Almanara Magazine

جمعية المرسلين في مسيرتها المجمعية

  الأب جان ماري المير م. ل.

عندما يمرّ الخاص ويدخل في أدراج الماضي ليسكن الذاكرة أو ليضيع في النسيان، ولكن عندما يدوّن أشخاص أحداث الحاضر، عندما تعبر إلى الماضي تدخل أدراج التاريخ لتصبح مراجع يعود الحاضر ليستدل فيها إلى عراقة الحياة وقوتها في مناهل الحقيقة.

اليوم، وفي الذكرى المئة والخمسين سنة لتأسيس جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، يستحثني شعور الانتماء وتحرك شوقي حشرية الباحث، لأتفحص تاريخ الجمعية وأقرأ مسيرتها المميّزة عبر مجامعها العامة التي رسمت خياراتها خارطة مسارها. نستذكره في ضوء الحاضر معاني الماضي حتى نستنير، ليس فقط بمعطيات التاريخ، وانما وأيضًا حتى نستكشف في غمرة الايمان عمل الروح القدس الذي ينير العقول لتتبصر حقائق الله، ويشدّد الهمم لتنهض للعمل بموجب هذه الإرادة الإلهية لتحقق مسيرة حياة تخصّصت من الله وله عبر سنوات من العطاء.

توالي السنوات المئة والخمسين، لم يعد في قراءتنا العلمية والايمانية، زمنًا مضى؛ بل دعوة للاستزادة في ترسيخ الايمان وتثبيت العمل بما يتابع الله في صنعه عبر الأجيال والأحداث في مواصلة عمله الخلاصي. نعود إذًا إلى أدراج التاريخ وإلى مواقع الأحداث وسردها لنستخرج منها أنورًا، في ضوء الحاضر، نستضيء بها حتى ننعش مسيرتنا الحالية.

لقد شكلّت المجامع مرجعًا في بحث أهم قضايا الجمعية في كل اتجاهات وجودها وعيشها، حتى الوطني منها، فلعبت دورًا بارزًا في كل مجالات حياة المكرسين والمؤمنين والمواطنين، في الداخل والخارج؛ وهذا ما أقتضى أن تفكر فيه وتبحث في تطويره وتأخذ القرارات اللازمة فيه؛ انه دور المجامع العامة التي حدّدت الخيارات ورسمت مسار الجمعية عبر السنوات.

المجمع العام صورة حقيقية لجماعة المرسلين، إذ بانقياده للروح القدس يواصل العمل بموهبة الجمعية كما أرادها الله وتابع مسيرتها حقبة بعد حقبة. نأتي اليوم، في خاضرنا لنتلمس عبر تاريخ مجامعنا ما صنعه الروح في جمعيتنا حتى نستلهمه ونكمل الطريق بهدايته. ننطلق في عملنا من المجامع الأولى حتى نتكشف فيها منذ البدايات والانطلاقة ميزة المرسلين كما رسمها الله؛ ومن ثم نتابع تطورها عبر الأجيال.

ما قبل المجامع الأولى، سيرة اتفاق ومسيرة توافق

إن بوادر انطلاقة المرسلين الأولى عمل التحم فيه الهام الروح وسعي من اختارهم الروح عينه. لقد حرّكت الحاجة التي القى الروح القدس الضوء عليها في نفوس من اشتعلت بنوره، وهبّوا إلى تلبية نداء الرب في هداية النفوس. لم تكن المسيرة الأولى مخططة ومرسومة بقوانين، بل اندفقت من الغيرة في سبيل الملكوت. فراحت تتلمّس مسارها بتوافق سليم إلى أن أرست أسسها على اتفاق مضمون؛ وكل المسعى ارتبط ببركة السلطة الكنسية وهي التي تسم كل عمل برباط الروح في طابعه الرسمي. بدأ المسار مع كهنة ثلاثة، ولا يزال يسري في هدي الروح لخدمة مشروع إلهي، وضع حجره الأساس إلهام إلهي وبنى مداميكه الأولى رجال غيورين، ويكمل البناء بهمّة المحبين وبركة الله تعالى.

يمثل الثالث عشر من آذار سنة 1866 صفحة جديدة ومشرقة في تاريخ الرسالة اللبنانية. فها هو دير الكريم[1] يستيقظ من سباته ويفتح أبوابه ليستقبل طليعة المرسلين اللبنانيين الوافدين إليه ليبعثوا فيه الحياة وبالتالي في الطائفة المارونية عامةً.

الأب اسطفان قزاح[2]، والأب فرنسيس الشمالي[3]، والأب يوسف العلم[4]، دخل هؤلاء الآباء الثلاثة الكريم بعد تبصرٍ وتأنٍ، وخلوةٍ روحية عقدوها سوية، وفي ختامها وقعوا وثيقة إنضوائهم لجمعية المرسلين وزيّلوها بتواقيعهم ورفعوها للبطريرك بولس مسعد(1806-1890)[5] راسمين فيها الطريق والنهج الذي سيتبعونه وذلك؛ من خلال نذورهم الثلاثة، والحياة المشتركة وكل ذلك انطلاقًا من قوانين يسعون لوضعها لتنظم مسيرتهم اليومية، ويُعلنون أنه تمّ التوافق بينهم على انتقاء الأب اسطفان قزاح ليكون رئيسًا عامًا عليهم.

” نحن المدونة أسماؤنا أدناه، قد تشرّفنا بسمة الرسالة اللبنانية المارونية، المنتمية إلى شفيعها مار يوحنا الإنجيلي، واجتمعنا بالله تعالى هذا الاجتماع المقدس، وتعاهدنا بمعاهدة وثيقة دينية، بعد أن استمدينا الاذن من لدن السيد البطريرك مار بولس بطرس الكلي الغبطة والطوبى، متعنا الله بخصب حياته السعيدة زمنًا مديدًا، على أن نعيش عيشةً مشتركة في هذه الجمعية المقدسة، حافظين الضابط الأخص لها، أي العفة  ثم الفقر الاختياري والطاعة، على حسب منهاج الرهبنة اليسوعية، لأننا اتخذنا هذه الرهبنة الجليلة قدوةً لنا لنقتفي آثارها الحميدة، ونأخذ عنها من الرسوم والفرائض ما يلائم بلادنا وأحوالنا، فنجعله دستورًا لجمعيتنا، غبَّ عرضه على قدس السيد البطريرك، وتثبيته بسلطانه، إذ الآن لم تترتب قوانين معينة لهذه الجمعية.

وحيث أن عددنا غير كافٍ لعقد مجمع قانوني، لننتخب به رئيسًا عامًا ومدبرين بقرعة قانونية، فقد رخص لنا قدس السيد البطريرك في أن نختار رئيسًا علينا يتعاطى سياستنا وتدبيرنا بكل ما يقتضي. وعلى هذه الرخصة قد اتفقنا واخترنا أحدنا، الأب اسطفان قزاح، رئيسًا عامًا علينا، ليسوسنا ويدبرنا في كل الأمور اللازمة واللائقة، ويقيم وكلاء، بعضًا للمناظرة على الأرزاق المختصة بهذه الجمعية، وبعضًا لتسلّم الايراد والمصروف، مقيِّدًا الوكالات بالرجوع لأمره في التصرفات، ويعيّن أصحاب وظائف روحيةً أكنت أو زمنية.

 واما أحدنا الخوري يوحنا حبيب، الذي اشترى دير الكريم، وجهّزه بماله وقفه على هذه الجمعية، ضامًا إياه إلى مدرسة عينطورة[6] الملتحقة بهذه الجمعية، مستبقيًا لنفسه، دون ورثته بعد موته، الولاية القانونية على الدير المذكور مدة حياته، وقفًا صحيحًا شرعيًا، مسجلاً بسلطان قدس السيد البطريرك القائم برئاستنا حاليًا. فقد سلم هذا الدير، مع كل ما أنشأه من الأرزاق، وما خصصه بالدير المذكور من عقارٍ ومنقول، للرئيس العام المومئ إليه، بطريق الوكالة الشرعية.

هذا، وأننا قد علّقنا جميع ما ذكره على إرادة قدس السيد البطريرك، مقدِّمين لديه وثيقتنا هذه بغاية الخضوع، مخضعينها تحت سلطته القانونية، متوسلين إلى حلمه العميم ليتنازل بصدور أمره بتسجيل وثيقتنا هذه بسلطانه، وبكل الوجوه الأمرُ لغبطته”.

وفي السنة التالية أي عام 1867، انضم عدد من الكهنة إلى الآباء الثلاثة، فاجتمعوا جميعًا وانتخبوا مجددًا الأب اسطفان قزاح رئيسًا عامًا على جمعية المرسلين وحرَّروا بذلك عريضة مذيّلة بتواقيعهم ورفعوها للبطريرك وهذا نصها:

“وجه تحريره،

هو أنه، نحن المدونة اسماؤنا أدناه، الذين قد دخلنا جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، المنضوية تحت حماية القديس يوحنا الإنجيلي، عليه أشرف السلام، قد انتخبنا رئيسًا عامًا على الجمعية المذكورة، حضرة أحدنا، الخوري اسطفان قزاح المحترم، ليتعاطى تدبير الجمعية بكل ما يُقتضى، ويوظف من يراه مناسبًا للوظائف الروحية والجسدية، في الديرين المختصين بالجمعية، أي دير مار يوسف المعروف بمدرسة عينطورة للموارنة، ودير المخلص الملقب بدير الكريم، الجاري تحت ولاية حضرة الأب المحترم الخوري يوحنا حبيب مؤسسه، وله أن يعزل من لا يراه مناسبًا، ويوظف غيره بأي وظيفة كانت. ولكن لا يتسلم شيئًا من المداخيل بنفسه، ولا يباشر صرفها بنفسه، بل يعين وكيلاً يتسلم المدخول والمصروف، والوكيل لا يتعاطى ولا يصرف شيئًا إلا بأمر من الأب العام. وحيث إلى الآن لم تتعيّن لها قوانين هذه الجمعية قانونيًا، ولم تترتب الفرائض اللازمة لها، فقد تعلّقت سياسة الجمعية مؤقتًا على رأي الأب المذكور وفطنته، إلى أن تتعيّن القوانين، وتترتب الفرائض، وتُثبت من قدس السيد البطريرك الكلي الطوبى، بسلطانه القانوني، بمقتضى الرسوم الكنائسية. حينئذٍ يصير انتخاب الأب العام والمدبرين بالاقتراع القانوني.

وقد تعاهدنا تعاهدًا دينيًا على حفظ النذور الثلاثة الضرورية لجمعيتنا هذه، أي العفة والطاعة والفقر، على ان نعيش عيشةً مشتركة، وتتقدم لنا جميع لوازمنا واحتياجاتنا من مداخيل الجمعية، وتكون جميع مداخيلنا الخصوصية، التي تدخل لنا ونحن في الجمعية، تابعةً مداخيل الديرين المذكورين، تُصرف في مصالح الجمعية برأي الأب العام. وأما ما يكون مَلِكَه كلٌ من أعضاء الجمعية، قبل دخوله الجمعية، فالاختيار له في ان يخصصه للجمعية، أو يملِّكه للغير، أو يبقيه على ملكه، ولكن تحت يد وتدبير الأب العام، حتى إذا ما مات وهو في الجمعية، يكون ثلثه للجمعية، على وجه البّر، والثلثان لورثته. وإذا خرج من الجمعية، يسترده من الأب العام. ولأجل سدّ باب النزاع على الورثة، بشأن تخصيص الثلث المذكور للجمعية، ينبغي الاحتياط بأن من كان هكذا يوصي بثلث تركته لوجوه البر، ويعيِّن الأب العام أو من يختاره الأب العام، وصيًا على تركته، ويحرِّر صكًا شرعيًا يتضمن وصيته بما ذكر.

 ثم انه لما كان دير الكريم جاريًا تحت ولاية الأب الخوري يوحنا حبيب المحترم، فلا يحق للرئيس العام أن يتصرف به تصرفًا منتفيًا لحق ولاية المتولي المذكور، ومخالفًا لشروط وقفه المدرجة بصك الوقف المسجل من غبطته. ونرجو من حلم السيد البطريرك مار بولس بطرس الكلي الغبطة والطوبى، ان ينعطف متنازلاً لتسجيل هذا الصك، ليكون العمل بموجبه”.

حرر في 22 نيسان 1867.

الخوري يوسف العلم                        الخوري يعقوب زوين[7]                 الخوري فرنسيس الشمالي

الخوري يوسف عطيه[8]                       الخوري يوسف الرزي[9]                 الخوري يوحنا اسلمبولي[10]

بعد أن اطلع البطريرك على هذا الصك ثبته ومدوِّنًا العبارة التالية: “اطلعنا على هذا الصك وأثبتناه، وأمرنا أن يكون العمل بموجبه

الحقير بولس بطرس

البطريرك الانطاكي “

خطوة أولى ترسم الدرب لكل الخطوات:

لابدّ من وضع أسس لعيش الجماعة الأولى تكون بمثابة خارطة طريق يسلكها المرسلون ليؤدوا قسطهم من الأمانة في التكرس والمهمة والرسالة.

فما إن أكتمل عقد الجماعة الكريمية الأولى، حتى انحنى الخوري يوحنا حبيب، وهو رجل الشرع والقضاء، على صياغة القوانين والرسوم العامة للجمعية، ماكثًا ساعات طوال في الكنيسة أمام القربان المقدس وأيقونة مريم العذراء.

كتابة القوانين لم تكن تشكل عبئًا عليه، فالمعطيات اللازمة والضرورية متوفرة وكذلك فكرة التأسيس والأهداف ونهج الحياة المشتركة والرسالة واضحة بشكلٍ جلي بالنسبة له.

 بعد أن فرغ من صياغتها رفعها للبطريرك بولس مسعد لتثبيتها وقد دوِّن في سجل الجمعية[11] حول هذا الموضوع ما يلي: “أثناء سنة 1873 قدمنا إلى قدس السيد البطريرك الحالي الكلي الغبطة كتاب قوانين جمعيتنا الذي عني بترتيبه أحدنا الخوري يوحنا حبيب فغب أن تصفحه غبطته ونقحه بحكمته الفايقة أصدر منشورًا قانونيًا مؤرخًا في 31 أيار سنة 1873 ممضيًا باسمه الفخيم وممهورًا بختم كرسيه البطريركي يتضمن تثبيته هذا الكتاب بكل ما يحويه فأضيف المنشور إلى الكتاب مصدرًا به”.

ولكن ما لبث أن أرسل البطريرك بولس مسعد حكم التثبيت بهذه القوانين وذلك في 31 أيار 1873 ومما جاء في هذا الحكم[12]:

بولس بطرس البطريرك الإنطاكي وسائر المشرق

                                                   (مكان الختم)

“وجه تحريره،

هو أنه، لما كان أولادنا أعضاء الجمعية المعروفة “بجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة” التي اهتّم بأنشائها المرحوم سالفنا البطريرك يوسف حبيش[13]، سنة 1840، وخضعت رأسًا للسلطة البطريركية، قدموا لنا بواسطة حضرة ولدنا الخوري يوحنا حبيب المفضل لدينا، كتاب القوانين والفرائض التي اتفقوا على اتخاذها منهجًا يسلكون به في جمعيتهم هذه، وهي متضمنة في ثلاثة أقسام يحويها الكتاب المذكور، وكل قسمٍ يشتمل على أبواب. فالأول على ثلاثة عشر بابًا، والثاني على سبعة عشر، والثالث على ثلاثة عشر. والتمسوا منا متوسلين إلينا، لكي نثبتها بالسلطان البطريركي بعد الوقوف عليها، ليتسهل لهم السلوك بموجبها بغير صعوبة، وخلوًا من كل ممانعة أو تعرض من أحد. فقد تلقينا الكتاب المذكور بكل مسرة ورغبة، وبطيبة الخاطر طالعنا بذاتنا القوانين والفرائض المحتواة فيه، وتأملناها بالإمعان الكافي والتحري الشافي، فاذا هي مشتملة على فوائد وفرائد تبلغ أعضاء هذه الجمعية إتمام مقاصدهم الخيرية، التي قد ظهرت نتائجها الروحية منذ أعوام إلى الوجود في جهاتنا هذه اللبنانية، كما هو مستغنٍ عن البيان، واكسبتهم رضاه تعالى وجزيل الثناء عليهم من الجميع.

“فمن ثم، فغب اعتبار ما وجب اعتباره في ذلك، والالتجاء إلى أبي الأنوار الذي منه جل ثناؤه كل عطيةٍ صالحة، رأينا ان نجيب التماس أولادنا المرسلين اللبنانيين الموارنة المشار إليهم، منعطفين إلى قبول توسلاتهم بتثبيتنا قوانين جمعيتهم هذه وفرائضها. كما أننا قد ثبتناها ونثبتها بسلطاننا البطريركي، أفرادًا واجمالاً، بأقسامها الثلاثة، وأبوابها المحتواة في الكتاب المذكور، ونؤيدها بأسطرنا هذه تثبيتًا وتأييدًا مؤبدين لا ينفكان ولا ينتقضان، ما دامت هذه الجمعية المباركة قائمةً بتوفيقه تعالى في طائفتنا المارونية، متمسكةً نظيرها التمسك التام بعري الإيمان الكاثوليكي المقدس، ومعتصمةً اشد الاعتصام بمركز الوحدة الكاثوليكية الذي انما هو الكرسي الرسولي الروماني المقدس.

فعليهم إذًا، رؤساء ومرؤوسين، وعلى كل من ينضم من الآن فصاعدًا إلى جمعيتهم هذه، أن يسلكوا على منهج هذه القوانين والفرائض التي ثبتناها لهم، وايدناها بسلطاننا البطريركي، وان يحفظوها مدققًا بمواصلة دائمة، دون ممانعة أو تعرض أحد، لتزهر جمعيتهم هذه كالنحل بفضائلهم الرضية، وتنمو بمساعيهم الخيرية كالأرز في لبنان، حيث مركزها الثبات أبدًا دائمًا. وتمتد بفوائدها الخلاصية للنفوس المشتراة بدم ابن الله الكريم، إلى باقي الجهات المجاورة وغيرها من الجهات. الأمر الذي نسأله تعالى أن يقدرهم عليه ليتمموه بكل غيرةٍ ورغبةٍ ونشاط، وتمجيدًا لاسمه القدوس، وافادةً روحيةً لهم وللقريب. وذلك، بشفاعة سيدتنا مريم العذراء والدة الله الكلي طهرها، والقديس يوحنا الحبيب الإنجيلي، المنتمية هذه الجمعية منذ تأسيسها إلى حمايتهما.

ثم لأجل دوام معرفة ما تقدم ذكره، والعمل بموجبه، قد تحررت هذه الأسطر الممضاة باسمنا والممهورة بختم كرسينا أعلاه، وأعطيت من ديواننا البطريركي، في اليوم الحادي والثلاثين من شهر أيار سنة 1873.

الحقير بولس بطرس

البطريرك الانطاكي

ما لبث البطريرك بعد أن أصدر مرسوم تثبيت قوانين الجمعية حتى وجه إلى أبناء الجمعية كتاب يلمهم فيه بتثبيت القوانين ويحثهم على التمسك به وحفظه بأمانة واتباعه لبلوغ أعلى مراتب القداسة:

“البركة الرسولية تحلّ وتستقر، على أولادنا المباركين أعضاء جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، رؤساء ومرؤوسين بوجه العموم المكرَّمين، باركهم الرب الاله آمين.

أولاً: اننا مزيدو الأشواق إلى استماع اخباركم السارة على كل خير.

ثانيًا: نخبر محبتكم ان حضرة ولدنا المحترم، الخوري يوحنا حبيب، المفضل على جمعيتكم المباركة، قدّم لنا، بموجب طلبكم منه، كتاب القوانين والفرائض التي قد تمَّ اتفاقكم على اتخاذها منهجًا تسلكون به في جمعيتكم، مرافقًا ذلك بتوسلاتكم الينا لكي نثبتها لكم، ونؤيدها بسلطاننا البطريركي لتسلكوا على مقتضاها، دون صعوبةٍ وخلوًا من ممانعة أو تعرض أحد.

وقد اقتبلنا الكتاب المذكور. وغب فحصنا ما فيه من القوانين والفرائض المنوه بذكرها، واعتبارنا ما هي عليه من الفوائد الفرائد، لخلاص النفوس المفتداة بدم ابن الله الكريم، رأينا ان نتعطف إلى قبول توسلاتكم بتثبيتها وتأييدها. فثبتناها وايدناها افرادًا وإجمالاً بسلطاننا البطريركي تثبيتًا وتأييدًا مؤبدين، كما يتضح لكم، أيها الأبناء الأعزاء، من المرسوم المعطى من ديواننا البطريركي بهذا الشأن، ممضي منا ومسجلاً بختم كرسينا البطريركي بتاريخ أسطر بركتنا هذه إليكم. ونحن على دوام الاستعداد إلى مساعدتكم بما يعود إلى نجاح جمعيتكم المباركة بالرب.

ومن ثم فسبيلكم ان تتمسكوا بهذه القوانين والفرائض المحتواة في الكتاب المشار إليه، وأنتم متدرعون في كل أموركم بسلاح الاتكال على الله تعالى الذي نسأل مراحمه أن ينظر اليكم بعين عنايته من أعلى سمائه، ويسهِّل لكم طريق دعوتكم هذه المقدسة التي دُعيتم إليها بفيض نعمائه، لتتمموا واجباتها لمجده الأعظم وخيركم وخير القريب الروحي، وذلك بشفاعة سيدتنا مريم العذراء والدة الله الكلي طهرها، والقديس يوحنا الحبيب الإنجيلي المنتمية جمعيتكم إلى حمايتهما. فهذا ما اقتضى إفادتكم به، والبركة الرسولية تشملكم جميعًا ثانيًا.

صح أعطي عن ديواننا البطريركي في اليوم الحادي والثلاثين من شهر أيار 1873 ثلاث وسبعين وثمانماية وألف مسيحية”

تحديد الوجهات الجديدة لتصويب المسار، التعديلات القانونية.

  1. في الرئيس العام والمجمع العام:

بعد أن عُمِل بالقانون لفترة من الزمن تبين للخوري يوحنا حبيب أنه لا بد من تعديل بعض بنوده ولاسيما بما يعنى بمدة ولاية الرئيس العام، فأجمع الآباء[14] على تعديل القانون لجهة تحديد مدة ولاية الرئيس العام وكيفية وضع آلية لانتخابه، وفوضوا لهذا العمل الخوري يوحنا حبيب. وقد ورد في سجل الرسالة اللبنانية الأول[15] ما يلي: “لكن لما رأينا بعد مرور عدة سنين من هذا التثبيت ان ما تضمنه الكتاب المذكور من هذا الرسم “وهو أن الرئيس العام في جمعيتنا يكون مؤبدًا” غير ملائم بالنسبة لقلة عدد افرادنا، توسلنا حلم غبطته بتقديم عريضة تتضمن استعطاف خاطره الشريف إلى نسخ هذا الرسم وابداله برسم تقييد مدة الرئاسة العامة بست سنين فقط. وجرى تقديم العريضة عن يد أحدنا الخوري يوحنا حبيب الذي عرض لغبطته عدة وجوه أوجبت إلى استبدال الرسم المذكور. أخصها أن الرئيس العام المؤبد ينبغي ان يكون ممتازًا بين قومه بمزايا عديدة لازمة للسلطة المؤبدة بأن يكون فريدًا مختارًا من بين جمهور كبير نحو ألف ونيف إذ قلما يتفق اجتماع الأوصاف المطلوبة لهذا التأبيد في فرد من جماعة قليلة العدد. هذا العدد الكثير غير مأمول حصوله في جمعيتنا لا في هذا الجيل ولا في الآتي بعد. فان عددًا كذا يستلزم تكثير الأديرة والأرزاق للسكنى والنفقة وهذا بعيد الحصول: ولما كان طلبنا الحالي وفق رأي غبطته السابق الذي أشاد علينا به، من باب التخيير لا الحتم، حين قدمنا إليه كتاب القوانين، فانعطف وأنعم الان علينا بالإجابة فأصدر منشورًا قانونيًا بتقييد المدة المذكورة مؤرخًا في 23 أيار 1884″.

بناءًا على طلب الخوري يوحنا حبيب ونزولاً عند رغبته بتعديل القانون لجهة تحديد ولاية الرئاسة العامة لمدة ست سنوات أصدر البطريرك منشورًا أيّد فيه هذا التعديل وثبّته بسلطانه البطريركي محددًا تاريخ انعقاد أول مجمع لانتخاب رئيس عام، وهذا نصه:

“وجه تحريره،

هو أنه في اثناء سنة 1873 تقدم لنا من أولادنا أعضاء الجمعية المعروفة “بجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة” بواسطة أحدهم حضرة ولدنا الخوري يوحنا حبيب مجددها كتاب يشتمل على قوانينها وفرائضها التي اتفقوا على اتخاذها منهجًا يسلكون به في جمعيتهم، وقد توسلوا إلينا بواسطته ملتمسين انعطافُنا بتثبيتها بسلطاننا البطريركي. فغب اطلاعنا عليها وامعاننا النظر فيها وجدناها سديدة محكمة ممهدة طريق البر والقداسة وموصلة إلى اتقان مهنة الرسالة الخيرية العائدة إلى مجده تعالى وخير القريب الروحي فأجبنا توسلهم فثبتناها بسلطاننا القانوني بموجب المرسوم المعطى لهم من ديواننا البطريركي مؤرخًا في الحادي والثلاثين من شهر أيار سنة 1873 الممضي باسمنا والممهور بختم كرسينا:

وكان من جملة ما تضمنه كتاب قوانينهم المذكور هذا الرسم وهو ان الرئيس العام في هذه الجمعية انما يكون مؤبدًا كما يُعلم من الباب الأول القسم الثاني من هذا الكتاب.

وأما الآن فقد تقدم معروض من أولادنا أعضاء هذه الجمعية من رؤساء ومرؤوسين على يد ولدنا الموما إليه به يتوسلون نسخ الرسم المذكور وتقييد مدة الرئاسة العامة بست سنين.

وأودعوا بلسان معتمدهم الخوري يوحنا المنوه به عدة حجج تصب ايثارهم تقييد مدة الرئاسة العامة بست سنين على اطلاقها إلى قدر العمر الذي يعيش إليه الرئيس العام. وان الوقت المناسب تعيينه لعقد المجمع العام عند مرور كل ست سنين هو شهر كانون الثاني على أن يفتتح المجمع في اليوم الثاني منه ويختتم في ختام اليوم السادس منه.

فغب التروي في مسألة أولادنا المذكورين واعتبارنا ما ينبغي اعتباره قد صوبنا مسؤوليتهم فنسخنا رسم تأييد الرئاسة العامة في جمعيتهم ورسمنا بتقيدها بمدة ست سنين فقط.

على أن تبدأ هذه المدة في حق الرئيس العام الحالي من أول السنة القادمة أي سنة 1885 في أول سنة 1891. وفي ثاني يوم من هذه السنة أي في 2 كانون الثاني يصنعون المجمع العام لانتخاب الرئيس العام بالاقتراع القانوني كما هو مشروح في الباب الأول من القسم الثاني من كتاب قوانينهم المسطور، ويختمون مجمعهم في ختام اليوم السادس من الشهر المذكور.

وهكذا يصنعون عند مرور كل ست سنين إلى ما شاء الله.

وأما إذا مات الرئيس العام أو عزل قانونيًا في اثناء مدة الرئاسة العامة فنائبه العام يهتم بعمل مجمع عام لانتخاب رئيس عام كما هو مشروح في الباب الثالث من القسم الثالث من الكتاب المسطور.

غير ان هذا الرئيس الجديد لا تكون مدة رئاسته إلاّ بقدر تتمة مدة سالفه، وذلك حتى لا يتغير الأوان المعين لعقد المجمع العام المحرر. هذا ما رسمنا به من نسخ إطلاق مدة الرئاسة العامة في هذه الجمعية بقصرها على ست سنين كما ذكر. ثم للإعلام بما تقدم وللعمل بموجبه أصدرنا هذا المرسوم الآن الممضي باسمنا والممهور بختم كرسينا أعلاه.

أعطي من ديواننا البطريركي بنسختين في اليوم الثالث والعشرين من شهر أيار سنة 1884 أربع وثمانين وثمانماية وألف مسيحية صح صح”  

  • في النذور الموقتة:

فضلاً عن التعديل الذي أجري على مدة رئاسة الأب العام، فقد رأى آباء الجمعية أيضًا أن يلغوا المهل المحددة للنذور الموقتة، وقبول المدعوين، على اختبارهم، لإبراز النذر الدائم دون تدرج سابق. وقدّم الخوري يوحنا حبيب، باسمه وباسم جميع آباء الجمعية وذلك بعد تفاهمهم فيما بينهم، إلتماسًا يطلب فيه من البطريرك التفسيح من رسم القانون بما يتعلق بالنذور المؤبدة.

لقد دوّن المؤسس في سجل الرسالة اللبنانية بشأن هذا الأمر أنه “قد علم بالاختبار أنه من أكبر الأسباب التي تجعل أكثر الكهنة والتلامذة لا يثبتون في الجمعية لعدم تقييدهم بالنذر المؤبد فان كل الذين خرجوا منها كانوا غير مقيدين بهذا النذر ومن ثم قد تبين أن التدريج في نذور جمعيتنا إلى ثلاث سنين ثم إلى ست حتى يستأنف الناذر فينذر النذر المؤبد مدّة باقي عمره مما يسهل عدم الثبات في الجمعية. فان من لم يكن تقيد بعد بالنذر المؤبد فاذا تكدر من شيء لا يعجبه أو كلف أمر لا يهواه أو تصور له مصلحة في الخروج من الجمعية فلا يجد ما يعوقه فيخرج عند فراغ نذره الثلاثي أو السداسي كما جرى فعلاً نعم لا يخفي أن التدريج في النذور سنّة محدودة كبيرة الفايدة مشروعة عند عدّة رهبانيات أوربية غير أنه ما بيننا وبين هذه الجماعات من وجوه عديدة منها كثرة عددهم وقلة عددنا، ومنها وثاقة ثباتهم وقلة ثباتنا على الجهاد وحسبنا دليلاً على ثباتهم أنه يوجد عندهم بعض جمعيات مؤلفات من كهنة ينضوون إليها تحت ترتيبات قانونية لا نذر فيها مطلقًا ومع هذا لا تنفك جارية على تقدم ونجاح وكيف كان الأمر فالاختبار أصدق دليل على عدم ملائمة التدريج المذكور في جانب جمعيتنا ومن ثم حصل القرار  في جمعيتنا باتفاق الآراء على التوسل إلى حلم غبطته على يد أحدنا  منشئ جمعيتنا الخوري يوحنا حبيب لكي يستعطف خاطره الشريف إلى جعل النذر في جمعيتنا مقصورًا على النذر المؤبد بلا تدريج إلى ثلاث سنين ومن ثم إلى ست للأسباب المذكورة أنفًا وفوضنا مسألتنا هذه إلى أحدنا المذكور لكي يعرضها على مسامع غبطته الشريفة ويلتمس لنا من عميم حلمه إجابة سؤلنا على الاقتصار على النذر المؤبد حتى إذا أنعم بالإجابة على مسامع يجعل منذ الأن فصاعدًا تقديم المبتدئ إلى إنشاء النذر المؤبد بعد مضي سنة الابتداء. هذا إذا كان المبتدئ كاهنًا وأما إذا كان من عدد تلامذة المدرسة وكان قد بلغ السنة السادسة عشرة من عمره فيكون للرئيس العام أن يؤجل تقييده بالنذر المؤبد إلى أي مرة يراها أحوط في جانب الجمعية وحالة التلميذ من حيث دعوته وسيرته إلى غير ذلك من الظروف الخصوصية. وفي العموم يرى أن الأحوط تأجيل تقييده إلى أن يكون بلغ عشرين سنة من عمره. ثم نقول أنه إذا استحسن غبطته إبقاء نذور الجمعية على ما هو عليه بلا نسخ للنذور المؤبدة إلى ثلاث سنين ثم إلى ست وانعطف خاطره إلى الأمام بالتفسيح من هذه النذور المؤقتة أي رفع الالزام بإنشائها اقتصارًا على انشاء النذور المؤبدة مدة عمر الناذر كان ذلك أصلح وأحوط في جانب الجمعية لأن التفسيح يقييل من الالزام فلا يوجب الزامًا بالعمل به. وقد ذيل قرارنا المسطور بإمضاء وختم الأب العام لزيادة التحقيق حرر في 28 شباط ثمانية وعشرين شباط 1889”.  

 أما طلب إلتماس التفسيح من النذور المؤبدة الذي رفعه الخوري يوحنا حبيب باسم آباء الجمعية للبطريرك بولس مسعد في 3 آذار من العام 1889، فهذا نصه:

“أيها الأب الأقدس،

غب لثم مواطئ الأقدام الطاهرة بغاية الاهابة والاجلال، واستمناح درر بركتكم الرسولية على الدوام، يعرض ولد غبطتكم الخوري يوحنا حبيب منشئ جمعية المرسلين اللبنانيين:

إن قانون هذه الجمعية مرسوم فيه التدريج في انشاء نذورها القانونية، وهي نذر الطاعة والفقر والعفة، أعني أن ينذرها الطالب بعد تمام سنة الابتداء، أي الإمتحان، إلى ثلاث سنين ثم بعد إلى ست، ثم بعد ينذرها، أي النذور الثلاثة، مطلقةً مؤبدة إلى انقضاء مدة عمره، كما هو مبسوط في كتاب قانون الجمعية المثبت من غبطتكم. فهذا رسم التدريج في النذور لا شك أنه كبير الفائدة، وأحسن واسطة لحفظ نظام الجمعية وصيانتها من السجس والبلابل كما لا يخفي، غير أن الاختبار أعلمنا أن النذر المؤقت أولاً إلى ثلاث سنين ثم بعد إلى ست، بحسب الرسم المذكور، غير ملائم في الحال لحالة جمعيتنا، وهي كما هي من حيث قلة عدد الذين يرغبون في دخولها وقلة ثبات من يدخلها. فان عدة كهنة دخلوها ثم عادوا وغادروها بلا عذر، بل إن كثيرين من تلاميذ مدرستها قد غادروها عند انقضاء مدة نذرهم نذورها المؤقتة، بعد أن كانوا قضوا عدة سنين فيها، وساموها نفقات باهظة. بل منهم من غادرها بعد ارتقائه درجة الكهنوت المقدسة، كما فعل في السنة الحالية الخوري بطرس سلوان، والخوري منصور الشامي[16] والخوري بولس شمعون[17]، وآخرون غيرهم من قبل حيث لم يكونوا بعد تقيدوا بالنذر المؤبد.

ومن ثم قد وقع الخوف في قلب ولدكم وفي قلوب حضرة أولادكم آباء الجمعية من أن إبقاء الرسم التدريجي المذكور يؤدي إلى انحلال الجمعية، لا سمح الله، فغب المخابرة بيننا، في هذا الأمر، اتفقت آراؤنا على عدم صلاحية النذور المؤقتة في جانب جمعيتنا، وان الأصلح والأحوط في جانبها أن يُقتصر على النذر المؤبد بلا تدريج. وكتب حضراتهم رقيمًا باسم ولدكم مؤرخًا في 28 شباط 1889 الحالية، ممضي منهم كافة يتضمن اتفاق آرائهم على المسألة المسطورة، ودونوا اتفاقهم هذا في سجل الجمعية مذيلاً بإمضاء حضرة ولدكم الأب العام لزيادة التوثيق، وعهدوا إلى ولدكم رفع المسألة إلى ساحة حلمكم، واستعطاف خاطركم الشريف بالتذلل إلى صدور أمركم الكريم بقصر رسم نذور الجمعية على النذر المؤبد مدة العمر، وذلك من باب التفسيح من النذر المؤقت، لا من باب الإلغاء للرسم التدريجي، لأن التفسيح يُقيل من الالزام ولا يوجب إلزامًا باستعماله.

وها إني مقدم الآن لديوانكم العالي سجل الجمعية المدوّن فيه اتفاق الآراء على المسألة المحررة، وعلى إلتماس التفسيح المذكور، والتفويض إلى الأب العام الحالي ومن يخلفه أن يؤجل إجابة الطالب انشاء النذر المؤبد، بعد اتمامه سنة الابتداء، أي مدة يراها الأب العام أحوَط في جانب الجمعية وحال الطالب ودعوته. هذا إذا كان الطالب أحد طلبة مدرسة الجمعية، وأما إذا كان الطالب كاهنًا فلا ينبغي تأجيل طلبه مدةٍ طويلة، بل يعامل بحسب رسوم القانون.

وأقدم لغبطتكم أيضًا الرقيم المتقدم ذكره ليتشرف بالنظر الفخيم. وبكل الوجوه الأمر لوليه. وأكرر لثم مواطئ الأقدام الطاهرة بغاية المهابة والاحترام.

في 3 آذار 1889

                                                                                       ولد غبطتكم

                                                                                         الخوري يوحنا حبيب

منشىء جمعية المرسلين اللبنانيين

ردًا على التماس أبناء الجمعية بالتفسيح المطلوب صرّح غبطة البطريرك مستجيبًا وسطّر جوابه بما يلي:

“اطلعنا على هذا المعروض المقدم لنا من حضرة ولدنا الخوري يوحنا حبيب منشىء جمعية المرسلين اللبنانيين، وعلى ما هو مدوّن في سجل هذه الجمعية بمعنى هذا المعروض، فأجبنا التماس أولادنا أبناء الجمعية بالتفسيح من رسم التدريج من النذور، على وفق مضمون هذا المعروض، وأمضيناه بسلطاننا للعمل به.

تحريرًا في 3 آذار 1889

                                                                               الحقير

بولس بطرس البطريرك الانطاكي.

بدء العمل في ضوء التطلعات الهادفة: المجمع العام الإنتخابي الأول.

بعدما كان آباء الجمعية يتبعون سياسة التوافق الأولى، إذ كانوا قد عيّنوا الخوري يوحنا حبيب المؤسس بعد ترقيه درجة الأسقفية رئيسًا عامًا عليهم؛ وبعد مرور أربعين يومًا على انتقاله إلى جوار الرب في الرابع من شهر حزيران سنة 1894، اجتمعوا في هيئة مجمع عام[18]، في أوائل شهر آب من السنة نفسها وانتخبوا الأب اسطفان قزاح رئيسًا عامًا على الجمعية. ومما ورد في سجل الرسالة اللبنانية حول هذا الموضوع ما يلي[19]: “في غرة آب سنة ألف وثمان مائة وأربع وتسعين التأم آباء الجمعية للمداولة في شؤون الجمعية وإصلاح بعض احوالها وأهم تلك الأمور كان المذاكرة في اختيار رئيس عام للجمعية خلفًا لسعيد الذكر المؤسس الذي تولى رياسة الجمعية العامة حين سيم مطرانًا. فبعد المداولة ورفع صلوات الحارة إلى الله انتخب قدس الأب اسطفان قزاح رئيسًا عامًا للجمعية وكان قد تولى هذا المنصب من أول تأسيس الجمعية في دير الكريم إلى أن سيم المؤسس السعيد الذكر مطرانًا.

 وأقر الأب يوحنا مارون فرح السبعلي[20] مشيرًا أولاً عامًا

والأب يوسف مبارك[21] مشيرًا ثانيًا عامًا على وظيفتهما. وذلك بإجماع الآباء

وأقر الأب شكر الله خوري[22] نائبًا عامًا ورئيسًا لدير الكريم كما كان.

ولما كان الانتخاب غير قانوني لقلة أصحاب الأصوات فقدم آباء الجمعية عريضة إلى غبطته السيد البطريرك يوحنا الحاج (1890-1898)[23] يلتمسون فيها من غبطته تثبيت الآباء المذكورين في وظائفهم. فأنعم غبطته بمرسوم تثبيتهم في 8 آب.

 وتنتهي مدّة وظايف هؤلاء الثلاثة في 8 أيار 1897 الوقت المعين لانعقاد المجمع العام، أما الرئيس العام ففي 8 أيار 1900″.

هذا نص المرسوم البطريركي الذي فيه يتوجه إلى الرئيس العام الجديد ليؤكد على “ما جرى بالاتفاق التام ” بين الكهنة ليؤكده ويثبته: 

“إلى حضرة ولدنا الخوري اسطفان قزاح رئيس جمعية المرسلين اللبنانيين العام الجزيل الاحترام، ولفيف كهنتها الأجلاء المحترمين،

غب اهداء البركة الرسولية ووفور الأشواق إلى استمعاع اخبار نموكم وتوفيقكم ورد إلينا معروضكم الجاري رقم 6 الجاري، الذي فيه ترفعون إلينا أنكم، بعد أن رقد بالرب سيادة المبرور الحميد الأثر المطران يوحنا حبيب مطران الناصرة، مجدد جمعيتكم المباركة ورئيسها العام. قد عقدتم مجمعًا عامًا بحسب قانون الجمعية، وأقمتم رئيسًا عامًا عليكم حضرة ولدنا الخوري اسطفان قزاح الجزيل الاحترام، ومشيرًا أولاً حضرة ولدنا الخوري يوحنا مارون، مشيرًا ثانيًا حضرة ولدنا الخوري يوسف مبارك المحترمين، وأن حضرة الرئيس العام قد أقام حضرة ولدنا الخوري شكر الله خوري نائبًا عامًا ورئيسًا لدير الكريم.

أما انتخاب الرئيس العام فإلى ست سنوات تنتهي في الثامن من شهر أيار سنة 1900، أما انتخاب المشيرين والنائب فإلى ثلاث سنين تنتهي في الثامن من شهر أيار 1897.

ولان ذلك قد جرى بالاتفاق التام. وتلتمسون اثبات ذلك وإصلاح ما قد يكون وقع من الخلل. فقد جاء ذلك تعزية كبرى لقلبنا الحزين على فقد ذاك الأخ الحميم والسند العظيم، سيادة رئيسكم السابق، وأفعم قلبنا سرورًا، وقبلناه بالرضى ودعونا لكم بمزيد التوفيق والنجاح، ولجمعيتكم العزيزة لدينا بمعظم النماء، وأثبتنا ونثبت بسلطاننا اعمال مجمعكم هذا المبارك، بعد ان أصلحنا وأكملنا بسلطاننا ما قد يكون وجد فيه من التقصير والخلل. كما اننا قد منحنا أولادنا المنتخبين كامل الإنعامات والتفويضات التي منحناها سابقًا لرئيس الجمعية ونائبه ومشيريها. هذا فيما نسأله تعالى بشفاعة محاميي الجمعية أن يسدد أعمالكم بالخير لما يعود إلى إنجاح هذه الجمعية، لتقدم إلى الطائفة المحبوبة فعلة نشيطين متقدين بنار الغيرة المقدسة التي اضرمها مخلصنا له المجد، ومنها اقتبس مجدد جمعيتكم، ونكرر اهداء حضرتكم البركة الرسولية من صميم الفؤاد.

عن بكركي في 8 آب 1894.

                                                                                         الحقير

يوحنا بطرس البطريرك الانطاكي

لدى تسلّم المجلس العام مهامه اتخذ سلسلة قرارات منها إعادة فتح مدرسة مار الياس عينطورة،

 وقد ورد في سجل الرسالة اللبنانية الأول بشأنها ما يلي: “إن جمعية المرسلين تأسست أولاً في مدرسة عينطورا وبعد انقراض المرسلين الأولين ضمّ غبطة سعيد الذكر البطريرك بولس مسعد المدرسة المذكورة وارزاقها إلى دير الكريم وأن هذه المدرسة سكنها سيادة المطران نعمة الله الدحداح (1872-1890)[24] مطران دمشق برضى مؤسس الجمعية إلى حين وفاته ثم أقفلت سنتين وفي سنة 1895 رأى الأب العام اسطفان قزاح مع مشيريه الأبوين يوحنا السبعلي ويوسف مبارك جعل المدرسة المذكورة صالحة لقبول طلبة اكليريكيين من الدارسين في الجمعية ويقبلون معهم طلبة اكليريكيين أجنبيين يتلقون اللغات الأجنبية في مدرسة عينطورا الشهيرة للآباء اللعازريين واللغتين العربية والسريانية على آباء الجمعية في مدرستنا المذكورة وقد ساعدهم على هذا المشروع ونشطهم إليه سيادة المطران الياس الحويك (1899-1931)[25] مطران عرقا والنائب البطريركي الكلي الغيرة على مصلحة الجمعية الذي يحق ان يخلد ذكره الطيب في سجل الجمعية.

ولما أكمل تهيئة المدرسة من اصلاح فتحت أبوابها لقبول الطلبة في تشرين الأول من سنة 1895 المذكورة وسلمت العناية بها إلى المشير الثاني الأب يوسف مبارك وتعين لمساعدته الأب نعمة الله الشدياق[26] من غزير.

فدخلها في السنة الأولى سبعة عشر طالب وكان بينهم واحد من الدارسين الناذرين في الجمعية وقد تعين الراتب على الطلبة الأجنبين أثني عشرة ليرة افرنسية تدفع الجمعية منها ليرتين لمدرسة الآباء العازاريين لقاء حضور الطلبة مدارس اللغات الأجنبية فيها”.

أيضًا من المقرارات الرسولية التربوية التي اتخذها الرئيس العام اسطفان قزاح ومجلس شواره بناء مدرسة خارجية قرب دير الكريم لأبناء بطحا وغوسطا المجاورتين للديروقد دوّن في سجل الجمعية ما يلي: “في سنة 1895 بنينا بيتًا قرب الدير بجانب العين الفوقا على ظهر القبو الذي كان سابقًا هناك وفي افتتاح سنة 1896 جعلناه مدرسة خارجية لأولاد غوسطا وبطحا القريتين المجاورتين الدير يتعلمون فيها مبادئ العربية والسريانية والخط والحساب وقد عينا معلمًا لهذه المدرسة حضرة الأب الخوري نصّار سلامة وكان هذا قد تلقى قسمًا من دروسه في مدرسة الجمعية ثم خرج منها وكان اسمه نعوم …أخرج من وظيفة التعليم وأقيم مكانه القس طوبيا مبارك شقيق الأب نعمة الله مبارك”.

العمل يتواصل والتطلعات تتسع آفاقها، المجمع العام الثاني.

توالت السنون وتواصل العمل إلى أن حلّ الموعد الجديد للقاء آباء الجمعية في مجمعهم الثاني، وقد عقدوه كما رسمت القوانين المثبتة من السيد البطريرك ورفعوا نتائجها إليه ليؤكد عليها، ومما دوّنوا بهذا الموضوع في سجلات يوضح سعيهم كما يلي: “لما كانت الوظايف في جمعيتنا تمتد إلى ثلاث سنوات إلاّ الرئاسة العامة والقانون يأمر بعقد مجمع عام كل ثلاث سنوات لانتخاب المشيرين العامين وتعيين بقية أصحاب الوظائف رفع قدس أبينا العام الخوري اسطفان قزاح عريضة للسيد البطريرك مار يوحنا بطرس الحاج (1890-1898) يستأذنه فيها بعقد المجمع العام وتخويل كل آباء الجمعية[27] حق الاقتراع فيه وذلك لانقضاء ثلاث سنوات بعد المجمع الأخير فورد مرسوم الجواب مؤذنًا بذلك وافتتحنا المجمع العام في أول أيار 1897 فأصابت القرعة أحدنا الأب يوسف مبارك ليكون مشيرًا أولاً للجمعية والأب يوحنا السبعلي ليكون مشيرًا ثانيًا عامًا. وقد أقر قدسة برأي مشيريه أحدنا الأب شكرالله خوري على وظيفته السابقة أي النيابة العامة ورياسته دير الكريم وعين أحدنا الأب بطرس شلالا[28] ناصحًا له ورفعت نتيجة الانتخاب إلى السيد البطريرك ليثبتها بسلطانه العام سدًا لبعض الخلل في مقتضيات المجمع العام المسبب عن قلة العدد فورد مرسوم الجواب مثبتًا ذلك جميعه”.

تابع الآباء مساعيهم في تطوير حياة الجمعية ليكون أبناؤها جاهزين لتلبية الحاجات الرسولية المستجدة، فرأى الأب العام اسطفان قزاح ومجلس شوراه حالة الجمعية الماسة إلى كهنة معلمين ورعين وذات ثقافة عالية وعارمة، وذلك ليستطيعوا القيام “بغايتها الشريفة” خير قيام، فرفعوا إلى الكردينال لودوكسكي رئيس المجمع المقدس عريضة يطلبون فيها قبول طالبين من أبناء الجمعية في مدرسة البروباغندا. اهتم نيافة الكاردينال اهتمامًا بالغًا بطلب الأب العام فكتب رسالة إلى القاصد الرسولي في سوريا كارلوس دوفال)1833-1904)[29] ليستعلم عن الجمعية وأحوالها ويوجه إليه تقريرًا مسهبًا ومفصلاً عنها. رفع الأب العام هذا التقرير إلى القاصد الرسولي والذي رفعه بدوره إلى الكردينال لودوكسكي، فبعد أن اطلع عليه كتب نيافته إلى البطريرك رسالة معربًا فيها عن مدى اهتمامه بالجمعية. جاء في هذه الرسالة[30]:

“أيها السيد الكلي الغبطة

في شهر تموز الماضي كتب إليَّ الأب المحترم اسطفان قزاح رئيس المرسلين اللبنانيين الموارنة في دير الكريم عن تأسيس الجمعية وغايتها وحالتها الحاضرة وختم كلامه راجيًا المجمع المقدس أن يلقي نظرًا رايقًا نحو جمعيتنا وأن يقبل في المدرسة المذكورة الأوروبانية التي تنشر الإيمان بعضًا من شبان جمعيته الدارسين فبعد الاستعلام الواجب وجد عرض الأب المذكور مطابقًا للواقع في كل شيء لا تجهل غبطتك ان مجمع نشر الإيمان قد نظر بعين الإعزاز إلى هذه الجمعية الجديدة التي لمرسلي الكريم التي أنشأتها الغيرة الرسولية التي للسعيد الذكر المطران يوحنا حبيب وقد أوصى بها مرارًا إلى سالفك الشهير السيد البطريرك بولس مسعد والأن قد زادتني الاستعلامات المذكورة تأكيدًا ان مشروعات كهذه تستحق تحت كل اعتبارات أن تشجع وتعضد. وهذه الجمعية قد أتت إلى الأن بنتائج حسنة مغرية. ويؤمل منها ما هو أعظم من ذلك إذا استطاعت أن تتوسع وتنمو بالروح الذي يحييها من زمان نشأتها وذلك لأن هؤلاء المرسلين المعدين للعيشة الرسولية التي يعضدها الدرس والتأمل هم أكثر ملامة من الجمعيات الرهبانية لاحتياجات العصر وأقوى على عمل الخير في طائفتهم وعليه فمن المرغوب أن تقام مثل هذه التأسيسات في بقية الطوائف الكاثوليكية الشرقية على اختلاف طقوسها لأنها تعاون ليس بقليل عن ارجاع اخوتهم المنفصلين وتصبح في زمان قليل نبع جدة ونهضة لكل من هذه الطوايف.  

ولكن لنرجع إلى جمعية الكريم فأرى من الموافق المفيد أن أوضح لغبطتك ما هو على حسب رأي قادر أن يعاون على تحسين حالها بمساعدة غبطتك بالاتفاق مع نيافة القاصد الرسولي في سوريا الجدير بالاعتبار.

أولاً: يلوح لي أنه من الحسن درس القوانين التي تأسس بموجبها هذه الجمعية وفحصها بتدقيق وتنقيحها فيا لو اقتضت الحاجة وأن تعطى صورة نهائية مع تثبيت المجمع المقدس أو تثبيت جديد من غبطتك إذا اقتضى تنقيحات جوهرية كما فعل سابقًا غبطة البطريرك مسعد على ما كتب إليّ.

ثانيًا: يجب الانتباه إلى أن التربية الكنائسية عند هؤلاء ينقصها الوحدة وذلك لأن رؤساء الكريم يسعون لغيرتهم الممدوحة أن يربوا تلامذتهم عند جمعيات مختلفة في أوروبا فتهذب منهم اثنان مثلاً عند آباء المرسلين الأفريقيين في ليون ويوجد منهم ثالث الآن في باريس والرابع يدرس عند الآباء الصعوديين في كلارماره ويريدون أن يعلموا اثنين على القليل في المدرسة الأوروبانية التي تنشر الايمان فنوع هذه التربية الكثيرة المختلفة يبان لي غير صوابي لأن كلامه هؤلاء المرسلين متى رجع من أوروبا إلى الكريم يرغب تعزيز روح المدرسة التي تربى بها وهذا يولد بسهولة في تلك الجمعية الاختلافات والانقسامات الغير المرضية وذلك يصبح بذار انحلال يجب حسمه بأسرع ما يمكن فأحسن واسطة إذا للحصول على وحدة التربية الرهبانية يبان لي أن يعطى لهذه الجمعية واحد أو أثنان من المعلمين الماهرين يدرّسون طلبتها الفلسفة واللاهوت بحيث يجعلون منهم بعض معلمين قادرين ان يقوموا مقامهم في المستقبل فإذا كان عند غبطتك بعض في لبنان أهل لذلك كبعض الطلبة مدرسة البروياغندا النابغين مثلاً فيمكنك أن تستخدمهم لهذا العمل وإذا لم يكن لديك من يرغب هذه المهنة الشريفة ذات الأجر فيمكنك أن تستدعي من أوروبا وترسلهم ليعلموهم هناك فالتربية العلمية والدينية إذا بوشرت هناك أي في نفس الجمعية هي أفضل من التي يتلقاها شبان المرسلين في أوروبا فالاختبار يحقق أن الشبان الشرقيين إذا تربوا في أوروبا ينقلون معهم مشارب وعوايد تصيرهم غير قادرين بسهولة على القيام بوظيفتهم المقدسة في المزارع والقرى الفقيرة فمرسلون الكريم المندوبون إلى نوع من الرسالة يتطلب الكفر بالذات واحتمال الأتعاب القوية وشظف المعيشة فيوافق ان يتربوا في وطنهم وقد علمت من الاستعلامات المذكورة أن مداخيل الكريم المتأتية من الأملاك ومن اسعاف جمعية المدارس الشرقية وحسنة القداسات هي خمسة عشر ألف فرنك غير كافية للقيام بأود خمسة وأربعين شخصًا يتألف منهم تقريبًا في الحال دير الكريم ومدرستهم في عينطورا ولهذا فهم في حاجة إلى المساعدة وخصوصًا لاضطرارهم إلى توسيع المحل بسبب زيادة عددهم فالرهبانيات الموارنة وخصوصًا الرهبنة البلدية التي هي غنية تأتي عملا ذا ثوب عظيم إذا كانت تساعد بما يزيد في مداخيلها هذه الجمعية المفيدة في الغاية لخير الكنيسة الروحي فاستدعى إذا غيرة غبطتك الراغبة جدًا في إنماء الخير الأعظم لطائفتك الشريفة ولكنيستك الشهيرة كي تنظر إذا كانت تروق لديك هذه الأفكار وتريد ويمكنك المساعدة الفعالة على عمل مشابه لأفكار المجمع المقدس هذه، وإذا كان الأمر بالإيجاب أيمكنك أن تبين لي الأفكار والاهتمامات التي ترى وجوب اتخاذها في هذا الشأن. وإلى أن يتسنى لغبطتك الافكار بذلك مليًا أسأل الرب أن يحفظك وينجح مساعيك”.  

خادم غبطتكم

لودوكسكي رئيس المجمع.

بعد التداول مع مشيريه رأى السيد البطريرك معهم أنه لا يلائم تكليف الرهبنات اللبنانية أن تساعد الجمعية في ماديتها ولا يتسنى استخدام أساتذة أجنبين في مدرسة الجمعية، فكتب البطريرك إلى رئيس المجمع بشأن ذلك وسأله أن يقبل بعض تلامذة من الجمعية في المدرسة الأوربانية؛ أجاب رئيس المجمع بأنه رضي بذلك وطلب أن يراجع هذا الأمر عند نهاية السنة الدراسية لكي يتسنى له تأمين أماكن شاغرة لأجل الطلاب المذكورين؛ فكتب الرئيس العام إلى رئيس المجمع عريضة هذا مفادها[31]:

“أيها السيد الكلي السمو،

إن اهتمامك بما رفعته إلى مقامك في السنة الماضية من الالتماس قد كان له أجمل وقع في قلوب المرسلين اللبنانيين أبناء جمعيتنا، فنيافة القاصد الرسولي بكل استيهال فيما بيننا قد اطلعنا على ما رآه نيافتكم مفيدًا لنمو جمعيتنا ومثله غبطة البطريرك فتوسمنا من وراء عنايتكم مستقبلاً حسنًا لهذه الجمعية وسنهتم أن نجري بالفعل ما أبديتم من الممثل الكرسي الرسولي الملاحظات، وأن غبطة السيد البطريرك قد أعلمنا ان نيافتكم تنازلتم في كتابكم إليه بتاريخ 24 تموز فانعمتم بقبول اثنين من اخوة جمعيتنا الدارسين بين تلامذة المدرسة الأوروبية وأمرتم أن نراجعكم في هذه المسألة إبان توزيع الكراسي الفارغة في المدرسة المذكورة لتعينوا لنا كرسيين من الكراسي التي تفرغ في بحر هذه السنة حيث لا يوجد محلات يمكن تخصيصنا بها. ومن حيث أن السنة المدرسية قد أوشكت أن تبتدئ فقد جئت قارعًا باب حلمكم مرة ثانية خشية أن تنسيكم إيانا أشغالكم الكثيرة فتضيع علينا هذه الفرصة السعيدة ولي الأمل الوطيد في أن لا يرد طلبي هذا. وبما أن الجهل هو أكبر آفات المشرق فعسى الله يعضد مساعينا ويعاون على تربية عدة من المرسلين المتفقهين يحافظون على سلامة وصيانة الايمان في قلوب أبناء طائفتنا المواصلة التمسك بالدين الكاثوليكي فتتنازل أيها السيد الكلي السمو.

ولد نيافتكم الخوري اسطفان

                                                                                            قزاح أب عام المرسلين

                                                                                           اللبنانيين الموارنة”    

فأجاب نيافته على هذه العريضة بأنه قبل تلميذًا للجمعية في المدرسة الأوروبية بحيث لا يوجد إلاّ كرسي فارغ واحد ووعد بقبول تلميذ آخر متى تيّسر ذلك. فعين الرئيس العام مع مشيريه شكر الله مبارك[32] من رشميا للالتحاق بالمدرسة المذكورة وذلك بتاريخ 25 تشرين الأول من سنة 1898.

خاتمة

إن مسار التاريخ يبدأ في نقطة ويذهب إلى أكثر من محطة، وعندما تتداخل فيه نعمة الله وعمل الانسان لا يعود يقاس بالزمن، إنما يصبح سلسلة أحداث تبنى عليها مسيرة الحياة، ويمتلئ منها الوقت. فاذا توقفت حقبة تاريخية، تكون انتهت بأحداثها إلاّ أنها بمعناها قد جهزت الطريق لغيرها التابعة لها، حتى يتواصل الزمن وتتوالى الأحداث ويستمر التاريخ. لذا أتوقف في مقالي هذا عند هذا الحدّ، لأتابع المسيرة في مقال آخر تابع في قراءة خيارات الجمعية في مسيرة مجامعها العامة.                                                                                                       (تابع)


[1]  هو دير الأم الذي شهد ولادة جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، وهو على اسم المخلص، أوقفه الشيخ أبي نادر ضاهر الخازن للرهبنة الأرمنية الأنطونية، فسكنه الرهبان لفترة من الزمن. ولما هجروه سعوا لبيعه فاشتراه الخوري يوحنا حبيب مع جميع الأملاك المحيطة به في 18 شباط 1865، وفي غضون الشهر التالي، وقف الدير وما يتبعه، فضلاً عن عقارات أخرى كان قد اشتراها في الجرد والساحل، وقفًا مؤبدًا لجمعية المرسلين، وحرّر ذلك في 13 آذار 1866.

بعد أن أوقف الدير بادر لترميمه وزيادة البناء والتجهيز الكامل ليستقطب المرسلين الأولين، الآباء الباكورة، الخميرة التي سوف تخمّر وتطعّم أبناء الكريم بطعم ونفسٍ روحيٍّ خاص.

السمط الحبيب، (وهي عبارة عن مجموعة وثائق تاريخية ومراسلات خاصة بالمطران يوحنا حبيب، وبجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة عنيّ بجمعها وتدوينها ونسخها الأب يوحنا مارون فرح السبعلي، وهي تقع في خمسة مجلدات)، أرشيف جمعية المرسلين، المجلد 1 عدد 158؛ مجلد 2 عدد 282، 407-408، 420، 424، 435-436، 440. 

العنداري، الأبوين يوسف ويوحنا، المطران يوحنا حبيب، جونيه، 1980. ص 140-165.

العنداري، الأب يوحنا، كريم الحبيب، منشورات الرسل، جونيه، 1994. ص 23-24.

الخويري، أنطوان بطرس، تاريخ غوسطا الديني والحضاري والاجتماعي، دار الأبجدية – صربا، 2005. ص 209-218.

[2]  ولد عساف بن الحاج عبد الله قزاح في بكفيا سنة 1819، تتلمذ على يد الرهبان اليسوعيين وعمل في ديرهم معلمًا للأحداث مدة 12 سنة، ثم انتقل طلبًا للكهنوت في مدرسة مار عبدا هرهريا سنة 1848، وقبل الدرجات الصغرى ودرجة الشماسية في تموز 1854، واتّخذ اسم اسطفان.

سيم كاهنًا في 10 كانون الأول 1854، دخل الكريم في 13 آذار 1866، وتولى رئاسة الجمعية من سنة 1867-1890، ومن سنة 1894 ولغاية تاريخ وفاته في 18 كانون الأول 1897. حرفوش، الأب إبراهيم، “قدوة الصلاح في ترجمة الخوري اسطفان قزاح، المطبعة البولسية، حريصا 1915. العنداري، الأبوين يوسف ويوحنا، أسماء في السماء، المطبعة الكاثوليكية بيروت، 1993. ص 43-64.

[3] ولد في سهيله – كسروان في أوائل شباط 1828، وتلقى علومه في مدرسة مار عبدا هرهريا، حيث سيم كاهنًا في 5 آب 1855. دخل الكريم مع الأب اسطفان قزاح والأب يوسف العلم في 13 آذار1866، ترك الجمعية في 27 أيار 1882، سيم أسقفًا على حلب في 25 كانون الأول 1892 متّخذًا اسم جرمانوس. توفي في جونيه في 8 كانون الأول 1895، ودُفن داخل كنيسة سهيله. غانم، يوسف خطار، برنامج أخوية مار مارون، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1903. ص 219-228. العنداري، الأبوين يوسف ويوحنا، المطران يوحنا حبيب…، ص 263-271.

[4]  ولد في داريا – الزاوية، دخل الكريم في 13 آذار 1866، ترك الجمعية في 4 شباط 1881.

[5]   ولد بولس مسعد ابن مبارك مسعد في عشقوت عام 1806، تلقى العلوم الابتدائية في مدرسة مار الياس عينطورة في كسروان، ثم التحق بمدرسة عين ورقة وفيها درس العربية والسريانية والإيطالية واللاتينية إلى جانب العلوم اللاهوتية، ولتفوقه في الدراسة أوفده البطريرك يوسف حبيش إلى روما لاستكمال دروسه اللاهوتية في مدرسة مجمع نشر الإيمان التي يديرها الكرسي الرسولي، وفيها أتمّ دروسه الفلسفية واللاهوتية. سيم فيها كاهنًا عام 1830.  بعد عودته إلى لبنان، عينه البطريرك يوسف حبيش أمينًا لسره ورقي لدرجة الأسقفية في 28 مارس 1841 بمنصب مطران طرسوس شرفًا ونائبًا بطريركيًا للشؤون الروحيّة.

بعد وفاة البطريرك الخازن، التأم مجمع الأساقفة في بكركي وانتخب المطران بولس مسعد بالإجماع بطريركًا، بطريركًا للطائفة المارونية.  شهدت حبريته العديد من الأحداث التاريخية الهامة والبارزة منها: قيام متصرفية جبل لبنان، والفتنة بين الموارنة والدروز عام 1860، كما قام بزيارة الآستانة فيكون بذلك أول بطريرك ماروني يزور الآستانة عاصمة الدولة العثمانية ويجري أول لقاء مع سلطان العثماني، ولكن قبل زيارته الباب العالي كان البطريرك مسعد قد توجه إلى أوروبا بحيث زار فرنسا وحظيّ بمقابلة قداسة البابا وهي أيضًا الزيارة الأولى لبطريرك ماروني لروما منذ القرن الثالث عشر. وكان من ضمن الحاشية التي رافقته بزيارته لروما وفرنسا والآستانة الخوري يوحنا الحبيب مؤسس جمعية المرسلين.

وفي 18 نيسان من العام 1890 توفي البطريرك بولس مسعد وله من العمر نحو خمسة وثمانين عاما، في بكركي ودفن في كنيسة مدرسة القديسين بطرس وبولس في عشقوت بناء لوصيته.

غانم، يوسف خطار، برنامج أخوية القديس مارون…، ص 7-25.الدبس، المطران يوسف، الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل، دار المشرق، بيروت، 1905. ص 551-566. فهد، الأباتي بطرس، بطاركة الموارنة وأساقفتهم، القرن التاسع عشر، لحد خاطر، 1986. ص 7-255.

[6]  هي مدرسة مار الياس عينطورة، تقع على رابية مشرفة على مدرسة مار يوسف التابعة للآباء اللعازاريين. شيّد مدرسة مار الياس الأب بطرس مبارك اليسوعي على أن تكون المدرسة الإكليريكية التمهيدية للمدرسة المارونية في روما، وفيها جرت ثلاثة محاولات من أجل تأسيس جمعية مرسلين مارونية على غرار الجمعيات الرسولية الأجنبية. ولمزيدٍ من المعلومات حول هذه المدرسة راجع: الجميل، الخوري ناصر، قوانين ووثائق تربوية المدارس الاكليريكية المارونية، سلسة وثائق منسية (3)، بيروت، 2009. ص 79-81.

[7]  من يحشوش، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في كانون الأول 1866 وبعد عام من غادرها. العنداري، الأب يوحنا، المطران يوحنا حبيب…، 232-233.

[8]  أبصر يوسف عطيه النور في بلدة دبل الجنوبية، دخل دير الكريم في صيف 1866، رقد برائحة القداسة في 1884. ولمزيد من المعلومات حول سيرته راجع:  حرفوش، الأب إبراهيم، الثمرة المجنية، المنارة 11(1940)، ص 83-90 . الهاشم، إبراهيم، الخوري يوسف عطيه الصوري في الذكرى المئوية الأولى لوفاته، المنارة (1984)، ص 509-522.العنداري، الأبوين يوسف ويوحنا، أسماء في السماء…، ص 75-81.

[9]  الخوري يوسف الرزي الثاني من كفرياشيت، دخل جمعية المرسلين في صيف 1866، وتركها عام 1873. الأب يوحنا، المطران يوحنا حبيب…، 232-233.

[10]  الخوري يوحنا الاسلمبولي من حياطة دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة. رقد على رجاء القيامة في 1870. ولمزيدٍ من المعلومات حول سيرته راجع: حرفوش، الأب إبراهيم، الثمرة المجنية من تاريخ تأسيس جمعية الرسالة اللبنانية المارونية، مجلة المنارة 11 (1940) ص 76-83

العنداري، الأبوين يوسف ويوحنا، أسماء في السماء …، ص 65-70.

[11]  سجل الرسالة اللبنانية الأول عنيَّ بتدوينه الخوري يوحنا حبيب، محفوظات جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة.

[12]  السبعلي، الأب يوحنا، السمط الحبيب، مجلد الثاني، عدد 470. أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة.

[13]  ولد عام 1787 في ساحل علما – كسروان، تلقى علومه الابتدائية في مدرسة عين ورقة اللاهوتية وتابع في دراسة الفلسفة واللاهوت وأجاد العربية والسريانية والإيطالية واللاتينية، وعرف عنه النبوغ في تلقي العلوم، فسيم كاهنًا عام 1814 قبل أن يتجاوز الثلاثين، وعند سيامته الكهنوتية قام بتغيير اسمه من يعقوب حبيش إلى يوسف. رقاه البطريرك يوحنا الحلو إلى درجة الأسقفية وعيّن رئيسًا لأساقفة طرابلس عام 1820.

على اثر وفاة البطريرك يوحنا بطرس الحلو في 12 أيار 1823 اجتمع الأساقفة الموارنة في 25 أيار وانتخبوه بطريركًا، ونال درع التثبيت من البابا ليون الثاني عشر في 3 أيار1824. وقد حدثت في عهده فتنة 1840 بين الموارنة والدروز ولكنها ما لبثت أن تجددت في أواخر أيامه عام 1845، توّج عهده بافتتاح سلسلة من المدارس والكنائس وتأسيس عدد من الجمعيات والرهبنات، ونقل المقر البطريركي من وادي قنوبين إلى بكركي.

ان بطريركيته كانت مسيرة “نضال” في سبيل المحافظة على حقوق الكنيسة من الحكام المدنيين ومداخلات الموفدين البابويين ومن عمل المرسلين، كما وأنه سعى لتحقيق التقدم الروحي والعلمي والاجتماعي من خلال نشر التعليم بين الكهنة والرعايا وتنفيذ مقررات المجمع اللبناني وتنظيم إدارة الكنيسة على أسس حديثة.

توفي في 23 أيار 1845 في الديمان”، وقد دفن في دير الديمان الذي أشرف على بنائه.

لمزيدٍ من المعلومات حول سيرته راجع: الدبس، المطران يوسف، الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل، بيروت، 1905. ص 547. نعمان الأباتي بولس، البطريرك يوسف حبيش وموقفه من البيبلشيين، منشورات معهد التاريخ في جامعة الروح القدس الكسليك، 1982. بازيلي، قسطنطين، تاريخ سورية وفلسطين في العهد العثماني، دار التقدم، موسكو، 1989. ص 310-328. فهد، الأباتي بطرس، بطاركة الموارنة وأساقفتهم القرن التاسع عشر، دار لحد خاطر، بيروت، 1986. ص 193-305. 

[14]  الآباء المجتمعون: الأب اسطفان قزاح، الخوري يوحنا حبيب، الأب يوسف عطيه، الأب نعمة الله سلوان، الأب يوسف البستاني، الأب بطرس سلوان، الأب بولس شمعون.

[15]  سجل الرسالة اللبنانية الأول، ص 11 عدد 17، أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة.

[16]  الخوري منصور إبراهيم الشامي من دلبتا، دخل مدرسة الكريم في 30 نيسان 1879، وهو من أول طلاب الجمعية الذين ارتادوا الجامعات الغربية (ليون)، سيم كاهنًا في 8 كانون الأول 1886، ترك الجمعية عام 1888. العنداري، الأب يوحنا، المطران يوحنا حبيب…، ص 306-308

[17]  الخوري بولس شمعون من دير القمر، دخل دير الكريم في مدرسة الكريم بصفة طالب باسم جرجس في 20 نيسان 1878، سيم كاهنًا في 10 نيسان 1882، ترك الجمعية عام 1888.  المرجع السابق، ص 300-306.

 [18]  آباء المجمع هم: الأب اسطفان قزاح، الأب بولس العاقوري، الأب شكر الله خوري، الأب نعمة الله الشدياق، الأب يوسف مبارك، الأب يوحنا مارون السبعلي، الأب يوحنا غصن، والأب بطرس شلالا.

[19]  “سجل الرسالة اللبنانية الأول” أرشيف جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، ص 14، عدد77.

[20]  ولد في سبعل في 23 نيسان 1860، تعلم القراءة ومبادئ اللغة العربية والسريانية في مسقط رأسه، قُبل في مدرسة ريفون حيث مكث ست سنوات (1877-1883)، سيم كاهنٍ بعدها في 5 نيسان 1883. دخل جمعية المرسلين في 16 كانون الأول 1883، وأبرز نذوره الأولى في 2 شباط 1885، ونذره الدائم في 9 شباط 1888. أقترن اسمه بالغيرة الرسولية والتجرد الكامل والسعة بالمعرفة. قضى أيامه الأخيرة في دير مار يوحنا جونيه، إلى أن توفاه الله في دار يسوع الملك، في 8 كانون الثاني 1943، ودُفن في دير الكريم. العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء ….، ص 211-220.

[21]  هو رشيد بن باخوص ابن الخوري جبرايل مبارك، ولد في ريفون في 2 تموز 1866. تلقى في مدرسة عائلته، مار سركيس وباخوس ريفون، مبادئ اللغة العربية وعلم الحساب والمنطق. وأتيح له أثناء الدراسة التعرف إلى الخوري اسطفان قزاح، دخل دير الكريم في 6 تشرين الأول 1883. نذر نذوره الأولى في 9 شباط 1886 وتخلى عن اسمه الأول واختار ان يدعى يوسف. سيم كاهنًا في 4 آب 1887. وأبرز نذوره الدائمة في 18 نيسان 1889. انتخب رئيسًا عامًا 1898-1903؛ ومن العام 1906 -1929. توفي في 29 أيار 1929 ودفن في دير الكريم. العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء…، ص 151-168.

[22]  ولد شكري في بكاسين التابعة لقضاء جزين في 15 شباط 1863، دخل جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة في 27 تشرين الثاني 1877، سافر إلى فرنسا وتلقى علومه في جامعة ليون، وهو من المرسلين الأوائل الذين ارتادوا جامعة في أوروبا. سيم كاهنًا في 8 كانون الأول 1886، أبرز نذوره الدائمة في 18 نيسان 1889، انتخب رئيسًا عامًا وامتدت ولايته من العام 1903 إلى العام 1906. رقيَّ إلى درجة الأسقفية في 14 نيسان 1906 على أبرشية صور المارونية. توفي صباح الأحد 11 شباط 1934. وعملاً بوصيته نقل إلى دير الكريم ليدفن في كنيسته. العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء…،ص 173-186.

[23]  وهو ابن الخوري يعقوب الحاج، ولد في دلبتا عام 1818، ودخل مدرسة عين ورقة عام 1830، وأتقن فيها اللغات السريانية والعربية واللاتينية والايطالية، ثم العلوم الرياضية والفلسفية واللاهوتية. وقد رقّي الى درجة الكهنوت عام 1839 وأتقن علم الفقه، وتولّى القضاء الكنسي عام 1844. وفي 13 تشرين الاول من العام 1855 تولّى قضاء قائمقامية النصارى خلفًا للخوري يوحنا حبيب. وإثر أحداث عام 1860 رفض التوقيع على صك الصلح على طريقة عفا الله عما مضى بالرغم من التهديد والوعيد. وفي 15 آب من العام 1861 رقّاه البطريرك بولس مسعد الى أسقفية بعلبك خلفًا للمطران أنطوان الخازن، فسكن في دير سيدة الحقلة ودير بقلوش.

ولما لم يكن لأبرشيته مركز رسمي، اشترى دار الشيخ قعدان الخازن في عرمون وبنى كرسيه فيها. وفي 28 نيسان من العام 1890 انتخب المطران يوحنا الحاج بطريركًا خلفًا للبطريرك مسعد. وفي 26 كانون الاول من العام 1898، توفي ودفن في بكركي.

حرفوش، الأب إبراهيم، دلائل العناية الصمدانية، جونيه، 1934. ص 122-163و263-266. الدبس، المطران يوسف، الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل، دار لحد خاطر، بيروت 1987. 367 -369. فهد، الأباتي بطرس، بطاركة الموارنة وأساقفتهم القرن التاسع عشر…،ص 261-317. الملاح، عبد الله، ورزق الله شارل، الخوري منصور الحتوني، كتاب سجل كنيسة مار يعقوب المقطع قي قرية دلبتا وأوقافها،2001. ضو، الأب أنطوان، البطاركة الموارنة، مطابع الكريم الحديثة، 2014. ص 71-103.

[24] المطران نعمة الله الدحداح، شقيق الكونت رشيد الدحداح صديق المطران يوحنا حبيب والمحسن إلى جمعية المرسلين، سيم أسقفًا على أبرشية دمشق في 11 شباط من العام 1872، اتّخذ من مدرسة مار الياس عينطورة التابعة للجمعية مقرًا موقتًا لأسقفيته، ريثما يتم بناء كرسي للأبرشية. تسلّم المطران نعمة الله الدحداح المدرسة سنة 1873، وأقام فيها وجعلها مدرسة إكليريكية لأبرشيته. غانم، يوسف خطار، برنامج أخوية القديس مارون، ص 164-171. العنداري، الأب يوحنا، المطران يوحنا حبيب…، ص 160

[25]  أبصر النور في أوائل كانون الأول سنة 1843. وفي عام 1859، دخل مدرسة الآباء اليسوعيين في غزير، وانتظم في سلك تلامذتها سبع سنين. وبعد ذلك أرسله البطريرك بولس مسعد (1845-1890) إلى مدرسة نشر الايمان المقدّس في روميه حيث أكمل دروسه العليا. سيم قارئًا وشمعدانيًا في 4 نيسان1869، ثم شدياقًا وشماسًا في 4 حزيران 1870. وفي 5 حزيران رقّاه المطران يوسف جعجع (1808-1882) إلى درجة الكهنوت المقدسة في روميه، وعاد إلى الوطن في 9 آب حيث علّم مدة سنتين في مدرسة مار يوحنا مارون – كفرحي.

استدعاه البطريرك بولس مسعد في عام 1872، ليكون كاتمًا لأسراره، ومحاميًا لدعاوى الزواج في المحكمة البطريركية. وفي الرابع من كانون الأول سنة 1889، سيم الخوري الياس الحويك أسقفًا على مطرانية عرقة. انتدبه البطريرك يوحنا الحاج (1890-1898)، إثر انتخابه في 28 نيسان 1890، لزيارة الأعتاب الرسولية، ليحصل له على درع التثبيت. وفي اوائل كانون الثاني من العام 1899، رُقيَّ المطران الياس الحويك إلى السدة البطريركية.

أثناء الحرب العالمية الأولى، طلب غبطته من جميع الكهنة ورؤساء الأديار والأوقاف رهن الأراضي أو بيعها في سبيل سدّ عوز المحتاجين. وفي عام 1919، ترأس الوفد الثاني لمؤتمر الصلح المنعقد في باريس، وطالب باستقلال لبنان، وإعادته إلى حدوده الطبيعية، وتقديم التعويضات والمساعدات لإعادة إعماره. وفي اوائل ايلول 1920، أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير بحضور غبطة البطريرك الياس الحويك والشيخ مصطفى جحا مفتي بيروت. توفي البطريرك الياس الحويك في 24 كانون الأول 1931.    لمزيد من المعلومات حول سيرة هذا البطريرك راجع: غانم، يوسف خطار، برنامج أخوية القديس مارون، ص 10-23؛ العنداري، الأب نعمة الله، “حياة رجل العظائم”،  في المنارة 1( 1930) ص 3 – 20؛ حرفوش، الأب ابراهيم ، تلامذة المدرسة المارونية القديمة، في المنارة 9( 1938) ص 165-166؛ داغر، الخوراسقف يوسف، بطاركة الموارنة، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1958. ص 109-121؛ فهد، الاباتي بطرس، بطاركة الموارنة واساقفتهم -القرن 19، ج1، دار لحد خاطر، 1986. ص 384-385؛ فهد، الاباتي بطرس، بطاركة الموارنة واساقفتهم -القرن 20، دار لحد خاطر، بيروت، 1987. ص 7-197؛ القطار، الياس، تاريخ وطني وتطلعات، في المنارة (1995) 1-2، ص 81-86.

[26]  دخل جبرايل الشدياق مدرسة دير الكريم غوسطا في 20 آب 1883، اتخذ اسم نعمة الله وسيم كاهنًا في 9 شباط 1893، ترك جمعية المرسلين في 7 آب 1912.العنداري، الأب يوحنا، المطران يوحنا حبيب…، ص 232-233.

[27]  اشترك في هذا المجمع آباء الجمعية: الأب اسطفان قزاح، الأب يوحنا مارون السبعلي، الأب شكر الله خوري، الأب نعمة الله الشدياق، الأب يوسف مبارك، الأب يوحنا غصن، الأب بطرس شلالا، الأب بولس العاقوري.

[28]  يوسف شلالا أبصر النور في بلدة غزير وما لبث أن دخل مدرسة دير الكريم غوسطا، سيم كاهنًا في 9 شباط 1893 متخليًا عن اسمه ومتخذًا إسم بطرس، ترك جمعية المرسلين عام 1895. العنداري، الأبوين يوسف ويوحنا، المطران يوحنا حبيب…، ص231.

[29]  فرنسي الجنسية ودومنيكاني، ولد في فرنسا في السابع عشر من آب 1833، سيم أسقفًا فخريًا على البتراء (الأردن) في 29 تشرين الثاني 1895، وتسلم القصادة في السنة التالية(1896) وبقي حتى غادر هذه الفانية في 31 تموز 1904. ودفن في بيروت. ومن أبرز أعماله أنه ساهم بالاتفاق مع البطريرك الياس الحويك (1932-1955) في شراء أرض وبناء مزار سيدة لبنان – حريصا. لذا نقلت رفاته إلى هذا المعبد في 21 تشرين الثاني عام 1907، وقد حفظت حتى اليوم على الحائط الغربي للمعبد بلاطة رخامية دون عليها باللغة اللاتينية تذكار هذا الحدث. لمزيد من المعلومات راجع: اده، الأب أميل، مزار سيدة لبنان أثر وطني وديني خالد، مطابع الكريم الحديثة، جونيه 2003. أبرص، المطران ميخائيل، طوروسيان، آني، السفارة البابوية في لبنان، لبنان، 2011. ص 39.

[30]  سجل الرسالة اللبنانية الأول، عدد 89 ص 39.

[31]  سجل الرسالة اللبنانية الأول، عدد 89 ص 40.

[32]  أبصر النور في 9 آذار 1879 في رشميا قضاء عاليه، تلقى دروسه الأولى في مدرسة البلدة، دخل جمعية المرسلين في 21 تشرين الأول 1895، وأبرز نذوره الدائمة في 25 كانون الأول 1896، سافر إلى روما في 25 نيسان 1898 حيث دخل مدرسة البروبغندا وأمضى فيها ثماني سنوات، أحرز في نهايتها ارفع الشهادات الفلسفة واللاهوت. سيم كاهنًا في 14 نيسان 1906. توفي في 26 تموز 1944.

العنداري، الأبوان يوحنا ويوسف، أسماء في السماء، ص 235-242.

Scroll to Top