Almanara Magazine

المؤتمر الصحفي الاب علوان

مسيرة السينودس، المحطات الرئيسة، وآليات العمل للكنائس الشرقية

قدس الأب خليل علوان، م.ل.، أمين عام مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك

مقدمة

في تشرين الاول من العام 2015، أعرب قداسة البابا فرنسيس، خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة، عن رغبته في عقد سينودس يكون بمثابة مسيرة مشتركة «للعلمانيين والرعاة وأسقف روما».

دواعي انعقاد السينودس

إنّ المآسي العالمية المتكررة مثل وباء كورونا، والتغيّر المناخي، والهجرة القصرية للعديد من الشعوب نتيجة الحروب والفقر والتطرّف العرقي والديني «أدّت- كما يقول قداسته- إلى زيادة الوعي، بأنّنا مجتمع عالميّ يُبحر في القارب نفسه، حيث إنّ شرّ الفرد يُلحق الأذى بالجميع: لنتذكّر أن لا أحد ينجو بمفرده، يمكننا فقط أن نخلص معًا»[1]. ويقول في احدى رسائله أنه «لا يمكننا أن نخفي حقيقة أنّ الكنيسة نفسها يجب أن تواجه غياب الإيمان والفساد في داخلها أيضًا. لا يمكننا على وجه الخصوص أن ننسى المعاناة التي عاشها القُصَّر والأشخاص الضعفاء نتيجة الاعتداءات الجنسيّة واساءة استعمال السلطة والضمير التي ارتكبها عدد كبير من الإكليروس والأشخاص المكرّسين»[2].

كل هذه الاسباب وغيرها دفعت بالكرسي الرسولي، وللمرة الاولى في تاريخ الكنيسة، الى الاعلان عن مسيرة سينودسية تتميّز بـ«اللامركزية» ويشارك فيها جميع الكنائس المحلية وجميع المعمدين في العالم، سواء كانوا ممارسين أو غير ممارسين، ملتزمين أو مهمشين أو لا مبالين.

موضوع السينودس

في نيسان 2021، أعلن البابا فرنسيس عن مسيرة مجمعية، هي الجمعيّة العادية السّادسة عشرة لمجمع الأساقفة، بعنوان: «نحو كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة». السينودس هو السير معًا ككنيسة «عن طريق الإصغاء، كشعب الله بأكمله، إلى ما يقوله الروح القدس للكنيسة…  من خلال الإصغاء معًا إلى كلمة الله في الكتاب المقدّس والتعاليم الحيّة للكنيسة، وأيضًا من خلال الاستماع إلى بعضنا البعض، وخاصّة لأولئك المهمّشين، وتمييز علامات الأزمنة»[3].

محاور المسيرة السينودسية

أما مضمون الاسئلة المطلوب من كل كنيسة الاجابة عليها فتتمحور في عشرة مواضيع أساسية، وهي :

أوّلا: الانتماء إلى كنيستنا ومجتمعاتنا. من هم رفقاؤنا على الطرق نفسه ومن هي المجموعات المهمّشة،

ثانيًا: الإصغاء بعيدًا عن الأحكام المسبقة. لمن تدين كنستنا «بالإصغاء»؟ كيف يتحقّق الاستماع إلى العَلمانيّين، وخاصّة الشباب والنساء؟ كيف ندمج مساهمة المكرّسين والمكرّسات؟

ثالثا: التحدّث بشجاعة وصراحة في كنائسنا ومجتمعاتنا. كيف تسير العلاقة مع شبكة وسائل الإعلام (وليس فقط الكاثوليكيّة منها)؟ من يتحدّث باسم الجماعة المسيحيّة وكيف يُختار؟

رابعًا: الاحتفالات الليتورجية وتعزّيز المشاركة الفعّالة فيها لجميع المؤمنين،

خامسًا: المسؤوليّة المشتركة في رسالة الكنيسة. كيف تدعم الكنيسة أفرادها العاملين في خدمة المجتمع (الالتزام الاجتماعيّ والسياسيّ، والبحث العلميّ والتدريس، وتعزيز العدالة الاجتماعيّة وحماية حقوق الإنسان، وما إلى ذلك)؟

سادسًا: الحوار في الكنيسة والمجتمع وتعزيز التعاون مع الأبرشيات المجاورة، ومع الجماعات الدينيّة الموجودة في المنطقة،

سابعًا: الحوار مع الطوائف المسيحيّة الأخرى، المتّحدين بمعموديّة واحدة. وكيف يمكننا أن «نسير معًا»؟

ثامنًا: ممارسة السلطة داخل كنائسنا، وكيفية تعزيز الخِدمات العلمانيّة وتولّي المسؤوليّة من جانب المؤمنين؟

 تاسعًا: التمييز واتّخاذ القرار، وتعزيز الشفافية والمساءلة والمشاركة في صنع القرار داخل كنائسنا،

عاشرًا: التنشئة على السينودُسيّة، لتصبح مبدأ تربويًّا لتنشئة الإنسان والمسيحيّ والعائلات والجماعات.

روزنامة المسيرة السينودسية ومراحل تنفيذها

تبدأ هذه المسيرة في تشرين الأول 2021 في كلّ كنيسة محليّة وتنتهي في تشرين الاول 2023 في الجمعية العامة لسينودس الأساقفة في روما. وتقسم الى ثلاث مراحل .

المرحلة الأولى، وهي على صعيد الكنائس المحلية والابرشيات، تمتدّ من تشرين الاول 2021 الى نيسان 2022؛ في كنائسنا الشرقية، تُرسل نتائج الاستشارات في الأبرشيات إلى المنسق البطريركي، حيث يعمل الى وضع جواب موحد للكنيسة، يعرضه على المجمع البطريركي للموافقة، ويرسل الى الكرسي الرسولي وإلى الأمانة العامة لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك. نتيجة للأجوبة التي تتلقاها الأمانة العامة للسينودس من جميع كنائس العالم ، تُصدر ما يسمّى وثيقة عمل أولى Primo Instrumentum Laboris)) وذلك قبل أيلول 2022.

المرحلة الثانية، وهي على صعيد البلدان والقارات، تمتدّ من ايلول 2022 الى تشرين الأول 2023؛ في بلدان الشرق الاوسط، يسعى مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في كل من لبنان وسوريا والعراق ومصر والأراضي المقدس والأردن إلى الإجابة على ورقة العمل لصياغة جواب موحد على صعيد كل بلد. ترفع هذه الاجوبة الى مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك لاطلاع أصحاب الغبطة عليها ولصياغة جواب موحد عن كنائس الشرق الكاثوليكية. نتيجة للأجوبة، يصدر عن الأمانة العامة للسينودس وثيقة عمل ثانية Secondo Instrumentum Laboris)) قبل شهر تموز 2023.

المرحلة الثالثة، وهي على المستوى العالمي، تعقد في حاضرة الفاتيكان في شهر تشرين الأول 2023.

عسى أن يكون هذا السينودس، عنصرة جديدة لكنائسنا، تساعدنا جميعًا أكليروسًا وعلمانيين «لسّير معًا» تحت هدي الروح للوصول إلى كنيسة سينودسية. وانهي بما ورد في كلمة قداسة البابا في بداية سينودس الشباب 2018، وقد ورد مجدد في ختام الوثيقة التحضيرية: «لنتذكّرِ الهدف من السينودُس، وبالتالي من المشاورة، ليس إصدارَ وثائق، بل لكي تَنبت الأحلام، وتَستيقظ النبوءات والرؤى، ويُزهر الرجاء، وتُحفّز الثقة، وتُشفى الجراح، وتُنسج العَلاقات، ويَبزغ فجر الأمل، ونَتعلّم من بعضنا بعضًا، وتُخلق خَياليّة إيجابيّة تُنير العقول وتُدفئ القلوب وتُقوّي الأيدي»[4].


[1] البابا فرنسيس، الرسالة البابويّة العامّة، كلّنا أخوة (3 أكتوبر 2020)، عدد 32.

[2]  البابا فرنسيس رسالة إلى شعب الله (20 أغسطس 2018).

[3]  Vademecum 1.3

[4] البابا فرنسيس، حديث في بداية السينودس المخصص للشباب (3 أكتوبر 2018)، الوثيقة التحضيرية العدد 32

Scroll to Top