Almanara Magazine

أهميّة قراءات القدّاس

على ضوء روحانيّة السّنة الطّقسيّة المارونيّة

  الأخت دولي شعيا[1]

مقدّمة: الكتاب المقدّس واللّيتورجيا المارونيّة

بين الكتاب الـمقدّس واللّيتورجيّا الـمارونيّة “سرّ تقوى عظيم”[2] محوره الرّبّ يسوع، الذي جاء “في ملء الزّمن”[3] لأجل خلاصنا. فإن كانت اللّيتورجيّا تحتفل “باللّه الكلمة”، فالكتاب الـمقدّس يشهد “للكلمة”. لكن من يستطيع فهم غنى كلّ كلمة من كلمات الله؟ “إنّ ما نفهمه منها لأقلّ بكثير مِمّا يقوتنا. كالعطاش الّذين يروون ظمأهم من ينبوع”[4]

تعكس كنيستنا المارونيّة ارتباطها بالكتاب المقدّس، الّذي يشكّل روحانيّتها الرّاسخة وقلبها النّابض؛ إذ لا تقرأه فقط، بل تتأمّل مضامينه، وتشرحه، وتنشده، وتصلّيه. وما شجاعة أبنائها وثباتهم، سوى نتيجة تأصّلهم في “هذه الصخرة الرّاسخة” التي تبنى عليها أمانتهم لله مصدر حياتهم.

        ليتورجيّتنا المارونيّة هي “ليتورجيّة الكنز الحيّ”، إذ تغرف من الكلمة لتصبح مسكنًا للكلمة الحاضر فيها[5]، لأنّها تؤمن أنّ المسيح ذاته “هو المتكلّم عندما تُقرأ الكتب المقدّسة في الكنيسة”[6]. يتعمّق ذلك في الاحتفال الافخارستيّ، إذ إنّ السرّ الخلاصيّ المتجسّد بموت المسيح وقيامته، ليس وهمًا ولا خيالًا، بل حقيقةً معاشةً مُتمثّلةً بالافخارستيّا يَتَعَمَّقُ ذَلِكَ فِي الاحْتِفَالِ الافْخَارَسْتِيﱢ، إِذْ إِنَّ السِرَّ الخَلاَصِيَّ الـمُتَجَسِّدَ بِمَوتِ الـمَسِيحِ وَقِيَامَتِهِ، لَيسَ وَهْمًا وَلاَ خَيَالاً، بَلْ حَقِيقَةً مُعَاشَةً مُتَمَثِّلَةً بِالإِفْخَارَسْتِيَّا[7]. وبما أنّ الليتورجيّا لا تُفهم ولا تُعاش إلاّ على ضوء فهم الكتاب المقدّس وعيشه، أعارت كنيستنا المارونيّة أهميّةً كبرى لقراءات القدّاس، التي وزّعتها على مدار الأيّام، مُتّبعةً إيقاع السّنة الطقسيّة[8]، على أن تُقرأ وتُشرح هذه القراءات في العظة[9]، لأنّ كلمة الله “آنيّة وحيّة تساعد المؤمنين على تذوّق المعنى العميق للكلمة التي تُعلن في الليتورجيّا”[10]، فيرمون إلى الشهادة لما اختبروه بتصرّفهم ومسلكهم الحياتيّ.

تربط الافخارستيّا بين أعضاء الجماعة بعضهم بالبعض الآخر، والكتاب المقدّس يُتلى في الجماعة. إذ ليس الكتاب المقدّس كسائر الكتب التي تُفهم بالقراءة البسيطة، بل هو كتاب الله إلى الجماعة، رسالته الخاصّة إليها، ولا يُفهم إلاّ في الكنيسة ومن خلالها[11]. وبما أنّ لقدّاس الأحد حقّه ومكانته في ليتورجيّتنا المارونيّة، نودّ أن نقدّم مفاتيح لفهم الخطوط العريضة لقراءات القدّاس على ضوء روحانيّة السنة الطقسيّة، حيث تعيش الجماعة المؤمنة إيمانها انطلاقًا من المسيح سرّ وحدتها. كما ونشير بأنّنا لم ندخل في تفاصيل شرح أسابيع السنة الطقسيّة، لأنّ كتب القراءات في كنيستنا المارونيّة تحوي شروحًا تفصيليّة عن كلّ أحد وارتباطه بقراءات الأسبوع.

أولاً: قراءات القدّاس المارونيّ وأقسام السنة الطقسيّة

        نُظّمت السّنة الطّقسيّة المارونيّة ورُتّبت من الأحد الأوّل وحتّى الأخير بحسب برنامجٍ معيّن[12]، مُركَّزٍ على الأعيادِ السيّديّة، ابتداءً من ميلاد الربّ وعماده حتّى آلامه وموته وقيامته وحلول الرّوح القدس بانتظار المجيء الثّاني؛ هي مسيرةٌ بين المجيء الأوّل والمجيء الثّاني. المجيء الأوّل هو الميلاد، وما يسبقه من إعدادٍ له في آحاد البشارة. ويتمحور المجيء الثّاني حول ارتفاع الصليب، علامة عودة المسيح منتصرًا بقيامته وقيامتنا معه. تدور هذه الأحداث كلّها حول الحدث الأقوى مجيء المسيح. لذلك، فكلّ أحدٍ هو جزءٌ من تلك اللوحة التي ترسمها لنا ليتورجيّتنا المارونيّة[13] لتقرّبنا من الحدث الخلاصيّ الكبير، فتدعونا إلى اختبار حبّ الآب، وخلاص الابن، وتقديس الرّوح القدس[14].

        في هذا الإطار، تصبح السّنة الطقسيّة ارتقاءً، عامًا بعد عامٍ، نحو ملء المسيح، الذي دبّر كلّ شيءٍ لخلاص الإنسان، ليُعيد إليه قيمته، وليشركه لا بإلهٍ مُبهمٍ يعتلي السّماء، بل بإلهٍ “صار بشرًا وسكن معه”[15]. تشمل السنة الطقسيّة كلّ أزمنة الإنسان لتطعّمها على زمن المسيح، مُستعينةً بالكتاب المقدّس. وهي تبدأ بزمن الميلاد، الذي تتابع الكنيسة الاحتفال به حتّى عيد عماد المسيح (ظهور الربّ)، حيث يبدأ زمن الدنح الذي ينهي بالتّذكارات الثلاثة. تعرف السنة الطقسيّة ذروتها في عيد القيامة الذي يُهيّئُ له زمن الصّوم وأسبوع الآلام، ويستمرّ حتّى عيد العنصرة وزمنها إلى أن تنتهي بزمن ارتفاع الصليب.

ثانيًا: قراءات القدّاس المارونيّ بحسب الأزمنة الطقسيّة[16]

1. زمن الميلاد

الـميلاد هو “رجاء الآباء وانتظار الشّعوب”[17]، منذ فجر التّاريخ وحتّى ملء الزّمن. فيه تحقّق الوعد الأمين والدّعاء الحميم: “ليتك تشقّ السماوات وتنزل”[18]. الميلاد هو سرّ “الله معنا، عمّانوئيل”، الذي كشف وجهه الحقّ للإنسان: “الله محبَّة”!

        في هذا السرّ العظيم، يتمحور لاهوت زمن الميلاد حول ثلاثة مواضيع: الأوّل، تقديس البيعة وتجديدها، حيث تُلقِ على الأضواء الكتابيّة نصوصٌ تتعلّق بأورشليم المتجدّدة والهيكل المتطهّر. وكلٌّ من التقديس والتجديد يستوجب بدء السنة الطقسيّة باقتفاء آثار المسيح وعيش كلّ مراحل تدبيره الخلاصيّ. لذلك، على الكنيسة، بناء المسيح الحيّ وجسده السرّي، أن تتقدّس وتتجدّد، فتؤهّل لأن تبدأ السنة الليتورجيّة بهدف تقديسها، وتجديدها الدّائم بالمسيح رأسها، والذي من خلالها، يُقدّس الزمن، أي الأسبوع واليوم والساعة وكلّ الأوقات. وهكذا تُساعد الكنيسة العالم كي يتجدّد ويتقدّس ويصل إلى غايته الأساسيّة وهي الله، “لأنّ صوت الابن يدوّي فيها، واهبًا إيّاها جسده مأكلاً ودمه مشربًا روحيًّا لتدخل خدر الأنوار”[19]. الثّاني، شخصيّات كتابيّة غدت نموذجيّة في انتظارها للمسيح. يظهر وجه مريم الأمّ العذراء، وقد غمرها لطف الآب، “وشاء الابن برحمته أن يحتويه حشاها الطّاهر”[20]، وظلّلتها غمامة الرّوح القدس. كما وجه يوسف الصدّيق، الذي يحرس الطّفل وأمّه، كما الكروب على باب عدنٍ يحرس شجرة الحياة[21]. وظلّ وجه زكريَّا “شيخًا يسحب العمر”[22] والعجوز إليصابات امرأته “المحنيّة العاقر”[23]، وقد استُجيبت طِلبتهما، فامتلأ بيتهما فرحًا وحبورًا بمولد يوحنّا السابق “الذي لم يكن هو النّور، بل جاء ليشهد للنّور”[24] كسراجٍ يُضيء قدّام الشّمس. الثّالث، ابن الله الذي انتسب إلى عيلتنا البشريّة ليجعلنا أبناء عيلته الإلهيّة، ويقود دروب الكنيسة، على ممرّ العصور، نحو طفل بيت لحم الذي اختُتن في اليوم الثّامن بحسب الشّريعة. وقد صارت ذكرى ختانة الربّ عيد السّلام العالميّ، لأنّ المسيح المتجسّد “هو سلامنا، الذي نقض سياج العداوة”[25] بين الشعوب.

2. زمن الدّنح

مَن ضاقت به الأقطار، وبيده أقدار التّاريخ، تنازل وارتدى وهن الجسد واعتمد على يد خليقته[26]. “الدّنح” أو “الظّهور” هو نقطة انطلاق حياة يسوع العلنيّة الخلاصيّة، وظهور “حمل الله الرافع خطيئة العالم”[27]، الذي يُدخل الإنسان في شركة جديدةٍ مع الله الثّالوث: “إذهبوا فتلمذوا كلّ الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابنِ والرّوح القدس”[28]. وما صوت الآب: “هذا هو ابني الحبيب، الذي به رضيت”[29] سوى صدىً لما قاله النبيّ أشعيا عن عبد يهوه المتألّم، إذ يربط ربطًا وثيقًا بين عماد الربّ بالماء والرّوح، وعماد الربّ بالدّم في آلامه وموته وقيامته، ويعطي عيد الدّنح طابع عيد القيامة. ولقد رأت الكنيسة في عماد الربّ المثال الأعلى لعمادها المسيحيّ: بالغوص في الماء، ومسحة الميرون، ووسم الرّوح القدس، يَعبر المؤمن من العبوديّة إلى الحريّة، من الولادة الجسديّة إلى الولادة الروحيّة، والبنوّة الإلهيّة لله الآب، على مثال الابن، بقوّة الرّوح القدس.

تركّز الأسابيع الخمسة، التي تتبع عيد الدّنح، على اعتلان المسيح الشّاهد للآب، من خلال الكشف، في كلّ أحدٍ، عن بُعدْ من أبعاد شخصيّة يسوع. ففي الأحد الأوّل، نتأمّل بوجه يسوع “حمل الله” المعتلن ليوحنّا المعمدان؛ وفي الأحد الثّاني، في اعتلانه للرّسل هو “المسيح”؛ وفي الأحد الثّالث، في شخصيّة المسيح “ابن الإنسان” المعتلن للشّعب اليهودي الممثَّل بنيقوديموس الفرّيسيّ؛ وفي الأحد الرّابع، يُشرقُ وجه يسوع “المسح، الماء الحيّ” المعتلن للسامريّين، الممثَّلين بالمرأة السامريّة؛ وكما خلق الله العالم بكلمةٍ من فيه، يعتلن يسوع في الأحد الخامس “بكلمته الـمُحيية” لابن الضَّابط الملكيّ وللّشعوب كافّةً.

في نهاية هذا الزّمن المبارك ثلاثةُ آحادٍ، تُظهر هي أيضًا مجد الابن. فالكهنة مجّدوا الابن في حياتهم إذ “على أيديهم زيّحوه، وإلى وليمته دعوا شعبه المؤمن، وأسمعوا النّاس كلمته وبشارته، وأحسنوا تدبير رعيّته”[30]. في الأحد التّالي، نمتدح الأبرار الذين مجّدوا الله ببرّهم والصدّيقين الذين كانوا الأمناء الصّادقين، الطّيب الفوّاح الذي يُذكي وادي الدّموع[31]. وفي الأحد الأخير، نذكر الموتى المؤمنين الذين لبسوا المسيح من ماء المعموديّة، وتناولوه زادًا على طريق الأبد، وكان لهم صليبه جسرًا يعبرون عليه إلى حضن الآب[32]، مُنشدين مع صاحب المزمور: “فرحت بالقائلين لي إلى بيت الله ننطلق”[33]، توقيرًا للعزّة الإلهيّة.

3. زمن الصوم الكبير

زمن الصّوم الكبير هو خلاصةٌ لصوم يسوع في القفر ولحياته العلنيّة الموزّعة بين التّعليم وصنع الآيات، والمتوَّجة بدخول يسوع إلى أورشليم، تسبيقًا لحدث القيامة والنّصر الملكيّ الأخير.

تستذكر كنيستنا المارونيّة في مطلع هذا الزّمن آية عرس قانا الجليل، التي تشكّل همزة وصلٍ بين الدّنح والصّوم. آية عرس قانا هي ختامٌ لزمن الدّنح حيث أظهر المسيح مجده في إطار الماء (عماد يسوع)، الذي يتحوّل إلى خمرٍ في إطارٍ فصحيّ. وهو أيضًا بدايةٌ لمسيرة إيمان “وآمن به تلاميذه”[34]، ترتكز على إبداع الله في منهجيّته التربويّة التي “تعرف ما في الإنسان”[35]، ولكنّها تُتيح لهذا الأخير، أيًّا كانت حالته، أن يختبر ويُدرك ضعفه ومحدوديّته وحاجته الماسّة إلى حنان الله ورحمته؛ ليُجدّد حياته بالتّوبة الصّادقة والالتزام بالإيمان بيسوع المسيح الآتي طبيبًا يُحيي الإنسان المجروح، ويشفي عاهات الرّوح والجسم المطروح[36]. ومتى أصبح طبع الإنسان الفاني مُختمرًا بتجسّد المسيح، وتراب القبر مختمرًا من حضور المسيح فيه، ينبعث للقيامة[37].

وما أحد الأبرص سوى تأكيدٍ على تعليم يسوع الذي “جاء ليكمّل الشّريعة لا لينقضها”[38]. فللأبرص الهارب من البقاء تحت نير شريعة موسى يشقى في القفر، أمره يسوع بأن “يتمّم في بيت الله أمر موسى في التّوراة”[39]. وأحد المنزوفة تثبيتٌ لتجسّد المسيح الذي أعطى الإنسان الجرأة بدل الخوف والاختباء[40]، ليقف أمام الله دون أن تُحرقه ألوهيّته[41]. أحد الابن الشّاطر، ذروة الأسابيع الثلاثة الأولى من الصّوم، شفاءٌ لجرح الحبّ، يُعيد صوغ الإنسان على صورة خالقه، ويجعله يُدرك أنّ غفران الآب أعلى جدًّا من خطيئته[42]. إن كان في أحد الأبرص والمنزوفة والابن الشّاطر، قد تجلّى عمق سرّ الله الذي يسكب ندى تعزياته على القلوب الكسيرة، ففي أحد المخلّع يظهر سلطان يسوع الإلهيّ على غفران الخطايا. ومع أحد الأعمى نُدرك أنّ يسوع “هو النّور الآتي إلى العالم” الذي غلّ في دُجى الأعمى لينتشله من أهوال الظّلام إلى دار النّور الأبديّ. في أحد الشّعانين، ذروة حياة يسوع العلنيّة، يظهر يسوع مسيحًا متواضعًا داخلًا أورشليم بهتاف الشّعب “هوشعنا”، متوجّهًا إلى الهيكل ليُعيده بيت صلاةٍ وعبادةٍ لله وحده. ولكن يخيّم على مجد “هوشعنا” ظلّ الصليب، الذي سيتحوّل في أسبوع الآلام في فم الشّعب “اصلبه، اصلبه”!

4. أسبوع الآلام

غنى أسبوع الآلام من غنى السرّ العظيم الذي نحتفل به، سرّ المسيح المصلوب الفادي، “رجل الأوجاع”[43]، ربّ المجد، الذي “منه وبه وفيه وإليه خُلق الجميع”[44].

بعد إبحارٍ وعناء سفرٍ طويلٍ في الصّوم الكبير، تبلغ الكنيسة في أسبوع الآلام ميناء الخلاص[45]، لتغوص في سرّ المسيح المتألّم، وتتأمّله وتعيشه في ضوء أهمّ حلقات تاريخ الخلاص.

قراءات أسبوع الآلام ملأى بالمشاهد والوجوه التي تُدخل الكنيسة في سرّ آلام المسيح. يستوقفها مشهد التينة اليابسة، ووجه آدم الضَّال يختبر “الخطيئة التي أجرتها الموت”[46]، وينال الوعد بالمخلّص. وتشخص إلى إبراهيم الذي “أدّى في ذبح ابنه فعل إيمانٍ عظيم”[47]. وتُرافق يوسف الصدّيق الذي شيل من قعر البئر بعد أن باعه إخوته وساقه الإسماعيليّون عبدًا إلى مصر[48]. وتبكي مع أيّوب الصدّيق المبتلى والموجوع، الذي بات مثال الصّبر والإيمان والأمانة لله؛ كما وتتأمّل معه بسرّ الألم الذي يفوق إدراك العقل. تسكب أيضًا مع المجدليّة دمع توبتها الذّائب وجرأة إيمانها اللاهب[49]. وفي خميس الأسرار تشتهي الكنيسة أن تأكل من جسد ودم المسيح، أي الفصح الجديد مع عروسها الإلهي، عربون حبّه وعهده، وحضوره الأبديّ فيها[50]. كما وتتأمّله خادمًا متواضعًا عند أقدام الرُّسل يغسل أرجلهم ويعطيهم مثالاً ليقتدوا به[51]. وتحثّ الخطوَ إلى صخرة الجلجلة مع مريم، تُعانق جراحات باريها الممدود على الصلّيب[52]، وتُرافق الحيّ المائت الهابط إلى الأموات يُبشّرهم بالقيامة والحياة. ولا ينتهي الأسبوع العظيم إلاّ وقد غسلت الكنيسة قلبها بالتّوبة ونالت بالمصالحة الغفران.

5. زمن القيامة

        قيامة السيّد المسيح هي الحدث الخلاصيّ الأعظم، الذي يرتكز عليه إيماننا المسيحيّ كما يقول القدّيس بولس الرّسول: “إن كان المسيح لم يقم، فإيماننا باطلٌ”[53]. والكنيسة إذ تحتفل بسرّ فاديها الأعظم، تُدرك أنّها تستمدّ الغفران باتّحادها بسرّ قيامة فاديها[54].    

        قيامة المسيح انتصارٌ على الموت وعَتقٌ من العبوديّة، لأنّ المسيح بنزوله إلى مقرّ الأموات “بشّر الراقدين في التّراب، بالبعث والحياة الجديدة. وحطّم أبواب الجحيم وخلّع مصاريعه”[55] ليحرّر آدم من أسر اللّحد ويُعيده إلى الفردوس[56]. قيامة المسيح مصدر فرحٍ وسلامٍ للخليقة كلّها التي تصالحت بالمسيح مع الآب. قيامة المسيح عربون قيامتنا الأخيرة، لأنّ المسيح هو “باكورة الرّاقدين”[57] وعربون قيامتنا. ونحن بالمعموديّة، قبلنا الحياة بدايةً للحياة الأبديّة مع الآب.

        يمتدّ زمن القيامة على مدى خمسين يومًا تشكّل وحدةً احتفاليّةً متكاملةً حول قيامة الربّ، بدءًا من أحد القيامة الذي نتأمّل فيه مدى فهمنا لسرّ المسيح ولِمَا صنعه لخلاصنا. مع الأحد الجديد وظهور يسوع لتوما الرّسول، نبدأ بالتأمّل بظهورات يسوع لتلاميذه، وفي معانيها ومفاعيلها، لتكوين وتثبيت الكنيسة. في الأحد الثّالث من زمن القيامة، نتأمّل بظهور المسيح للتلميذَين على طريق عمّاوس، حيث تذكُّر ما قاساه الربّ من أجلنا والصّبر على ما يُصيبنا تشبّهًا به، والانتقالُ من اليأس إلى الشهادة للمسيح بعد انفتاح الأعين ومعرفته عند كسر الخبر (لو 24: 31).  في الأحد الرّابع، نتوقّف عند ظهور يسوع لتلاميذه على البحيرة، مُثبّتًا إيّاهم ومبدّدًا شكوكهم وضعف إيمانهم، وممهّدًا لتحوّلهم من صيّادي سمك إلى صيّادي بشر. في الأحد الخامس نُمعن النّظر بتسليم يسوع رعاية الكنيسة إلى بطرس مؤهّلًا إيّاه ليكون على قدر المهمّة الموكولة إليه، وفي محبّته القصوى للمسيح. في الأحد السّادس، نتأمّل بيسوع يشجّع رُسله ليتغلّبوا على كلّ ما يخيفهم ويُعيقهم عن الشّهادة له ولإنجيله. من خلال كلماته الأخيرة، قبل صعوده إلى السّماء، يُشدّد يسوع الرسل على مهمّة الكرازة، مانحًا إيّاهم القدرة على إتيان الآيات العظام. في الأحد السّابع والأخير، نُصغي إلى وصيّة يسوع الجديدة التي تختصر كلّ ما علَّمه في حياته الأرضيّة: “أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم!” [58].

6. زمن العنصرة

        زمن العنصرة هو زمن ولادة الكنيسة، التي تعيش بالرّوح القدس، من حدث الصّلب والقيامة، وانطلاقها بنعمة الرّوح القدس الذي جعل من الكلّ واحدًا، والذي وهبهم أن ينطقوا بلغةٍ جديدةٍ هي لغة “النّور والحبّ”[59]، باسمها يُبشّرون ليشهدوا ليسوع المسيح في أربعة أقطار العالم[60].

        وبما أنّ زمن العنصرة امتدادٌ لحدث القيامة، يبرزُ فيه ذكر عيدَي التّجلي وانتقال العذراء مريم المرتبطين بحدث القيامة؛ فالربّ المتجلّي هو القائم نفسه، ومريم الرّاقدة والمنتقلة هي ثمرة قيامة المسيح من بين الأموات.

        في عيد العنصرة، يجعل الربّ يسوع التلاميذ يختبرونه حيًّا فيما بينهم، إذ يرونه بالإيمان حاضرًا وفاعلًا في وسطهم، وهو من سيعطيهم أن يحيوا في شركةٍ واتّحادٍ معه ومع الآب، مانحًا إيّاهم مواهب روحه القدّوس التي تعمل في سبيل الخير العام (1 قور 12–14). لذا بعد عيد العنصرة، تضع الكنيسة أمامنا، في الأحد التّالي، سرّ حبّ الإله المثلّث الأقانيم والمتجلّي في تاريخها. أمام عمق هذه السرّ، تندهش مع بولس الرّسول وتصرخ: “من يستقصي؟ من يحوي سرّ الثّالوث الأرفع؟ ربّ العمق والعلو للتّحديد لا يخضع!” [61]. سلّم يسوع رسله الرّسالة نفسها التي تسلّمها من الآب. فكما أنّ رسالة يسوع هي أن يكشف للعالم سرّ الإله الحقيقيّ، آبًا وابنًا وروحًا قدسًا، كذلك ستكون رسالة التلاميذ والكنيسة في إظهار الوجه الحقيقيّ لله في شراكة حبﱟ مُطلقٍ يدعونا لندخل معه في عمق حياته الثّالوثيّة.

        في الأحد الثّالث من زمن العنصرة، نتذكّر بأنّ الرّوح القدس يشهد فينا بأنّ المسيح هو الربّ المخلّص. وفي الأحد الرّابع يرفع يسوع الشّكر إلى الله الآب لأنّه آزر التّلاميذ في رسالتهم فنجحوا في المهمّة التي أُوكلت إليهم، بحسب ما ارتضى بحكمته الأبويّة.

        من الأحد الخامس إلى الأحد الثّاني عشر بعد العنصرة، احتفالٌ بحضور الرّوح القدس وفعله في رسالة الرّسل الاثني عشر، وشهادتهم في الكنيسة، والحكمة الإلهيّة النّاطقة فيهم، وذلك في علاقةٍ وثيقةٍ بعيد الرّسولين بطرس وبولس؛ وبحضوره في قلب كلّ مؤمنٍ معمّدٍ في الكنيسة، صلاةً ومحبّةً لامتناهيةً لله وللقريب، من خلال التّبشير بالكلمة، والإصغاء إليها، وقبولها، على مثال العذراء والقدّيسين.

        من الأحد الثّالث عشر إلى السّابع عشر بعد العنصرة، تركيزٌ على بُعد التّلمذة من خلال التّبشير بالكلمة (مثل الزّارع)؛ وسماعها والإصغاء إليها لتوطيد أواصر القربى مع يسوع (مرتا ومريم)، وقبولها المرتبط بالتّوبة، أي بتغيير الحياة (المرأة الخاطئة). وما الصّلاة (الفرّيسي والعشّار) ومحبّة القريب (السّامري الصّالح) سوى ثمرة سماع الكلمة.

        أمّا في الأحد الثّامن عشر والأخير، فنعود لنتأمّل بسرّ الثّالوث الأقدس، الذي بدأنا به هذا الزّمن، والمتجلّي في محبّة الله اللامتناهية، وأمانته لمحبّته في شخص ابنه الوحيد وروحه القدّوس (مثل الكرّامين القتلة).

7. زمن الصليب

        ارتفاع الصّليب في المجد هو العلامة أنّ الربّ يسوع غلب العالم. فالصّليب الذي كان عود عارٍ[62] وهوانٍ وموتٍ ذليلٍ، أصبح بمن صُلب عليه، البارّ القائم من الموت، صليب النّصر الـمُبين[63]، جسرًا يربط الأرض بالسّماء[64]، ويوحّد بين العلو والعمق[65].

        أمّا النهاية التي تكلّم عنها الإنجيل، فليست نهاية العالم، ولا الدّمار التّامّ بحيث تمتلئ القلوب خوفًا. إنّها نهاية عالمٍ مُحدّدٍ، عالم أورشليم الأرضيّة ودمار الهيكل وتوقّف الذّبائح وزوال الكهنوت اليهوديّ[66]. الهيكل الجديد هو جسد المسيح، والمسيح ذبيحةٌ واحدةٌ أنجزت عمل الخلاص. لكن في زمن الصّليب، تتوقّف الكنيسة عند انتظار المجيء الثّاني، الذي تُعلنه في قانون إيمانها “وأيضًا يأتي بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات، الذي لا فناء لملكه”. إذ تبقى حياة المؤمن مشدودةً أبدًا، في كلّ أينٍ وآن، إلى سرّ الصّليب الظّافر؛ ومرتبطةً بشخص المسيح الحيّ القائم، مبدأ إيمانه، ورجاء خلاصه، وكمال محبّته، ومنبع سعادته.

        بعد عيد الصّليب، وفي نهاية كلّ سنةٍ طقسيّة، تعود الكنيسة، في سبعة آحادٍ، لتضع أمامنا لوحات الأناجيل التي تذكّرنا بالاستعداد لمجيء الرّبّ. أوّلًا، من خلال حياتنا وكلّ ما فيها من ألمٍ وتجربةٍ، للمشاركة في مجد المصلوب القائم والمنتصر على الموت (طلب ابنَي زبدى)؛ ثانيًا، بالسّهر والتّرقّب والصّبر (دمار هيكل أورشليم، الذي حدث سنة 70، ونهاية العالم لدى مجيء يسوع ديّانًا)؛ ثالثًا، بقراءة علامات الأزمة (خطبة النهايات الأخيرة ليسوع في إنجيل متّى)؛ رابعًا، الاقتداء بانتظار ” العبد الأمين الحكيم” لعودة المسيح بطول الأناة، إذ الحساب يكون على قدر الأمانة والثّبات في الخدمة (مَثل العبد الأمين الحكيم الذي يُقيمه سيّده على أهل بيته)؛ خامسًا، باقتناء حكمة العذارى الحكيمات للاستعداد للقاء العريس (مثل العذارى الحكيمات)؛ سادسًا، باقتناء الأعمال الصّالحة، التي تؤهّلنا لمجيء ربّنا “وللدّخول إلى فرحه” ، كما يعِدُنا الربّ في مثل الوزنات.

        وإن طرحنا السّؤال: كيف يكون العبد أمينًا وحكيمًا؟ عندئذٍ يُقدّم لنا يسوع الجواب، في الأحد السّابع والأخير من هذا الزّمن، لا في مَثَلٍ، بل في مشهدٍ رائعٍ “حيث يكون ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القدّيسين معه”، ومعيار الحكم هو المحبّة.

خاتمة

        بعد هذا العرض السريع لكلام الله في الليتورجيّا المارونيّة، يمكننا أن نخلص إلى كون الكلمة الإلهيّة تُحوﱢلُ الاحتفال الليتورجيّ إلى فسحةٍ يوطَّد ويُثبَّتُ فيها المؤمنون في إيمانهم. إنّها علامة وجود المسيح بينهم ومن أجلهم. إنّها الدعوة لترفع الجماعة الشكر إلى الله الآب على آياته في “الابن الحبيب الذي به ارتضى”[67]. إنّها التذكير للجماعة بأنّها تكمّل عمل الآب والابن بقوّة الروح، وبالتالي تكشف الجماعة نفسها كمُجسِّدة لشعب الله الذي جعل منه المسيح، في موته وقيامته، جسده السريّ، وكمُشارِكة في كهنوته وكمُعلنة أنّ حقيقة ما نحتفل به يُهيّئُ التمام الإسكاتولوجي.


[1] الأخت دولّي شعيا، راهبة لبنانيّة مارونيّة. حائزة على دكتوراه في اللاهوت الكتابي. وهي أستاذة لكتب العهد الجديد في كليَّة اللاهوت الحبريّة في جامعة الروح القدس الكسليك.  وحاليًّا هي مديرة الحلقة الثانية في الكليَّة نفسها.

[2] 1 طيم 3: 16.

[3] غل 4: 4.

[4] مار أفرام السرياني، الدياتسّرون، 1، 18.

[5] راجع الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، الليتورجيّا المارونيّة ليتورجيَّة الكنز الحيّ. الرسالة العامّة الثالثة (بكركي 2014)، عدد 1؛ راجع أيضًا المجمع البطريركي الماروني، الملفّ الثاني: التجديد الراعوي والروحي في الكنيسة المارونيَّة – في المجالات الراعويَّة، النص 12، الليتورجيَّا، الفصل الثاني، عدد 27.

[6] المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، دستور في الليتورجيّا المقدَّسة، عدد 7.

[7] راجع كتاب القدّاس بحسب طقس الكنيسة الإنطاكيّة السريانيّة المارونيّة، المقدّمة، ص. 19.

[8] المرجع نفسه.

[9] راجع دستور في الليتورجيَّا المقدَّسة، عدد 24.

[10] البابا بندكتوس السادس عشر، كلمة الربّ (روما، 30 أيلول 2010العدادان 52-53.

[11] راجع المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، دستور عقائدي في الوحي الإلهي، عدد 10. يركّز هذا العدد من الوحي الإلهي على وديعة كلمة الله التي أوكلت إلى الكنيسة، ومهمَّة تفسير كلام الله الذي أوكِلَ إليها وحدها.

[12] راجع اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة، “مقدّمة قراءات الكتاب المقدَّس في القدّاس الماروني” في كتاب الرسائل والإنجيل، ص.أ-ص.

[13] لكلِّ أحدٍ في الليتورجيَّا المارونيّة حدثه الإنجيليّ وقراءاته، وقراءات الأسبوع متعلِّقة به.

[14] راجع الصيغة الثالوثيّة التي تردِّدها ليتورجيَّتنا المارونيَّة في كلِّ قدَّاس، مُقتبسةً إيَّاها من رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهلِ قورنتس (2 قور 13: 13).

[15] يو 1: 14.

[16] نشير إلى أنّ كُتب القراءات في كنيستنا المارونيّة (راجع اللجنة البطريركيَّة للشؤون الطقسيَّة، كتاب الرسائل والإنجيل (بكركي 2005)، مقدّمات كلّ أسبوع)، تحوي شروحًا تفصيليّة عن كلّ أحد وارتباط قراءات الأسبوع به. فما نقوم به هنا يعطي فقط مفاتيح لهذه المقدّمات دون أن تحلّ مكان كتب القراءات.

[17] تساعيّة عيد الميلاد المجيد، صلاة المساء – قراءات – زيّاح الميلاد – أناشيد الميلاد (الكسليك 1993)، ص. 29.

[18] أش 64: 1.

[19] “طوبى لكِ يا كنيسةَ الإيمَان خِطّيبُكِ أعطَاكِ خُبْزًا طَيّبًا قُرْبَان فِي عُرْسِكِ أَسْقَاكِ خَمْرَةً تُروِي العَطْشَان الخُبزَ كُليهِ نَار والخَمرَ اشرَبِيهِ رُوح بالنَّارِ ازدَانِي والرُّوح وادخُلِي خِدْرَ الأنْوَار”، اللحن الأوّل من خدمة أحد تقديس البيعة وتجديدها في كتاب القدّاس بحسب طقس الكنيسة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة، كتاب المؤمنين (بكركي 2005)، ص. 68.

[20] المرجع نفسه، صلاة الغفران، ص. 97.

[21] “أنتَ الكروبُ يا يوسُفُ الـمُختارُ الحَامِي الرَّبَّ الحارِسُ البِكْرَ”، اللحن الثاني من صلاة مساء أحد البيان ليوسف في كتاب زمن الميلاد المجيد، صلوات المساء والصباح ونصف النهار (الكسليك 1977)، ص. 356.

[22] “جِبريلُ بالأمْرِ طَار مِنْ مَشَارِفِ الأنوَار راحَ يُبْلِغُ البُشْرَى شَيخًا يَسْحَبُ العُمرَ…” كتاب القدّاس، اللحن الأوّل، ص. 76.

[23] “يا رَوعَ الحَمْلِ البَاهِرْ المحنيَّةَ العَاقِر…”، اللحن الأوّل من صلاة مساء أحد زيارة العذراء، في كتاب زمن الميلاد المجيد، ص. 292.

[24] يو 1: 8.

[25] أف 2: 14-15.

[26] “مَن ضَاقَت عَنْهُ الأقْطَار فَوقَ كَفَّيهِ الأبحَار مِن بَهَاهُ السَّرافُونْ وَاقِفُونَ هيَّابُون، مَتْنُ النَّارِ والرُّوحِ مُهَيَّأٌ لِلعَالِي الجَبَّار. إِرتَدَى وَهْنَ الجَسَد، عُمِّدَ في الأردنﱢ، تَعَالى النَّازِل، مِنْ كَفﱢ العَبْدِ اعْتَمَد. والآبُ الصَّوْتُ القَائِل: ذَا حَبِيبِي، آثَامَ الدُّنْيَا حَامِلْ!”، اللحن الأوَّل من صلاة مساء عيد الدنح المجيد، في كتاب زمن الدنح المجيد، صلوات المساء والصباح ونصف النهار (الكسليك 1978)، ص. 5.

[27] يو 1: 29.

[28] متى 28: 19.

[29] متى 3: 17.

[30] سِدْرُو صلاة الغفران من خِدمة أحد الكهنة، في كتاب القدّاس، ص. 199.

[31] “…رَبﱢ هَبْنَا صُلاَّحًا يَبْقَونَ فِينَا، طِيبًا مِنْكَ فَوَّاحًا يُذكِي وَادينَا…”، لحن البخور في خدمة صلاة مساء وصباح أحد الأبرار والصدﱢيقين، في كتاب زمن الدنّح المجيد، ص. 276، 294.

[32] الصلاة الختاميّة من خدمة صلاة صباح أحد الموتى المؤمنين، في كتاب زمن الدّنح المجيد، ص. 332.

[33] مز 122: 1.

[34] يو 2: 11.

[35] يو 2: 25.

[36] “رَبّي الآتي آسِيًا تُحيي الآنام تَشفي كُلَّ العَاهَاتِ فِي الأرواحِ والأجْسَام بَلسِم جُرحَ الإنسانِ بالرﱢفقِ والتَّحْنَانِ…”، اللحن الأوّل من صلاة صباح أحد المخلَّع، في كتاب زمن الصوم الكبير، صلوات المساء والصباح ونصف النهار (الكسليك 1979)، ص. 389.

[37] “مَا قُلْتَ يا ابنَ اللهِ ذُو بَسَاطَةٍ كَالنُّورْ، كُلُّ غائصٍ فيهِ فِي لُجٍّ صافٍ مَغْمُور. ألعَجِينُ الـمَخمُورُ عُمْقُ سِرﱟ لا مَسْبُور. ألخَمِيرُ أَنتَ الحيّ ألكَونُ بِهِ مَخْمُور. قد هَبَطَّتَ وَادِينا مِن مَغنَاكَ النُّورَانيّ صِرْتَ لابِسًا مِنَّا جِسْمَ طَبْعٍ إِنْسَانيّ. ألخَمْرَ الإلَهيَّ خَمَّرْتَ الطَّبْعَ الفَانِي، بِالحَيَاةِ والرُّوحِ نَهْجَ قُدْسٍ فَتَّانِ. بالآلامِ صَيَّرْتَ الآلامَ فِدًا حُرَّا، خَمَّرْتَ تُرْبَ القَبْرِ عَنْ خِصْبِ البَعْثِ افْتَرَّا. خُبزُ اللَّحمِ والدَّمِ تألِيهًا فِينًا قَرَّا، إيَّاكَ نَشدُو الحُبَّ، الآبَ والرُّوحَ الشُّكْرَ”، لحن باعوت مار أفرام في صلاة صباح اثنين الصوم (الأسابيع الثلاثة الأولى)، في كتاب زمن الصوم الكبير، ص. 58.

[38] متى 5: 17.

[39] راجع اللحن الأوّل من خدمة أحد شفاء الأبرص، في كتاب القدّاس، ص. 241.

[40] راجع تك 3: 8.

[41] “مَنْ يَخْشَاهُ جَوْقُ النُّورِ الجَوْقُ اللهَّابْ، لَم يُحْرِقْهَا إِذْ مَسَّتْهُ ذاتُ الأَوصَابْ. يَغشَى الرُّعْبُ النُورِيِّينَ عِنْدَ قُرْبِهْ، ذَاتُ النَّزْفِ لَمْ يَرْعَبْهَا لَثْمُ ثَوْبِه”، لحن البخور من خدمة أحد شفاء المنزوفة، في كتاب القدّاس، ص. 253.

[42] “أُنظُر يا ربّ لخَطِيئَتِنَا وَذَبِيحَتِنَا، فَذَبيحَتُنا أَعْلَى جِدًّا مِنْ خَطِيئَتِنا”، كلمات الليتورجيّا المارونيّة، في كتاب القدّاس، ص 997.

[43] أش 53: 3.

[44] قول 1: 16-17.

[45] استخدمَ المسيحيُّون الأوَّلونَ المرساة للإشارةِ إلى الصَليبِ الـمُحيي، بل إلى السيّد المسيح نفسه. تُشبهُ المرساة الصليبَ شكلاً، وتوحي بعَمَلهِ فعلاً، أي إيصالِ البشر إلى مِيناء الأمان والخلاصِ والنجاة، بعدَ أخطارِ البحرِ وحتَّى البَرّ. وَلعَلَّ أصل استخدام هذا الرمز يأتي من الرسالة إلى العبرانيين حيث يقول كاتب الرسالة: “وَهذا الرَّجاءُ هُوَ لَنا مِرساةٌ أمينةٌ راسِخَةٌ، تَلِجُ إِلى داخِلِ الحِجَابِ، إِلى حيثُ دخلَ يسوعُ مِن أجلِنا كسابِقٍ، فصارَ على رتبةِ ملكيصادَقَ عظيمَ أحبارٍ إلى الأبد” (عب 6: 19-20).

[46] روم 6: 23.

[47] اللحن الثاني من صلاة مساء اثنين الآلام، في كتاب أسبوع الآلام، صلوات المساء والصباح ونصف النهار والغفران (الكسليك 1976)، ص. 6.

[48] “عِنْدَ الفَجْرِ شِيلَ حَيًّا مِنْ قَعْرِ ذَاكَ البِئرِ يُوسُفُ الأَصْغَر! هُمْ إِخْوَانُ عَهْدَ حُبـﱢـهِم خَانُوا بَاعُوا الغَالِي بالبَخْسِ الأصْفَر….”، اللحن الثاني من صلاة صباح إثنين الآلام، في كتاب أسبوع الآلام، ص. 27.

[49] “…إِنّي أُحِبُّ الخاطِي يأتِيني تائِبْ فِي الدَّمعِ ذائبْ! إنَّ فِي تِلْكَ المرأة مِنْ إِيمَانٍ وَجُرأة أَغلَى مَا فِي الإنسانِ: يا لَلإيمانِ!”، في كتاب أسبوع الآلام، ص. 106.

[50] “هذا عُربونُ حُبّي خُذُوهُ عَهْدًا جَدِيدًا ظَلُّوا اذْكُرُوهُ!”، نشيد الدخول من خدمة قدّاس خميس الأسرار، في كتاب القدّاس، ص. 327.

[51] يو 13: 15.

[52] “عَانِقِي عُودَ الـمَصلُوب، بِيعَةَ الفَادِي الـمَحبُوب، فِيهِ سُمـﱢر الجَبَّار كَاسِي الأَرْضِ بِالأَشْجَار…”، في خدمة رتبة سجدة الصليب يوم جمعة الآلام (الرتب المارونيّة 3؛ الكسليك 1984)، ص.12.  “مُباركٌ يومُ الجُمعه يَسقِي الرَّجا صِدْقَ الدَّمعَه تَشْدُو البِيعَه لِبَارِيهَا الابْنِ الحَبِيب ألممدُودِ عَلى الصَّلِيب رَهْنَ التَّعْذِيب”، اللحن بعد قراءات مساء وصباح الجمعة العظيمة، في كتاب أسبوع الآلام، ص. 179، 198.

[53] 1 قور 15: 14.

[54] “بِسِرﱢ قِيَامَةِ الـمَسيحِ رَبّنا، نَستَمِدُّ الغُفران وَنَهتِفُ مُباركٌ الذي بصَلبهِ أعتَقَنا مِنَ الطُّغيان…” ترنيمة المناولة في كلّ نوافير القدّاس الماروني.

[55] كتاب زمن القيامة المجيدة، صلوات المساء والصباح ونصف النهار (الكسليك 1977)، ص. 209.

[56] “…إرتَفعَ بالمجدِ عَنْ يُمنَى الآبِ الأعظَم، مِنْ أَسْرِ اللحْدِ حَرَّرَ الخَاطِي آدم! صَوبَ فِردَوسِ عَدْنٍ دَارِ الخُلْدِ، رَدَّ أَبْهَجَ العَالَم!”، نشيد دخول خدمة أربعاء الحواريّين، في كتاب القدّاس، ص. 367.

[57] 1 قور 15: 20.

[58] يو 13: 34.

[59] “يَا بَهْجَ الرُّسْلِ الأَطْهَار قَد نَالُوا وَعدَ الرَبﱢ. نَالُوا الرُّوحَ شِبْهَ النَّار، مِلءَ النُّورِ وَالحُبﱢ، رَاحُوا رَدُّوا لِلحَقﱢ كُلَّ الأَقْطَارْ بِالرُّوحِ النَار!”، نشيدُ الدخّول من خدمة أحد العنصرة، في كتاب القدّاس، ص. 420.

[60] “بِهَذا يَعْرِفُ الجَمِيعُ أنَّكُم تَلاميذي، إِنْ كَانَ فِيكُم حُبٌّ بَعْضِكُم لِبَعْض” (يو 13: 36).

[61] نشيدُ الدُّخولِ في خِدمة الأحدِ الثاني مِن زَمن العنصرة: أَحدِ الثَّالوث الأقدس، كتاب القدّاس، ص. 429.

[62] “إِنَّ فَخْرِ عُودُ العَار صَاحَ بُولُسُ الـمُخْتَار، أَلصَّلِيبُ تَاجُ الغَارْ، غَنَّتْ بِيعَةُ الأَنْوَار….”، اللحن الأوَّل من صلاة مساء عيد الصليب، في كتاب الشحيمة ]الزمن العادي[، النسخة العربيّة (الكسليك 1982)، ص. 120*.

[63] “يَا رَايَ النَّصْرِ الـمُبِين قَدْ رآهُ قُسطُنْطِين…”، اللحن الثاني من خدمة صلاة صباح عيد الصليب، في كتاب الشحيمة ]الزمن العادي[، ص. 141*.

[64] “جِسْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاء يَا صَلِيبَ فَادِينَا نَهْفُو مِنْ كُلﱢ الأَرْجَاء نَحْوَكَ فَتَحْمِينَا”، اللحن الأوَّل من صلاة مساء عيد الصليب، في كتاب الشحيمة ]الزمن العادي[، ص. 121*.

[65] “يَا عَمُودًا لِلحَقﱢ يَا رُكْنَ كُلﱢ الخَلْقِ، بِالفِدَاءِ وَحَّدْتَ بَيْنَ العُلْوِ وَالعُمْقِ….” نشيدُ الدخول في خدمة يوم الاثنين مِن أسبوع زمن الصّليب المجيد، في كتاب القدّاس، ص 606.

[66] U. Luz, The Theology of the Gospel of Matthew (New Testament Theology; Cambridge 19983) 125-132.

[67] متى 3: 17؛ 17: 5؛ مر 1: 11؛ لو 3: 22.

Scroll to Top