Almanara Magazine

د. روني سمعان خليل، أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية، كلية الآداب 4- عمادة وكلية التربية 1.

تتعدد المواضيع التاريخية وتتشعّب، منها ما يؤرّخ لحقبة معيّنة أو لشخصية ما، ومنها لمؤسسات تركت بصمات في مجالات عدة. من هذا المنطلق أردت في مقالي هذا، إعادة تسليط الأضواء على بعض المؤسسات الدينية، لكي تبقى حيّة بالنسبة للقرّاء وراغبي العلم. وصحيح أنني لم أعتمد أسلوب التقميش وتقديم معلومات بكر، بل عمدت إلى تلخيصٍ مختصرٍ وموضوعي إعتماداً على مراجع عدة تناولت هذه المؤسسات، وهدفي كما قلت إحياء ذكرها التاريخي ودورها الروحي والاجتماعي. فجاء عنوان المقال “من جذورنا“، لأنه تناول مواضيع مستقلة عن بعضها البعض.

أولاً: معهد القديس يوسف عينطورة: “أم المدارس في لبنان”

خلال القرون التي سبقت تاريخ افتتاح مدرسة مار يوسف عينطورة، نشأت مدارس عديدة في قرى لبنان غير أنها لم تعمّر طويلاً، فما إن يموت مؤسسها حتى تتوقف عن متابعة رسالتها. وصحيح أن مدرسة عين ورقة- غوسطا أسست في العام 1789 واستمرت قروناً من الزمن غير أن انطلاقتها ورسالتها التربوية انحصرت بتخريج الإكليريكيين فقط، في حين كانت مدرسة عينطورة مخصصة لتعليم العلمانيين. من هنا هي اليوم الأقدم ويمكننا القول أنها أم المدارس في لبنان.

  1. “شو بدا علم بعينطورة” – الإنطلاقة التربوية التاريخية

مثل شاع ولم يزل يتردد على ألسن الكثيرين من أبناء المنطقة ولبنان عموماً. تعالوا نكتشف سرّه.

في العام 1834، وبعد سلسلة من العوامل؛ نشر العلم والثقافة، التنافس مع الإرساليات الإنكليزية، إيصال أفكار عصر النهضة الأوروبية الى لبنان، …وسواها من العوامل التي ساهمت في نشأة هذا المعهد العريق، إنطلقت المدرسة بسبعة تلامذة، وشملت كافة المراحل التعليمية. ففي النهار كان الطلبة يتعلمون وفي الليل ينامون في الدير. وما هي إلا سنوات قليلة حتى اندلعت نيران الفتنة في الجبل (أحداث 1840 و 1860)، فاستقبلت المدرسة والدير (دير مار يوسف المنشأ أواسط القرن 17) مئات المتضررين والمنكوبين الذين باتوا من دون مأوى، بالتزامن مع استمرار دورها التربوي الذي أخذ بالتصاعد سنة بعد سنة. وخلال أحداث ثورة الفلاحين (1858)، أدى خريجو المدرسة دوراً وطنياً من خلال نشر أفكار التحرر بين العامة بعد أن نهلوها من مدرستهم. فشكّلوا ليس فقط في فترة الثورة إنما في معظم المحطات التاريخية حركة وعي ويقظة علمية ووطنية وفكرية.

بعد استتباب الأحوال، وفي ظل نظام المتصرفية، أخذت المدرسة بالنمو والازدهار بشكل مطرد، فمع الرئيس الأب سالياج SALIEGE (1879- 1911) ارتفع بنيانها أكثر فأكثر، ببصمات المهندس LEONARD DELANUIT (مصمم صرح بكركي أيضاً). فاستقدمت حجارتها من مقالع القرى الجبلية وأخشابها الصلبة من منطقة مرسين في تركيا. فعلا البناء وتوسّع وبنيت كنيسة جديدة (1889) بنمط معماري غوطي ما تزال حتى يومنا هذا تشهد على أبرز الاحتفالات والمناسبات الروحية، إضافة الى البرج (شعار المعهد اليوم). وتخليداً لذكرى المهندس الفنان أقيمت قاعة على اسمه وتمثال للأب سالياج. بعد وفاة الأب سالياج تسلمها الأب سارلوت SARLOUTTE   الذي أكمل المسيرة فأدخل نظام الشهادة الفرنسية (بكالوريا فرنسية) وخلدت ذكراه بتمثال برونزي أيضاً.

2 – معهد عينطورة خلال الحرب العالمية الأولى

صدرت الأوامر العثمانية بمصادرة مؤسسات الدول الحليفة في لبنان، وبما أن معهد عينطورة يتبع لإرسالية فرنسية، تمت مصادرته في العام 1915 من قبل الجيش العثماني المتحالف مع الألمان، وعليه؛ دخله العسكر التركي مع 800 يتيم أرمني وكردي أتوا بهم بغية تنشئتهم عسكرياً وتحويلهم أتراكاً وطردوا جميع الطلاب والآباء، فبات المعهد ثكنة عثمانية، وزاره القائد جمال باشا متفقداً سير الأعمال فيه. ونظراً لشح المياه وصعوبة إيصالها بالتزامن مع ظروف الحرب، انتشر مرض التيفوس والتيفوئيد بين صفوف التلامذة الأيتام، فحصد الموت العشرات منهم (حوالى 300 تلميذ توفى). الى أن تأمنت المياه وبشكل جزئي من نبع قريب من دير حراش – عين الريحانة. بعد انتهاء الحرب، عادت الحياة الى المعهد، وعاد الأب سارلوت رئيساً فبادر الى رد أسماء الأيتام الأصلية، والى احتضانهم تزامناً مع إرجاع التلامذة والطاقم الإداري والتعليمي، وتأسس سنة 1923 أول فرقة كشفية  وبعدها بسنتين، استكملت مسيرة البناء بتشييد المسرح وتوسيع الملاعب وإضافة الممرات … وفي العام 1935 انطلقت مسيرة رابطة خريجي المعهد.

تابع المعهد رسالته التربوية خلال الحرب العالمية الثانية، وتحوّل في أوقات متقطعة معسكراً للجيش الفرنسي، وتوالت عهود الآباء الرؤساء كلٌّ يترك بصمة، وتخليداً لذكراهم حملت قاعات عدة أسماء ما زال تلامذة المعهد يرددونها؛

 BERTRAND- SALLE DE LANUIT- SALLE MARANSIN وسواها.

 أواخر ستينيات القرن الفائت، وبعد الازدهار الإقتصادي الذي حققه لبنان خلال تلك الفترة، وبعد تأمين الإدارة باصين لنقل التلامذة ( العام 1960)، إنتقلت المدرسة تدريجياً من نظام الطالب الداخلي الى نظام الطالب الخارجي ومع بداية العام 1975، تكرّس هذا الأمر بشكل كلّي.

3 – المعهد تحت إدارة اللبنانيين

 بعد تزايد أعداد الآباء اللعازاريين اللبنانيين، وتمرّسهم في الإدارة كمعاونين للآباء الفرنسيين، بات عليهم استلام زمام الأمور، فترأس المعهد الأب نعوم عطالله العام 1969 الذي باشر عهده بإدخال العنصر الأنثوي بين صفوف الطلبة (1969- 1970)، وبتأسيس رابطة الأساتذة ولجنة الأهل في العام 1971، ومن حينها لتاريخنا اليوم آلت الرئاسة الى الآباء اللبنانيين. عايش المعهد فترة الحرب اللبنانية، فاستقبل العائلات التي هجّرت من مناطقها، وبعد انتهاء الحرب، إستكمل المعهد مسيرته في الإشعاع الفكري والعلمي مقدماً لوطننا الحبيب وللعالم عموماً أفواجاً من الخريجين برع العديد منهم في مجالات شتى. وكان خلال مسيرته وحتى اليوم ليس فقط منارة مضاءة ومركز فكر وثقافة، إنما أيضاً معهداً مسكونياً استقبل الطلاب من مختلف المذاهب، ومركزاً وطنياً أمّه العديد من القادة الروحيين والسياسيين، فخطبة الإمام المغيّب موسى الصدر ما تزال تتردد في أذهان الكثيرين لما حملته من رموز وطنية وإنسانية – حضارية. وترسيخاً وتثبيتاً لدور المعهد الريادي، شاءت التقاليد أن يكرّس البطريرك الماروني زيارة سنوية له في عيد شفيعه.

من تلامذة المعهد في الحقل السياسي (مع حفظ الألقاب): سليمان فرنجية- رينيه معوّض-  بترو طراد-  كمال جنبلاط – سليم تقلا- عمر الداعوق- صبري حماده- حميد فرنجية- موريس الجميّل- منصور بطيش- يوسف سلامه- زياد بارود- جان عزيز…[1].

ثانياً: دير مار بطرس وبولس العذرا – كسروان

شهد القرن التاسع عشر فورة في نشوء الأديرة في لبنان عند مختلف الرهبنات اللبنانية المارونية نتيجة الهبات الكثيرة التي أغدقت عليها، وعائدات الأراضي الزراعية، فضلاً عن الجو الأمني – السياسي الذي ساد بفضل العلاقة الوطيدة بين الكنيسة المارونية والأمارة الشهابية.

يقع دير مار بطرس وبولس العذرا على بعد 42 كلم من بيروت، على هضبة مطلة على البحر، يشرف على كسروان وجبيل وكأنه عين ساهرة على المناطق التي يطل عليها آخذاً من بلدة العذرا مركزاً له. هذه البلدة التي سميت بهذا الاسم تيمناً بكثرة شجر العزر فيها، فدعيت العذراء أو العذرا[2]. تظلل باحاته الخارجية سنديانة معمّرة تحمل في جذوعها وفروعها حكايات عقود من الزمن، ترمز الى صلابة الماروني وتجذره في أرضه، لأن شجرة السنديان تعتبر رمزاً مسيحياً وقلما نجد كنيسة تخلو ساحتها من سنديانة. وبشموخها الى العلياء، رمز الى تطلّع المؤمن نحو السماء حيث الخلود والرجاء بالخلاص.

  1. الدير من التأسيس الى يومنا هذا

في العاشر من كانون الأول 1854[3]، منح مطران أبرشية بعلبك أنطونيوس الخازن الإذن للأب جرمانوس طايع اللبناني ببناء دير في المكان المعروف باسم خرايب الحصري في بلدة العذرا على اسم القديسين بطرس وبولس، بعد التماس الإذن من قبل الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأب العام عمانوئيل المتيني. وعليه ارتفع البناء وانطلقت مسيرته الروحية والاجتماعية على السواء إذ أقيمت فيه مدرسة علّمت الكثيرين من أبناء المنطقة.

زيد البناء في فترات لاحقة لحين ترميمه على شكله الحالي في العام 1994، مع الحفاظ على جزء كبير من معالمه التراثية – التاريخية، فجاء بناؤه تحفة فنية تراثية يضفو عليها الطابع الروحي. فبالإضافة الى كنيسته الأثرية المقببة، إرتفعت قناطره وأعمدته وزيدت غرفه وتوزعت على طبقاته الثلاث وبشكل دائري، فمنها غرف منامة ومطبخ وأخرى للإستقبال ناهيك عن غرف محاضرات وأروقة يتوسطها جميعها باحات داخلية محاطة بالزهور والشجيرات البهية.

في خريف العام 1996، افتتح الدير مركز الثقافة الدينية الذي ما يزال حتى يومنا هذا، مركز إشعاع روحي وثقافي لناهلي العلم، فيؤمّن المحاضرات الدورية من خريف كل عام حتى أوائل الصيف في مختلف المواضيع الدينية- التاريخية- الصحية وسواها. وبات مركز تلاقٍ للعديد من أهل الفكر والعلم والثقافة ومركز ألفة يجمع العشرات على اختلاف أعمارهم. هذا بالإضافة الى إحيائه معرض فني يقيمه في كل سنة.

  • لوحة مار بطرس وبولس التاريخية

يعود تاريخ رسمها الى العام 1900، حين خطّ ألوانها ونسج خيوطها الرسام الشهير خليل الجر ابن بلدة يحشوش، وفيها يظهر القديس بطرس عن يمين الصورة يمسك بيده “مفاتيح الملكوت” وفي اليسرى يحمل كتاب الأناجيل. ونرى عن شمال الصورة الرسول بولس، حاملاً بيده اليمنى سيف الروح (كلمة الله) وفي اليسرى كتاب الأناجيل. وترفرف فوقهما حمامة ترمز الى الروح القدس، فجاءت لوحته تحفة فنية جمع فيها الرسام الجرّ بين الحداثة الغربية المتمثلة في تصوير ملامح الوجوه وأبعاد الصور… والتقليد الماروني المشرقي المتمثّل بإبراز الواقعية والدقة في تصوير الثياب وتناغم الألوان مع طابع روحي يحاكي الأرض والسماء…

  • من المحطات التاريخية المهمة في الدير

في العام 1935، استقبل الدير بطريرك الطائفة المارونية أنطون عريضة استقبالاً حاشداً، وكان لزيارته وقع كبير في  المنطقة.

  • الدير مركز علم وثقافة – تأسيس المدرسة

 تزامن نشوء المدرسة مع قيام الدير كما ذكرنا آنفاً، أدّت دوراً تربوياً في المنطقة ردحاً من الزمن استمر حتى ستينيات القرن الماضي، تعلّم فيها تلامذة كثر من البلدة والجوار، لمع منهم على سبيل المثال رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي فيليب خيرالله، فكان من بين تلامذتها في أربعينيات القرن الماضي. ويروي القاضي خيرالله مجريات بعض الأيام الدراسية، ومن الأخبار الطريفة أنه خلال العام 1938، طلب رئيس الدير من التلامذة المساعدة في صب السقف، فهبوا الى تلبية النداء وانقسموا الى فئتين لإثارة الدافعية والحماس بين صفوفهم وذلك بهدف جمع أكبر كمية من البحص من المحلات المجاورة للدير نظراً لندرة وجوده آنذاك، وهكذا تم جمع الكمية المطلوبة وصب السقف بالإسمنت.

أواسط القرن العشرين (1950) سلّمت الرهبانية إدارة المدرسة الى راهبات دير مار الياس الراس اللبنانيات، اللواتي استحصلن على رخصة رسمية لها بفتح مدرسة مجانية إبتدائية داخلية وخارجية (1956)، وبموجب الاتفاق، طُلب منهن القيام بكل أعمال المدرسة إدارياً وتربوياً مع تأمين الرياضات الروحية والصلوات ليس فقط لتلامذتها بل لسكان المنطقة والجوار. هذا فضلاً عن اهتماماتهن الأخرى من أعمال يدوية وخدمة المدرسة وترتيبها… إستمرت في رسالتها حتى العام 1965 تاريخ إقفالها نهائياً[4].

واليوم يتابع الدير رسالته الروحية والتثقيفية مشكلاً منارة مشعة في المنطقة.

ثالثاً: دير مار مارون الرويس، شننعير – كسروان

أواخر القرن 18 بنى الخواجا طنوس نصر داراً في محلّة الرويس – شننعير، ثم انتقلت ملكيته الى الرهبنة الأنطونية التي اشترته من ورثة طنوس الآنف الذكر (بطرس وعبدالله) في العام 1864 وحوّلته أنطشاً. وبعد مدّة، توسّع بنيانه فبات ديراً عامراً على اسم القديس مارون (سنة 1875). وكان آل نصر المذكورين قد أوقفوا للدير المنشأ وكنيسته التي تكرّست أيضاً على اسم القديس مارون أملاكاً ومخصصات ماليّة بهدف نموّه واستمرار رسالته الروحيّة مقابل قداسات على نيتهم وعائلاتهم. وقبيل انتهاء القرن 19 فتحت الرهبنة فيه مدرسة غير أنّ الوثائق لم تشر الى استمرار رسالتها سوى لسنوات معدودة.

مع مطلع القرن 20، تخلّت الرهبانيّة الأنطونية عن الدير نتيجة تراجع وضعها المادي وتراكم ديونها، فاضطرت لبيعه، وما إن شيع خبر البيع حتى تهافت الراغبون على الأمر وذلك بفضل موقعه الجغرافي الرابض على تلّة مشرفة على البحر إضافة إلى سكون مكانه، ولا عجب من ذلك فتفسير اسم شننعير يعني؛ الرابية المنتصبة الواقفة. وبانت نيّة لدى البعض من هؤلاء تفيد بتحويله مدرسة علمانية غير كاثوليكية، فما إن علم الخوري بطرس أبي نصر ابن بلدة شننعير المشهود بولائها وتمسّكها بعرى الكنيسة المارونية حتى همّ بشرائه، فراسل البطريرك الياس الحويّك عارضاً عليه أمر الشراء وطالباً دعمه في ذلك متمسّكاً أيضاً بعريضة قدّمها أهل البلدة المذكورة يحتجون بموجبها للحويك على ما آلت اليه الأمور ويطالبون بإبقاء الدير على حالته ورسالته الروحية المارونية. فما كان من البطريرك إلاّ أن دعم مسعى الخوري أبي نصر طالباً من الرهبنة الأنطونية تجميد عمليّة البيع مع الفريق الآخر، وهكذا باتت ملكية الدير بعهدة الخوري المذكور بعدما أتم معاملات شرائه، وقام بعد ذلك بهدم البناء القديم وتشييد بناء حديث مكانه مع كنيسته، وتابع أولاد الخوري بطرس المهمة فزادوا على بنيانه في فترات لاحقة.

إستمرّت ملكية الدير وتدبيره بيد آل نصر حتى العام 1969 حين باعوه الى السادة روجيه نجار، منير وسمير شحاده، ثم من جديد تملّكه والأراضي المحيطة به السيد رفيق أبي نصر في العام 2002 الذي رغب باستعادة إرث أجداده والسير على خطاهم. ثم قام بترميم كنيسة الدير وأضاف عليه غرفاً محافظاً في الوقت عينه على معالمه التراثية- الوطنية- الروحية، وبات اليوم من المعالم الدينية والسياحية على السواء في المنطقة ولبنان[5].

رابعاً: دير سيدة النصر- نسبيه غوسطا

  1. تأسيس الدير

 يقع دير سيدة النصر في المحلّة المعروفة باسم “مزرعة نسبيه” تيمناً بأحد الأشخاص الذي حمل هذا الاسم، واشتهرت هذه الأرض بخصوبة تربتها ووفرة مياهها وعذوبتها إضافة الى تنوّع أشجارها المثمرة. أما لقب “سيدة النصر” فيعود الى فكرة خلاص الأنفس عبر التعبّد للعذراء مريم.

يعود الفضل بتأسيس الدير الى الأب العام مرتينوس سابا الغوسطاوي الذي ترأس الرهبانية اللبنانية المارونية العام 1875، وساعده في تحقيق هذا الحلم الأب الياس خليفه وشقيقه الذي أوقف قبيل تسلّم الأب سابا الرئاسة العامة بسنتين  7 عقارات للرهبانية المذكورة في مزرعة نسبيه، تعتبر أساس انطلاقة الدير. فتكامل الأبوان سابا وخليفه في سبيل إنشاء الدير. التمس الرئيس العام ومجمع المدبرين من البطريرك بولس مسعد الإذن بتأسيس دير جديد في محلّة نسبيه في غوسطا بتاريخ 16 آذار 1879[6].

ثم تواصل الأب العام بهذا الخصوص مع مطران أبرشية بعلبك يوحنا الحاج لكون بلدة غوسطا تقع ضمن حدودها، فجاءت بركة سيادته في 2 نيسان 1879 إعلاماً ببدء العمل والمباشرة بالبناء، وعليه؛ بدأت المهمة في العام 1880، وانتهى البناء في العام 1883، فجاء بفنّ معماري بديع تعلو أسقفه الحجارة المعقودة والقناطر، وطوابقه الثلاثة ترمز لضخامة بنيانه مع كنيسة يضفو عليها رهبة ورونق في آن معاً، مع فسحات واسعة، تحيط به أشجار الصنوبر. وخلّدت لوحة وضعت فوق باب الكنيسة جاء فيها:

“قد شاد للعلم في نسبيه ريّسنا                مرتينوس العام ديراً لبّ لبنان

مع هيكل الله معزياًّ لسيدة                     تُعزى الى النصر مزداناً بإتقان

قد جاء تاريخه مما يصادقه                  إذ تمّ ما قيل أعطي مجد لبنان

                             سنة 1883″

هدف الأب العام مرتينوس من بناء الدير، أن يكون إضافة الى كونه مركز صلاة وتعبّد وحياة ديرية، مدرسة للرهبان الدارسين. وفي العام 1899 ثبّته البطريرك الياس الحويك معهداً لتعليم الناشئة في الرهبانية فاستمر في رسالته حتى تاريخ اندلاع الحرب العالمية الأولى العام 1914، مانحاً طلابه العلوم المختلفة من حساب ولاهوت ولغات سريانية وفرنسية وسواها. عاد الى متابعة نشاطه التربوي مع مطلع أربعينيات القرن الفائت، واستمر في رسالته حتى العام 1994، مستقبلاً ومعلماً الرهبان، تاريخ انتقالهم الى دير طاميش، وبقيت مهمته حتى سنة 2018 مركزاً لاستقبال الطالبين الدخول للترهب.

  • أبرز المحطات التاريخية في الدير
  • مقر مؤقت للبطريركية المارونية

بين أعوام 1890 و 1894، إتخذه البطريرك يوحنا الحاج (1890- 1898) مقراً بطريركياً بالتزامن مع ورشة ترميم صرح بكركي، وذلك لعدة عوامل منها؛ قربه من بكركي، جمال عمارته وطبيعته الخلابة المحيطة به… فأقيمت فيه الاحتفالات الطقسية والروحية المختلفة من ترقية كهنة للدرجة الأسقفية الى قداسات الأعياد واستقبال أرفع الشخصيات الوطنية والأجنبية، الى عقد الاجتماعات الدورية للأساقفة وترؤس غبطته مجمعين للرهبانية اللبنانية (1894 و 1895) … وكم من المراسيم البطريركية التي حملت في ذيلها عبارة “صدر عن ديواننا البطريركي في دير سيدة النصر نسبيه” أو “عن مقرنا في دير نسبيه”.

  • إستقبال رئيس الجمهورية ألفرد نقاش

بتاريخ 23 آب 1941، زاره رئيس الجمهورية ألفرد نقاش، مانحاً في الوقت عينه الوسام اللبناني المذهّب للرئيس العام الأباتي باسيل غانم.

3 – الدير في الفترة المعاصرة

بادر الدير سنة 1989 بإنشاء مركز تثقيف ديني ولاهوتي للبالغين، وكانت هذه المبادرة رائدة في المنطقة، وعلّم فيه أساتذة من كليّة اللاهوت الحبريّة في الكسليك.

وفي فترات لاحقة، زيد عليه غرفٌ وفسحات مع المحافظة على طابعه التراثي والتاريخي، وبالتنسيق مع لجنة الآثار الوطنية[7]. واليوم يتابع الدير نشاطه الروحي والاجتماعي ليس فقط بالنسبة للرهبانية إنما أيضاً للمنطقة وجوارها فبات مركز حجّ وصلاة وتأمّل.

خامساً: أبرشية بعلبك (حالياً النيابة البطريركية على منطقة جونيه) [8]

أُنشئت أبرشيّة بعلبك مع سائر الأبرشيّات المارونيّة سنة 1736 أثناء انعقاد المجمع اللبناني، وضمّت المناطق الآتية: بعلبك والفتوح (كسروان) ونصف مقاطعة غزير وقصبتها غوسطا وغزير. وأمر المجمع بأن يقيم الأسقف في كرسي خاص به داخل أبرشيته فخصّص لهذه الغاية دير مار سركيس وباخوس في ريفون ليكون مقراً لإقامة أسقفها، في حين أقام الأساقفة في السابق في المقر البطريركي يعاونون البطريرك في إدارة شؤون الطائفة. ثم جاء مجمع سيّدة اللويزة سنة 1818 ليحدّد مجدّداً كرسي أبرشيّة بعلبك في الدير المذكور. وعلى الرغم من أوامر المجمعين المتعلقة بتحديد الكرسي الأسقفي، فقد ظهرت في أواسط القرن التاسع عشر مشكلة شابت العلاقة بين مطران الأبرشية آنذاك أنطونيوس الخازن وآل مبارك. وفي ما يلي تفاصيل الخلاف.

  1. الخلاف على ملكية دير مار سركيس المقرّ الأسقفي

شكّل هذا الدير موضوعاً خلافياً بين عائلتي مبارك والخازن ظهر سنة 1819، فادّعت كل عائلة بأحقّية ملكيتها للدير المذكور، فأصدر البطريرك يوحنا الحلو قراراً لصالح آل الخازن من دون رجوعه إلى لجنة فاحصة وتأكّده من الإثباتات، لكنّه سرعان ما عاد وصححه وجاء حكمه هذه المرّة لصالح آل مبارك سنة 1821 الذين طلبوا تحويله إلى مدرسة للأبرشيّة. غير أنّ المشكلة ظلّت عالقة، ووصلت أصداؤها إلى المجمع المقدس الذي أمر بتاريخ 30 أيلول 1826 بإبطال أي قرار أو فعل عمّا يختصّ بالمسألة المذكورة ريثما تتوضّح حقيقة الأمر له. ونتيجة هذا الخلاف، ترك مطران أبرشيّة بعلبك الدير وأخذ يتنقّل بين دير وآخر متّخذاً في الكثير من الأحيان دير سيدة بقلوش – ساحل علما مقرّاً موقتاً لإقامته. وبعدما تبيّن للمجمع المقدس أحقيّة آل مبارك في الدير المذكور، انطلاقاً من حجج تأسيسه، إعترف لهم بحقوقهم بتاريخ 9 حزيران 1832، وأصدر أمره بتثبيت ملكيّتهم على دير مار سركيس ريفون. ووافق على تحويل الدير إلى مدرسة عمومية بحسب طلبهم ورغبة البطريرك حبيش أيضاً.

  • التحديد الجديد لمقرّ إقامة أسقف أبرشيّة بعلبك

تزامن قرار المجمع مع قرار آخر صدر في تلك الأثناء قضى بفصل بلدة ريفون عن أبرشيّة بعلبك وإلحاقها بأبرشيّة دمشق، فحكم البابا غريغوريوس السادس عشر (1831– 1846) GREGOIRE 16 في 25 أيار 1832 بإبطال إقامة مطران بعلبك بدير مار سركيس وباخوس، وطلب المجمع المقدس إلى البطريرك حبيش إخراج المطران الخازن من الدير، وتعيين مقرّ أسقفيّ آخر له داخل حدود أبرشيّة بعلبك. فأقام بدير بقلوش – ساحل علما، المختصّ بعائلته والواقع ضمن حدود أبرشيّته، وبقي مقيماً فيه حتى وفاته سنة 1858.

  • المقر الأسقفي في عرامون – كسروان

سكن الأساقفة قبل شراء هذا الدار كما رأينا في بعض الأديرة داخل الأبرشية مثل؛ دير مار جرجس – ساحل علما، دير سيدة الحقلة – دلبتا، دير مار سركيس وباخوس – ريفون… إلى حين تسلّم المطران يوحنا الحاج (البطريرك لاحقاً) الأبرشية (1861 – 1890) الذي كان قد أقام بداية في دير سيدة الحقلة – دلبتا وجعله لفترة، مقراً مؤقتاً للأبرشية، غير أنّه وضع نصب عينيه هدف إقامة مقر أسقفي لأبرشيته. فاشترى لهذه الغاية في العام 1867 بيت الشيخ ناصيف الدحداح، لكنّه ولأسباب غير معلومة لم يشيّد فيه مبنى للأبرشية. ثمّ عاد واشترى سنة 1877 بيت الشيخ أسد أمين الدحداح ليحوّله مقرّاً للأبرشية، غير أنّه لم يستطع تخليص مشتراه، فعاد سنة 1880 واشترى دار أولاد المرحوم الشيخ قعدان الخازن في بلدة عرامون، ورمّمه ووسّعه ورفع أعتابه. فجاء بناؤه بديعاً، يضفي على رونقه وجود أشجار الصنوبر والسرو والشربين التي تظلل ساحاته. وقد حُفرت لوحة على عتبة باب المدخل كتب عليها:

 ” أسدّة بعلبك أخبرينا                             فمن ذا شادك فخر القصور

   أجابت أنظروا التاريخ كفؤ                     بُنيت بفضل يوحنا الحصور                                                          سنة 1890″.

ومن الملاحظ حين مشاهدة التصميم الهندسي للبناء من مكان مرتفع أنه جاء على شكل حرف  H  في اللغة الفرنسية تيمّناً بالمطران يوحنا الحاج الذي بنى فيه أيضاً مدرسة إكليريكية.وقد بلغ عدد الموارنة فيها خلال تلك الفترة حوالى 30000 نسمة حسب ما جاء في تقرير مرسل من المجمع المقدس عن أحوال الأبرشيات المارونية.

مع الإشارة إلى أنّ هذا الدارما يزال حتى أيامنا الحاضرة المقر الصيفي للأبرشية، وقد بُني مقر شتوي في منطقة أدما منذ بعض السنين بهمة المطران شكرالله حرب والمطران أنطوان نبيل العنداري.

  • أساقفة أبرشية بعلبك- جونيه اليوم
  • جبرائيل مبارك الأول 1713- 1733 (لم تكن أبرشية قائمة بذاتها غير أن المطارنة قبل انعقاد المجمع كانوا يسوسونها مع أبرشيات أخرى)
  • الياس محاسب 1734 (كان يوقّع “مطران عرقه وبلاد كسروان”)
  • إسطفان الدويهي (إبن شقيق البطريرك الدويهي) 1734- 1762
  • جبرائيل مبارك الثاني 1763- 1787
  • بطرس مبارك 1787 – 1807
  • أنطونيوس الخازن 1807 – 1858
  • يوحنا الحاج 1861- 1890
  • يوحنا مراد 1892- 1937
  • الياس ريشا 1937- 1953
  • عبدالله نجيم 1953- 1966
  • شكرالله حرب 1967- 1999 وفي عهده أصبحت أبرشية جونيه المارونيّة بعدما اقتطع منها قسم وتكوّن مع سواه أبرشية زحلة المارونية.
  • أنطوان نبيل العنداري 2000 لحينه ومعه أصبحت نيابة بطريركية.
  • المؤسسات التربوية والإجتماعية في الأبرشية

عرفت أبرشية بعلبك منذ عقود من الزمن تطوّراً علمياً كبيراً، وكثرت في نطاقها الجغرافي المدارس الوطنية والأجنبية. وتضم اليوم النيابة البطريركية عدداً كبيراً من المدارس سنذكر فقط تلك المختصة بها وهي:

  •  مدرسة مار يوحنا الثانوية – العقيبة
  •  المدرسة الأسقفية الأولى- كفرياسين
  •  مدرسة وميتم مار ميخائيل القرن – المرادية
  •  مدرسة جنة الأطفال – جونيه (سان جاك- البوار سابقاً) 

كما وتضم الأبرشية اليوم عشرات الأديرة موزعة من ساحلها حتى جبالها ناهيك عن العديد من الجمعيات الرسولية والكشفية والإجتماعية[9].

  • دار المطرانية في لاسا – المقرّ الصيفي سابقاً
  • جذور الملكيّة في لاسا

تعود ملكية الأبرشية لأوقافها في منطقة لاسا – قضاء جبيل إلى فترة أسقفية المطران (البطريرك لاحقاً) يوحنا الحاج بين 1861 و 1890، إذ بدأ بتملّك أراض شاسعة في تلك البلدة الواقعة ضمن جغرافية أبرشيته، وتقاسمه الفكرة صديقه المطران يوحنا الحبيب مؤسس جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة.

  • بناء مقر صيفي للأبرشية

بدأ بتأسيسه المطران يوحنا الحاج خلال فترة أسقفيته، ولا نعلم بالتحديد سنة تشييده إذ أغفلت الوثائق التي بين أيدينا هذا الأمر، وكان سيادته في العام 1869 قد اشترى بيتاً في لاسا حولّه إلى كنيسة على اسم السيّدة العذراء، وعيّن عليها كاهناً لخدمة النفوس هناك. ووضع في أملاك الأبرشية في لاسا شركاء نصارى. وانطلاقاً من هذا الأمر، أرجّح تاريخ التأسيس خلال تلك الفترة أي في الربع الأخير من القرن 19.

  • أبرز الإنجازات الطقسية في المطرانية

لعلّ أبرز وأهم حدث شهدته مطرانية لاسا وكنيستها كان مع تسلّم المطران يوحنا الحاج السدة البطريركية العام 1890، الذي ألقى الحلف القانوني في 21 حزيران من العام المذكور في كنيسة السيدة التابعة للمطرانية، بحضور المطران يوسف نجم والآباء سابا دريان ويوسف دريان (المطران لاحقاً)، ثمّ أبرق غبطته للكردينال يوحنا سيموني رئيس مجمع إنتشار الإيمان يعلمه بما جرى، مرسلاً كذلك صورة إيمانه الى مجمع انتشار الإيمان والى القاصد الرسولي في لبنان.

  • مسألة قسمة الأراضي بين اليوحنان

أشرنا آنفاً إلى أنّ المطران الحاج تملّك والمطران الحبيب أراضٍ في لاسا، وتسهيلاً لاستثمارها وحريّة التصرّف بها، عالج اليوحنان (كما كان يُطلق عليهما نظراً للصداقة القوية التي جمعتهما) بين 1863 و1893 هذا الموضوع وتوصّلا بعد التداول بشأنها لقسمتها إذ تنازل الحاج عن قسم من أملاكه في غير محلات للحبيب وحصل العكس، وتمّ توقيع الإتفاق العام 1889.

وهكذا أضحت الأملاك بكاملها لأبرشية بعلبك، ووضعت بتصرّف أبناء المنطقة فكانوا يزرعون ما يستطيعون من مساحتها أو يستعملونها لرعي قطعانهم، وشاركهم الأمر لاحقاً إخوانهم الشيعة الذين نزحوا بغالبيتهم من مناطق بقاعيّة.

  • المطرانية بين الماضي القريب والحاضر

مرّت المطرانية خلال فترة الأحداث الأهلية بحالة ركود وجمود نظراً للأوضاع الأمنية التي سادت في معظم مناطق لبنان، ما أدّى إلى تراجع النشاط الروحي والرعوي فيها، وما إن استتب الأمن حتى عادت وانتعشت شيئاً فشيئاً وباتت اليوم مقصداً للحركات الرسولية في جبّة المنيطرة ونقصد بذلك القرى المحيطة ببلدة لاسا أي من قهمز وصولاً إلى العاقورة، (وتسمّى تاريخياً “جبّة المنيطرة” نظراً لتشابه جبالها بجبة الكاهن فهي على شكل نصف دائري) ويقام فيها مع نهاية كل صيف مخيّم رسولي إضافة للعديد من النشاطات الرعوية الأخرى كاجتماع كهنة الأبرشية مؤخراً في دار المطرانية. وعليه، فالنشاط متواصل بهمة أبناء المناطق المجاورة وراعي الأبرشية والكهنة المتولّين تدبير الأراضي التابعة للأبرشية وشؤونها في بلدة لاسا[10].

سادساً: أساقفة جذورهم من أبرشية بعلبك (جونيه اليوم)

  1. المطران فيلبوس حبيش

هو نقولا إبن الشيخ جوان بن نمر حبيش، والدته ظريفة حبيش أبصر النور في قرية ساحل علما في العام 1791، درس في عين ورقة ثم سيم كاهناً على يد المطران أنطون الخازن أسقف أبرشية بعلبك. تولّى إدارة مدرسة عين ورقة فخدمها خير خدمة لمدة قصيرة، ثمّ عيّنه البطريرك يوحنا الحلو قيّماً على دير حراش فسهر على نجاح الدير وازدهاره. ذاع صيته في أرجاء الجبل ما حدا بالأمير حيدر شملان بطلبه إليه لخدمته الروحية فإذن له البطريرك بذلك وخدم الأمير حتى تاريخ وفاته، تسلم بعدها دير الزيارة في عينطورة حيث بنى كنيسة الدير. في العام 1836 استدعاه أخوه البطريرك يوسف حبيش وأقامه رئيساً على دير مار جرجس ساحل علما فجدد أملاكه وزاد في بنيانه ورقاه الى الدرجة الأسقفية على حماه شرفاً باسم فيلبوس في 18 آذار العام 1841 وظل رئيساً على الدير المذكور حتى تاريخ وفاته في 8 شباط 1857 ودفن في كنيسة الدير[11].  

  • المطران يوسف نجم

ولد في أوائل العام 1852 في قرية عرامون من عائلة بيت الخوري بطرس إحدى فروع عائلة آصاف، شبّ على الفضائل والتربية المسيحية. دخل مدرسة مار عبدا هرهريا فارتشف منها العلوم واللغات السريانية، العربية، اللاتينية والإيطالية. في العام 1871 رقّاه إلى الدرجة الكهنوتية المطران يوسف المريض فأقام في المدرسة المذكورة بصفة مدرّس زهاء خمس سنوات. في العام 1878 تولّى خدمة رعية بيروت وبعد سنة استدعاه البطريرك بولس مسعد ليكون كاتب أسراره. ونظراً لحسن سيرته وسعة علومه، رقّاه البطريرك مسعد الى الدرجة الأسقفية على عكا شرفاً وقلّده أيضاً النيابة البطريركية في الشؤون الزمنية. سافر في العام 1900 الى روما رئيساً للوفد الماروني المؤلّف من المطران يوسف دريان والمطران بولس بصبوص ثم توجهوا الى باريس ومنها الى مصر.

كان خبيراً في حل المشاكل وحسم النزاعات في كثير من الدعاوى الإرثية والمالية، فضلاً عن غيرته على المؤمنين وإحساناته للفقراء ومساهمته في المشاريع الخيرية وظل على هذا المنوال حتى وفاته. كرّمته السلطنة العثمانية بالنيشان المجيدي الثاني ونيشان جوقة الشرف من الدولة الفرنسية[12].

  • المطران يوحنا مراد

هو فارس بن أنطون بن الياس بن مراد ولد في دلبتا العام 1854، خاله البطريرك يوحنا الحاج. إنضوى في السلك الكهنوتي في العام 1869 في مدرسة الآباء اليسوعيين في غزير حيث تلقى العلوم الكافية، وبعد إتمامه علومه رُقي الى الدرجة الكهنوتية في 21 أيلول 1882 على يد خاله المطران يوحنا الحاج مطران أبرشية بعلبك باسم يوحنا، وتعيّن بعدها ناظراً لمدرسة الاباء اليسوعيين في بيروت. وفي العام 1884 جعله خاله كاتباً لأسراره وفي 12 حزيران 1892 أقامه مطراناً على أبرشية بعلبك فخدم الأبرشية خير خدمة وفتح مدرسة فيها لطالبي الكهنوت وبنى الطابق العلوي في دار المطرانية واشترى املاكاً ضمها الى املاك الابرشية ورمم في بعض العمارات فيها واعتنى بدير سيدة الحقلة الذي ترأسه مدة وكذلك اهتم بدير مار ضوميط البوار ودير القديس شليطا غوسطا وساعد في بناء كنائس عدة. تقلّد الوسام المجيدي الثاني من الباب العالي (السلطنة العثمانية). توفي العام 1937[13].   

  • المطران نقولا مراد

هو نهرا ابن سمعان مراد ولد في العام 1799 في عرامون، دخل مدرسة عين ورقة حيث تلقى العلوم الكافية واللغات المختلفة. بعد إتمام دروسه اتخذه الشيخ غالب الدحداح مدرّساً لأولاده ثم عمل في كخادم روحي للشيخ مرعي الدحداح وكيل الأمير بشير الثاني. ثم أرسله البطريرك حبيش لخدمة رعية ليفورنو المارونية في إيطاليا سنة 1826 فبقي هناك مدة 10 سنوات انتقل بعدها الى روما حيث استلم مهمة وكيل البطريركية لدى الكرسي الرسولي.

في 5 تشرين الثاني 1843 رقاه المجمع المقدس الى الدرجة الأسقفية على اللاذقية شرفاً بعد موافقة البطريرك حبيش. في العام 1850 قابل السلطان العثماني عبد المجيد وكذلك قابل مراراً ملك فرنسا لويس فيليب، وبعد أن مكث 4 سنوات في لبنان عاد الى روما في العام 1855 وظل متنقلاً في أرجاء أوروبا حتى فارق الحياة العام 1863، وكان قد طلب في وصيته ترك أمواله الخاصة وأملاكه لإقامة مدرسة خيرية للطائفة في بلدته بإدارة عائلته على أن تكون تحت وصاية المجمع المقدس، وللغاية تلك أقيمت المدرسة وهي المعروفة بمدرسة العريمي[14].

سابعاً: المجامع التي عُقدت في أبرشية بعلبك (نيابة جونيه اليوم) عبر التاريخ

عقد أركان الطائفة المارونية مجامع عدّة بهدف تنظيم شؤونها. وفي هذا السياق، سأتناول في ما يلي المجامع التي عُقدت ضمن حدود أبرشية بعلبك (جونيه) خلال التاريخ.

  1. مجمع غوسطا

عقد البطريرك يوسف اسطفان أواسط شهر أيلول من العام 1768 مجمعاً في دير الحصن – غوسطا بحضور ممثل عن الكرسي الرسولي وأساقفة الطائفة أقرّوا فيه سلسلة بنود أبرزها:

  • عدم ترقية الإكليريكي إلى الدرجة الكهنوتية إلا بعد إخضاعه للفحص العلمي والتأكد من سيرته الحسنة.
  • عدم السماح لبنات الطائفة بالزواج من شبان من مذاهب أخرى إلا بإذن خاص أو رخصة من مطران الأبرشية.
  • إطلاق التأديب على كل من يلتجئ إلى الحكام الزمنيين بأمور تمسّ الحرّية الكنسية، إذ أن مرجعها عائد للسلطة الروحية من دون سواها.
  • عدم السماح بتوريث الوظائف البيعية.
  • يتوجّب على كل أسقف مسك دفتر خاص لتدوين عشور أبرشيته ومن ثم عرضه على البطريرك.
  • التمني على رجال الدين الموارنة عدم اختلاطهم مع رجال دين من مذاهب أخرى في المناسبات المختلفة.
  • الإتفاق على قسمة الأبرشيات وحدود كل منها كما نصّ عليها المجمع اللبناني.
  • منع الرهبان ممارسة مهنة الطب وخدمة الرعايا وجمع الإحسان والنذور منها واقتناء الأموال وضرورة التزامهم الحياة الديرية.
  • منع اختلاط الرهبان بالراهبات.
  • إعلام الرعايا الذين يرغبون مطالعة الكتب البيعية بأن تكون ممهورة بإمضاء مطرانهم وإلا اعتبرت مراجعهم باطلة. وسواها من المراسيم والبنود التنظيمية التي أقرّها المجتمعون مركّزين على ضرورة الالتزام بمقررات المجمع اللبناني (1736)، وبعد الانتهاء من المجمع، رفعوا عريضة إلى الحبر الأعظم طالبين بموجبها طباعة أعمال مجمعهم.
  • مجمع عين شقيق

عقده البطريرك يوسف اسطفان أواسط شهر أيلول العام 1787 في كنيسة السيدة في عين شقيق – وطى الجوز، بموجب أمر من البابا بيوس السادس وبحضور ممثل عن قداسته وأساقفة الطائفة والعديد من الأعيان. تباحث الحاضرون بنقاط عدة كان أبرزها:

  • الطلب من الكرسي الرسولي إصدار تفويض للبطريرك يخوّله منح غفرانات كاملة.
  • تحديد الثاني من آذار عيداً للقديس يوحنا مارون بعد أن كان في التاسع من شباط المصادف عيد القديس مارون (وكان سابقاً عيده في 9 شباط وعيد القديس مارون في 5 كانون الثاني ثم جُمع العيدين في 9 شباط) وذلك تكريماً للقديسين بأن يكون لكل منهما ذكرى وعيداً مستقلاً.
  • أن تكون إقامة الراهبة هندية في دير مار الياس غزير وأن تتبع الأديار التي كانت لراهباتها سلطة الأساقفة المعنيين. (بحسب تواجد الأديرة)
  • التمني من أعيان الطائفة أن تكون إقامة الأساقفة مع البطريرك في كرسيه، وفي المقابل لبّى الأساقفة الطلب شرط عدم تدخّلهم في شؤونهم وفي ترقياتهم…

هذا بالإضافة إلى بعض المقررات المتعلقة بتنظيم وإصلاح أمور الرهبنات والإكليروس عموماً.

  • مجمع بكركي الأول

عُقد في دير سيدة بكركي في شهر كانون الأول من العام 1790 أيام البطريرك يوسف اسطفان  (1766- 1793) وذلك بعد أمر من البابا بيوس السادس وبحضور قاصده المطران جرمانوس آدم، وأساقفة الطائفة. وكان كمثيله من المجامع هدف إلى إصلاح بعض الشؤون الرعوية وتذكير الإكليروس بمراسيم المجمع اللبناني. ومن أبرز ما ورد فيه:

  • تذكير الأساقفة بمراسيم المجمع اللبناني وخصوصاً تلك المتعلقة بقسمة الأبرشيات.
  • حصر حقوق انتخاب الأساقفة الجدد بشخص البطريرك والأساقفة لا للحكام الزمنيين.
  • الموافقة على حقّ أبناء الأبرشية المترملة تقديم كاهنين أو ثلاثة للبطريرك كمرشحين للأسقفية.
  • إبطال بنود مجمع عين شقيق.
  • ضرورة إقامة كل أسقف ضمن حدود أبرشيته.
  • تعيين كل أسقف كاهن فاحص للمتقدمين للكهنوت.
  • أن يكون تلامذة المدرسة المارونية في روما خاضعين لمطران أبرشيتهم.
  • منع الإقامة المشتركة في الأديرة.
  • إتّباع راهبات دير عينطورة الطقس الماروني وتخليهم عن قانون القديس فرنسيس سالاسيوس.
  • عدم السماح للبطريرك بمنح غفرانات كاملة إلا بإذن من الكرسي الرسولي.
  • عدم السماح للبطريرك عزل أي من الأساقفة.
  • تعيين دير سيدة بكركي كمقر ثابت للبطريركية المارونية على ألاّ يبارحه البطريرك إلا لأسباب صوابية.

وسواها من البنود التنظيمية التي وافق عليها أيضاً الكرسي الرسولي.

  • مجمع بكركي الثاني أو المجمع البلدي

عقده البطريرك بولس مسعد أواسط شهر نيسان العام 1856 في دير بكركي بعد أمر من البابا بيوس التاسع وبحضور قاصده وأساقفة الطائفة ورؤساء رهبناتها وأعيان. ومن مقرراته:

  • الإتفاق على تحديد يوم بطالة واحد في الرعية التي تضم عدة كنائس.
  • ذكّر آباء المجمع بحدود الأبرشيات وطريقة جمع العشور وما يقدّم منها للبطريرك.
  • التذكير بمسؤوليات الأساقفة ومواضيع أخرى تتعلق بالرسامات والرتب الواجب استعمالها وفي سيرة الإكليروس ورياضاتهم الروحية وسواها من القضايا. غير أنّ الكرسي الرسولي لم يثبّت هذا المجمع لأسباب ما تزال طي الكتمان حتى يومنا هذا.
  • مجمع بكركي الثالث

عقده البطريرك أنطون عريضة في أواخر شهر نيسان من العام 1934 بحضور مطارنة الطائفة ورؤساء الرهبنات. وأبرز ما اتفقوا عليه:

  • أن يكون الخيار بشأن تعميد الأطفال بالتغطيس أو بالسكب عائد الى آباء الأطفال فقط خصوصاً بعد اللغط الذي صار إذ أن الطقس الماروني يشير الى التعميد بالسكب في حين ان الطقس اللاتيني يحدده بالتغطيس.
  • إجبار الإكليروس صنع خبز الإفخارستيا بأنفسهم، مع المراعاة في بعض الأحيان والسماح للقندلفت أو تلامذة المدارس أو لأشخاص أتقياء صنعه.
  • تلاوة الرسائل والأناجيل بالعربية (بعد ان حتّم المجمع اللبناني تلاوتها بالسريانية أيضاً) وباللغة الدارجة في المهجر خصوصاً.
  • عدم السماح باستعمال تراتيل وصلوات غير المذكورة في الخدمة إلا بعد إذن صريح من البطريرك.
  • حفظ العادة القديمة في القداديس الواقعة بين عيد الفصح وأحد العنصرة وفي الأعياد السيدية وجميع أيام الآحاد وقوفاً.
  • ألا تسمع الاعترافات إلا في كرسي الاعتراف المخصصة لذلك بناء لما ورد في المجمع اللبناني.
  • تحريم دفن الموتى داخل الكنائس.
  • عدم السماح للخورأساقفة استعمال شارات الأساقفة …
  • فسّح آباء هذا المجمع كل من بلغ عمر الستين من الصوم.
  • التفسيح من البطالة للذين يعملون في المستشفيات ومصانع الكهرباء وسكك الحديد وسواها من الأعمال الضرورية شرط حضورهم القداس الالهي قبل الشروع بعملهم.

وأقرّ الحاضرون سلسلة من البنود التي لا مجال لتعدادها هنا غير أنّ الكرسي الرسولي لم يثبّت هذا المجمع ولم يُعلن عنه في الكنيسة المارونية[15].

قدّمت هذه المؤسسات مثل سواها، العديد من الخدمات الإنسانية والاجتماعية والروحية، وساهمت في ترسيخ العديد من الأهلين في أرضهم ووطنهم، وما زالت تؤدي أدوارها على مختلف الصعد.

لائحة المراجع:

  • أرشيف بكركي، خزانة البطريرك يوحنا الحاج جارور 8. وخزانة البطريرك بولس مسعد، جارور 36.
  • أمانة سر الرهبنة، تعرّف الى الرهبانية اللبنانية المارونية، منشورات طريق المحبة 2011.
  • تابت الأباتي يوحنا، دير مار بطرس وبولس العذرا، 1854- 1994، دير مار انطونيوس غزير 1994.
  • الحتوني الخوري منصور، “ترجمة الطيب الذكر البطريرك يوحنا الحاج”، المنارة ، السنة 39، عدد 1، 1998.
  • الدبس المطران يوسف، الجامع المفصّل في تاريخ الموارنة المؤصّل، دار لحد خاطر، ط 4 1987.
  • شهوان آلان، دير مار مارون الرويس- شننعير بين الماضي والحاضر، مطبعة دكاش، 2013.
  • الشمالي المونسنيور يعقوب، “أبرشيّة جونيه”، مجلة المنارة، السنة 33، عدد 1 و2، 1992.
  • صفير الأب بولس، مئوية دير سيدة النصر – نسبيه، نبذة تاريخية، 1883- 1983، الكسليك 1983.
  • عماد يوسف، الجامعة القرقمازية وتاريخها، 1973.
  • غانم يوسف خطار، تاريخ أساقفة الموارنة من القرن 16 حتى العشرين، دار ومكتبة بيبليون، جبيل، إعادة طبع، 2006.
  • فهد الأباتي بطرس، مجموعة المجامع المارونية، 1975.
  • فهد الأباتي بطرس، بطاركة الموارنة وأساقفتهم، القرن 19 جزء 1 وجزء 2، دار لحد خاطر، 1986.
  • كرم عصام عينطورة “أم المدارس” الذكرى الخمسون بعد المئوية الثالثة تاريخ الدير والمعهد (1657- 2007).
  • مجموعة محاضرين، ذكرى مرور ألف و300 سنة على تأسيس البطريركية المارونية، الكسليك، 1992.
  • Pierre CORCKET, Les Lazaristes et les filles de la charité au Proche – Orient 1783- 1983, Maison des Lazaristes, Achrafieh- Liban, 1983.

[1] عصام كرم، عينطورة “أم المدارس” الذكرى الخمسون بعد المئوية الثالثة تاريخ الدير والمعهد (1657- 2007)، ص 9- 166.

Pierre CORCKET, Les Lazaristes et les filles de la charité au Proche – Orient 1783- 1983, Maison des Lazaristes, Achrafieh- Liban, 1983, p 137 – 150.

[2] يوسف عماد، الجامعة القرقمازية وتاريخها، 1973، لا دار طبع، ص 75-76.

[3] تعرّف الى الرهبانية اللبنانية المارونية، أمانة سر الرهبنة، منشورات طريق المحبة 2011،  ص 46.

[4] الأباتي يوحنا تابت، دير مار بطرس وبولس العذرا، 1854- 1994، طبع في دير مار أنطونيوس غزير 1994، ص 3- 249.

[5] آلان شهوان، دير مار مارون الرويس- شننعير بين الماضي والحاضر، مطبعة دكاش، 2013، ص 13- 36.

[6]  أرشيف بكركي، خزانة البطريرك بولس مسعد، جارور 36، وثيقة رقم 55.

[7] الأب بولس صفير، مئوية دير سيدة النصر – نسبيه، نبذة تاريخية، 1883- 1983، الكسليك 1983، ص 9- 99.

 الطالبية: هي الفترة الإعدادية قبل النذور مدتها 3 سنوات، أما الطلبة الدارسين فهم الذين قدموا نذورهم ومضوا في سلك الترهب. زوّدني بهذه المعلومات الأب الدكتور إيلي قزي مشكوراً.

[8] أصبحت تُعرف باسم أبرشيّة جونيه المارونيّة في 24 آب 1977، بعد أن اقتُطع جزء كبير منها بقرار من المجمع البطريركي آنذاك، وأقيمت أبرشيّة بعلبك ــــ زحله (الجديدة) في محافظة البقاع. أما حدودها الحاليّة فهي في منطقة كسروان الفتوح حيث تمتدّ إلى الوادي الصاعد شمالي بكركي حتى عيون السيمان ـــ فاريا، وهو الفاصل بينها وبين أبرشيّة صربا (دمشق سابقاً) وبعض قرى جرود جبيل حتى قرية أفقا، حيث تنحدر على ضفة وادي نهر ابراهيم وهو الحدّ الفاصل بينها وبين أبرشيّة جبيل. المونسنيور يعقوب الشمالي، “أبرشيّة جونيه”، مجلة المنارة، السنة 33، عدد 1 و2، 1992، ص 121. وفي العام 1999 حوّلها البطريرك مار نصرالله بطرس صفير إلى نيابة بطريركية.

[9] المونسنيور يعقوب الشمالي،”أبرشية جونيه”، المنارة، عددان 1 و 2، 1992، ص 121- 132.

[10]   أرشيف بكركي، خزانة البطريرك يوحنا الحاج (1890- 1898)، جارور رقم 8، وثيقة من دون رقم تاريخ أيار 1891.

الخوري منصور الحتوني، “ترجمة الطيب الذكر البطريرك يوحنا الحاج”، المنارة ، السنة 39، عدد 1، 1998، ص 23-24.

[11] يوسف خطار غانم، تاريخ أساقفة الموارنة من القرن 16 حتى العشرين، دار ومكتبة بيبليون، جبيل، اعادة طبع، 2006، ص 162- 163.

[12] الأباتي بطرس فهد، بطاركة الموارنة وأساقفتهم، القرن 19 جزء 1، دار لحد خاطر، 1986، ص 385- 386.

[13] الأباتي بطرس فهد، بطاركة الموارنة وأساقفتهم، القرن 19 جزء 1، دار لحد خاطر، 1986، ص 388.

[14] يوسف غانم خطار، تاريخ أساقفة الموارنة من القرن 16 حتى العشرين، دار ومكتبة بيبليون، جبيل، اعادة طبع، 2006، ص 182- 184.

[15] المطران يوسف الدبس، الجامع المفصّل في تاريخ الموارنة المؤصّل، دار لحد خاطر،ط 4 1987، ص 322- 323، 326- 330.  

الاباتي بطرس فهد، بطاركة الموارنة وأساقفتهم، القرن 19 جزء 2، ص 54- 71.

الاباتي بطرس فهد، مجموعة المجامع المارونية، 1975، ص 240- 254.

مجموعة محاضرين، ذكرى مرور ألف و300 سنة على تأسيس البطريركية المارونية، الكسليك، 1992، ص 49- 50.

Scroll to Top