ألان شهوان
01 مختصر تاريخ دير مار سركيس وباخوس في ريفون
خلال النصف الأوّل من القرن السابع عشر، ترهّب سليمان مبارك († 1713) من غوسطا، بعد ترمّله، مع خمسة من أولاده في دير مار شليطا مقبَس في البلدة المذكورة. وبعد فترة، خلال العام 1655، ترك القس سليمان مبارك برفقة أولاده الدير المذكور، وتوجّهوا نحو مزرعة ريفون حيث شيّدوا دير مار سركيس وباخوس، فكان ديرًا مزدوجًا أي يضمّ رهبانًا وراهبات. وانصهر جمهور المقام طوال القرن السابع عشر بالسياسة التوسعيه النصرانية على حساب المسلمين باتجاه وسط وجرد كسروان، مشاركين مشايخ آل الخازن والأديار الأخرى.
عُرف دير ريفون كرسيًا أسقفيًا خلال عهدي التنظيم الأبرشي التابعين للكنيسة المارونية. قبل المجمع اللبناني (1736)، شكّل الدير مقرًا لأسقفين من آل مبارك على صيدا، هما: المطران يوسف مبارك (1683-1713) والمطران جبرائيل مبارك الأوّل (1713-1733)، فضلاً عن استمراره ديرًا مزدوجًا. وشكّل المقام بموجب مقرّرات المجمع اللبناني كرسيًا لراعي أبرشية بعلبك، وتعاقب على هذا الكرسي أربعة أساقفة، إثنان منهم من آل مبارك، أمّا الأربعة فهم: المطران إسطفان الدويهي (1728-1762)، المطران جبرائيل مبارك الثاني (1763-1788)، المطران بطرس مبارك (1788-1808) وآخرهم المطران أنطون الخازن (1808-1858)، فضلاً عن استمرار المقام ديرًا للرهبان والراهبات.
خلال مجمع اللويزة (1818)، عند دراسة لجنة الأوقاف المنبثقة عن المجمع المذكور حقوق العائلات على أوقافها، نشب خلاف بين آل مبارك ومشايخ آل الخازن حول حقّ الولاية على دير ريفون، ورُفع الأمر إلى الكرسي الرسولي الذي حكم لصالح آل مبارك سنة 1833. فطالب هؤلاء من البطريرك يوحنّا الحلو (1809-1823) والكرسي الرسولي تحويل الدير إلى مدرسة عمومية لخير الطائفة المارونية. فتحقق مطلبهم وتحوّل الدير إلى مدرسة التي خرّجت كهنة أفاضل خدموا الكنيسة المارونية خَير خدمة وبعناية ملفتة. وبسبب أزمات أقتصادية مالية وديون تراكمت على المدرسة، أقفلت هذه الأخيرة أبوابها خلال العام 1927[1].
02 من هو القس عون نجيم؟
هو عون ابن كامل نجيم من غوسطا. انضوى إلى دير مار شليطا مقبَس في غوسطا، ثمّ انتقل إلى دير مار سركيس وباخوس في ريفون؛ سامه المطران جرجس حبقوق قسًا في 13 نيسان 1670. في آواخر تشرين الأوّل 1689، قام القس عون برفقة القسّين بطرس وحنّا ضو برحلة حجّ إلى القدس دامت حوالي ستّة أشهر. وتوفي بتاريخ 13 آذار 1696 في دير ريفون[2]. نشط القس عون نجيم في التأليف ونسخ المخطوطات. فله العديد من المنسوخات غير المنشورة والمحفوظة في أرشيف البطريركية المارونية في بكركي، ومنها: اللاهوتية، والتاريخية الكنسية, والجدلية، واللغوية[3]. كما له العديد من الأعمال المنشورة، وهي: “يوميّة” تتناول أحداث سياسية، ودينية، وأحوال مناخية وإقتصادية تشمل القرن السابع عشر، نشرها القس أنطونيوس شبلي في مجلّة المشرق[4]. كما له “زجلية” تؤرخ للصراع المسيحي الاسلامي في جرد كسروان خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر نشرها الخوري بولس قرألي في المجلّة البطريركية[5]. كما للقس عون نجيم زجلية أخرى على وزن إفرامي، وهي موضوع البحث، تتناول القوانين الرهبانية لجمهور دير مار سركيس وباخوس في ريفون، وضعها القس عون سنة 1690، ونشرها الخوري بولس قرألي سنة 1932[6].
03 منهجية نشر الزجلية
نشر الخوري بولس قرألي زجلية القس عون نجيم كما هي، فلم يضع لها شروحات في الهامش. أمّا في هذا البحث، فسيعاد نشر الزجلية مع وضع تعليقات وشروحات لها في الهامش. ولكن أي تعليقات وأي شروحات؟ يبدأ القس عون نجيم قائلاً:
“من يتبع درب القديس مار أنطونيوس النفيس الربّ ينجيه من ابليس
ومن حيل الشيطان
وضع لنا يا اخوة قوانين وهم يحفظونا من المجانين ويكونوا لنا معينين
في هذا الدهر الفاني”.
إنطلاقًا من بداية الزجلية، يظهر أن جمهور دير ريفون اتبعوا قوانين أو أقوال القديس أنطونيوس الكبير، كوكب البريّة، في حياتهم الروحية الديرية. إذا سيتمّ شرح القوانين الواردة في الزجلية وربطها بأقوال القديس أنطونيوس الكبير الملزمة للحياة الرهبانية والمنقولة عن كتاب بطريرك الإسكندرية أثناسيوس (298-373)، المعاصر للقديس أنطونيوس، والمحفوظ منها نسخة في أرشيف البطريركية المارونية في بكركي[7]. وعندما سيتعذر الربط بمخطوط بكركي، سيتمّ اللجوء إلى كتاب الهدى، وقوانين المجامع الكنسية المارونية السابقة للزجلية، وبعض الأصول والمصادر الكنسية الأخرى، وبستان الرهبان لآباء الكنيسة القبطيّة المنشور عند مكتبة السائح، لشرح مضمون الزجلية.
الزجلية
من يتبع درب القديس مار أنطونيوس النفيس الربّ ينجيه من إبليس
ومن حِيَل الشيطان[8]
وضع لنا يا إخوة قوانين وهم يحفظونا من المجانين ويكونوا لنا معينين
في هذا الدهر الفاني
وبعد ذلك ننال الملكوت ونسجد دَوم لاسم الثالوث ونُسبّح لربّ الجبروت
ومع الآباء الرهبان
الذين حفظوا الرهبنة[9] مع القوانين والمسكنة سكّنهم ربّنا الجنّة
أنطونيوس والرهبان
كذلك من يريد يكون معهم وفي السماء يرافقهم يقبل القوانين مثلهم
والفقر[12] أيضًا هو المسكنة ثلاثة قوانين للرهبنة يخلّصون الراهب من اللعنة
ويسكنه في الأجنان
ومن يريد يدخل بالمحاربة[13] لازم يقعد بالتجربة لئلا تأتيه الكربة
ويصير من الندمان[14]
وبعده ينذر على نفسه النذورات بحضرة رئيسه لئلا الشيطان يسوسه
ويرميه في الطغيان
وأمّا القديس البار مار أنطونيوس المختار كوكب النجم المزهر
زايد عن الرهبان
كما هو باين من الأخبار ومن قصص باقي الأبرار زاد هو عن جميع الأحبار
بالقوانين والاحسان
امتناع عن اللحم دايم[15] قانون رابع دَوم صايم[16] نذر مختص أيضًا قايم
ومن يخالفه يكون سكران
ويقطع الأربعاء والجمعة[17] ويصوم دايم إلى التاسعة[18] صلواته تكون متشفّعة
في من يتبعه من الآن
وأيضًا خمسين يوم صيام مفروضة بتلك الأيام[19] والصلاة دايم دَوام
يشكر ويسجد حقّاني[20]
في خامس عشر من تشرين يبدأ بالصيام والقوانين ويطرد أيضًا المجانين
أعني بتشرين الثاني[21]
وثاني صيام هو أربعين يوم بثاني الغطاس أيها القوم وهو صيام المسيح إلى اليوم[22]
يعيننا الله الرحمان
وأيضًا أصوام الميلاد وبطرس وبولس يا أجواد[23] يرزقنا الله العبّاد
وشفاعته يا إخواني
وقطاعة السيّدة مريم[24] تكون شفيعته بالعالم لينجو من جميع المظالم
ومن حريق النيران
ومن يتشبّه بالقديس مار أنطونيوس الحبيس ويخلّصنا من إبليس
في صلوات الطوباني
قضا عمره في الصيام غياب شمس كل الأيام[25] والصلاة أيضًا قيام
نهاره وليله سهران
ومن جهّة اللبس يا إخوة عبا عاللحم وقلسوة وبشتيك وزنّار جلد حقوه[26]
والنوم عالحصير كمان[27]
ولمّا يرقدوا الرهبان لا يحلّو زنّار يا إخوان والقلسوة أيضًا كمان[28]
ولا ينام عند العلماني
وأيضًا لا يكثر الدوران ويأخذ حذره من النسوان لئلا يوقع بالتوهان
ويستسلم للشيطان[29]
وفي الديورة تكون سكنته تحت الطاعة مع إخوته ولا يكسل يقاع في شبكته
أعني مصيدة الطغيان
والصلاة تكون في أوقاتها في ليلها مع أشياتها ونهارها مع فرضاتها[30]
تنال فيه الجنان
وقراية كتب المقدّسين[31] وأيضًا قصص القدّيسين[32] والرهبان المحبوسين
ليشفعوا فينا يا إخواني
وأبدًا على العريس لا نصلّي ولا نصير أشابين بالكلية ولا نحضر عرس بالجملي
ولا نركب خيل يا إخواني[33]
والخمر لا تكثر شربه لئلا يرميك في السكر به ويرميك العدو في الضربة
وتسقط في النيران[34]
ولا تكثر الحديث يا إنسان لئلا توقع بالنقصان وتبقى في رفقة الشيطان
وتصير من الخسران[35]
وأهرب من مجد الباطل وإلاّ توقع في العاطل ومن الكبريا أيضًا ماطل
وأحظر الطغيان[36]
وأحظرك من الناس ورفقتهم ومن عطاهم ومعاملتهم ومن الدوران بيناتهم
تخسر كل الأزمان[37]
ومن الموت لا تكونوا غافلين وفي أمور الله متكاسلين إلاّ دايم متيقّظين
في عبادة الربّان[38]
والمحبّة لله وللقريب ونكون نحسن للغريب بالأكل والشرب أيها الحبيب
يكون لك كنزًا غير فاني[39]
لأنّ هكذا قال سيّدنا بهؤلاء الوصيّتين علمنا كمان الأنبياء والناموس
وهم يرضوا الربّان
تناولت دراسات عديدة مسألة خلو الأديار المزدوجة من القوانين الروحية والدينية المكتوبة، ورأت هذه الدراسات أن جمهور تلك المقامات كانوا يعيشون حياتهم الروحية كل بحسب مفهومه وإيمانه.
بالمقابل أظهرت الزجلية موضوع البحث أنّ جمهور تلك الأديار عرفوا فترة التجربة، والنذور الثلاثة العفّة الطاعة والفقر؛ والتزموا الصيامات والتقشفات التي عددها القس عون نجيم. وعرفوا الصلوات السبع الليلية والنهارية، وقانون التواضع، وقانون الكسوة، وغيرهم من القوانين المذكورة في الزجلية.
فالتساؤلات المطروحة هنا، هي التالية: ألا يعتبر مضمون كتاب بستان الرهبان، المنسوبة إلى القديس أنطونيوس الكبير، أبي الرهبان، قوانين وفرائض يعيش في نورها الراهب والراهبة؟ وألا تعتبر النصوص المسيحية القديمة، الديداكيه وكتاب الهدى، والنصوص المجمعية قوانين لحياة الراهب والراهبة؟ أم حتّى نتمكّن من الكلام على قوانين رهبانية يجب أن تكون سلسلة قوانين مثبّة من البطريرك الماروني أو من الكرسي الرسولي؟
[1] للتوسّع في تاريخ دير ريفون، أنظر: الخوري ابراهيم حرفوش م ل، “الأديار القديمة في كسروان دير مار سركيس وباخوس”، المشرق، 8 (1905)، ص 67-73؛ 347-357؛ 753-757؛ ألان شهوان، “من تاريخ لبنان الحديث دير مار سركيس وباخوس في ريفون”، المنارة، 46 (2005) 2-3، ص 405-418.
[2] نجيم، الخوري عون، “يوميّة”، نشرها القس أنطونيوس شبلي في المشرق، 25 (1927)، ص 811؛ 815 و820.
[3] KHALIFÉ Abdo, BAISSARI François, Catalogue raisonné des manuscrits de la bibliothèque de la résidence patriarcale maronite (Bkerké), première série, Beyrouth, 1973; BAISSARI, François, Catalogue raisonné des manuscrits de la bibliothèque de la résidence patriarcale maronite (Bkerké), Deuxième série, Beyrouth, 1999.
[4] نجيم، الخوري عون، “يوميّة”، نشرها القس أنطونيوس شبلي في المشرق، 25 (1927)، ص 810-820.
[5] نجيم الخوري عون، “زجلية”، “آخرة العوجان”، نشرها الخوري بولس قرالي في المجلّة البطريركية، 5 (1930)، ص 471-476؛ 632-637؛ 6 (1931)، ص 222-228؛ 302-304.
[6] قرألي، الخوري بولس، اللآليء في حياة المطران عبد الله قرألي الراهب، مطبعة العلم، بيت شباب، 1932، ص 19-22.
[7] “كتاب بستان الرهبان”، أرشيف بكركي، من مخطوطات السلسلة الثانية، مخطوط رقم 118، ص 275 وجه – 279 وجه (مخطوط رقم 118).
[8] قال أحد الشيوخ القدماء: “إنّ الشيطان لا يعرف أي الأوجاع تهزم النفس، ولكنّه يزرع، ولا يعلم هل سيحصد أم لا. إنّه يزرع زنى، ودينونة، ووقيعة، وقتل، وجميع الأوجاع، والشرّ، فأي وجع يرى النفس مائلة إليه، ففيه يشغلها”، بستان الرهبان، لآباء الكنيسة القبطية، مكتبة السائح، طرابلس، 2005، ص 283.
حدث أن جمع الأركون (الشياطين) كل آلات اللهو والطرب واللذات والنعيم والنساء وسائر أنواع الزنى ولذّاته. أما القديس أنطونيوس الكبير فكان يغمض عينيه ويقول: “عجبًا منكم، كيف تجعلون لي مقدارًا وتحتالون في سقوطي مع إنّني ضعيف عن مقاومة أحد أصاغركم إبعدوا عني وعن ضعفي أنا المسكين التراب والرماد”. وبذلك كانت الأفكار تسقط عنه بمعونة الله، وكانت الشياطين تحترق لكثرة اتضاعه، بستان الرهبان، لآباء الكنيسة الكنيسة القبطية، ص 358.
[9] يعرّف القديس أنطونيوس الكبير بالرهبنة: “الحمل الثقيل”، مخطوط رقم 118، ص 275 وجه؛ ويعرّف القديس باخوميوس، من تلاميذ القديس أنطونيوس، بالرهبنة، فيقول: “هي صوم بمقدار، والصلاة بمداومة، وعفّة الجسد وطهارة القلب وسكوت اللسان وحفظ النظر والتعب بقدر الإمكان، والزهد في كل شيء”، بستان الرهبان، لآباء الكنيسة القبطية، ص 55.
[10] قال القديس أنطونيوس الكبير في الطاعة: “اتعلّم كل يوم الأدب من الكبار، ولا تعمل شغل من الأشغال حتّى تشاور عليه أب الدير”، مخطوط رقم 118، ص 276 وجه.
[11] قال القديس أنطونيوس الكبير في العفّة: “أبغض الجسد وارفض لذّاته فإنّها ممتلئة شرورًا”، بستان الرهبان، لآباء الكنيسة القبطية، ص 230.
[12] قال القديس أنطونيوس الكبير في الفقر: “لا تبق لك أكثر من حاجتك”، مخطوط رقم 118، ص 275 قفا.
[13] المحاربة هي الرهبنة.
[14] قال القديس أنطونيوس الكبير في التجربة: “إذا وقع شكّ من أجل شاب ولم يكون لبس الإسكيم بعد، فلا تلبسه واخرجه من الدير”، مخطوط رقم 118، ص 276 وجه.
رأى آباء الكنيسة أنّه يجب على من أراد الترهّب أن يبتدىء في الرهبنة مدّة معيّنة لكي يمتحن ذاته وأيضًا الرهبنة تمتحنه بالتعليم الرهباني. وقد أقرّ آباء الكنيسة المارونية في مجمع ضيعة موسى (1598) الذي انعقد برئاسة البطريرك يوسف الرزي (1596-1608)، قبل حوالي مئة سنة على نظم هذه الزجلية، أن “لا يرتسمن احد راهبًا الا بعد التجربة ومدّتها ثلاث سنوات كاملة وعمره 14 سنة وكلاهما بشور البطريرك”، “مجمع ضيعة موسى 1598”، أرشيف بكركي، من مخطوطات السلسلة الأولى، مخطوط رقم 126، ص 7 وجه (مخطوط 126).
[15] قال القديس أنطونيوس الكبير: “لا تأكل اللحم بالجملة ولا تفطره إلا في مرض شديد”، مخطوط رقم 118، ص 276 وجه.
[16] يعطي أحد النصوص القديمة كتاب الهدى، نشره الأب بطرس فهد، حلب، 1935، ص 112، معنى الصوم، كالآتي: “فرض الله تقدّس اسمه على الجسم الصوم، ليتحفّظ به، ويزكوا بتأديته، كما فرض الإيمان على العقل، والصلاة على النفس. ولم يجعل ذلك على الجسم أمرًا مؤبدًا سرمديًا، لئلا يجحف به ويناله المشقّة الكبيرة، التي يعجز عن الصبر عليها، والقيام بها، بل جعل ذلك في أوقات معروفة”.
[17] أوصى تعليم الرسل الإثني عشر، أي الديداكيه، المسيحيين في الجيل الأول: “لا تصوموا في الوقت الذي يصوم فيه المراءون (اليهود) إنّهم يصومون في يومي الاثنين والخميس. صوموا أنتم في يومي الأربعاء والجمعة”. الديداكيه التقليد الرسولي، نشر الأب جورج نصّور والأب يوحنا تابت، سلسلة النصوص الليتورجية، الكسليك، 2011، ص 19. وأوصى كتاب الهدى المسيحيين الصوم يومي الأربعاء والجمعة، أيضًا، باستثناء أيام الأعياد والأيام التي بين الفصح والعنصرة، كتاب الهدى، نشره الأب بطرس فهد، ص 186. ولكن لماذا الأربعاء والجمعة؟ لأنّ هذين اليومين يختصان بالحزن والتوبة لمناسبة ما حصل فيهما. فيوم الأربعاء حزنت الكنيسة، أي السيّدة العذراء مريم والرسل، لمّا سمعوا أن رؤساء اليهود اجتمعوا وجزموا على موت السيّد المسيح. ويوم الجمعة مات السيّد المسيح مصلوبًا، المطران عبد الله قراعلي، المصباح الرهباني، بيروت، 1965، ص 315.
[18] أي الساعة الثالثة من بعد الظهر. وقال القديس أنطونيوس الكبير: “صوم للتاسعة في كل يوم ما خلا السبت والأحد”، مخطوط رقم 118، ص 275 قفا.
[19] كان هذا الصوم مفروضًا قديمًا، وقبل نظم القس عون نجيم زجليته على حدّ قوله: “… مفروضة بتلك الأيام…”. ويذكر كتاب الهدى، نشره الأب بطرس فهد، ص 187، هذا الصوم قائلاً: “على المتحفظ (اي الراهب) من النصارى أن يصوم صوم تلاميذ المسيح هو خمسين يوم، يفطر في آحادها وسبوتها، بعد العنصرة”. وهذا الصوم ناشيء، بحسب الأب فيليب السمراني م ل، “الصوم الماروني قديمًا وحديثًا”، المنارة، 6 (1935)، ص 495، عن جواب السيّد المسيح لليهود الذين سألوه: لماذا تلاميذك لا يصومون. فأجاب: ما دام العروس معهم لا يصومون، ولكن متى تركهم إذ ذاك يصومون.
[20] أوصى القديس أنطونيوس الكبير: “قبل كل شيء صلي بلا ملل، واشكر الله في كل ما يأتيك” ، مخطوط رقم 118، ص 275 وجه – 275 قفا.
[21] الصوم الأول المتّبع في زمن الخوري عون نجيم هو صوم الميلاد، ومدّته أربعون يومًا قبل ذكرى ميلاد السيّد المسيح.
[22] قبل المجمع النيقوي الأول (325)، كان نصارى الشرق يصومون حالاً بعد احتفالهم بعيد اعتماد المسيح، الغطاس، وبالتحديد بدءًا من ثاني يوم العيد. وذلك على مثال السيّد المسيح الذي باعتماده من يوحنا المعمدان قبل الروح القدس، وقبل المعمودية، وصام أربعين يومًا وأربعين ليلة؛ ليعلمنا أن أوّل ما يجب على النصراني قبول المعمودية، واللباس الروحاني من الماء المقدّس. وإذا لبس الروح القدس، من الاعتماد، وجب عليه حينئذٍ أن يبدأ بأوّل الفرائض، فيصوم صوم الأربعين كما عمل محيي العالم. فصام التلاميذ، وعلّموا تلاميذهم مثلهم. وثبت ذلك في أمّة النصارى. “وكانوا (النصارى في الشرق) يعيدوا أعياد الاعتماد ربنا وسيدنا، وهو تقديس الماء. فإذا كملوه وتقربوه أصبحوا من غد ذلك اليوم، فابتدوا بالصوم فيصومون أربعين يوم نقية من الزهومات، فإذا كملت الأربعين يوم أفطروا. فإذا وافى عيد القيامة صنعوا عيدًا كما يعمل عيد الميلاد والقداس وغيرهم”. وحين عقد المجمع النقوي المذكور، نظر الآباء في أمر الصوم عند نصارى الشرق، وقالوا: لا يجوز أن يكون إفصاح هؤلاء إلاّ يوم قيامة المسيح. فأمر آباء المجمع “أن يكون الصوم خمسين يومًا بعد ترك السبوت من الخمسين يوم، فصار الصوم ستة وثلاثين يومًا. فأمروا أن يصام قبل الميلاد يوم شرف ذلك اليوم. وقبل تقديس الماء يوم أيضًا الشرف ذلك اليوم. ويوم الجمعة الذي قبل أحد الصوم. والسبت الكبير فيكمل الصوم على هذه الصورة أربعين يوم. ثمّ يتجدّد بعد ذلك ذكر آلام المسيح، وأحزانه، وصلبه، ودفنه، واضجاعه في قبره، وقيامته من بين الأموات، فيفصحون على ذلك”. كتاب الهدى، نشره الأب بطرس فهد، ص 113-114.
[23] هو صوم الرسل ومدّته ثلاثون يومًا تسبق عيد الرسولين بطرس وبولس في 28 حزيران.
[24] صوم السيّدة العذراء مريم ومدّته خمسة عشر يومًا تتقدّم عيد انتقال العذراء في 15 آب.
خلال انعقاد مجمع ضيعة موسى (1598)، عمد البطريرك يوسف الرزي وآباء المجمع إلى تقليص عدد أيام صوم الميلاد، فجعلوه منذ عيد القديسة بربارة، فأصبح 20 يومًا بدلاً من 40. وقلّصوا عدد أيام صوم الرسل من 30 يومًا إلى 15 يومًا. ولكن أبقوا على صوم السيّدة العذراء كما هو، “مجمع ضيعة موسى (1598)”، مخطوط رقم 126، ص 7 قفا. رفض الأعيان والشعب الماروني مقرّرات مجمع ضيعة موسى المذكورة، ورفعوا الأمر إلى البابا بولس الخامس (1605-1621) الذي لم يستصوب تقليص أيام الأصوام. وكتب، سنة 1610، إلى البطريرك يوحنّا مخلوف (1608-1633) لإبقاء القديم على قدمه. الأب فيليب السمراني م ل، “الصوم الماروني قديمًا وحديثًا”، المنارة، 6 (1935)، ص 497-496. وخلال انعقاد مجمع دير حراش (1644)، أقرّ البطريرك يوسف حليب العاقوري (1644-1648) وآباء المجمع مقرّرات مجمع ضيعة موسى المتناولة تقليص أيام الأصوام، جان شرف، “البطريرك يوسف العاقوري ومجمع حراش”، المنارة، 24 (1983) 1، ص 81. ولكن يبدو من خلال القس عون نجيم لم يجرِ فعلاً تطبيق المقرّرات المتعلّقة بالصوم أقلّه لسنة 1690، سنة نظم الزجلية.
[25] “ما كان القديس أنطونيوس الكبير يفطر إلاّ لغروب الشمس، وبعض الأوقات كان يطوي يومين”، مخطوط رقم 118، ص 277 وجه.
[26] يوصي القديس أنطونيوس الكبير بهذه الكسوة واللباس للراهب. ، مخطوط رقم 118، ص 277 قفا.
[27] أوصى القديس أنطونيوس الكبير الراهب: “النوم على حصيرة أم بلاس وما أشبه ذلك شي حقير واطي”، مخطوط رقم 118، ص 177 وجه.
[28] يجب على الراهب أن يبقي زنّاره مشدودًا حول حقْوه استعدادًا لملاقاة الله، وحتّى حين رقاده، انطلاقًا من تعليم الرسل الاثني عشر القائل: “اسهروا على حياتكم لا تدعوا مصابيحكم تنطفىء ولا تتركوا احزمتكم تتراخى حول احقائكم ولكن كونوا مستعدين لأنكم لا تعرفون الساعة التي يأتي فيها ربنا”. الديداكيه التقليد الرسولي، نشره الأب جورج نصور والأب يوحنّا تابت، ص 25. وأيضًا أوصى القديس أنطونيوس الكبير بتيقّظ الراهب واستعداده لملاقاة الله، قائلاً: “يناموا الرهبان بلا قلع القلوسة ولا حلّ الزنّار”، مخطوط رقم 118، ص 277 قفا.
[29] قال القديس أنطونيوس الكبير: “لا تقرّب إليك إمرأة ولا تخلّيها تدخل منزلك فالغضب يمشي خلفها”، مخطوط رقم 118، 275 قفا.
[30] قال القديس أنطونيوس الكبير: “احفظ ساعة الصلوات الليلية والنهارية، ولا تبطل واحدة منها، لئلا تعطي جواب عنها”، مخطوط رقم 118، ص 275 قفا. من قوانين الحياة الرهبانية الصلوات الليلية والنهارية السبع التي تتلى على الخورس. ترتبت مواقيت هذه الصلوات بمراحل حياة السيّد يسوع المسيح وآلامه وصلبه وقيامته من بين الأموات. وحصل عبر الأجيال إختلاف بين آباء الكنيسة في تفسير مواقيتها. والصلوات الليلية هي: صلاة المساء، صلاة الستّار، صلاة نصف الليل؛ والصلوات النهارية هي: صلاة الصباح، صلاة الساعة الثالثة (أي الساعة التاسعة صباحًا)، صلاة الساعة السادسة (أي صلاة الساعة الثانية عشر ظهرًا)، صلاة الساعة التاسعة (أي صلاة الساعة الثالثة من بعد الظهر). الديداكيه التقليد الرسولي، نشره الأب جورج نصور والأب يوحنّا تابت، ص 58-61 و197-198؛ كتاب الهدى، نشره الأب بطرس فهد، ص 182-184.
وفرض مجمع دير سيّدة قنوبين (1580)، الذي عقده البطريرك ميخائيل الرزي (1567-1581)، على من هو في الدرجة الشماسية أن يصلي كل يوم السبع صلوات الليلية والنهارية المعتادة في الطائفة بإذن ورأي البطريرك، الأب سركيس الطبر الأنطوني، “البطريرك ميخائيل الرزي ومجمع دير سيدة قنوبين 1580″، المنارة، 24 (1983) 1، ص 43. فالتساؤل المطروح هنا، هو التالي: إذا كان مفروضًا على الشمّاس السبع صلوات الليلية والنهارية فكم بالحري على الراهب؟
[31] أي الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد. توافر في زمن القس عون نجيم في دير مار سركيس وباخوس في ريفون: “التوراة”، كرشوني، نسخه المطران يوسف مبارك، سنة 1683؛ و“الكتاب المقدّس”، كرشوني، نسخه المطران يوسف مبارك، سنة 1684.
[32] توافر في دير مار سركيس وباخوس في ريفون في زمن القس عون نجيم: “قصّة مار سركيس وباخوس”، كرشوني، نسخه المطران يوسف مبارك سنة 1684؛ “السنكسار”، نسخه المطران يوسف مبارك، سنة 1685؛ “حياة جميع القديسين”، نسخه القس عون نجيم، 1687؛ “حياة المسيح والعذراء مريم”، نسخه القس عون نجيم، سنة 1687.
[33] من قول القديس أنطونيوس الكبير، مخطوط رقم 118، ص 278 وجه.
[34] يوصي القديس أنطونيوس الكبير بعدم شرب الخمر، مخطوط رقم 118، ص 278 قفا.
[35] يوصي القديس أنطونيوس الكبير قائلاً: “نمتنع عن كثرة الكلام والحديث”، مخطوط رقم 118، ص 278 قفا.
[36] من قول القديس أنطونيوس الكبير، مخطوط رقم 118، ص 278 وجه.
[37] يقول القديس أنطونيوس الكبير: “لا تخالط علماني بالجملة”؛ وفي موضع آخر: “نمتنع من عشرة الناس ومن مرافقتهم، ومن الأخذ والعطا، ومن كثرة الدوران والتردد بين العامية”، مخطوط رقم 118، ص 275 قفا و278 وجه.
[38] يقول القديس أنطونيوس الكبير في انتظار مجيء الله: “كون مربوط بقلّوستك ومزراتك وإسكيمك في الليل والنهار، وأوقد سراجك بزيت عينيك، وهيّ الدموع”، مخطوط رقم 118، ص 276 وجه.
[39] أوصى القديس أنطونيوس الكبير الإحسان إلى الفقراء والغرباء، قائلاً: “نأوي الغرباء والفقراء ونطعمهم”، مخطوط رقم 118، ص 278 وجه.