د. ألكسندر أبـي يونس
المقدمة
«… أُعلن على رؤوس الملأ، وانا أشارككم بهجتكم واعتزازكم، عن ولادة دولة لبنان الكبير الذي أحيّيه باسم الجمهورية الفرنسية وأُحيي فيه عظمته وقوّته، من النهر الكبير حتى ابواب فلسطين وأعالي جباله الشرقية… فلبنان وجد لصالح الجميع. إنه لم يوجد ضد ايّ كان، انه عبارة عن وحدة سياسية وإدارية…»([1]).
هذه مقتطفات من الإعلان الرسمي عن دولة لبنان الكبير في 1 أيلول 1920 من قبل الجنرال غورو([2]) من على درج قصر الصنوبر في بيروت، وقد كان محاطاً بالبطريرك الماروني الياس الحويك(1899-1931)([3])، ومفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، وقاضي قضاة الشرع الشيخ محمد الكستي.
فبمناسبة مئوية دولة لبنان الكبير (1920-2020)، التي حفلت بحوادث وبمتغيراتٍ شتى على مختلف الأصعدة من إجتماعية وسياسية وديموغرافية واقتصادية وجغرافية، لا يتفسر بقاء لبنان واستمراره، بعد تأسيسه العام 1920؛ وبعد زوال الإنتداب العام 1943، وبعد الحرب الأهلية (1975-1990)، إلا بماضيه الذي امدّه بكيانٍ خاص، وآل في النهاية بصورة طبيعية الى تشكّله في دولة.
لم يكن لبنان صنيعاً اوجدته السياسة الفرنسية من عدم، بخاصة بعد أن فشل مشروعها الأساسي الخاص، وهو إنشاء سوريا الكبرى تحت سيطرتها على ان يتمتع جبل لبنان بحكمٍ ذاتي، بل استندت صناعة لبنان، الى واقع تاريخي وقانوني، يوضّح تشكيله الوطني، ويميّزه على الخارطة عن سوريا، ويجعل له موقعاً مخصوصاً في العالم العربي. لذا لم يكن تأسيس الدولة اللبنانية عام 1920 الا استجابة لمقتضيات تاريخٍ مديد([4]). وقد لعبت الطوائف المتواجدة في لبنان ادواراً عدّة، بخاصة الطائفة المارونية، التي ناضلت عبر تاريخها من اجل عيشة كريمة ضمن كيان سياسي مستقل، تكون لها حقوقٌ متساوية مع شركائها في الوطن.
لعب الموارنة دوراً كبيراً في ولادة الدولة اللبنانية، بالرغم من ظهور تياراتٍ عديدة داخل صفوفهم وذات مشاريع مختلفة الأهداف. لكن ولمعرفة هذا الدور، يجب علينا التطرق لأبرز المحطات التي مرّوا بها في التاريخ الحديث بدءًا من سنة 1516، بخاصة ان الماروني العادي تائه في تاريخ طائفته، يجهل حقيقة ماضيها، ولا يعرف سوى القليل عن معتقدها. ولئن وجدت طائفة مارونية كواقع ديني واجتماعي، فلا وجود لوعي ماروني لحقيقة تاريخ الطائفة ومعتقدها السياسي. ان الوعي المطلوب ان يتسلح به ابناء الطائفة المارونية انما هو عن معرفة حقيقة وجودهم، وحقيقة تاريخهم او معتقدهم السياسي على الأقل. والمؤسف ان هذا الإدراك ليس غائباً فقط عند معظم الطبقة العامة منهم، بل هو متناقض ومتضارب أحياناً عند معظم مفكري الطائفة ومؤرخيها وقادتها أنفسهم. لذلك ينبغي أن يكون الموارنة على إدراك كامل لوضعهم الديني والإجتماعي والسياسي، حتى يحسنوا اختيار الإتجاه الواجب اختياره للمرحلة الآتية، ليضيفونها الى تاريخهم وتاريخ لبنان.
1- بدء تطور نفوذ الموارنة خلال نظام الإمارتين (1516-1842)
يبدأ تاريخ لبنان الحديث في العام 1516، مع انتصار العثمانيين على المماليك في معركة مرج دابق، وقد حكموا حتى سنة 1918. فوّض العثمانيون حكم جبل لبنان للعائلات الإقطاعية المحلية، بحيث يسعى كل أمير الى تكوين إمارة خاصة به وتوسيع رقعتها على حساب الآخرين شرط تأدية الجزية للباب العالي، وهذا ما عرف بنظام الإمارة ذو الحكم الذاتي.
بدأت مكانة الموارنة تعلو في عهد الإمارة المعنية(1516-1697)، وبخاصة مع الأمير فخر الدين الثاني (1590-1635) الذي حكم جبل لبنان، واحياناً بعض المقاطعات المجاورة له كبيروت وصيدا وعجلون ونابلس. وقد خضعت العلاقة بين الأمير المعني والموارنة للمصالح المتبادلة.
بعد الإمارة المعنية، خضع جبل لبنان لنظام الإمارة الشهابية(1697-1842) التي امتدت في أقصى حدود لها من الجبال الواقعة فوق صيدا جنوباً حتى الجبال الواقعة فوق طرابلس شمالاً؛ أي من ضمنها بحيرة الحولة في الجنوب ووادي النصارى في الشمال.
بدأ نفوذ الموارنة يتزايد منذ القرن الثامن عشر بخاصة بعد تنصّر قسم من الشهابيين السنّة، واللمعيين الدروز([5]). وبدأ الإكليروس الماروني يعضد بكل قوته آل شهاب في سياستهم ويناصرهم على النبلاء([6]). ومع الأمير يوسف شهاب، حاكم بلاد جبيل (1763-1770)، انتقلت الإمارة الشهابية الى يد الموارنة.
إن المرحلة الأبرز لجبل لبنان خلال عهد الشهابيين، كانت فترة حكم الأمير بشير الشهابي الثاني (1788-1840)([7])، اذ شهدت مجموعة احداث محلية واقليمية ودولية، ساعدت الكنيسة المارونية على زيادة نفوذها ولعب دور كبير في حياة لبنان الإجتماعية والسياسية للحدّ من نظام الإقطاع، وارتباطهم بالسلطة السياسية، مدركين اهمية التمسّك بهذه السلطة وباستمرارها.
2- الموارنة والتحول التاريخي: الإنعامات سنة 1840
بادر البطريرك يوسف حبيش(1823-1845) الى الخروج بطائفته من «التقيّة السياسية» واعلان المطالب التي تشرع استقلالية الموارنة تحت السيادة العثمانية. فكتب الشروط المطلوب اثباتها من الدولة العلية فيما يخص الطائفة المارونية وساكني جبل لبنان، وذلك بواسطة الدولة الفرنسية حامية الموارنة منذ العام 1250([8])، وهي تشكل في مجملها «دستورا» سياسياً يعطي الجبل صيغة حكم استشاري عن طريق تشكيل مجلس عند الحاكم من «اثني عشر شخصاً مشيرين منتخبين بأصوات الشعب من مقاطعات مختلفة وهؤلاء المشيرين فليكونوا لأجل المشورة والمداولة في امور الحكم وصوالحه الثقيلة ولا يكن لهم تسلط البتة على الشعب…». تكرس تلك الشروط حاكمية الجبل للموارنة وتصون حرمة الأشخاص وحرياتهم وحقوقهم، وتحدّد واجباتهم تجاه الحكم والسلطنة وطرق جباية الضرائب ومحاكمة المذنبين. والبنْدان الأبرز هما: السابع الذي ورد فيه: «ان للموارنة بأجمعهم اينما وجدوا سوى كانوا في جبل لبنان او بأي محل كان فليكونوا دايماً تحت حماية الدولة الفرنساوية كما كانوا في السابق بنوع ان اذا احد الموارنة حدث له اهانة او بهدلة في المدن من احد فليلتج الى قنصل فرنسا لينتصر له»؛ والبند الثامن الذي اخرج «الكنايسيين المارونيين من مطارنة وكهنة ورهبان وراهبات…» عن سلطة الحاكم، وميزهم عن الشعب؛ فاذا «كان احدهم مذنباً فليعرض امره الى بطركه القائم في جبل لبنان لكي يفحص دعوته ويقاصصه بموجب قوانينه وشرايع ديانته».
من المرجح ان تكون هذه «الشروط» المسودّة الاولى لطلب حقوق الملّة المارونية، لكنها استبدلت بعد تدخل انكلترا والنمسا، بـ«علم الانعامات المطلوبة من حضرة مولانا السلطان عبد المجيد للبطريرك الانطاكي الماروني ولمطارنته واكليروسه وشعبه الماروني ولخلفايهم من بعدهم» تاريخ 29 تشرين الاول 1840([9]). نصّ البند الاول على «ان في امور الديانة ليس لاحد ان يضاد اوامر البطريرك المشار اليه الجالس على الكرسي الانطاكي منذ القديم ولا يتعدى مراسيمه العائدة لإصلاح الإكليروس والشعب، ولا يتعارض مع اي كان من ولاة الأمور ام خلافهم سواء كان ذلك في الجبل او في المدن او في الجزاير بل يكون متصرفاً بكامل الحرية والسلطة حسب رسوم ديانته نحو جميع طايفته المتمسكة بمذهب واحد والخاضعة كلها لسلطانه».
اما من الناحية السياسية، فقد ورد في البند الثاني عشر من «الانعامات» ما يلي: «ان الحاكم دايماً على جبل لبنان وانطيليبان حسب المعتاد القديم لا يكون الاّ مارونياً من العيلة الشهابية الشريفة من كون سكان الجبال المذكورة الاكثر عدداً مما سواهم هم موارنة ويكون تنصيب هذا الحاكم الماروني على الجبل المذكور متعلقاً بغير توسط بباب همايون العالي فقط لا بما سواه ويجب ان يكون ديوان شورى في لبنان لاجل ادارة احوال الجبل ومصالحه جميعاً كما سيتعين ذلك منا فيما بعد».
وتنتهي الإنعامات بالبند الرابع عشر الذي ينص على إبقاء «الموارنة المذكورين جميعاً احراراً مختارين في معاطاة رسوم ديانتهم وطقوسهم كافة اينما وجدوا».
3- انقسام بكركي بين نظامي الإمارة والقائمقاميتين (1842-1845)
بعد سقوط الإمارة الشهابية في العام 1841 واندلاع المواجهات الاولى بين الموارنة والدروز، فرض نظام القائمقاميتين في 7 كانون الأول 1842 من قبل العثمانيين والأوروبيين([10]) في ظل تحفظ من قبل معظم الموارنة الذين طالبوا بإعادة الشهابيين الى الحكم وبالتالي اعادة الإمارة الشهابية، وذلك قبل ان يتوفى البطريرك يوسف حبيش في أيار 1845([11]). وقد قسّم جبل لبنان بالتزامن مع ترويج الإنكليز لقيام مملكة اسرائيل والعمل على توطين اليهود في فلسطين([12]).
نتج عن نظام القائمقاميتين فتنة ثانية بين الدروز والموارنة سنة 1845، توفي خلالها البطريرك يوسف حبيش، وانتخب خلفاً له البطريرك يوسف راجي الخازن(1845-1854)، بعد ثلاثة أشهر من الفراغ في السدّة البطريركية، تبيّن ان وصوله الى هذا المنصب كان نتيجة اضطراره الموافقة على النظام الجديد بمباركة دولية، وتسليم عدد معيّن من بواريد الموارنة الى السلطات العثمانية([13]).
حصر النظام الجديد الموارنة في بقعة جغرافية معيّنة ومحددة على عكس حدود الإمارتين المعنية والشهابية اللتين شملتا اراضٍ في سوريا وفلسطين اليوم. كما إن هذا النظام حدّ من نفوذ البطريرك لصالح القائمقام النصراني، لكن من ناحية أخرى، سمح لهم الإنتقال بالحكم من نظام التعايش، خلال عهد الشهابيين وما قبل، الى الإجتماع السياسي أي الصيغة التنظيمية للتعايش وفق التباين الكمي والنوعي بين عناصر التركيبة المجتمعية.
4- الفتنة الثالثة ونظام المتصرفية(1860-1914)
في العام 1854، توفي البطريرك يوسف راجي الخازن وانتخب خلفاً له البطريرك بولس مسعد(1854-1890). وفي العام 1860، اندلعت الفتنة الثالثة بين الدروز والموارنة والتي تحولت الى فتنة اسلامية-مسيحية، نتج عنها نظام البروتوكول أو متصرفية جبل لبنان سنة 1861 برعاية دولية على ان يكون الحاكم متصرف مسيحي من رعايا السلطنة العثمانية وليس من جبل لبنان. والبارز في هذا النظام انه أعاد توحيد جبل لبنان الذي ضمّ سبعة أقضية، وهي الشوف، والمتن، وكسروان، والبترون، والكورة، وجزين وزحلة، وقد بلغت مساحتها 3727 كلم2([14]). وكانت السلطات الفرنسية قد ارسلت على اثر تلك الحوادث حملة فرنسية بقيادة الجنرال «دي بوفور» الذي حمل معه مشروع توسيع الحدود عبر خريطة وضعها جيش الأركان الفرنسي. ووفقاً لهذه الخريطة، تكون كل من حاصبيا وراشيا ومرجعيون وصيدا وبيروت وطرابلس وعكار والبقاع وبحيرة الحولة وبحيرة حمص ووادي النصارى ضمن الأراضي اللبنانية([15]). إن هذه الحدود تلبي حاجات اللبنانيين الإقتصادية وبالأخص الموارنة الذين بدأوا يسعون الى الإستقلال السياسي والإداري عن السلطنة العثمانية. غير إن العثمانيين رفضوا تلك الحدود.
اعطى نظام المتصرفية ارجحية واضحة للموارنة بالنسبة الى غيرهم من الطوائف بخاصة في المجلس الإداري الذي انشىء لمساعدة المتصرف في الأمور الإدارية وكان يضم اربعة موارنة من اصل 12، وهو تكوَّن من مختلف طوائف الجبل، غير ان هذا النظام حرم الموارنة من منصب المتصرف الذي اسند الى أجنبي مسيحي مرتبط مباشرة بالباب العالي. وفي الواقع، كانت لهذه الأهمية السياسية التي منحهم إيّاها نظام جبل لبنان انعكاساً لوزنهم الديمغرافي والإقتصادي والثقافي والتربوي. وقد تعزز في عهد المتصرفية(1861-1918) النفوذ السياسيّ للبطريرك والمطارنة.
إذا كان البطريرك بولس مسعد(1854-1890) يمثل محطة هامة في تاريخ الطائفة المارونية، لانه وافق وشارك في عملية انتقال الموارنة من نظام القائمقاميتين الى نظام المتصرفية، فالبطريرك الياس الحويك(1899-1931) يمثل محطة تاريخية واستراتيجية فاصلة، لأنه شارك مشاركة فعّالة في انتقال الموارنة من نظام المتصرفية الى دولة لبنان الكبير.
5- التوجهات السياسية لمعظم الموارنة خلال الحرب العالمية الأولى
في اوائل القرن العشرين، انخرط المسيحيون في جمعياتٍ، منها ما هو لبناني التوجه، المطالب بإعادة توسيع حدود المتصرفية وفقاً لخريطة «دي بوفور» وبالإستقلال، ومنها ما هو لبناني – ووحدويّ التوجه، بجعل سوريا الجغرافية دولة فدرالية تتألف من وحدات مستقلة ذاتياً، اضافةً الى جمعياتٍ عربية التوجه ارتكز برنامجها على استقلال سوريا ووحدتها. وخلال الحرب العالمية الاولى(1914-1918)، هاجر قسم كبير من مفكري وسياسيي الموارنة الى مصر، حيث تناقشوا في شكل حكم لبنان وضرورة توسيع حدوده حين ينتقل من العثمانيين الى الفرنسيين، لكنهم اصطدموا بالمخططات الفرنسية التي هدفت الى تحقيق سوريا الكبرى تحت حمايتها وتحت حكمها المباشر، كما كانت تخطط له الفرق التجارية الفرنسية. كما التحق قسم من الموارنة في فرقة الشرق التي اسسها الفرنسيون سنة 1916 الى جانب العديد من اللبنانيين والسوريين لتحرير مناطقهم من العثمانيين([16]). وفي 19 ايلول 1918 استولى الحلفاء من فرنسيين وبريطانيين، على فلسطين وسوريا ولبنان، بعد خسارة العثمانيين وتراجعهم نحو «تركيا». عندها عاد الى بيروت وجبل لبنان معظم المنفيين ومن بينهم شخصياتٍ مارونية.
6- العوامل التي ساعدت على ولادة لبنان الكبير
بعد نهاية الحرب العالمية الاولى بدأ التحضير لعقد مؤتمر صلح في باريس للنظر في مصير المستعمرات الألمانية والأراضي التي سلخت عن الدولة العثمانية. وكان على الحلفاء ان يأخذوا بعين الاعتبار عدداً من العوامل التي لها علاقة مباشرة بالمستعمرات والاراضي المسلوخة، منها الوضع العسكري الجديد الذي خلفته الحرب ومطالب الدول المنتصرة، والمعاهدات التي عقدتها فيما بينها، منها إتفاقية القسطنطينية(آذار 1915)، واتفاقية لندن(نيسان1915) واتفاقية سايكس-بيكو(ايار 1915)، واتفاقية St. Jean de Maurienne (نيسان 1917) بالإضافة الى اماني السكان الأصليين، ومبادىء ولسون، رئيس الولايات المتحدة الاميركية اذ أورد في البند الثاني عشر من مبادئه ما يلي: «…أما القوميات الأخرى التي تسكن السلطنة فيجب ان تطمئن إطمئناناً تاماً لوجودها وان توفر لها إمكانيات ضرورية لكي تتطور تطوراً ذاتياً دون ان تتعرض لأي ذل»([17]). وكان الانكليز، قد قطعوا عهداً، للحسين الهاشمي شريف مكة بإعطاء الولايات العربية استقلالها، لكنهم ابدوا التحفظات حول بعض المناطق، حيث للفرنسيين ولبعض القبائل العربية المصالح، بالإضافة الى وعدهم للحركة الصهيونية بمساعدتهم بغية انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين(وعد بلفور)([18]).
وهنا، اصبح همّ الموارنة ايجاد صيغة حكم ضمن كيان جغرافي يؤمن لهم متطلبات العيش بخاصة الاقتصاد بعد ما عانوه من ضيقٍ لأن معظم اراضي المتصرفية وعرة وغير صالحة للزراعة، مما اضطرهم الى تحويل الجبال الى مدرجات، كما انهم افتقروا الى مرفأ تجاريٍّ كبير. لكن الموارنة لم يكونوا على رأيٍّ واحدٍ حول مستقبلهم، فانقسموا الى خمسة تيارات رئيسية بين 1918 و1920([19]):
- أقلية تدعو لوحدة سوريا في ظل الإنتداب الفرنسي(وتتمثل في اللجنة المركزية السورية التي ترأسها شكري غانم). (هذا كان توجه الفرنسيين اجمالاً).
- أقلية دعت للإنضمام للحكم الفيصلي، وقد شارك قادتها في الحكومة الفيصلية الأولى(اسكندر عمّون…) وفي المؤتمر السوري(رشيد نفاع، جورج حرفوش، يوسف نمور، وديع ابو رزق وتوفيق مفرّج)، كما شارك البعض الآخر في النشاط الاعلامي والثقافي، مثل ابراهيم النجار، حبيب اسطفان، يوسف الحويّك).
- اقلية ضئيلة دعت الى لبنان الصغير المسيحي.
- تيار غير قليل دعا الى قيام لبنان الكبير في حماية الدول الكبرى من جهة، وفي إطار من العلاقات الودية مع الداخل العربي وبخاصة سوريا([20]).
- يبقى التيار الغالب في الاوساط المسيحية، وبخاصة المارونية، وهو الذي نادى بقيام لبنان الكبير، بحدوده التاريخية، مع طلب الحماية الفرنسية. ومن ابرز قادة هذا التيار؛ البطريركية المارونية، وأعضاء من مجلس الإدارة، وحزب النهضة اللبنانية بزعامة نعوم مكرزل، وبعض الوجهاء والأعيان المسيحيين من رجال دين ودنيا.
هذا التيار الأخير استفاد من التطورات الدولية التي حصلت، ومنها: اتفاق الانكليز والفرنسيين على تقاسم المنطقة؛ والاتفاق الفرنسي-الفيصلي حول استقلال سوريا ولبنان من دون تحديد الحدود بينهما؛ واجتماع لجنة الاستقصاء الأميركية(لجنة كينغ-
كراين)([21]) مع الوفد الماروني في تموز 1919 الذي طالب بلبنان الكبير دون ان يعطي تفصيلات بالنسبة للحدود([22]). وقد اوصت اللجنة بحكم دستوري لسوريا برئاسة فيصل وبانتداب الولايات المتحدة الأميركية او بريطانيا، ورأت ان فرض الانتداب الفرنسي عليها قد يؤدي الى متاعب، باستثناء لبنان حيث لها مؤيدون كثر.
وقد تمكن هذا التيار، بعد ارساله ثلاثة وفود الى مؤتمر الصلح 1919-1920([23]) وبدعم من الفاتيكان، وبسبب تلاقي المصلحة الفرنسية مع اماني معظم اللبنانيين، من تحقيق هدفه، فكان ان اعلن غورو قيام لبنان الكبير عام 1920.
بعد ان توصل معظم الموارنة الى تحقيق هدفهم، وهو انشاء دولة لبنان الكبير بما يتوافر فيها من مقومات الحياة الاجتماعية والاقتصادية([24])، اصبح هدفهم تنظيم تلك الدولة إدارياً وقضائياً وتطويرها ثقافياً واقتصادياً وحماية كيانها من التهديدات الداخلية والخارجية. ولتحقيق هذه الاهداف، اعتبر قسم من الموارنة ان حاكم دولة لبنان الكبير يجب ان يكون لبنانياً، في حين طالب القسم الآخر منهم بان يكون فرنسياً، وقد تزّعم هذا التيار داود عمون مقابل اميل اده وبشارة الخوري وحبيب باشا السعد الذين تنافسوا فيما بينهم على منصب الحاكمية، مما ادى الى تعيين الحاكم فرنسياً.
7- نحو بناء الجمهورية
واجه لبنان في العام 1921، ضغوطاتٍ اقليمية ودولية هددّت كيانه ووحدته، منها، مطالبة بريطانيا بتوسيع حدود فلسطين لتشمل اراضي لبنانية وذلك من اجل تسهيل السيطرة اليهودية([25])، وثانياً المؤتمر السوري-الفلسطيني الذي انعقد في جنيف بمشاركة شخصيات مارونية، وقد انتقد هذا المؤتمر الانتداب الفرنسي والبريطاني، ودعا الى الوحدة بين سوريا ولبنان وفلسطين مركّزاً على وحدة العرق واللغة والحضارة([26]). غير ان تلك التهديدات، لم تثنِ الموارنة عن المتابعة في تحقيق أمانيهم، فطالبوا بالتمثيل الشعبي، تماماً كما كانت الأمور في عهد المتصرفية من خلال مجلس الإدارة الذي حلّه الجنرال غورو العام 1920 وأنشأ لجنة ادارية من 17 عضواً؛ وهذه حُلّت بدورها في 8 آذار 1922 ليتم انتخاب اعضاء المجلس التمثيلي الأول وعددهم 30([27]). وبذلك، تكون مؤسسات الدولة بدأت تظهر فعلياً، ومعها بدأ التنافس السياسي واصدار التشريعات داخل البرلمان. وخلال تلك السنة أيضاً، وقّع صك الإنتداب في لندن من قبل لجنة دولية بهدف تنظيم الانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا، لكن هذا لم يُطبق الاّ في اوائل ايلول 1923. ألزمت المادة الاولى من هذا الصك، ان تضع فرنسا دستوراً للبنان وسوريا خلال ثلاث سنوات من بدء تنفيذ الانتداب([28]). عندها طالب الموارنة بالإسراع في صياغة النظام الأساسي اي الدستور، من اجل نقل لبنان الى مرحلة الجمهورية المستقلة.
لم يواجه الموارنة مشكلاتٍ في الداخل مع شركائهم في الوطن فقط، بل واجهوا أيضاً مشاكل مع سلطات الانتداب، بخاصة مع المفوض السامي الفرنسي موريس ساراي(كانون الثاني – تشرين الثاني 1925) الذي عُرف بنزعته العلمانية الماسونية وموقفه اللاديني. فخاصم الاكليروس، ولم يزر البطريركية المارونية. وقد نشب خلافٌ بينه وبين اميل اده (1883-1949) على حاكمية لبنان، مما دفعه الى حل المجلس التمثيلي في 13 كانون الثاني 1925([29]). لكن لإعداد الدستور الأساسي، وجب على الدولة المنتدبة مشاركة السلطات المحلية، لذلك تمّت انتخابات مجلس تمثيلي ثانٍ في حزيران وتموز 1925، وطالب هذا المجلس، الدولة المنتدبة، البدء بإعداد القانون الأساسي. ونتيجةً لسياسة «ساراي»، اضطرت السلطات الفرنسية الى إقالته من منصبه وتعيين مفوض سامٍ مدني لأول مرة هو هنري دي جفنيل.
بدأت التحضيرات لإعداد الدستور، غير إن معظم الطائفة السنيّة، وبالأخص سنّة المدن الساحلية في لبنان الكبير، رفضوا المشاركة وطالبوا بالانضمام الى سوريا الداخلية. كما ان بعض الشخصيات المارونية لم تشارك في عملية الإعداد لأسبابٍ سياسية، ومن هذه الشخصيات: اميل اده، وميشال زكور ويوسف السودا ووديع عقل، كونهم طالبوا بحل المجلس التمثيلي الثاني، واجراء انتخابات جديدة لمجلس تأسيسي تكون مهمته صياغة الدستور اللبناني. وحاول اميل اده اقناع البطريرك الماروني بضرورة حل المجلس التمثيلي لكنه لم يوفق([30]). ولكي لا ينضم ابناء الطائفة الشيعية الى التيار الوحدوي السوري، وبالتالي عدم مشاركتهم في إعداد الدستور، اتخذ الفرنسيون بعض الإجراءات التي تصب في مصلحة تلك الطائفة، منها الإعتراف بالمذهب الجعفري، وانشاء محكمة تمييز جعفرية في بيروت بعد موافقة المجلس التمثيلي على ذلك.
وفي 23 ايار 1926 اعلن الدستور رسمياً، ومعه ولدت الجمهورية اللبنانية، واصبح للبنان مؤسسات دولة ونظام حكم، وحددّت صلاحيات السلطات الرئاسية والتشريعية والوزارية، وشُكّل مجلسَي نواب وشيوخ([31]).
وكان على رئيس الجمهورية، حين ينتخب ان يحلف القسم التالي: «احلف بالله العظيم ان احترم دستور الامة اللبنانية وقوانينها واحفظ استقلال الوطني اللبناني وسلامة أراضيه».
بهذه الجملة، اعتبر الموارنة انهم حققوا هدفهم الاسمى «الأمة اللبنانية». ومع اعلان الدستور اللبناني، بدأت المنافسات على رئاسات المجالس تتفاعل، وبدأ جزء مهم من معارضي الكيان اللبناني يدخلون ضمن اللعبة السياسية في لبنان ويتخلون تدريجياً عن مطالبتهم بالانضمام الى سوريا.
اعتبر الموارنة ان من حقهم تبؤ الرئاسة الاولى كونهم عرابو الجمهورية اللبنانية، الاّ ان خلافاتٍ عديدة بين زعماء موارنة وبين البطريركية المارونية، اجبرت السلطات الفرنسية ان تحبذ وتوافق ان يكون شارل دباس الاورثوذكسي، اول رئيس للجمهورية اللبنانية في ظل الانتداب، وذلك في 26 أيار 1926، معتقدين ان موقفهم هذا يدعمهم تجاه الطوئف الإسلامية، ومبرهنين لها، ان لبنان ليس حكراً على الطائفة المارونية وحدها، فيقتنعوا حينها تدريجياً بالكيان اللبناني. غير ان الموارنة، اعتبروا وصول اورثوذكسي الى الرئاسة الأولى إنتقاصاً من حقهم، وبالأخص البطريركية المارونية التي سبق لها ورفضت اقتراحاً من بعض زعماء الموارنة بضم بحيرة الحولة والمنطقة الواقعة وراء النهر الكبير، اي ما يُعرف بوادي النصارى، حيث يوجد رافدي نهر العاصي اي «قيس ونفسي»([32])، الى لبنان، لأن معظم سكانها من الأورثوذكس، وبالتالي من الممكن ان تصبح الأكثرية الديمغرافية منهم، فيطالبون بالرئاسة.
في 27 أيار 1926، تعيّن هنري بونسو مفوضاً سامياً جديداً، ودعم وصول الشيخ محمد الجسر الى رئاسة مجلس الشيوخ([33])، وعين رئيس الجمهورية في 31 ايار 1926 اول وزارة برئاسة اوغست باشا اديب([34]). وخلال حكومته، اثير موضوع الطائفية والتمثيل الطائفي في الحكومة، وطرح الموارنة موضوع جنسية اللبنانيين المهاجرين المقيمين في الخارج، اذ ان معاهدة لوزان([35]) منحت الحق لهؤلاء باتخاذ الجنسية اللبنانية ضمن مدة لا تتجاوز السنتين. بعد سقوط حكومة اوغست باشا، كلّف بشارة الخوري برئاسة الوزارة في 5 أيار 1927([36])، وطالب خلالها الموارنة بان تصدر المحاكم اللبنانية احكامها باسم الشعب اللبناني كما تقضي المادة العشرون من الدستور، ودافعوا عن حرية الرأي والمطبوعات.
وفي العام 1927، عدّل الدستور، وتم دمج مجلسي النواب والشيوخ ليؤلفا معاً المجلس النيابي الأول من 46 عضواً، 30 منهم منتخبون و16 معينون. وأعيد انتخاب شارل دباس رئيساً للجمهورية اللبنانية بتاريخ 27 آذار 1929 لمدّة ثلاث سنوات([37])، بإشارة من السلطات الفرنسية، وتمّ تعديل بعض مواد الدستور لمنح رئيس الجمهورية صلاحياتٍ اوسع([38]).
كانت الحكومات تتبدل الواحدة تلوى الأخرة([39])، الى ان عرف اللبنانيون مع حكومة اميل اده(12تشرين الأول 1929-20 آذار 1930)([40]) اصلاحاتٍ كبيرة.
قسّم اميل اده لبنان الى 5 محافظات على رأس كل واحدة محافظ، وقسّم كل محافظة ما عدا بيروت، الى أقضية على رأسِ كلِّ منها قائمقام. كما نظم القضاء وجعل المحاكم على ثلاثة أنواع: صلحية وبدائية ومحكمة واحدة للإستئناف والتمييز. وضع قانون مالي، وحّد فيه الضرائب وجعلها على اساس الدخل. وضع حد لتجاوز الشركات الأجنبية ووضعها تحت إشراف الحكومة اللبنانية. اصلح المعارف. راقب الانفاق ومنع الاسراف. حقق مشاريع الري والمصرف الزراعي. اصلح الصحة، وحسّن التجارة والصناعة والسياحة وجمّل مدينة بيروت. واعلنت حكومته عن انشاء وكالة وزارة للعناية بشؤون المهاجرين والوقوف على احوالهم وتمكين الروابط بينهم وبين المقيمين. اصدر قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، في ما خص الزواج وحق الإرث، اذ ان قضاياهم كانت لا تزال خاضعة للمحاكم الشرعية وفق القانون العثماني. عرف لبنان خلال فترة حكومة اميل اده ورشة اصلاح كبيرة، اذ لأول مرة تصدر حكومة هذا الكم من القوانين والمراسيم الإشتراعية(حوالي 700 مرسوم) بفترة قصيرة نسبياً. لكن حكومة اميل اده، أسقطت وعُيَّن اوغست باشا اديب رئيساً للوزراء في 25 آذار 1930([41]).
ان سعي الموارنة الى الاصلاح كان يصطدم بعقبات، وقد حاولوا مراراً المضي قدماً بالبلاد، غير ان ظروف لبنان كانت صعبة للغاية مما اضطر العديد منهم الى الهجرة، لذلك شاء البطريرك الماروني الياس الحويك، ان تكون وصيته الأخيرة قبل وفاته في العام 1931، وصيّة سياسيّة تحت شعار «محبة الوطن»([42]).
يبدو ان الحافز القريب لهذه الوصيّة هو خطر تفاقم حركة المهاجرة من البلاد. وكان البطريرك الحويك قد أشار أكثر من مرة الى هذا الخطر. ولكن المقصود الحقيقيّ ابعد من ذلك. فما اودعه البطريرك الحويك رسالة «محبة الوطن» هو نظرة عميقة الى الحياة الوطنية، والى علاقة الموارنة واللبنانيين عموماً بوطنهم ودولتهم، وتعبير عن شعور وطني راسخ، ودعوة الى تعزيز الروح الوطنية المخلصة المتجلية في الممارسة الوطنية العادلة للواجبات والحقوق. ويعبّر البطريرك برسالته عن امله في التعاون بين السلطتين الكنسية والمدنية لأجل خير لبنان. بعد وفاة البطريرك الياس الحويك، انتخب البطريرك انطون عريضة في 7 كانون الثاني 1932([43]).
8- أزمة 1932 الدستورية: أبعادها وتداعياتها
اذا كانت مرحلة البطريرك الحويك مرحلة انتقال وتأسيس من المتصرفية الى دولة لبنان الكبير، فان مرحلة البطريرك عريضة مرحلة تدعيم ومحافظة على المكتسبات المتمثلة خصوصاً في الاستقلال والدستور. انها مرحلة ترتيب الوضع الداخلي، ونشوء الزعامات والقوى المارونية الجديدة على المسرح السياسي، وبالتالي عودة الثنائية في الزعامة السياسية عند الموارنة الى وضع شبيه بأيام الإمارة الشهابية والقائمقاميتين. لكن هل تنبّه البطريرك عريضة الى مشكلة التعدد الطائفي في الدولة الجديدة الناشئة، وعمق التناقضات الفعلية التي انطوى عليها الانتقال من المتصرفية الى دولة لبنان الكبير؟
ان هذه المشكلة ظهرت بوضوح خلال العام 1932، وقد اختبرها الموارنة بكثير من القلق، اذ مع اقتراب ولاية شارل دباس من الانتهاء في 27 آذار 1932، كان على المجلس النيابي انتخاب رئيس بدلاً منه. وبدا اهتمام الموارنة اكثر من سواهم من الطوائف الاخرى، باعتبارهم ان الرئاسة الاولى هي من حقهم، ومن الواجب ان تعود لهم كونهم الاكثر عدداً، لكن الدستور لم يحدد طائفة الرئاسة الاولى، فكان بالإمكان انتخاب رئيس مسلم
لهذا المنصب، بخاصة وان الاحصاء الذي أُجري في 31 كانون الثاني 1932 أثبت ان المسيحيين المقيمين في لبنان يتقدمون المسلمين بعشرين ألفاً فقط. مما أثار حفيظة البطريرك الماروني. وقد تنافس على الرئاسة ثلاثة موارنة، هم بشارة الخوري واميل اده وحبيب باشا السعد، ومسلم سني هو الشيخ محمد الجسر؛ وكانت حظوظ الأخير كبيرة جداً بخاصة بعدما تلقى دعماً من اميل اده لأسبابٍ اجتماعية وبسيكولوجية وسياسية([44])، ولأنه كان يعتبره لبناني اكثر من بعض الشخصيات المسيحية.
امام هذا الواقع انقسم الموارنة الى وجهتي نظر، البطريركية المارونية وبعض زعماء الموارنة يريدون رئيساً منهم، في حين ان اميل اده لم يكن يمانع من وصول مسلمٍ الى السدة الرئاسية الاولى، واستمر في دعمه للشيخ الجسر لكي يُظهر الى أين سيصل لبنان في حال استمرت السياسة الفرنسية، والبطريركية المارونية، على ذاتها، لأنه ادرك حقيقة المشاكل التي يتخبط بها لبنان وسط انقساماته الإستراتيجية المتعدّدة. وحين رفض الشيخ محمد الجسر سحب ترشحه، اقدم المفوض السامي الفرنسي في 9 أيار 1932 على اصدار قرارٍ رقم 55 ل.ر. نصّ على تعليق الدستور وحل المجلسين النيابي والتنفيذي([45]).
استنتج اميل اده البعد الإجتماعي والسياسي لاحصاء 1932، ورأى ان المسلمين في لبنان في تزايد مستمر مقابل التراجع المسيحي بسبب الهجرة. اما ولماذا رفضت البطريركية المارونية الأمر هذا؟ وما كان هدفها؟ هل كانت تريد دولة مسيحية ام دولة اقليات أكثريتهم من المسيحيين؟ وفي الحالتين كان عليها ان تعمل على اعادة النظر في حدود لبنان، ان لجهة ما اقترح في العام 1920 بضم وادي النصارى الى لبنان، ام العمل وفق اقتراح اميل اده الذي طالب بجعل طرابلس منطقة حرة بإدارة فرنسية، ليستفيد منها الداخل السوري، وإقامة حكم ذاتي في الجنوب اللبناني تحت حكم فرنسي وفق ما كان حاصلاً في الاسكندرونة ودولة العلويين([46])، على ان تبقى هذه المناطق لبنانية وتعود عند انتهاء الانتداب لإدارة لبنان السياسية. حينها، من حق الطائفة المارونية المطالبة برئيسٍ منها، كون الأغلبية السكانية تصبح للمسيحيين بنسبة 80٪، وتستطيع فرنسا عندئذٍ ان تدعم سلطتها في الشرق، وتبقي قواعد عسكرية لها ممتازة في لبنان المستقل([47]). ألم تحقّق هذا الأمر القوى العالمية الكبرى في التاريخ المعاصر في بلدان عديدة مستقلة؟
تقدّم اميل اده بهذا الاقتراح بعد ان اشتدت ازمة رئاسة الجمهورية في لبنان سنة 1932، وحين كان الموقف الفرنسي لا يزال منقسماً حول حدود لبنان، اذ ان التيار الداعي لفصل طرابلس وصيدا وصور عن الكيان اللبناني، يزداد قوةً في فرنسا وفي الداخل اللبناني، حيث كانت نخب كثيرة من الطوائف الاسلامية قد استمرت في الدعوة الى الوحدة السورية ورفض التسليم بحدود الدولة اللبنانية. فمؤتمرات الساحل، مع شخصيات اسلامية سنيّة امثال عمر بيهم وعبد الحميد كرامي وعمر الداعوق وسليم علي سلام وخير الدين الاحدب وعبد الله اليافي وصلاح بيهم، في اواخر العشرينات واوائل الثلاثينات، طرحت شعاراً مركزياً وهو المطالبة بالوحدة السورية.
بين 1933 و1936، حدثت تطورات داخلية واقليمية، منها تبديل المفوض السامي وتعيين حبيب باشا السعد رئيساً للجمهورية سنة 1934 لسنة واحدة ثم جددت له، وشارل دباس رئيساً لمجلس النواب. وتكّون مجلس نيابي جديد من 25 نائباً شهد انقساماً حاداً بين كتلتي اميل اده وبشارة الخوري. وتألفت الكتلة الدستورية من عضوية كميل شمعون ومجيد ارسلان وميشال زكور وحميد فرنجية وصبري حمادة وبشارة الخوري الذي انضم الى الكتلة بعد ست اسابيع من تأسيسها([48])، وكان من اهدافها إعادة الحياة الدستورية والنيابية الى لبنان والغاء الانتداب والاعتراف بسيادة لبنان وعقد معاهدة صداقة مع فرنسا.
9- لبنان نحو «الاستقلال»
انتخب اميل اده رئيساً للجمهورية اللبنانية في 20 كانون الثاني 1936([49])، بعد أن أُعيد العمل بالدستور، وعيّن خير الدين الاحدب رئيساً للحكومة، وهو اول مسلم سنّي يتسلم هذا المنصب في لبنان. اعتبر هذا التكليف الذي انتقدته بعض الأوساط العروبية الوحدوية، خطوة هامة نحو اندماج المسلمين في الدولة اللبنانية، عن طريق مشاركتهم المباشرة بالحكم على مستوى رئاسة الحكومة([50]). ومنذ ذلك الوقت، مع بعض الاستثناءات، اصبحت رئاسة الحكومة محفوظة لشخصية مسلمة سنية.
استمر عهد اميل اده الرئاسي حتى سنة 1941، وشهد احداث سياسية داخلية وخارجية اثرت على تطور مواقف اللبنانيين المتضاربة، وادّت الى تبلور الميثاق الوطني العام 1943 بخاصة بين الموارنة والسنّة، لنيل الإستقال. من تلك الأحداث، المعاهدة السورية-الفرنسية المعقودة في 9 أيلول 1936 التي اثرت على موقف المسلمين والمسيحيين اللبنانيين، ذلك ان الوطنيين السوريين، في توقيعهم على معاهدة 1936، تنازلوا، بشكل ضمني، عن مطالبتهم بالأقضية الأربعة التي اعتبروها سلخت عن سوريا وضمت الى لبنان الكبير عام 1920. هذا التنازل كان له اثره الايجابي لدى الاوساط المسيحية في الوقت الذي صدم الاوساط الاسلامية، مما ادى الى انفتاح مسيحي على الحركة الوطنية في سوريا، تجلى في اجتماع البطريرك عريضة بالزعماء السوريين في بكركي اواخر العام 1936، «وكان من ثمرة هذا التعاون ان قام المصلون في دمشق، في الجامع الاموي الذي هتف المسلمون فيه بحياة مائة خليفة من خلفاء الاسلام، يكبرون الله ثم يشكرون البطريرك، ويقولون ان البطريرك هو الحبيب الى الله…فان النصرة المادية التي تقدّم بها البطريرك واعوانه القائلون بقوله، الى القضية السورية…قد أدّت اجلَّ خدمة لتلك القضية السورية…وللقضايا الاستقلالية عموماً»([51]). كذلك حصل انفتاح من قبل بعض القادة المسلمين المثقفين الشباب على فكرة الاستقلال والكيان اللبناني.
وعلى غرار تلك المعاهدة، طالب البطريرك الماروني والرئيس اميل اده، عقد معاهدة مع فرنسا([52])، مع تمني من الثاني ان لا تُحدد تلك المعاهدة مدّتها. غير ان تلك المعاهدتين، لم يصدقهما مجلس النواب الفرنسي، وظلتا بدون مفعول دستوري كما ان البطريرك الماروني، كان قد ترأس منذ العام 1934 حركة مقاومة احتكار التبغ اللبناني الممنوح لشركة فرنسية، وطالب باستقلال لبنان عملياً في كيانه الطبيعي الحاضر، وعمل على توثيق عرى الأخاء بين لبنان وسوريا اقتصادياً واجتماعياً، واصرّ في العام 1936 على دستور يكفل الحريات التي يضمنها نظام جمهوري برلماني للدولة وللفرد وللجماعة([53])، لكنه اعلن مراراً تمسكه بالطائفية في نظام الحكم والإدارة، غير مدرك ان لعبة الطائفية العددية يمكن ان تنقلب في المستقبل لغير مصلحة الطائفة المارونية(ومن هنا اكتسبت قضية، لبنانية المغتربين والمتحدرين من أصل لبناني، أهمية خاصة في تفكيره).
وثّمة حركة أخذت طابعاً مسيحياً مارونياً، وهي الكتائب اللبنانية، التي تأسست فعلياً سنة 1936 برئاسة الشيخ بيار الجميل، وهي اتت كحل وسط بين بشارة الخوري واميل اده. الهدف الأساسي من هذه الحركة كان الدفاع عن الكيان اللبناني في وجه المطالب السورية والايديولوجيات السورية والعربية، لكنها كانت تنفتح تدريجياً، وبتحفظ، على التعاون مع المسلمين والبلاد العربية، واختارت في بيانها الاول؛ الاستقلال واستبدال المثل العليا القديمة بمثل وطني اعلى مشترك. ومقابل هذا التوجه المسيحي المستقل عن فرنسا، إلتقى أيضاً بهم توجه اسلامي مستقل عن سوريا، اذ طرح رياض الصلح في مؤتمر دمشق عام 1928 مبدأ مساندة المسلمين للكيان اللبناني شرط بلوغه الاستقلال، ومما قاله رياض الصلح في هذا المؤتمر: «انني آثر ان اعيش في كوخ داخل وطن لبناني مستقل من ان اعيش مستعمراً في امبراطورية عربية». وقد عبّر كاظم الصلح ايضاً في مؤتمر الساحل سنة 1936 عن فكره في ضرورة استقلال لبنان والتقاء المسلمين والمسيحيين، وهو وضع كتاباً يعبّر عن هذه الصيغة بعنوان: «بين الاتصال والانفصال». وهكذا بدأت معارضة اللبنانيين المسلمين للكيان اللبناني تقل، وقد التقت افكار العديد منهم مع افكار الموارنة حول الاستقلال، منهم يوسف السودا وبشارة الخوري والبطريرك انطون عريضة.
الحدث الهام الثاني الذي اثّر على مجرى التطور الوطني، كانت الحرب العالمية الثانية، التي ادى اعلانها سنة 1939، الى اتخاذ االمفوضي السامي الفرنسي قراراً بحل مجلس النواب اللبناني وبتعطيل الدستور، وسُلِّّم الحكم الى «سكرتيري الدولة» يكونون مسؤولين امام رئيس الجمهورية. وبالرغم من هزيمة فرنسا وهدنة 12 حزيران 1940، فإن المفوض السامي الفرنسي، استمر في حكم لبنان وسوريا، باسم حكومة فيشي، حتى الثامن من حزيران 1941، وهو يوم دخول القوات البريطانية مع قوات «فرنسا الحرة»، التابعة للجنرال شارل ديغول، الى سوريا ولبنان.
حلّ المندوب العام الفرنسي، ممثلاً لحكومة ديغول محل المفوض السامي الذي كان تابعاً لحكومة فيشي، ممارساً لكل صلاحيات وسلطات الانتداب، وذلك بالرغم من الإعلان الرسمي لاستقلال سوريا ولبنان الذي اذاعه الجنرال كاترو. وفي العام 1941 استقال اميل اده من رئاسة الجمهورية.
اعلن البطريرك انطون عريضة في خطابٍ له بتاريخ 25/12/1941، امام جموع كثيرة جاءت لتهنئته بعيد الميلاد، تأييده للإستقلال التام الناجز، وشدّد على ان النظام الدستوري في لبنان ينبغي أن يحرص على «تمثيل الطوائف والمناطق تمثيلاً عادلاً»([54]).
وفي العام 1942، بدأت الحرب تتحول لمصلحة الحلفاء، وتألفت في بيروت بإشارة من الجنرال ديغول، حكومة مهمتها تحديد موعد الانتخابات العامة واعادة العمل بالدستور. وقد شهدت الفترة الممتدة من صيف 1941 الى صيف 1943، حرباً باردة، وأحياناً صراعاً مكشوفاً، بين الدبلوماسية البريطانية وممثلي «فرنسا الحرة»، موضوعه: المصير اللبناني وعلاقته بفرنسا. فالحكومة البريطانية، كانت قد رسمت الخطوط الكبرى لسياسة شرق اوسطية، تكون هي اللاعب الاول، ولم تحتفظ لفرنسا في الشرق بأي دور او امتياز. فيما كانت فرنسا الديغولية راغبة في الاحتفاظ بمركز ممتاز في لبنان وسوريا، ولذلك عمدت الى تقوية العناصر التي يمكنها ان تعتمد على ولائها وفي مقدمتها مسيحيو لبنان.
10- «الاستقلال» في ميزان القوى المارونية
ان المعركة الانتخابية عام 1943، التي تجابه فيها الفريق السياسي المؤيد لفرنسا حول اميل اده، مع الفريق السياسي المؤيد لبريطانيا والملتف حول بشارة الخوري، كانت مظهراً من مظاهر الصراع البريطاني-الفرنسي، كذلك مظهراً من مظاهر التجاذب العربي-الغربي. أما البعد الثالث لتلك المعركة، فكان الاختيار بين الاستقلال التام الناجز وبين الاستقلال المربوط بفرنسا. وقد أدى انتصار الفريق الملتف حول الشيخ بشارة الخوري والمدعوم من بريطانيا، وبعض الدول العربية، والطائفة السنية في لبنان، وفي طليعتها رياض الصلح وعبد الحميد كرامي، الى انتصار فكرة الاستقلال الناجز والمنفتح على التعاون مع الدول العربية والغربية، وقد كرّس هذا الامر الميثاق الوطني الذي هو بمثابة صيغة وطنية – سياسية تبلورت منذ مطلع الثلاثينات وتبناها الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح بعد وصولهما الى الحكم عام 1943، بموافقة الحركة الوطنية في سوريا وبتشجيع من ممثل الحكومة البريطانية في لبنان([55]). وبالتالي، فان وحدة اللبنانيين، من كل الفئات والتيارات(حزبي الكتائب والنجادة)، وتنظيم المقاومة الشعبية، كان لها هي الأخرى تأثيرها في «الانتصار» الذي تحقق للشعب اللبناني في تشرين الثاني 1943.
غير ان اميل اده، اسف لما حصل، وكان يتمنى ان تُعقد معاهدة مع فرنسا تحفظ لها امتيازاتٍ وذلك لما فيه خير لبنان عموماً والموارنة خصوصاً، لأنه أدرك الخطر الكبير الذي كان ينتظر هذا البلد، وهو الأطماع السورية بلبنان، واطماع اليهود في الجنوب اللبناني ومياهه، وذلك منذ مشاركته في الوفود اللبنانية الى مؤتمر الصلح، والمحادثات التي اجراها مع الامير فيصل بن الحسين، وممثل الحركة الصهيونية حاييم وايزمن، ورفضه مطالب الاثنين بتخلي اللبنانيين عن الأقضية الاربعة ومياه لبنان الجنوبية. كما انه ادرك سعي بريطانيا الى انشاء دولة اسرائيل، لذلك فهم لماذا وقفت الى جانب استقلال لبنان التام والناجز ومنعت عقد معاهدةً مع فرنسا لكي لا تعرقل لها مخططاتها. لقد فضّل اميل اده ان ينال لبنان استقلاله، لكن بحماية فرنسية منعاً لتمزقه، بخاصة بعد ان علم بأن بريطانيا تسعى الى تقليص حدود لبنان في الشمال والجنوب ليصبح سكانه اكثر انسجاماً. وهذا غير مستغرب باعتبار ان السياسة البريطانية منذ نظام القائمقاميتين والمتصرفية، مروراً بمفاوضات سايكس-بيكو وصولاً الى مفاوضات تحديد وترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين، كانت تسعى لتوسيع رقعة فلسطين على حساب لبنان تضامناً مع طموحات الحركة الصهيونية.
من هنا، يمكننا ان نتفهم موقف الرئيس اميل اده من استقلال 1943، وموافقته على استلام السلطة في 11 تشرين الثاني بعد ان تمّ اعتقال السلطة الشرعية المحلية، وذلك لبُعد نظرته الاستراتيجية لمصير لبنان ومسيحييه. كذلك تخوف من مشروع نوري السعيد بوحدة الهلال الخصيب مع نفوذ بريطاني. لا سيما وان تصاريح القادة الانكليز (مانش هوس 29 أيار 1941-انطوني ايدين، وتصريح شباط 1943…) كانت تطرح قيام منظومة عربية سيُطلق عليها لاحقاً اسم جامعة الدول العربية([56]).
11- نضال الموارنة من أجل ترسيخ الاستقلال (1952- ….)
إن انقسام الموارنة خاصةً، واللبنانيين عامةً، بين تياري اميل اده وبشارة الخوري بين 1936 و1952، لم يكن الأول في تاريخهم. فالطائفة المارونية عرفت انقساماتٍ حادة بين زعمائها السياسيين، وذلك منذ عهد القائمقاميتين (1842-1861) بين بشير أحمد وبشير عساف وصراعهما على منصب قائمقام النصارى. غير ان انقسام اده-الخوري كان انقساماً استراتيجياً وله أبعاداً على مختلف الأصعدة، وقد استتبع ايضاً بانقساماتٍ مارونية أخرى في ظل جمهورية الاستقلال ومصيرها (كميل شمعون وفؤاد شهاب: 1952-1958؛ ميشال عون وسمير جعجع: 1989-1990).
فبطل الاستقلال، بشارة الخوري، أُسقط من رئاسة الجمهورية بثورة بيضاء العام 1952، وقائد الجيش الأول، اللواء فؤاد شهاب، انتخب رئيساً للجمهورية (1958-1964) إثر ثورة 1958 بين مكوّنات الوطن ذوي التطلعات المتناقضة، فنال إجماعاً وطنياً وعربياً وغربياً، واعطى مثالاً يُحتذى به حول كيفية حكم البلد، وإنشاء المؤسسات الوطنية من أجل مصلحة الجمهورية والمواطن([57]).
كما انتجت الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) دستوراً جديداً للبنان، وهو الطائف([58])، بحيث تقلّصت صلاحيات رئيس الجمهورية، الرئيس المسيحي الوحيد من بين رؤساء الدول العربية، لصالح مجلس الوزراء. وبعد أن اخرج اللبنانيون القوات الاسرائيلية من لبنان في العام 2000، وأخرجوا القوات السورية في العام 2005، اصبح على المسيحيين أن يعيدوا لعب دورهم الأساسي في استكمال بناء الوطن، والمحافظة عليه وفقاً لمذكرة بكركي الصادرة في 5 شباط 2014، والتي أكّدت الثوابت التاريخية والوطنية للكنيسة المارونية.
الخاتمة
نجح الموارنة بين عامي 1920 و1943، في تتويج نضالهم التاريخي بتأسيس كيان جغرافي يؤمّن لهم مقومات الحياة ويرتكز على سلطات دستورية وشرعية، ومنظّم إدارياً الى حدٍّ ما. وإن نجاح الموارنة هذا، ساهم في تحقيقه، تطورهم الاجتماعي والسياسي وازدهارهم الاقتصادي ونضوجهم الثقافي وإيمانهم بقضيتهم؛ بالإضافة الى الظروف الإقليمية والدولية التي التقت مع مصالحهم، وساعدتهم للوصول الى اهدافهم.
إلتزم بطاركة الموارنة في النصف الاول من القرن العشرين، الحويك وعريضة، رغم الفوراق المصاحبة لمرحلة كل واحد منهما، اتجاهاً رئيسياً واحداً، هو اتجاه تكوين وصيانة دولة لبنان الكبير، على اساس المحافظة على الدستور الصادر سنة 1926. كما جاهد البطاركة الموارنة بعد استقلال 1943 للمحافظة على الكيان والميثاق الوطني. ويبدو ان الفكر السياسي اللبناني-الاستقلالي، الوطني، الميثاقي، الطوائفي، والديمقراطي الليبرالي كما تبلور في اوساط الزعماء الموارنة، بالرغم من الفوارق بين الرؤيا السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي ظهرت بينهم، لم يستوعب إنشاء دولة لبنان الكبير كانقطاع بنيويّ عن لبنان المتصرفية. فبقي يتحرك وهو يحنّ الى الوضع الذي تمتع به الموارنة في عهد المتصرفية.
إن دولة لبنان الكبير، كما نشأت عام 1920 واصبحت جمهورية بدستور 1926، مشروع يختلف في العمق عن متصرفية جبل لبنان، مشروع مهدّد بالتأزم الدائم إذا توقّفت عملية تطويره، بخاصة المجتمع المدني وعملية تعايش الطوائف، في اتجاه تجاوزه الى ما هو غايته العميقة.
إن فكر الموارنة منذ 1943 وما بعد، لم يتطلع بجديّة (باستثناء بعض الشخصيات المارونية) الى تجاوز نوعي لما اقامه في مرحلة التأسيس. «فجاء تطوره عبارة عن سلسلة من محاولات للرّد على المعارضات التي رافقته منذ مرحلة التأسيس والتي كان تأثيرها يتزايد بتزايد الضغط الخارجي-الإقليمي-على الدولة اللبنانية»([59]). ولذلك يحتاج الموارنة، بعد حصول ما حصل في العام 1948(الحرب العربية-الإسرائيلية الأولى ودخول الفلسطينيين الى لبنان)، و1952 و1958 ومنذ عام 1975 وما بعد، الى مراجعة نقدية شاملة لجميع اطروحاته ومفاهيمه، من مفهوم الوطن الى مفهوم الإدارة، مروراً بمفاهيم الدولة، والدستور، والحريّة، والوفاق، والطوائف، وحقوق الطوائف، والاستقلال، والسيادة، والاحزاب السياسية، والنظام، والمعارضة، والشعب، والديمقراطية، والوحدة، والتعدد، والتعايش، والشرعية، والسلطة، والزعامة، والانتماء العربي، والمصلحة الوطنية. لكن لا يجب ان يتم تهديم كل هذه المفاهيم، لأن المحاولات التي قام بها بطاركة الموارنة ومفكّروهم السياسيون، تتضمن عناصر كثيرة ينبغي الاحتفاظ بها، ولكن عمق الأزمة التي يعيشها لبنان اليوم لا يسمح بأعمال الترقيع والتسوية التلفيقية. لذا، ما هي العبر التي ينبغي للفكر السياسي السائد عند الموارنة ان يستخرجها من تجربة القائمقاميتين والمتصرفية، وتجربة لبنان الكبير؟ وما هو الاتجاه الذي ينبغي ان يحدّد في إطاره الموارنة مهماتهم للمرحلة المقبلة على لبنان ومحيطه؟
«ان لبنان آخر معقل للمسيحية الحرة في الشرق، اذا سقطت في لبنان، انتهى امرها في الشرق الاوسط كله. بل في آسيا وافريقية. هذه المسؤولية لا أجسَم منها ولا أخطر. والموارنة هم المسؤولون الأول عنها أمام العناية الالهية، هل يَعون هذه المسؤولية بالفعل؟ هل يقدرون خطورتها المتناهية؟ هل يفقهون مغزى أنها أوكلت اليهم؟ هل هم مستعدون بالفعل لحملها امام العناية وامام التاريخ؟ هل هم قادرون على تحمل اوزار حملها؟ »([60]).
أليس الأجدى على مسيحيي لبنان، التوقف عن بيع أراضيهم، والإتحاد والتضحية والمناضلة والمكافحة من أجل البقاء في وطنهم والمحافظة عليه، لأنه ملجأهم الوحيد، بحيث يستطيعون فيه تأمين، تطلعاتهم الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والدينية؟ أليس هذا ما يمكن استنتاجه على مشارف مئوية دولة لبنان الكبير؟
المصادر والمراجع
- المصادر العربية والأجنبية
- أرشيف بكركي
- محفوظات ملف ما قبل البطريرك اسطفان الدويهي (1250-1670).
- محفوظات البطريرك يوسف حبيش (1823- 1845).
- محفوظات البطريرك يوسف راجي الخازن (1845- 1854).
- محفوظات البطريرك الياس الحويك (1898-1931).
- الجريدة الرسمية
- جريدة لبنان الكبير الرسمية سنة 1925، عدد 18.
- الجريدة الرسمية سنة 1926، عدد 1978.
- الجريدة الرسمية سنة 1927، عدد 2076.
- الجريدة الرسمية سنة 1928، عدد 2133 و2176.
- الجريدة الرسمية سنة 1930، عدد 2322.
- الجريدة الرسمية سنة 1932، عدد 2718.
ج- محاضر مجلس النواب اللبناني
- محضر مجلس النواب في 27 آذار 1929.
- محضر مجلس النواب في 27 نيسان 1929.
- محضر مجلس النواب، العقد العادي الثاني، في 22 تشرين الثاني سنة 1929.
- محضر مجلس النواب في 20 كانون الثاني 1936.
د- الدستور اللبناني الصادر في 23 أيار 1926.
هـ وثيقة الوفاق الوطني اللبناني التي أقرّها اللقاء النيابي في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 22/10/1989، والتي صدّقها مجلس النواب اللبناني في الجلسة المنعقدة في القليعات بتاريخ 5/11/1989.
- Archives de la ministère des affaires étrangères de la France (M.A.E.), série E-Levant (1918-1919), V.15 (15 Juillet – 31Juillet 1919) ; série E-Levant (1930-1940), Syrie-Liban, direction des affaires politiques et commerciales, V. 498, politique intérieure, exercice du mandat (10 mai 1932 – juin 1933) ; CPC Turquie, Beyrouth, vol.4.
- Archive départementale de la Corrèze, fonds Jouvenel, 5J/40. Rapport journalier sur la situation du Grand-Liban, (journée du 11 Janvier 1926).
- Bulletin du Haut-commissariat de la République Française: Recueil des actes administratifs du Haut-commissariat en Syrie et au Liban, années 1919-1920, V.1 ; année 1922, V. 3.
Great Britain, Foreign Office, 406, V.8; E6580/189/89; E2524/171/89. –
- المراجع العربية والأجنبية
- الجسر باسم: ميثاق 1943، دار النهار للنشر، الطبعة الثانية، بيروت، 1997.
- حبيقة بطرس: مآثر عريضة، ج11، 1943.
- حرفوش ابراهيم: دلائل العناية الصمدانية، مطبعة المرسلين اللبنانيين، جونية، 1934.
- خليفة عصام: الحدود الجنوبية اللبنانية بين نخب الطوائف والصراع الدولي (1908-1936)، البترون، 1985.
- خليفة عصام: لبنان المياه والحدود(1916-1975)، ج1، بيروت، 1996.
- خليفة عصام: من الميثاق الوطني الى الجلاء 1938-1946، بيروت، 1988.
- خليفة عصام: وثائق لبنانية من الأرشيف العثماني(1841-1913)، دار نوفل، بيروت، 2008.
- الدحداح سليم: «تنصر الأمراء الشهابيين واللمعيين في لبنان»، المشرق، مجلد 18، بيروت، 1920.
- رباط ادمون: التكوين التاريخي للبنان السياسي والدستوري، ترجمة حسن قبيسي، ج 2، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 2002.
- سالم يوسف: 50 سنة مع الناس، بيروت، 1975.
- سعيد عبد الله: الشيخ محمد الجسر من مجلس المبعوثان الى رئاسات لبنان، دار النهار، بيروت، 2005.
- سلامة سامي (مراجعة وتقديم) مفكرة المطران عبدالله الخوري: يومياته ابّان المفاوضات من اجل لبنان الكبير في باريس 1920، ، اللويزة، 2001.
- السمراني فيليب: البطريرك الياس الحويك، الذخائر السنية وهي مجموعة رسائل البطريرك الى الموارنة، مطبعة المرسلين اللبنانيين، جونيه، د. ت.
- السمراني فيليب: جاج في التاريخ، ج 1، مطبعة الوعد، بيروت، 1982.
- سيف انطوان: «لبنان الكبير: من جبل لبنان الى لبنان الوطن»، في مجموعة مؤلفين: دولة لبنان الكبير(1920-1996) 75 سنة من التاريخ والمنجزات؛ منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 1999.
- شرف جان: «اصلاحات شكيب افندي في جبل لبنان 1845»، المنارة، عدد 2 و3، 2005.
- شمعون كميل: مذكراتي، بيروت، 1969.
- شهاب حيدر احمد: تاريخ الامير حيدر احمد الشهابي، ج 2، اضيفت اليه حواشي بقلم نعوم مغبغب، مطبعة السلام، مصر، 1900.
- عريضة انطون (البطريرك): لبنان وفرنسا؛ وثائق تاريخية أساسية تبرز دور بكركي في مواجهة الإنتداب الفرنسي والإحتكارات الفرنسية، تعريب فارس غصوب، د.م.، 1987.
- عوض وليد: أصحاب الفخامة رؤساء لبنان، بيروت، 1977.
- فهد بطرس: بطاركة الموارنة واساقفتهم القرن 20، دار لحد خاطر، بيروت، 1987.
- قيادة الجيش اللبناني-مديرية التوجيه: تاريخ الجيش اللبناني، ج1(1920-1945)، مطبعة الشؤون الجغرافية، اليرزة، 2009.
- مالك شارل: رسالتان الى الموارنة، جامعة الروح القدس، الكسليك، 2010.
- الملاح عبد الله وديب سليم: «حدود متصرفية جبل لبنان ومساحتها، بين الواقع والتقدير»، حنون، عدد 20، 1988.
- ناصيف نقولا: جمهورية فؤاد شهاب، دار النهار ومؤسسة فؤاد شهاب، بيروت، 2008.
- نجيم بولس (جوبلان): القضية اللبنانية، تعريب الأب ج.منش، الأهلية للنشر والتوزيع (إعادة طبع)، بيروت، 1995.
- نصّار ناصيف: «من المتصرفية الى لبنان الكبير؛ مدخل الى دراسة اتجاهات الفكر السياسي عند الموارنة في المائة سنة الأخيرة»، المشرق، عدد 65، 1991.
- DE TESTA: Recueil de traités de la Porte Ottomane avec les puissances étrangères, T. 3, éd. Des archives diplomatiques, Paris, 1884.
- Edwards Richard: La Syrie1840-1862, Librairie Amiot, Paris, 1862.
- Guys Henri: La nation Druze ; son histoire, sa religion, ses moeurs et son état politique, librairie chez France, Paris, 1863.
- Hokayem Antoine et Bittar Marie-Claude : l’Empire Ottoman, les Arabes et les grandes puissances ; 1914-1920, T.VI, Beyrouth, 1981.
- Hokayem Antoine: La Genèse de la constitution Libanaise de 1926, Beyrouth, 1996.
- Malsagne Stéphane: Fouad Chéhab(1902-1973) une figure oubliée de l’histoire libanaise, Kharthala-IFPO, Paris-Beyrouth, 2011.
- Poujade Eugène: Le Liban et la Syrie 1845-1860, Librairie Nouvelle, Paris, 1860.
- Prevost Michel et D’Amat Roman: Dictionnaire de Biographie Française, T. XVI, Librairie Letouzey et Ané, Paris, 1982.
- Weulersse Jacques: L’Oronte; étude de fleuve, Paris, 1940.
-([1]) Bulletin du Haut-commissariat de la République Française : Recueil des actes administratifs du Haut-commissariat Syrie et au Liban, années 1919-1920, V.1, pp. 154 et 155.
ادمون رباط: التكوين التاريخي للبنان السياسي والدستوري، ترجمة حسن قبيسي، ج 2، منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 2002، ص 580 و581.
([2])- الجنرال غورو (1867-1946) (Gouraud, Henri-Joseph-Etienne). راجع عنه في:
Michel Prevost, Roman D’Amat: Dictionnaire de Biographie Française, T. XVI, Librairie Letouzey et Ané, Paris, 1982, pp. 769-772.
([3])- راجع عنه لدى الأبابراهيم حرفوش: دلائل العناية الصمدانية، مطبعة المرسلين اللبنانيين، جونية، 1934.
([4])- ادمون رباط، مرجع مذكور، ص 572.
([5])- سليم الدحداح: «تنصر الأمراء الشهابيين واللمعيين في لبنان»، المشرق، مجلد 18، بيروت، 1920، ص 543-544.
([6])- بولس نجيم (جوبلان): القضية اللبنانية، تعريب الأب ج.منش، الأهلية للنشر والتوزيع (إعادة طبع)، بيروت، 1995، ص 106.
([7])- ولد بشير الشهابي الثاني في غزير بتاريخ 6 كانون الثاني سنة 1767، وعمّده ابوه قاسم، وكان هداه الى الديانة المسيحية (الكاثوليكية) الكاهن ميخايل فاضل الذي اصبح بعد ذلك بطريركاً(1793-1795). راجع عنه لدى:
Henri Guys: La nation Druze ; son histoire, sa religion, ses moeurs et son état politique, librairie chez France, Paris, 1863, p.153.
وحيدر احمد شهاب: تاريخ الأمير حيدر احمد الشهابي، ج 2، اضيفت اليه حواشي بقلم نعوم مغبغب، مطبعة السلام، مصر، 1900، ص 799.
([8])- أرشيف بكركي، ملف ما قبل البطريرك اسطفان الدويهي رقم 56، وثيقة رقم 1؛ وملف البطريرك يوسف حبيش رقم 16، وثيقة رقم 5817.
([9])- أرشيف بكركي، ملف البطريرك يوسف حبيش رقم 16، وثيقة رقم 5805، رسالة من البطريرك الماروني واساقفة الطائفة المارونية الى الباب العالي في 29 تشرين الاول 1840.
([10])- DE TESTA: Recueil de traités de la Porte Ottomane avec les puissances étrangères, T. 3, éd. Des archives diplomatiques, Paris, 1884, p. 127 ;
([11])- Archives de la ministère des affaires étrangères de la France, CPC Turquie, Beyrouth, vol.4, fol. 307 et 308.
وأرشيف بكركي، ملف البطريرك يوسف حبيش رقم 21، وثيقة رقم 7643، ووثيقة رقم 7653.
([12])- عصام خليفة: وثائق لبنانية من الأرشيف العثماني(1841-1913)، دار نوفل، بيروت، 2008، ص 19.
([13])- أرشيف بكركي، ملف البطريرك يوسف راجي الخازن رقم 1، وثيقة رقم 257، رسالة من السلطنة العثمانية الى البطريرك يوسف الخازن سنة 1845؛ وملف رقم 8، وثائق رقم 1262، 1253، 1255، 1251، 1252، 1254، 1256، 1054، 1258، 1248، 1259، 1261، 1260.
وجان شرف: «اصلاحات شكيب افندي في جبل لبنان 1845»، المنارة، عدد 2 و3، 2005، ص 331؛ والأب فيليب السمراني: جاج في التاريخ، ج 1، مطبعة الوعد، بيروت، 1982، ص 122؛
Great Britain, Public record office 573, Foreign Office, 406, v.8, no70, fol., 159;
Eugène Poujade: Le Liban et la Syrie 1845-1860, Librairie Nouvelle, Paris, 1860; et Richard Edwards: La Syrie1840-1862, Librairie Amiot, Paris, 1862.
([14])- عبد الله الملاح وسليم ديب: «حدود متصرفية جبل لبنان ومساحتها، بين الواقع والتقدير»، حنون، عدد 20، 1988، ص 33-56.
([15])- أرشيف بكركي، ملف البطريرك الياس الحويك دون رقم، بعنوان: تقارير سياسية ومراسلات هامة بين غبطته ورئيس الوفد النائب البطريركي المطران عبدالله الخوري الى مؤتمر الصالح في باريس، وبين النائب البطريركي وبعض شخصيات كبيرة بشأن استقلال لبنان الكبير وحدوده وشعبه ومساحة أراضيه من سنة 1919 الى سنة 1920.
([16])- قيادة الجيش اللبناني-مديرية التوجيه: تاريخ الجيش اللبناني، ج1(1920-1945)، مطبعة الشؤون الجغرافية، اليرزة، 2009، ص 43-55.
([17])- Antoine Hokayem et Marie-Claude Bittar : l’Empire Ottoman, les Arabes et les grandes puissances ; 1914-1920, T.VI, Beyrouth, 1981,pp. 18-72.
كذلك راجع عن المعاهدات في هذا المرجع.
([18])- راجع مراسلات مكماهون – الحسين لدى:
Antoine Hokayem et Marie-Claude Bittar, op.cit., pp. 5-23(partie arabe).
([19])- عصام خليفة: من الميثاق الوطني الى الجلاء 1938-1946، بيروت، 1998، ص 10-11.
([20])- من رواد هذا التيار حزب الاتحاد اللبناني وابرز زعمائه في هذه المرحلة يوسف السودا وانطون الجميّل، والرابطة اللبنانية في باريس، ومن ابرز قادتها خير الله خير الله وعباس البجاني، مع اعضاء من مجلس الإدارة وبخاصة الذين اعتقلهم الفرنسيون عام 1920 وبعض المثقفين.
([21])- راجع نص التقرير الانكليزي كاملاً واللقاءات التي اجرتها اللجنة لدى:
Antoine Hokayem et Marie-Claude Bittar, op.cit., T.VI, pp. 148-192.
([22])- Archives de la ministère des affaires étrangères de la France (M.A.E.), Série E-Levant(1918-1919), V.15
(15 Juillet – 31Juillet 1919), p.57.
من اعضاء هذا الوفد: المطران اغناطيوس مبارك، مخايل الحويس، جورج تابت، انيس الهاني، نجيب التيان، فريد عساف، ألبير بسول، نجيب هوشر، جاك فايق واميل اده.
([23])- ترأس الوفد اللبناني الثاني البطريرك الياس الحويك الذي رفض الإنضمام الى دمشق، لكن هذا الوفد لم يحقق مطالب معظم الموارنة، بل الذي حققه هو الوفد الثالث برئاسة المطران عبد الله الخوري وعضوية اميل اده ويوسف الجميل والأمير توفيق ارسلان.
([24])- مفكرة المطران عبدالله الخوري: يومياته ابّان المفاوضات من اجل لبنان الكبير في باريس 1920، مراجعة وتقديم سامي سلامة، اللويزة، 2001، ص 265-272 (Notes sur les frontières du Liban).
([25])- راجع اتفاقية Poulet-New Comb لدى عصام خليفة: لبنان المياه والحدود(1916-1975)، ج1، بيروت، 1996، ص 94-101.
([26])- أرشيف بكركي، ملف البطريرك الياس الحويك رقم 29، بعنوان: المفوضية الفرنسية؛ مراسلات وكتابات من المفوضية الفرنسية وإليها ابتداءً من 22 تشرين الثاني 1918 الى 6 كانون الأول 1921.
([27])- راجع جميع نصوص المجلس التمثيلي في:
Bulletin du Haut-Commissariat de la République Française: Receuil des actes administratifs du Haut-Commissariat en Syrie et au Liban, année 1922, V.3, pp. 177-229.
([28])- راجع النص الفرنسي لصك الانتداب لدى
Antoine Hokayem: La Genèse de la constitution Libanaise de 1926, Beyrouth, 1996, annexe n0 2, pp. 310-316.
([29])- جريدة لبنان الكبير الرسمية سنة 1925، عدد 1835.
([30])- Archive départementale de la corrèze, fonds Jouvenel, 5J/40. Rapport journalier sur la situation du Grand-Liban, (journée du 11 Janvier 1926).
([31])- راجع الدستور اللبناني الصادر في 23 أيار 1926.
([32])- Jacques Weulersse: L’Oronte; étude de fleuve, Paris, 1940, pp. 20, 21 et 26.
تجدر الإشارة الى أن البطريرك الماروني الياس الحويك، قدّم للسلطات الفرنسية خريطةً للبنان، مساحته تقارب 6200 كلم2، تكون الغلبة الديموغرافية فيه للموارنة. عصام خليفة: الحدود الجنوبية اللبنانية بين نخب الطوائف والصراع الدولي (1908-1936)، البترون، 1985، ص 43 و80.
([33])- يوسف سالم: 50 سنة مع الناس، بيروت، 1975، ص 71-72.
([34])- الجريدة الرسمية سنة 1926، عدد 1978.
([35])- استبدلت معاهدة جنيف بين تركيا والحلفاء بمعاهدة لوزان عام 1923.
([36])- راجع مرسوم 1560 و1561 في الجريدة الرسمية سنة 1927، عدد 2076.
([37])- راجع محضر مجلس النواب في 27 آذار 1929.
([38])- راجع تعديل الدستور في محضر مجلس النواب في 27 نيسان 1929. وقد عدّلت المواد التالية: 28-49-55. أما المادة 69 فقد ألغيت.
([39])- استقالت حكومة بشارة الخوري في 5 كانون الثاني 1928، وصدر مرسوم في اليوم ذاته حمل رقم 2601، نصّ على تأليف حكومة برئاسته ايضاً. وبعد استقالة هذه الحكومة، صدر مرسوم رقم 3663 في 10 آب 1928 عيّن بموجبه حبيب باشا السعد رئيساً للوزراء. راجع الجريدة الرسمية سنة 1928، عدد 2133 و2176.
([40])- لمزيد من التفاصيل راجع البيان الوزاري في محضر مجلس النواب، العقد العادي الثاني، في 22 تشرين الثاني سنة 1929؛ و
Foreign Office, E6580/189/89, correspondence from Satow to Mr. Henderson, Beirut, November 26, 1929.
([41])- مرسوم رقم 6418 في الجريدة الرسمية سنة 1930، عدد 2322.
([42])- الأب فيليب السمراني: البطريرك الياس الحويك، الذخائر السنية وهي مجموعة رسائل البطريرك الى الموارنة، مطبعة المرسلين اللبنانيين، جونيه، د. ت، ص 797-834.
([43])- البطريرك انطون عريضة هو سليم عبد الاحد عريضه من بشري(1836-1955). راجع عنه لدى الأباتي بطرس فهد: بطاركة الموارنة واساقفتهم القرن 20، دار لحد خاطر، بيروت، 1987، ص 201-312.
([44])- Foreign Office, E2524/171/89, no126, correspondence from consul-general sir H. Satow to sir John Simon, Beirut May 10, 1932.
ويوسف سالم، مرجع مذكور، ص 81-96؛ ووليد عوض: أصحاب الفخامة رؤساء لبنان، بيروت، 1977، ص 184؛ وعبدالله سعيد: الشيخ محمد الجسر من مجلس المبعوثان الى رئاسات لبنان، دار النهار، بيروت، 2005، ص 241 و242.
([45])- الجريدة الرسمية سنة 1932، عدد 2718.
([46])- كانت سورية مقسّمة الى ثلاث دويلاتٍ: دولة دمشق المستقلة، ودولة حلب المستقلة، وبلاد العلويين المستقلة.
([47])- Archives de la ministère des affaires étrangères de la France (M.A.E.), série E-Levant (1930-1940), Syrie-Liban, direction des affaires politiques et commerciales, v.498, politique intérieure, exercice du mandat (10 mai 1932 – juin 1933), no 149, fol. 115, 116 et 117.
([48])- كميل شمعون: مذكراتي، بيروت، 1969، ص11.
([49])- راجع محضر مجلس النواب في 20 كانون الثاني 1936.
([50])- باسم الجسر: ميثاق 1943، دار النهار للنشر، الطبعة الثانية، بيروت، 1997، ص 67.
([51])- انطوان سيف: «لبنان الكبير: من جبل لبنان الى لبنان الوطن»، في مجموعة مؤلفين: دولة لبنان الكبير(1920-1996) 75 سنة من التاريخ والمنجزات؛ منشورات الجامعة اللبنانية، بيروت، 1999، ص 486.
([52])- راجع المعاهدتين لدى ادمون رباط، مرجع مذكور، ج2، ص 655-686.
([53])- البطريرك انطون عريضة: لبنان وفرنسا؛ وثائق تاريخية أساسية تبرز دور بكركي في مواجهة الإنتداب الفرنسي والإحتكارات الفرنسية، تعريب فارس غصوب، د.م.، 1987.
([54])- الخوارسقف بطرس حبيقة: مآثر عريضة، ج11، 1943، ص 14.
([55])- هو الجنرال ادوارد سبيرز(1887-1974). عيّن في كانون الثاني 1942، وزير بريطانيا مطلق الصلاحية لدى حكومتي سوريا ولبنان، مركزه بيروت. غادر لبنان العام 1944. عصام خليفة: من الميثاق الوطني الى الجلاء 1938-1946، مرجع مذكور، ص 46-48.
([56])- عصام خليفة: من الميثاق الوطني الى الجلاء، مرجع مذكور، ص 73-74.
([57])- نقولا ناصيف: جمهورية فؤاد شهاب، دار النهار ومؤسسة فؤاد شهاب، بيروت، 2008؛ و
Stéphane Malsagne: Fouad Chéhab(1902-1973) une figure oubliée de l’histoire libanaise, Kharthala-IFPO, Paris-Beyrouth, 2011.
([58])- راجع وثيقة الوفاق الوطني اللبناني التي أقرّها اللقاء النيابي في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 22/10/1989، والتي صدّقها مجلس النواب اللبناني في الجلسة المنعقدة في القليعات بتاريخ 5/11/1989.
([59])- ناصيف نصّار: «من المتصرفية الى لبنان الكبير؛ مدخل الى دراسة اتجاهات الفكر السياسي عند الموارنة في المائة سنة الأخيرة»، المشرق، عدد 65، 1991، ص 196.
([60])- شارل مالك: رسالتان الى الموارنة، جامعة الروح القدس، الكسليك، 2010، ص 10.