(صدَرَت في: المجلَّة اللِّيتورجيَّة 14، العدد 47 (2021) 27-41)
الخوري دانيال زغيب
وجه يوسف البارّ وجهٌ خفيٌّ ومحتجِبٌ في تدبير الكلمة الـمُتَجسِّد الخلاصيّ. إذ لم يتفوَّه بأيِّ كلمة، ولم يذكره سوى متَّى ولوقا في إنجيلَيهما. ولقد اختفى ذكْرُهُ باكرًا مِنْ عند متَّى الرَّسول، وذلك لـمَّا عاد بالصَّبيِّ وأُمِّه إلى أرض إسرائيل، حيث سكن النَّاصِرة وإيَّاهما (راجع مت 2: 19-23). وعند لوقا، نجد ذِكْره لـمّا كان عمر يسوع اثنتَي عشرة سنة (راجع لو 2: 41-51). وبعد ذلك، يسود صمتٌ في شأنه([1]).
وإن كانت لمريم العذراء، خطِّيبته ووالدة الإله القدِّيسة، أعيادٌ عديدةٌ ومتنوِّعةٌ في السَّنة الطَّقسيَّة المارونيَّة، وفي الكلندارِ المارونيّ، فإنَّنا لا نجد ليوسف البارّ، خطِّيب مريم، سوى عيدٍ واحدٍ بحسب السَّنة الطَّقسيَّة المارونيَّة، ألا وهو أحد البيان ليوسف، الَّذي يقع في زمن الميلاد المجيد، قَبْل أحدِ النِّسبَة (الأحد الَّذي يسبق عيد الميلاد) وقبْل عيد ميلاد ربِّنا بالجسد (في 25 كانون الأوَّل).
فما هو سرّ هذا الصَّمت في ما يتعلَّق بشخص يوسف البارّ؟ وماذا تكشف لنا النُّصوص اللِّيتورجيَّة المارونيَّة في شأنه، بخاصَّةٍ أنَّ النُّصوص الكِتابيَّة لا تورد أمورًا كثيرةً عنه؟ وبالتَّالي، ما هو سرُّ هذه الشَّخصيَّة البيبليَّة المغمورة؟ وما هي قَسَماتُ وجهه الَّتي تعتلِنُ لنا، اليوم، وبماذا تُـخاطبنا؟
يُقسَم مقالنا إلى ثلاثة أقسام. نُقدِّم، في القسم الأوَّل، النُّصوص الطَّقسيَّة المارونيَّة الَّتي استنَدْنا إليها. ونُقدِّم، في القسم الثَّاني، بعض النُّصوص الطَّقسيَّة الخاصَّة بمار يوسف، والغير المنشورة بَعدُ. ونعمد، في القسم الثَّالث والأخير، إلى استخلاص ملامح وجه يوسف، خطِّيب مريم ومربِّـي الفادي.
أوَّلًا: البيان ليوسف في نصوص اللِّيتورجيَّا المارونيَّة
عدْنا، لكتابة مقالنا هذا، إلى مرجعَين ليتورجيَّين مارونيَّين: الأوَّل هو بِيتْ غازو مارونيّ، ويرجع تاريخه إلى القرن الثَّالث عشر؛ والثَّاني، فرْض البيان ليوسف، بحسب متعيِّدٍ مارونيٍّ مخطوط، يعود إلى القرن التَّاسع عشر.
- البِيتْ غازو المارونيّ Add. 14.701
إنَّ البِيتْ غازو (بِية جَزا) المارونيّ هو مخطوطٌ ليتورجيٌّ ثمينٌ جدًّا، إذ يتضمَّن مجموعةً كبيرةً من الألحان أو الصَّلوات أو الحسَّايات، سابقةً للبُنية اللِّيتورجيَّة المعتمدة، اليوم، في الصَّلاة الخورُسيَّة المارونيَّة. ومنه أخذَتِ الكُتُب الطَّقسيَّة المارونيَّة قسمًا كبيرًا من الألحان والمرمايات والحسَّايات. وكنَّا قد توسَّعنا في ذكْر ميزاته، في مقالٍ سابقٍ لنا منشورٍ على صفحات هذه المجلَّة([2]).
أمَّا البِيتْ غازو موضوع مقالنا، فهو المخطوط Add. 14.701 المحفوظ اليوم في المكتبة البريطانيَّة بلندن، والَّذي يرقى إلى العام 1263 م، وقد عرَّبَهُ يوحنَّا تابت مِنَ اللُّغة السُّريانيَّة، ونشَرَه بالطَّبْع([3]). ويحتوي هذا المخطوط على ثلاثة عناصر، تتبع وضْع البخور في الفرْض المارونيّ: لحن البخور ومزمور القراءات والباعوت([4]). واخترْنا، من هذا البِيتْ غازو، الألحان الخاصَّة بـفرْض البيان ليوسف([5]).
نجد موقع ألحان البيان ليوسف، بحسب هذا المخطوط، كموقع هذا الأحد بحسب ترتيب السَّنة الطَّقسيَّة المارونيَّة الـمُعتَمَد اليوم، أيّ في سلسلة آحاد زمن الميلاد؛ وتأتي هذه الألحان مِنْ بعد الألحان الخاصَّة بفَرْضَـي بشارة زكريَّا وزيارة العذراء لإليصابات([6]).
- فرْض البيان ليوسف
يقع أحد البيان ليوسف، بحسب السَّنة الطَّقسيَّة المارونيَّة، في زمن الميلاد المجيد، ويأتي من بعد أحد مولد يوحنَّا المعمدان، وقبْل أحد النِّسبة([7])، كما أوردنا أعلاه([8]). ولـمّا راجعْنا الفِنْقِيتَ المارونيّ المطبوع([9]) وجَدْنا أنَّه يحتوي على فروض الآحاد الَّتي تسبق عيد الميلاد، والَّتي تكوِّن زمن الميلاد المجيد، ولكنَّنا لم نجد فرْض البيان ليوسف (طكسا لجِلــــيُنِؤ ديَوسِف). كذلك، لم نجد أيَّ تعريب لهذا الفرْض أو أيَّ دراسةٍ عنه([10]).
لذا، لجأنا إلى التِّشْمِشْت([11]) المارونيّ المخطوط([12])والمحفوظ في أرشيف الإكليريكيَّة البطريركيَّة المارونيَّة-غزير([13])، والَّذي يعود تاريخه إلى العام 1816، والَّذي يتضمَّن فروضًا عديدة، وهي الآتية: البيان ليوسف، ومدائح والدة الله مريم، وبطرس وبولس، وصعود ربِّنا يسوع إلى السَّماء، والعنصرة، ومار أفرام السُّريانيّ، ومار مارون، وإيليَّا النَّبيّ. ويحتوي هذا المخطوط على صلوات المساء والسِّتَّار والصَّباح لكلِّ فرْضٍ من الفروض الـمُتَضَمَّنة فيه. أمَّا فرْض إيليَّا النَّبيّ، فلا تحتوي صلاة الصَّباح الخاصَّة به إلَّا على ورقةٍ واحدة.
والجدير ذكره أنَّ هذا التِّشْمِشْت المخطوط لا يُحدِّد متى يُـحتفَل بهذا الفرْض، لا في أيِّ يومٍ (مثلًا: في أيّ أحدٍ منَ الآحاد، أو في أيّ تاريخٍ محدَّد، كما نحتفل اليوم بعيد مار يوسف في 19 آذار، بتأثيرٍ من الطَّقس اللَّاتينيّ)، ولا في أيِّ زمن مِنْ أزمنة السَّنة الطَّقسيَّة. أمَّا التِّشْمِشْت المخطوط والمحفوظ في مكتبة جامعة الرُّوح القُدُس-الكَسليك، في مخطوط الكَسْليك 1611، فيورد فرْض البيان ليوسف مِنْ بَعْدِ الفروض الآتية: أحد بشارة زكريَّا، وأحد بشارة العذراء، وأحد زيارة العذراء لإليصابات، وأحد مولد يوحنَّا المعمدان. فإنَّ موقعه الطَّبيعيّ، إذًا، هو في سلسلة الآحاد الَّتي تسبق عيد الميلاد. ويُطلِق مخطوط الكَسْليك 1611، على هذا الفرْض، التَّسمية الآتية: فرْض أحد البيان ليوسف. ولا نجد، في مخطوط غزير ولا في مخطوط مكتبتنا، تعبير “الأحد” الوارد في عنوان الفرْض، بحسب مخطوط الكَسْليك.
ولقد استَنَدْنا إلى فرْض البيان ليوسف، بحسب تِشْمِشْت غزير المخطوط (من الآن فصاعِدًا، فرْض البيان ليوسف)، لتقديم النَّصّ الـمُعرَّب. ونجد فرْض المساء، في الورقة 1ب-الورقة 6أ؛ وفرْض السِّتَّار، في الورقة 6أ-الورقة 8أ؛ وفرْض الصَّباح، في الورقة 8أ-الورقة 16ب.
ثانيًا: نصوصٌ مختارةٌ من فرْض مساء البيان ليوسف
لن تسمح لنا محدوديَّة هذا المقال بتعريب فرْض مساء البيان ليوسف (طكسا لرمشا دجِلــــيُنِؤ ديَوسِف) كلِّه([14]). ولكنَّنا سنكتفي بتعريب السُّوغيتو (سوجيةا) والعناصر الأربعة الَّتي تُكَوِّن صلاة الغفران أو الحسَّاية (حوسُيا) المارونيَّة، وهي الآتية: الفروميون (فروميون) والسِّدْرو (سِدرا) ولحن البخور (قُلا) وصلاة البخور (عِطرا) ؛ وبتعريب اللَّحنَين اللَّذَين يَليان صلاة الغفران، أي: مزمور القراءات وباعوت مار يعقوب. وغايتنا من ذلك أنْ نضعَ بين يَدَي القارئ نصًّا ليتورجيًّا غير منشورٍ بَعْدُ، ويكشف غنى اللِّيتورجيَّا المارونيَّة. وإلى القارئ هذه النُّصوص معرَّبةً بكاملها، تعريبًا أمينًا، عن الأصل السُّريانيّ:
السُّوغيتو (الورقة 4أ)([15]):
أ- إيل اللهُ نَزَلَ مِنَ العلاء، وحَلَّ في بطنِ تلك ابنةِ داود.
ب- بواسطة جبرائيل([16])، رئيسِ الملائكة، أتى وبشَّرَ الطُّوباويَّة.
ج- كشَفَ وأظهَرَ لها: إنَّ عمَّانوئيلَ([17]) يَـحِلُّ في حشاكِ، ويُقدِّسُكِ.
د- انْـحَدَرَ مِنْ مكانِهِ، كلمةُ الآب، وحَلَّ في حشا المبارَكة.
ه- حينئذٍ، رآها يوسف وتَـحَيَّرَ وارتابَ في داخلِ فكرِهِ.
و- وبدأ البارُّ يفتكرُ بأنْ يتركَ مريمَ سِرًّا([18]).
ز- اضطرَبَ البارُّ وتَشَوَّشَ بسبب استهزاءِ بني شعبِه.
ح- تطلَّعَ العفيفُ إلى الصَّبيَّة (طلٍـيةا)، ورآها، وكان لا يعرفُ ماذا يقول.
ط- أيَّتُها الصَّبيَّةُ الطَّاهرة، ماذا حَدَثَ لكِ إذ ما شعرتِ، وسَلَبَ جمالَكِ؟
ي- أيَّتُها الحمامةُ الـمُبجَّلةُ مَنِ الَّذي قَصَّ أجنحةَ جمالِ طهارتِكِ.
ك- كفاكَ يوسف، ضَعْ حدًّا لقصَّتِكَ: أنا لستُ مُلامة، وربِّي يشهَدُ لي.
ل- لي محفوظةٌ لؤلؤةُ البتوليَّة، وليسَتْ مسلوبة.
م- مَن هو (الَّذي) يستطيعُ نْ يُـثبِّتَ ما تتكلَّمين أنتِ (بهِ)، من دونِ إيضاح.
ن- مِنْ أيّ متى وكيف النِّساء يحبَلْنَ ويَلِدنَ بلا زواج.
س- تشهد على كلماتي الأرضُ البتولُ الَّتي ولَدَتْ آدمَ، رأسَ القبائل.
ع- على رأسِ الجبل مَنِ الَّذي زَوَّجَ تلك الشَّجرة الَّتي وَلَدَتِ الكبش.
ف- واجبٌ عليَّ، الآن، أنْ أترُكَكِ وأذهب، لأنَّني لستُ مُتَثَــبِّــتًا مِنَ الشَّيء الَّذي قُلتِ.
ص- إليكِ صارتِ، الآن، هذه (الكلمة): تحبل البتولُ بلا زواج.
ق- إقبَلْ كلامي يا ابنَ داود، لأنَّني لم استبدِلْكَ بأيِّ إنسانٍ آخر.
ر- ها العلاءُ والعمقُ يشهدان لي، بأنَّني محفوظةٌ في البتوليَّة.
ش- رَقَدَ يوسفُ، وأتى اليَقِظُ وعلَّمَهُ الحقيقةَ، وأزالَ شكَّهُ.
ت- انذهَلَ البارُّ في ذلكَ الوقت، وقامَ وسَجَدَ للطُّوباويَّة.
فلنَقُلْ كلُّنا …
الفروميون([19]) (الورقة 4ب):
لنَرْفَعَنَّ السُّبحَ والمجدَ والإكرام لذلك المحجوب الذي لا يُفحَص، والعالي الذي لا يتنازل والقدّوس الذي لا يُعاب، الذي بروح فيه صنع الطغمات التسع لكي تستريح مشيئته بتكوين لاهوته؛ الأزليّ الفائق عن الجميع، السرمديّ الموجود في السما والأرض، الَّذي صنع حدًّا لخلائقه وأسّسها وأقامها بحكمته، وزيّنها ببهاء تكوينه؛ لذلك العزيز الَّذي ترتجف السماوات منه وتتزلزل الأرض من نظره، الَّذي بحلول لاهوته العجيب في البتول القدّيسة ارتضى أن يُفحَص من هيولي ضمير يوسف البارّ الذي شكّ بالحبل به البشريّ، وبواسطة جبرايل([20]) زعيم الملائكة أظهر للأرضيّين الحقيقة أنَّ الولدَ هو ابنُ الآب السماويّ، الصَّالح …
السِّدْرو (الورقة 4ب-الورقة 5أ):
أيُّها المسيح علَّة كلّ عيد وزينة سائر الأعياد، وإله الآلهة وسيّد السادات، الذي لـمّا رأى ذاك الَّذي خلقْتَهُ ليعيِّد لك ويمجِّدك أنّه قد عدم هذا الأمر ومال إلى السذاجة وابتعد عن التعييد والابتهاج بالله بواسطة شَور الحيَّة، فلم تحتمل يا أيُّها الصَّالح الشَّفوق على جبلتك هذا التالِف، فاحتلت على شفائه بالتأنيس والتدبير، ومع ذلك رسَـمْتَ له أعيادًا مُشفية لطبعنا الحقير، وقد أهَّلْتَنا بنعمتِكَ أنْ نُعيِّدها جميعها، وقَبِلْنا مع ذلك اليوم أنْ نُعيِّد لذكر الإعلان الملائكيّ الَّذي ظهر ليوسف أبيك بالحلم حين ظهر له جبرايل، زعيم الملائكة، وأزال تقسُّمَ ضميرِه، وضَمحَلَ الشَّكَّ من فكره، وطرَدَ التفحُّصَ منْ نفسِه، وبدَّل حزَنَهُ وكآبتَهُ بفرحٍ وابتهاج، وحَقَّقَ بذلك أنَّ الَّذي حَبِلَتْ به البتول الطاهرة هو مِنَ الرُّوح القدس([21])، واتَّضَحَ الحقُّ مِنَ الملاكِ النُّورانيّ، وانْـحَقَرَتِ الأعدا، وخَزِيَ الـمُستهزِئون، وافتَضَحَ الغاشُّون، وانطَرَدَ اليهود الجاحدون؛ هذا الذَّي به ارتَفَعَ راسُ يوسف وانحنى الشَّعب الظَّالم؛ هذا الَّذي به يبتهج([22]) المؤمنون، ويحزن([23]) الكافرون، ومُـحِبُّو([24]) الله يُعيِّدون وماقِتو([25]) الحقّ يجدِّفون؛ وبه البيعة المقدَّسة تحقَّقَتْ مع يوسف بالإعلان الإلهيّ، وتُسبِّحُ وتَكرِزُ أنَّ البتولَ أمُّ الله.
والآن، نتضرَّعُ إليكَ أيُّها المسيح إلـهُنا، في هذا اليوم المشهور المقدَّس، بألَّا ترذل صلواتنا المتقدّمة لك منّا، بل كُنْ قابِلًا لها بمراحمِك، وأعطِنا أنْ يكونَ لنا هذا العيدُ مكَمِّلًا نقائصَنا، عيدًا يُسامِحُ الخطأة، عيدًا يُطهِّرُ الدَّنسين، عيدًا يُبرِّرُ الـمُذنبين، عيدًا يشفي الموجوعين، عيدًا يفتقد المرضى، عيدًا يفرِّج عن الملهوفين، عيدًا يجمع البعيدين ويحفظ القريبيبن، عيدًا يزيل الأحزانَ ويُلاشي قضبانَ الغضب، عيدًا يهمِّد الخصومات ويُبشِّرُ بالأمانِ والسَّلام، عيدًا يرزَعُ الحبَّ والاتِّفاق، عيدًا يدعو لنا ولأمواتنا إلى بَلَدِ اللَّذَّاتِ ويُوَرِّثُنا الحياةَ الأبديَّة السَّعيدة، وهناك جميعًا نرفع لك المجدَ والشُّكرَ ولأبيكَ ولروحِكَ القدُّوس، الآن وكلَّ أوان.
(لحن البخور): تْهَرْ غَبْرِيل (الورقة 5أ)
تبارَكَ الَّذي أرسَلَ يَقِظَ النُّورِ مِنَ العلاء. ومِثْلَ اليَقظِ كان قد ظَهَرَ في الحلمِ([26]) ليوسف الصِّدِّيق، مِنْ أجلِ مريم خطِّيبَتِهِ (مكيرةؤ) حقًّا، لئلَّا يرتابَ في ما يتعلَّق بِـحَبَلِها بأنَّ الَّذي يتجسَّدُ في داخلِ حشاها، هو مِنَ الرُّوح([27])، و(هو) ابنُ اللهِ الحيُّ. فآمَنَ البارُّ، إذ اعترَفَ وسجَدَ لها ولابنِها الَّذي معها.
(صلاة) العطر (الورقة 5أ-ب):
أيُّها الرَّبُّ الصَّالـحُ والطُّوباويُّ وواهبُ الخيرات، ومانِحُ الصَّالحات، يا مَنْ أظهَرَ محبَّتَهُ لبني البشر بتجسُّدِهِ مِنَ البتولِ القدِّيسة، ابنةِ داود، أظهِرْ أيضًا لنا، أيُّها الرَّبُّ الإله، بواسطةِ عطرِ البخوراتِ هذا، الَّذي قرَّبناهُ في هذا اليوم، (يومِ) بيانِكَ العجيب، الـمُعتَقِ مِنْ كلِّ أنواعِ الأعمالِ الدَّنسة القبيحة، وانشُرْ بنا الرَّائحة الحلوة، (رائحةَ) عذوبةِ مواهبِكَ الرُّوحيَّة والإلهيَّة، لكيما نكونَ لَكَ عطورًا عقليَّة (مةؤًوننا) لكي تَفوحَ (منَّا) -في كلِّ وقتٍ- الرَّائحةُ الطيِّبة، (رائحةُ) قداستِكَ، ونرفعُ إليك …
مزمور: رَمْرِمَينْ (الورقة 5ب)
- لـمَّا نامَ يوسفُ البارُّ، وكان مُرتابًا في فكرِهِ، نزَلَ نحوَهُ يَقِظُ النُّورِ الَّذي يتَّشِحُ باللَّهيب.
- “لا تَـخَفْ، يا ابن داودُ”، قالَ اليَقِظُ ليوسف؛ لأنَّ الَّذي حَلَّ في الصَّبيَّة (بَطلٍـيةا)، هو مِنَ الرُّوحِ القُدُس([28]).
- وفي الحال، قامَ يوسفُ البارُّ، وسجَدَ للطُّوباويَّة، وقال لها: أنا ساجِدٌ لكِ، أيَّتُها البتولُ الَّتي ما عَرَفَها رجلٌ.
باعوت مار يعقوب (الورقة 5ب-الورقة 6أ):
- صَعِدَ اليَقِظُ إلى العلاء الَّذي كانَ قد أُنزِلَ منه. واستيقَظَ يوسفُ([29]) وهو منذهلٌ ومرتعِدٌ وفزعان. زالَ الشَّكُّ مِنْ فكرِهِ، وآمَنَ وتَـثَــبَّتَ، وبدأَ يُسبِّحُ وهو فَرِحٌ ومُرتَكِضٌ ومُبتَهِج.
- رأى النَّقيَّةَ، وضَمَّ يَدَيه، وسَجَدَ قُدَّامها، وقالَ لها: السَّلامُ معَكِ([30])، يا أمَّ الملك. أنا ساجِدٌ لكِ، (أنتِ) البطنُ الَّذي حَمَلَ ملِكَ الملوك، لأنَّني مُتَيَقِّنٌ أنَّ سيِّدَ العلاء، ها (هو) حالٌّ فيكِ.
- الَّذي حَـمَلْتِهِ هو بارئُ الكلّ، وهو المسيحُ الَّذي يترجَّاه العالمُ كلُّه. طوبى لكِ لأنَّكَ أُهِّلْتِ لهذا الـحَبَلِ الإلهيّ. وطوبى لي لأنَّني أُهِّلْتُ أنْ أكونَ عبدًا لطوباويَّتِكِ.
- يُسبِّحُ الأبرارُ لِمَنْ اختارَ لهُ أبًا بارًّا. أيضًا (تُسبِّحُ) الأُمَّهاتُ ذلك الَّذي صارَتْ له مريمُ أُمًّا. يَفرحُ الأنبياءُ، ويرتكِضُ الرُّسُل، وتُسبِّحُ الشُّعوبُ ذلك الَّذي بِـمَولِدِه أظهَرَ محبَّتَهُ لبني البشر.
ثالثًا: وجهُ يوسف، خطِّيب مريم، في اللِّيتورجيَّا المارونيَّة
يجد شكّ يوسف أو ارتيابه في ما يتعلَّق بـحَبَل مريم، مصدرَه في إنجيل متَّى، وذلك مِنْ بَعد عودتها من زيارة نسيبتها إليصابات (راجع مت 1: 18-25). بيد أنَّ نصّ متَّى لا يشير، بشكلٍ واضحٍ وصريح، إلى أيّ ارتيابٍ خامر فكر يوسف. ولكن إذا راجَعْنا الأناجيلَ المنحولة، ولا سيَّما إنجيل يعقوب، نجد فيه موضوع حيرة يوسف في شأن الصَّبيّ، وتُـحيُّرَه في شأن تَرْكِ مريم سرًّا([31]). وإذا راجَعْنا فرض البيان ليوسف نجد أنَّ الفكرة الرَّئيسة الطَّاغية عليه تكمن في كيفيَّة تبديد ارتياب يوسف في شأن الـحَبَلِ العجيب.
لذا، نتطرَّق، في مقالنا هذا، إلى ثلاث نقاطٍ أساسيَّة: نُبيِّن، في النُّقطة الأُولى، ماذا تكشف لنا النُّصوص اللِّيتورجيَّة عن شَكِّ يوسف، ومن ثمَّ حواره مع خطِّيبتِه مريم. ونُسلِّط الضَّوء، في الثَّانية، على حوار يوسف والملاك، وعلى تحوُّل ارتيابه إلى يقينٍ بالحَمْل الإلهيّ. ونختم، في النُّقطة الثَّالثة، بموضوع سجود يوسف لمريم ولابنها.
- يوسف ومريم
لـمَّا عرف يوسف أنَّ مريم حامِلٌ، ولم يعرف مِنْ أين هذا الحَبَل، “قرَّرَ أنْ يُطلِّقها سرًّا” لأنَّه “لا يريد أنْ يُشهِّر بها” (مت 1: 19). هذا ما يورده متَّى في إنجيله. وهذا ما يعكسه نصّ البيان ليوسف، إذ تورد سُوغيتو المساء (حرفا: ه، و) ما يلي: “رآها يوسف وتَـحَيَّرَ وارتابَ في داخلِ فكرِهِ. وبدأ البارُّ يفتكرُ بأنْ يتركَ مريمَ سرًّا”([32]). وفي سوغيتو الصَّباح (أحرف: ب، ج، د، ه)، ذَكَرَ النَّصُّ أنَّ سبب عجبِ يوسف وارتيابِهِ، هو هذا الحمْل الَّذي لم يعرف أنْ يُفسِّره البارُّ، وقد خاف من الملامة ومن حُكْمِ بني قَومه عليه، فقرَّر أنْ يتركها: “حَبِلَتْ مريمُ، ورآها يوسفُ فأخذَهُ العَجَبُ، واضطرَبَ. كان محتجبًا السِّرُّ الَّذي ظَهَرَ فيها، ولأجل هذا لم تحسَّ به. خافَ البارُّ مِنَ الملامة، وما كان يعرف ماذا يقول. حينئذٍ، هَمَّ أنْ يتركَها، ولا يسمع الشَّتيمةَ مِنْ شعبِهِ”([33]). من ناحيةٍ هي حُبلى؛ ومن ناحيةٍ أخرى، يعرف يوسف أنَّ مريم عفيفةٌ وطاهرةٌ كثيرًا، فكيف حدث معها هذا الأمر. وإنْ طلَّقها فمصيرها الرَّجم والموت بحسب الشَّريعة، وهو لا يريد لها ذلك. ويورد السِّدْرو الأَفراميّ([34]) الوارد في صلاة الصَّباح، ما يلي: “ولـمَّا رأى خطِّيبُها يوسفُ البارُّ هذا الـحَبَل، شكَّ في فكرِهِ في شأنِ الـحَبَلِ المملوءِ عجبًا. إذ كان يعرِفها أنَّها بتول، وعفيفةٌ كثيرًا وطاهرة. ومِنْ أينَ هو الحبَلُ الَّذي كان لا ينتظرُ أنْ يراه. وعلى هذه (الأمور) قرَّرَ، في قلبِهِ، أنْ يبتعِدَ عنها ويترُكَها”([35]).
أمام الارتياب والحيرة وعدم الفهم مِنْ قِبَل يوسف، يشير فرْض البيان ليوسف إلى حوارٍ جرى ما بين هذا الأخير ومريم في شأن ما طَرَأَ معها، “لأنَّه كان لا يعرف ماذا يقول”. ويربط البِيتْ غازو كلام يوسف ومريم في شأنْ حَبَلِها ببرارة يوسف، ويورد الآتي: “وبما أنَّه كان بارًّا، لم يشَأْ أنْ يشَهِّر الطُّوباويَّة، بل كلَّمَها سرًّا عمَّا جرى”([36]). ونورد، هنا، بعض ما جاء في الحوار بينهما، كالآتي:
قال لها: “أيَّتُها الصَّبيَّةُ الطَّاهرة، ماذا حَدَثَ لكِ إذ ما شعَرْتِ، وسَلَبَ جمالَكِ؟
أيَّتُها الحمامةُ الـمُبجَّلةُ مَنِ الَّذي قَصَّ أجنحةَ جمالِ طهارتِكِ؟”.
فأجابتْهُ: “كفاكَ يوسف، ضَعْ حدًّا لقصَّتِكَ: أنا لستُ مُلامة، وربِّي يشهَدُ لي.
لي محفوظةٌ لؤلؤةُ البتوليَّة، وليسَتْ مسلوبة”([37]).
ويتتابع الحوار([38]) في ما بينهما، ويطلب منها أنْ تُثبِتَ ما تتكلَّم به، إذ من غير المعقول أنْ تحبَل النِّساء وتَلدِن بلا زواج!! هذا النُّوع من الحوارات موجودٌ في النُّصوص الطَّقسيَّة المارونيَّة، وبخاصَّةٍ في أسبوع الآلام: حوار ما بين الكاروبيم ولصّ اليمين([39])، وحوار ما بين الموت والشَّيطان([40])، وغيرهما. كذلك، نجد، في فرْض ليل عيد الميلاد، حوارًا ما بين مريم والمجوس (سوجيةا عل مريم ومجوًشا)([41]). والغاية من هذه النُّصوص الحواريَّة، في قلب الصَّلاة الطَّقسيَّة الخورُسيَّة، إلقاء ضوءٍ على المسألة المطروحة، بشكلٍ مُبَسَّط، وتأكيد حقيقةٍ لاهوتيَّةٍ يريد النَّصُّ إبرازها وترسيخها في عقول المؤمنين. يبغي النَّصّ، هنا، التَّشديدَ على حَبَل مريم غيرِ الـمُتَوَقَّع وغير المفهوم من النَّاحية البشريَّة، وحَثَّ الـمُصلِّي على ترقُّب النَّتيجة. وتُنهي مريم كلامَها بجوابٍ واضح: “إقبَلْ كلامي يا ابنَ داود، لأنَّني لم استبدلْكَ بأيِّ إنسانٍ آخر”([42]). يظهر، بالتَّالي، صِدْقُ مريم مع خطِّيبها، ووفاؤها لنَذْر بتوليَّتها.
أمَّا السُّوغيتو الصَّباحيَّة، فتورد أنَّ مريم اضطَرَبتْ لـمَّا علِمَت ارتياب يوسف في شأنها، ولكنَّها لم “تُدافع عن نفسها”، ولم تدخُل في جدالٍ مع خطِّيبها، بل سَلَّمَتْ أمرَها لله واتَّكَلَتْ عليه: “هي المتواضعةُ ما كانت ترغَبُ في أنْ تدافعَ عن نفسِها. اضطرَبَ قلبُها مِنَ الشَّكّ، فاتَّكَلَتْ على الله. شاهَدَتِ القلقَ الَّذي في داخلِ قلبِهِ، وعلى الله وَضَعَتْ رجاءَها. تواضَعَتْ جدًّا الطُّوباويَّةُ الَّتي كانت قد امتلأَتْ مِنَ النِّعمة”([43]). وفي مكانٍ آخر من صلاة الصَّباح، نجد أنَّ مريم التَجَأتْ إلى ابنها ليجد حَلًّا لِما حدث: “ولـمَّا رأتْهُ (ليوسفَ) الطُّوباويَّةُ قد ارتابَ في فكرِهِ، طلَبَتْ مِنْ ابنِها أنْ يَظهَرَ له، وأنْ يُـجِيزَ الشَّكَّ مِنْ قلبِهِ”([44]).
يبين لنا يوسف، عبر هذه النُّصوص الطَّقسيَّة، كما في النِّصّ الكِتابيّ في إنجيل متَّى (1: 19-20أ)، رجلًا حائرًا لا يعرف ماذا يعمل، ولا كيف يتصرَّف مع امرأتِه مريم، لأنَّ علاقتهما ليست على مستوًى بشريٍّ بحت، فقد وُجِدَتْ حُبلى مِنَ الرُوح القدس، حتَّى قبْل أنْ يسكنا معًا. هو لا يفهم هذا الأمر، ويريد أنْ يجد مخرجًا مشرِّفًا لها وله استنادًا إلى الشَّريعة نفسها. لذلك، أتى قراره أنْ يترك مريم سرًّا، أيّ أنْ يُغَلِّبَ حُبَّه لها على نصوص الشَّريعة، وذلك لئلَّا تُرجَمَ وتموت. يقود الحبُّ الإنسانَ إلى أنْ يتصرَّف لِما فيه خير الإنسان حبيبه، غير آبهٍ بما سيحصل، ولو لم يكن يُدرِكَ جميع أبعاد تصرُّفه. هنا، يتدخَّل الله مع الإنسان الـمُحبّ ليقوده إلى الخير الأسمى، خيره وخير مَنْ يُحبُّه.
- يوسف والملاك
شدَّدَتِ النُّصوص كثيرًا على اضطراب يوسف وتَشَوُّشِ أفكاره وقلقِه. كما أشارَتْ غالبيَّتها إلى نومه وإلى الأفكار الَّتي أقلقتْه فيه: “وإذ أخذَتْ يوسفَ أفكارٌ ليُطلِّق مريم، أغرَقَ في النَّوم واضطرَبَ في التَّفكير”([45]). وفي المقابل، نجد أنَّ يوسف -على الرُّغم من قلقه وارتيابِه- بقيَ متَّكِلًا على الله، ومعتبِرًا أنَّ اللهَ سيُبدِّدُ مخاوفَه: “نام وغفا وهو مرتابٌ. وحينئذٍ ظهَرَ اليَقِظُ له. وضَعَ اتِّكالَهُ على الله، وهو الحنَّانُ لا يُهمِلُهُ. أرسَلَ إليه يَقظَ النُّور، وأزالَ منه شَكَّ قلبِهِ”([46]).
كذلك، شدَّدَت صلوات الفرْض على برارة يوسف وصلاحه، أي على عُمق علاقته بالله، وعلى إيمانه بالله وانفتاحه عليه. فالبارُّ هو الَّذي يسمع كلام الله ويعمل به (راجع لو 6: 47)، واثقًا بأنَّ الله، مخلِّصَه وراعيَه، لا يتركُ صفيَّه، بل يكلِّمه في رؤيا، وتكون يدُه معه، وذراعه تؤيِّدُه (راجع مز 89 (88): 20، 22-23). ونقتطف بعض النُّصوص الَّتي تُشير إلى برارة يوسف، كالآتي:
- “تباركَ المسيح الَّذي أرسَلَ ملاكًا مِنَ العلاء؛ وكما في حُلْمٍ أظهَرَ ليوسفَ البارِّ والصِّدِّيقِ ما يختصُّ بمريم، في اللَّيل على فراشِه، لئلَّا يرتابَ في الـحَبَلَ بابنِ اللهِ الَّذي تَـجَسَّد”([47]).
- “في نصفِ اللَّيل، بينما نائمٌ يوسفُ البارّ، وقد ارتابَ، انحَدَرَ إليه ملاكُ النُّور، وأجازَ عنه الرَّيب”([48]).
ويختصر السِّدْرو الأفراميّ، في صلاة الصَّباح، سرَّ هذا الحبَل العجيب وغير الـمُدرَك، إذ يؤكِّد الملاكُ ليوسف أنَّ مريم نقيَّةٌ وطاهرةٌ وأنَّ حَـمْلَها هو مِنَ الرُّوح القدس، وأنَّ غاية هذا الحَبَل الإلهيّ هو تجسُّدُ الابن الوحيد، وخلاصُ بني آدم. إنَّه نصٌّ لاهوتيٌّ يعرِضُ للمؤمنين تدبيرَ الله الخلاصيّ، بشكلٍ سهلٍ وواضح: “وحينئذٍ، نزَلَ يَقِظُ النُّورِ، وفي الحلمِ ظَهَرَ له: لا تَـخَفْ أبدًا، مِنَ الحَبَلِ الَذي في داخِلِ امرأتِكَ. مِنَ الرُّوح القُدُسِ هو هذا الحَبَلُ الَّذي في حشاها. كُنْ معَها، ولا تفزَع لأنَّها نقيَّةٌ وبتولٌ كثيرًا. ها قد ارتضى البارئ أنْ يُعيدَ جنسَ بيت آدمَ إلى المكانِ الـمُمَجَّدِ والأوَّل، وأنْ يُخلِّصَهم مِنَ الموت. وأرسَلَني لكي آتـيَ وأُبشِّرَ هذه البتولَ الَّتي حَسُنَتْ له، ليأخذَ مِنْ حشاها النَّقيِّ جسدًا لخلاصِ براياه”([49]).
ومن ناحيةٍ أخرى، تشير بعض النُّصوص إلى أنَّ الابنَ نفسَه هو الَّذي ظهرَ ليوسف وتكلَّم وإيَّاه، وأزال ارتيابَهُ، وكَشَفَ حقيقة حَـمْلِ مريم، بواسطة الملاك: “فليُقرِّب يوسفُ (…) تسابيحَ ممتازةً للابنِ الَّذي أوضَحَ سرَّ حَبَلِهِ الَّذي كان خفيًّا؛ لقد ظَهَرَ له السِّرُّ على يد جبرائيل …”([50]). وتجدر الإشارة إلى أنَّ الملاك لـمَّا خاطبَ يوسف، ناداه باسمه، وقال له: “لا تَـرْتَبْ يا ابنَ داود، …”([51]). وفي رَمْرِمَين المساء، نجد: “«لا تَـخَفْ، يا ابنَ داود»، قالَ اليَقِظُ ليوسف”([52]). “دعاه ابن داودَ، وكأنَّه يُعطيه إشارةً ليَفهم أنَّه مِنْ بيتِ يعقوب سيُشرِق الملك، كما كَتَبَ يعقوب”([53]). هذا يعني أنَّ ترائي الرَّبّ ليوسف والكَشف له عن السِّر الـمُحتَجِب في حشا مريم، أيّ “بأنَّ ابنَكِ (يا مريم) هو سيِّدُ البرايا كلِّها”([54])، “وأنَّ الَّذي حلَّ فيها هو قوَّةُ ابنِ العليّ”([55])، (هذا التَّرائي) يجعلُهُ في منزلة الآباء الأوَّلين، كما تراءَى ليعقوب بن إسحق (راجع تك 28: 10-22)، وليوسف ابنه (راجع تك 37: 5). وكما احتاج الله إلى جواب مريم وقَبولها ليتحقَّق تدبيره الخلاصيّ: “وإذ قبِلَتْ كلمات اليَقِظ بتواضُعٍ لا يوصَف، حَلَّ فيها كلمةُ الله، وحَبِلَتْ مِنَ الرُّوحِ القُدُس”([56])؛ كذلك هو بحاجةٍ إلى جواب يوسف وقَبوله ليكتمل المشروع، إذ إنَّ يسوع يحتاج إلى أبٍ وسلالة: “أخذ يوسفُ المبارَكَةَ وأدخلَها بيتَهُ، إذ تطلَّعَ بها كأنَّها مرَكَبةٌ سماويَّة”([57]). وعن أبوُّة يوسف ليسوع، ولا سيَّما في مقابلةٍ واضحةٍ وأمومة مريم، نجد الآتي:
- “نُعيِّد لذكر الإعلان الملائكيّ الَّذي ظهر ليوسف أبيك بالحلم …”([58]).
- “يُسبِّحُ الأبرارُ لِمَنْ اختارَ لهُ أبًا بارًّا. أيضًا (تُسبِّحُ) الأُمَّهاتُ ذلك الَّذي صارَتْ له مريمُ أُمًّا”([59]).
- يوسف والابن وأُمّه
“بواسطة جبرايل زعيم الملائكة أظهر (الله) للأرضيّين الحقيقة أنَّ الولدَ هو ابنُ الآب السماويّ”([60])، “فآمَنَ البارُّ، إذ اعترَفَ وسجَدَ لها ولابنِها الَّذي معها”([61]). وتُشدِّد نصوصٌ كثيرةٌ على أنَّ يوسف قد أعلن إيمانَهُ بأنَّ مريم بتولٌ هي ونقيَّة، وإيمانَه بأنَّ الَّذي في بطنها هو ربّ الجميع: “أنا مؤمِنٌ بكِ أيَّتُها البتولُ (الَّتي) تُزيِّحُ سيِّدَها حقًّا، لأنَّ الَّذي حَلَّ فيكِ هو سيِّدُ اليَقظين والملائكة وصانِعُ العوالِـم”([62]). ونجد، في لحنٍ آخر، الآتي: “فرِحَ يوسفُ، وابتهجَ ضميرُهُ، من بَعدِ الحزن الَّذي احتَمَلَه، وامتلأَ من الإيمان من بَعدِ الارتيابِ الَّذي آلَمَهُ، وبدأ يشكرُ ويُسبِّح”([63]).
ويضع فرْض البيان ليوسف على فم البارّ إقرارًا بطوباويَّة مريم وقداستها ودورها في تدبير ابنها الخلاصيّ، فيورد ما يلي: “طوبى لكِ يا مريمُ ابنة داود، أيَّتُها المركبةٌ الجسدانيَّة الَّتي حَمَلَتْ ذلك الَّذي تحملُهُ تلك مركبةُ الكاروبيم، أيَّتُها السَّماءُ الجديدةُ الَّتي شُوهِدَتْ على الأرضِ، وزُيِّحَ فيها ذلك ملِكُ الملوكِ وبارئُ البرايا كلِّها”([64])؛ وقد “أعطى الطُّوبى لبتوليَّتِكِ لأنَّها صارَتْ أمَّ الله”([65]).
يعترف يوسف بأمِّ الابن الوحيد، وبابنها “باري البرايا”. وكما أعلَنْتَ مريم إيمانها بالابن: “ها أنا أمةُ الرَّبّ” (لو 1: 38)، يُعلِنُ هو أيضًا إيمانه بالابن، وبأنَّه “سيكونُ كاروزَ الحقِّ لابنِكِ”([66])، أي رسولَه والـمُبشِّر باسمه. وتكشف النُّصوص عن إيمان يوسف بالابن الـحُبلى به مريم، ويقول فيه: “ها إنَّ ابنَ الله حَلَّ فيكِ، ذلك الَّذي هو في حضنِ أبيه”([67]). وفي مكان آخر، يسبِّح يوسفُ ابنَ مريم، ويقول: “أشكرُكَ، يا ربِّي وإلهي، لأنَّكَ تَـجَسَّدْتَ مِنْ دون تغيير، مِنْ أجل خلاص الجنسِ الضَّعيف، (جنسِ) بيت آدم. المجدُ للقويّ، ثالوثيّ الألوهة، الَّذي لا يُفسَّرُ تجلِّيه”([68]).
ومن ثمّ، ينتقل يوسف من الإقرار بطوباويَّة مريم وبتوليَّتها والاعتراف بهما، إلى السُّجود([69]) لها، ومن ثمَّ لابنها. ويقول لها: “أنا ساجِدٌ لنقاوتِكِ، أيُّها القصرُ الجديد، لأنَّ ابنَ الملك حَلَّ في مسكنِهِ”([70]). ويكشف لنا فرْضُ الصَّباح أنَّ يوسف “سَجَدَ قُدَّامها وقالَ لها: تبارَكَ الَّذي جَعَلَني كاروزًا وشاهِدًا لنقاوتِكِ. أنا ساجِدٌ لَكِ أيُّها البطنُ الَّذي حمَلَ ملكَ الشُّعوبِ كلِّها”([71]).
وفي ألحان عديدةٍ منَ الفرْض، نجد أنَّ يوسف -بعدما كشَفَ له الملاكُ عن سرِّ حَبَلِ البتول النَّقيَّة- يطلب السَّماح مِنْ مريم لأنَّه شكَّ بها. ونورد، هنا، نموذجَين اثنَين فقط، كالآتي: “سَجَدَ للنقيَّة، وهكذا قالَ لها: تبارَكَتِ الثَّمرةُ الَّتي في حشاكِ، أيَّتُها القدِّيسة. إغفري لي جهالتي لأنَّني ارتَبْتُ وأرَدْتُ أنْ أُترُكَكِ”([72])؛ “وبخوفٍ، كان يخدم قُدَّامها وهو يتضرَّع: أطلُبُ منْ نقاوتِكِ، إغفِرِي لي جهالتي”([73]). وتطرَّقَتِ النُّصوص إلى موضوع آخر وهو خدْمة يوسف لامرأته. إذ في فترة حَـمْلِها كان يخدُمُها، ويُعينها. وهذا أيضًا موضوعٌ مهمٌّ وأساسيٌّ في حياة المسيحيّ، يكشفه لنا وجه يوسف الصِّدِّيق والبارّ: “و(كان) يخدمُها، وقد تعفَّفَ قُدَّامَها، وكان مُـحافِظًا عليها (…). وكان يخدمُها كالملاك الرُّوحانيّ “([74]).
يُلقِّنُنا يوسف درسًا في كيفيَّة الاعتذار من الآخر عندما نخطأ في حقِّه، أو نُسيءُ إليه، مع العلم أنَّه لم يُسِئ إلى البتول البتَّة. كذلك، يوجِّهنا البارُّ إلى أهمِّيَّة خدْمة الآخر والاعتناء به، لأنَّ يسوع المسيح أتى ليَخدُمَ لا ليُخدَم (راجع مت 20: 28). ونحن، على مِثال الابن-الخادم، خُدَّام بعضنا بعضًا. أنَّ تضعَ الكنيسةُ، في النُّصوص اللِّيتورجيَّة الَّتي يُصلِّيها المؤمنون، موضوعَ طلب السَّماح أو الغفران، هذا أمرٌ في غاية الأهمِّيَّة: إذ يكمن الهدف في أنْ نتعلَّم طَلَبَ الغفران بعضنا مِنْ بعض، وأنْ نعتذر عندما يوجِّب الأمر الاعتذار. وعلى مِثال يوسف، كلُّ واحدٍ منَّا يسأل الغفران من الآخر، ويغفر له، ليغفر لنا الآب السَّماويّ. وعلى مِثال يوسف، ننتقل من الإقرار بالإيمان والاعتراف به، إلى تجسيد الإيمان خدْمةً واهتمامًا وعنايةً بمن هم بحاجة إلينا.
ونختم تفتيشنا عن وجه يوسف بإلقاء الضَّوء على البارّ الَّذي عرف أنْ يحوِّل حياتَه إلى فعل سجودٍ وشكران وتعظيمٍ للابن الَّذي سيكون له خادمًا؛ وللآب الَّذي “اختارَ له الأُمَّ المبارَكَة الَّتي لم تتسلَّطَ عليها الخطيئة، وأرسَلَ اليَقِظَ لكي يُبَشِّرَها بأنَّ ابنَهُ سيولَدُ منها”؛ وللرُّوح القدس الَّذي “قدَّسَ بطنَها”. إذ إنَّ الإيمان الحقَّ يحوِّل حياة المؤمن كلِّها إلى فعْل عبادة لله، أيّ إلى سجودٍ له وتسبيحٍ على عطاياه، وشكرٍ دائمٍ لا ينقطع. ويُصلِّي يوسف قائلًا:
“ألمجدُ للصَّالِـحِ الَّذي ارتضى بنا، وأرسَلَ ابنَهُ مِنْ أجل خلاصِنا.
الشُّكرُ للابنِ الَّذي تَـجَسَّدَ فيكِ،
وللرُّوحِ القُدُسِ الَّذي قَدَّسَ بَطنَكِ (يا مريم)”([75]).
خاتمة
أصدر البابا فرنسيس، في 8 كانون الأوَّل 2020، رسالةً رسوليَّةً بعنوان: بقلبٍ أبَويّ (Patris Corde)، سعى فيها إلى الكَشْف عن دور يوسف في تاريخ الخلاص، “هذا الرَّجل الَّذي يمرّ دون أنْ يلاحظه أحد، رجل الحضور اليوميّ، الـمُتَحَفِّظ والخفيّ، والشَّفيع والعضد (…). يُذَكِّرُنا القدِّيس يوسف أنَّ الأشخاص المخفيِّين ظاهريًّا أو الَّذين هم “في الخطّ الثَّاني”، لديهم دورٌ أساسيٌّ لا مثيل له في تاريخ الخلاص”([76]). وقد شدَّد البابا على أبوَّة يوسف وطاعته وشجاعته الخلَّاقة، وعلى غيرها من المواضيع الَّتي تُكمِل ما سلَّطنا الضَّوء عليه في مقالنا هذا.
وجه يوسف البارُّ والـمُحتَجِب عن مشهد البيبليا، يبين عبر الصَّلاة الخورُسيَّة الطَّقسيَّة إنسانًا كسائر النَّاس الَّذين تُقلقهم مصاعب الحياة اليوميَّة، ويسعى إلى إيجاد الحلّ المناسب لها. منذ بداية مشواره وخطِّيبته مريم واجهته صعوبةٌ كبرى تطاول حياتهما الزُّوحيَّة وصِيتَهما. فكان تَدَخُّلُ الله معه، إذ أبان له سرَّ حَـمْلِ مريم. وإذ “كان قلبُهُ (ليوسف) نقيًّا، أيضًا كانت أفكارُهُ مقدَّسة”([77])، تمكَّن مِنَ التَّجاوبِ وعَملَ الله في حياته، فآمن به ووثِقَ بتدبيره لخلاص البشر، حتَّى ولو لم يفهم سرَّ الحَبَل الإلهيّ بعقله. وجْهُ يوسف، وجه كلُّ واحدٍ منَّا يسير مع الله وعلى خُطاه. وجهٌ يُصارِعُ الظُّلمةَ ليسير في وضْح النَّهار. وجهٌ يتطلَّع إلى الأمام ليَخدُمَ ويهتمَّ ويعتني من دون جلبةٍ وضجيجٍ وضوضاء. فهلَّا تشبَّهْنا بيوسف، وسعَينا إلى أنْ نقبلَ -نظيره- سرَّ الابن الوحيد الَّذي يفوق مدارِكَنا، لنحيا به ومعه ومع الآخرين، مُتَرَجِّين أنْ نلقى الابن الوحيد، يومًا ما، وجهًا إلى وجه؟!
([1]) راجع “يوسف زوج مريم”، بولس الفغاليّ، المحيط الجامع في الكتاب المقدَّس والشَّرق القديم، المكتبة البُولُسيَّة/جمعيَّة الكتاب المقدَّس، طبعةٌ أُولى، 2003، ص 1432. ولا نجد، في الأسطر القليلة هذه، أيَّ ملمحٍ أو قَسَمةٍ من روحانيَّة يوسف البارّ، سوى ما ورد في البيبليا عنه، أيّ في بشارَتَـي متَّى ولوقا.
([2]) راجع دانيال زغيب، “عيد العنصرة في الطَّقس المارونيّ، عيد الرُّوح القدس”، المجلَّة اللِّيتورجيَّة 4، 15 (2012) 126-138 (هنا، ص 127).
([3]) يوحنَّا تابت (تقديم وترجمة)، البِيتْ غازو المارونيّ Add. 14.701 (1263 م.)، جزءان، منشورات جامعة الرُّوح القُدُس، معهد اللِّيتورجيَّا، سلسلة “المصادر اللِّيتورجيَّة المارونيَّة”- 1، الكَسْليك-لبنان، 2000.
([4]) راجع Jean TABET, «Le Beth-Gazō maronite (1263 A.D.), l’Add. 14.701», Parole de l’Orient, 26 (2001) 267-302 (ici, p. 268).
([5]) يوحنَّا تابت، البِيتْ غازو المارونيّ Add. 14.701 (1263 م.)، الجزء الأوَّل، 5- فرْضٌ آخر: للبيان ليوسف، الورقة 16ب-الورقة 18ب، ص 77-83 (= تابت، البيان ليوسف).
([6]) راجع Jean TABET, Op. Cit., p. 268
([7]) راجع دانيال زغيب، مدخلٌ إلى السَّنة الطَّقسيَّة المارونيَّة، سلسلة “باب الإيمان”، سلسلة “حياتنا اللِّيتورجيَّة”- 5، منشورات مكتبة يسوع الملك، بيت ساحور (القُدْس)، 2018، ص 4.
([8]) راجع أيضًا كتاب القُدَّاس بحسب طقس الكنيسة الأنطاكيَّة السُّريانيَّة المارونيَّة، (سريانيّ-عربيّ، حجم صغير)، بكركي، 2005، ص 111-121.
([9]) من الكلمة السُّريانيَّة: فِنقٍيةُا، وهي من أصلٍ يونانيّ، πίνας، ويعني المجلَّد أو الجزء. يتألَّف الفِنْقِيت المارونيّ من مجلَّدَين كبيرَين مطبوعَين؛ وهو كلُّه في اللُّغة السُّريانيَّة. يحتوي المجلَّد الأوَّل على فروض القسم الشَّتويّ؛ وقد طُبع بروما، في العام 1656. ويحتوي المجلَّد الثَّاني على فروض القسم الصَّيفيّ، وطُبع أيضًا بروما، في العام 1666 (راجع بطرس ديب، دراسةٌ في اللِّيتورجيَّا المارونيَّة، ترجمها عن الفرنسيَّة وأنجز ملاحقها وفهارسها الخوري دانيال زغيب، سلسلة “التُّراث اللِّيتورجيّ”- 5، حراجل-لبنان، طبعةٌ أولى، 2014، ص 360-365).
([10]) لا نغفل، طبعًا، أنَّه طُبِعَ للاستعمال الطَّقسيّ، في الكُتُب الطَّقسيَّة الَّتي أصدرَتْـها جامعة الرُّوح القدس-الكَسْليك (لبنان)، راجع أحد البيان ليوسف، صلاة المساء وصلاة الصَّباح، في زمن الميلاد المجيد، صلوات المساء والصَّباح ونصف النَّهار، الكَسْليك-لبنان، 1977، ص 351-379؛ وطُبِعَ أيضًا في صلوات الفَرْض الأنطونيّ، في اللُّغتَين السُّريانيَّة والعربيَّة، راجع البيان ليوسف، صلاة المساء وصلاة الصَّباح، في زمن الميلاد المجيد، الرِّئاسة العامَّة للرَّهبانيَّة الأنطونيَّة المارونيَّة، دير مار روكز – الدِّكوانة، لبنان، 2005، ص 375-440.
([11]) من الكلمةٌ السُّريانيَّة ةِشمِشةا، وتعني الخِدْمة. والتِّشْمِشْت هو الاسم الَّذي يُعطيه الموارنة للكتاب الطَّقسيّ المخطوط الَّذي يحتوي على فروض بعض أعياد السَّنة الَّتي لا نجد فروضًا لها في الفِنْقِيت المارونيّ المطبوع. وغالبيَّة التِّشْمِشْتات مكتوبةٌ في اللُّغة السُّريانيَّة، ما عدا بعض الحسَّايات (أي الفروميونات والسِّدْرات) الَّتي قد نجدها في الكرشونيّ.
([12]) نجد مدوَّنةً مكتوبةً بالكرشونيَّة، على الغلاف الدَّاخليّ الأخير للمخطوط، وهذا نصُّها: “كمُل بمعونته تعالى من يد احقر الانام ومركز المساوِي والاثام اسرايل اصاف العراموني يرجو عدَم الملام وان وُجد غلطة ام زهقة يصلحها القاري بحسُب معرفته لان الكمال لله العلّام. وذلك في كب (22) من شهر كانون الثَّاني سنة 1816 مسيحية. صح صح صح. وكان المعتني في كتابته الاب المحترم الخوري يوسف اصاف ريس دير ماري عبدا هرهريا وهو برسم الدير المذكور. صح”.
([13]) في مكتبتنا الخاصَّة تشمِشْتٌ مخطوط، لم نجد فيه أيَّ إشارةٍ إلى تاريخ نسخه أو اسم ناسخه أو مكان النَّسْخ، ولكنَّنا نعتقد أنَّه يرجع إلى القرن التَّاسع عشر أيضًا مثْل تِشْمِشْت غزير. ويحتوي مخطوط مكتبتنا على فروضٍ طقسيَّةٍ مارونيَّةٍ عديدة، وهي الآتية: فرْض ميلاد ربِّنا بالجسد (من “فرْض مساء الإثنين الَّذي قبْل الميلاد” إلى “فرْض صباح سبت ميلاد ربِّنا بالجسد”)؛ وفرْض مار مارون؛ وفرْض أحد الكهنة؛ وفرْض عيد حبَل حنَّة بمريم؛ وفرْض والدة الله مريم المعروفة بسيِّدة الورديَّة السِّرِّيَّة؛ وفرْض مجد والدة الله الكلِّيَّة القداسة؛ وفرْض مار يوحنَّا مارون؛ وفرْض البيان ليوسف؛ وفرْض مدائح والدة الله مريم. أمَّا فَرْض البيان ليوسف (لجلينؤ ديوسف)، فيحتوي على الصَّلوات الآتية: فرْض المساء، الورقة 166ب-الورقة 171أ؛ وفرْض السِّتَّار، الورقة 171أ-الورقة 173أ؛ وفرْض الصَّباح، الورقة 173ب-الورقة 180أ (في شأنِ هذا المخطوط، راجع دانيال زغيب (إعداد وترجمة)، الكهنة والكهنوت في اللِّيتورجيَّا المارونيَّة، سلسلة “التُّراث اللِّيتورجيّ”- 3، حراجل-لبنان، طبعةٌ أُولى، 2011، ص 276-280).
([14]) لقد عرَّبنا فرْض البيان ليوسف بكامله، أي صلوات المساء والسِّتَّار والصَّباح، ونأمل في أنْ نتمكَّن من نشره لاحقًا.
([15]) هذه السُّوغيتو ألفبائيَّة.
([19]) إنَّ هذا الفروميون والسِّدْرو الّذي يليه، هما بالكرشونيّ، أي باللُّغة العربيَّة المكتوبة بالحرف السُّريانيّ. لم نبدِّل أيَّ شيءٍ في نصِّهما، ولكنَّنا كتبنا النَّصَّين بالحرف العربيّ، وأبدلْنا الهمزة (ء) بحرف الياء السُّريانيّ حيث يجب ذلك (مثلًا: الملايكة، كتبناها: الملائكة)، وأضفنا الحركات الإعرابيَّة والنُّقط والفواصل والتَّضعيف، حيث يلزم، ليتوضَّح المعنى.
([22]) نجد، في النَّصِّ الكرشونيّ، فعل: تبتهج.
([23]) نجد، في النَّصِّ الكرشونيّ، فعل: تحزن.
([24]) نجد، في النَّصِّ الكرشونيّ، كلمة: محبّوا.
([25]) نجد، في النَّصِّ الكرشونيّ، كلمة: ماقِتوا.
([31]) راجع خبر يوسف النَّجَّار، 5 (2)، 6 (3)، في بولس الفغاليّ، رواياتٌ حول طفولة يسوع، سلسلة “على هامش الكتاب”- 29، الرَّابطة الكتابيَّة، طبعةٌ أُولى، 2015، ص 61-62 (وراجع أيضًا ص 61، الحاشية 29).
([32]) فرْض البيان ليوسف، صلاة المساء، الورقة 4أ.
([33]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، الورقة 13أ.
([34]) نجد، في الصَّلاة الخورُسيَّة المارونيَّة، نوعَين من السِّدْرات: النَّوع الأوَّل هو السِّدْرو العاديّ؛ إنَّه قطعةٌ نثريَّةٌ تُتلى من بعد تلاوة الفروميون. ويُتلى هذا السِّدْرو مُلَحَّنًا لحنًا مُرْتَـجَلًا. أمَّا النَّوع الثَّاني، فيُدعى باسم سِدْرو أَفْرِمُيو (سِدرا آَفرِيمُيا)، وله لحنٌ خاصٌّ به. ونجد، في بعض الأحيان، وفي بعض نصوصنا الطَّقسيَّة، وفي صلاةٍ طقسيَّةٍ واحدة، هذَين النَّوعَين، الواحد تلو الآخر، فتختار الجماعة الـمُصلِّية أحدهما.
([35]) فرْض البيان ليوسف ، صلاة الصَّباح، الورقة 14ب.
([36]) تابت، البيان ليوسف، 6- باعوت آخر لمار يعقوب، ص 82.
([37]) فرْض البيان ليوسف، صلاة المساء، سوغيتو (أحرف: ط، ي، ك، ل)، الورقة 4أ.
([38]) راجع حوارًا آخر بينهما، في المرجع نفسه، صلاة السِّتَّار، لحن: سَتْرُونُنْ، الورقة 6أ-ب.
([39]) راجع كتاب الحاش المارونيّ، جونيه، 1902، سِتَّار سبت النُّور، سوغيتو.
([40]) راجع المرجع نفسه، ليل سبت النُّور، القَومة الثَّانية، سوغيتو.
([41]) راجع الفِـنْـقِـيت المارونيّ، القسم الشَّتويّ، روما، 1656، ص 625-631.
([42]) فرْض البيان ليوسف، صلاة المساء، سوغيتو (حرف: ق)، الورقة 4أ.
([43]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، سوغيتو (أحرف: و، ز، ح، ط)، الورقة 13أ.
([44]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، سِدْرو أفراميّ، الورقة 14ب.
([45]) تابت، البيان ليوسف، 5- باعوت مار يعقوب، ص 80.
([46]) فرْض البيان ليوسف، صلاة الصَّباح، سوغيتو (أحرف: ن، س، ع)، الورقة 13ب.
([47]) تابت، البيان ليوسف، 2- تْـهَرْ غَبْريل، ص 77.
([48]) المرجع نفسه، 4- مزمور: رَمْرِمَينْ، ص 79.
([49]) فرْض البيان ليوسف، صلاة الصَّباح، سِدْرو أفراميّ، الورقة 14ب.
([50]) تابت، البيان ليوسف، 5- باعوت مار يعقوب، ص 81.
([51]) المرجع نفسه، 5- باعوت مار يعقوب، ص 80.
([52]) فرْض البيان ليوسف، صلاة المساء، مزمور: رَمْرِمَينْ، الورقة 5ب.
([53]) تابت، البيان ليوسف، 5- باعوت مار يعقوب، ص 81.
([54]) فرْض البيان ليوسف، صلاة الصَّباح، مزمور: عَنُخْ يِشُوعْ، الورقة 16أ-ب.
([55]) تابت، البيان ليوسف، 5- باعوت مار يعقوب، ص 80.
([56]) فرْض البيان ليوسف، صلاة الصَّباح، سِدْرو أفراميّ، الورقة 14أ-ب.
([57]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، باعوت مار يعقوب، الورقة 16ب.
([58]) المرجع نفسه، صلاة المساء، السِّدْرو، الورقة 4ب.
([59]) المرجع نفسه، صلاة المساء، باعوت مار يعقوب، الورقة 5ب-الورقة 6أ.
([60]) المرجع نفسه، صلاة المساء، الفروميون، الورقة 4ب.
([61]) المرجع نفسه، صلاة المساء، (لحن البخور): تْهَرْ غَبْرِيل، الورقة 5أ.
([62]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، (لحن): هْوِي لي لِوْيُو، الورقة 9ب.
([63]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، (لحن): إِنُو نُو نُوهْرُو شَرِيرُو، الورقة 11أ.
([64]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، (لحن): إِنُو نُو نُوهْرُو شَرِيرُو، الورقة 11أ.
([65]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، سِدْرو أفراميّ، الورقة 14ب.
([66]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، مزمور: عُنُخْ يِشُوعْ، الورقة 16ب.
([67]) المرجع نفسه، صلاة المساء، لحن: طُوبَيكْ عِدْتُو، الورقة 2أ.
([68]) المرجع نفسه، صلاة المساء، (لحن): مْشِيحُو نَطَريِهْ لْعِيتُخْ، الورقة 3أ.
([69]) نقصد بالسُّجود، هنا، تكريم يوسف لخطِّيبتِه مريم، وتبجيلها لأنَّها حمَلَتْ الابن الـمُخلِّص. وبالتَّالي، لا نقصد بأنَّ يوسف يسجد لها كما يسجد المؤمن لله ويعبده. ولكنَّنا آثرنا استعمال هذا التَّعبير لأنَّ النَّصّ اللِّيتورجيّ استعمله مِرارًا عديدة. فاقتضى التَّنويه.
([70]) تابت، البيان ليوسف، 3- لْـحُودَاو إِتْقَبَعْ، ص 79.
([71]) فرْض البيان ليوسف، صلاة الصَّباح، (لحن): هْوِي لي لِوْيُو، الورقة 9ب.
([72]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، لحن: لْعِلْ مِنْ شُوفْرِ، الورقة 10ب.
([73]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، لحن: لْمَرْيَم يُلْدَتْ ألُوهُو، الورقة 8ب.
([74]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، باعوت مار يعقوب، الورقة 16ب.
([75]) المرجع نفسه، صلاة الصَّباح، سوغيتو (حرفا: ش، ت)، الورقة 13ب.
([76]) فرنسيس، رسالةٌ رسوليَّةٌ بقلبٍ أبَويّ (Patris Corde)، بمناسبة الذِّكرى المائة والخمسين لإعلان القدِّيس يوسف البتول شفيعًا للكنيسة جمعاء، حاضرة الفاتيكان، 2020، ص 6-7.
([77]) فرْض البيان ليوسف، صلاة الصَّباح، باعوت مار يعقوب، الورقة 16ب.