الأب جان ماري المير م. ل.
نتابع قراءتنا لمسيرة جمعية المرسلين في مجامعها الأولى التي كنا قد بدأنا خطواتها الأولى في عدد المنارة السابق. فبعد حقبة البدايات ندخل في محطة التطوير حتى معها نكتشف أن المسيرة المجمعية ليست عملاً تاريخيًا محضًا، مع أن التاريخ يشكل الإطار الزمني لها، إلاّ أن مسارها لا يتبع خطًا سويًا، إنما يسري متصاعدًا وهو يرسم خطًا لولبيًا، بحيث كلما تقدمت المسيرة في الزمن كلما ارتفعت في المعنى وسَمَت في الحق. هذه هي سبيل الروح الذي تبعه آباء الجمعية لينهجوا طريق دعوتهم ويحققوا معن رسالتهم.
لقد التزموا روح الثبات في الجوهر، ونهجوا سبل الروحانية المتجلية في الطاعة الالهامات الروح المتجسدة في توجهات الكنيسة وسلطتها وقوانينها، وعملوا جاهدين في تحقيق إرادة الرب التي عبّر عنها رسول الأمم بالقول: “فأناشدكم…أن تسيروا سيرة تليق بالدعوة التي دعيتم إليها، سيرة ملؤها التواضع والوداعة والصبر.” (أفسس 4/1-2)
تجسدت هذه السيرة في جهاد الإخوة معًا لأجل نجاح عمل الرب. هذا ما نستشفه من سرد وقائع الأحداث في المجامع المتتالية التي رسمت خط المرسلين ولا تزال.
- المسيرة مستمرة في الثبات والتجدّد:
- المجمع الثالث
في اليوم الثامن عشر من كانون الثاني عام 1898 تداعى آباء الجمعية لعقد مجمعٍ عام، وذلك بعد مرور واحد وثلاثين يومًا على وفات الأب العام اسطفان قزاح (18 كانون الأول 1897).
شارك في هذا المجمع كُلٌ من الآباء: شكر الله خوري، يوسف مبارك، يوحنا مارون السبعلي، بطرس شلالا، نعمة الله الشدياق[1]، يوحنا غصن[2]، بولس الياس[3]، نعمة الله مبارك[4]، وإبراهيم حرفوش[5].
بعد وصول الآباء إلى الكريم واجتماعهم معًا قرروا تقليص مدة الرياضة الروحية التي تقام في بداية المجامع العامة من ثلاثة أيام إلى يومٍ واحد[6]؛ ليتفردوا بعد ذلك لدراسة بعض المواضيع الهامة المطروحة على جدول لقاءاتهم في هذا المجمع.
وفي اليوم المحدّد لانتخاب الأب العام اجتمع الآباء في الكنيسة واحتفلوا معًا بالذبيحة الإلهية ولدى الانتهاء واستدعاء الروح القدس باشروا بالانتخابات والتي تمت بغاية من الوفاق والسكينة. في هذا الجو المملوء بالغبطة والمحبة والحوار والتفاهم توافقوا فيما بينهم وانتخبوا الأب يوسف مبارك المشير الأول رئيسًا عامًا لتكملة ولاية الرئيس العام السابق والتي تنتهي في الثامن من أيار من العام 1900.
وعقب الاقتراع ُسلِّمَ الأب يوسف مبارك وثيقة انتخابه موقعة من جميع آباء الجمعية المشاركين في هذا المجمع. ومما جاء في هذه الوثيقة: “إعلام: هو أنه بعد استئذان غبطة السيد البطريرك مار يوحنا بطرس الحاج الكلي الطوبى[7]، عقدنا مجمعنا العام لانتخاب رئيس عام خلفًا لأبينا ورئيسنا البار الخوري اسطفان قزاح رحمه الله، وذلك في الثامن عشر من شهر كانون الثاني سنة 1898، وهو اليوم الحادي والثلاثين (الثلاثون) لانتقال أبينا الصالح الذكر. وقد وقع اختيارنا بالقرعة القانونية على قدس أحدنا الأب يوسف مبارك ليكون رئيسًا عامًا لجمعيتنا، وذلك إلى نهاية المدة الباقية من المجمع الماضي أي إلى الثامن من أيار سنة 1900. فإقرارًا بصحة انتخابنا المذكور قد أمضينا هذه الشهادة تحريرًا في 21 كانون الثاني 1898. ثم أقرّ هذا الرئيس الأب شكر الله خوري على النيابة العامة، والأب بطرس شلالا على الناصحة العامة، وبرأي هذا الأخير أقيم الأب بولس الياس وكيل مشير بدلاً منه (أي بدل من الأب يوسف مبارك المشير الأول المنتخب رئيسًا عامًا)”.
ثم رفع الأب العام يوسف مبارك عريضةً للبطريرك يوحنا الحاج مطالبًا فيها تثبيت الانتخابات وجميع أعمال مجمع 1898 ومقرراته. فسرعان ما استجاب غبطته لطلبه ووجّه مرسومًا للأب مبارك مثبتًا جميع أعمال هذا المجمع ومما جاء في هذا المرسوم[8]:
“حضرة ولدنا الجزيل الاحترام الخوري يوسف مبارك رئيس جمعية المرسلين اللبنانيين العام،
حضرة ولدنا الجزيل الاحترام، السلام بالرب والبركة الرسولية ووفور الأشواق إلى مشاهدتكم في كل خير وتوفيق، ورد إلينا تحرير حضرتكم، قد أمضاه معكم حضرة أولادنا: النائب العام والمشيرين في جمعيتكم المباركة المحترمين وهو رقم 19 الجاري وبه تخبرونا مفصلاً عن نتيجة مجمعكم العام الذي عقدتموه مؤخرًا بإذننا فوقع اختيار آباء المجمع على حضرتكم رئيسًا عامًا على الجمعية، واخترتم أنتم وكيلاً مكانكم للمشيرية الأولى حضرة ولدنا الخوري بولس الياس. وأقررتم حضرة ولدنا الخوري شكر الله رئيسًا على الدير مثبتين له وظيفته السابقة على ما هي عليه إلى غير ذلك مما أجريتم في هذا المجمع حسب نص قانونكم وفرائضكم وتلتمسون من ثم اثبات كل ذلك من لدنا. فنحن قد سُرِّرنا بكل ما ذكرتم كثيرًا وخاصةً باختياركم إلى هذه الوظيفة التي نهنئكم بها، ونطلب لكم من الله كل مدد لتقوموا بأعبائها كما ينبغي على ما يوافق روح الرب والقانون، ويعود بالخير والفلاح على الجمعية ثم اننا بحسب الالتماس نقرر لكم كل الانعامات الممنوحة منا ومن سلفائنا لجمعيتكم هذه المباركة طبق المراسيم التي بيدكم تمامًا للعمل بموجبها من كل جنس وطريقة. ونجدِّد أيضًا جميع التفويضات التي أوليناها سابقًا للمرحوم سالفكم بحسب نصها وقوتها. فلا مانع والحالة هذه من استعمالها كالسابق في كل جمعيتكم نحوها ونحو المؤمنين في الرياضات أو خارجًا عنها التي يباشرها كهنة الجمعية في طائفتنا حسب العادة هذا فيما اننا ندعو لهذه الجمعية كل توفيق وتقدم ونجاح. وعربونًا لذلك نكرِّر اهداء البركة الرسولية لحضرتكم ولكامل أولادنا المذكورين، جملةً وأفرادًا.
في 20 كانون الثاني 1898.
الحقير
يوحنا بطرس البطريرك الانطاكي”.
ولدى قيام قدس الأب العام ومجلس شوراه بالزيارة القانونية للبطريرك يوحنا الحاج عقب انتخابهم في مجمع 1898، فإذا بالبطريرك يثني على الجمعية وعلى جميع آبائها الثناء الحسن ومما أورده حرفيًا في هذا المضمار: “لا حاجة إلى القول نحن انصاركم في كل مهمة لكم، لان نجاحكم من أهم ما يعنينا، متوقف نجاح الطائفة عليه، وليس لنا مهمة مثل الصلاة لخير الطائفة التي أنتم من أغصانها الرئيسية، ولكم الحظ الأكبر من صلواتنا… اننا نعتبر تأسيس جمعيتكم في المقام الأول من تأسيسات الطائفة الخيرية، وخير هذا التأسيس لا حدّ له… إني والأساقفة نجلّكم، لأننا في حوج عظيم إلكم”[9].
اتخذ الرئيس العام ومجلس شوراه خلال الفترة الممتدة من أواخر كانون الثاني 1898 ولغاية الثامن من أيار 1900 سلسلة من القرارات والإجراءات الإدارية والتنظيمية والقانونية: كتحديد أوقات اجتماعات مجلس الشورى، وتنظيم أمور الدرس والزيارات والاستقبالات في الدير، وكيفية زيارة منازل العلمانيين، وأوقات تلاوة صلاة الفرض الإلهي، وفتح مدرسة مار الياس عينطورة لتعليم العلمانيِّين عوضًا عن إرسالهم إلى مدرسة مار يوسف عينطورة، كما استحصلوا على حرم علق على باب المكتبة من أجل المحافظة على الإرث الفكري.
- المجمع الرابع
مع بداية شهر أيار عام 1900، واقتراب نهاية ولاية الأب العام يوسف مبارك ومجلس شوراه، رفع الأب العام باسمه وباسم جميع آباء الجمعية رسالة للبطريرك الياس الحويك(1899-1931)[10] طالبين منه البركة والاستئذان من أجل عقد المجمع العام في الثامن من شهر أيار. وها نحن نورد ههنا نص هذه الرسالة:
قدس الأب الأقدس الكلي الغبطة والجزيل الطوبى أطال الله أيام رئاسته
بعد قبلة مواطئ أقدامكم الطاهرة والتماس بركتكم الرسولية بكل خضوع واحترام نعرض أنه لما كانت قد انتهت مدة رئاسة أحدنا أب جمعيتنا العام المتممة لمدة رئاسة سالفه أبينا البار الخوري اسطفان قزاح ولما كانت انتهت أيضًا مدة المشيرين العامين ولما كان قانون جمعيتنا المقدس يأمر بوجوب عقد مجمع عام لتجديد الاقتراع على من يقوم بحقوق هذه المقامات، فقد تفرغنا جميعنا لعمل الرياضة الروحية استعدادًا لهذا العمل الخطير وأتينا الآن بموجب نص قانون جمعيتنا نستأذن من غبطتكم في افتتاح المجمع العام لهذه الغاية راجين بركتكم الرسولية لهذا المجمع لتكون نتيجته عائدة لمجده تعالى وخير الجمعية والنفوس ومرضاة قلبكم الأبوي. وبما أن عدد من يحق له الاقتراع في مجمعنا من كهنة الجمعية قليل فنلتمس من حلم غبطتكم أن تتنازلوا لتعميم هذا الحق فيشمل كل كهنة الجمعية الناذرين وذلك هذه المرة فقط وقد سبقت العادة في ذلك. فان غبطة سالفكم السعيد الذكر قد عمّم هذا الحق أكثر من مرّة بناءً على التماس رئيس الجمعية العام ومشيريه والآن نكرر قبلة مواطئ أقدامكم والتماس بركتكم الرسولية سائلين الله تخليد ذاتكم الشريفة حياة للجمعية والطائفة، أمين.
ولد غبطتكم
الخوري يوسف مبارك
خادم جمعية المرسلين اللبنانيين”
وفي النهار عينه لتسلمه هذه الرسالة وجه البطريرك الياس الحويك رسالة للأب العام يوسف مبارك وبها يفسّح لجميع الكهنة بالمشاركة وحق الاقتراع في المجمع العام الذي سيعقد في الثامن من شهر أيار. وهذا جواب البطريرك الياس الحويك الذي وجهه لآباء الجمعية باسم رئيسهم العام:
“إلى حضرة ولدنا الخوري يوسف مبارك رئيس جمعية المرسلين الجزيل الإحترام
حضرة ولدنا الجزيل الاحترام السلام بالرب والبركة الرسولية
ووفود الأشواق إلى مشاهدتكم في كل خير وتوفيق. ورد الأن تحرير حضرتكم الذي به تلتمسون الإذن بافتتاح مجمعكم العام الذي حلّ أوانه القانوني، وتعميم حق الاقتراع لجميع كهنة الجمعيه. ولو لم يكن لهم هذا الحق بحسب القانون، وذلك لقلة العدد، جريًا على ما سلف. فبحسب الالتماس، قد أذنا بافتتاح مجمعكم العام على مقتض رسومكم، ولأجل الأسباب المذكورة قد عمّمنا هذه المدة فقط حق الاقتراع لجميع كهنة الجمعية، كما جرى في المجامع السابقة برخصة سالفنا السعيد الذكر. هذا ونحن نسأل الله أن يسبغ نعمه على هذه الجمعية، ويقيض لها رؤساء غيورين على مصلحتها ونجاحها، ويأخذ بيدكم جميعًا على إتيان الخير المطلوب وينميكم بحسب مشيئته. وعربونا لذلك نكرر اهداء البركة الرسولية لحضرتكم تكرارًا في 5 أيار 1900.
الحقير البطريرك
الياس الحويك البطريرك الإنطاكي” [11]
بعد افتتاح المجمع في اليوم المحدّد وتلاوة المنشور البطريركي تفرّد الآباء المجتمعون لدراسة الأعمال المدرجة على جدول هذا المجمع فتقرّر ما يلي: تقديم مائة قداس كل سنة عن نفوس موتى الجمعية علاوة على القداسات المفروضة في كتاب القوانين[12]، ووجوب القيام ببعض الإماتات[13]، وأن تكون مدة الرئاسة العامة ثلاث سنوات لا ست سنوات كما يلزم نص القانون الذي “الغي فيه تأبيد الرئاسة العامة”، وتم إفراد مكان خاص لمرضى الجمعية “ذي عدوى”.
“جرى انعقاد هذا المجمع بغاية الهدوء والسكينة وكمال التنزه عن حب الوظائف والميل إليها”، واسفرت نتائج هذا المجمع عن انتخاب الأب يوسف مبارك رئيسًا عامًا، والأب بولس الياس مشيرًا اول، والأب نعمة الله مبارك مشيرًا ثانيًا، على أن تنتهي مدة الرئاسة العامة في 2 كانون الثاني من سنة 1903[14].
بعد نهاية المجمع وصدور نتائج الانتخابات، رفع الأب العام ومشيريه عريضة للبطريرك الياس الحويك يطلعونه فيها على نتائج مجمعهم طالبين منه تثبيت انتخابهم ومنحهم بركته الأبوية، فسرعان ما استجاب غبطته ووجه رسالة تهنئة وبركة لكل أبناء الجمعية، وفيها يسأل الرب أن “يفيض عليكم وعلى أولادنا أفراد جمعيتكم الذين نحبهم من كل قلبنا وافر نعمه السماوية حتى يبقي روح المحبة والألفة سائدًا فيما بينكم، محافظين على روح القانون الموضوع لكم من الطيب الذكر والأثر المطران يوحنا حبيب مؤسس جمعيتكم ويجعلها تزهر وتنمو كالأرز في لبنان…”
وفي النهار عينه الذي تسلم فيها البطريرك عريضة الأب العام ومشيراه فإذا به يقوم بزيارة مفاجئة لدير الكريم وبرفقته المطران يوسف الدبس[15] وذلك لتهنئة الآباء بالانتخابات النزيهة “والتي سادتها الروح المسيحية روح المحبة والالفة”، كما حرّض الآباء من خلال الكلمة التي ألقاها على مسامعهم بضرورة المحافظة على “الاتحاد والمحبة الأخوية”، كما وأن غبطته استغل فرصة زيارته للكريم في هذا التاريخ لتوجيه المعايدة لآباء الجمعية بعيد شفيعهم القديس يوحنا الذي يصادف عيده نهار زيارته.
من أبرز مقررات هذا المجمع، إقفال مدرسة مار الياس عينطوره وافتتاح مركز جديد للرسالة في منطقة جونيه بحيث تم “تحويل المخزن المحاذي اللوكنده إلى كنيسة” وتعيّين كلٍ من الأبوين يوحنا غصن ونعمة الله الشدياق ليقوما بالخدمة الروحية لأبناء الرعية[16]، وكذلك توجّه الابوين يوحنا غصن ومخايل الحجار لتأسيس رسالة جديدة في ولاية الأرجنتين[17]. فتح مدرسة “خارجية لأحداث جونية الفقراء موقعها أحد مخازن الجمعية تحت اللوكنده حذاء الكنيسة”[18].
ج- المجمع العام الخامس
لما كان تقرر في المجمع العام الرابع أن مدة الرئيس العام والمشيرين تنتهي في اليوم الثاني من كانون الثاني 1903، فقد استدعى الرئيس العام كهنة الجمعية[19] إلى دير الكريم حيث بدأوا رياضتهم الروحية مدة ثلاثة أيام، بدأوها في التاسع والعشرين من كانون الأول 1902. ثم رفع الأب العام عريضة للبطريرك الياس الحويك عريضة طالبًا فيها الإذن بافتتاح المجمع العام، وتعميم حق الاقتراع، هذه المرة أيضًا، بحيث يشمل كل الآباء[20]. فتعطف غبطته فأجاب باليوم عينه على طلب الأب العام بمرسوم صدر عنه في 31 كانون الأول 1902. ومما جاء في هذا المرسوم: “…تلتمسون أيضًا أن نعمم حق الانتخاب إلى كل آباء الجمعية نظرًا لقلة عدد الذين لهم الحق بذلك قانونيًا فبناءًا على التماسكم قد رخصنا ونرخص بأسطرنا هذه بعقد المجمع العام بحسب قوانين جمعيتكم وعوايدكم. وقد عممنا ونعمم حق الانتخاب بهذا المجمع إلى كل الآباء بناءً على السبب الذي أوردتموه لذلك ولاشك بأنكم تتمون هذا المجمع بحسب عوايدكم السابقة الحميدة أي بالتجرد عن الغايات البشرية، واضعين نصب اعينكم مجد الله وخير الطائفة والجمعية…”[21].
بعد أن تُليَ مرسوم البطريرك المؤذن بافتتاح المجمع وتعميم حق الاقتراع، أبلغ الأب العام الآباء بأنه طلب من الأبوين يوحنا غصن[22] ومخايل حجار[23] (الموجودين في الأرجنتين) توكيل أحد الإخوة الناذرين بالاقتراع نيابةً عنهما، ومن ثم اخذ الآباء يتباحثون بمصالح الجمعية منها: تثبيت قانون الجمعية “في روميه” بعد إعادة النظر فيه، وضم المجمعين، أي مجمع انتخاب الأب العام ومجمع انتخاب المشيرين إلى مجمع واحد، وأن يكون تاريخ انعقاد المجمعين في شهر نيسان في التاريخ الذي عينه القانون لمجمع المشيرين وتقرر الجري على ذلك اعتبارًا من هذا المجمع.
وفي اليوم المحدّد لانتخاب أب عام اجتمع الآباء في كنيسة الدير وبعد تلاوة الصلوات واستدعاء الروح القدس، اقترع الآباء لانتخاب رئيس عام ومن ثم لانتخاب مجلس شوراه ووقع الإختيار على كُلٍ من الآباء: الأب شكرالله خوري رئيسًا عامًا، الأب بولس العاقوري مشيرًا أولاً، والأب نعمة الله الشدياق مشيرًا ثانيًا.
كُتِبَت بعد ذلك صكوك الانتخاب وأمضاها جمهور الآباء، ومن ثم رفعت عريضة للبطريرك موقعة بأسماء الآباء كلهم، لتبليغه بنتيجة وصحة وموافقة الجميع على الانتخابات، وطلبوا فيها أيضًا تصحيح ما يكون قد وقع في المجمع من خلل، وإعادة اثبات الانعامات الممنوحة للجمعية.
ورد مرسوم البطريرك الحويك مؤيدًا أعمال هذا المجمع ويقرّ بسائر الانعامات الممنوحة سابقًا للجمعية، وهذا المرسوم مؤرخ في 5 كانون الثاني من العام 1903 ومما جاء فيه:
“حضرة أولادنا رئيس عام وآباء جمعية المرسلين اللبنانيين الأجلاء المحترمين
غب اهداء البركة الرسولية إلى حضرتكم بوافر الأشواق إلى مشاهدتكم في كل خير وتوفيق. ورد لنا تحريركم رقم هذا النهار وفيه تفيدون أنه حسب رسم قوانينكم قد تم انعقاد مجمعكم العام بكامل الإلفة والسكينة ووقع الاختيار على حضرة ولدنا الخوري شكر الله خوري رئيسًا عامًا وعلى الخوري بولس الياس مشيرًا أولاً عامًا وعلى الخوري نعمة الله الشدياق مشيرًا ثانيًا عامًا وتلتمسون اثبات أعمال المجمع وتصحيح ما قد يكون وقع فيه من الخلل القانوني لسبب قلة عدد أبائه وتقرير الانعامات الممنوحة للجمعية من سلفائنا البطاركة السعيدي الذكر. ذلك صار معلومًا وقد سررنا جدًا من إتمام هذا المجمع بالإلفة والمحبة وروح الرب. وسألناه تعالى أن يكون ذلك عائدًا لمجده الأعظم وخير الجمعية وقد أثبتنا أعمال هذا المجمع وصححنا ونصحح ما قد يكون وقع فيه من الخلل مسببًا من قلة عدد الآباء ونقرّ سائر الانعامات الممنوحة للجمعية منا ومن سلفائنا البطاركة المغبوطين. وعربونًا لرضانا عنكم نمنحكم جميعًا من صميم الفؤاد البركة الرسولية تكرارًا.
في 25 كانون الثاني 1903.
الحقير البطريرك
الياس الحويك البطريرك الإنطاكي”[24]
د- المجمع السادس
في 28 نيسان من العام 1906 انتهت مدة المشيرية العامة للأبوين بولس العاقوري ونعمة الله الشدياق؛ ولما كان الأب العام شكرالله خوري ارتقى إلى الدرجة الأسقفية على أبرشية صور، فقد قدم النائب العام الأب يوسف مبارك عريضة للبطريرك الياس الحويك يستأذنه بعقد مجمع عام لانتخاب رئيس عام ومشيرين عامين. جاء في هذه العريضة[25]:
” قدس الأب الأقدس الكلي الغبطة والجزيل الطوبى
بعد قبلة مواطئ أقدامكم والتماس بركتكم الرسولية بكل احترام، أعرض أنه لما كانت قد انتهت مدة المشيرين العامين على جمعيتنا لحضرة الأبوين بولس الياس العاقوري ونعمة الله الشدياق، وكان قانون جمعيتنا المقدس يأمر بعقد مجمع عام للاقتراع على انتخاب مشيرين عامين؛ ولما كان قدس أبينا العام الأب شكر الله خوري قد انفصل عن جمعيتنا بارتقائه إلى درجة الأسقفية على أبرشية صور. جئت أسترحم غبطتكم أن تسمحوا لنا بافتتاح مجمعنا العام لانتخاب مشيرين عامين ورئيس عام تمتد رئاسته على الجمعية إلى مدة ثلاث سنوات فقط وذلك إكمالاً لمدة الرئيس العام السابق. وبما أن عدد من يحق لهم الاقتراع القانوني في جمعيتنا قليل أتيت أسترحم غبطتكم أن تتنازلوا إلى تعميم حق الانتخاب إلى كل آباء الجمعية وذلك هذه المدة فقط. وبالختام نلتمس بركتكم الرسولية لهذا المجمع لتكون أعماله عائدة لمجد الله وخير الجمعية ومسرّة قلبكم الأبوي. طال الله شريف بقائكم.
في 24 نيسان 1906.
ولد غبطتكم
الأب يوسف مبارك
نائب الرسالة اللبنانية العام”
فسرعان ما ورد جواب البطريرك الياس الحويك:
“…تلتمسون منا أن نرخض لحضرتكم بافتتاح المجمع الذي تودون عقده لانتخاب المشيرين لجمعيتكم لأن مدة المشيرين الحالية قد انتهت ولانتخاب رئيس عام للجمعية بسبب تسقيف رئيسكم العام السابق. وأن مدة رئاسة الرئيس الجديد على الجمعية تكون نحو مدة ثلاث سنوات اكمالاً لمدة الرئيس العام السابق. ثم تلتمسون منا أن نعمم حق الانتخاب إلى كل آباء الجمعية هذه المرة فقط. فباسطرنا هذه نرخص لكم بافتتاح المجمع لانتخاب المشيرين والرئيس العام على الوجه المشروع ونعمم أيضًا حق الانتخاب هذه المرّة فقط لكل آباء الجمعية ونسأله تعالى أن يتمم هذا المجمع بروح الرب والإلفة والمحبة كما هو منتظر من أولادنا المرسلين الذين عرفوا بالمحافظة في كل الأدوار على روح مؤسس الجمعية. وأما نحن فلا نزال على ما تعهدون من المحافظة عليكم والاستمالة نحوكم ونعتبر من أكبر التعازي لقلبنا الأبوي حبكم لبعضكم ومواصلة أعمال الرسالة بالغيرة والتجرد المعروفين فيكم، ونسأله تعالى أن يسبغ عليكم جزيل نعمه وبركاته…”[26]
افتتح المجمع العام في صباح السادس والعشرين من العام 1906 بتلاوة المرسوم البطريركي والقوانين المتعلقة بالرئيس العام والمشيرين العامين، وبعد ذلك تطرق المجتمعون[27] لمسألة توكيل الأخ يعقوب حنتوش[28] للاقتراع عن الآباء الموجودين في رسالة الأرجنتين، غير أن هذا الأخ لم يشارك في انتخاب الرئيس العام “لأن الإجازة من غبطته كانت فقط لانتخاب المشيرين العامين”، ولأنه لم يكن تقرّر بعد خروج المطران شكر الله خوري من الجمعية بارتقائه للأسقفية في 14 نيسان من العام 1906، قرّر المجتمعون اعتباره رئيسًا فخريًا على الجمعية.
وتقرر في هذا المجمع عدم تعيين نائب عام بسبب قلة العدد، ولكن عيِّن بالمقابل وكلاء لكل أديار الجمعية. وكذلك تم تحديد مدة ولاية الرئيس العام بثلاث سنوات لتكملة ولاية الرئيس العام السابق (ولاية المطران شكر الله خوري).
وفي اليوم المحدّد لانتخاب الرئيس العام، اجتمع الآباء في كنيسة دير المخلص – الكريم، ورفعوا معًا الصلوات والابتهالات للروح القدس، ومن ثم جدّدوا نذورهم وتقدموا للاقتراع، فكانت نتيجته على الشكل التالي: الأب يوسف مبارك، رئيسًا عامًا؛ والأب نعمة الله الشدياق مشيرًا عامًا أولاً، والأب الياس المعوشي[29] مشيرًا عامًا ثانيًا، وقرعت أجراس دير الكريم ابتهاجًا بانتخاب رئيس عام جديد، ومن ثم كتبت صكوك الانتخاب ووقّعت من آباء المجمع، وتسلم كل مُنتَخَب صكه الخاص، ورفعت عريضة بنتائج الانتخابات للبطريرك الياس الحويك. فسرعان ما ورد جواب غبطته مانحًا بركته الأبوية لأبناء الجمعية وداعيًا إياهم على حفظ القانون بكل وعي وتدقيق ومما جاء في جوابه: “…فسرنا ذلك ودعونا للجمعية بالتقدم والنجاح في كل ما يعود لمجد الله وخير الأنفس. فثابروا دائمًا على حفظ قانونكم بكل نشاط وتدقيق لأن في حفظ القانون توفيق والأعمال، واياه تعالى نسأل أن يسبغ على حضرتكم وحضرة أولادنا المشيرين العامين وعامة الجمعية البركات والنعم لكي تتحقق لكم الآمال وتثمروا أثمار القداسة والفضيلة. ونكرر لحضرتكم البركة الرسولية تكرارًا”[30].
ووفقًا للعوائد والتقاليد المتبعة وتتميمًا لقانون الجمعية توجه الأب العام ومجلس شوراه إلى الصرح البطريركي لتأدية واجب الطاعة وطلب البركة من غبطته.
أبرز مقررات وأعمال هذا المجمع؛ إطلاق لقب “دير” على “دار الجمعية في بوانس أيرس”، رفع عريضة للبطريرك من أجل تصحيح أعمال مجمع 1906 و”تقرير الانعامات الممنوحة للجمعية”، منح سيادة المطران شكرالله خوري لقب رئيس عام شرفي على جمعية المرسلين، وكذلك تم توسيع وبناء عدد من الغرف في “مصيف ميروبا”، تدشين مزار سيدة لبنان – حريصا وتسليم الأب العام يوسف مبارك مفاتيحه ليكون بإدارة الجمعية.
وفي إحدى الزيارات السنوية التي كان يقوم بها البطريرك لدير الكريم، أنعم غبطته على الأب العام ويوسف مبارك ومن يخلفه في الرئاسة العامة بأن يقدسوا “بالحبريات” أي بالتاج والعصا في القداسات الاحتفالية في كنائس الجمعية.
ه- المجمع السابع
لما كانت انتهت مدة الرئاسة العامة للأب يوسف مبارك، وهي تكملة لولاية المطران شكرالله خوري، ولما كانت قد انتهت أيضًا مدة المشيرين العامين، قدّم الأب العام عريضة للبطريرك الياس الحويك يطلب فيها الاذن بعقد مجمع عام وتوحيد الوقت لانتخاب الرئيس العام والمشيرين[31]. أرفق الأب العام هذه العريضة برسالة أخرى للبطريرك يطلب فيها التفسيح لجميع الآباء بالمشاركة بالمجمع العام وممارسة حقهم الانتخابي وذلك لقلة عدد آباء الجمعية[32].
افتتح المجمع في 26 نيسان من العام 1909، وبعد تلاوة صلاة الافتتاح والمرسوم البطريركي والقوانين الخاصة بالرئيس العام والمشيرين العامين وبكيفية انتخابهم؛ تفرّد الآباء لمناقشة أبرز المواضيع المطروحة على جدول أعمال هذا المجمع ومنها إمكانية فتح مدرسة جديدة للجمعية في البترون، وبعد المباحثات ارتأى الآباء “إرسال لجنة منهم إلى المكان، بعد انتهاء المجمع، للوقوف على رغبة السكان وموافقة الظروف”. ومن ثم تطرّق المجتمعون لمسألة الديون المترتبة على الجمعية وكيفية السعي لأجل إيفاءها.
“ولما لم يكن عند أحد شيء يطرحه للمداولة، قرّر الآباء بالإجماع إجراء الانتخاب في اليوم التالي. وفي السابع والعشرين الساعة الثامنة التأم الآباء في المجلس وتعين كاتم أسرار المجمع الأب شكر الله مبارك، ثم نزلوا إلى الكنيسة. وبعد تلاوة الصلوات المفروضة جدّد الآباء نذورهم، ثم حلف كاتم الأسرار اليمين وبدئ الاقتراع. فتجدد الانتخاب للأب يوسف مبارك رئيسًا عامًا إلى ست سنوات، تنتهي في الثاني من كانون الثاني 1915، ثم انتخب الأب نعمة الله مبارك مشيرًا أولاً، والأب نعمة الله الشدياق مشيرًا ثانيًا مدة ثلاث سنوات.
ثم افتتحا الأبواب ودخل جمهور الإخوة، فألقى عليهم الأب العام خطابًا حرّضهم فيه على المحافظة على كنز الجمعية الثمين والذي هو المحبة المتبادلة، وبعد تلاوة ترتيلة ليستجب لك الرب، خرجوا من الكنيسة. وقدم الرئيس العام عريضة لغبطة السيّد البطريرك يطلعه فيها على نتيجة الانتخاب ويلتمس منه تجديد تقرير امتيازات وانعامات الجمعية وتصحيح الخلل الذي يكون وقع في المجمع. فجاد غبطته بذلك مباركًا أعضاء الجمعية وداعيًا لها بالنمو”[33].
من أبرز الحوادث والأعمال التي حصلت في فترة ولاية هذا المجلس: وضع الأب إبراهيم حرفوش كتاب “منائر الطقسيات” والذي طبع في مطبعة الآباء اليسوعيين، وتمَّ بناء فرن في دير الكريم[34] وتأسيس فرقة موسيقية (نوبة) في الدير المذكور[35]…
و- المجمع الثامن
في 22 نيسان من العام 1912، رفع الأب العام يوسف مبارك عريضة للبطريرك الياس الحويك يبلغه فيها عن “انتهاء مدة المشيرين العامين … وأنه حان أوان مجمعنا العام لانتخاب مشيرين عامين. فرفعت عريضتي هذه إلى مقامكم السامي مسترحمًا فيها أن تتنازلوا إلى صدور مرسوم البركة والإجازة لافتتاح مجمعنا ومستعطفًا نظركم الكريم نحو مجمعنا هذا والالتفات إليه بالعناية والرضى ليحرز ختامًا حسنًا مرضيًا لله تعالى، وبما أن عدد الذين يخولهم القانون حق الاقتراع في جمعيتنا قليل فإننا نرجو أن تتنازلوا إلى تعميم حق الانتخاب لكل آباء الجمعية…” [36]
فسرعان ما استجاب غبطته فوجه مرسومًا بطريركيًا للأب العام يوسف مبارك أجاز فيه بافتتاح المجمع العام و”تعميم حق الانتخاب لكل آباء الجمعية هذه المرّة فقط. كل ذلك بقي معلومًا وبحسب التماس قد أذنا لكم بفتح المجمع وخولنا لكم هذه المرّة فقط كل أولادنا آباء الجمعية حق الانتخاب. وسألنا الله تعالى أن يبارك أعمالكم كلها…”[37]
وبعد انتهاء الرياضة الروحية التي كانت ابتدأت في 21 نيسان ووعظ ارشاداتها الأب نعمة الله مبارك، صار افتتاح المجمع العام في 25 نيسان من العام 1912[38].
بعد تلاوة صلاة الافتتاح وتلاوة المرسوم البطريركي، والقوانين المتعلقة بالمشيرين العامين وكيفية انتخابهم، طرحت للبحث مجموعة من الأمور، منها: تعيين نائب عام وناصح عام، وبناء “دار للجمعية في صربا والبترون”[39]، وتوحيد مواعيد انتخاب الرئيس العام والمشيرين العامين[40]، والاتفاق على أن تكون “صورة إعطاء البركة الباباوية في ختام الرياضات على طريقة واحدة” [41]….
“وفي اليوم التالي الواقع في 28 نيسان نهار الأحد التأم الآباء في الكنيسة لانتخاب المشيرين العامين وذلك نحو الساعة التاسعة ونصف، وقد تعين لأن يكون كاتبًا للمجمع الأب شكر الله مبارك وألقيت القرعة فكان مشيرًا أول الأب بولس الياس العاقوري ووقع الانتخاب على الأب يوسف خليل مشيرًا ثانيًا وبعد الانتخاب قرعت الأجراس وخرج الآباء من الكنيسة”.
وبعد انتهاء الانتخابات كتب الأب العام عريضة للبطريرك يطلعه فيها على نتائج الانتخابات ومما جاء فيها:
“قدس الأب الأقدس الكلي الغبطة والجزيل الطوبى
بعد لثم مواطئكم والتماس بركتكم الرسولية بكل الاحترام والخضوع. أعرض أننا بناءً على إجازة غبطتكم قد فتحنا مجمعنا العام نهار الخميس الماضي وجرت المداولة في بعض أمور عائدة إلى خير الجمعية ومصلحتها في جلسات متعددة. وصباح هذا النهار الأحد التأم أولاد غبطتكم آباء المجمع في كنيسة ديرنا الكريم لأجل انتخاب المشيرين العامين. فوقع الانتخاب على الأب بولس الياس العاقوري مشيرًا أول، وعلى الأب يوسف خليل مشيرًا ثانيًا. وقد تم ذلك بالسكينة والمحبة وعليه قد بادرت إلى رفع واقعة الحال بعريضتي هذه إلى معالي غبطتكم لكي يحرز مجمعنا في ختامه بركتكم ورضاكم كما افتتح بهما. والله اسأل أن يؤيد غبطتكم ويطيل شريف بقاكم عضدًا وفخرًا لجمعيتنا المستظلة بظل رضاكم وعنايتكم أمين.
في 28 نيسان 1912
ولد غبطتكم
الأب يوسف مبارك
رئيس الرسالة اللبنانية”[42]
وفي اليوم التالي جاء جواب غبطة البطريرك الياس الحويك على الرسالة التي رفعها الأب العام يوسف مبارك حول نتائج انتخابات المشيرين العامين، وهذا مفادها:
“حضرة ولدنا الجزيل الاحترام السلام بالرب والبركة الرسولية
بوافر الشوق إلى مشاهدتكم على كل خير وصلنا تحريركم رقم البارح وفيه أفدتم بأنكم بناءً على إجازتنا قد عقدتم مجمعكم العام وانتخبتم فيه حضرة ولدينا الخوري بولس الياس العاقوري والخوري يوسف خليل مشيرين عامين فسرِّرنا بذلك وسألنا الله ان يوفقكم إلى كل ما بهِ خير الجمعية العزيزة، ويأخذ بيد المشيرين العامين الجديدين للقيام بمهمتهما على ما يرضيه تعالى ويناسب المصلحة. وعربونًا للهبات السماوية نهدي إلى عموم أبناء جمعيتكم بركتنا الرسولية التي نكرّرها لحضرتكم تكرارًا.
في 29 نيسان 1912
البطريرك الانطاكي
الحقير الياس بطرس[43]”
وفي 30 نيسان وجه الأب العام عريضة للبطريرك الحويك يرجوه فيها تصحيح أعمال المجمع وإثبات الانعامات المعطاة للجمعية، وفي 2 أيار توجه المجلس العام إلى الكرسي البطريركي في بكركي لمقابلة غبطته ولالتماس البركة وتأدية واجب الاحترام والخضوع له. واستغلّ الأب العام الفرصة وقدم للبطريرك العريضة الموقعة من كل آباء الجمعية والتي فيها يلتمسون إصدار مرسوم بتوحيد المجمعين كما تم الاتفاق والاقرار في الجلسة الثالثة من المجمع. نورد هنا محتوى العريضة:
“قدس الأب الأقدس الكلي الغبطة والجزيل الطوبى
بعد لثم موطئكم والتماس بركتكم الرسولية بكل المهابة والإجلال. نعرض نحن أولادكم آباء مجمع الرسالة اللبنانية المدونة أسماؤنا بذيله أن المرسوم الذي أصدره اسالفكم المثلث الرحمات البطريرك بولس مسعد في 23 أيار 1884 بناءً على التماس آباء جمعيتنا المتضمن فشخ الرئاسة العامة المؤبدة في جمعيتنا وتقييدها بمدة ست سنوات قد عيّن شهر كانون الثاني موعدًا لعقد المجمع العام الذي يصير فيه انتخاب الرئيس العام. وأما المجمع الذي يعقد لانتخاب مشيرين عامين فموعده الخامس والعشرين من شهر نيسان بحسب نص قانوننا. ومن ذلك ينجلي لغبطتكم أن السنة التي يقع فيها موعد انتخاب الرئيس العام يجب عقد مجمعين عامين فيها أحدهما في الثاني من كانون الثاني لانتخاب الرئيس العام، وثانيهما في الخامس والعشرين من نيسان لانتخاب المشيرين العامين. ولا يخفى ما في ذلك من الصعوبة والتشويش بحيث يصعب على آباء الجمعية اجتماعهم مرتين في سنة واحدة لأجل عقد مجمعين عامين. فنحن أولادكم رأينا بعد المداولة موافقة توحيد المجمعين العامين. فنرجو اذا راق لكم أن تتنازلوا إلى اصدار مرسوم يلغي من مرسوم سالفكم المشار إليه الفقرة الموجبة عقد المجمع العام في شهر كانون الثاني ويعين منذ الأن وصاعدًا الخامس والعشرون من شهر نيسان موعدًا لانتخاب الرئيس العام والمشيرين العامين في السنوات التي يتفق فيها انتخابهم معًا. هذا ما نعرضه لغبطتكم بالخضوع التام لما يصدر به أمركم بهذا الشأن، ولا نزال ندعوا بتأييدكم لخير الطائفة عمومًا وجمعيتنا خصوصًا. حرس المولى حياتكم وأطال شريف وجودكم. في 28 نيسان 1912.
أولاد غبطتكم
الأب يوسف مبارك رئيس عام للرسالة اللبنانية
الأب الياس بولس العاقوري الأب يوسف كميد[44] الأب الياس المعوشي
الأب يوحنا حبيب رحمه[45] الأب بطرس طنوس[46] الأب فيليب الخازن[47]
الأب إبراهيم حرفوش الأب يوحنا مارون الأب نعمة الله الشدياق
الأب نعمة الله مبارك الأب جبرايل زيدان[48] الأب بولس السخن[49]
الأب يوسف خليل[50] الأب شكر الله مبارك[51] الأب منصور سلامه[52]
أما جواب البطريرك فما لبث أن جاء في 23 أيار 1912 بمرسوم بطريركي معلنًا فيه أنه “…بحسب التماس حضرة أولادنا المرسلين اللبنانيين المومئ إليهم وللأسباب الصوابية التي قدموها قد ألغينا بأسطرنا هذه الفقرة المذكورة في مرسوم سالفنا المشار إليه الموجبة عقد المجمع العام في كانون الثاني لانتخاب الرئيس العام وعينا بسلطاننا البطريركي اليوم الخامس والعشرين من شهر نيسان موعدًا لعقد المجمع العام لانتخاب الرئيس العام والمشيرين العامين بوقت واحد في السنة التي يتفق انتخابهم معًا. ونأمر آباء الجمعية كلهم أن يسلكوا من الأن وصاعدًا بمقتضى مرسومنا هذا…” [55]
من أبرز أعمال هذا المجلس: تشيد دير في البترون في الأرض التي أوقفتها “جمعية مار منصور دي بول البترونية على الجمعية”[56]، وفتح طريق للعربات إلى مزار سيدة لبنان – حريصا، شراء مطبعة وإصدار “جريدة المرسل” في بونس أيرس، تسلم إدارة مدارس الفرير في كُلٍ من البترون وجونيه…
2-المسيرة مستمرة رغم الصعوبات والتعثّر:
أ -المجمع التاسع
“لما كانت الظروف حرجة والمواصلات منقطعة بسبب نشوب الحرب العامة واجتماع كل الآباء متعذرًا لعقد المجمع العام في وقته المحدّد من العام 1915، رأى أكثر الآباء أنه من المستحسن تأجيل المجمع العام إلى أن تزول العوائق التي تحول دون حضور واجتماع جميع الآباء. وبناءً على ذلك عرضوا واقع الأمر على غبطته ليصدر أمره بما يراه موافقًا:
“قدس الأب الأقدس الكلي الغبطة والجزيل الطوبى
بعد لثم مواطئكم والتماس بركتكم الرسولية بكل مهابة واجلال، أعرض كنت قدمت سابقًا عريضة لغبطتكم أستاذنكم فيها بعقد مجمعنا العام لانتخاب رئيس عام ومشيرين عامين في أواخر الشهر الحالي بحسب منطوق قانوننا واستأذنتكم أيضًا تعميم حق الانتخاب لكل آباء الجمعية. وحتى الآن ما شرفت بمرسومكم الجوابي ولعله في الطريق. والآن قد رأى أكثر آباء الجمعية موافقة استئذانكم بتأجيل المجمع مدة وذلك لأننا كنا كتبنا إلى حضرة أولادكم آباء الجمعية في بوانس أيرس نعلمهم بقرب حلول المجمع العام ونجيز من شاء منهم الحضور لهذا المجمع وحتى الآن ما ورد منهم جواب ولعل ذلك بسبب صعوبة وصول التحارير بوقتها بسبب الظروف الحالية. فيرى الآباء المشار إليهم موافقة تأجيل عقد المجمع لياقة إلى أن يحضر احد من الآباء من أماركا (أميركا) بعد أن تزول أزمة الحرب أو إلى أن يحضر جواب منهم، ورأى البعض الآخر موافقة عقد المجمع في حينه. فرأينا جميعنا عرض واقعة الحال لغبطتكم ليصدر امركم بما ترونه موافقًا لنا سواء كان بعقد مجمعنا بوقته القانوني أو بتأجيله إلى وقت آخر تعينونه لنا. وولدكم وسائر الآباء مستعدون الامتثال أمركم دون تردّد فتنازلوا إذا شاء خاطركم بصدور أمركم بما ترونه واجب الإجراء وكل من أولادكم رهن اشارتكم …. في 14 نيسان 1915
ولد غبطتكم
الأب يوسف مبارك
رئيس عام الرسالة اللبنانية
وقد زيّل قدسه كتابه بملاحظة تفيد الإجابة على طلبه: “بما يهم غبطتكم الاطلاع على عبارة في قانوننا من القسم الثالث الباب الثالث العدد الرابع وهي: أما افتتاح المجمع فيجب ان يكون في الحادي والثلثين من توفي الرئيس العام، ولا يؤخر إلى أكثر من ذلك إلاّ عند الضرورة كمانع حرب أو اضطهاد أو وباء ونحوه. وإذ ذاك يعرض الكاتب والمشيرين العامان الأمر المانع للسيد البطريرك ملتمسين امر حضرته في التأخر بزوال المانع.
فالمشير الأول حضرة الأب بولس الياس لم يرجع حتى الآن إلى الدير والمشير الثاني توفاه الله وهو المرحوم يوسف خليل. فالمرجع إذًا هو إرادة غبطتكم”.
فسرعان ما جاء جواب البطريرك معلنًا فيه أنه “…بناء على الملاحظات التي قدمتموها رأينا أن يصير تأجيل المجمع العام إلى ان تزول الموانع ويسهل عليكم وعلى حضرة أولادنا آباء الجمعية العزيزة ان يعقدوه براحة وسكينة على ما يؤول لمجده تعالى واكرام وفائدة الجمعية بالروح والزمن…ولا حاجة للقول بناء على التماسكم، بأن يبقى أصحاب الوظائف في وظائفهم كما كانوا”[57].
- مسيرة مجمعية دروس وعِبَر:
إن دراستنا وتسليطنا الضوء على المجامع العامة التي عقدتها جمعية المرسلين خلال نصف قرن الماضي (1865-1915)، ليس سوى لاستخلاص الدروس والعبر منها، وإبراز صورةٍ واضحة وجلية عن المسيرة التي خاطها الآباء تحت هدي وإلهام الروح القدس، وتفاعلهم مع هذا الصوت مقتدين بذلك بقول شفيعتهم سيدتنا مريم العذراء (ها أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك).
كما ان مقررات هذه المجامع ليست إلاّ نتيجة خبرةٍ عميقة وتخطيطٍ لمستقبلٍ زاهر للجمعية، واضعين بذلك خير الجمعية في أولوية لقاءاتهم ومجامعهم بحيث كان يسود روح التفاهم والحوار والمحبة. وما شهادات البطاركة التي أوردناها في رسالاتهم إلى الرؤساء العامين سوى خير شاهدٍ عما أوردناه.
يضاف إلى ذلك محافظة الآباء على القانون لا بل تقديسه؛ بحيث أنهم لم يقدموا على عقد أي مجمعٍ سوى بعد العودة إلى القانون وما ينص عليه، وطلب بركة غبطة البطريرك وطلب مرسوم لعقد المجمع العام والحصول على التفسيح يخوِّل جميع الآباء حق الاقتراع، نظرًا لعددهم القليل. وبالمقابل ولدى انتهاء الانتخابات فيسارعون إلى طلب التفسيح عن أي خلل ممكن أن يكون حصل أو ورد في المجمع، كما وأنهم كانوا يسارعون لزيارته لتقديم الطاعة ولطلب البركة وللحصول على مرسوم بشرعية الانتخاب وذلك تتميمًا لما ينص عليه قانون الجمعية.
بالمقابل فإننا نجد بأن البطاركة كانوا يكنون لآباء الجمعية كل مودة واحترام ويبرز جليًا للقارئ والسامع عبارات التقدير والاحترام التي كانوا يخاطبون فيها أبناءهم المرسلين، وسرعة استجابة طلباتهم وذلك اعتبارًا لحالهم ووضعهم وقلة عددهم وتمسكهم بالكرسي البطريركي كمرجع لهم. فالعلاقة بين آباء الجمعية والسادة البطاركة، بالإضافة إلى تاريخيتها تتصف بالمودة والاحترام، بالطاعة والتقدير، بالفعالية الروحيّة والخضوع البنوي الذي يضاف إلى الحب الأبوي. صفحات التاريخ ملئ بالمآثر التي ملأت التاريخ نفسه. لقد كان المرسلون لدى السلطة السادة البطاركة موضع ثقةٍ وتقدير، بحيث يوكلون إليهم المهمات الدقيقة والعسيرة، كزيارة الرعايا التي تتخبط ببعض النزاعات والخلافات[58]، وإجراء الاستفتاءات والاطلاع على أراء المؤمنين لدى فراغ الكراسي الأسقفيات من الرعاة[59]، والاهتمام بالمؤمنين ولاسيما في الأوقات الحرجة والصعبة كما حصل لدى النكبة الطائفية التي وقعت في بيروت عام 1903 ودفعت المسيحيين بالنزوح إلى جونيه وتوكيل الأب العام بالاعتناء بهم مِّما اغرق الجمعية بالديون الباهظة[60]، كما عاد الأمر وتكرر في الحرب العالمية الأولى حيث لعب المرسلون دور بارز فلم يكتفوا بفتح أبواب أديارهم للمعوزين إنما لحقوا بهم إلى منازلهم وقدموا لهم المعونة[61] واعتنوا بالأيتام والمرضى منهم ودفنوا الموتى الذين لقوا حتفهم على الطرقات[62].
الخاتمة
مسيرة المجامع سيرة حياة ارتضاها المرسلون حسب دعوتهم وما ميزهم به درب من سمات خصوصية تتجلى في الطاعة والتجرد، في البساطة والالفة؛ كلها تجهزهم لتلبية النداءات والاجابة على دعوتهم الرسولية. بهذا اتصّفوا ولهذا خططوا وعلى النهج مشوا، فصنعوا تاريخًا لا يقاس بالزمان إنما بالأفعال. هذه هي جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة التي في مقياس الزمان تعيّد عيدها المئة والخمسين، أما في مقياس الرسالة فهي تتلمس كل يوم ما يجعلها تتخطى الزمن لنعيش حاضرًا مستمرًا.
[1] الإباء الخمسة الأول الوارد ذكرهم ههنا تم التعريف بهم في المقال السابق
[2] ولد خطار في عجلتون في 9 كانون الثاني 1870، تلقى علومه الأولى في مدرسة البلدة، دخل جمعية المرسلين في 22 أيلول 1884، أبرز نذوره الأولى وتسمى يوحنا، ومن ثم نذوره الدائمة في 18 نيسان 1889. سيم كاهنًا في 9 شباط 1893. توفي في 16 نيسان 1945. لمزيد من المعلومات حول سيرة هذا الأب الفاضل راجع: العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء، منشورات الرسل، 1993. ص 243-252
[3] ولد سجعان ابن الشيخ سركيس جرمانوس العاقوري في 8 أيلول 1847، دخل مدرسة مار سركيس وباخوس ريفون سنة 1877، سيم كاهنًا في 5 نيسان 1883. دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في كانون الأول من العام 1892، وأبرز نذوره الدائمة في 20 آب 1894. توفي في 27 شباط 1917. المرجع السابق ص 115-125.
[4] ولد منعم في رشميا في 2 آذار 1866، وتلقى علومه الأولى في مدرسة القرية، سيم كاهنًا في 18 تموز 1890. دخل جمعية المرسلين اللبنانيين في كانون الثاني 1898، ونذر نذوره المؤبدة في 17 كانون الثاني 1904. انتخب رئيسًا عامًا في 26 نيسان 1930. توفي في 21 تشرين الأول 1949. المرجع السابق، ص 261- 274.
[5] ولد إبراهيم في بكاسين يوم عيد انتقال العذراء في 15 آب من العام 1871، تلقى مبادئ القراءة والكتابة في مدرسة البلدة. دخل جمعية المرسلين في 5 تشرين الأول 1892، وأبرز نذوره الدائمة في 8 تشرين الأول 1893. ارتقى درجة الشماسية في 22 تشرين الأول 1896، ومن ثم الكهنوت في 24 كانون الأول 1897. توفي في 20 آذار 1949. المرجع السابق، ص 253-260.
[6] تم ذلك خلافًا للقانون، إنما اتخذ الآباء هذا القرار لسببين: اولاً لأن رياضة روحية أقيمت منذ فترة وجيزة في دير الكريم للآباء، وثانيًا حتى يتمكن الآباء من العودة إلى رسالاتهم (مدرسة عينطورة، ومدرسة الحكمة بيروت) ونظرًا لقلة المسائل التي تتطلب دراستها والتوقف عندها.
[7] مرّ التعريف به في المقال السابق.
[8] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب يوسف مبارك.
[9] المرجع السابق.
[10] مرّ التعريف به في المقال السابق.
[11] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب يوسف مبارك.
[12] لمدة ثلاثة سنوات على أن يعاد المداولة بها في المجمع العام القادم أي سنة 1903.
[13] “كتعويض عن الاهانات التي تهان بها العزة الإلهية”، وتعين من باب الاستحسان، لا من باب الالزام، أن يجثو كل واحد من أبناء الجمعية على الأرض في بيت الاجتماع، وقت القراءة الروحية. أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، مجاريات الأب يوحنا السبعلي.
[14] شارك في هذا المجمع كلٍ من الآباء: شكر الله خوري، نعمة الله الشدياق، بولس الياس العاقوري، يوسف مبارك، يوحنا السبعلي، يوحنا غصن، إبراهيم حرفوش، نعمة الله مبارك، يوسف خليل. المرجع السابق.
[15] ولد يوسف الياس حنا الدبس في 8 تشرين الأول 1833 في راس كيفا (زغرتا)، تعلم يوسف مبادئ العربية والسريانية في كفرزينا ومن ثم العربية والسريانية، الايطالية واللاتينية في مدرسة عين ورقه. ولكنه ما لبث ان ترك المدرسة ليؤسس مدرسته الخاصة في طرابلس عام 1850، وليتابع في الوقت عينه تعلم الفلسفة واللاهوت على يد الآباء الكرمليين. سيم كاهنًا في 15 حزيران 1855، وتسلم مهمة التعليم في مدرسة مار يوحنا مارون في كفرحي بين سنتي 1855و 1860، وكانت هذه المدرسة قد خصصت لتنشئة الاكليركيين، ثم تولى أمانة سر البطريرك بولس مسعد مدة 12 سنة (1860-1872). وبعد وفاة مطران بيروت طوبيا عون سنة 1871، اختير الدبس ليخلفه بعد أن رقي لدرجة الأسقفية في 11 شباط 1872. اهتم بإنشاء المدارس في أبرشيته، وعلى رأسها مدرسة الحكمة، والتي فتحت أبوابها في ت2 1875، والتي نافست كل من جامعتي اليسوعية والجامعة الأميركية. كما أسس مدرسة غايتها تربية العائلات الفقيرة وتعليمهم مع مبادئ المعرفة الصنائع والمهن”. وقد أسس الدبس مطبعة سنة 1866 أصبحت تعرف فيما بعد” بالمطبعة العمومية المارونية” (1908)، كما تشارك مع رزق الله خضرا في ” جريدة النجاح ” سنة 1870 فكانت ” الجريدة السياسية الوحيدة التي تدافع عن المصالح الكاثوليكية. وقد خلفتها ” جريدة المصباح” (1880) وكان للدبس ” قسم كبير من السعي في التقدم العلمي بواسطة ترجماته وتأليفاته بهذه المطبعة والجريدتين المذكورتين.
ان إتقانه للغات عدة ،شرقية وغربية ، ساعده في ترجمة مؤلفات قيمة في اللاهوت وفي القانون، كما انه ألف في الشعر وفي اللغة ، والتاريخ ، وأوجد ” فن الخط المختصر في العربية وعلمه بعض الشبان ” .ففي مجال التأليف التاريخي ترك لنا الدبس، الكتب التالية :-تاريخ سوريا ، وهو موسوعة من 8 مجلدات(1893-1905)، الموجز في تاريخ سوريا، في جزئين ( 1907 ) وهو اختصار للموسوعة، الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل ، (1905) وهو مجموعة فصول متعلقة بالموارنة. توفي الدبس في 4 تشرين الأول 1907. لمزيدٍ من المعلومات راجع: الفغالي، الخوري بولس، المطران يوسف الدبس رئيس أساقفة بيروت 1907-2007، سلسلة آباؤنا والمعلمون، المكتبة البولسية، جونيه، 2008، مواعظ سيادة المطران يوسف الدبس رئيس أساقفة بيروت، طبع بالمطبعة العمومية في بيروت بنفقة الخواجة رزق الله ميخائيل خضراء سنة 1874، عرفان الجميل لصاحب اليوبيل في رثاء المطران يوسف الدبس رئيس أساقفة بيروت، وقف على طبعه عبد الله البستاني اللبناني، طبع بمطبعة جريدة المصباح بيروت، 1897، الفغالي، الخوري بولس، المئويَّة الأولى لوفاة المطران يوسف الدبس، سيرته ومؤلَّفاته، في مجلَّة المسرَّة، 888، (2007)، صفحة 497-550، عادل اسماعيل، الوثائق السياسيَّة الفرنسيَّة، المجلَّد العاشر، صفحة 178 (بالفرنسيَّة)، منصور الزايك، الحكمة، تأسيسها وأثرها الثقافي والتربوي، رسالة كفاءة، كليَّة التربية، الجامعة اللبنانيَّة، بإشراف الدكتور فؤاد افرام البستاني، حزيران 1980، غير منشورة، علي محمَّد حويلي، التطوُّر الثقافي لمدينة بيروت، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه اللبنانيَّة في التاريخ، بإشراف الدكتور مسعود ضاهر، بيروت، 1990 (غير منشورة). فهد، الأباتي بطرس، بطاركة الموارنة واساقفتهم القرن العشرين، دار لحد خاطر، بيروت، 1986. ص 498.
[16] تم تدشين هذه الكنيسة في 2 آذار من عام 1901 عيد مار يوحنا مارون.
[17] سافر الأبوان في 27 أيار 1901.
[18] تم افتتاح هذه المدرسة في 25 آب من العام 1902.
[19] حضر هذا المجمع كل من الآباء: يوسف مبارك، بولس الياس العاقوري، نعمة الله مبارك(لم يدخل المجمع بل أعاد الإبتداء)، نعمة الله الشدياق، يوحنا السبعلي، شكر الله خوري، اسطفان عون، إبراهيم حرفوش، الياس المعوشي، يوسف كميد، فرنسيس شمعون، يوسف خليل.
[20] فكما جرى في المجامع السابقة بحيث يرفعون عريضة للبطريرك ويطلبون منه التفسيح لمشاركة جميع الآباء في المجمع وذلك نظرًا لقلة عدد آباء الجمعية.
[21] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب يوسف مبارك.
[22] مرّ التعريف به في المقال السابق.
[23] مخايل بن رزق الله حجار ولد في حلب في 30 آب سنة 1863، دخل جمعية المرسلين في 10 أيار 1895، أبرز نذوره الدائمة في 25 كانون الأول 1896، سيم كاهنًا في 9 شباط 1901، توفي في 2 شباط 1922. العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء، ص 141-150.
[24] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب شكر الله خوري.
[25] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب يوسف مبارك.
[26] المرجع السابق نفسه.
[27] اشترك في هذا المجمع كل من الآباء: يوسف مبارك، نعمة الله الشدياق، الياس المعوشي، يوسف كميد، يوحنا السبعلي، بولس الياس العاقوري، إبراهيم حرفوش، اسطفان عون، يوسف خليل، نعمة الله مبارك، منصور سلامه، والأخ يعقوب حنتوش عن كهنة الأرجنتين، أما الأب شكر الله مبارك الذي سيم كاهنًا في روما بتاريخ 14 نيسان 1906، فانه لم يشترك في هذا المجمع لأنه لم يرجع إلى لبنان إلاّ بعد 20 تموز من السنة عينها.
[28] مواليد بيروت آذار 1901، أبرز نذوره المؤبدة في 8 كانون الأول 1905، ترك جمعية المرسلين في آب 1909. العنداري، الأب يوحنا، المطران يوحنا حبيب، جونيه 1980. ص 446.
[29] من مواليد جزين، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 18 شباط 1891، وأبرز نذوره المؤبدة في 8 تشرين الأول 1893، وسيم كاهنًا في 9 شباط 1901، ترك الجمعية في 17 كانون الثاني 1913. المرجع السابق.
[30] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب يوسف مبارك.
[31] لأن ولاية الرئيس العام تنتهي في شهر كانون الأول. راجع المجمع الخامس.
[32] اشترك في الانتخاب كلٍ من الآباء: يوسف مبارك، نعمة الله الشدياق، الياس المعوشي، يوسف كميد، إبراهيم حرفوش، بولس الياس، اسطفان عون، يوسف خليل، نعمة الله مبارك، شكر الله مبارك، منصور سلامه. أما الأب يوحنا السبعلي فلم يحضر بسبب مرض ألم به وهو في بلدته سبعل، والأب الياس ماريا الغريب سيم كاهنًا في 18 كانون الأول 1909 في بوانس أيرس، فلم يتمكن من المشاركة أيضًا.
[33] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، سجل رقم 1.
[34] أورد الأب يوحنا السبعلي في مجرياته ما يلي: “بناء الفرن قرب طريق العربات في المحل المعروف بالهد. في العام الماضي (1909) بنينا فرنًا في المحل المذكور، فانهدم فأعدنا بناءه ثانية فبلغت اكلاف بنيانه نحو اثني عشر ألفًا”.
[35] “رأينا أن العناية بشبان شركاء الدير لازمة ومفيدة لهم، وان ترددهم إلى الدير يُلهيهم عن الأباطيل. فأشركناهم بأخوية الحبل بلا دنس، وعينّا لهم الأخ جبرايل زيدان لكي يعلّمهم النّوط وأصول الموسيقى. فابتدأ في تعليمهم في شهر تشرين الثاني سنة 1909، وبعد نحو شهر ونصف، سلّمهم الأدوات الموسيقية لكي يتمرنوا على النفخ بها، والعزف عليها. وهذه الأدوات، كان الاخوة يعزفون عليها لما كان عددهم كبيرًا، وقد كنا اشتريناها لهم منذ بضع سنوات. وانضمّ إلى أبناء الشركاء بعض الشبان المجاورين الدير من غوسطا وبطحا، وقد نجحوا في العلم كثيرًا، وكان الأخ جبرايل يجمعهم في أكثر السهرات وأيام الآحاد والأعياد ويمرنهم. وقد اشترينا لهم بعض آلات جديدة، وكان عددهم نحو 25 شابًا” أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة سجل رقم 1 عدد 519؛ العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء، ص 342.
[36] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب يوسف مبارك.
[37] المرجع السابق نفسه.
[38] شارك في هذا المجمع كلٍ من الآباء: يوسف مبارك، نعمة الله الشدياق، بولس الياس العاقوري، يوسف كميد، الياس المعوشي، إبراهيم حرفوش، يوحنا السبعلي، نعمة الله مبارك، يوحنا رحمه، بطرس طنوس، فيليب الخازن، لويس غصن، جبرايل زيدان، بولس السخن، يوسف خليل، شكر الله مبارك، منصور سلامه. (لم يشارك الآباء الموجودون في الارجنتين في هذا المجمع وكان عددهم يومذاك أربعة، وكذلك لم يمثلوا بأي كاهن).
[39] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، ماجريات الأب يوحنا السبعلي، المجلد الثاني، ص 150.
[40] توحيد المجمعين العامين بعد موافقة غبطته، بحيث يصير مجمع واحد في نيسان لانتخاب الرئيس العام والمشيرين معًا، بنوع انه لا يجتمع الآباء مرتين في السنة لعقد مجمعين عامين. وقد أمضى هذه العريضة المرفوعة لغبطة البطريرك كل آباء الجمعية في 28 نيسان 1912. وفي 23 أيار 1912 وافق غبطته على طلب الآباء بكتاب رسمي، وسمح بتوحيد المجمعين في مجمع واحد، لأن انتخاب الرئيس العام كان تعين في بدء كانون الثاني، وانتخاب المشيرين في 25 نيسان. أرشيف جمعة المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب يوسف مبارك.
[41] تم الاتفاق على إعطاء البركة في آخر الرياضات على الشكل التالي، كاهن: معونتنا باسم الرب؛ شعب: الصانع السماء والأرض؛ يبارك الكاهن بالصليب مرةً واحدة قائلاً: فليبارككم الله القادر على كل شيء الأب والإبن والروح القدس؛ الشعب: آمين. المرجع السابق.
[42] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة جارور الأب يوسف مبارك.
[43] المرجع السابق.
[44] ولد سلوم كميد في ساحل علما في 5 تشرين الثاني 1876، دخل جمعية المرسلين في 7 آذار 1889، أبرز نذوره الدائمة في 8 تشرين الأول 1893.سيم كاهنًا في 28 حزيران 1902. توفي في 29 حزيران 1952. لمزيدٍ من المعلومات حول سيرة الأب يوسف كميد راجع: العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء، ص 283-292.
[45] ولد حنا حبيب رحمه في بشري في 24 حزيران 1881، دخل جمعية المرسلين في أول تشرين الأول 1898، أبرز نذوره الدائمة في 9 شباط 1906. سيم كاهنًا يوم عيد انتقال العذراء في 15 آب 1911. توفي في 20 تشرين الأول 1959. المرجع السابق ص 299-304.
[46] ولد إبراهيم في حيفا في 15 أيلول 1885، دخل جمعية المرسلين في 5 تشرين الأول 1901، أبرز نذوره المؤبدة في 8 كانون الأول 1905، سين كاهنًا في 15 آب 1911، ترك الجمعية في 27 آب 1924. العنداري، الأب يوحنا، المطران يوحنا حبيب، ص 447
[47] ولد فريد يوسف صقر الخازن في 29 كانون الثاني 1885، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 5 تشرين الأول 1899، أبرز نذوره الدائمة في 8 كانون الأول 1905، سيم كاهنًا في 15 آب 1911. توفي في 10 كانون الأول 1972. العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء، ص 383-392.
[48] ولد خليل ديب زيدان في الأشرفية في 31 آذار 1882، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 23 أيلول 1901، أبرز نذوره الدائمة في 8 كانون الأول 1905، سيم كاهنًا في 15 آب 1911، توفي في 14 نيسان 1963. المرجع السابق، ص 341-350.
[49] ولد يوسف أبي حنا السخن في قرطبا سنة 1882، دخل جمعية المرسلين أواخر شهر آذار1901، أبرز نذوره الدائمة في 8 كانون الأول 1905، سيم كاهنًا في 15 آب 1911. توفي في 11 آذار 1969. المرجع السابق، ص 359-368.
[50] ولد يوسف خليل في حراجل سنة 1869، دخل الجمعية كاهنًا في كانون الأول 1898، أبرز نذوره الدائمة في 15 شباط 1901. توفي في 11 تموز 1914. المرجع السابق، ص 109-114.
[51] أبصر شكر الله النور في 9 آذار 1879، دخل الجمعية في 21 تشرين الأول 1891، أبرز نذوره الدائمة في 25 كانون الأول 1896. سيم كاهنًا في 14 نيسان 1906. توفي في 26 تموز سنة 1944. المرجع السابق ص 235-242.
[52] ولد منصور سلامه في كفردبيان في 20 كانون الثاني 1878، دخل مدرسة الجمعية في عينطورة في 5 تشرين الأول 1894، أبرز نذوره الأولى في 25 كانون الأول 1896، سيم كاهنًا في 11 أيار سنة 1905. توفي في 12 تشرين الثاني 1943. المرجع السابق، ص 221-226.
[53] ولد لويس في بيروت في 18 كانون الثاني 1885، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 26 أيلول 1900، أبرز نذوره الدائمة في 8 كانون الأول 1905، سيم كاهنًا في 15 آب 1911. توفي في 14 كانون الثاني 1971. المرجع السابق، ص 369-376.
[54] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة جارور الأب يوسف مبارك.
[55] المرجع السابق.
[56] أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، ماجريات الأب يوحنا مارون السبعلي.
[57] المرجع السابق.
[58] حول هذا الموضوع راجع ماجريات الأب يوحنا السبعلي، وكذلك ماجريات الأب إبراهيم حرفوش.
[59] كما حصل في أبرشية قبرص، ومصر، وابرشية بعلبك،…
[60] حول هذا الموضوع راجع الرسائل المتبادلة بين البطريرك الياس الحويك والأب العام. أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، جارور الأب يوسف مبارك.
[61] بناءًا على طلب البطريرك الياس الحويك أخذ بعض آباء الجمعية يجوبون القرى لتسجيل أسماء المعوزين ولتوزيع الأموال والحنطة عليهم، حول هذا الموضوع راجع ماجريات الأب إبراهيم حرفوش في الحرب العالمية الأولى والتي عنى بنشرها الأب اغناطيوس سعادة، منشورات الرسل، 2003. ص 27-64.
[62] حول هذا الموضوع راجع، المير، الأب جان ماري، “إخوتي هؤلاء الصغار” جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في خدمة البؤساء إبان الحرب العالمية الأولى، المنارة 51(2014)3، 11-54.