Almanara Magazine

الفنان التشكيلي يوسف الحويك(1883-1962)

(جداريتان في معبد دير راهبات عبرين البترون)

إعداد ديانا جحى

مقدمة

يوسف الحويك هو رسام ونحات ورائد فن النحت في لبنان. سافر الى روما وتخرّج من أكاديمية الفنون الجميلة. كان رائداً شقّ الطريق فتبعه شباب يبشّرون بمستقبل إبداعي في لبنان. له عدة أعمال تشكيلية (جداريات ومنحوتات) في أماكن العبادة في دير راهبات عبرين في البترون وفي مدرسة سيدة عبرين الأشرفية. كما رسم تخطيطات مختلفة بالألوان المائية، وقلم الرصاص، والفحم والسانغين(Sanguine) ، ولوحات زيتية وله منحوتات نصبية مثل تمثال الشهداء القديم وتمثال يوسف بك كرم، والعدد الأكبر من أعماله منحوتات لشخصيات معروفة ووجوه نساء وعاريات ومواضيع مستوحات من الميثولوجيا.

أولاً: نبذة عن حياته

ولد يوسف سعدالله الحويك في قرية حلتا في 9 آذار عام 1883. وتقع قرية حلتا في جرود البترون .عاش لفترة من الزمن في قرية عورا القريبة من حلتا.

يتحدّر يوسف الحويك من عائلة مسيحية. كان جدّه مخاييل كاهناً، وعمه الياس الحويك[1] بطريركاً للطائفة المارونية، وهو من أسس راهبات العائلة المقدسة في عبرين البترون. انضم ّإلى هذه الجمعيّة عدد من شقيقاته.

كان والده سعد الله الحويك [2] موظفاً في الدولة ثم ارتقى إلى رتبة عالية في عهد المتصرفية. ظهر ميله إلى الرسم منذ الصغر، فقد نقل في هذه المرحلة صوراً للقديسين ورسم والدته وجدته[3].

دخل يوسف الحويك إلى مدرسة الضيعة في البداية وكان يشعر برغبة في الرسم عندما  كان عمره سبع سنوات، بدأ يرسم على الحجارة وعلى الجدران رسوماً مختلفة من ماعز وخيول وأجسام بشرية، وعندما لاحظ المعلّم هذه الرسوم، عامله بقسوة بسبب تخديشه جدار المدرسة بالمسامير التي كان يستعين بها للرسم على الطين اللّين.

تعلّم لاحقاً اللغة السريانية في مدرسة الخوري بطرس. وفي منزله كان يستخدم قطع الفحم الخشبي الباقية في موقد النار للرسم على حجارة البيت، فكان يلطّخ ثيابه وحائط البيت. وعلى طول الطريق إلى المدرسة، كان يرسم على الحجر اللّين طيوراً وحيوانات وأزهاراً. لم يكن أحد في بيته يتحدّث عن الفنون، فشقيقاته وعماته كنّ راهبات، وكان يتوق إلى الإفلات من الاتجاه الديني الذي تّتجه إليه أسرته[4].

انتقل إلى مدرسة مار يوحنا مارون في كفرحي، وبقي يحسّ بالضيق من المدرسة الذي خففت من وطأته سوى رفقته لصديق يدعى خيرالله خيرالله[5] من قرية جران. ثم انتقل عام 1897 إلى مدرسة الحكمة في بيروت، وكان رفيق جبران خليل جبران على مقاعد الدراسة.

اتجه عام 1903 إلى روما، أرسله عمّه لدراسة فن الرسم، والتحق بالمدرسة الحرّة في روما[6]. سعى إلى إشباع نظره من أعمال الفنانين الإيطاليين الكبار، وكما يقول يوسف: “مايكل آنجلو(Michel Angelo) [7] كان أول من أثّر فيه دون أن يدرك حقيقة عبقريته”. تعلّم أصول الرسم والتلوين والتشكيل في الطين وقولبة الجفصين. ربما كان هدف عمه أن يعود يوسف إلى لبنان ويرسم صور القديسين وصور كبار الشخصيات مثل داوود القرم وحبيب سرور.

أمضى خمسة أعوام في إيطاليا، وبقي قريباً من أوساط المدرسة المارونية[8] في روما التي أحياها عمّه.[9]

ثانياً: مع جبران في باريس

 توجّه يوسف الحويك إلى باريس عام 1909، حيث التقى بصديقه جبران خليل جبران[10] وتشاركا المحترف.وترددا على محترفات الرسم العامة. رسم يوسف الحويك خلال فترة  وجوده في باريس بين سنتي 1909-1910 عدداً من اللوحات الدينية منها “صورة العذراء مريم  أم السبعة آلام”، و”المسيح في بستان الزيتون” قدمها لراهبات المحبة، أخوات شقيقاته في خدمة الله[11].

كان الحويك محافظاً على الأسلوب الكلاسيكي بعكس الثورة الفنية التي كانت سائدة في باريس.

يقول جبران عن يوسف:”في رأيي أن تتمرّن على النحت.. في الشرق العربي لا يوجد نحات..ستكون أول نحات.. وإذا شئت الذهاب معي إلى الولايات المتّحدة فهناك المجال واسع…”[12].

زار الحويك وجبران المتاحف والقصور والمعارض الفنية زيارات طويلة للتعمّق في درس الفنون وفهمها[13].        

أقدم يوسف على الزواج بتسرع من امرأة ايطالية ذات لقب دوقة ولكن ليست ميسورة الحال. أقام معها مدة تقل عن السنة. اضطر أن يهجر زوجته الحامل في شهرها السادس عندما تيقن أن استمرار عيشه معها غير ممكن بوجود الإختلاف الشاسع في الطباع وطرق التفكير والتربية. استمر في تحمل واجباته المالية تجاه زوجته وابنه حتى بلغ ابنه سن الرشد وأصبح محامياً[14].

عاد يوسف الحويك الى لبنان ليستقر عام 1939 ولما لم يكن لديه مكان للعيش والعمل في بيروت ، عرض عليه الشاعر شارل داوود القرم أن يستعمل تخشيبة في الحديقة الخلفية لمنزله .

ترك الحويك بيروت في أوائل الخمسينات لينزوي في بلدة والده عورا القريبة من مسقط رأسه حلتا في قضاء البترون. قرر أن يعتزل حياة المدينة ويعيش حياة تقشف بعيداً عن ميسوري بيروت، الذين لم يقدّروا أعماله، فبقي بينهم أقرب الى الصنائعي منه الى الفنان.

توفي يوسف الحويك في 21 تشرين الأول 1962 عن 79 عاماً في المستشفى اللبناني في بيروت، بعدما تدهورت صحته وفقد سمعه وضعف نظره وفقد الرؤية من إحدى عينيه. كان قد اضطر إلى الإنتقال إلى حارة صخر في جونيه والعيش مع أخته محبة ريشا منذ أقعده المرض عام 1958[15].

إنتقل ارثه الفني أولاً الى ابن أخيه فارس الحويك شرط الا يتصرف به. ثم الى ابنه المهندس جوزيف الحويك.

قام بتدوين مذكراته اليومية وخواطره وأفكاره، كما ترجم أجزاءً من “الكوميديا الآلهية لدانتي إلى العربية ولكنه لم يتممها (لم يشجعه جبران على إكمالها). كتب خواطر بعنوان حديث مع ابليس كما كتب العديد من القصص القصيرة على لسان الحيوان بأسلوب كليلة ودمنة. إنكب على تحقيقها ابن اخته جوزيف ريشا، ولكنه لم يصل الى مرحلة نهائية للنشر قبل وفاته.

أنتج اعمالاً كثيرة في حديقة شارل قرم في بيروت، كان خجله المتخفي وراء كبريائه يمنعه من بيع أعماله وقبض المال بالمقابل. قام بأعمال ضخمة في الرسم والنحت لدير عبرين نزولاً على رغبة شقيقاته الراهبات[16].

ثالثاً: أعماله:

رسم يوسف الحويك تخطيطات بالألوان المائية تلخص الفترة التي قضاها في باريس مع جبران، بالإضافة إلى تخطيطات بقلم الرصاص، والفحم والسانغين(sanguine). رسم لوحات زيتية متعددة المواضيع من البورتريه والطبيعة الصامتة والمنظر الطبيعي.

ليوسف الحويك عدد كبير من الأعمال في دير راهبات عبرين في عبرين . نجد في باحة الدير تمثال مار الياس (رخام- حوالي عام 1913) . بالإضافة الى جداريتين كبيرتين والمذبح الكبير وتمثال البطريرك الياس الحويك، تمثال من البرونز للبطريرك راكعاً بحجمه الطبيعي والعائلة المقدسة، النفس المصلية والتسليم البَنوي[17].

نحت الفنان وجه عمّه البطريرك في عدة منحوتات وتمثال ام النور، وتمثال مار الياس الحي، وتمثال الشهداء السابق، وتمثال يوسف بك كرم. وعدد كبير من العاريات ووجوه النساء القرويات، ومواضيع مستوحاة من الفلكلور اللبناني والميثولوجيا، وتمثال الأبجدية.

نفّذ يوسف الحويك مجموعة من الجداريات الدينية منها اثنتان لدير راهبات عبرين في البترون وعشرٌ في كنيسة سيدة لبنان في الأشرفية. لم يتسنى لنا التأكد إن كان التصوير هو فرسكو أو مباشرة على الحائط، ولم نتمكن من الحصول على أرشيف فيما يتعلّق بالجداريات الدينية. تبيّن لنا من خلال مشاهدتنا الجداريات أنها منفّذة مباشرة على الحائط، إذ إن ألوان الفريسك تكون لامعة وأقوى. هذه الجداريات تتناول مراحل من حياة المسيح. خلال تحليل الجداريات الدينية سنعتمد على التوزيع التالي: موضوع ومشهد الجدارية- التحليل الفني.

ولا بدّ من التطرّق إلى القاعدة الذهبية في التأليف الذي اعتمده يوسف الحويك في بعض الجداريات. العملية الحسابية للقاعدة الذهبية = 1،618[18].

رابعاً: جداريتان في دير راهبات عبرين البترون

 نجد جدارتين للفنان يوسف الحويك في معبد كنيسة دير راهبات عبرين في البترون، من المرجّح أنه تم تنفيذهما في الفترة نفسها التي نفّذ فيها تمثال عمه البطريرك المنحوت من البرونز أي سنة 1934.وحسب مقابلة بتاريخ 5 أيار 2013، مع راهبات من دير عبرين في البترون تم ترميم معبد الدير المذكور حيث تتواجد الجداريتان للحويك. لذلك لم أتمكن من تصويرهما إلا في نهاية الصيف من العام نفسه في 29 آب عام 2013.

– جدارية المسيح بعد الصلب

تتواجد هذه الجدارية في مدخل معبد دير راهبات عبرين البترون

 الموضوع الديني

 يصوّر يوسف الحويكمشهداً للمسيح بعد الصلب. أُنزل المسيح عن الصليب وحوله النسوة في مشهد حزين ومؤلم، إذ تبدو على وجوههن تعابير الحزن والألم.

وكما ذكر في الكتاب المقدّس من بشارة القديس مرقس (15: 43-47): “جاء يوسف من الرامة وهو مشير شريف وكان هو أيضاً ينتظر ملكوت الله فاجترأ ودخل على بيلاطس وسأله جسد يسوع…. فاشترى يوسف كتاناً وأنزله ولفّه في الكتان… وكانت مريم المجدلية ومريم أم يوسى تنظران أين وضع”[19].

مشهد الجدارية

نرى مشهد حزين للمسيح بعد الصلب. رسم الفنان المسيح تقريباً في وسط الجدارية برداءٍ أبيض يغطي جزءاً من جسده. وأبرز تفاصيل التشريح مظهراً آثار الدماء، على كف يديه وصدره. كما تظهر آثار الألم على وجهه وجسده.

 ميّز الحويك السيدة العذراء مريم عن باقي النسوة بوشاح أزرق تضعه على رأسها وبرداءٍ أحمر وهي تضع يديها على كتفي ابنها المسيح. على الجانب الأيمن من الجدارية، امرأتان يضعن الوشاح على شعرهن، تحمل إحداهن جرّة من الفخار. بجانب يسوع مريم المجدلية حزينة تضع يداً على رأس المسيح واليد الأخرى على شعرها.

تتواجد بجانب مريم العذراء امرأة، تضع يدها على ركبة المسيح واليد الأخرى على فمها وملامح وجهها حزينة جداً، والمأساة والألم ظاهران. خلف هذه المرأة رجل عجوز(يوسف الرامي) ذو لحيةٍ بيضاءَ، وبجانبه امرأة تضع وشاحاً على شعرها. ويظهر الصليب بشكل واضح وراء المسيح.

يتوسّط الجدارية في البُعد الأول يسوع المسيح والعذراء مريم وامرأتان قد تكون احداهن مريم المجدلية. في البُعد الثاني، اثنتان من النسوة يضعن الوشاح على شعرهن، احداهن تحمل جرة من الفخار. وعلى اليسار امرأة ويوسف الرامي. في البُعد الثالث، أي الخلفية مساحة من الألوان الضبابية، يتوسّطها نور.

يوسف الحويك- جدارية المسيح بعد الصلب

غير موقّعة (حوالي 1934)، جدارية

ارتفاع سم 167 × قاعدة 220سم

معبد كنيسة دير راهبات عبرين، البترون.

 هناك توازن في العمل من حيث عدد الأشخاص على يمين الجدارية ويسارها. هكذا يكون يوسف الحويك قد وازن الجدارية من كلا الطرفين، ويلاحظ أن جميع الرؤوس المنتشرة في البعد الأول موزعة على الخط نفسه وكذلك بالنسبة للأشخاص في البعد الثاني.

يرتكز تأليف الجدارية على القاعدة الذهبية. كما أن محور الجدارية هو عند وجه المسيح.  نرى في تأليف الجدارية التوازن، وهو بشكل مثلث، تتواجد قمته في أعلى الصليب.

 يظهر هنا تأثر الحويك بالفن الكلاسيكي. استخدم الفنان في خلفية الجدارية الألوان الضبابية التي تتلاءم مع الموضوع الحزين. تتداخل ألوان مختلفة من الأصفر الباهت والزيتي القاتم في ضبابية مع بعضها البعض، وحول الصليب ألوان ضبابية نورانية لإبرازه.

 يرمز اللون الأبيض إلى نور الحكمة والصفاء الربّاني. واللون الأزرق يرفع من قيمة اللون الأبيض في سلّم القيم الرمزية [20].

تعتمد تقنية أسلوب الحويك على جعل لمسات ريشة عفوية فتغيب التفاصيل فيها لتظهر جواً من الحزن يتلاءم مع الموضوع الديني.

من الملاحظ أنّ نماذج الحويك مستوحاة من نماذج القرويين اللبنانيين، ويَظهر ذلك من خلال الملابس وملامح الوجوه. فلباس النسوة تعود لعصر الفنان، الثوب الطويل والوشاح على الرأس، اللباس هو شعبي وبسيط.

ركّز الحويك في هذه الجدارية على التأليف وعلى ملامح الوجوه الحزينة، من خلال خطوط رفيعة بأسلوب بسيط كأنه تخطيط أحياناً لإعطاء المشهد أهميته ومعناه الحقيقي ولتجسيد الألم الذي عاشه السيّد المسيح.

نلاحظ طراز المشهد القروي العام (لباس قروي وجرة فخار) الروحانية لهذه الجدارية الدينية، أننا أمام نتاج فني قروي لبناني. تأثّر الحويك بالطبيعة اللبنانية وبتراثه الشرقي، إذ رسم الموضوع الديني بأسلوب شرقي وتراثي لبناني، بخلاف الجداريات الدينية الأوروبية.

دراسة خطوط التأليف    

تفصيل من الجدارية

2- إدخال المسيح إلى القبر

Description: C:\Users\User-Admin\ibrin saint famille\DSCN0359.JPG تتواجد هذه الجدارية في معبد الدير

(رقم 63) يوسف الحويك- تخطيط لجدارية إدخال المسيح إلى القبر[21]

غير موقّعة، د.ت.

تخطيط مبدئي بالأسود والأبيض

مشهد للجدارية وفي الجهة المقابلة ضريح وتمثال البطريرك الياس الحويك

الموضوع الديني

جداريةإدخال المسيح إلى القبرهي تكملة لجدارية المسيح بعد الصلب. وكما ذكر في الإنجيل المقدس من بشارة القديس يوحنا (38:19-42):”ثم إن يوسف الذي من الرامة وكان تلميذاً ليسوع لكنه كان يستتر خوفاً من اليهود سأل بيلاطس أن يأخذ جسد يسوع فأذن له بيلاطس فجاء وأخذ جسد يسوع. وجاء أيضاً نيقودمس الذي كان قد جاء إلى يسوع ليلاً من قبل ومعه حنوط من مُرٍ وصَبرٍ نحو مئة رطل. فأخذا جسد يسوع ولفّاه في لفائف كتّان مع الأطياب على حسب عادة اليهود في دفنهم…”

مشهد الجدارية

 يتألّف هذا العمل الفني من ثلاثة مشاهد في عمل واحد: على اليمين مشهد إدخال المسيح إلى القبر، وعلى اليسار النسوة حاملات الطيب، وفي خلفية العمل في الوسط مشهد مصغّر عن الموضوع نفسه.

في القسم الأول أي على الجهة اليمنى يقف يوسف الرامي عند باب القبر وهو يحمل المسيح ليدخله إلى القبر، يلفّه بالكامل رداء طويل. تحيط به امرأتين مريم العذراء ذات الرداء الأحمر وهي تغطي كامل شعرها، ومريم المجدلية يظهر شعرها وهي تركع على ركبتيها وتقبّل يده. نلاحظ أن نموذجا النسوة يتكرران، إذ رسمهما الفنان في الجدارية الأولى، (جدارية المسيح بعد الصلب).

 رسم الحويك مدخل القبر من الحجر، ووضع جرة على حائط القبر. وهنا مجددّاً تأكيد على أسلوبه الشرقي اللبناني التراثي. على يسار الجدارية ثلاث نسوة حاملات الطيب، وتتلوّن ملابسهن بالأحمر والأزرق.

 يطلّ خلف النسوة منظر لقرية لبنانية، فتظهر بيوت وأشجار، استخدم الفنان أبعاداً مختلفة في حجم الأشجار.

رسم الحويك هذه الجدارية مستخدماً الأبعاد. المسيح والأشخاص والنسوة في بُعد أول، والمنظر الطبيعي (الأشجار والبيوت) في بُعد ثانٍ، أما البعد الثالث هو تكرار للمشهد الأول.

تظهر في خلفية العمل، السماء ذات مساحة من اللون الأزرق الممزوج أحياناً بضربات ريشة خفيفة مع الأصفر وأحياناً أخرى بالرمادي لإظهار غيوم ملبّدة.

 يوجد توازن في العمل بين يمين ويسار الجدارية أي في مشهد ادخال المسيح إلى القبر على يمين الجدارية والنسوة حاملات الطيب على اليسار. المسيح موجود في منطقة الظل ولكنه نوراني. محور الجدارية المسيح. استناداً لخطوط التأليف يقع خط الأفق على الخط الذهبي للجدارية وخطوط مستقيمة تتوزع من يمين الجدارية حتى يسارها. والمنطقة الداكنة لابراز النور.

رسم الفنان العذراء مريم ويوسف الرامي على نفس المستوى الأفقي، والنسوى الحاملات الطيب على مستوى ثاني.

ركّز الحويك في هذه الجدارية على الألوان ولم يتعمّق في تفاصيل الوجوه والملامح بقدر ما كان همّه التأكيد على المشهد الحزين.

 ومن الملاحظ أن الفنان أراد أن يفصل بين مشهد الجدارية (إدخال المسيح إلى القبر، والنسوة حاملات الطيب)، والخلفية من خلال خط، الذي يتمثّل في أشكال البيوت باللون الأزرق الرمادي والضبابي وذلك يعطي عمق للمشهد.

المشهد المكرّر في خلفية الجدارية له ميزة خاصة إذ يتميز بعنصر إضافي مهم جداً بوجود نور قوي معالج باللون الأصفر والبرتقالي، واللون الأصفر هو أكثر الألوان إشعاعاً. وذلك للتأكيد، على رغم الظلم والألم أنّ هناك أمل وتجدّد، وأنه بعد الموت يوجد قيامة ونور جديد وحياة جديدة. النور القوي الذي يمثل الروح القدس والخلاص للإنسانية والأمل. ألوان الطبيعة مستوحاة من سمات المنظر الطبيعي اللبناني.

يوسف الحويك- إدخال المسيح إلى القبر

غير موقّعة (حوالي 1934)، جدارية

ارتفاع 170 سم × قاعدة 425

معبد كنيسة دير راهبات عبرين، البترون

دراسة خطوط التأليف

تفصيل من خلفية الجدارية (مشهد مصغّر عن الجدارية) يختلف عدد العناصر خلف المسيح

النسوة حاملات الطيب

أعمال لبنانية تجريدية تلامس العصر

تفصيل ثاني من الجدارية

خامساً: الخاتمة

إن أسلوب يوسف الحويك في رسم الجداريات الدينية فيه نوع من الضبابية قد يكون الفنان قاصداً إياها أو أن عوامل الزمن وتآكل الألوان أدّى إلى عدم وضوح تفاصيلها. لا نرى بوضوح تفاصيل الوجوه أو الأجساد. هناك تفاوت بأسلوب وتقنية الجداريات، بالرغم من أنه رسم الجداريات في مرحلة متأخرة من حياته في الأربعينيات والخمسينيات.

استوحى عناصره من النساء القرويات وأدخل المنظر الطبيعي اللبناني إلى جدارياته الدينية. ويعتبر ذلك نوع جديد من الجداريات الدينية، الذي يختلف عن باقي الجداريات الموجودة في لبنان.

المصادر والمراجع

الكتاب المقدس، العهد الجديد، المطبعة الكاثوليكية بيروت 1960.

– سلطان مهى عزيزة: رواّد الفن التشكيلي في لبنان، القرم وسرور والصليبي 1870-1938، جامعة الروح القدس الكسليك، لبنان 2006.

– شيبوب إدفيك جريديني، جبران والحويك في باريس، دار الإبداع الحرف الذهبي، طبعة ثالثة، 2001.

– نمّور سيزار، النحت في لبنان، منشورات دار الفنون الجميلة  للإستشارات والنشر ش.م.م، بيروت 1990.

– يمين أ. محسن ، نزيه خاطر، يقظة الحجر، أعمال نحتية مصوّرة بعدسة مانوغ، مقدمة غسان التويني، يوسف الحويك، دار النهار للنشر، بيروت، 2004.

المجلات والمعاجم

– موريس الحويك، مجلة الرابطة تصدر عن اللجنة الثقافية في رابطة البترون الإنمائية والثقافية، العدد الثاني كانون الأول 1991، بإشراف الدكتور جورج قبلان، الأستاذ عبد الله أبي عبد الله.

– جميل جبر، معجم أسماء العلم في لبنان، جغرافيا- تاريخ- آداب- فنون- علوم- سياسية، مطبوعات الشمالي، الطبعة الأولى بيروت، 2003.

المراجع الأجنبية

– Alexandra Grömling, koneman, art in focus, Michel angelo suonarroti, life and work, printed in Italy, 2005.

– José Maria Parramón, comment composer un tableau, Bordas, Paris, 1973.

المواقع الإلكترونية

Robert FOHR, « ACADÉMIE DE FRANCE À ROME ». In Universalis éducation [en ligne]. Encyclopædia Universalis, consulté le 25 décembre 2016. Disponible sur http://www.universalis-edu.com.ezproxy.usek.edu.lb/encyclopedie/academie-de-france-a-rome/


[1] البطريرك الياس الحويك ( 1843-1931): هو الياس بن الخوري بطرس الحويك ولد في قرية حلتا البترون، تخرّج أولاً ليتعلم بعض أصول اللغتين السريانية والعربية في مدرسة مار يوحنا مارون، ثم دخل مدرسة الآباء اليسوعيين في غزير، وأتقن فيها اللغات اللاتينية والفرنسية والإيطالية. ولما رآه البطريرك بولس مسعد متوقد الذهن أرسله إلى مدرسة مجمع نشر الايمان المقدس في روما ليتمم علومه فأقام بها الى سنة 1870، ونال رتبة الملفان في الفلسفة واللاهوت. رقي إلى درجة الكهنوت وعاد إلى لبنان، ثم انتخب لاحقاً بطريركاً. يوسف الدبس، الخزانة التاريخية، “الجامع المفصل في تاريخ الموارنة المؤصل“. قَدَم له الأب ميشال حايك، منشورات دار لحد خاطر بيروت لبنان، الطبعة الرابعة 1987، ص 369-370.

[2] سعدالله الحويك: سياسي بارز، تولّى مناصب رفيعة في عهد المتصرفية وهو شقيق البطريرك الياس الحويك. جميل جبر: “معجم أسماء العلم في لبنان، جغرافيا- تاريخ- آداب- فنون- علوم- سياسية”، مطبوعات الشمالي، الطبعة الأولى بيروت، 2003، ص 53.

[3] سيزار نمّور، “النحت في لبنان”، منشورات دار الفنون الجميلة  للإستشارات والنشر ش.م.م، بيروت 1990، ص 86.

[4] محسن أ.يمين ، نزيه خاطر، “يقظة الحجر”، أعمال نحتية مصوّرة بعدسة مانوغ، مقدمة غسان التويني، يوسف الحويك، دار النهار للنشر، بيروت، 2004، ص 21-22.

[5] – خيرالله خيرالله (1882-1935): ولد في جران البترون، علّم الأدب في معهد الحكمة، مارس الصحافة الفرنسية في باريس في جريدتي “الحرية” و “الزمان “. جميل جبر: “معجم أسماء العلم في لبنان، جغرافيا- تاريخ –أدب- فنون-علوم- سياسة”، الطبعة الأولى بيروت لبنان مطبوعات الشمالي، ص 59.

[6] لم يذكر المرجع اسم المدرسة الحرة في روما. ولكن من الممكن أن تكون المدرسة الفرنسية في روما Academie de France à Rome  التي تأسست سنة 1666، وهي تدعى في فيللا ميديتشي Villa Medici  وهي مدرسة متخصصة للرسم يقيم فيها الفنانين الشباب لفترة قصيرة لتطوير مهاراتهم الفنية والإبداعية.

Robert FOHR, « ACADÉMIE DE FRANCE À ROME ». In Universalis éducation [en ligne]. Encyclopædia Universalis, consulté le 25 décembre 2016. Disponible sur http://www.universalis-edu.com.ezproxy.usek.edu.lb/encyclopedie/academie-de-france-a-rome/

[7] مايكل آنجلو Michel Angelo Buonarroti (1475-1564): رسام ونحات إيطالي ولد في قرية توسكانية وبعد ولادته انتقل مع أهله إلى فلورنسا. . نذكر من أعمال آنجلو، الخلق، العائلة المقدسة، دافيد، لورينزو ميديتشي Lorenzo de Medici

Alexandra Grömling, koneman, art in focus, Michel angelo suonarroti, life and work, printed in Italy 2005,p 8.

[8] راجع عن المدرسة المارونية الأب إغناطيوس سعادة، م.ل. المدرسة الرومانية الحديثة (1893-1940)، في المنارة 47 (2006)، ص 60-63.

[9] – يقظة الحجر، المرجع السابق، ص 23- 25– سيزار نمور، المرجع السابق، ص 86-87.

 موريس الحويك، “مجلة الرابطة” تصدر عن اللجنة الثقافية في رابطة البترون الإنمائية والثقافية، العدد الثاني كانون الأول 1991، بإشراف الدكتور جورج قبلان، الأستاذ عبد الله أبي عبد الله ، ص 51.

[10] جبران خليل جبران (1883-1931): كاتب ورسام لبناني. ولد في بشري وهاجر إلى الولايات المتحدة الأميريكية حيث برع في الكتابة باللغة العربية والإنكليزية، كما أتقن الرسم في باريس حيث قضى سنتين مع صديقه يوسف الحويك. ترجمت كتاباته الى معظم لغات العالم ونذكر منها بالعربية، الموسيقى، مجموعتا قصص عرائس المروج والأرواح المتمردة…، رسائل متبادلة مع مي زيادة.

جميل جبر، “معجم أسماء العلم في لبنان، جغرافيا- تاريخ- آداب- فنون- علوم- سياسية”، مطبوعات الشمالي، الطبعة الأولى بيروت، 2003، ص 38).

[11] لمزيد عن حياة الحويك في باريس مع جبران أنظر: شيبوب إدفيك جريديني، جبران والحويك في باريس، دار الإبداع الحرف الذهبي، طبعة ثالثة، 2001.

[12] يقظة الحجر، المرجع السابق، ص 36-39.

[13]) المرجع نفسه، ص 27

[14]) سيزار نمّور، المرجع السابق، ص 88 .

[15]) المرجع نفسه، ص 89 .

[16]) المرجع نفسه، ص 90-91.

[17]) سيزار نمور، المرجع السابق، ص93-94.

[18]لا بدّ من ذكر المهندس المعماري فيتروف Vitruve الذي درس وحدد المشكلة الجمالية بالطريقة الآتية: من أجل مساحة مقسومة بأجزاء غير متساوية تبدو جمالية، ينبغي أن يوجد بين المساحة الصغيرة والكبيرة نفس العلاقة بين هذه الأخيرة والكل.

للحصول على القاعدة الذهبية نقسم كل ضلع من أضلع المستطيل (الجدارية) بالرقم 1،618 فنحصل على أربع نقاط ذهبية وبتقاطعها نحصل على المربع الذهبي

Description: C:\Users\User-Admin\Desktop\regle dor.jpg. للمزيد أنظر. José Maria Parramón, comment composer un tableau, Bordas, Paris, 1973

[19] الكتاب المقدس، العهد الجديد، المطبعة الكاثوليكية بيروت 1960.

[20] Quand l’art se met au bleu , in beaux arts, n 113, 1993, p 50-53  (مهى سلطان، رواد الفن التشكيلي في لبنان، ص 184).

[21] يقظة الحجر، المرجع السابق، ص 25.

Scroll to Top