خلاصة عمل من مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في سورية
بشأن الوثيقة القارية “وسعي أرجاء خيمتك”
سينودس “شركة، ومشاركة ورسالة”
محضر الاجتماع
بتاريخ 29 كانون الأول 2022، اجتمع ممثلو سورية في الجمعية القارية المُزمَع عقدُها في بيت عنيا- لبنان من 12 إلى 18 شباط 2023، في مطرانية السريان الكاثوليك في حمص. وكان الحضور على الشكل التالي:
سيادة المطران بطرس مراياتي (مندوب سينودس كنيسة الأرمن الكاثوليك إلى السينودس).
سيادة المطران جهاد بطّاح (مندوب سينودس كنيسة السريان الكاثوليك إلى السينودس)
حضرة الخورأسقف عامر قصّار (أمين سر مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في سورية)
حضرة الأب اسكندر الترك (عن كنيسة السريان الكاثوليك)
حضرة الأب طوني طحّان (عن كنيسة الأرمن الكاثوليك)
الأخت هدى فضول (عن كنيسة السريان الكاثوليك)
الشماس عادل أبو لوح (عن كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
وتغيّب عن اللقاء سيادة المطران جورج خوام.
بعد الصلاة الافتتاحية تم استعراض الوثيقة القارية والأسئلة المطلوب مناقشتها، سجّل الحاضرون اعتراضاً على العدد القليل للمشاركين من سورية، والذي لا يتناسب مع عدد السكان ولا مع المساحة الجغرافية، ولا مع التنوع الموجود في هذا البلد، وتمنى الحاضرون على المنظمين إصلاح هذا الخلل في المرات القادمة. من ثمَّ جاءت المداخلات على الشكل التالي:
السؤال الأول:
“بعد قراءة الوثيقة القاريّة في جوٍّ من الصلاة، ما هي الأفكار التي تتلاقى بشكلٍ حثيثٍ مع خبرات الكنيسة وواقعها في قارتك؟ ما هي الخبرات التي تبدو لك جديدة ومنيرة؟”
- بدايةً تمت الإشارة إلى التفاوت الواضح بين الشرق والغرب في مقاربة مفهوم السينودوس، كما التفاوت الموجود بين الدول العربية أصلاً، وبين الكنائس الشرقية الكاثوليكية أيضاً، حيث أنّ أغلب المداخلات التي تُليت في الوثيقة القارية لا تلامس الواقع السوري، وهي أبعد ما تكون عن اهتماماته على الأقل في المرحلة الراهنة، حيث تشعر الكنائس في سورية بأولوية معالجة موضوع الهجرة الذي يستنزف هذه الكنائس، ويفرغ البلد والكنيسة من الشباب. والسؤال الأبرز كيف نستطيع مواجهة هذه الهجرة، أو الحد منها، وما هو دور الكنيسة في هذا المجال؟! إنّ الخطر في سورية هو خطر وجودي، يهدّد الحضور المسيحي في هذا البلد.
- لقد طُلِبَ التمييز في هذه المرحلة، ونحن ليس لدينا أدنى مقومات الحياة، وعلى الرغم من ذلك فإن الكنيسة في سورية تناضل وتقوم بواجباتها ودورها المناط بها (على سبيل المثال لم يستطِع أحد المدعوين إلى اللقاء من القدوم بسبب نقص المحروقات).
- قد يعنينا في هذه الوثيقة ما لا يتعدى 20 بالمئة من مجملها.
- عندما طلبنا من الناس قراءة الوثيقة والتأمل بها، ومحاولة الإجابة على الأسئلة الواردة فيها، ظن أبناؤنا أننا مفصولون عن الواقع. فمع تأكيدنا على أهمية الأمور الروحية، إلا أننا في حالتنا الراهنة كل فكرنا ووقتنا وتوجهاتنا مركزة على أمور حياتنا اليومية، وللأسف لم نستطِع الوصول إلى كل الفئات التي رغبَ قداسة البابا بالوصول إليها! فنحن يجب أن نكون مرتا ومريم بآنٍ معاً.
- عندما نتكلم عن الوجود المسيحي في سورية، فنحن نطلب من المؤسسات الكاثوليكية الاهتمام بشكل مباشر بالمسيحيين والالتفات إلى احتياجاتهم، وهذا ما لم يتم طيلة فترة الأزمة، خوفاً من اتهام هذه المؤسسات بالانحياز لطرفٍ دون آخر في البلد، أو الاتهام بالعنصرية أو الطائفية، ما خلق الكثير من التساؤلات لدى الشعب المسيحي في سورية! فالمطلوب هو الانفتاح، ولكن بات توجه المؤسسات المانحة، المسيحية منها، إلى غير المسيحيين، لذلك نحن بحاجة بُنى قادرة وواقعية من أجل إعادة إحياء الرجاء لدى الشارع المسيحي، وألانضيّع البوصلة.
- أيضاً تمت الإشارة إلى وجود بعد بين الإكليرس والمؤمنين، ، حيث لا بدّ من ترميم الثقة بين المؤمنين والسلطة الكنسية، كما يجب دفع العلمانيين إلى المشاركة أكثر حتى يتعرّفوا على هموم ومشاكل الكنيسة ويساهموا في حلّها، كما يجب إعطاء دور أكبر لهم في العمل الإنساني والإغاثي والمؤسساتي.
- رأى أحدهم أن الوثيقة الأولى كانت أهم من الوثيقة الثانية، من حيث أنّها لامست مشاكل المسيحيين من دولنا وكنائسنا.
- أمّا بالنسبة للتمييز والإصغاء فهي نقاط جوهرية، ولا يجب على الشعب المسيحي أن يربط إيمانه بالمساعدات، وهذا يدلّل على مشكلة كبيرة في الإيمان المسيحي يجب تشخيصها بشكل واضح من أجل الوصول إلى طريقة عمل تساعد الناس في فهم هذا الإيمان! الاحتياجات كبيرة، ولكن هي ليست مادية فقط، بل روحية ومعنوية أيضاً، من حيث إعطاء الثقة للشباب من أجل البقاء وليس فقط الأمور المادية! نزيف الهجرة لا يمكن وقفه من دون وجود بارقة أمل تلوح في أفق الأزمة السورية. ولا بد هنا من التنويه إلى عدم وجود العدد الكافي من الكهنة المرشدين، أو الرهبان والراهبات ذوي الاختصاص الذين يستطيعون تقديم إسهامات في هذا المجال، كما أن التنشئة الكهنوتية الدائمة شبه غائبة عن سورية! مع الإشارة إلى ضرورة تنشئة الكهنة المتزوجين وكهنة المهجر.
- يجب أن نقيّم تجربتنا في المساعدات، حيث أن أغلب المشاريع الصغيرة التي دعمتها الكنيسة قد فشلت، وهذا ما خلق تساؤلات كبيرة!
- لا بدّ من الإشارة هنا إلى موضوع الاهتمام بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث مازالت الكنيسة في سوريا تقوم بواجباتها تجاههم، ولكن يجب التفكير بمستقبلهم وكيفية العمل على تعزيز دورهم في المجتمع. كما تجدر الإشارة إلى العدد الكبير من كبار السن الذين بقيوا في سورية دون معيل أو مساعد!
السؤال الثاني:
“بعد قراءة الوثيقة القاريّة والصلاة، ما هي التوتُّرات والاختلافات الأساسيّة التي تبدو مهمّة بالنسبة إلى قارّتك مستقبلاً؟ ونتيجة لذلك، ما هي الأسئلة والتساؤلات التي يجب مواجهتها وأخذها بعين الاعتبار في المراحل اللاحقة للمسار؟”
- رأى الحاضرون أن هناك غموضاً في السينودس، حيث أنّ السينودس المسكوني عادةً ما يعالج قضايا أكبر من القضايا الخاصة التي يمكن معالجتها في السينودسات الخاصة أو على نطاق البلدان، أو حتى مع الأسقف المحلي.
- يعتقد البعض أن من أهم التوترات والاختلافات الأساسية هو علاقة كنيسة الغرب مع كنيسة الشرق، أيضاً موضوع انتخاب الأساقفة في الكنائس الشرقية الكاثوليكية، كما العلاقة مع الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية.
- أيضاً هناك تساؤلات حول الظاهرات التي تنشأ في بعض الأماكن مثل ظهورات الصوفانية، أو جماعة “أبناء النعمة”، من المخوَّل في معالجة هذه القضايا؟ الكنيسة المحلية أم روما؟ أيضاً موضوع الإيمان والإلحاد هو من القضايا الملحة التي يجب دراستها، خاصة أننا في زمن انتشر فيه الإلحاد المعاصر أكثر من زمن ستالين.
- أحد أهم التوترات أننا نعيش في تنافس بين الكنائس، حيث أن كل واحد يعمل لصالحه في كل النواحي: الروحية والاجتماعية والثقافية وعلى مستوى الشبيبة، من هنا أتى مؤتمر “الكنيسة بيتٌ للمحبة” ليحاول توحيد بعض الجهود أقلّه على المستوى الإغاثي في المرحلة الراهنة.
- يجب الأخذ بعين الاعتبار عمل بعض الجماعات البروتستانتية التي استغلت الواقع المعيشي الصعب في سورية، وبدأت بالاقتناص من الرعايا الكاثوليكية والأرثوذكسية، وهو ما خلّق توتراً كبيراً بين المسيحيين، حيث أنّ المساعدات المادية والمعنوية كبيرة من قِبَل إخوتنا البروتستانت.
- لم نجد في الوثيقة السينودسية صدى للأجوبة التي قدمتها بعض الكنائس الشرقية، وعلى الأخص الكنيسة السريانية الكاثوليكية.
- لا يوجد في الدولة السورية تمثيلٌ صحيح للمسيحيين، وخاصة في دوائر صنع القرار، يتناسب مع الدور التاريخي لهم في هذا البلد.
- من أهم التوترات أيضاً هو العلاقة مع المسلمين، حيث أنّه وبسبب الحرب، نشأت بعض الحركات المتعصبة، والتي من الممكن أن تثير البلبلة في العلاقة التاريخية التي جمعت مكونات هذا البلد، على أمل أن تخف حدتها مع انتهاء الحرب.
- لقد عانت بعض المؤسسات المسيحية، والتربوية منها بشكل خاص، من أزمات كبيرة، وأهما سحب التراخيص منها بحجج متنوعة، وذلك يعود إلى تمدد الفكر السلفي في بعض مفاصل الدولة السورية.
- إنّ الفساد الأخلاقي، والزواج المتعدد الأديان هو من التحديات الهامة التي تواجه المسيحيين في سورية، إضافةً إلى انتشار المساكنة بسبب عدم وجود القدرة المادية على الزواج.
- ولا بد من الإشارة إلى هجرة الكوادر خارج البلاد، ما يضع البلاد أمام مستقبل غامض.
السؤال الثالث:
“بالنظر إلى ما يخرج من السؤالين السابقين، ما هي الأولويّات، والمواضيع الواردة، والدعوات إلى العمل التي يمكن مشاركتها مع الكنائس المحليّة الأخرى في العالم، والتي قد تصلح لمناقشتها في الجلسة الأولى للجمعيّة السينودوسيّة في أكتوبر 2023؟”
- العائلة: كيف يمكن أن نعالج وضع عائلاتنا المسيحية التي بدأت تبتعد رويداً رويداً عن مفهوم سر الزواج، وعن تأسيس عائلة مسيحية بموجب تعاليم الإنجيل والكنيسة! كما الابتعاد عن قراءة الانجيل ووضعه في سلم الأولويات.
- الشبيبة: بحسب خبرة الكنائس في سورية، وخاصةً في فترة الحرب، لا بدّ من النظر إلى مواضيع حساسة جداً وأهمها إعطاء أجوبة عن التساؤلات المصيرية بالنسبة للشبيبة المسيحية: من إمكانية حمل السلاح، والمشاركة في الخدمة الإلزامية، الإلحاد المعاصر وعدم القناعة بالطقوس وعدم قراءة الإنجيل، ماهي الحلول؟
- الهجرة واستقبال اللاجئين: هناك خبرة مهمة عاشها السوريون، المسيحيون منهم خاصةً، وهي خبرة اللجوء إلى دول الجوار أو الدول الأبعد، واشتكى الكثير من هؤلاء المهاجرين من قلة الاهتمام، وربّما من الشعور بالإهانة من قِبَل بعض شعوب الدول المستضيفة، علماً أن سورية استقبلت لاجئين من دول متعددة، أقاموا في البيوت وليس في مخيمات اللجوء وعوملوا أطيب معاملة.
في ختام الاجتماع صلّى الحاضرون على نية التوفيق لجميع المشاركين في هذه المسيرة السينودسية، طالبين إلهامات الروح القدس وشفاعة مريم العذراء.
الخورأسقف عامر قصّار
أمين سر مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في سورية