Almanara Magazine

مار أفرام السريانيّ: حياته ومؤلّفاته.

المقدّمة

إنّ الحبر الأعظم الذي أعلن مار أفرام السريانيّ ملفانَ الكنيسة الجامعة هو قداسةُ البابا بنديكتوس الخامس عشر، وذلك في الخامس من تشرين الأوّل سنة 1920. وقد أعلنه ملفانًا في هذه العبارات:

“بعد استمداد أيْد الروح القدس المعزّي، رأينا أن نمنح بسلطاننا الرسوليّ القدّيس أفرام السريانيّ شماس الرها لقب “ملفان الكنيسة الجامعة” مع كلّ ما يتبع هذا اللقب من تكريم وتشريف”[1].

وأوّل بطريرك سعى لدى قداسة البابا بنديكتوس الخامس عشر لإعلان هذا المقام لمار أفرام هو مار أفرام رحماني بطريرك السريان الأنطاكي (1899 – 1929) الذي رفع إلى قداسته عريضةً في هذا الموضوع وقّعها مار الياس بطرس الحويّك بطريرك أنطاكية للموارنة (1899 – 1931) ومار عمنوئيل يوسف توما بطريرك الكلدان (1900 – 1947) وجمهور من الأحبار ورؤساء الرهبنات.

وكان الموارنة من أوائل الباحثين في آثار مار أفرام وعلى رأسهم العلاّمة الشهير يوسف سمعان السمعاني (1687 – 1768) الذي طبع في رومية بتوجيهات أحبار رومية العظام ستّة مجلّدات مع ترجمة لاتينيّة من مؤلّفات مار أفرام السريانيّة واليونانيّة ليفهم الأوروبيّون كنوز مار أفرام السريانيّ.

إنّ البابا بنديكتوس الخامس عشر أصدر أيضًا في هذه المناسبة براءة رسوليّة بيّن فيها أهميّة مار أفرام السريانيّ وهي تُقسَم الى أربعة أقسام:

أوّلاً: خلاصة حياة مار أفرام

ثانيًا: مدرسة مار أفرام.

ثالثًا: أهمّ ما امتاز به مار أفرام من العبادات.

رابعًا: العرائض المرفوعة إلينا.

والبطريرك أفرام رحماني رحّب ببراءة قداسة البابا بنديكتوس الخامس عشر وهو بدوره وجَّهَ لأبنائه السريان رسالة تُقسَم إلى ثلاثة أقسام:

  1. إيمان مار أفرام.
  2. تعاليم مار أفرام.
  3. فضائل مار أفرام.

ونحن في هذه المحاضرة نقسم كلامنا إلى فصلَين:

الأوّل: حياة مار أفرام السريانيّ.

الثاني: مؤلّفات مار أفرام السريانيّ.

بعد هذه المقدّمة نبتدئ بتفصيل هذَين الفصلَين.

الفصل الأوّل: حياة مار أفرام السريانيّ

صيغَتْ حياة أفرام في مدينتَين:

أوّلاً: في نصيبين

ثانيًا: في الرها

أوّلاً: في نصيبين

وُلِدَ أفرام في نصيبين حوالي سنة 306[2]م. وكانت نصيبين، في بلاد ما بين النهرين، في أوائل القرن الرابع، مدينة الحدود بين الامبراطوريّة الرومانيّة والامبراطوريّة الفارسيّة. وكانت منذ أن عُقِدَ الصلح بين الفرس والرومان سنة 297 م مركَزًا للحاكم الرومانيّ في تلك المقاطعة. وبفضل موقعها الجغرافيّ والسياسيّ، أصبحت مركزًا تجاريًّا واستراتيجيًّا في غاية الأهمّيّة[3]. أمّا بالنسبة إلى مركَزها الدينيّ، فكانت نصيبين قد قبلت البشارة المسيحيّة، منذ أواخر القرن الأوّل. وفي أواخر القرن الثاني، زار نصيبين أبرقيوس مرسلّوس (Avircius Marcellus) أُسقُف هيرابوليس وشاهد فيها “أخوة” شاركهم “سمكة النبع” و “الكأس الممزوجة بالخبز”[4]. وبعد صدور قَرار ميلان سنة 313 أصبحت نصيبين مركَزًا أسقفيًا هامًّا، نظرًا الى أهميّتها السياسيّة.[5] وكان من أساقفتها الأوّلين مار يعقوب أُسقُف نصيبين (308 – 338).

في عهد مار يعقوب هذا نشأ أفرام وتربّى على الإيمان. وحسب ترجمة حياته السريانيّة عيّن المؤرخون سنة 306 تاريخًا لولادته. لم يكن والده كاهنًا للأصنام كما تقول الأسطورة في ترجمة حياته السريانيّة (الفصل 1 – 2)، لأن أفرام ذاته يقول في النشيد السادس والعشرين من أناشيده ضدّ التعاليم الضالّة:

                                 “في طريق الحقّ وُلِدتُ”.[6]

أمّا والدتُه فيقال إنّها كانت من آمِد القريبة من نصيبين.[7] وما قيل عن خطاياه في أيّأم صباه وارتداده الى الحياة النسكيّة، كما ذُكِرَ في الاعترافات المنحولة،[8] لا صحّة له البتّة، لأن أفرام ذاته يقول في النشيد السابع والثلاثين من أناشيد البتولية مخاطبًا المسيح:

                                 “حقّك في طفولتي.

                                 وصدقك في شيخوختي”.

ولئن أُثبِتَ هذا القول أنّ أفرام تمسّك بحقيقة المسيح منذ الصغر فهو لا يُثبتُ في الوقت ذاته أنه قبل العماد في طفولته، لأنّ أفرام أيضًا يقول في أحد أناشيده إنّه قبل العماد في سنّ الرشد.[9]

لقد عايش أفرام في نصيبين أساقفة المدينة الأربعة الأوّلين:

مار يعقوب 338 ومار بابو 346 ومار ولغاش 361 ومار أبراهيم 000[10]

وهو يُشيد بذكرهم في أناشيده المعروفة باسم أناشيد نصيبين 13 – 21 معتبرًا ذاته رضيع الثلاثة الأوّلين[11] ويبدو أنّ ولغاش أثّر على حياته.[12]

يثبت المؤرخون أنّ أفرام بقي شماسًا كلّ أيّام حياته ولم يقبل درجة الكهنوت. ويسمّي هو ذاته في أحد أناشيده ضد التعاليم الضالة 56/ 10                           وهذه الكلمة تعني حسب المعاجم السريانيّة: راعي الغنم، والمدبّر والشمّاس والرئيس والمرؤوس، في الوقت ذاته، أمّا من خلال مؤلَّفات مار أفرام فتدلّ كلمة       على معنى الرعاية، كما جاء في أناشيده ضد التعاليم الضالّة 56/ 10:

لا يُحرَمُ، يا ربّ،
راعيك من أجر أتعابه
إنّي ما بلبلت غنمك.
بل على قدر استطاعتي
منعتُ عنها الذئاب
وبنيتُ حسب إمكاني
حظائر الأناشيد
لخراف رعيّتك

واشتُهِرَ أفرام بتفسير الكتاب المقدّس، في مدرسة نصيبين التي أسّسها مار يعقوب أسقف المدينة. بعد عودته من المجمع النيقاوي سنة 325. وأقام فيها أفرام                         مفسّرًا للكتاب المقدّس، كما يُثبِتُ المؤرّخ برحد شابا[13]. أما مرافقته لمار يعقوب إلى المجمع النيقاويّ المذكور، كما تذكر التراجم السريانيّة في الفصل الخامس، فلا شيء يؤكّدها وربّما نُسِبَتْ إلى أفرام هذه العلاقة بالمجمع النيقاويّ لتعزيز كتابات مار أفرام ضد الأريوسيّين[14].

في أيّام الأمبراطور الساساني، شابور الثاني، تكرّرت الحصارات على نصيبين ووقعت المدينة تحت الحصار أولاً سنة 338 في عهد مار يعقوب، وثانيًا سنة 346 في عهد مار بابو، وثالثًا سنة 359 في عهد مار وَلغاش[15]. ويصف أفرام بإسهاب في أناشيد نصيبين من النشيد الرابع حتى النشيد الثاني عشر، الحصار الثالث الذي وقع في عهد مار وَلغاش أسقف نصيبين. أمّا الحصار الرابع الذي وقع سنة 363 في عهد مار أبراهيم خليفة مار وَلغاش، فكان الحصار الذي عجّل بنهاية العهد الرومانيّ في نصيبين. ففي تلك السنة، انهزم الامبراطور يوليانوس الجاحد أمام القوّات الفارسيّة، ووقع قتيلاً في قطيسفون العاصمة الساسانيّة وخَلَفَه الأمبراطور يوفيانوس الذي عقد صلحًا مع شابور وسلّم نصيبين إلى الفرس. ويصف أفرام، في أناشيده ضد يوليانوس، مصرع هذا الجاحد، وإذ يرى بأمّ عينه جثّته تمرّ وراء سور نصيبين، ويرى في الوقت ذاته العَلَم الفارسيّ يركَّز على أحد ابراجها يرى في هذه الواقعة، لا مصادفة اعتيادية بل تدبيرًا من العدل الإلهيّ، عقابًا للجاحد وقصاصًا للمدينة[16].

وعلى أَثَر معاهدة الصلح التي عقدها الأمبراطور يوفيانوس مع الأمبراطور الفارسيّ شابور الثاني وصار بموجبها تسليم نصيبين إلى الفرس، ترك المسيحيّون نصيبين وتوجّهوا إلى المقاطعة الرومانيّة، وتُعتَبَر السنة 363 نهاية العهد النصيبيني في حياة مار أفرام لأنه هو كذلك مع المسيحيّين ترك نصيبين إلى الرها، وإن كان يُرجَّح من بعض كتاباته، أنّه بقي مدة في نصيبين حتى بعد الاحتلال الفارسيّ. لأنّ أفرام ذاته يشهد أنّ الفاتح الجديد، عامل المسيحيّين معاملة حسنة ولم يُضطرَّهم إلى الهجران. وإذ يقارنه بيوليانوس يفضّله على ذلك الجاحد[17]. ويميل البعض أيضًا إلى القول أنّ أفرام قبل أن يقيم نهائيًا في الرها، أقام مدّة في آمد، ضيعة أمّه، مع بعض المهجَّرين[18].

ثانيًا: في الرها: (363 – 373)

كانت الرها المعروفة اليوم باسم أورفا في تركيّا، مركَزًا دينيًّا وثقافيًّا أهمّ وأقدم من نصيبين، فأسطورة الأبجر جعلتها مهدَ المسيحية السريانيّة، في بلاد ما بين النهرين. وفي سنة 363، عند وصول أفرام إليها، كانت تضمّ في جبالها المجاورة نسّاكًا مشهورين، مثل يوليان سابا وابراهيم القيدوني. وإنّ وَلغاش أسقف نصيبين كان ناسكًا في الرها قبل أسقفيّته[19] وأسقف الرها الذي لقيه أفرام عند وصوله كان اسمه برسا وكان هذا أيضًا ناسكًا قبل دعوته الى الأسقفيّة. وفي الأسقفيّة تحمّل الاضطهاد والنفي في سبيل الكنيسة. فقد نقله الامبراطور فالنس الى حرّان سنة 371 ثمّ أرسله إلى المنفى في السنة التالية[20].

وكان في الرها مدرسة لاهوتية مشهورة، أَمَّها طلاب العلم من بلاد المشرق ومن بلاد فارس خاصّة فسُمّيت مدرسة الفرس. إلى مدرسة الرها هذه انضمّ أفرام معلّمًا، وفي كنيسة الرها تابع رسالته شماسًا. فارتبط اسمه فيما بعد بمدرسة الرها وبكنيستها، فعُرِفَ مدى الدهر بشماس الرها الملفان[21].

وكانت البرديصانية وبعض الهرطقات في الرها تبثّ سمّها القتّال من خلال أناشيد شعبيّة نظمها برديصان ذاته[22]،فلقيت رواجًا عظيمًا في صفوف الشعب. وقد هبّ أفرام لمحاربتها بأسلحتها ذاتها. فعلى مثالها نظم الأناشيد الدينيّة وضمّنها خُلاصة التعاليم الخَلاصيّة وعلّمها النساء والفتيات في الرها، فأخذن يُنشدنها في الكنيسة ويُرجعن الإيمان الصحيح إلى قلوب الرعبة.

وقد وضع السروجي نشيدًا خاصًا لمدح مار أفرام، وصف فيه جوّ الرها المشحون بالهرطقات وبيّن فيه دور مار أفرام المدافع عن الإيمان الصحيح ودور النساء والفتيات اللواتي حاربن هذه الهرطقات بأناشيد مار أفرام[23].

ويمكن أن يكون أفرام قد صرف في الرها فترة من حياته في النسك على طريقة يوليان سابا[24] لكنّ الرسالة التي قام بها في الرها لم تكن لتسمح له بأن يتذوّق حلاوة هذه العيشة النسكيّة الطويلة المدى[25]. في هذا الموضوع يقول العلاّمة Louis Leloir “لم يكن أفرام ناسكًا متوحّدًا. فأنواع النشاطات التي قام بها، واعظًا ومعلّمًا وموسيقارًا وشاعرًا تكفي لتكون برهانًا على ذلك. إلاّ أنّه كان يهتمّ بالحركة النسكيّة السريانيّة ويشجّعها،ويعالج في مؤلّفاته أهمّ طرق الرهبنة. ويبدو أن أفرام كان ينتمي مثل الأسقف وَلغاش الى جماعة من النسّاك مرتبطة بنشاطات راعويّة، لكنّها مقيّدة ببعض قوانين جوهريّة تتناسب مع رسالتهم مثل البتوليّة والفقر وبعض التنظيمات الخارجيّة… ولئن كان أفرام اعتنق الحياة الرهبانيّة بحصر المعنى، فما ذلك إلاّ بنوع متقطّع”[26].

وهناك تقليد سريانيّ مارونيّ عن مفهوم مار أفرام للنسك والنسّاك، يذكرْ البطريرك الدويهيّ في أحد كتبه، نورده هنا على سبيل المثال: “وكان مار أفرام يحضّ الاخوة على السير معه إلى البراري، ليتأمّلوا بعقولهم ويعاينوا بأبصارهم المحابس التي يسكنها الآباء الفاضلون والمغاور التي هاموا وتوحّدوا فيها والأراضي التي كان رقودهم عليها والمسوح التي كانوا يلبسونها والصخور التي كانوا يتوسّدونها والسواقي التي كانوا يستقون منها والأشجار التي كانوا يتغذَّون بثمرها والسواقي التي كانوا يستقون منها والأشجار التي كانوا يغتذون بثمرها والسلاسل التي كانوا يقيّدون بها أجسادهم وكما لبس هؤلاء صورة الله كذلك الذي يراهم ويقصد أن يتشبّه بهم يكون متشبّهًا بالمسيح أيضًا”[27].

ان التراجم اليونانيّة لحياة مار أفرام التي ألّفها أمفيلوك المنتحل[28]. تقيم علاقة روحيّة بين أفرام وباسيليوس الى حدّ أنّها تصوّر أفرام يقبل الكهنوت من يد باسيليوس ولكن لا صحة لهذا القول[29].

وكما اشتهر مار أفرام في الرها بالنسك والتعليم والدفاع عن الدين، عُرِفَ في الرها أيضًا بمساعدة المنكوبين. فقد عمّ فيها وَباء خلال السنتين 372 و373 وأصاب عددًا كبيرًا من أبناء الرها بالمرض والجوع. فهبّ أفرام لمساعدتهم بكل غيرة ومحبة حتى أنّه قضى ضحيّة تفانيه في خدمة المصابين بهذا الوباء[30].

وكانت وفاته كما جاء في حوليّات الرها، في 9 حزيران سنة 684 يونانيّة، ما يقابل سنة 373م[31] ويمكن أن يكون أفرام قد دُفِنَ حسب وصيّته المنحولة، وتلبية لرغبته في مقبرة الغرباء في الرها[32] ثمّ نُقِلَ رفاته، فيما بعد الى مدفن الأساقفة في كنيسة الرها، وحُفِظَ مع رفات الأساقفة[33] ويقول الأب FIEY الخبير بآثار ما بين النهرين، إنّ أفرام دُفِنَ حيث أُقيم فيما بعد دير مار سركيس للأرمن المعروف اليوم باسم الخضر الياس شرقيّ أورفا[34].

الفصل الثاني: مؤلَّفات مار أفرام السريانيّ

مؤلَّفات مار أفرام فيض عظيم، نَسَبَ إليه المؤرّخ سوزومين[35] (Sozomene) نحو ثلاثة ملايين بيت من الشعر. وقال عنه الكاتب اللاتيني مار إيرونيموس[36] (St. Jerome)، إنّه كتب كثيرًا باللغة السريانيّة واشتهر جدًا حتى أنّ كتاباته كانت تُقرَأ في بعض الكنائس بعد قراءة الانجيل المقدّس.

عندما جُمعت كتب مار أفرام وُضعت مصنَّفات كثيرة تحت اسمه لتُعطَى قيمةً أدبية. وعندما نُشرت آثاره لم يُميَّز فيها بين الأصيل والدخيل فنُسِبَ إليه ما ليس له. لذلك قام العلماء المدقّقون في هذا العصر وغربلوا مؤلَّفات مار أفرام وبحثوا فيها بدقّة وعمق، وعيّنوا ما هو صحيح فيها وما هو مشتبه وما هو مُنتَحَل. وأهمّ الباحثين في هذا الموضوع هم ثلاثة علماء[37]:

الأوّل بوركيت[38] (Burkit) اعتمد على النصوص الكتابيّة التي استعملها أفرام.

والثاني فوبوس[39] (Voobus) اعتمد على الكتابات النسكيّة التي كتبها أفرام.

والثالث[40] (Beck) اعتمد على المخطوطات القديمة التي حفظت آثار مار أفرام والتي تعود الى القرنَين الخامس والسادس، وراقب أيضًا الأوزان والألحان التي استعملها أفرام وبحث في نوعيّة المواضيع اللاهوتية وعمقها في مجموعة CSCO من سنة 1955الى سنة 1979، نَشَر منها تسعة عشر مجلَّدًا بالسريانيّة وألحقها أيضًا بتسعة عشر مجلّدًا بالألمانية هي الترجمة الكاملة والدقيقة للأصل السريانيّ.

ليست كلّ المجلّدات التي نشرها إدموند بيك هي أكيدة لمار أفرام بل هناك المشتَبَه والمنتَحَل بينها. هو ذاته في مقدّماتها عيّن ما هو لمار  أفرام وما هو ليس له. ونحن هنا، بالاستناد الى رأي إدموند بيك، نعيّن ما هو صحيح لمار أفرام ونكتفي هنا بتقديم لائحة بمؤلّفاته التي ثبتتْ صحة نسبتها إليه.

أوّلاً: المؤلَّفات الشعريّة

المؤلَّفات الشعريّة عند أفرام نوعان: المدارش أي الأناشيد والميامر أي المواعظ. وهذه كلّها نشرها ادموند بيك في مجموعة الكتبة المسيحيّين الشرقيّين المعروفة باسم CSCO، وفي ما يلي لائحة بمصطلحاتها وسنوات نشرها مع بعض الفوائد.

  1. الأناشيد
  2. أناشيد الإيمان: BECK, HF.، سنة 1955.

تُقسَم أناشيد الإيمان الى قسمين: الأول يضمّ ثمانين نشيدًا وموضوعها الإيمان (                      ) والثاني يضمّ سبعة أناشيد عنوانها اللؤلؤة (                      ) المجموع 87 نشيدًا. وكلّها موجّهة ضدّ ألأريوسيّين، وتعود إلى عهود مختلفة من حياة مار أفرام وهي أهمّ آثاره.

  • الأناشيد ضد التعاليم الضالة: Beck, CH.، سنة 1957.

حارب أفرام في هذه الأناشيد التعاليم الضالّة التي كانت منبثّة بين المسيحيّين من قِبَل مرقيون وماني وبرديصان وغيرِهم من الضالّين. وقد بلغ مجموع هذه الأناشيد 56 نشيدًا. وهي تعود إلى العهد النصيبينيّ من حياة مار أفرام.

  • أناشيد الفردوس: BECK, HP، سنة 1957.

يبلغ مجموع أناشيد الفردوس 15 نشيدًا وهي تعود إلى العهد النصيبينيّ.

  • أناشيد يوليانوس الجاحد: BECK, HJU.، سنة 1957.

يبلغ مجموع هذه الأناشيد ضد يوليانوس أربعة أناشيد وهي تعود إلىى العهد النصيبينيّ.

  • أناشيد الميلاد: BECK, HN. سنة 1959.

تبلغ أناشيد الميلاد 28 نشيدًا، وهي تعود الى العهد الرهاويّ من حياة مار أفرام. الأناشيد الثمانية الأخيرة ليست كلّها أكيدة النسبة لمار أفرام.

  • أناشيد الدنح: BECK, Hepi.، سنة 1959.

تبلغ أناشيد الدنح 12 نشيدًا وليست كلّها أكيدة النسبة لمار أفرام.

  • أناشيد الكنيسة: BECK, HE.، سنة 1960.

تبلغ أناشيد الكنيسة 52 نشيدًا، وهي تعود إلى العهد الرهاويّ من حياة مار أفرام. وليست كلّها متجانسة بموضوعها، فموضوع الكنيسة لا يوافق إلا الأناشيد الأولى. أما الأناشيد الباقية فهي تتضمّن عدة مواضيع منها الحرّيّة ومحبّة القريب والعدالة والجودة الالهية ومخافة الله وعظمة الإنسان وشقاؤه.

  • أناشيد نصيبين: الجزء الأوّل: Beck CN1، سنة 1961.

الجزء الأوّل من أناشيد نصيبين يتضمّن 34 نشيدًا. الأناشيد من 1 الى 21 بعضها معنون في خلاص المدينة (2 – 12) وبعضها في مار يعقوب ورفاقه (13 – 16) وبعضها في أبراهيم أسقف نصيبين (17 – 21). وهذه الأناشيد بمجملها تصف الحصارات التي تحمّلتها نصيبين في الحرب ضد الفرس (350 – 363) وتصف عهود الأساقفة الأربعة الذين تعاقبوا على رعاية نصيبين وهم يعقوب وبابو وولغاش وأبراهيم. والأناشيد من 25 الى 30 تتعلّق بكنيسة الرها. والأناشيد من 31 الى 34 وعنوانها بيطوس أُسقُف حرّان تتكلّم على الوثنيّة المزدهرة في حرّان الواقعة جنوبيّ الرها. وتاريخ تأليف هذه الأناشيد يعود الى عهود مختلفة من حياة مار أفرام.

  • أناشيد نصيبين: الجزء الثاني Beck, CN2، سنة 1963.

الجزء الثاني من أناشيد نصيبين يتضمّن الأناشيد الباقية من 35 الى 77 مع ملحق في آخر الكتاب عن الموتى. هذه المجموعة يسودها تعليم نهيوي ذو نغمة جدلية ضدّ الغنوسيّين وضد الذين ينكرون قيامة الأجساد وخلود النفس. وإذا راقبْنا العناوين التي قسّمت حولها هذه الأناشيد يمكننا أن نأخذ فكرة واضحة عن المواضيع المهمّة التي يتكلّم عليها أفرام وهذه العناوين هي:

في ربنا والموت والشيطان             35- 51

في الشيطان والموت                       52 – 70

في الانبعاث                                     71 – 77

تاريخ تأليف هذه الأناشيد يعود الى السنوات الأخيرة التي عاشها أفرام في الرها.

  • أناشيد البتولية: BECK, HV.، سنة 1962.

تبلغ أناشيد البتوليّة 52 نشيدًا. وهي تدور حول مواضيع إنجيليّة متنوّعة وتقدّم شرحًا رمزيًا لأسرار الربّ. أما موضوع البتوليّة فلا يوافق إلاّ الأناشيد الثلاثة الأولى. وقد ألّفها أفرام في العهد الرهاويّ.

  • أناشيد الصوم: BECK, HJ.، سنة 1964.

تبلغ أناشيد الصوم عشرة أناشيد مع ملحق بأربعة أناشيد. وهي تعود الى العهد النصيبينيّ في حياة مار أفرام وميزاتها النفحات اللاهوتيّة المتشبّعة من العهد القديم.

  • أناشيد الفصح: BECK, Hpas.، سنة 1964.

تحت هذا العنوان نشر إدموند بيك ثلاث مجموعات من الأناشيد وهي:

أناشيد الفطير                               21 نشيدًا                             Hazy

أناشيد الصلب                              9 أناشيد                              Hcru

أناشيد القيامة                              5 أناشيد                              Hres

هذه الأناشيد تعود الى العهد النصيبينيّ وهذه النظرة تؤيّدها المجادلات الواردة فيها ضدّ تعاليم اليهود التي كانت سائدة في نصيبين.

  • الميامر
  • ميامر الإيمان:                BECK, SF.، سنة 1961.

ميامر الإيمان هي ست مواعظ شعريّة.

  • ميمر عن ربنا:                 BECK, SDN.، سنة 1966.

هذا الميمر هو من الشعر المنثور، يتألّف من 59 قطعة. أسلوبه بديع يطفح بالمقابلات البيانيّة والصور الشعريّة.

  • ميمران في التأنيب وغير ذلك: BECK, Sermones I، سنة 1970.
  • ميمر في نينوى ويونان وغير ذلك: BECK, Sermones II، سنة 1970.

ملاحظة عامّة: هذه الميامر  كلّها تعود إلى العهد النصيبينيّ من حياة مار أفرام.

ثانيًا: المؤلفات النثريّة

  • تفسير سفر التكوين وسفر الخروج:

لم يبق من تفاسير مار أفرام لأسفار العهد القديم إلاّ سفر التكوين وسفر الخروج. ولكن هذا التفسير هو مبتور فهو يتوقّف عند الفصل الثاني والثلاثين من سفر التكوين والفصل السادس والعشرين من سفر الخروج. نُشِرَ هذا التفسير مع ترجمة لاتينية في مجموعة CSCO، سنة 1955.

  • تفسير الدياطسرون:   LELOIR, Ec. Syr-Arm.

كان هذا التفسير للإنجيل المعروف بالدياطسرون مفقودًا وله ترجمة فقط بالأرمنيّة إلى أن اكتُشِفَ سنة 1957 فدرسه الأب للوار ونشره مع ترجمة فرنسيّة في مجموعة Sources Chrétiennes، سنة 1966.

ملحق: المؤلَّفات الأرمنيّة الأكيدة

نضيف هنا الى مؤلَفات مار أفرام الأكيدة بعض كتابات له فُقِدَتْ بنصّها السريانيّ وحُفِظَتْ بترجمة أرمنيّة وهي مجموعة من الأناشيد والميامر وبعض تفاسير للإنجيل ولرسائل مار بولس[41].

الخاتمة

ليس السريان الكاثوليك، ولا السريان الموارنة، ولا السريان الكلدان وحدهم يكرّمون مار أفرام السريانيّ، بل هناك كثيرون من أبناء الكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة، ومن أبناء الكنيسة الأشوريّة وغيرهم من أبناء الكنائس المختلفة يقدّرون كتابات مار أفرام السريانيّ،وعلى رأسهم البطريرك أفرام برصوم بطريرك السريان الأرثوذكس (1933 – 1957) الذي كَتَبَ للأجيال المسيحيّة عن مار أفرام السريانيّ أبلغ مقال في كتابه اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانيّة.

ذلك المقال الذي سَطَره البطريرك أفرام عن مار أفرام قَلّ مَن كتب مثله مِن الأدباء والمؤرّخين وقد جاء فيه:

 “مار أفرام السريانيّ إمام اللغة وصفوة الشعراء المطبوعين وأجمعهم لكثير من المعاني في قليل من الألفاظ… ضمّن أشعاره من الأفكار السامية والمعاني النبيلة، ما يحمل به قرّاءه على الارتقاء إلى أجواء الصلاح والاستمساك بأهداب الخشوع والعبادة… وقد تمكَّن حبُّ الله في قلبه حتى بلغ منه كلّ مبلغ. فنُعِتَ بنبيّ السريان وشمسِهم وكِنّارة الروح الإلهيّ،وأقرّت له النصرانيّة بالإمامة وهو في قيد الحياة، فتناشدت شعره، وأقبلت على تسبيح العزّة الإلهيّة بنشائده العذبة الشجيّة”[42].

عن مار أفرام السريانيّ قال أيضًا الأب الدكتور لويس ساكو البطريرك الحاليّ على الكلدان:

“أفرام وجه حضاريّ كبير ومشرق للكنائس الناطقة بالسريانيّة، وللكنيسة الجامعة. فالتراث الدينيّ الوافر الذي خلّفه في مجالات الطقوس واللاهوت والتصوّف والروحانيّات، يؤلّف كنزًا فريدًا نعود إليه، لما يحتويه من روح عميقة وأصالة ناصعة، لاسيّما في عصرنا، حيث الكلّ يبحث عن هُويّته وخصوصيّته القوميّة والفكريّة”[43].

يُجمع الجميع على الاعتراف بتعليم مار أفرام السريانيّ، لأنّه كان قبل الانشقاقات التي حَصَلَتْ في الكنيسة السريانيّة. ولأنه كان في أيّام المجمع النيقاويّ سنة 325. ولأنّ الإيمان الذي كان يعلّمه في أناشيده هو صورة عن الإيمان النيقاويّ الذي يُقرُّ به جميع المسيحيّين في الشرق والغرب.

وأحسن كلام نختِم به هذه المحاضرة حول مار أفرام هو كلام الحبر الأعظم البابا بنديكتوس الخامس عشر في آخِر براءته الرسوليّة التي أعلنت مار أفرام ملفانًا في الكنيسة الجامعة. قال قداسته في الخاتمة هذا الكلام الذي نجعله نحن هنا مِسْكَ الخِتام:

“يطفح قلبُنا بهجةً وحبورًا بمنحنا شرفَ الملفنة ومجدَها للقديس أفرام السريانيّ. معتقدين أنّ الأسرة المسيحيّة المنتشرة في الأصقاع بأسرها تجد فيه شفيعًا مشفّعًا ومحاميًا قديرًا لدى المراحم الإلهيّة. ولا ريب أنّ أولادنا كاثوليكيّي المشرق يلاحظون في تقريرنا هذا برهانًا جديدًا على عنايتنا الخصوصيّة، ويردّدون في أذهانهم تعطّف الأحبار الرومانيّين على الكنائس المنفصلة عنهم. ومن ثَمّ نبتهل إليه تعالى بكلّ قلبنا أن يُزيل بشفاعة مار أفرام الملفان الحواجزَ التي تعترض قسمًا كبيرًا من القطيع المسيحيّ وتُقصيه عن الصخرة البطرسيّة السرّيّة التي عليها أسّس يسوع الفادي كنيستَه. ليت شموس ذلك اليوم السعيد تلوح قريبًا فتتّحد القلوب جميعُها وتصبح الحظيرةُ كلُّها واحدةً وراعيها واحدًا!”.

ونحن بدورنا نصلّي لأجل هذه الوَحدة. آمين

وأخيرًا أشكر من كلّ قلبي لجميع الحاضرين والسامعين حضورهم وإصغاءَهم…

كما أشكر جميع تلاميذي وتلميذاتي وجميع المعارف والأصحاب.

وأشكر خصوصًا السكرتيرة الحبيبة السيّدة لاريسّا باسيل التي بالرغم من أشغالها الكثيرة في المزار قد تعبت وطبعت هذه المحاضرة.

وأشكر الآنسة ………….. التي قدّمت هذه المحاضرة على الشاشة أمامكم.

وأشكر دائمًا لله الآب والابن والروح القدس، ولأمّنا العذراء مريم سيّدة لبنان، ولمار أفرام السريانيّ النعم والبركات من الآن والى أبد الآبدين. آمين.

مزار سيّدة لبنان ـ حريصا                                              الأب يوحنا يشوع الخوري م.ل.

   في 6 تشرين الأوّل  2017


[1] إسحق أرملة – حياة مار أفرام صفحة 89.

[2]  De Halleux, Epherm p. 330.

[3]  Fiey, Nisible, p. 185.

[4]  Fiey, Evêques, p. 123.

[5]  Fiey, Evêques, p. 124.

[6]  Beck, ch, 26, 10.

[7]  Chronique de seertr, p. 291.

[8]  BHG, n. 587 sv.

[9]  Beck, ch 3, 13.

[10]  Fiey, Nisibe, pp. 21-34.

[11]  Beck, VN, 14, 25.

[12]  Beck, CN, 15.

[13] Outtier, Ephrem, p. 26.

[14] De Halleux, Ephrem, p. 331.

[15] Fiey, Nisibe, pp. 24 – 30.

[16] Beck, HJU, 2, 1 – 16.

[17] Beck, HJU, 2, 26 – 27.

[18] Chron. De Seert II, p. 292.

[19] Outtier, Ephrem, p. 13.

[20] De halleux, Ephrem, pp. 331 -332.

[21] Chron, de seert I, p. 381.

[22] Outtier, Ephrem, p. 21.

[23] Bedjan, AMS, t. 3, pp. 665 – 679.

[24] Beck, HV, 21, 15.

[25] De Halleux, Ephrem, p. 332.

[26] Leloir, Actualité, p. 62.

[27] البطريرك اسطفان الدويهي، منارة الأقداس، الجزء الثاني ص 417.

[28] BHG. N. 255.

[29] De Halleux, Ephrem, p. 332.

[30] Graffin, Paradis, p. 8.

[31] Outtier, Ephrem, p. 15.

[32] Fiey, Nisibe, p. 63.

[33] Voobus, Asceticism, p. 92.

[34] Fiey, Evêques, p. 135.

[35] Sozomene, Histoire Ecclesiatique3, 1.

[36] Jerome, de viris Illustribus, 115.

[37] Cf. de halleux, Ephrem, p. 332; SABER, p. VIII ; Joseph Melki, « Saint Ephrem le syrien, un bilande l’edition critique », in : Pdo 11 (1983) 3 – 88.

[38]  F.C. Burkit, S. Ephrem’s quotations from the Gospel (Texts and studies, 7, 2), Cambridge 1901.

[39]  Voobus, Asceticism et id., Literary Critical and Historical studies in Ephrem the Syrian, Stokholm 1958.

[40]  E. Deck, die Theologie des HI. Ephraem in seinen Hymnen uber den Glauden, in : Studia Anselmiana, Fasc. XXI, Rome 1949, p. 1 sv.

[41] Hymnes de S. Ephrem conservées en version armenienne, ed. et trad. Latine L. Maries et C. Mercier, PO ; 30, Paris 1961 ; Commentaire de l’Evangile Corcodant, Version armenienne, ed. et trad. L. Leloir, CSCO ; 137 – 145 = Arm. 1/ 2, Louvain 1955 ; S. Ephraemi Syri Commentarii in Epitolas D. Pauli, ed. et trad. Latine Peres Mechitaristes, Venise 1893 ;  Ephrem de Nisibe, Memre sur Nicomedie, (fragments syriaques) ed. et trad. C. Renoux, PO 37  Fasc. 2 et 3, Paris 1975

[42] البطريرك أفرام برصوم، اللؤلؤ المنثور، صفحة 243 – 252.

[43] آباؤنا السريان للأب د. لويس ساكو، صفحة 74.

Scroll to Top