Almanara Magazine

رعية صيدا في ذاكرة الخوري إلياس عطيّة (1895- 1910)

تمهيد

تعود جذور عائلة عطيّة في صيدا إلى بلدة دبل الجنوبيّة[1]، نَزَحَ بعض أفرادها إلى مدينة صور ولَحِقَ بهم الخوري يوسف عطيّة الملقب بالصوري لزيارة والدته التي لازمها سنة كاملة. ولمّا كانت رعية صيدا بحاجة إلى كهنة أكُفاء، إستدعاه المطران عبدالله البستاني (1819-1866)  راعي أبرشيّة صور وصيدا، وكلّفه بخدمة الرعيّة، لما كان يتميز به من خبرة في الحياة الروحيّة، ومعرفة في علم اللاهوت، وأسند إليه تنشئة الطلاب الإكليريكيين إستعداداً للكهنوت، فتتلمذ على يده الخوري مبارك شلهوب إبن الخوري يوسف وأيضًا الخوري الياس عطيّة إبن الخوري بشارة الذي إستلم فيما بعد رعيّة صيدا ومن ثمّ الوكالة الأسقفيّة في صيدا وإقليم التفاح[2].

إستقر الخوري يوسف عطيّة الصوريّ مع شقيقه بشارة في صيدا سنة 1836، أثناء سيطرة الحكم المصري على الساحل الشرقيّ للبحر المتوسط (1830-1840). هذا الحكم الذي أعطى بعض المناصب للموظفين المسيحيين. فإبراهيم باشا قائد الحملة المصريّة عيّن يوسف القرداحي مسؤولاً إدارياً في مدينة عكا. وهذا الأخير أعطى بدوره صهره، زوج شقيقته، يعقوب نمّور مركزاً مهما في الحكومة في مدينة صيدا[3].

في تلك الحقبة أنيطت الحياة الروحيّة والرعويّة في مدينة صيدا بكهنة تعاقبوا على خدمتها، ومنهم الخوري المعوشي والخوري مبارك شلهوب، الذي اتخذ له إمرأة من بلدة كفرجرة ورُزِقَ منها ولدين هما عبدالله ومريم، وترمل باكراً[4].

وفي أوائل خمسينيات القرن التاسع عشر، أقدمت عائلة رزق الله في صيدا على توسيع كنيسة مار الياس في حي رجال الأربعين التي كانت قبواً، وأدى ذلك إلى خلاف بين العائلات المارونيّة الصيداويّة في المدينة، فتدخل المطران عبدالله البستاني ومعه البطريرك يوسف الخازن لحلّ الخلاف، وتمّ الإتفاق على تعيين الخوري بشارة عطيّة كاهنًا شرعيًا في المدينة مع أخيه الخوري يوسف الصوريّ ومعهما الخوري مبارك شلهوب. واستمالت عائلة رزق الله الخوري بشارة إلى جانبها، مما أثار حفيظة بعض العائلات. لم تهدأ  الخلافات في صيدا عند هذا الحد، بل أقدم أولاد المرحوم رزق الله جبور في أوائل ستينيات القرن التاسع عشر على إضافة بناء على الحنيّة الأصلية في مقام مار الياس في جبل حارة صيدا[5]، ودفنوا والدهم وأخوهم رفول داخل المقام، وبنوا مذبحاً فوقه، ورفعوا عليه بلاطة كتب عليها: “إن عائلة رزق الله جبور بنوا هذه الكنيسة من مالهم”. إستاءت عائلة نمّورمن هذا التصرف، فلجأت إلى  المطران عبدالله البستاني في سنة 1864[6] وطلبت دفن إبنها يوسف في الجهة المقابلة لمقابر عائلة رزق الله، وأدى ذلك إلى انشقاقٍ بين العائلتين، مما استدعى تدخل المطران بطرس البستاني سنة 1965، بطلب من المطران عبدالله والبطريرك بولس مسعد، فحضر إلى صيدا وأمضى فيها خمسين يومًا، فقرّب وجهات النظر بين العائلات المارونيّة. ولمّا طلبت عائلة رزق الله تدخل الخوري بشارة لصالحها، كان جوابه أنه كاهن للرعيّة بأجمعها[7]. هذا هو واقع الحال في الرعيّة المارونيّة في مدينة صيدا لمّا إستلمت عائلة عطيّة خدمتها.

أولاً: حياة الخوري الياس عطيّة

ولد الياس عطيّة في مدينة صيدا سنة 1851، والده الخوري بشارة الذي نزح من مدينة صور إلى صيدا مع شقيقه الخوري يوسف الصوريّ، والدته مريم الحاصباني. تتلمذ الياس على يد عمّه الخوري يوسف الذي علمه العلوم وأصول اللغة العربيّة التي برع فيها، فنظم الأبيات الشعرية وكتب الروايات ودوّن المذكرات. ولمّا كان منذ صغره يشعر بدعوة إلى الكهنوت، أرسله المطران بطرس البستاني راعي الأبرشيّة إلى الخوري يوسف عطيّة ليدرس العلوم اللاهوتيّة إستعداداً للكهنوت. ولما أكمل دراساته اللاهوتيّة، إختار الياس  أن يكون كاهناً متزوجاً متمماً إرادة والده.

إقترن بسر الزواج المقدس بمريم مارون أفندي نمور إبنة صيدا في نيسان 1872 وسكن مع والديه في منزل العائلة في بداية حياته الزوجيّة ما يقارب السبع سنوات، وبعدها استأجر منزل يعقوب الخوري في صيدا وانتقل إليه وسكن فيه[8]. رزقهما الله ثمانيّة أولاد، خمسة أبناء وثلاث بنات: إبنته وردة هي البكر تزوجت من فرج الله ابن إسكندر نادر، ويوسف الذي أصبح كاهناً وتزوج بثريا إبنة الخواجة إسكندر جبور نمور، وأوجانيه التي تزوجت من توما كيّال وترملت، ويوحنّا الذي إقترن بإبنة خالته هند إبنة حبيب يوسف نمور، وبولس الذي بقي عازباً، وبطرس الذي اتخذ حنينه إبنة يوسف غلّي زوجة له، ومخايل الذي توفي في عمر السادسة عشر بداء الحمى الخبيثة، وبولين آخر مواليده التي بقيت عزباء. هاجر بولس ويوحنّا ومعهما شقيقتيهما وردة وأوجانية مع عائلاتهم إلى القارة الأميركيّة، إلى مدينة سنبستيان في أوهايو.

أسّس  الياس المدرسة الوطنيّة المارونيّة في صيدا (حي رجال الأربعين) سنة 1878، فانتسب إليها أولاد الفقراء، في حين أن الأولاد الأحسن حالاً كانوا يتعلمون في مدرسة الآباء اليسوعيّين في صيدا[9]. لم يُكتب للمدرسة أن تستمر، لأن الياس هاجر مع عائلته إلى بلاد النيل سنة 1881 بدعوة من عمَّي زوجته بشارة ونقولا نمور، وفتح مدرسة أطلق عليها اسم “مدرسة الطلبة” بدعم من أقربائه. بقي في تلك البلاد حتى أواخر 1882 ثم عاد بعدها إلى وطنه الأم، الى مدينة صيدا، بعد أن عصف بمصر الهواء الأصفر[10].

ولمّا رجع الياس إلى صيدا، بدأ يفكر بنيل الدرجة الكهنوتيّة. عرض الأمر على  المطران بطرس البستانيّ فلاقى عرضه استحساناً لدى المطران، فرقاه سيادته إلى درجة الكهنوت نهار الخميس في الرابع من كانون الأول سنة 1884 في كنيسة الكرسي الأسقفي في بيت الدين على مذبح مار شليطا [11]، وبدأ يعاون والده في خدمة رعيّة صيدا. ولمّا تقدم والده في السن، أصبح خادماً للرعيّة، ومن ثمّ وكيلاً أسقفياً على مدينة صيدا وإقليم التفاح[12].

أمضى الخوري الياس خدمته الرعوية في مدينة صيدا بين أبنائها يمد جسور التواصل مع العائلات الصيداوية من كل الملل، فأرسى علاقات متينة مع وجهاء المدينة، شاركهم في مناسباتهم التي دُعي إليها إن في الأفراح أو في الأتراح، بقي على تواصل مع مسؤولي الحكومة في صيدا وفي مقدمتهم القائمقام، صادَقَ قناصل الدول الكبرى الساكنين في صيدا وبعضهم من العائلات الصيداويّة وتبادل معهم الزيارات بروح الأخوة والمحبة.

عيّنه المطران بطرس البستاني راعي أبرشيّة صور وصيدا المارونيّة في الأول من نيسان سنة 1895 وكيلاً أسقفياً في مدينة صيدا، لينوب عنه في الأمور الزمنيّة تجاه الحكومة، على أن يخلص لها ويخدم جانبها، وجانب الأهالي الذين هم من رعيّة الدولة العليّة. وقد كلّفه أيضاً المطران أن يهتم بتوزيع البدلات العسكريّة على أبناء رعيّته الصيداويّة، “وأن يتخذ معه أشخاصاً من ذوي المعرفة والإستقامة، ليوزعوها أمامه بحسب نوايا الحكومة الخيرية، ولتحصل الحكومة على الأدعيّة من أفواه الفقرا والعجزة والأرامل واليتامى…”[13]

بدأت بعض الأصوات في المدينة من أبناء الطائفة المارونيّة، تبث أخبارًا بين العائلات الصيداويّة بأن وكالة المطران سحبت من الخوري الياس للحطّ من مقامه. وبهذا الشأن، وصل إلى قائمقام صيدا رضا بك تلغرافاً من المطران البستاني في 17 تموز سنة 1899 يخبره فيه،  بأن وكيله في أشغال الطائفة لدى الحكومة هو الخوري الياس[14].

رُفِعت عرائض شكاوى إلى السلطات الكنسيّة من بعض أبناء رعية مار الياس صيدا بحق الخوري الياس يتهمونه فيها بإنحيازه إلى فريق ضد آخر وأنه يتعاطى بالسياسة. ولكن حضوره الفعّال في المدينة على الصعيد الروحي والزمني كان شاهداً على حسن تدبيره، وهذا تجلّى في المناسبات التي شارك فيها إن الكنسيّة منها أو المدنيّة، وأثبت حسن التصرف واللباقة، فكانت خبرة الحياة له المدرسة الأولى التي أكسبته كيفيّة مدّ الجسور مع الآخر.

عاصر الخوري الياس الحرب العالميّة الأولى، عاش وشاهد مآسيها وويلاتها، ودوّن يوميات ما جرى فيها من أحداث مهمة إن  في المدينة أو خارجها، وكتب عن تطور الأحداث  الإقليميّة والدوليّة، وما دار بين الدول المتحاربة من نزاعات وحروب، كتبها نثراً وشعراً.

ولمّا أصبح وكيلاً أسقفياً على مدينة صيدا والجوار، بدأ بتدوين الأحداث التي جرت، فكتب كمًّا من المعلومات عن أحداث روحيّة وزمنيّة،  حدثت في صيدا والجوار، عاصرها وشاهدها بأم العين، وأخرى سمعها أو قرأها في الصحف. ومما كتب: تاريخ الولادات والعمادات وأكاليل الزواج، وأسماء الوفيات لوجهاء المدينة من كل الطوائف. وإلى الزيارات التي قام بها المسؤولون المدنيون والروحيون إلى صيدا وجوارها، وسرد نشاطات كنسيّة محليّة، ووصف النسيج الإجتماعي للمدينة، والواقع الحياتي لأبنائها، مما يُتيح لقارئها إستنتاج ما كانت عليه علاقة أبناء الكنيسة المارونيّة مع المجتمع الصيداوي، في حقبة قلّ ما كُتب عن الحضور المارونيّ في صيدا. وربما يعود ذلك إلى أن أساقفة الأبرشيّة الذين توالوا على إدارتها  لم يكن لديهم مقراً للكرسي الأسقفي  فيها كباقي الطوائف. لهذا يفتقر تاريخ الموارنة في صيدا إلى المصادر والمراجع التي تتحدث عن حضورهم ووجودهم  ودورهم . لهذا تأتي “كوبيا الأحداث” التي دونها الخوري الياس عطيّة لتلقي الضوء على الوجود الماروني في مدينة صيدا، ولتضيف بعض المعلومات عنها وعن مجتمعها. لهذا جمعت الأحداث التي كتبها الخوري الياس تحت عناوين تحتوي كل عنوان  موضوع معين في تواريخ متعددة.

   ثانيًا: النشاط الرعوي والروحي والتربوي في رعيّة مار الياس – صيدا

الناحية الرعوية:

يذكر الخوري الياس أنه كان يحتفل بالقداديس أيام الأعياد والآحاد خلال السنة الطقسيّة، ويُتمم إرادة البطريرك الياس الحويك بإقامة الرياضات الروحيّة في رعية صيدا. خاصةً عندما كلّف غبطته آباء مرسلين بإقامة رياضة روحيّة في رعية صيدا، فلبّى ثلاثة منهم طلب البطريريك وعلى رأسهم الخوري يوسف اللاذقاني والخوريين يوسف أسعد وباسيل خليفة، إستمرت هذه الرياضة 15 يوماً، بدأت منذ 15 آذار في كنيسة مار الياس في حي رجال الأربعين في صيدا وخُتمت في حي القناية التابع رعيّة صيدا[15].

لقد وضع الخوري عطيّة قائمة بأسماء العائلات المارونيّة التي استضافت الآباء المريِّضين، وهي كما يلي: الخواجة نخلة رزق الله جبور وتوماس وقاين، مارون نمور (والد مريم، خورية الخوري الياس) وجبور نمور والياس راجي ، أما باقي أيام الرياضة فالتزم الخوري الياس  بإستضافتهم إلى مائدته  في منزله. وبقوا في الرعيّة سبعة عشر يومًا، ثمّ غادر بعدها الآباء صيدا مسرورين من حسن الإستقبال الخوري الياس[16].  لم تقتصر إستضافة الخوري الياس  على الكهنة المريِّضين بل إستضاف  كهنة عابرين الطريق كثر، فجعل من منزله نزلاً لمن أراد من كهنة بلاد بشارة الأراضي المقدسة الذهاب إلى بيروت  والعودة منها، أمثال الخوري بطرس رزق الله  والخوري يوسف من قرية زبوغا في كسروان[17].

ناحيّة أخرى، عندما وصل الخوري الياس نبأ وفاة البابا لاون الثالث عشر في 21 تموز سنة 1903عن عمر ثلاثة وتسعين وخمسة أشهر في رومية، دعا رؤساء العائلات الروحية المسيحيّة في صيدا ومعهم قنصل فرنسا وأبناء الرعيّة إلى الاحتفال بقداس وجناز على نيّة البابا لاون وكان نهار الجمعة في 7 آب من السنة نفسها. شارك في القداس سعادة قنصل فرنسا في صيدا أوجين دبركليو وكهنة الطوائف الكاثوليكيّة من الروم الملكيين الكاثوليك والآباء اليسوعيين ورئيس دير الفرنسيسكان. وقد ألبست الكنيسة أثواب الحداد وألقى الخوري الياس خطاباً بليغاً عدّد فيه مناقب البابا وبعدها تقبل الخوري الياس التعازي من الكهنة والقنصل والمؤمنين في دار المطرانخانة.

ب- الناحية الروحية:

أما من الناحيّة الروحيّة، لقد أحيا الخوري الياس مناسبات روحيّة في الرعيّة، كزياح القربان الأقدس يوم خميس الجسد في 2 حزيران سنة 1904 في كنيسة مار الياس، فسار مع أبناء رعيته بتطواف القربان من الكنيسة إلى باحة المدرسة[18]. وبعد أسبوع على زياح القربان أقام المناولة الأولى لتلاميذ المدرسة الوطنيّة  في الرعيّة[19] في حين كان الآباء اليسوعيون يقيمون المناولة الأولى لتلاميذهم الموارنة  في كنيسة ديرهم في صيدا. واحتفل كذلك بالقداس الإلهي منتصف ليل مساء عيد الغطاس سنة 1907، وكان الإحتفال راقياً، ولم يحدث شيء يقلق الراحة، ذلك بعد أن أنقطع الاحتفال بهذا القداس منذ اثنتين وعشرين سنة، منذ  سيامته الكهنوتيّة[20].

أقام الخوري الياس علاقات مميزة مع الطوائف الأخرى في المدينة من المسيحيين والمسلمين، فشارك في احتفالاتهم الروحيّة التي أقاموها وبخاصة مع الطائفة اللاتينيّة التي استخدم  كنيستها (سيدة البشارة) التابعة للرهبنة الفرنسيسكانيّة حراس الأراضي المقدسة، للاحتفال برتبة الإكليل لأحد أبناء طائفته من آل نمور[21].  ودعاه رئيس دير الآباء اليسوعيين الأب أندريه في
19أيار سنة 1898 لتدشين مدرستهم في مدينة صيدا برعاية الخواجة رفائيل دبابة فحضر الاحتفال[22]، وشاركهم أيضاً في 10 تشرين الأول سنة 1899 في استقبال رئيسهم العام  في ديرهم ومدرستهم في صيدا أيام رئاسة الأب أدوار[23]. ولمّا كان  الآباء اليسوعيون يغيبون عن ديرهم في صيدا كانوا يكلفون الخوري الياس بالإحتفال بالقداس الإلهي.

أما نشاط الخوري الياس على صعيد العمران والإنماء في صيدا فانحصر في المطرانخانة[24].  إذ دعا وجهاء الطائفة المعنيين في صيدا وتباحث معهم في ترميم المطرانخانة، ولمّا عرضوا المبلغ الموجود في حساب الوقف، وجدوا أنه لا يكفي، فأجمعوا على استدانة ألف وخمسماية غرش.[25]ولمّا إستلم المطران بولس بصبوص (1900- 1918) إدارة الأبرشيّة، وكان المطران في زيارة رعوية لإقليم جزين بين أيلول وتشرين الأول سنة 1901، قصده الخوري عطيّة في مكان إقامته في جزين في مدرسة مار يوسف واستأذنه بترميم المطرانخانة، قبل زيارته الرعوية لمدينة صيدا[26].

 ج- الناحية التربوية:

أنشأ الخوري الياس عطيّة المدرسة الوطنيّة في مدينة صيدا سنة 1878، لتعليم أولاد المدينة الفقراء والأغنياء معا، وكان يومها علمانياً، ولكن بعد ثلاث سنوات أقفلت أبوابها، لصعوبة طابعها المجاني، وهاجر السيد الياس بعدها إلى مصر، ولكن الهواء الأصفر عصف بتلك البلاد سنة 1883، فعاد إلى لبنان وسيم كاهنًا، وأعاد فتح المدرسة بمباركة المطران بولس بصبوص في 6 آذار سنة 1904.

كتب الخوري الياس عن نشاط تلامذة المدرسة الوطنيّة، على الصعيد الثقافي والروحي، والأداء المسرحي، وأشار إلى صعوبات  كانت تواجهه، سنسردها بحسب تسلسلها الزمني. 

شارك تلاميذ المدرسة  في صيدا في 28 تشرين الأول 1903 في مسيرة جنائزية للشاب توفيق إبن بشارة رزق الله، إنطلقت المسيرة من كنيسة مار الياس في المدينة إلى قرية الحارة مكان وجود مدافن الطائفة المارونيّة[27] وهم يرفعون الأنغام والأناشيد المحزنة[28].

وكان تلاميذ المدرسة يقدمون رواية مسرحيّة كل سنة، من تأليف الخوري الياس، وبحسب الأصول المتبعة، كان يُفرض على المدرسة التي ترغب في تقديم الرواية، أن ترفع كتاباً إلى القائمقام للمصادقة عليه والسماح لها بتقديمها، فكان الخوري الياس يتبع الأصول ويرفع كل سنة إلى القائمقام نص الرواية التي سيقدمها التلاميذ.  وكان القائمقام يأذن بعرضها. وفي 7 تموز سنة 1904 قدّم الخوري الياس طلباً إلى قائمقام صيدا للمصادقة على رواية “مثال الشهامة”، فتدخل بعض المفسدين فصدر أمر بمنعها من الوالي خليل باشا، مما استدعى الخوري الياس للذهاب إلى بيروت لهذا الشأن ولكنه لم يحصل على فائدة[29].

والأحد في 7 شباط 1904 شخّصت المدرسة الوطنيّة المارونيّة رواية “حفظ العهود” في أسبوع المرفع  وقد حضر بعض أكابر الرعيّة . ولمّا دعي القائمقام محمد بك كامل، حصل تدخل بعض المفسدين وأخّروا حضوره وأرسل البوليص ومأمور الضابط لمنع تشخيصها، فكان ذلك. وفي اليوم التالي اعترف القائمقام بخطإه، فحضر إلى المطرانخانة للتعويض عن الأهانة التي سببها للقيمين على المدرسة، وحضر الرواية في 12 شباط  مساء وكانت ليلة باهرة[30].

حضرالمطران بولس بصبوص رواية “حفظ العهود” لتلاميذ المدرسة الوطنيّة المارونيّة في صيدا مساء الأحد 6 آذار سنة 1904 مع عموم أبناء الطائفة وكانت ليلة مبهجة جداً وقد سُرَّ سيادته من نجابة التلاميذ وأعطاهم يوم عطلة وأكرم بماية فرنك إحسانًا للمدرسة. ويوم الإثنين توجّه لزيارة قرية درب السيم[31].

وثاني عيد الكبير 4 نيسان سنة 1904 شارك قنصل فرنسا الخواجة أوجني ديركلو في القداس الإلهي في كنيسة مار الياس في صيدا وبعد القداس دعي القنصل إلى قاعة المطرانخانة، وقدم تلاميذ المدرسة الوطنيّة المارونيّة قصائد وخطب بالفرنساوي والعربي ودرّبهم عليها استاذهم يوسف الياس عطيّة[32]( شدياق).

ومن نشاط المدرسة الوطنيّة أعطى الخوري الياس عطلة كبيرة لتلاميذ المدرسة الوطنيّة المارونيّة نهار الخميس 14 نيسان سنة 1904 لزيارة سيدة المنطرة، واحتفل الخوري الياس بالقداس الإلهي وعادوا إلى المدينة مساء. ونهار خميس صعود الرب في 12 أيار من السنة ذاتها وزع الخوري الياس على تلاميذ المدرسة نيشان الإستحقاق بحضور جمهور من الأهالي[33].

شارك اثنا عشر طفلاً من تلاميذ المدرسة الوطنيّة في صيدا في حزيران 1904 في رياضة روحيّة في دير تراسانطة على يد الأب يواكيم الناصري، إستمرت أربعة أيام، وبعدها قبلوا المناولة الأولى بقداس ترأسه الخوري الياس نهار الجمعة عيد قلب يسوع الأقدس. والتلاميذ الذين قبلوا المناولة هم: 1- جرجس راجي، 2- يوسف سليم عبود 3- الياس البرّاك، 4- أنطوان سرحان، 5- عبدالله راجي، 6- بولص غالي، 7- يوسف نعمة خليل، 8- الياس خليل عبود، 9- حبيب البراك، 10- شبل غبريل، 11- حبيب سليم عبود، 12- بولين الخوري عطيّة. وكان هذا النهار حافلاً إذا بدأ صباحاً بزياح القربان وأنتهى مساء بزياح الورديّة[34]

مساء العشرين من شهر تموز الساعة التاسعة عربية بعد الظهر وزع الخوري الياس الجوائز على تلاميذ المدرسة الوطنيّة في صيدا، وقدم التلاميذ رواية ” نكران الجميل” ذات فصلين وكانت الحفلة باهرة بحضور خوارنة الكاثوليك واللاتين وعموم أبناء الأولاد وأمهاتهم والنساء والرجال وبعده أنصرف التلاميذ للعطلة المدرسيّة في 20 تموز 1904[35].

الأربعاء في 28 أيار سنة 1906 أقام تلاميذ المدرسة الوطنيّة المارونيّة حفلة أدبيّة للمطران شكرالله الخوري رئيس أسافقة صور المارونيّة  خلال زيارته لمدينة صيدا، قدموا النشائد والخطب والقصائد باللغتين العربيّة والأفرنسيّة[36]

ثالثًا:  الفعاليات الروحيّة والسياسية في دار أل جنبلاط البراميّة

كانت هناك علاقة صداقة تربط الخوري الياس عطيّة بآل جنبلاط في بلدة البراميّة[37]، والفضل يعود إلى أن والد زوجته مارون نمّور، كان من وكلاء آل جنبلاط، وبما أن الخوري الياس  كان يدوّن يومياته، سعى إلى تدوين الزيارات التي قام بها متصرفو جبل لبنان، وبعض المطارنة والقناصل إلى دار آل جنبلاط في البلدة المذكورة أعلاه. 

لقد أشار الخوري الياس إلى زيارة قام بها متصرف جبل لبنان دولة نعوم باشا مع زوجته في 2 حزيران سنة  1898، وحلّا ضيفين في دارعلي بك جنبلاط لمدة يومين، غادر بعدها  المتصرف إلى بلدة عازور ومن ثمّ  إلى قصبة جزين[38]. ويُذكر أيضاً أن المتصرف الجديد مظفّر باشا  حضر إلى قرية البراميّة مساء الجمعة 2 كانون الثاني سنة 1902، لزيارة الناحيّة الجنوبيّة من متصرفيّة جبل لبنان، فاستقبله أهالي صيدا والقرى المجاورة إستقبالاً حافلاً. أمضى ليلته في دارعلي باشا جنبلاط وتناول طعام العشاء عنده. وفي اليوم التالي توجّه باكراً إلى قرية عازور وإستبقاه مسعود أفندي العازوري إلى مائدة الغداء، ومساء السبت تناول العشاء في دار آل المعوشي في جزين[39]، ونهار الأحد دعاه سليم بك ناصيف إلى داره لتناول الغداء، وغادر بعدها المتصرف مظفّر باشا جزين إلى دار نسيب بك جنبلاط في المختارة وبات ليلته فيها، وصباح الإثنين 5 كانون الثاني 1903 غادر باكراً المختارة إلى بعبدا مقر المتصرف[40]. وبعد ثلاثة أشهر على زيارة مظفّر باشا لبلدة البراميّة عاد إليها وحلّ ضيفاً في  دار نسيب بك جنبلاط في الهلالية[41]، وبعدها توجّه إلى جزين نهار أحد الجديد في 19 نيسان سنة 1903[42].

وبعد عدّة أيام على زيارة المتصرف مظفر إلى الناحيّة الجنوبية، حضرت عقيلته  إلى دار نسيب بك جنبلاط  في الهلاليّة لبضعة أيام. زارها مطران الروم الكاثوليك[43] في صيدا، ودعاها للمشاركة في القداس في كاتدرائية مار نقولا في صيدا. في الأول من أيار لبّت الدعوة، وأقيم  لها إحتفال وإستقبال كبير في دار المطرانيّة[44].

ويشير الخوري الياس في مذكراته إلى أن المتصرف مظفر باشا، وبعد زيارته الأخيرة  لناحيّة الجنوبيّة من المتصرفيّة، أجرى تعيينات جديدة في قائمقاميّة جزين، فعيّن الأمير فائق سعد شهاب قائمقاماً بدلاً من الأمير حامد شهاب. ولمّا أراد الأمير فائق إستلام مركز القائمقاميّة سلك طريق صيدا إلى جزين في 9 كانون الثاني سنة 1903، وبات ليلته في صيدا في دار الخواجه حبيب إسطفان رزق الله[45]. وتجدر الإشارة إلى أن الخوري الياس عطيّة كان دائما يزور آل جنبلاط في البراميّة كلّما حلّ المتصرفون ضيوفًا عليهم للقائهم وإلقاء السلام عليهم.

لم تقتصر الزيارات إلى دار آل جنبلاط على المتصرفين فقط، بل زارها أيضًا قناصل ورجال دين. فقنصل بريطانية في بيروت حلّ ضيفاً في دار نسيب بك جنبلاط الجديد في البراميّة[46] في تشرين الأول سنة 1899، واستبقاه نسيب بك يومين في دارته، وبعدها غادر إلى صيدا ومنها إلى صور فالصفد في رحلة صيد[47].

وبعد أن نُصِّب المطران شكرالله الخوري أسقفاً على أبرشيّة صور والأراضي المقدسة في 14 نيسان سنة 1906، أقام علي باشا جنبلاط على شرفه وليمة عشاء في دارته في البراميّة،  في 28 نيسان من السنة نفسها[48]

رابعًا: حضور الخوري الياس في الوسط الصيداوي حكوميًّا وعائليًّا:  

أ- جمعية التفريق:

عَيَنَ المطران بطرس البستاني الخوري الياس عطيّة وكيلاً أسقفياً على مدينة صيدا والجوار، وفوّضه لينوب عنه عند إجراء المعاملات الرسميّة لدى الحكومة في الولاية، وخصوصًا في انتخابات جمعية التفريق[49]، والتي كانت تضمّ أعضاء من مختلف الطوائف الصيداوية، وكل عضو من هؤلاء الأعضاء كان ينتخبه أبناء ملّته وبرضى رئيسه الروحي، لهذا كان إختيار الأعضاء وتعيينهم يخلق نوعاً من البلبلة ضمن الطائفة الواحدة. وهذا ما وقعت به الطائفة المارونيّة في صيدا. لهذا لجأ المطران بولس بصبوص إلى سحب التفويض من الخوري الياس عطيّة كونه كان يتدخل شخصياً في الإنتخاب.

وما كتبه الخوري الياس في هذا الشأن، أنه شارك في 23 آب سنة 1899 في إجتماع إنتخاب أعضاء جدد لجمعية التفريق في دار الحكومة، وترشح كل من عزيز بك رزق الله وإبراهيم فاضل والياس الصهيوني وفي 29 آب 1899 فتحت الأوراق وكانت الأكثرية لعزيز بك رزق الله وإبراهيم فاضل[50]. وأشار الخوري الياس إلى أنه طلب تأجيل جلسة إنتخاب جمعية التفريق التي دعا إليها وكيل القائمقام عبد القادر الدنا في صيدا في 24 نيسان سنة 1900، لمخابرة مطران الأبرشيّة بذلك[51].

وفي 6 أيلول سنة 1902، وبموجب أمر من سيادة المطران باسيليوس حجار مطران صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك تمّ تأليف كوميسون[52] إثنين من الطائفة المارونيّة وهما: الياس كحيل وملحم المبيض، وإثنين من طائفة الكاثوليك وهما يوسف عودة وجرجس نحّاس[53].

وما كتبه في شأن إعفائه من الوكالة: هو أن المطران بولس بصبوص قدّم تحريرات إلى قائمقام صيدا في 17 شباط  سنة 1903 على يد يوسف الخوري شلهوب، يعلن فيها تعيين الخوري بطرس كسّاب من بلدة القرية وكيلاً عنه في جمعية التفريق، بناءً على طلب وكيل القائمقام[54]. وهذا أدى إلى تعكير العلاقة بين المطران بصبوص والخوري الياس، لأن المطران بصبوص لم يبلغ الخوري الياس شخصياً بالإعفاء مع أنه كان مقيماً في بلدة البراميّة يوم سُلِمَ التحرير للقائمقام.

بعد سنة  على إعفاء  الخوري الياس من وكالته، أعاد المطران بصبوص الوكالة له، فإجتمعت جمعيّة التفريق في 27 شباط سنة 1905 لإنتخاب أعضاء للطائفة المارونيّة للمحكمة وللإدارة، وبعد الإجتماع حصل خلاف بين الأعضاء سببه مراد اليهودي، فانسحب الخوري الياس بدون إتمام الإنتخاب، وتوجّه إلى بيروت وقابل الوالي في3 آذار، وعاد بغاية الرضا. ونهار الإثنين في 6 أذار صار الإنتخاب، وانتخب للإدارة يوسف أفندي كرم وإبراهيم فاضل وخليل الصهيوني وإلى المحكمة يوسف الخوري وبشارة جبور نمور وأنطوان الياس[55].

أخذ الخوري الياس تحريراً من القائمقام محمد كامل أفندي لأجل إجتماع جمعية التفريق لإنتخاب نصفي لأعضاء الإدارة والمحكمة، فأرسل ولده الخوري يوسف نيابة عنه لأجل الإنتخاب، أعضاء  من الطائفة الاسلامية للمحكمة والإدارة، وأعضاء من الروم الكاثوليك للإدارة فقط، وتمّ ذلك بسهولة وذلك نهار السبت في 3 حزيرن سنة 1906[56].

ب- إفتتاح مراكز حكومية

لم يتأخر الخوري الياس عطيّة يوماً عن تلبية دعوة إلى إحتفالٍ رسمي في مدينة صيدا، بل شارك وحضر ودوّن أسماء الفعاليات الحاضرة، وبرنامج الاحتفال. فهو الذي شارك في إفتتاح مبنى دار الحكومة في المدينة في 19 كانون الأول سنة 1899[57]، الذي شُيِدَ بمسعى القائمقام رضا الصلح، وهذا الإحتفال جمع الرؤساء والمرؤوسين وعموم أهالي  المدينة  في دار الحكومة وتقدمت خطب عديدة ومن جملتها خطاب للخوري الياس، كان له وقع بين الحاضرين، وقد قدّم الخوري عطيّة لسعادته تاريخاً في بناء الدار المذكور لتنقش على بابها”[58].

في 6 آذار 1907 حضر الخوري الياس تدشين المبنى الجديد للجمرك  في صيدا  مقابل المبنى القديم، بحضور القائمقام المدينة محمد كامل بك والرؤساء الروحيين والعسكريبن وعموم موظفي الحكومة المحلية ومعظم أهالي المدينة من مسلمين ومسيحيين  وذلك بقرار مديره مصباح أفندي رمضان[59].

ولمّا شارفت نهاية وظيفة قائمقام صيدا محمد كامل بك، بعد أن تمّ تعينه في حيفا، زاره الخوري عطيّة في دار الحكومة مودعاً، وأبدى له كل التقدير لشخصه، لما قدّمه من خدمات ومساعدات إنسانيّة خلال ولايته في صيدا، وبادله القائمقام بتقدير مماثل. وفي 23 أيار سنة 1907 إستلم قائمقام صيدا الجديد عبد الحليم بك إدارة القائمقاميّة، فقصده الخوري الياس  إلى دار الحكومة وقدم له التهاني، وبعد خمسة أيام، ردّ القائمقام الجديد الزيارة للخوري الياس في المطرانخانة يرافقه مصباح أفندي رمضان مدير الجمرك وشكره على زيارته[60]

ويذكر الخوري عطيّة، أن والي بيروت رشيد بك كان في زيارة رسميّة إلى حيفا، ولمّا عاد بحراً في 13 نيسان سنة 1907 عرّج إلى مدينة صيدا وأقام فيها ثلاثة أيام في منزل إبراهيم الجوهري، فتفقد شؤون القائمقاميّة بحسب العادة، وقام بجولة على القناصل، ورؤساء الملل في المدينة[61].

     ج- العائلة الصيداويّة

تميز الخوري الياس عطيّة بسرد الأحداث التي جرت في صيدا، ومنها اللقاءات العائلية في المدينة،  فكتب عنها بكل تجرّد واصفاً الواقع كما هو. فمأدبة العشاء التي دعا إليها الشاب نقولا خلاّط الفعاليات السياسيّة والروحيّة في المدينة تدل على النسيج الإجتماعي الصيداوي.

ومما كتب: “بعد أن تكلل الشاب نقولا خلاّط من أبناء طائفة الروم الكاثوليك في صيدا، نهار الأحد في 16 نيسان سنة 1899 في مدينة صور على خطيبته ورد، بارك إكليلهما مطران طائفته، وعادا بعدها إلى صيدا حيث استقبله مجموعة من شبان المدينة. لهذه المناسبة أقام نقولا مأدبة عشاء  مساء  ليل الأربعاء في 10 أيار سنة 1899، دعا إليها بعض أوجه المدينة من رؤساء وحكام وهم: القائمقام رضا بك وبدري بك وأميرال العسكر في عكا حيث كان في صيدا وسيادة المطران باسيليوس وخوري اللاتين وخوري الموارنة، وبعض قناصل البلدة وهم: شبلي أفندي أبيلا والخواجة أدور كافاتو(كتفاكو) وأخوه أدولف ويوسف أفندي أبيلا وإبراهيم آغا الجوهري وبدر الفران والحاج إسماعيل الزين وحسين أفندي الجوهري ومحمد أفندي أبي ظهر وبقي الحفل إلى الساعة الرابع ليلاً أي (العاشرة ليلاً)[62]، وخطب الخوري الياس في القوم خطبة شائقة كان لها وقع حسن في السماع”[63]. ومن ناحيّة أخرى يذكر الخوري الياس أنه حصل شجار في بيت الخواجه حبيب كاترون ليلة الأحد 3 تموز سنة 1898 بين الخواجة بشارة جبور بك رزق الله وبين أولاد خلاّط بسبب وجود أحدى المغنيات الأغراب من اليهود[64]

خامسًا: علاقة الخوري الياس عطيّة بالمطارنة

أ- علاقته بالمطران بولس بصبوص

كتب الخوري الياس عطيّة عن إنتخاب المونسنيور بولس بصبوص مطراناً على أبرشيّة صور وصيدا المارونيّة:  لمّا توفي المطران بطرس البستاني في 2 تشرين الثاني سنة 1899، عين البطريرك الياس الحويك الخوري إسطفان الشمالي المرسل اللبناني معتمداً بطريركياً لإستمزاج آراء أبناء الأبرشيّة في إختيار أسقفٍ جديد عليهم[65]. قال الخوري الياس: زيارة المعتمد البطريركي مدينة صيدا في 12 كانون الثاني سنة 1900،  للوقوف على رأي الطائفة باختيار أسقف جديد على الأبرشيّة. وحلّ ضيفاً في بيت الخواجة حبيب إسطفان رزق الله. وبعد ذلك جال في صور وعكا وحيفا، وعاد إلى بكركي في 11 شباط  من السنة ذاتها[66].

إنتخب المونسنيور بولس بصبوص مطراناً على أبرشيّة صور وصيدا في 15 شباط سنة 1900[67]. وسيمَ أسقفاً في 18 شباط من السنة نفسها[68]، وفي 22 شباط أرسلت رعية صيدا كتاباً إلى البطريرك الياس الحويك تشكره على إنتخاب المونسنيور بولس بصبوص مطراناً على صيدا وذلك بتوقيع الخوري الياس ومعظم أبناء الرعيّة. وفي 8 آذار وصل المطران بصبوص إلى  كرسيّه الأسقفي في بيت الدين واستقرّ فيه. وخلال تقبّل المطران التهاني بتنصيبه أسقفاً على الأبرشيّة، زاره وفد من أبناء المدينة يشكوه الخوري الياس عطيّة، فأوفد المطران الخوري بولس العاقوري إلى رعيّة صيدا ليطّلع على أحوالها ويخابرالمطران بذلك، هذا ما كتبه المطران بصبوص للبطريرك الحويك[69]. لم يذكر الخوري الياس عطيّة في مذكراته زيارة الخوري بولس العاقوري موفد المطران إلى صيدا، ولكنه  يذكر أن السيدين بشارة جبور نمور ويوسف الخوري من رعيّة صيدا، قد زارا الأسقف الجديد في الكرسي الأسقفي في بيت الدين. وفي أواخر شهر آذار ترأس الخوري الياس وفداً صيداوياً إلى بيت الدين لتهنئة المطران الجديد[70]

من الواضح اذاً أن العلاقة بين الخوري الياس عطيّة والمطران الجديد بولس لم تكن على ما يُرام. فالخوري الياس عطيّة المعروف عنه رجل القلم، يدوّن الأحدث والمناسبات الروحيّة وغير الروحيّة بالتفصيل المُمِل. ولمّا كان يتحدث عن نشاطات المطران بصبوص، كان يكتفي فقط بما كتبته الصحف، وهذا ما فعله، منذ أن إنتخب أسقفاً، إلى الإحتفال بسيامته وتنصيبه، وإلى حضوره إلى كرسيه الأسقفي في بيت الدين، وقد اختصرها في بعض الصفحات تحت عنوان “البيان المخصوص تاريخ المطران بولس بصبوص”،  وبعد شهرٍعلى تسلّم المطران بصبوص إدارة الأبرشيّة، أوفد الخوري مخايل رزق إلى مدينة صيدا للنظر ببعض المسائل[71]. بعد ذلك بدأ الخوري الياس  يختصر تدوين مذكراته، وسرد الأحداث ببعض الأسطر.

لقد قام  المطران بولس بصبوص بزيارة رعائية  إلى إقليم جزين بين أيلول وتشرين الأول سنة 1901، تزامنت مع وجود الخوري الياس في مصيفه في مزرعة القبع[72] في جزين، لم يذكر الخوري الياس  تفاصيل الزيارة الرعائية  بل اكتفى فقط بذكر زيارة المطران إلى بلدتي عازور والحمصية. وأشار إلى أنه قصد سيادته إلى مدرسة مار يوسف في جزين مرتين ودعا المطران   لزيارة مدينة صيدا، والإقامة في المطرنخانة بعد ترميمها[73]. ومما يدل على الجفاء بين الإثنين هو أنه لمّا توفي مارون نمور والد مريم زوجة الخوري الياس، لم يشارك المطران بصبوص بالصلاة الجنائزية بل أكتفى فقط بإرسال كاتم أسراره الخوري أسعد داود للتعازي بإسمه في جناز الأربعين[74].

رغم هذا الفتور الحاصل بين الخوري الياس والمطران بولس، ظلّ الخوري الياس يتردد   إلى بلدة البراميّة لزيارة المطران بولس بصبوص أثناء أقامته فيها لإلقاء السلام عليه ولسؤال خاطره، دعا الخوري الياس المطران إلى الحضور إلى مدينة صيدا للاحتفال بالقداس الإلهي ولمشاهدة الرواية التي سيقدمها تلاميذ المدرسة الوطنيّة المارونيّة، فلبّى الدعوة نهار الأحد في
 6 آذار سنة 1904 إذ احتفل بالقداس الإلهي، ومساءً حضر الرواية مع عموم أبناء الطائفة[75]. وكان المطران بصبوص يتخذ من البراميّة مركزاً لزياراته الرعائية إلى أقليمي التفاح والخروب، وبعد أن قام  المطران بصبوص بالزيارة الرعائية لإقليم التفاح في 16 نيسان سنة 1904 عاد في نهايتها إلى البراميّة وقصده الخوري الياس لنيل البركة[76]. توجّه الخوري عطيّة ومعه أولاده إلى بلدة الرميلة في 12 أيار سنة 1905 لزيارة الخوري أسعد داود كاتم أسرار المطران بصبوص، للسؤال عن صحة والده[77].

وبعد عودة المطران بولس بصبوص في أواخر سنة 1905 من جولته الأوروبيّة التي رافق بها البطريرك  الياس الحويك مع بعض الأساقفة إلى روما وباريس والأستانة، زاره الخوري الياس في  كرسيه الأسقفي في بيت الدين في 18 كانون الثاني سنة 1906 يرافقه إبنه الشدياق يوسف ومعهما الخوري طانيوس إسحاق الخوري من قرية دبل، لتهنئته برجوعه بالسلامة، إستقبلهم سيادته بغاية الحفاوة والإكرام.   

ب- علاقته  بالمطران شكرالله الخوري

عُرف الخوري الياس بصاحب الواجبات، ويتبع البرتوكول خصوصاً مع الرؤساء الروحيين، الذين أدى لهم كل إحترام وتقدير. فبعد أربعين يوماً على سيامة مطران صور والأراضي المقدسة شكرالله الخوري، مرّ المطران في مدينة صيدا نهار الثلاثاء 27 أيار سنة 1906 بعد أن ترأس الصلاة الجنائزية في بكاسين للخوري يوسف البستاني الذي توفي في بكركي بمرض القلب. ولمّا وصل إلى صيدا بعد الظهر كان له إستقبال حافل من أبناء رعية مار الياس ومن أخوية القديس مارون. دخل الكنيسة وقدّم صلاة الشكر لله، ومن ثمّ صعد إلى قاعة المطرانخانة، واجتمع مع أبناء الرعيّة، بعدها قام بزيارة إلى القائمقام محمد كامل أفندي ومن ثمّ مطران الكاثوليك باسيليوس الحجّار. وحلّ ضيفاً على الرحب والسعة في منزل الخواجة حبيب إسطفان رزق الله لمدة يومين. ويوم الأربعاء صباحاً  أقام تلامذة المدرسة الوطنيّة المارونيّة حفلة أدبيّة لسيادته أُلقيت فيها النشايد (النشائد) والخطب والقصائد باللغتين العربيّة والأفرنسيّة، ومساءً لبّى المطران شكرالله دعوة العشاء التي أقامها علي باشا جنبلاط على شرفه في دارته في البراميّة،  والخميس صباحًا ترك صيدا إلى صور[78].   

سادسًا: رجل الواجبات محليًّا وأجنبيًّا

أ- رجل الواجبات الصيداوية

من يقرأ مدونات الخوري الياس، يكتشف فيها أنه رجل الواجبات الإجتماعيّة، وهو الذي عرف كيفية مدّ جسورالعلاقات مع الآخرين من جميع الملل في مدينة صيدا وخارجها، فما من مناسبة إجتماعيّة أو روحيّة أو رسميّة، مفرحة كانت أم محزنة إلاّ وشارك فيها. 

لمّا وصل قنصل فرنسا الخواجة أوجين ديركلوفيش  في 6 آب  سنة 1900 إلى صيدا بحراً، إستقبله الخوري الياس مع بعض أعيان الطائفة على شاطئ البحر. ومن ثمّ زاره مع وفد في القنصليّة[79].

أرسى  الخوري الياس علاقات شخصية مع العائلات اللبنانيّة، لعبت فيما مضى دوراً أساسياً في تاريخ لبنان الحديث ومنها آل شهاب، وتحديداً الأمير سلطان شهاب وامرأته هند معن، فكان هناك زيارات متبادلة بين العائلتين. ففي 25 تموز 1901 قام الأمير سلطان وزوجته بزيارة الخوري الياس في منزله في صيدا، وماثلها الخوري الياس بزيارة مع زوجته إلى منزلهما في السعديات في 25 تموز 1901، وأمضيا الليلة عندهما [80]. ويتضح أن بين العائلتين زيارات متبادلة، لأن هند شهاب زارت  منزل الخوري الياس  في صيدا في 23 تشرين الثاني سنة 1906، وأمضت يومين عنده[81].

شارك الخوري الياس في واجبات التعزية، في المآتم، إن في صيدا أو خارجها، فكان يعتلي المنابر للخطابة أو للتأبين ذاكراً صفات المتوفى. لقد لبّى نهار الأحد أول شباط 1903، دعوة للمشاركة في قداس الأسبوع للمرحوم ملحم هاشم في بلدة البراميّة وبعد قراءة الإنجيل أبّنه  بعبارات بحسب المقام المطلوب[82].

ومما سعى إليه الخوري عطيّة هو إرساء روح العيش الواحد في صيدا، فكانت العائلات الصيداوية من كل الملل تدعوه لمشاركتها في أفراحها وأتراحها، لهذا نعته عائلة المرحوم درويش بك الحسين من الطائفة الشيعيّة في صيدا لمشاركتها في حزنها، فقدم الخوري عطية التعازي خطياً[83]. وقدم أيضاً التعازي في دارقنصليّة العجم في صيدا بوفاة ملك العجم الشاه في دولة إيران في 9 كانون الثاني سنة 1907[84].

لم تقتصر واجبات الخوري الياس الإجتماعيّة على الفعاليات السياسية الروحيّة في صيدا فقط بل تخطتها إلى خارج المدينة، وهذا برز في زياراته إلى دار آل جنبلاط في البراميّة عندما كانت تؤمها  فعاليات سياسيّة.  فلمّا حضر المتصرف مظفر باشا إلى دار نسيب بك جنبلاط في البراميّة في 19 نيسان سنة 1903، كان الخوري الياس أول الواصلين للسلام عليه، فوعده المتصرف بزيارته، ولكن فيما بعد إعتذر بسبب انشغاله في إقليمي التفاح وجزين، وأرسل له بطاقة واعداً إياه بزيارة عمّا قريب[85].

وكان للخوري الياس وقع طيّب في حفلات الجمعيات الخيرية، ومنها جمعية دفن الموتى التابعة لرعية الروم الكاثوليك في صيدا التي أقامت نهار الأحد الجديد في 30 نيسان سنة 1905 حفلة أدبية، دعت إليها عموم مسيحييّ المدينة، ترأس الحفلة المطران باسيليوس الحجار. وفي ختام الحفلة ألقى الخوري الياس خطاباً مادحاً فيه أعمال الجمعيّة[86].

نهار الأربعاء في 13 آذار سنة 1907الساعة 11 قبل الظهر توجه الخوري الياس عطية إلى جسر الأولي شمال مدينة صيدا لاستقبال القاصد الرسولي المطران فريديا نوجيا متيني، ومساء اليوم ذاته ردّ القاصد الرسولي الزيارة للخوري الياس في المطرانخانة في الرعيّة.[87]

ب- العلاقة مع قناصل فرنسا

تعود العلاقة بين فرنسا  والكنيسة المارونيّة  إلى أيام  الحكم الملكي في فرنسا. وإستمرت هذه العلاقة بعد الثورة الفرنسيّة سنة 1789، ووصول النظام العلماني، ظلّت فرنسا محافظة على علاقة الصداقة مع لبنان وتحديداً الموارنة، ومهما تقلبت الأحوال الإقليميّة والدوليّة ولجأ بعض القناصل إلى تعكير هذه العلاقة، فكانت المياه تعود إلى مجاريها بعد حين.

إستفاد الخوري الياس من وجود قنصل فرنسيّ في صيدا، فمد جسور التواصل مع القناصل الفرنسيّين الذين تعاقبوا على صيدا، ووطد العلاقة معهم وإتخذ من السنة الطقسية المارونيّة عيداً يقدم  فيه القداس عن نية الدولة الفرنسيّة بمشاركة قنصلها، وإتخذ من إثنين الحواريين، ثاني عيد القيامة عيداً، فهذه الخطوة التي خطاها الخوري الياس، أصبحت عرفاً في رعيّة مار الياس صيدا، وإستمرت حتى  الحرب العالميّة الأولى، لأن التمثيل القنصلي للدول في صيدا لم يبق على حاله بعد أن تفككت الدولة العثمانيّة.

وفي ثاني يوم عيد القيامة في 13 نيسان سنة 1903 شارك قنصل فرنسا في صيدا الخواجة أوجين دي كليوالمقيم في المدينة في القداس الإلهي في كنيسة مار الياس [88]. وفي السنة التالية أمَّ الكنيسة للمناسبة نفسها وجرى له إحتفالاً في قاعة المطرانخانة[89].

أما الإثنين 24 نيسان سنة 1905 وهو ثاني عيد الكبير (القيامة) فقد تغيّب قنصل فرنسا عن القداس بداعي وجوده في بيروت لزيارة القنصل الجنرال الجديد خليفته[90]. وفي الأول من نيسان سنة 1907، شارك قنصل فرنسا في صيدا الخواجة رفائيل دبّانة إبن صيدا في القداس الإلهي على نية فرنسا، وكان الإحتفال باهراً، وقد ألقى الخوري الياس في القداس خطاباً في مدح فرنسا. وفي إحتفال الإستقبال في المطرانخانة ألقى الخوري يوسف الياس عطيّة خطاباً باللغة الفرنسيّة، في حين ألقى حبيب أفندي مارون نمور خطاباً وجيزاً باللغة العربيّة في مدح الأمة الفرنسيّة والدولة العلية[91].

حضر إلى دار آل كتفاتو في صيدا  في 17 آب سنة 1907 قنصل دولة فرنسا الجديد الموسيو لابير فرنسي الجنسيّة الذي عُين مباشرة من الوزارة الفرنسيّة، ودعاه إلى الغداء الخواجة دبانة[92]

سابعًا:  تواصله مع الكنيسة اللاتينية في صيدا

أ- مدرسة الآباء اليسوعيون في صيدا

يعود وجود الآباء اليسوعيين في صيدا إلى أواخر القرن التاسع عشر، إذ سعوا إلى تأسيس مدرسة إرساليّة كاثوليكيّة في المدينة، فانحصر نشاطهم في مجال التعليم. وذكر الخوري الياس   بعض الأنشطة المدرسيّة، وأسماء الآباء الذين تولّوا رئاسة الدير، وتحدث أيضاً عن تلاميذ مدرسة الآباء اليسوعيين الذين شخّصوا رواية الأسبران الفرنسيّة  التي ترجمها إبنه يوسف عطيّة. وجرت هذه الرواية في عهد رئيس المدرسة الأب الفونس في 28 حزيران للرجال وفي 30 منه للنساء من سنة 1903[93]. ومن هذا الخبر يتبين أن المجتمع الصيداوي بجميع ملله كان ملتزماً بالفصل بين الرجال والنساء في الإحتفالات العامة. وكان تلاميذ المدرسة يشاركون بالمآتم  التي يُدعون إليها من قبل أهل المتوفى، فكانوا يسيرون أمام النعش[94].

أما على الصعيد الرعوي، فقد أقام الآباء اليسوعيون احتفالاً بمناسبة عيد الحبل بلا دنس، وإستعدوا له بتساعية بدأت في 29 تشرين الثاني 1904[95].  أقام الآباء إحتفالات روحيّة خاصة بهم، ففي 26 نيسان سنة 1904 إحتفلوا في كنيسة ديرهم في صيدا  بقداس وجناز على نية رئيسهم العام الأكبر المتوفي في روميةّ بحضور عموم إكليروس الطوائف الشرقيّة ومن بينهم الخوري الياس[96].

زار القاصد الرسولي المطران فريديا نوجيا متيني صيدا، ولبّى دعوة الآباء اليسوعيين إلى مائدة الغداء نهار الخميس في 14 آذار 1907،  وإحتفل في اليوم التالي  في كنيسة الدير بالقداس الإلهي، وقدم له تلامذة المدرسة حفلة بمناسبة قدومه[97].

في 17 آب سنة 1909 ترك الآباء اليسوعيون ديرهم في صيدا، بعد أن سلموه للإخوة المريميين، الذين أولوا إهتماماً بالتعليم، وفتحوا المدرسة أمام التلاميذ الداخليين والخارجيين، وكان ذلك في أوائل تشرين الأول[98].

ب- دير تراسانطة (حراس الأراضي المقدسة، الفرنسيسكان)

يعود تاريخ هذا الدير إلى القرن السابع عشر، وتزامن بناءه مع تشييد خان الإفرنج أيام الأمير فخر الدين الثاني، عندما أطلق الحرية الدينيّة في إمارته، وسمح بالتبادل التجاري بين لبنان والغرب، مما شجع التجّار الإيطاليين والفرنسيين وغيرهم للمجئ إلى لبنان. فأنشأ الأمير خان للتجار سمي “خان الأفرنج”[99]  ليكون محطة راحة  لهم عندما يأمون لبنان. وهؤلاء التجار الذين نزلوا في هذا الخان، طلبوا أن يمارسوا واجباتهم الدينيّة، فأسرعت الرهبنة الفرنسيكانيّة إلى إنشاء دير لها في صيدا [100]ملاصق للخان، وسكنه رهبانها، فجاوروا بذلك القنصليّة الفرنسيّة.

وما كتبه الخوري الياس عطيّة عن نشاط رهبان هذا الدير، ولو بطريقة سريعة مقتضبة، يلقي  فيها الضوء على النشاط الروحيّ والرعويّ لهؤلاء الرهبان الذين أصبحوا مع الوقت خادمين لرعيّة اللاتين في صيدا. وما ميّز الخوري الياس هو أنه أقام علاقة مع رؤساء الدير الذين تعاقبوا على إدارته والآباء المعاونيين الذين عاصرهم.

يتفرد الخوري الياس  بذكر زيارة الرئيس العام للآباء الفرنسيسكان الأباتي الكّسود إلى ديرهم في صيدا بطلب من القاصد الرسولي في سوريا ومأذوناً منه بتثبيت أولاد طائفة اللاتين في صيدا، ونظمّ الإحتفال رئيس الدير الأب أوغوليو ساسا في كنيسة سيدة البشارة، وترأس القداس الرئيس العام في 23 أيار 1901، بمشاركة آباء الدير والخوري الياس[101].

وما كتب الخوري الياس عن أباء الدير هو أنه في 21 أيلول سنة 1903 حضر الأب يواكيم من رهبان الفرنسيسكان من الناصرة إلى دير تراسانطة في صيدا ليكون معاوناً لرئيس الدير. وإنضم  إليه الأب يوحنا الهولندي في 27 أيلول سنة 1903 آتياً من حلب إلى بيروت ومنها إلى  صيدا ليكون رئيساً لدير تراسانطة عوضاً عن الأب أوغولينو الذي دامت رئاسته ثمان سنوات في خدمة الطائفة اللاتينيّة وإنتهت بسوء تفاهم مع بعض أبناء طائفته في صيدا. وقد تركها في
29 أيلول من السنة ذاتها إلى الإسكندريّة لرئاسة دير مار أنطونيوس في شارع محرم بك[102]. وقصد أيضاً صيدا في 16 تشرين الأول سنة 1903 البادري مكسيمليان إبن الملك سكس أحد ملوك ألمانيا الصغار، وذلك لأجل تفقد الأثار الشرقيّة والقيام بالسياحة في هذه البلاد وحلّ ضيفًا في دير تراسانطة[103].

أما بالنسبة للنشاط الروحي، أقام آباء الفرنسيسكان في دير تراسانطة في صيدا تساعيّة لعيد الحبل بلا دنس بدأ من 29 تشرين الثاني حتى 8 كانون الأول سنة 1904[104].

قام الأب الكوستر رئيس عام الرهبنة الفرنسيسكانية ومحامي الأراض المقدسة في القدس بزيارة قانونيّة في 5 تشرين الثاني سنة 1906إلى ديره في صيدا، إستقبله رئيس الدير الأب يوحنا الهولندي وزاره الخوري الياس عطيّة [105]. وخلال هذه الزيارة تمّ تعيين رئيساً جديداً  لدير تراسانطة في صيدا الأب أكولينو الأسبنيولي في 28 كانون الأول سنة 1906، واستلم رعيّة اللاتين في المدينة[106].

شرّف القاصد الرسولي في سوريا المطران فريديا نوجيا متيني من رهبنة الفرنسيسكان مدينة صيدا نهار الأربعاء في 13 آذار 1907، إستقبله الخوري الياس مع جمهور الدير على جسر الأولي. بعد الظهر من اليوم ذاته قصد القاصد الرسولى المطرانخانة وشكر الخوري الياس على ملقاه[107]. وإحتفل القاصد الرسولي بقداس حبري في كنيسة سيدة البشارة نهار الأحد 17 آذار 1907، وثبت ثمانية أشخاص ثلاثة ذكور وخمسة أناث. ونهار الإثنين في 18 منه سافر إلى صور باكراً، وكان النهار ماطراً، فعاد القاصد إلى صيدا لأنه لم يقدر أن يواصل سيره. ونهار الأربعاء غادر إلى بيروت[108]

ثامنًا: حوادث طبيعيّة وغياب وجوه في مدينة صيدا والجوار 

أ- حوادث طبيعية

لقد اعتاد الخوري الياس أن  يجلس يومياً  في ديوانه في المطرانخانة، يتابع شؤون رعيته عن كثب، يدوّن الأحداث المحلية كشاهد عيّان، ويكتب ما يحدث في الدول المجاورة من خلال الصحف. ومن بين ما دَوَنَ هي الحوادث الطبيعيّة التي عصفت بمدينة صيدا، وقد شاهدها ولمسها وشعر بها، فدوّنها كشاهد. ومن بينها:

ذكر الخوري الياس أن الجراد اجتاح الجهات الجنوبية لصيدا في 18 آذار 1899[109]، ولكنه لم يطلعنا على السُبل التي اعتمدت للتخلص منه.

وكتب أيضاً أن هزة أرضيّة ضربت مدينة صيدا في أوائل القرن العشرين ولكنها لم تؤدي إلى أضرار في الأرواح. وتفرد الخوري عطيّة بذكر كسف (خسوف) القمر في ليلة الأحد 3 تموز سنة 1898 الذي استمر من الساعة التاسعة ليلاً حتى الواحد بعد منتصف الليل[110].

وَصَفَ الخوري الياس سنة 1901 أنها سنة التعاسة والنكبات، فكان فصل الشتاء فيها  كصيفها، لم تعرف أيام شهري شباط وآذار هطول الأمطار أبداً، وهبَّ فيهما هواء ساخن، هواء الشلوق، فكان المرء يشعر كأنه خارج من أتون النار. وارتفعت درجة الحرارة وتراوحت بين 25 الى 29 درجة مئوية. عندها بدأت الأدعية إلى الله ليشفق على عباده، فانقطعت مياه الشفة، وأثّرذلك سلباً على الأطفال، وضَرَبَت الأمراض البهائم[111]. ولمّا رأت الحكومة السنية إحتباس الأمطار في شهر شباط “أصدرت أوامر لجميع الطوائف في صيدا بالدعاء خارج المدينة. بدأ الأهالي الأدعيّة منذ 22 شباط. وفي 24 منه رفع الخوري الياس عطيّة دعاءً مع الطوائف المسيحيّة الأخرى، ونهار الثلاثاء في 26 شباط أقفلت صيدا مخازنها ودكاكينها منذ الصباح، وخرج سكانها إلى خارجها لرفع الدعاء إلى الله”[112]. أما شتاء سنة 1907 فكان شديد البرودة  قارساً، فمنذ منتصف شهر كانون الثاني تجلدت المياه في الأوعية داخل البيوت، وبلغ الثلج السواحل الصيداوية واستمر ذلك عشرة أيام[113].

ب- غياب وجوه في مدينة صيدا والجوار

دونّ  الخوري الياس في مذكراته أسماء المتوفين  الذين لهم مكانة إجتماعيّة في صيدا والجوار وهذه أسماءهم:

  •  توفيت حرمة شكيب بك جنبلاط في البراميّة عقب عملية جراحيّة في 4 أيار 1899 وكان دفنها بالقرية المذكورة بحضور مشايخ العقل من بعقلين والمختارة”[114]
  • –        “توفى أحمد أبي ضهر من أعيان أسلام صيدا في بيروت بغتة ليلة الأربعاء في 31  تشرين الأولى 1900، أحضرته عائلته إلى صيدا، وكان دفنه حافلاً من عموم أهالي صيدا”.[115]
  • –         توفي علي أفندي عسيران المتوالي من صيدا وهو قنصل العجم، وذلك بعلة مرض القلب في 19 كانون الأول  سنة 1901 وله من العمر ثمانين، وهو من الرجال المحمودين والمحبين للسلام.[116]
  • وذكر الخوري الياس حادثة مفجعة جرت للخوري إبراهيم الخوري الرومي الأرثوذكسيّ نهار الخميس 16 تشرين الأول سنة 1902، “وهي عندما كان إبنه جبرايل يطيّر طيّارته على سطوح أونطش الروم كاثوليك الملتصق بأنطش الروم فَهَوَى ساقطاً إلى أرض الأنطش المذكور قرب بركة ماء، ومات لساعته وعمره ثلاث عشرة سنة وكان لهذا الحادث كدرعميق من عموم البلدة وكان دفنه نهار الجمعة في 17 منه، وقد أعلنت الحكومة القصاص لمن يطير طيّارة على السطوح”.[117]
  • توفى وليم أبيلا بغتةً في ليل 17 كانون الثاني سنة 1905 وكان له مأتم حافل.
  • توفي أبو عمر البيجو النعماني من صيدا وأحد أعيانها وكان له مأتم حافل مشت عموم البلدة بجنازته وذلك في  كانون الثاني سنة 1905.
  • توفى درويش بك الحسين من الطائفة الشيعيّة في صيدا نهار الخميس صباحا في 17 شباط سنة 1905 وكان ثاني يوم عيد الإسلام عيد الضحيّة عندهم ونقل إلى المروانيّة وكان له هناك مأتم حافل.[118]
  • توفيّت حرمة يوسف البيطار الروميّة الأرثوذكسيّة من صيدا، ولم يكن في صيدا كاهن لهذا الطائفة، قام خوري الروم الكاثوليك في صيدا بالواجبات الروحيّة تجاهها، سمع إعترافها وناولها القربان المقدس، ولم يمنحها مسحة المرضى لأن أزمة قلبيّة فاجأتها. فحضر خوري الروم من رعيّة صور للصلاة الجنائزية عليها[119].
  • –         توفي الحاج إسماعيل الزين نهار الأحد في 28 آذار سنة 1909 وهو تاجر شهير في صيدا من طائفة الشيعيّة. قتله علي البرسكي المتوالي من أهالي الكوثرية (السياد) والداعي لهذا الفعل هو الخصام الحاصل بينه وبين شركاه في القرية المذكورة وأحضروه لصيدا وكانت دفنته نهار الأثنين بعد الظهر الساعة 7 أي الواحدة[120].

خاتمة

لم يخطر في بال الخوري الياس يوماً أن الحكومة السنيّة ستبعده عن الوطن الذي خَدَمَه خدمة صادقة مدة خمسين سنة بالأمانة والمحبة، وقد التزم بأفكار ونوايا الحكومة العثمانيّة وأتمم إرادتها بكل إجتهاد وعلى قدر ما يدعوه إليه ضميره المستقيم وواجب الطاعة لله وللسلطتين الدينيّة والمدنيّة. يوم الخميس 17 آب 1916، حضرت أنفار الجندرمة مدججين بالسلاح إلى بيت الخوري الياس، فأخذوه وتم نفيه الى بعلبك[121]، وهذا سنسرده في مقال آخر بإذن الله.

انتقل الخوري الياس الى جوار ربه صباح الخميس الواقع في 27 كانون الأول سنة 1925 إثر علّة لم تنجح بها حيل الأطباء، وهو بعمر الرابعة والسبعين قضى معظمها في تربية الناشئة الصيداوية. وكان له مأتم مهيب، حمل على الأكف وسير به في أرجاء المدينة التي أحبها وأحبته[122]

إن ما كتبه الخوري الياس عطيّة عن الواقع الروحيّ والإجتماعيّ  لمدينة صيدا يبقى شهادة على النسيج الإجتماعي بين العائلات الصيداوية، وعلى روح الأخوة التي كانت سائدة في المدينة في تلك الحقبة، ويلقي الضوء على واقع الرعيّة المارونيّة وعلاقتها بالمجتمع الصيداوي وتواصلها مع الكنائس الأخرى في المدينة، لتبقى الكنيسة المارونيّة في صيدا شاهدة للمسيح القائم من بين الأموات. ويبقى لنا أن نشكر حفيده الأستاذ لويس يوسف عطية الذي وضع بين يديّ بعض مذكرات جده الخوري الياس.

المراجع

1– أرشيف مطرانيّة صيدا المارونيّة، شرطونيّة المطران بطرس البستاني، والخوري ناصر الجميّل، الرسامات في شرطونيّة المطران بطرس البستاني 1862-1890، مجلة المنارة، السنة34، العدد1، 1993

2- محمد، مراد، تجربة التمثيل الشعبي في مقاطعات اللبنانيّة 1861-1915، دار العلوم العربيّة، بيروت، لبنان،2016. 

3– محفوظات الخوري إلياس عطية، كوبيا الوكالة الأسقفيّة ، سنة 1895- 1910

4- أرشيف بكركي، ملفات البطريرك إلياس الحويك، أبرشيّة صيدا المارونيّة

5- بولس ، يوسف الحلو، الأوضاع السياسيّة والأقتصادية والإجتماعيّة في قضاء جزين بين 1840-1920، أطروحة دكتوراه، جامعة الكسليك، قسم التاريخ، الكسليك-لبنان، 1985.

6-  بولس القرألي، فخر الدين المعني الثاني حاكم لبنان، لحد خاطر، بيروت-لبنان، 1992

7–  سجل وفاة رعية مار إلياس صيدا سنة1836-1946.

8- مارون رعد، لبنان في ظل الأمير فخر الدين المعني الكبير ( فخر الدين أمير طائفة أم مشروع وطن؟، دار نظير عبود، 2005


[1]  يذكر الخوري إلياس عطيّة: أنه زار المطران بولس بصبوص في بيت الدين ومعه إبنه يوسف وإبن عمه الخوري طانيوس إسحاق الخوري من بلدة دبل الجنوبيّة محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحدث بين سنة 1903- 1913، ص 12.

[2] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كتيب صغير، قياس 5سم و10 سم،  عدد 1، ص2-1.

[3] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 1.

[4] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص4-5.

[5] مقام مار إلياس حارة صيدا: يقع شرقي مدينة صيدا، على تلة تشرف على المدينة، وكان إلى جوار هذا المقام مدافن العائلات المارونيّة في صيدا.

[6] كان الأجدر بعائلة نمور أن تقصد المطران بطرس البستاني المساعد للمطران عبدالله، لأن الأمور التدبيرية في الأبرشيّة أصبحت بيده، فالمطران عبدالله  في السنوات الأخيرة من حياته أمضاها في مزرعة بكشتين قرب بلدة الدبية في الصلاة والتأمل. وأسندت إدارة الأبرشيّة إلى المطران بطرس البستاني.  وعندما طلبت عائلة نمور من المطران عبدالله أن تدفن أبنها في الجهة المقابلة لعائلة رزق الله، كان سنة 1865 قبل سنة من وفاة المطران عبدالله، لهذا أدى ذلك إلى خلاف في الرعيّة. لأن المطران عبدالله أذن لهم ويأخذ بالحسبان عواقبها، يوسف خطّار غانم، برنامج أخوية القديس مارون، الجزء الثاني، بيروت المطبعة الكاثوليكيّة، 1903، ص 354،

[7] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كتيب صغير قياس 5سم و10ستم، عدد1، ص12-13.

[8] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كتيب صغير قياس 5سم و10ستم، عدد3، ص19.

[9] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كتيب صغير قياس 5سم و10سم، عدد 3، ص 5.

[10] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص26-27.

[11]  أرشيف مطرانيّة صيدا المارونيّة، شرطونيّة المطران بطرس البستاني، والخوري ناصر الجميّل، الرسامات في شرطونيّة المطران بطرس البستاني 1862-1890، مجلة المنارة، السنة34، العدد1، 1993، ص94، يذكر المطران بطرس في الشرتونيّة، ان إلياس هو إبن الخوري بشارة عطيّة وقد قبل الدرجات الصغرى (مرتلاً وقارئاً وشدياقاً وشمعدانياً) على يد المطران إسطفان الخازن لم يذكر التاريخ، أما درجة الشماسيّة( رسائلياً وإنجيلياً)  فقد منحه إياها المطران بطرس نهار الأربعاء في 3 كانون الأول سنة 1884.

[12] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا  الوكالة الأسقفيّة، دفتر الحوادث الزمنيّة بين سنة 1895- 1902، ص2.

[13] محفوظات الخوري إلياس، المرجع نفسه،ص2.

[14]  محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفية، سنة 1895- 1902، ص 20

[15] محفوظات ألخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة،  دفتر الحوادث الزمنيّة في صيدا من الروحيّة من إبتدى وكالتنا في 31 آذار 1895، ص31.

[16] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة،المرجع نفسه، ص 31.

[17] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، الوكالة الأسقفية، المرجع نفسه، ص58.

[18] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، دفتر كوبيا الأحداث بين سنة 1903-1913، ص8.

[19] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 8.

[20] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903- 1913، ص19، “سيم الخوري إلياس كاهناً على يد المطران بطرس البستاني في 4 كانون الأول سنة 1884 على مذبح مار شليطا” الخوري ناصر جميل، الرسامات في شرطونيّة المطران بطرس البستاني 1862-1890، مجلة المنارة، السنة 34، العدد 1، 1993، ص94. “أما السبب الذي أدى إلى توقف القداس منتصف الليل، يعود إلى إحتراق الكنيسة بعد قداس مساء ليلة عيد الغطاس سنة 1886 وسببه أن وكيل الكنيسة حبيب الكيّال أطفىء الشموع في الكنيسة، ولكن واحدة منها وقعت خلف المذبح وهي مشتعلة لم ينتبه لها أحد فأحدث الحريق” كتيب صغير بخط الخوري إلياس عطيّة يسرد فيها بعض الأحداث، ص 19.

[21]  محفوظات الخوري إلياس، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع نفسه، ص10.

[22] أخذت المدرسة إسم شفيعها القديس لويس ملك فرنسا، ووضع شخصاً له في المدرسة،  كوبيا الوكالة الأسقفية، المرجع نفسه، ص12.

[23]  محفوظات الخوري إلياس،  كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص23.

[24] مطرانخانة، كلمة مشتقة من كلمتين الأولى مطران أي الأسقف، والثانيّة خانة معنها في اللغة التركيّة دار أو غرفة، معنها دار المطران.

[25] محفوظات الخوري إلياس، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع ذاته، ص6.

[26] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع ذاته، ص45.

[27] قرية الحارة هي اليوم حارة صيدا، كانت مدافن الموارنة  قديماً موجودة على تلة مار إلياس شرق البلدة مطلة على مدينة صيدا.

[28] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903- 1913، المرجع السابق، ص6.

[29] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 8.

[30] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص6.

[31] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص7.

[32] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903-1913، المرجع السابق، ص 8.

[33] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص8.

[34] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص8

[35] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 9.

[36] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 16.

[37] البراميّة بلدة في متصرفيّة جبل لبنان قضاء جزين في إقليم التفاح على الحدود الغربيّة للمتصرفيّة مع مدينة صيدا التابعة ولاية بيروت، وقد كانت البراميّة المركز الشتوي لقائمقام جزين، مجلة البشير، العدد 593، بتاريخ 19 كانون الأول سنة 1880، صفحة 3، عامود 3.

[38] كوبيا الوكالة الأسقفية، المرجع السابق، ص 12.

[39] لم يذكر الخوري إلياس عطيّة المكان الذي بات فيه المتصرف مظفر باشا في القصبة جزين، ولكن جريدة البشير تشير في عددها 676 بتاريخ 23 آب سنة 1883، ص4، عامود 1، أن المتصرف عند زيارته إلى قصبة جزين كان يبيت في محل سكن القائمقام إذا إستمرت زيارته أكثر من يوم واحد.

[40] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفية، المرجع السابق، ص 58.

[41] يستعمل الخوري إلياس عطيّة، عندما يتحدث عن موقع دار نسيب جنبلاط، أن هذا الدار يقع في بلدة البراميّة واحياناً يقول أنها في بلدة الهلاليّة، والصحيح أنها تقع في الهلاليّة عقارياً على حدود بلدة البراميّة، ولكن البعض يعتقد أن هذا الدار يقع في البراميّة، لهذا يحصل الخطأ في التسميّة.    

[42] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 61.

[43] المطران باسيليوس الحجّار

[44] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 62.

[45] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 58.

[46]  يحدد الخوري إلياس عطيّة موقع دار نسيب جنبلاط الجغرافي، مرة يقول أنها تقع في البراميّة ومرة أخرى  في الهلالية، فهذه الدار تقع عقارياً في الهلالية أخر حدودها مع البراميّة، لهذا معظم الأشخاص يقعون في غلط في تحديد الموقع.

[47] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفية، المرجع السابق، ص 23.

[48] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين 1903-1913، ص 16،

[49]  جمعية التفريق” هذه الجمعية ” تشكل في كل لواء لجنة التفريق (فرز) مؤلفة من المتصرف والنائب أو القاضي الشرعي والمحاسب والمفتي وكاتب التحريرات والرؤساء الروحيين للطوائف غير الإسلاميّة الموجود في مركز اللواء” محمد، مراد، تجربة التمثيل الشعبي في مقاطعات اللبنانيّة 1861-1915، دار العلوم العربيّة، بيروت، لبنان،2016،ص 181. 

[50] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، ص 22.

[51] كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 27.

[52] القومسيون: “هي لجنة الأشغال العامة دعاها المتصرف فرنكو باشا بإدارة النافعة” بولس ، يوسف الحلو، الأوضاع السياسيّة والأقتصادية والإجتماعيّة في قضاء جزين بين 1840-1920، أطروحة دكتوراه، جامعة الكسليك، قسم التاريخ، الكسليك-لبنان، 1985، ص104.

[53] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفية، المرجع السابق ص 56.

[54] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع نفسه، ص 59.

[55] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903- 1913، ص 10.

[56] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص16.

[57] يعمد الخوري إلياس عطيّة في الإحتفالات الرسميّة العائدة إلى الدولة العلية، تدوين التاريخ الهجري والميلادي  في آن معاً، أما الإحتفالات العادية العائدة إلى أبناء رعيته يكتفي فقط بالتاريخ الميلادي.

[58] كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 20.

[59] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث، المرجع السابق، ص 21.

[60] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع السابق، ص24

[61] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 61.

[62] الساعة الرابعة ليلاً، يعني الساعة العاشرة بتوقيتنا.

[63] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع نفسه، ص 19.

[64] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع نفسه، ص 13.

[65] أرشيف بكركي، ملفات البطريرك إلياس الحويك، أبرشيّة صيدا المارونيّة الملف رقم 68، الوثيقة رقم 59.

[66] كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 25.

[67] أرشيف بكركي، ملفات البطريرك إلياس الحويك، أبرشيّة صيدا المارونيّة، الملف رقم 47، الوثيقة رقم 47.

[68] أرشيف بكركي، ملفات البطريرك إلياس الحويك، المرجع السابق، الملف رقم 47، الوثيقة رقم 50.

[69] أرشيف بكركي، ملفات البطريرك إلياس الحويك، المرجع السابق، الملف رقم 68، الوثيقة رقم 199.

[70] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص26.

[71] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 26.

[72]  القبع: مزرعة بالقرب من بلدة قيتولة للجهة الشماليّة، كان يملك أل عطيّة مصيفاً لهم فيها.

[73] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص44-45.

[74] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903- 1913، ص 14.

[75] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه ، ص7 .

[76] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص8.

[77] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 11. “الخوري داود أسعد والده الخوري يوسف ” شرطونية المطران بطرس البستانيّ

[78] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث، المرجع السابق، ص 16.

[79]  محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع نفسه، ص 28.

[80] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص44.

[81] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، دفتر كوبيا الأحداث، المرجع السابق، ص 19.

[82] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 58.

[83] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث، المرجع السابق، ص 11.

[84] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث، المرجع نفسه، ص  20.

[85] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 61-62.

[86] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903-1913، ص 11.

[87] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 20.

[88] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 61.

[89]محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903-1913، ص8.

[90] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص11.

[91] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص23

[92] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه،ص 25.

[93] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 63.

[94] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث، المرجع السابق، ص10.

[95] محفوظات الخوري إالياس عطيّة، كوبيا الأحداث، المرجع السابق، ص 16.

[96] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص16

[97] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 22.

[98]  محفوظات الخوري إلياس عطية، المرجع نفسه، ص41.

[99] مارون رعد، لبنان في ظل الأمير فخر الدين المعني الكبير ( فخر الدين أمير طائفةأم مشروع وطن؟، دار نظير عبود، 2005، ص 198.

[100] بولس القألين فخر الدبن المعني الثاني حاكم لبنان، لحد خاطر، بيروت-لبنان، 1992، ص42، يذكر الأب روجيه الطيبة طبيب الأمير الخاص أن الأمير وهب الفرنسيسكان أربعة ديورة أثنين في عكار وصيدا واخرين في لبنان.

[101]  محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، ص 42.

[102] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، دفتر كوبيا الحوادث بين أيلول سنة 1903 حتى كانون الأول سنة 1913، ص 5-6.

[103] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 6.

[104] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 9.

[105] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص18

[106] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903-1913، ص19

[107] محفوظات الخوري إلياس عطيّة،المرجع نفسه، ص21.

[108]محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه،ص22.

[109]  محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص18.

[110] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 13.

[111] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 41.

[112] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 31.

[113] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، دفتركوبيا الأحداث بين سنة 1903-1913، ص20.

[114]  محفوظات الخوري إلياس كوبيا الوكالة الأسقفيّة،المرجع نفسه، ص 19.

[115]  كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 29. 

[116] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الوكالة الأسقفيّة، المرجع السابق، ص 46.

[117] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 57.

[118] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، كوبيا الأحداث بين سنة 1903- 1913، ص10. 

[119] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 18.

[120] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، المرجع نفسه، ص 36

[121] محفوظات الخوري إلياس عطيّة، مذكراته تحت عنوان “رحلة إلى بعلبك”

[122] سجل وفاة رعية مار إلياس صيدا سنة1836-1946، وجه64، عدد1.

Scroll to Top