنانيّين
الموارنة، وفي مكتبة مار عبدا هرهريَّا ومكتبة جامعة الروح القدس، ترجمة
لمؤلَّفات كورنيليوس الحجري حول الكتاب المقدَّس:
كتاب تفسير الأناجيل الأربعة، وكتاب “العنوان العجيب في رؤيا الحبيب”،
وتفسير أربع رسائل مار بولس الرسول إلى أهل فيليبِّي، وتسالونيكية،
وكولوسي، وكتاب أعمال الرسل.


 
13 – يوسف بن بربور السمعاني: نسخ الكتاب المقدَّس بحسب البسيطة. فاتيكان
سرياني 461.
 
14 – أنطونيوس الصهيوني الإهدني: نسخ، سنة 1611، بأمر من البابا
والبطريرك، كتاب العهد الجديد. وهو ذاته الذي سيطبعه، في روما، سنة 1703،
مرهج نمرون الباني.
 
15 – جرمانوس فرحات: (+1732) رئيس عام ومطران حلب، تميَّز عمله بالتصحيح
والتعريب. صحَّح:
تفسير الرسائل، في أربعة أجزاء؛ وكتاب تفسير الأناجيل، في خمسة مجلَّدات؛
وكتاب العنوان العجيب في تفسير رؤيا يوحنَّا الحبيب؛ وكتاب تفسير العهد
القديم، في ثمانية أجزاء…
وعرَّب:
الكتاب المقدَّس، العهد القديم؛ وكتاب الأناجيل، ثمَّ قسَّمه إلى فصول
تتلى في أيَّام السنة وآحادها وأعيادها، صباحًا ومساء. طُبعت هذه الترجمة
مع كتاب القدَّاس سنة 1816، و 1838، و 1855، و 1872، بمطبعة طاميش. ثمَّ
طُبعت على حدة سنة 1865 بعناية المطران طوبيَّا عون، مطران بيروت. وكتاب
الرسائل الذي قسَّمه أيضًا إلى فصول. طُبع أربع مرَّات في مطبعة طاميش،
وفي مطبعة حلب. وكتاب القراءات، ريش قريان، الذي طُبع سنة 1841 في مطبعة
قزحيَّا.

Scroll to Top