Almanara Magazine

” كَما أَرسَلتَني إلى العالَم، أَنا أَيضاً أَرسَلتُهُم إلى العالَم ” يو17: 16

عَلاقَة جَمعِيَّة المُرسَلينَ اللُّبنانيين المَوارِنَة بِالأَبرَشِيَّة البَطريركِيَّة المارونِيَّة في مِنطَقَة جونيه

                                                                 المطران انطوان- نبيل العنداري

الجُذور التاريخِيَّة  

   أَنشَأَ المَجمَع اللبناني المُنعَقِد في دير سَيّدَة اللويزة بتاريخ 30 أيلول سنة 1736، أَبرَشِيَّة جونيه المارونِيَّة (بعلبك سابقاً) معَ سائرِ الأَبرَشِيّاتِ السَبع: حَلَب، طَرابلُس، جبيل والبَترون، دمشق، قبرص، بيروت، صور وصيدا. وتَغَيَّر إسمُ الأَبرَشِيَّة مَرَّتَين بِقَرارٍ مِنَ المَجمَعِ البَطريركي. المَرَّةُ الأُولى بتاريخ 27 آب سنة 1977 فصارَ اسمُهَا أَبرَشِيَّة جونيه بَعدَ اقتِطاع بعلبك ومنطقة البقاع الشمالي عنها، والمَرَّةُ الثانِيَة يَومَ أَصبَحَت نِيابَةً بَطرِيرَكِيَّة سنة 1999، وهيَ تَضُمُّ قِسمَاً مِن مِنطَقَةِ كسروان ومناطق الفتوح، وتمتَدُّ جُغرافِيّاً: جَنوباً الوادي الصاعِد مُتَعَرِّجَاً بَينَ غادير وصَربا حتّى مَحَلَّة فارَيّا-عيون السيمان. ويُشَكِّلُ هذا الوادي الحُدودَ معَ نِيابَةِ صَربا البَطريركِيَّة. ويُشَكِّلُ نَهرَ ابراهيم شَمالاً الحُدودَ معَ أَبرَشِيَّةِ جبَيل صُعوداً إلى مَنبَعِهِ في جِوار بَلدَةِ أَفقا.

   أَمّا جَمعِيَّةُ المُرسَلينَ اللُّبنانيينَ المَوارِنَة فَقَد تَأَسَّسَت كَما هُوَ مَعلوم، سَنَة 1865، في دَيرِ المُخَلِّص أَو دَير الكريم – غوسطا، بِسَعيٍ حَثيث قامَ بِهِ الخوري يوحنا الحَبيب( المطران فيما بعد ) معَ العَديدِ مِنَ الكَهَنَة الغَيورين وفي مُقَدِّمِهِم الخوري اسطفان قزاح، الرئيس العام الأَوَّل. وتُشَكِّلُ هذه السنة، سَنة 2015، سَنَةً يوبيلِيَّة لِلجَمعِيَّة، بعدَ مُرورِ مائةٍ وخَمسينَ سَنَة على التَأسيس والعَمَلِ الرِسالي والرَسولي في كَنَفِ البَطريركِيَّةِ المارونِيَّة، وفي حُضنِ الأَبرَشِيَّة. وكَما نَمَت حَبَّةُ الخَردَل لِتُصبِحَ شَجَرَةً كَبيرَة يُعَشِّشُ طَيرُ السَماءِ فيها، هكذا نَمَت الجَمعِيَّة وأَصبَحَت مُتَواجِدَة في لُبنانَ والخارِج لِخِدمَةِ الإنجيلِ والكَنيسَة والمُجتَمَع. وتَضُمُّ حالِيّاً في نِطاق الأَبرَشِيَّة البَطريركِيَّة المارونِيَّة – منطقة جونيه أَدياراً سِتَّة ومَؤَسَّسَاتٍ ثَلاثَة نُعَدِّدُهَا كَما يَلي: دَير الكريم- غوسطا، وهو الدير الأُم، دَير الكريم- ميروبا، دير مار يوحنا الحَبيب- جونيه، وهو مركز الرئاسَة العامَّة، دير مزار سَيِّدَة لُبنان- حَريصا، مَعهَد الرُسُل- جونيه، إكليريكِيَّة مار يوحنا الرسول- حريصا، ومُؤَسَّسات مَطابِع الكريم الحَديثَة، إذاعَة صَوت المَحَبّة، وتلفزيون المَحَبَّة في جونيه. ولَن نَستَعرِض بَقِيَّةَ الأَديار والمَدارس والرسالات الموجودَة على الأَراضي اللبنانِيَّة وفي ديار الانتشار.

العمَل الرسالي والرسولي

   أخَذَت الجَمعِيَّةُ على عاتِقِهَا مَشاريعَ العَمَلِ الرِسالي والرَسولي، وهِيَ الأُمنِيَةُ العَزيزَة على قَلبِ المُؤَسِسين الذينَ أَرادوا هذه الجَمعِيَّة جَماعَةً تَعمَلُ على التَنشِئَةِ والتَبشيرِ بِالإنجيل في كُلِّ مَكان، دونَ تَرَدُّدٍ أو تَأجيلٍ أَو تَقاعُس.

   وبِمَا أَنَّ مُعظَمَ مَراكِزِ وأَديار الجَمعِيَّة في لُبنان تَتَواجَدُ ضِمنَ نِطاقِ الأبرَشِيَّة البَطريركِيَّة المارونِيَّة- مِنطَقَة جونيه، فَإنَّهُ مِنَ الطَبيعي أَن تَنشَأََ عَلاقَةٌ خاصَّة وَمُمَيَّزَة بَينَ الجَمعِيَّةِ والأَبرَشِيَّة.وسَنُحاوِلُ قَدرَ المُستَطاع، وعلى ضَوءِ الإختبار، أَن نَتَناوَلَ خِبرَةَ التَعاون في قِطاعات الخِدمَةِ والرِسالَة بَينَ الجَمعِيَّةِ والأَبرَشِيَّة وِفقَ التَرتيبِ التالي:

-الرسامات

-التفويضات

-الخدمة الرعويَّة

-الرياضات الروحِيَّة

-الاحتفالات الليتورجِيَّة

-المخيّمات الرسولِيَّة

-التنشِئَة

-التَربِيَة

-النَشر والكتابة

-الإعلام

-المرافقة الروحِيَّة والإرشاد

-مناسبات مُتَفَرِّقَة

-الخبرَة الشَخصِيَّة

التعاون بين الجمعيّة والأَبرَشِيَّة

    نَتَكَلَّمُ عَن هذا التَعاون، بِطَريقَةٍ عَمَلِيَّةٍ مَلموسَة، وفي فَترَةٍ زَمَنِيَّةٍ مُحَدَّدَة، أَي زَمَنَ خِدمَتِنَا الأُسقُفِيَّة في رِعايَةِ الأَبرَشِيَّة مُنذُ السابِعِ مِن شَهرِ تِشرين الثاني سنة 1999 إلى يَومِنَا.

1-تَبدَأُ الشَرِكَة بالرسامات الشدياقيّة والشمّاسيّة والكهنوتِيَّة التي مَنحناها لإخوَةِ وآباءِ الجَمعِيَّة، بِنِعمَةِ اللّه وبِتَفويضٍ مِنَ السَيِّدِ البَطريرك، بِناءً على طَلَبٍ واضِحٍ وخَطّي مِن قُدسِ الأَبِ العام بَعدَ مَشورَةِ مَجلِسِ المُدَبِّرين. وإذا كانَ هُناكَ بَعضُ الاستِثناءات، فَكانَت نادِرَةً ومَحصورَةً بِشَخصِ غِبطَةِ أَبينَا البَطريرك أَو أَحدِ الأَساقِفَة مِن أَبناءِ الجَمعِيَّة.

2-يَلي الرسامات الكَهنوتِيَّة التَفويضاتِ المُتَعَلِّقَة بِالخِدمَةِ الرِعائيَّة: كَتَعيين أَحدِ آباءِ الجَمعِيَّة في خِدمَةِ رَعِيَّةٍ مُعَيَّنَة، أو مُعاوِناً لِرَعِيَّة، أَو مُقتَضَياتِ الخِدمَةِ في مَزارِ سَيِّدَة لُبنان. وتَشمُلُ بَعضُ هذه التَفويضات  أَلحَلَّ مِنَ الخَطايا المَحفوظَة بِمناسَبات السَنَوات المُقَدَّسَة أَو اليوبيلِيَّة، والأَعيادِ الكُبرى، والرياضات الروحِيَّة السَنَوِيَّة في رَعايا الأَبرَشِيَّة.

3-إستَعانَت وَتِستَعينُ الأَبرَشِيَّة، بَعدَ مُوافَقَةِ الأَبِ العام ومُعاوِنيه، بِعَدَدٍ مِنَ الآباء لِخِدمَةِ الرَعايا نَظَراً لِحاجَةِ الأَبرَشِيَّة. ونَذكُرُ على سَبيلِ المِثال خِدمَة رَعايا وطى الجوز ووادي عَين الدلبة لِفَترَةٍ مُعَيَّنَة مَضَت، وحالِيّاً خِدمَةَ رَعِيَّتَي مار زَخيا- بَطحا، ورَعِيَّة  الصَليب- بزمّار. ناهيكَ عَن طَواعِيَّةِ وجُهوزِيَّةِ الآباء في مُعاوَنَةِ كَهَنَةِ بَعضِ الرَعايا ولا سِيَّما رعايا مَدينَةِ جونيه وضَواحيها.

4-أَمَّا إحياءُ الرياضات الروحِيَّة في الرَعايا والأَديار، وفي الجَماعاتِ الكَهنوتِيَّة والكَنَسِيَّة،فَهِيَ مِن صَميمِ خُصوصِيَّةِ الجَمعِيَّةِ ورِسالَتِهَا التَبشيرِيَّة. ويُمكِنُ القَول بِأَنَّهُ لَم تَخلُ، في هذه الحَقَبَة، رَعِيَّةٌ مِن رَعايا الأَبرَشِيَّة مِن رياضَةٍ روحِيَّةٍ سَنَوِيَّة دونَ الاستِعانَةِ بِأَحَدِ آباءِ الجَمعِيَّة. وقامَ فَريقٌ مِن آباءِ الجَمعِيَّةِ في السَنواتِ الأَخيرَة  بِتَحضيرِ عِظاتٍ لِزَمَنِ الصَومِ المُبارَك مَطبوعَةٍ في كُتَيِّبٍ يُوَزَّعُ على الكَهَنَة لِلإفادَةِ مِنهَا.

5-ولا يُمكِنُ تَجاهُلُ خِدمَةَ الاحتِفالات الليتورجِيَّة المُتقَنَة في مَزارِ سَيِّدَة لُبنان، أو الخِدمَة على صَعيدِ الأَبرَشِيَّة في بَعضِ المُناسَبات وفي الرَعايا. واستَعادَت الأَبرَشِيَّة الاحتِفال بيَومِ خَميسِ القُربان أَو خَميسِ الجَسَد، وهوَ تَقليدٌ قَديم كانَ قَد تَوَّقَّفَ لِمَرحَلَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الزَمَن. ويَتِمُّ الاحتِفالُ بِهذا العيد، بِمُشارَكَةِ سائرِ الكنائس الكاثوليكِيَّة المُتَواجِدَة في مَدينَةِ جونيه، انطِلاقَاً مِن باحَةِ مَعهَدِ الرُسل، مُروراً بِشَوارِعِ مَدينَةِ جونيه، وخِتاماً في إحدى الكَنائس ولا سِيَّما كَنيسَة مار يوسف-المينا.

6-وتَجولُ المُخََّيمات الرَسولِيَّة، سَنَةً بَعدَ سَنَة، أَثناءَ العُطلَةِ الصَيفِيَّة، على المَناطَقَ في الأَبرَشِيَّة لِتَطولَ الكِبارَ والصِغار على مدى أُسبوعَين مِنَ الرِسالَة. فَتُعنى بِتَأمينِ الإعتِرافات وإحياءِ القُدّاسات والسَهَراتِ الإنجيلِيَّة والحَلَقات التَدريبِيَّة وزيارَةِ المَرضى ومُرافَقَةِ المُسِنّين والنَشاطاتِ التَرفيهِيَّة…

7-كَما تَستَحوزُ التَنشِئَةُ الدينِيَّةَ والروحِيَّة على قِسطٍ كَبيرٍ مِنَ الجَهدِ والاهتِمام. فَإلى جانِبِ مَعاهِدِ التَثقيفِ الثَلاثَة في الأَبرَشِيَّة، يَحتَلُّ مَعهَدُ التَثقيفِ الديني في مَعهَدِ الرُسُل مَكانَ الصَدارَة كَمّاً ونَوعاً، ويُهَيّءُ في الوَقتِ عَينِه كَوادِرَ لِلتَعليمِ المَسيحي.

8-” وتَبعَاً لِما كَسَبَ المُرسَلونَ مِن خُبُراتٍ وجَدارَة، عَمَدَت الجَمعِيَّة إلى إقامَةِ مَدرَسَتِهَا الخاصَّة في مَدينَةِ جونيه ” (كُرَيمُ الحَبيب، الأَب يوحنا العنداري1994). لَقَد واصَلَت الجَمعَيَّة خِدمَتَها التَربَوِيَّة في الأَبرَشِيَّة بعدَ مَدارِس دير الكريم- غوسطا سنة 1895، ومار يوحنا الحَبيب- جونيه سنة1902 ، ومدرسَة عين ورقة سنة 1935، فَأَسَّسَت مَعهدَ الرُسُل في شَهرِ تشرين الأَوّل سَنَة 1940 تَحتَ إدارَةِ الآباء فيليب السمراني ويوسف مرعي وبطرس شلهوب. ولا يَزالُ هذا المَعهَد الزاهِر، بِرؤَسائهِ المُتَعاقِبين، يُؤَدّي رِسالَتَهُ التَربَوِيَّة ويَحتَضِنُ أَفواجاً مُتَزايِدَة مِنَ النَشءِ اللّبناني عامَّةً والكسرواني خاصّة. ولا بُدَّ مِنَ التَنويهِ، هذه السنَة- سَنة 2015-  بِالإحتِفالِ الماسي لِمَعهَدِ الرَسُل الذي يتَوافَقُ معَ يُوبيل المائةِ والخَمسينَ لِتَأسيسِ الجَمعِيَّة.

9-نُضيفُ إلى جانِبِ خِدمَةِ النَشءِ والتَربِيَة، رِسالَةَ النَشرِ والكِتابَة. لَقَد دَأَبَت كَنيسَتُنَا المارونِيَّة على نَشرِ الكُتُبِ الطَقسِيَّة، بِواسِطَةِ مَطابِعِ الكريم الحَديثَة، مِن طِباعَةِ رُتبَةِ القُدّاس الإلَهي سَنَة 1973 إلى طبعة سنة 1992 وطِباعَة كُتب القراءات: الرَسائل والأَناجيل سَنَة 1993. وهِيَ لا تَزالُ تَقومُ بِرِسالَتِهَا في طِباعَةِ قُدّاسات الرسامات الأُسقُفِيَّة، والرَسائل الراعَويَّة لأَصحابِ الغِبطَةِ والنيافَة، وسِواها مِن مَنشورات الرُسُل. ولَم تَقتَصِر رِسالَةُ النَشرِ والكتابة على الكُتُبِ الطَقسِيَّة، بَل تَعَدَّتها إلى طباعَةِ المَجَلاّتِ الدَورِيَّة: مثلَ مَجلَّة سَيّدَة لبنان التي تَوَقَّفَت عَنِ الصُدور، ومَجَلَّةِ المَنارَة التي استَأنَفَت، مُنذُ سَنوات، إصداراتها بِحُلَّتِهَا الجَديدَة.

10-وتابَعَت الجَمعِيَّة رِسالَتَها التَبشيرِيَّة بِواسِطَةِ الإعلامِ ووَسائلِ التَواصُلِ الحَديثَة. فَقامَت بِتَطويرِ بَثِّ إذاعَةِ صَوتِ المَحَبَّة عَبرَ الأَثير وتِقَنِياتِ الأنترنت، وإنشاءِ تلفزيون المحَبَّة الذي يَبُثُّ بَرامِجَهُ عبرَ الصُحونِ اللاقِطَة والأنترنت. فتَعَدَّتِ البِشارَةُ حُدودَ الأَبرَشِيَّة لِتَصِلَ إلى بُلدانِ الإنتِشارِ والساحَةِ العالَمِيَّة.

11-وتَغتَني العَلاقَةُ بَينَ الجَمعِيَّةِ والأَبرَشِيَّة مِن خِلالِ المُرافَقَة الروحِيَّة والإرشاد. فامتازَت رِسالَةُ الجَمعِيَّةِ معَ الكَهَنَة وبَينَ الناس بِالمُرافَقَة الروحِيَّة لِلجَماعاتِ الكَنَسِيَّة: مِثلَ فِرَقِ السَيِّدَة ومُؤَسَّسَة ” درب السَما ” وَرُسُل الإنجيل والفِرَقِ الكَشفِيَّة والحركات الرسولِيَّة والمُنَظَّماتِ الشَبيبِيَّة…إلى مُرافَقَةِ بَعضِ الكَهَنَة والعائلات والأَشخاص مُرافَقَةً روحِيَّةً وأَخَوِيَّة عَبرَ الإرشاد الروحي.

12-لا تَنحَصِرُ العَلاقَة بَينَ الجَمعِيَّةِ والأَبرَشِيَّة بِالمَرافِقِ التي ذَكَرنا آنِفَاً، بَل هُناكَ العَديدُ مِنَ المُناسَباتِ المُتَفَرِّقَة والنَشاطات المُتَعَدِّدَة التي جَمَعَت وتَجمَعُ الجَمعِيَّة بِالأَبرَشِيَّة: مُناسَباتٌ ثَقافِيَّة وروحِيَّة واجتِماعِيَّة. يُضافُ إلَيهَا عَلاقاتُ المَوَدَّة بَينَ آباء الجَمعِيَّة وكَهَنَةِ الأَبرَشِيَّة وأَبناء الرَعايا، وسُبُل التَعاون- إكليروساً وعلمانيين- في مَيادينَ ومَجالاتٍ عِدَّة.

13-ولِيَسمَح لَنا القاريء، في الختام، أَن نَذكُرَ العَلاقَةِ الخاصَّة المُحِبَّة والخِبرَةِ الشَخصِيَّة التي تَربِطُنَا كَأُسقُفٍ وراعٍ لِلأَبرَشِيَّة بِالجَمعِيَّة العَزيزَة. بَدأً مِنَ الناحِيَة العائلِيَّة: فالمَرحوم والدي الخوري أَنطون العنداري وابنُ عَمِّه المرحوم الخوري يُوسف العنداري كانا مِن تَلامِذَة مَعهَدِ عَين وَرقَة ومعهَدِ الرُسُل وَزُمَلاء دِراسَةٍ لِبَعضِ آباءِ الجَمعِيَّةِ فيهَا. ونَذكُرُ العَديدَ مِنَ آباء الجَمعِيَّة، مِن عائلَة العنداري: مِن الأبوين العامَّين أنطونيوس العنداري ويوسف العنداري إلى الأَب يوحنا العنداري، المُتَحَدِّرينَ مِن بَلدَتَي عَبدين وكفور العَربي، وسواهُم مِنَ الذينَ أَفنوا العُمرَ في بُلدانِ الرِسالَة كالأَباء أنطونيوس ومخايل ونعمةالله العنداري في بيونس أيرس- الأرجنتين الذينَ عَبَروا إلى الدارِ الأَبَدِيَّة. ولا تَزالُ الجَمعِيَّة تَحتَضِنُ أََبَوان مِن بَلدَتَي عَبدين وبِلاَّ يَخدُمانِ حالِيّاً في لَبنان وروما.

   أَمّا مِنَ الناحِيَة الرِعائيَّة، فَإلى جانِبِ المَوَدَّة المُتَبادَلَة والعَلاقَة الشَخصِيَّة الأَخَوِيَّة معَ الآباء والجَمعِيَّة بِأَكمَلِهَا، فَيُمكِنُ الشَهادَةَ بِأَنَّ التَعاونَ بَينَ الجَمعِيَّةِ والأَبرَشِيَّة يَرتَكِزُ على التَفاهُم والتَواصُل وجُهوزِيَّةُ الخِدمَة المُستَنِدَة إلى روحانِيَّةٍ رِسالِيَّة ورَسولِيَّة. ويُمكِنُ أَن تُشَكِّلَ هذه العَلاقَة، بِإيجابيّاتِهَا الكَثيرَة، مِثالاً يُحتَذى بِهِ في العَلاقَة بَينَ الرهبانيات والأَبرشيّات بِما فيها احتِرامِ الخُصوصِيّات.

   لَقَد شَدَّدَت وَثيقَةُ ” التَوجيهات بِشَأنِ العَلاقات المُتَبادَلَة بَينَ الأَساقِفَة والرُهبان في الكَنيسَة ” الصادِرَة عَن مَجمَع الأَساقِفَة المُقَدَّس ومَجمَع الرهبان والمُؤَسَّسات العلمانِيَّة المُقَدَّس بتاريخ 14 أيار سنة 1978، على أَهَمِّيَةِ التَنسيقِ المُناسِب في نَشاط الكَنيسَة الخَصيب المُتَعَدِّدِ الوجوه.

   ختاماً، نَوَدُّ أَن نَنتَهِزَ المُناسَبَة اليوبيلِيَّة لِنُهَنّيء جَمعِيَّةَ المُرسَلينَ اللبنانيين المَوارِنَة، طالبينَ مِنهُ تعالى أَن يُبارِكَ هذه الجَمعِيَّة رَئيساً عامّاً ومُدَبِّرين وآباءً وإخوَة، لِتَبقى أَمينَةً لِرِسالَتِهَا وخَميرَةً طَيِّبَةً في الكَنيسَة والأَبرَشِيَّة. وإلى سِنينَ عَديدَة زاخِرَة بِالعَطاء.  

Scroll to Top