Almanara Magazine

أداة العمل للدورة الأولى

الجمعيّة العامّة العاديّة السادسة عشرة

لسينودوس الأساقفة

من أجل كنيسة سينودوسيّة :

شركة ومشاركة ورسالة

أداة العمل للدورة الأولى

(تشرين الأوّل/أكتوبر 2023)

قائمة المحتويات

مقدّمة

المسيرة حتّى الآن

أداة عملٍ للمرحلة الثانية من المسيرة السينودوسيّة

بنية النصّ

  • من أجل كنيسة سينودوسيّة. تجربة متكاملة

أ 1. العلامات المميّزة للكنيسة السينودوسيّة

أ 2. طريق إلى الأمام من أجل الكنيسة السينودوسيّة : محادثة في الروح

  • شركة ومشاركة ورسالة. ثلاث مسائل أوّليّة للكنيسة السينودوسيّة

ب 1. شركة تُشِعّ. كيف نكون علامة ووسيلة للاتّحاد بالله والوحدة مع البشريّة كلّها بشكل أكمل؟

ب 2. المسؤوليّة المشتركة في الرسالة : كيف يُمكننا مشاركة المواهب والمهامّ بشكل أفضل في خدمة الإنجيل ؟

ب 3. مشاركة وحوكمة وسلطة : أيّ مسارات وبِنى ومؤسّسات في الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة؟

          أدوات عَمَل للجمعية السينودوسيّة

مقدّمة

ب 1. شركة تُشِعّ

ب 1.1. كيف تُغذّي خدمة المحبّة والالتزام بالعدالة والعناية ببَيتنا المشترك الشرِكةَ في الكنيسة السينودوسيّة؟

ب 2.1 كيف يُمكن للكنيسة السينودوسيّة أن يتحوّل الوعد فيها إلى مصداقيّة حيث «الرحمة والحقيقة تتلاقيا» ؟ (مز 85، 11).

ب 3.1 كيف يُمكن للعلاقة الحيويّة أن تنمو من خلال تبادل الهبات بين الكنائس ؟

ب 4.1 كيف يُمكن للكنيسة السينودوسيّة أن تَؤدّي رسالتها من خلال التزامٍ مسكونيّ متجدّد؟

ب 5.1 كيف يُمكن أن نعترف بغنى الثقافات ونستفيد منها لتطوير الحوار بين الأديان في ضوء الإنجيل ؟

ب 2. المسؤوليّة المشتركة في الرسالة

ب 1.2 كيف يُمكننا أن نسير معًا نحو وعيٍ مشترك لمعنى الرسالة ومضمونها ؟

ب 2.2 ماذا ينبغي فعله لتكون الكنيسة السينودوسيّة كلّها كنيسة كهنوتيّة رساليّة؟

ب 2. 3 كيف يُمكن لكنيسة عصرنا أن تضطلع برسالتها بشكل أفضل من خلال إقرار أكبر بكرامة معموديّة النساء وتعزيزها ؟

ب 2. 4 كيف يُمكننا أن نُقيّم بشكل صحيح علاقة الخدمة الكهنوتيّة بخدمات المعموديّة من وجهة نَظَرٍ رساليّة؟

ب 5.2 كيف يُمكننا تجديد خدمة الأسقف وتعزيزها من خلال رؤية سينودوسيّة رساليّة؟

ب 3. مشاركة وحوكمة وسلطة

ب 1.3. كيف يُمكننا أن نُجدّد خدمة السلطة وممارسة المسؤوليّة في كنيسة سينودوسيّة رساليّة؟

ب 2.3. كيف يُمكننا تطوير مسارات صُنع القرار بطريقة سينودوسيّة صحيحة تحترم دور الروح الرئيسيّ ؟

ب 3.3. ما هي البِنى التي يُمكن تطويرها لتعزيز كنيسة سينودوسيّة ارسالية ؟

ب 3. 4 كيف يُمكننا إعطاء بِنية لنماذج السينودوسيّة والمجمعيّة التي تشمل تجمّعات من الكنائس المحلّيّة ؟

ب 5.3 كيف يُمكن تقوية مؤسّسة السينودوس لتُضحي تعبيرًا عن المجمعيّة الأسقفيّة داخل الكنيسة السينودوسيّة ؟

مقدّمة

« فليُعطِكُم إله الثّبات والتّشديد اتّفاق الآراء فيما بينكم كما يشاءُ المسيحُ يسوع، لِتُمجّدوا الله أبا ربّنا يسوع المسيح بقلبٍ واحدٍ ولسانٍ واحد » (رو 15: 5-6).

الطريق الذي اجتزناه حتّى الآن

  1. انطلقت مسيرة شعب الله منذ أن دعا البابا فرنسيس الكنيسة بأكملها إلى السينودوس في 10 تشرين ألاول/أكتوبر 2021. فقد شرعت الكنائس المحلّيّة في العالم كلّه في استشارة شعب الله، ابتداءً من المستوى المحلّي الأكثر حيويّة وبساطة، وفقًا للسؤال الأساسيّ المُصاغ في الرقم 2 من الوثيقة التحضيريّة: «كيف تتحقّق المسيرة معًا اليوم التي تجري على صُعُدٍ مختلفة (من الصعيد المحلّيّ إلى الصعيد العالميّ(، وتُتيح للكنيسة أن تُبشّر بالإنجيل، وفقًا للرسالة التي أوكلت إليها ؛ وما الخطوات الأخرى التي يدعونا الروح إلى اتّخاذها لننموَ ككنيسة سينودوسيّة ؟ » جُمِعَتْ ثِمار الاستشارة على الصعيد الأبرشيّ، ثُمّ اختُصرت وأُرسِلت إلى سينودوسات الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة وإلى المجالس الأسقفيّة. وبدورها، من ثَمّ، قامت بصياغة ملخّص أُرسِل إلى الأمانة العامّة للسينودوس.
  2. لخدمة مرحلة جديدة في مسيرة السينودوس الحاليّة، صيغت وثيقة العمل للمرحلة القاريّة استنادًا إلى قراءة وتحليل الوثائق التي جُمِعت. وقد أُعيدت مُسوَّدة العمل للمرحلة القاريّة إلى الكنائس المحلّيّة في جميع أنحاء العالم، ودُعيت إلى مناقشتها وإلى التلاقي للدخول في حوار في إطار الجمعيّات القاريّة السبع. إبّان هذا الوقت، استمرّ عملُ السينودوس الرقميّ أيضًا. كان الهدف من هذا كلّه التركيز على التصوّرات والتوتّرات التي تَردّدت أصداؤها بقوّة مع تجربة الكنيسة في كلّ قارّة وتحديد الأولويّات، من وجهة نظر كلّ قارّة، التي ينبغي معالجتها في الدورة الأولى من الجمعيّة السينودوسيّة (تشرين ألاول/أكتوبر 2023).
  3. لقد صيغت أداة العمل هذه على أساس جميع المواد التي جُمعت إبّان مرحلة الإصغاء، ولا سيّما الوثائق النهائيّة للجمعيّات القاريّة. وبإصدار هذه الوثيقة، اختُتمت المرحلة الأولى من السينودوس «من أجل كنيسة سينودوسيّة : شركة ومشاركة ورسالة»، وافتُتحت المرحلة الثانية، المؤلّفة من الدورتَين[1] (تشرين ألاول/أكتوبر 2023 وَ تشرين ألاول/أكتوبر 2024) حيث ستلتئم خلالها الجمعيّة العامّة العاديّة السادسة عشرة لسينودوس الأساقفة. إنّ الهدف من أداة العمل هذه هو الاستمرار في إحياء المسيرة السينودوسيّة في حياة الكنيسة العاديّة، وذلك لتحديد السُبُل التي يدعونا الروح القدس إلى المضيّ قدُمًا فيها كشعب واحد لله. إنّ الثمار التي نسعى إليها في الجمعيّة القادمة هي أن يُلهم الروح مسيرة الكنيسة لنسير معًا كشعب لله في الأمانة للرسالة التي ائتمننا الربّ عليها. الهدف من المسيرة السينودوسيّة، في الواقع، «ليس إنتاج الوثائق، بل كشْفُ آفاق أملٍ لتحقيق رسالة الكنيسة» (أداة العمل للمرحلة القاريّة، 6).
  4. لقد أتاحت المسيرة حتّى الآن، ولا سيّما المرحلة القاريّة، تحديد الحالات الخاصّة التي تعيشها الكنيسة في مناطق مختلفة من العالم والمشاركة فيها. وتشمل هذه حقيقة وجود حروب كثيرة تُلطّخ عالمنا بالدم، ممّا يستدعي التزامًا جديدًا من أجل بناء سلام عادل، كما أنّ التهديد الذي يُمثّله تَغيّر المناخ يَستلزم أولويّةً ضروريّة للعناية بالبيت المشترك، والصرخة لمعارضة النظام الاقتصاديّ الذي يُنتج الاستغلال وعدم المساواة وثقافة الإقصاء، والرغبة في مقاومة الفكر الأحاديّ للاستعمار الثقافيّ الذي يَسحق الأقلّيات. وهناك حالات الاضطهاد إلى حدّ الاستشهاد، والهجرة التي تُفرِغ المجتمعات تدريجيًّا وتُهدّد استمراريّتها، ممّا يبعث فينا الأسى الشديد. تحدّثت الكنائس المحلّيّة عن اهتمامها بأن تكون مجهّزة للتصدّي للوقائع الاجتماعيّة الملحّة، من تنامي التعدّديّة الثقافيّة التي تَطبع الآن الكوكب بأكمله، إلى تجربة الجماعات المسيحيّة التي تُشكّل أقلّيات مشتّتة داخل البلد الذي تعيش فيه، إلى تجربة التأقلم مع علمنة أكثر تقدّمًا، وأحيانًا عدوانيّة، التي تعتبر الاختبار الدينيّ غير ملائم، بيد أنّه ما برح هناك عطشٌ لبشارة الإنجيل. لقد تأثّرت الكنائس بشدّة بالأزمة الناجمة عن أشكال مختلفة من الانتهاكات في العديد من المناطق، بما في ذلك الاعتداء الجنسيّ وإساءة استخدام السلطة والضمير والمال. إنّها جراح مفتوحة، ومن ثَمّ لم تُعالج عواقبها بالكامل حتّى الآن. إضافة إلى التوبة التي تدين بها الكنيسة للضحايا والناجين من المعاناة التي تسبّبت بها، يجب عليها أن تضيف التزامًا آخر أكثر حدّة يقوم على الارتداد والإصلاح لِمَنْع حدوث حالات مماثلة مرّة أخرى في المستقبل.
  5. في هذا السياق، المتنوّع ولكن بِملامح عالميّة مشتركة، تَتِمّ المسيرة السينودوسيّة. ذلك بأنّه سيُطلب من الجمعية السينودوسيّة في تشرين الأوّل/أكتوبر 2023 الإصغاء بعمقٍ إلى الأوضاع التي تعيشها الكنيسة وتؤدّي رسالتها. إنّ معنى السير معًا يكتسب إلحاحًا رساليًّا عندما يخطر ببالنا هذا السؤال في سياق خاصّ مع أشخاص حقيقيّين وحالات واقعيّة. فالرهان هو القدرة على إعلان الإنجيل من خلال السير معًا مع رجالِ ونساءِ عَصرِنا أينما كانوا، وممارسة البُعد الجامعيّ الذي الذي ينشأ من السير مع الكنائس التي تعيش في ظروفٍ من المعاناة الخاصّة (راجع « الكنيسة »، رقم 23).
  6. نأتي إلى الجمعيّة السينودوسيّة حاملين الثمار التي جنيناها خلال مرحلة الإصغاء. لقد اختبرنا أوّلاً الفرح الذي عُبِّرَ عنه في اللقاء الصادق والمتّسم بالاحترام بين الإخوة والاخوات في الإيمان : لقاء بعضنا البعض يعني لقاء الربّ الذي يُقيم في وسطنا! ومن ثَمّ، تمكّنا من أن نلمس بأيدينا جامعيّة الكنيسة، التي، على الرغم من اختلاف الأعمار والجنس والظروف الاجتماعيّة، تُظهِر ثروة هائلة من المواهب والدعوات الكنسيّة، إذ هي الحارس على كنزٍ نفيس من الاختلافات في اللغّات والثقافات والتعابير الليترجيّة والتقاليد اللاهوتيّة. هذا التنوّع الثريّ، في الواقع، هو هبةُ كلّ كنيسة محلّيّة لجميع الكنائس الأخرى (راجع « الكنيسة »، رقم 13)، والحيويّة السينودوسيّة هي وسيلة لتقدير هذا التنوّع الثريّ وتعزيزه من دون إظهار المزيد من التماثُل. وهكذا اكتشفنا أنّ هناك أسئلة مشتركة، ولو أنّ اختبار السينودوسيّة وفهمها يُعبَّر عنه بِطُرُق مختلفة في أجزاء مختلفة من العالم على أساس الإرث المشترك للتقليد الرسوليّ. إنّ جزءٌا من تحدّي السينودوسيّة يكمن في تمييز المستوى الأفضل لمعالجة كلّ سؤال. هناك بعض التوتّرات التي نتشارك فيها بشكل متساوٍ. فلا ينبغي لنا، والحالة هذه، أن نخاف منها، وألاّ نسعى إلى حلّها، بل علينا بالأحرى أن ننخرط في التمييز المجمعيّ المستمرّ. بهذه الوسيلة فحسب، يُمكن أن تُصبح هذه التوتّرات مصدرًا للطاقة كي لا تنزلق في استقطابات مدّمرة.
  7. لقد جَدّدَتِ المرحلة الأولى وعينا بأنّ هويّتنا ودعوتنا يجب أن تُضحيا كنيسة سينودوسيّة بشكل مُطّرد: أن نسير معًا، يعني أن نًصبح سينودوسيّين، وهي الطريقة لنُصبح حقًّا تلاميذ وأصدقاء السيّد والرّب الذي قال عن نفسه : « أنا الطريق » (يو 14، 5). هناك رغبة عميقة اليوم : فبعد أن اختبرنا السينودوسيّة كهبة، نودّ ان نستمرّ على هذا النحو، مُدركين أنّ هذه الرحلة ستبلغ كمالها في اليوم الأخير، حينما نُصبح، بنعمة الله، جزءًا من تلك المجموعة التي يصفها سِفْرُ الرؤيا هكذا : « رأيتُ بَعْدَ ذلك جمْعًا كثيرًا لا يستطيع أحَدٌ أن يُحصِيَه، من كلّ أمّةٍ وقبيلةٍ وشَعبٍ ولِسانٍ، وكانوا قائمين أمام العَرشِ وأمام الحمل، لابسين حُللاً بيضاء، بأيديهِم سَعَفُ النخلِ، وهُم يَصيحونَ بأعلى أصْواتِهم فيقولون: الخلاصً لإلهنا الجالسِ على العرْشِ ولِلحمَل! » (رؤ 7: 7-9). يُقدّم لنا هذا النصّ صورة مجمعية نهائيّة، تسود فيها الشركة الكاملة عَبْرَ جميع الاختلافات التي تتكوّن منها، والاختلافات التي يتمّ الحفاظ عليها وتوحيدها في الرسالة الواحدة التي لم تكتمل بَعْد : للمشاركة في ليترجيّا التسبيح التي ترتفع، من كلّ المخلوقات بالمسيح، إلى الآب في وحدة الروح القدس.
  8. نعهد عَمَلَ الجمعية واستمرار التزامنا بكنيسة سينودوسيّة إلى شفاعة أخواتنا وإخوتنا، الذين يعيشون الآن الشركة الكاملة للقدّيسين (راجع « الكنيسة »، رقم 50)، ولا سيّما تلك التي هي الأولى بينهم (راجع « الكنيسة »، رقم 63)، مريم أمّ الكنيسة. نسأل أن يكون الاجتماع زمنًا لتدفّق الروح، لا بل أكثر من ذلك، كي ترافقنا النعمة حينما يحين الوقت لوضع ثمارها حيّز التنفيذ في الحياة اليوميّة للجماعات المسيحيّة في جميع أنحاء العالم.

أداة عمل للمرحلة الثانية من الرحلة السينودوسيّة

  • انعكست الملامح المميّزة التي طبعت سينودوس 2021-2024 على معنى الجمعيّة السينودوسيّة وحيويّتها، ومن ثَمّ على بِنية أداة العمل التي هي في خدمتها. وقد أدّت المرحلة التحضيريّة الطويلة، بنوعٍ خاصّ، إلى إنتاج العديد من الوثائق : الوثيقة التحضيريّة، تقارير الكنائس المحلّيّة، وثيقة المرحلة القارّيّة، والوثائق الختاميّة للجمعيّات القارّيّة. بهذه الطريقة، نشأت حلقة من التواصل المتبادل بين الكنائس المحلّيّة والأمانة العامّة للسينودوس. وثيقة العمل الحاليّة هذه لا تلغي الوثائق السابقة أو تستوعب كلّ ثراها، بل هي متأصّلة فيها وترجع إليها باستمرار. وفي التحضير للجمعيّة، يُطلب من أعضاء السينودوس أن يأخذوا بعين الاعتبار الوثائق السابقة، ولا سيّما وثيقة العمل القاريّة، والوثائق الختاميّة للجمعيّات القاريّة في مختلف القارات، وكذلك التقرير الرقميّ، واستخدامها كوثائق لتمييزها. وتُعتبر الوثائق الختاميّة للجمعيّات القاريّة، بنوعٍ خاصّ، ذات قيمة خاصّة للحفاظ على دقّة السياقات المختلفة والتحدّيات التي تطرحها كلّ منها. لا يُمكن للعمل المشترك للجمعيّة السينودوسيّة أن يتجاهل هذه المصادر وذلك من أجل تمييزها. قد تكون المواد التي جُمِعت في القسم الخاصّ من موقع السينودوس 2021-2024،www.synod.va  مفيدة أيضًا، ولا سيّما، الشركة الأسقفيّة، ووثيقتا اللجنة اللاهوتيّة الدوليّة، السينودوسيّة في حياة الكنيسة ورسالتها (2018) وحسّ الإيمان في حياة الكنيسة (2014).
  • نظرًا إلى وفرة المواد المتاحة حتّى الآن، فقد وُضِعت أداة العمل كمساعدة عمليّة لإدارة الجمعيّة السينودوسيّة في تشرين ألاول/أكتوبر 2023، ومن ثَمّ الإعداد لها. لذا، إنّ الوصف الذي تُقدّمه وثيقة العمل للمرحلة القاريّة هو أفضل من يستوفي شروط أداة العمل : « فهي ليست وثيقة صادرة عن سلطة الكنيسة، ولا تقرير مسحٍ اجتماعيّ، كما أنّها لا تُقدّم صياغة لدلالات عمليّة، ولأهداف وغايات، وهي ليست تحضيرًا لرؤية لاهوتيّة » (رقم 8). فهذا أمرٌ لا مفرّ منه، ذلك أنّ أداة العمل هي جزء من مسار غير مكتمل. ومع ذلك، تذهب أداة العمل إلى أبعد من وثيقة العمل للمرحلة القاريّة، إذ تُستَمدُّ من رؤى المرحلة الأولى، والآن، من عمل الجمعيّات القاريّة، ومن ثَمّ توضح بعض الأولويّات التي بَرَزَت بعد الإصغاء إلى شعب الله، إلاّ أنّها تتجنّب تقديمها على أنّها تأكيدات أو مواقف. وعوضًا عن ذلك، تُعبّر الوثيقة عنها كأسئلة موجّهة إلى الجمعية السينودوسيّة. تقتصر مهمّة الجمعيّة على تمييز الخُطى العمليّة التي تسمح باستمرارِ نُموّ الكنيسة السينودوسيّة، وهي خطوات ستُرفع فيما بعد الى الأب الأقدس. عندها فقط، ستكتمل ديناميكيّة الاستماع التي يجد فيها كلّ فرد ما يتعلّمه. المؤمنون ومَصفّ الأساقفة وأسقف روما : كلّ شخص يُصغي إلى الآخرين، والجميع يصغون إلى الروح القدس، « روح الحقّ » (يو 14، 17)، لمعرفة ما « يقوله للكنائس» (رؤ 2، 7)[2]. في ضوء ذلك، ليست الغاية من أداة العمل أن تكون مُسوَّدة أولى للوثيقة الختاميّة للجمعيّة السينودوسيّة، بل يجب أن تُصحَّحَ أو تُعدّل فحسب. إنّها، بالأحرى، تُقدّم فهمًا أوليًّا للبُعد السينودوسيّ للكنيسة الذي يُمكن على أساسه إجراء مزيد من التمييز. ما من شكّ في أنّ أعضاء الجمعيّة السينودوسيّة هم المتلقّون الأوّلون لأداة العمل، إلاّ أنّه سيتمّ نشرها على الملأ، لا للشفافيّة فحسب، بل للإسهام في تطبيق المبادرات الكنسيّة. بِوسع هذه الوثيقة، بنوع خاصّ، أن تُشجّع المشاركة في الحيويّة السينودوسيّة على المستويَين المحلّيّ والإقليميّ، إلى حين صدور نتيجة اجتماع تشرين ألاول/أكتوبر. وستوفّر هذه الوثيقة مزيدًا من المواد التي في ضوئها ستُدعى الكنائس المحلّيّة إلى الصلاة والتفكير والعمل لتُقدّم إسهامها الخاصّ.
  • الأسئلة التي تطرحها أداة العمل ليست سوى تعبيرٍ عن غنى المسار التي استُخلصت منها: إنّها أسئلة تحمل بصمة الأسماء والأوجه الخاصّة بالذين شاركوا فيها، وتَشهد على تجربة إيمان شعب الله وتكشف، من ثَمّ، حقيقة تجربة متعالية. وهي تُشير، من وجهة النظر هذه، إلى الأفق الذي نحن مدعوّون إلى السير نحوه بثقة، لتعميق الممارسة السينودوسيّة في الكنيسة. المرحلة الأولى تُمكّننا من فَهْمِ أهمّيّة اتّخاذ الكنيسة المحلّيّة مرجعيّة[3] مُميّزة، كمكان لاهوتيّ يُمارِسُ فيه المعمّدون عمليًّا تجربة « السير معًا ». ومع ذلك، لا تقود هذه التجربة إلى الانسحاب، إذ لا يُمكن لأيّ كنيسة محلّيّة أن تعيش خارح العلاقات التي تُوحّدها مع الآخرين، بما في ذلك تلك العلاقة الخاصّة بكنيسة روما، التي يُسند إليها خدمة الوحدة بفعل وظيفة راعيها، الذي دعا الكنيسة بأكملها إلى السينودوس.
  • هذا التركيز على الكنيسة المحلّيّة يقتضي أن نأخذ بعين الاعتبار تنوّع ثقافاتها ولغّاتها وأنماط تعبيرها. فالكلمات نفسها – نُفكّر، على سبيل المثال، في السلطة والقيادة – بنوع خاصّ، يُمكن أن يكون لها أصداء ودلالات في لغة مختلفة ومناطق ثقافيّة، ولا سيّما حينما يرتبط المصطلح بمقاربات نظريّة أو لاهوتيّة دقيقة. تسعى أداة العمل إلى تجنّب اللغة التي تُقَسِّم على أمل تعزيز تفاهم أوسع بين أعضاء الجمعيّة السينودوسيّة الذين ينتمون إلى مناطق وتقاليد مختلفة. رؤية المجمع الفاتيكانيّ الثاني هي نقطة المرجعيّة المشتركة، بدءًا من جامعيّة شعب الله، إذ بفِعلها « يحمل كلُّ جزءٍ إلى الأجزاء الأخرى، وإلى الكنيسة كلِّها جمعاء، ميزات مَواهبهِ الخاصّة، بحيثُ إنّ الكُلَّ، وكلَّ جزءٍ منه، ينمو، بما يَمدُّه به الجميعُ، وبسعيهم المشترك المتناسق نحو الملء في الوحدة. […] بدون ما ضَيرٍ لأوّليّة كُرسيّ بطرس الذي يَرئِس تجمّعَ المحبّة الجامع، ويَكفلُ التنوّعاتِ المشروعة، ويسهرُ في الوقت نفسه على الخصوصيّات، لا لئلاّ تُضِرَّ بالوَحدة فحسب، بل بالحريّ لتعودَ عليها بالنفع أيضًا » (« الكنيسة » 13). تتحقّق الكاثوليكيّة في العلاقة الداخليّة المتبادلة بين الكنيسة الجامعة والكنيسة المحلّيّة، « وبها تقوم الكنيسة الكاثوليكيّة الواحدة والوحيدة » (« الكنيسة» 23). المسار السينودوسيّ الذي عُبّر عنه لأوّل مرّة في الكنائس المحلّيّة بلغ مرحلته الثانية في الكنيسة الجامعة، مع انطلاق دورتين للجمعيّة العامّة العاديّة السادسة عشرة لسينودوس الأساقفة.

بِنية النصّ

  1.  أداة العمل هذه مقسّمة إلى قسمَين، يتوافقان مع المهمّات الموكلة إلى الجمعيّات القاريّة (وبالتالي مع محتويات الوثائق الختاميّة المرتبطة بها) : أوّلاً، دُعيت الجمعيّات القاريّة إلى إعادة قراءة المسار المتّبع خلال المرحلة الأولى، لتحديد ما تعلّمته الكنيسة من كلّ قارّة في تجربة عَيْشِ البُعد السينودوسيّ في خدمة الرسالة ؛ ثانيًا، دُعيت الجمعيّات القاريّة إلى التفكير في أمانة سرّ السينودوس وتمييز الصدى الناجم عن الكنائس المحلّيّة في القارة، لتحديد الأولويّات بُغية مواصلة التمييز خلال الجمعيّة السينودوسيّة.
  2. يسعى القسم أ من أداة العمل، بعنوان « من أجل كنيسة سينودوسيّة »، إلى جَمْعِ رؤى الطريق الذي اجتزناه حتّى الآن. يستعرض القسم، أوّلاً، سلسلة من الخصائص الأساسيّة أو العلامات المميّزة للكنيسة المجمعيّة. ومن ثَمّ، يُعَبّر عن الوعي بأنّ الكنيسة السينودوسيّة تتميّز أيضًا بطريقة معيّنة للعمل. وفقًا لنتيجة المرحلة الأولى، التخاطب في الروح هو هذا النهج في العمل. وسيتدعى الجمعيّة إلى الإجابة عن هذ الرؤى بهدف توضيحها وصَقلها. القسم ب من أداة العمل، « بعنوان شركة ورسالة ومشاركة »[4]، يُعبّر، بشكل أسئلة ثلاثة، عن الأولويّات التي تبرز بقوّة من عمل جميع القارّات، ومن ثَمّ وضعها أمام الجمعيّة للتمييز. ولمساعدة مسار عمل الجمعيّة السينودوسيّة، ولا سيّما فريق العمل، اقتُرِحت خمس أدوات عَمَل لكلّ من الأولويّات الثلاث، ممّا يتيح لها التعامل معها من زوايا مختلفة.
  3. الأولويّات الثلاث للقسم ب، التي طُوّرت من خلال أدوات العمل المختصّة، تُغطّي مواضيع واسعة ذات أهمّيّة كبيرة. من الممكن أنّ يكون الكثير منها موضوعًا لسينودوس كامل، وبعضها كان موضوعًا بالفعل. تدخّلات السلطة التعليميّة في عددٍ من الحالات كثيرة ومُحدّدة جيّدًا. كما لا يُمكن، خلال الجمعيّة، التعاطي معها على نطاق واسع، إذ لا ينبغي النظر فيها، قبل كلّ شيء، بشكل مستقلّ بعضها عن بعض. فبدلاً من ذلك، ينبغي أن تُعالج استنادًا إلى علاقتها بالموضوع الحقيقيّ للعمل، أي الكنيسة السينودوسيّة. الإشارات إلى الضرورة الملحّة لتكريس الاهتمام الكافي بالأُسَر والشباب، على سبيل المثال، لا تهدف إلى تحفيز معالجة جديدة لخدمة الأُسْرة والشباب. ذلك أنّ الغرض منها هو المساعدة على التركيز على كيفيّة تطبيق استنتاجات الجمعيّات العاديّة العامّة السابقة لسينودوس الأساقفة (2015 و 2018) والإرشادات الرسوليّة السينودوسيّة المتعاقبة، فرح الحبّ و المسيح يحيا، لأنّه يُمثّل فرصةً للسير معًا ككنيسة قادرة على الترحيب والمرافقة وقبول التغييرات الضروريّة في القواعد والبِنى والإجراءات. الأمر نفسه ينطبق على العديد من القضايا الأخرى التي تبرز في مواضيع المناقشة.
  4. الالتزام المطلوب من الجمعيّة وأعضائها هو دَعْم توازن حيويّ بين الحفاظ على نظرة عامّة، تُميّز العمل الموجز في القسم ب، وتحديد الخطوات العمليّة التي يجب اتّخاذها بطريقة ملموسة في الوقت المناسب، وهو عملٌ سيكون محور القسم ب. في هذا الأمر سيُعتمد على ثمار تمييز الجمعيّة السينودوسيّة حيث ستكون مهمّتها فَتْح الكنيسة كلّها للترحيب بصوت الروح القدس. قد يأتي الإلهام في هذا العمل من التفكير في صياغة الدستور الراعويّ « فرح ورجاء »، الذي يتكوّن من قسمين، يختلفان في الطابع والتركيز، إلاّ أنّهما « واحد في ذاته » (« فرح ورجاء »، الحاشية 1).


من أجل كنيسة سينودوسيّة

تجربة متكاملة

« إنّ المواهب على أنواع وأمّا الروح فهو هو، وإنّ الخدمات على أنواع وأمّا الرّبّ فهو هو، وإنّ الأعمال على أنواع وأمّا الله الذي يعمل كلّ شيء في جميع الناس فهو هو. كلُّ واحدٍ يتلقّى ما يُظهِرُ الرّوحَ لأجل الخير العامّ (1قو 12: 5-7).

  1. هناك سِمَةٌ مشتركة تُوحِّدُ سَرْدَ مراحل الطور الأوّل : إنّها مفاجأة عَبّرَ عنها الحاضرون الذين تمكّنوا من المشاركة في المسيرة السينودوسيّة بطريقة فاقَتْ توقّعاتهم. يُقدّم المسار السينودوسيّ للمشاركين فرصةً للقاءٍ في الإيمان يُقوّي الرباط مع الرّبّ والأخوّة بين الناس والمحبّة للكنيسة، ليس على المستوى الفرديّ فحسب، بل يشمل الجماعة بأسرها ويُنشّطها. التجربة هي تجربة أفقِ رجاء ينفتح على الكنيسة، وعلامة واضحة على حضور الروح وعمله الذي يُرشدها عَبْرَ التاريخ في طريقها إلى الملكوت (راجع « الكنيسة » 5) : « مُمثّل السينودوس الأوّل هو الروح القدس »[5]. في هذا السياق، كُلّما قُبِلَت دعوة السير معًا بكثافة، أصبح السينودوس طريقًا يسلكه شعب الله بحَماس، ولكن من دون سذاجة. في الواقع، المشاكل والمقاومات والصعوبات والتوتّرات ليست مستترة أو مخفيّة بل مُحدّدة وتُسمى باسمها بفضل سياق حوارٍ حقيقيّ يُمكّن من التحدّث والاستماع بحرّيّة وإخلاص. ويُمكن معالجة القضايا التي غالبًا ما تُطرح بطريقة معادية، أو التي تفتقر فيها حياة الكنيسة اليوم إلى مكان للقبول والتمييز، بِطُرقٍ إنجيليّة في إطار المسار السينودوسيّ.
  2. إنّ مصطلحًا مجرّدًا أو نظريًّا مثل مصطلح السينودوسيّة بدأ يتجسّد في تجربة واقعيّة. فمن الإصغاء إلى شعب الله يبرز استيعاب تدريجيّ للسينودوسيّة وفَهْمها من الداخل، لا ينجم عن إعلان مبدأ أو نظريّة أو صيغة، بل ينشأ من الاستعداد للدخول في حيويّة بنّاءة، مُحترمة ومُصلّية ومُصغية ومُحاورة. يكمن في أساس هذا المسار القبول الشخصيّ والجماعيّ لشيء يُمثّل هبة وتحدّيًا في الوقت نفسه : أن نكون كنيسة من الأخوات والإخوة في المسيح يُصغون بعضهم إلى بعض، فَهُمْ بفِعْلِهم هذا يَتحوّلون تدريجيًّا بالروح.

أ 1. العلامات المميّزة للكنيسة السينودوسيّة

  1. في إطار هذا الفهْم الشامل، ينشأ وعي بخصائص معيّنة أو علامات مميّزة للكنيسة السينودوسيّة. لذا، ينبغي لنا أن نستقرّ فيها ونتأمّل فيها معًا ضمن هذه القناعات المشتركة لمتابعة الرحلة من أجل توضيحها وتنقيحها إبّان العمل الذي تقوم به الجمعيّة السينودوسيّة.
  2. هذا ما ينجم بقوّة كبيرة عن جميع القارّات : وَعيٌ بأنّ الكنيسة السينودوسيّة تقوم على الاعتراف بالكرامة المشتركة المستمدّة من المعموديّة، ممّا يجعل كلّ من يقبلها أبناء أو بنات الله، وأعضاء في أسرة الله، ومن ثَمّ، إخوة وأخوات في المسيح، يَسكن الروح القدس فيهم ويُرسلون لإنجاز رسالة مشتركة. هذا يعني في لُغة بولس : « أنّنا اعتمدنا جميعًا في روح واحد لنكون جسدًا واحدًا، أيَهودَ كُنّا أم يونانيّين، عبيدًا أم أحرارًا، وشربنا من روحٍ واحدٍ » (1قو 12، 13). وهكذا تَخلق المعموديّة مسؤوليّةً مشتركة حقيقيّة بين جميع أعضاء الكنيسة، تتجلّى في مشاركة الجميع، بمواهب كلّ منهم، في رسالة الكنيسة وبناء الجماعة الكنسيّة. لا يُمكن فَهْم الكنيسة السينودوسيّة إلاّ في أفُق الشركة، التي هي دومًا رسالة لإعلان الإنجيل وتجسيده في كلّ أبعاد الوجود البشريّ. الشركة والرسالة تتغذّيان من المشاركة المشتركة في الإفخارستيّا التي تجعل من الكنيسة جسدًا « متماسكًا وملتحمًا » (أفسس 4، 16) في المسيح، قادرًا على السير معًا نحو الملكوت.
  3. هذا الوعي المتأصّل ليس سوى تعبيرٍ عن الرغبة في كنيسةٍ باتَت أيضًا سينودوسيّة بشكل مُطّرد في مؤسّساتها وبنيتها وإجراءاتها، بحيث تُشكّل فضاء لا تتأكّد فيه كرامة المعموديّة المشتركة والمسؤوليّة المشتركة للرسالة فحسب، بل تُمارَس وتُطبّق أيضًا. في هذا الفضاء، مُمارسة السلطة في الكنيسة تُقدّر كعطيّة، مصحوبة برغبة في أنّها تتكوّن بشكل مُطّرد كما « يُسمّيها الكتاب المقدّس بصراحة ”ذياكونيا“، أي خدمة المحبّة » (« الكنيسة » 24)، على غرار يسوع، الذي انحنى ليَغسل أرجل تلاميذه (راجع يو 13: 1-11).
  4. « الكنيسة السينودوسيّة هي كنيسة إصغاء»[6] : هذا الوعي هو ثمرة تجربة المسيرة السينودوسيّة، أي الإصغاء إلى الروح من خلال الإصغاء إلى الكلمة والإصغاء بعضنا إلى بعض كأفراد وَسَطَ الجماعات الكنسيّة، من المستوى المحلّيّ إلى المستويَين القاريّ والعالميّ. ففي رأي الكثيرين، المفاجأة الكبرى كانت تجربة الإصغاء من قبل الجماعة، لأوّل مرّة في بعض الحالات، وبالتالي الحصول على اعتراف بقيمتهم الإنسانيّة الفريدة التي تَشْهَدُ على حبّ الآب لكلّ من أبنائه وبناته. لا تكتسب تجربة الإصغاء بهذه الطريقة بُعْدًا عمليًّا فحسب، بل تُعبّر أيضًا عن عُمقٍ لاهوتيّ وكنسيّ، لأنّها تقتفي مثال كيف أصغى يسوع إلى الناس الذين التقى بهم. هذا النمط من الإصغاء ضروريّ لتمييز العلاقات وتغييرها، تلك التي تقيمها الجماعة المسيحيّة بين أعضائها، وكذلك مع الجماعات الدينيّة الأخرى ومع المجتمع ككُلّ، وبخاصّة مع الذين غالبًا ما يَتمّ تجاهل أصواتهم.
  5. ترغب الكنيسة السينودوسيّة، ككنيسة ملتزمة بالإصغاء، في أن تكون متواضعة، وتعلم أنّه ينيغي لها أن تطلب المغفرة، وأنّ عليها أن تتعلّم الكثير. فقد أشارت بعض التقارير إلى أنّ مسيرة السينودوس هي حتمًا مسيرة توبة، إذ أقرّت بأنّنا لم نعِشْ دومًا البُعدَ السينودوسيّ التأسيسيّ في الجماعة الكنسيّة. يحمل وَجْهُ الكنيسة اليوم علامات أزمات خطرة تظهر في انعدام الثقة وانعدام المصداقيّة. ففي العديد من السياقات، الأزمات المرتبطة بالاعتداء الجنسي، وإساءة استخدام السلطة والمال والضمير، دفعت الكنيسة الى فحص ضمير صارم لتتجدّد « بفعل الروح القدس » («الكنيسة» 9)، « وتستمرّ على التجدّد الذاتيّ » في مسيرة توبة وارتداد تَفتَحُ دروب المصالحة والشفاء والعدالة.
  6.  الكنيسة السينودوسيّة هي كنيسة لقاء وحوار. على الدرب الذي سلكناه، بَرَزَ هذا الوجه من السينودوسيّة بقوّة خاصّة في العلاقة بالكنائس والجماعات الكنسيّة الأخرى التي نتّحد بها برباط معموديّة واحدة. الروح الذي أمسى « مبدأ الوَحدة للكنيسة » (« الحركة المسكونيّة » 2)، يعمل في هذه الكنائس والجماعات الكنسيّة، ويدعونا إلى السير معًا في دروب المعرفة المتبادلة، وإلى المشاركة وبناء حياة مشتركة. وعلى المستوى المحلّيّ، تَبرُز بقوّة أهمّيّة ما تَمّ إنجازه معًا مع أعضاء من الكنائس والجماعات الكنسيّة المختلفة، ولا سيّما كشاهدٍ مشترك في السياقات الاجتماعيّة والثقافيّة المناقضة إلى حدّ الاضّطهاد – هذه هي مسكونيّة الاستشهاد – وفي مواجهة الطوارئ البيئيّة. وانسجامًا مع السلطة التعليميّة للمجمع الفاتيكانيّ الثاني، تَبرُز في كلّ مكان رغبة عميقة في تعميق المسيرة المسكونيّة : لا يُمكن للكنيسة السينوديّة الأصيلة إلاّ أن تشمل الذين يشتركون في المعموديّة الواحدة.
  7.  الكنيسة السينودوسيّة مدعوّة إلى ممارسة ثقافة اللقاء والحوار مع مؤمني الديانات الأخرى ومع الثقافات والمجتمعات التي اندمجت فيها، ولكنّها مدعوّة، قبل كلّ شي، إلى مواجهة الاختلافات العديدة التي تمُرّ بها الكنيسة اليوم. الكنيسة لا تخاف من التنوّع الذي تحمله، بل تُثمّنه من دون إكراهه على التوحيد. لقد كان المسار السينودوسيّ فرصةً للبدء في تَعَلُّم معنى عيش الوحدة في التنوّع، وهي مسألة أساسيّة لمواصلة الاستكشاف، وكلُّه ثقة بأنّ الطريق سيُصبح أكثر وضوحًا مع تقدّمنا. لذلك، تُروّج الكنيسة السينودوسيّة العبور من « الأنا » إلى « النحن ». إنّه فضاء يتردّد فيه صدى الدعوة لنكون أعضاء في جسم واحد يُقدّر التنوّعَ ولكن من صنع الروح. إنّه الروح الذي يَحُثّنا على الإصغاء إلى الرّبّ والاستجابة له كشعبٍ في خدمة رسالة واحدة متمثّلة في إعلان الخلاص إلى جميع الأمم الذي قدّمه الله في المسيح يسوع. يَحدُث هذا كلّه في تنوّع كبير من السياقات : لا يُطلب من أحدٍ أن يترك سياقه الخاصّ، بل يُطلب منه أن يفهمه وأن ينخرط فيه بشكل أعمق. وبالعودة إلى هذه الرؤية بعد تجربة المرحلة الأولى، تظهر السينودوسيّة أوّلاً، قبل كلّ شيء، كحيويّة تُنعِش الجماعات المحلّيّة الواقعيّة. وبالانتقال إلى المستوى الأكثر شموليّة، يشمل هذا الزخم أبعاد الكنيسة وواقعها، في حركة كاثوليكيّة أصيلة.
  8. تُثبت السينودوسيّة، التي تعيش في تنوّع السياقات والثقافات، أنّها بُعدٌ مكوِّن للكنيسة منذ نشأتها، ولو أنّها ما برحت في طور الإنجاز. في الواقع، تسعى السينودوسيّة إلى أن تدخل حيّز التنفيذ بشكل كامل أكثر من أي وقت مضى، معبّرة عن دعوة متأصّلة إلى التغيير والصلاة والعمل للجميع. في هذا المعنى، الكنيسة السينودوسيّة منفتحة ومضيافة وتحضن الجميع. حركة الروح هذه تجتاز جميع الحدود لتجذب الناس إلى حيويّتها. كما أنّ طبيعة المسيحيّة الراديكاليّة ليست امتيازًا لبعض الدعوات الخاصّة، بل دعوة إلى بناء جماعة تعيش الشهادة وتشهد لها في طريقة مختلفة لفَهْمِ العلاقة بين بنات الله وأبنائه، مُجتمع يُجسّد حقيقة الحبّ القائم على العطاء والمجّانيّة. الدعوة المتأصّلة إذن هي أن نبنيَ معًا، بروح سينودوسيّة، كنيسة جذّابة وملموسة : كنيسة منفتحة، يشعُر الجميع فيها بالترحيب.
  9. في الوقت عينه، تواجه الكنيسة السينودوسيّة بِصِدْق ومن دون خوف الدعوةَ إلى فَهْمٍ أعمق للعلاقة بين الحبّ والحقيقة وفقًا لدعوة بولس : « إذا عملنا للحقّ بالمحبّة نَمَونا وتقدّمنا في جميع الوجوه نحو ذاك الذي هو الرأس، نحو المسيح : فإنّ به أحكامَ الجسد كُلِّه والتحامه، والفضْلُ لجميع الأوصال التي تقوم بحاجته، ليُتابع نُمُوَّه بالعَمَلِ الملائمِ لكُلّ من الأجزاء ويبنيَ نفسه بالمحبّة » (أف 4: 15-16). ولكي نحتضن الجميع بشكل صحيح، لا بدَّ من الدخول في سرّ المسيح كيما نتحوّل ونتبدّل بالطريقة التي عاش بها العلاقة بين الحبّ والحقيقة.
  10. ما يُميّز الكنيسة السينودوسيّة هو قدرتها على إدارة التوتّرات من دون أن ترزح تحتها، واختبارها كمُحرّكٍ لتعميق كيفيّة حياة الشركة والرسالة والمشاركة وفهمها. السينودوسيّة هي طريق مُمَيّز للاهتداء، لأنّها تُعيد تكوين الكنيسة في الوحدة : فهي تشفي الجراح وتُصلح ذاكرتها، وتُرحّب بالاختلافات التي تحملها وتُخلّصها من الانقسامات المتفاقمة، ممّا يُمكّنها من تجسيد دعوتها بشكل كامل لتكون «في المسيح، أي العلامةِ والأداةِ لتحقيقِ الاتّحادِ الصميم ِ بالله وتَوحيدِ الجنسِ البشريّ» (« الكنسية » 1). الإصغاء الحقيقيّ والقدرة على إيجاد طُرُق لمواصلة السير معًا بعيدًا عن التشرذم والاستقطاب أمران لا مَفرّ منهما لكي تبقى الكنيسة حيّة وحيويّة ولتكون علامة قويّة لثقافات عصرنا.
  11. محاولةُ السير معًا تضعنا في اتّصال مع القلق الصحيح الناجم عن عدم الاكتمال، مُدركين أنّه ما زال هناك الكثير من الأشياء التي لا يُمكننا أن نَحملها أو نَتحمّلَها (راجع يو 16، 12). فهذه ليست مشكلة يجب حلّها، بل هي هديّة يجب تنميتها. نواجه سرّ الله الذي لا يُسبر، وبالتالي يجب أن نظلّ منفتحين على مفاجآته، إذ نسير عًبْر التاريخ نحو الملكوت. هذا كلّه ينطبق أيضًا على المسائل التي سَلَّطَ المسار السينودوسيّ الضوء عليها. لذا، يتطلّب الأمر، كخطوة أولى، الإصغاء والانتباه، من دون تَسرّع في تقديم حلول فوريّة.
  12. تَحَمُّلُ ثِقل هذه التساؤلات ينبغي ألاّ يكون عبئًا شخصيًّا يقع على الذين يشغلون بعض الأدوار، إلى حدّ الرزوح تحت وطأتها، بل يجب أن تكون مهمّة الجماعة بأكملها، التي غالبًا ما تكون حياتها المرتبطة بالأسرار استجابة فوريّة أكثر فعاليّة. لهذا السبب تتغذى الكنيسة السينودوسيّة باستمرار من نَبْع السرّ الذي تحتفل به في الليترجيّا، إذ «هي القمّة التي يرتقي إليها عَمَلُ الكنيسة» و « المنبع الذي تنبع منه كلّ قوّتها » (« الليترجيّا المقدّسة » 10)، ولا سيّما الإفخارستيّا.
  13. حين يتحرّر شعب الله من قلق النقص، يُصبح عدم اكتمال الكنيسة السينودوسيّة الذي لا مهرب منه، واستعداد أعضائها لقبول ضعفهم، مساحةً لعمل الروح الذي يدعونا إلى الاعتراف بعلامات وجوده. لهذا السبب، الكنيسة السينودوسيّة كنيسةٌ قائمةٌ على التمييز، في غنى المعاني التي يحملها هذا المصطلح في التقاليد الروحيّة المختلفة. لقد مكَّنَت المرحلة الأولى شعب الله من البدء في تجربة التمييز من خلال ممارسة الحوار مع الروح. وبما أنّنا نُصغي بانتباه إلى التجارب التي نعيشها بعضنا مع بعض، فإنّنا ننمو في الاحترام المتبادل ونشرع في تمييز إشارات روح الله في حياة الآخرين وفي حياتنا. بهذه الطريقة، نولي اهتمامًا أكبر « لما يقوله الروح للكنائس » (رؤ 2، 7)، في الالتزام والأمل في أن نُصبح كنيسة قادرة بشكل مُطّرد على اتّخاذ قرارات نبويّة تنبع من ثمار إرشاد الروح.

أ 2. طريق إلى الأمام من أجل الكنيسة السينودوسيّة : محادثة في الروح

  • إبّان المرحلة الأولى من السينودوس وفي جميع القارّات، كان هناك اعتراف بثمار الطريقة المشار إليها هنا باسم « المحادثة في الروح » أو « الطريقة السينودوسيّة » (راجع ص 20).
  • مصطلح المحادثة، في معناه الاشتقاقيّ، لا يشير إلى تبادل عامّ للأفكار، بل إلى حيويّة تُعبّر عن النطق بالكلمة وسماعها لتولّد الألفة، ممّا يُمكّن المشاركين من الاقتراب بعضهم من بعض. الاستخدام الدقيق « في الروح » يُحدّد المحور الرئيسيّ الحقيقيّ : ذلك أنّ رغبة الذين يَتحدّثون يميلون إلى الإصغاء إلى صوته، ينفتحون إلى العمل الحرّ بالصلاة، على غرار الريح التي تَهُبّ حيث تَشاء (راجع يو 3، 8). التخاطب بين الإخوة والأخوات في الإيمان يفتح المجال تدريجيًّا « للإصغاء معًا »، أي الإصغاء معًا إلى صوت الروح. إنّها ليست محادثة في الروح إذا لم يكن هناك خطوة إلى الأمام في اتّجاه مُحدّد، يكون غير متوقّعٍ في أغلب الأحيان، ويقود إلى عمل ملموس.
  • في الكنائس المحلّيّة، حَظيت المحادثة في الروح بالقبول و « اكتُشفت » أحيانًا على أنّها تُوفّر الجوّ الذي يُتيح مشاركة الخُبرات الحياتيّة ومساحة التمييز في الكنيسة السينودوسيّة. وفي الوثائق الختاميّة للمجالس القاريّة، وُصِفت المحادثة بأنّها لحظةُ عَنْصَرة، وفرصةٌ لاختبار مفهوم الكنيسة للانتقال من الإصغاء إلى إخوتنا وأخواتنا في المسيح إلى الإصغاء إلى الروح الذي هو المحرّك الأصيل الأوّل، وأنّ الكنيسة أُرسلت بواسطته. وفي الوقت نفسه، من خلال هذه الطريقة، تُضحي نعمة الكلمة والإفخارستيّا حقيقة ملموسة تُغيّر الواقع، تَشْهَدُ وتُحقّق المبادرة التي من خلالها يُصبح الربّ يسوع حاضرًا وفاعلاً في الكنيسة. يُرسلنا المسيح في مهمّة ويجمعنا حوله لنشكر الآب ونُمجّده في الروح القدس. من هنا جاء الطلب من جميع القارّات بأنّ هذه الطريقة تُحيي الحياة اليوميّة للكنيسة وتُعبّر عنها.
  •  المحادثة في الروح جزءٌ من تقليد طويل للتمييز الكنسيّ، أفرَزَ تعدّديّة في الطُرُق والمقاربات. لذا، تجدر الإشارة إلى التشديد على قيمتها الرساليّة الدقيقة. هذه الممارسة الروحيّة تُمكّننا من الانتقال من « الأنا » إلى « النحن » : فهي لا تغفل البعد الشخصيّ ولا تمحو الأنا، بل تعترف بها وتُدخلها في البُعد الجماعيّ. فحين يستطيع المشاركون أن يتكلّموا أو يصغوا بهذه الطريقة ويعبّرون عن الليترجيّا والصلاة، يصبح الربّ حاضرَا فيها ويجذبنا إلى أشكال أكثر أصالة في الشركة والتمييز.
  •  هناك العديد من الأمثلة على هذا النمط من المحادثة في العهد الجديد. فقد قُدِّم بيان نموذجيّ من خلال لقاء الربّ القائم من الموت مع تلميذين وهما في طريقهما إلى عِمّاوس (راجع لو 24: 13-35) ؛ والتفسير الذي أُعطي في المسيح يحيا 237). فكما يوضح اختبارهما، المحادثة في الروح تَبني الشركة وتُحوّل الديناميكيّة إلى رسالة. في الواقع، رجع الإثنان إلى الجماعة التي تركاها للمشاركة في إعلان الفصح بأنّ الربّ قد قام.
  • المحادثة في الروح، في حقيقتها الواقعيّة، يُمكن وصفها على أنّها صلاة مشتركة تهدف إلى التمييز الجماعيّ، يُعدّ المشاركون فيها أنفسهم للتأمل والتفكير الشخصيّين. إنّهم يُقدمّون بعضهم إلى بعض هِبَةَ كلمةٍ تأمّليّة تتغذّى بالصلاة، وليس بالرأي الارتجاليّ. ترتبط الحيويّة بين المشاركين بثلاث خطوات أساسيّة. خُصّصت الخطوة الأولى لكلّ شخص يأخذ الكلام، انطلاقًا من خبرته أو خبرتِها الخاصّة مُعبّرًا عنها في الصلاة إبّان فترة التحضير. ومن ثَمّ، يُصغي الآخرون، مع العِلم أنّ كلّ واحدٍ أو واحدة يُقدّم مساهمة قيّمة من دون الدخول في نقاشات أو مجادلات.
  •  الصمت والصلاة يُساعدان على تحضير الخطوة الثانية، إذ يُدعى كلّ شخصٍ إلى أن يُخَصّص في داخله أو داخلها مساحة للآخرين والآخر. مرّة أخرى، يأخذ كلّ شخص الكلمة : ليس للردّ أو للتصدّي لما سمعه، بهدف إثبات موقفه من جديد، ولكن ليُعبّر عمّا لَمَسه بعمقٍ خلال الإصغاء، وما يشعر به من تحدّيات شديدة. الآثار الداخليّة الناجمة عن الإصغاء إلى الأخوات والإخوة هي اللغة التي يُعبّر الروح القدس من خلالها عن صوته (راجع يو 10: 14-27)، وذلك بِدَعْمٍ من السلطة التعليميّة واللاهوت. وكلّما أصغى المشاركون إلى صوت الروح، عن قصد وبكلّ عناية، ازداد شعورهم المشترك بالرسالة.
  • الخطوة الثالثة هي تحديد النقاط الرئيسيّة التي برزت، وذلك في جوّ من الصلاة بتوجيه من الروح القدس، لبناء توافق الآراء التي نجمت عن ثمار العمل المشترك، إذ يشعر كلّ شخص بأنّه أمين للمسار، وبالتالي يشعر أو تشعر من خلاله بأنّه مُمثَّل. لا يكفي إعداد تقرير يَسرد النقاط التي يُشار إليها في أغلب الأحيان، بل هناك حاجة إلى التمييز الذي يُعير انتباهه إلى الأصوات المهمّشة والنبويّة ولا يُهمل أهمّيّة النقاط التي ينشأ عنها الخلاف. الرّبّ هو حجر الزاوية الذي يُتيح للبناء بالصمود، والروح، سيّد التناغم، سيساعد على الانتقال من النشاز إلى السيمفونيّة.
  •  تقود الرحلة إلى صلاة التسبيح لله والامتنان من أجل الاختبار. « عندما نعيش روحانيّة التقرّب من الآخرين ونسعى إلى تحقيق رفاههم، تنفتح قلوبنا على مصراعيها أمام أعظم وأجمل هبات الرّبّ. وحينما نلتقي بشخص آخر في الحبّ نتعلّم شيئًا جديدًا عن الله. وحينما تُفتح أعيننا للتعرّف على الآخر، ننمو في نور الإيمان ومعرفة الله » (فرح الإنجيل 272). هذه، باختصار، الهبة التي يتلقّاها الذين يسمحون لأنفسهم بالمشاركة في مخاطبة الروح.
  •  في حالات مُحدّدة، ليس من الممكن أبدًا اتّباع هذا النمط بعبوديّة، بل يجب دومًا إيجاد طريقة لتكييفه. فمن الضروريّ، في بعض الأحيان، إعطاء الأولويّة لكلّ من يأخذ الكلام ويُصغي إلى الآخرين ؛ وفي ظروف أخرى، إبراز الروابط بين الرؤى المختلفة، بحثًا عمّا يجعل « قلبنا مُتّقدًا في صدرنا » (لو 24، 32) ؛ وفي ظروف أخرى أيضًا، ينبغي لنا تفسير الإجماع للعمل معًا على تحديد الاتّجاه الذي يشعُر فيه الشخص بأنّ الروح يدعوه إلى التحرّك. بيد أنّ نيّة الحيويّة التي تُوَحّد الخطوات الثلاث، بعيدًا عن التعديلات الواقعيّة الملائمة، ما برحت السبيل الذي تسلكه الكنيسة السينودوسيّة.
  • في ضوء معنى التخاطب في الروح لإحياء الاختبار الحيّ في الكنيسة السينودوسيّة، تُعتبر التنشئة في هذه الطريقة، ولا سيّما تنشئة المُسَهِّلين القادرين على مرافقة الجماعات في ممارستها، أولويّة على جميع المستويات في الحياة الكنسيّة، وفي حياة المعمّدين بأكملهم، بدءًا من الخدّام المرسومين وبروح المسوؤليّة المشتركة والانفتاح على الدعوات الكنسيّة المختلفة. التنشئة على المحادثة في الروح هي التنشئة من أجل كنيسة سينودوسيّة.

شركة ومشاركة ورسالة

ثلاث مسائل ذات أولويّة للكنيسة السينودوسيّة

« فكما أنَّ لنا أعضاءٌ كثيرةٌ في جسدٍ واحد، وليس لِجميعِ هذه الأعضاء عَمَلٌ واحد، فكذلك نحن في كثرتنا جَسَدٌ واحدٌ في المسيح لأنّنا أعضاءُ بعضٍنا لبعض » (رو 12: 4-5).

  • من بين ثمار المرحلة الأولى، وبخاصّة من الجمعيّات القاريّة، التي برزت في الصدارة بفضل الطريقة المنهجيّة التي توصّلت إليها حتّى الآن، حُدّدت ثلاث أولويّات وعُرِضت على الجمعيّة السينودوسيّة لتشرين ألاول/أكتوبر 2023 لتمييزها. هذه الأولويّات هي تَحدّيات يجب على الكنيسة أن تقيس نفسها بها لتخطوَ إلى الأمام وتنموَ في كيانها السينودوسيّ على جميع المستويات من خلال تعدّديّة وجهات النظر. ومن ثَمّ، تحتاج إلى أن تُعالَج من الرؤية اللاهوتيّة والحقّ القانونيّ، إلى جانب الاهتمام الراعويّ والروحيّ. فهي تثير تساؤلات عن طريقة التخطيط في الأبرشيّات وكذلك الخيارات اليوميّة وأسلوب حياة كلّ فردٍ من شعب الله. هذه الأولويّات الثلاث هي بحقّ سينودوسيّة لأنّ إدراجها يفترض السير معًا كشعب، مع جميع أعضائه. وسيتمّ توضيحها في إطار المصطلحات الرئيسيّة الثلاثة للسينودوس : شركة ورسالة ومشاركة. فبينما يقع الاختيار على هذه الطريقة من أجل بساطة العرض ووضوحه، هناك خطر فَهْم المصطلحات الرئيسيّة الثلاثة على أنّها « ركائز» مستقلّة بعضها عن بعض. بيد أنّ هناك ارتباطًا بين الشركة والرسالة والمشاركة في حياة الكنيسة السينودوسيّة، إذ تُغذّي وتدعم بعضها البعض. فلا بدّ من فهمها دائما في هذا التكامل.
  • إنّ الترتيب المختلف الذي تظهر فيه المصطلحات الثلاثة، حيث يحتلّ مصطلح الرسالة الموقع المركزيّ، متأصّل أيضًا في وعي الروابط التي توحدّها خلال المرحلة الأولى التي تبلورت فيها. الشركة والرسالة متشابكتان وتعكس كلّ منها الأخرى، كما علّمها البابا يوحنّا بولس الثاني : « الشركة والرسالة مرتبطتان ارتباطًا وثيقًا الواحدة بالأخرى، وتتداخلان إلى حدّ أنّ الشركة تُمثّل في الوقت عينه مصدر الرسالة وثمارها : الشركة تُفضي إلى الرسالة والرسالة تكتمل في الشركة » (العلمانيّون المؤمنون بالمسيح 32، وردت أيضًا في التبشير بالإنجيل 1، 4). نحن مدعوّون إلى تخطّي الفهم الثنائيّ الذي يُحدّد العلاقات داخل الجماعة الكنسيّة في مجال الشركة، ذلك أنّ الرسالة تفترض دَفْعًا إضافيًّا. وبدلاً من ذلك، سلّطت المرحلة الأولى الضوء على أنّ الشركة شرطٌ أساسيّ لمصداقيّة البشارة، وهي نظرة ثاقبة تُذكّر بالجمعيّة العامّة العاديّة الخامسة عشرة لسينودوس الأساقفة حول الشبيبة والإيمان وتمييز[7] الدعوات. وفي الوقت عينه، هناك وعي مُطَّرِد أنّ التوجّه إلى الرسالة هو المقياس الوحيد الذي يتأسّس عليه التنظيم الداخليّ للجماعة المسيحيّة، وبالتالي توزيع الأدوار والمهام، وإدارة مؤسّساتها وبُناها. في هذا السياق، يُمكن فَهْمُ المشاركة بالعلاقة مع الشركة والرسالة، إذ لا يُمكن فَهْم المشاركة إلاّ بعد الشركة والرسالة. فمن ناحية، تُعطيهما تعبيرًا واقعيًّا : فالانتباه إلى الإجراءات والقواعد والبِنى والمؤسّسات يسمح للرسالة بِأن تترسّخ مع مرور الزمن وأن تتحرّر الشركة من تأثير العفويّة العاطفيّة. ومن ناحية أخرى، تحصل المشاركة على معنى وتوجّه وحيويّة يتيح لها بأن تفلت من خطر الوقوع في فورة مطالب حقوق الأفراد، ممّا يقود حتمًا إلى التجزئة أكثر من الوحدة.
  •  لمواكبة التحضير لِعَمَل الجمعيّة وبنيتها، أُعِدَّت خمس أوراق لمعالجة كلّ أولويّة تَرِدُ في نهاية هذا القسم. كلّ واحدة منها تُشكّل مدخلاً للأولويّة التي هي قَيْد البحث والتي يُمكن بهذه الطريقة مقاربتها من وجهات نظر مختلفة ولكن مُكمّلة، تتعلّق بجوانب مختلفة من حياة الكنيسة برزت خلال عَمَلِ الجمعيّات القاريّة. في هذه الحالة، لا ينبغي لنا قراءة الفقرات الثلاث التالية، التي تتوافق معها المجموعات الثلاث من أدوات العمل في الملحق، على أنّها أعمدة متوازية وغير متّصلة. إنّها بارِقَة نور تُنير نفس الواقع، أي الحياة السينودوسيّة للكنيسة، من وجهات نظر مختلفة، تتشابك باستمرار وتستدعينا جميعًا، وتدعونا إلى النموّ.

ب 1. شركة تُشِعّ. كيف نكون علامة ووسيلة للاتّحاد بالله والوحدة مع الجنس البشريّ ؟

  •  الشركة ليست تجمّعًا اجتماعيًّا لأعضاء ينتمون إلى هويّةِ جماعةٍ ما، بل هي قبل كلّ شيء هبة من الله الثالوث، وفي الوقت عينه مهمّة، لا تُستنفَد ابدًا، لبناء « النحن » في شعب الله. تمتزج الشركة، كما اختَبَرت الجمعيّات القاريّة، في بُعْدٍ عموديّ، تُسمّيه وثيقة « الكنيسة » «الاتّحاد بالله»، وفي بُعْدٍ أفُقيّ، « الوحدة مع البشريّة »، في حيويّة إسكاتولوجيّة قويّة. الشركةُ مسيرة نُدعى من خلالها لننموَ، حتّى « نَصِل بأجمعنا إلى وحدةِ الإيمانِ بابن اللهِ ومعرفته ونصير الإنسانَ الرَّاشِد ونَبلُغَ القامة التي تُوافق قامَة المسيح » (أف 4، 13).
  • نتوقّع هذه اللحظة في الليترجيّا، المكان الذي تختبر فيه الكنيسة في مسيرتها الأرضيّة الشركة التي تُغذّيها وتبنيها. إذا كانت الليترجيّا في الواقع « تُساعد أعظمَ المساعدة على أن يُعبِّر المؤمنون بسيرة حياتهم ويُفصِحوا للآخرين عن سِرِّ المسيح وعن أصالة الكنيسةِ الحقيقيّة » («الليترجيّا المقدّسة» 2)، عندها يجب علينا أن نضعها نُصب أعيننا لنفهم الحياة السينودوسيّة في الكنيسة. أوّلاً، وقبل كلّ شيء، تختبر الكنيسة في العمل الليترجيّ المشترك، ولا سيّما في الاحتفال الإفخارستيّ، اختبار الوحدة الأصيلة، التي يُعبَّر عنها في الصلاة نفسها ولكن في تنوّع اللغات والطقوس : وهي محطّة أساسيّة في السينودوسيّة. من وجهة النظر هذه، إنّ تَعدُّد الطقوس في الكنيسة الكاثوليكيّة الواحدة هو نعمة حقيقيّة ينبغي حمايتها وتعزيزها، كما اختُبِرت خلال ليترجيّات الجمعيّات القاريّة.
  • لا يُمكن فَهْم الجمعيّة السينودوسيّة على أنّها مجلس تمثيليّ وتشريعيّ على غرار البنية البرلمانيّة التي تعتمد على ديناميكيّة منطق الأغلبيّة. نحن مدعوّون إلى فهمها بالقياس مع الهيئة الليترجيّة. يُخبرنا التقليد القديم أنّه عندما يُحتفل بالسينودوس، يبدأ باستدعاء الروح القدس، ثُمّ يتبعه إعلان الإيمان، وأخيرًا يصل إلى قرارات مشتركة، لضمان الشركة الكنسيّة وإعادة تثبيتها. في الجمعيّة السينودوسيّة، يُضحي المسيح حاضرًا وفاعلاً، يُغيّر التاريخ والأحداث اليوميّة، ويُكلّف الروح القدس بإرشاد الكنيسة لتجد إجماعًا حول كيفيّة السير معًا نحو الملكوت ومساعدة البشريّة جمعاء لتمضي قُدُمًا نحو وحدةٍ أكبر. إنّ السير معًا إبّان الإصغاء إلى الكلمة وإلى إخوتنا وأخواتنا، أي السعي إلى مشيئة الله والاتّفاق المتبادل، يؤدّي إلى شُكرِ الآب من خلال الابن في الروح الواحد. فالذين يجتمعون باسم المسيح ليُصغوا إلى كلمته، وليُصغوا بعضهم إلى بعض، في الجمعيّة السينودوسيّة، يتميّزون بانقيادهم للروح، ويُعلنون ما سمعوه ويُقرّون به كَنورٍ لمسيرة الكنيسة.
  • الحياة السينودوسيّة، في هذه الرؤية، ليست استراتيجيّةً لتنظيم الكنيسة، بل هي خبرة القدرة على إيجاد الوحدة التي تحتضن التنوّع من دون أن يطمسها، لأنّها مبنيّة على الاتّحاد بالله والاعتراف بالإيمان نفسه. تمتلك الحيويّة قوّة دافعة تسعى باستمرار إلى توسيع نطاق الشركة، ولكن يجب أن تضع حدًّا لتناقضات التاريخ وحدوده وجراحاته.
  • القضيّة الأولى المهمّة التي برزت في المسار السينودوسيّ متأصّلة في هذه النقطة بالتحديد. ففي واقعنا التاريخيّ الملموس، يقتضي الحفاظ على الشركة وتعزيزها قبول عدم الاكتمال والقدرة على عيش الوحدة في التنوّع (راجع 1قور 12). التاريخ يُنتج الانقسامات التي تُسبّب جراحًا تحتاج إلى أن تُضمّد، وتفترض طُرُقًا للمصالحة. في هذا السياق، ما هي الروابط، باسم الإنجيل، التي يجب دَعمها للتغلّب على الخنادق والأسوار، وما هي الملاجئ والحمايات التي تحتاج إلى البناء، ولحماية من ؟ أيّ انقسامات هي غير مفيدة ؟ كيف نُحرز التقدّم تدريجيًّا لنجعل طريق الشركة مُمكنًا ؟ قد تبدو هذه الأسئلة نظريّة، بيد أنّها متاصّلة في الحياة اليوميّة الواقعيّة للجماعات المسيحيّة التي تَمَّ التشاور بها في المرحلة الأولى. في الواقع، إنّها تتعلّق بمسألة ما إذا كانت هناك حدود لاستعدادنا للترحيب بالأشخاص والجماعات، وكيفيّة انخراطنا في حوار مع الثقافات والأديان من دون المسّ بهويّتنا، وتصميمنا على أن نكون صوت المهمّشين، لنؤكّد مجدّدًا أنّه ينبغي ألاّ نترك أحدًا مهملا. تسعى أدوات العمل الخمس، التي تشير إلى هذه الأولويّة، إلى استكشاف هذه المسائل من خمس وجهات نظر مُتكاملة.

ب 2. المسؤوليّة المشتركة في الرسالة : كيف يُمكننا مشاركة المواهب والمهامّ بشكل أفضل في خدمة الإنجيل ؟

  • « الكنيسة في طبيعتها المتجوّلة رساليّة » (نشاط الكنيسة الإرساليّ 2). تُشكّل الرسالة الأفق الحيويّ الذي ينبغي لنا أن نُفكّر فيه في شأن الكنيسة السينودوسيّة، الذي يُضفي عليها اندفاعًا يقود إلى النشوة التي تفترض « أن نتخلّى عن ذواتنا ونسعى إلى خير الآخرين إلى حدّ التضحية بحياتنا » (المسيح يحيا 163 ؛ كلّنا إخوة 88). تُتيح الرسالة للإنسان أن ينال خبرة العنصرة : وَقَفَ بطرس والأحد عشر، بعد أن نالوا الروح القدس، ثمّ أخذ الكلام ليُعلن يسوع المصلوب والقائم من الموت للذين يعيشون في أورشليم (راجع أع 2: 14-36). الحياة السينودوسيّة متأصّلة في الحيويّة نفسها. هناك العديد من الشهادات التي توصف التجربة المعاشة للمرحلة الأولى بهذه المصطلحات، والأكثر عددًا منها تلك التي تربط السينودوسيّة والرسالة بطريقة متلازمة.
  • في كنيسةٍ تُعرِّف عن نفسها أنّها علامة وأداة اتّحاد بالله ووحدة البشريّة جمعاء (راجع «الكنيسة» 1)، يُركّز الخطاب عن الرسالة على وضوح العلامة وفعاليّة الأداة من دون أيّ إعلان يفتقر إلى المصداقيّة. الرسالة ليست تسويقَ منتجٍ دينيّ، بل بناء جماعة تكون فيها العلاقات تجلّيًّا لحبّ الله، وبالتالي تُصبح حياتها إعلانًا. في هذا السياق، يأتي خطاب بطرس مباشرة بعد سَرْدِ حياة الجماعة الأولى، إذ بات كلّ شيء فرصة مناسبة للشركة (راجع أع 2: 42-47)، ممّا جعل الجماعة جذّابة.
  • في هذا السياق، يَعرِضُ السؤال الأوّل المتعلّق بالرسالة ما يعتزم أعضاء الجماعة المسيحيّة التشارك فيه حقًّا، بدءًا من الفرادة الخاصّة لكلّ عضو، بِفِعْلِ علاقتهم المباشرة بالمسيح في المعموديّة وكمكان يسكن فيه الروح. هذا ما يجعل إسهام كلّ مُعَمَّدٍ قيّمًا وضروريًّا. وقد تبيّن أنّ أحد أسباب التساؤل خلال المرحلة الأولى يرتبط على وجه التحديد بإمكانيّة الإسهام : « هل يُمكنني حقًّا أن أُقدّم شيئًا ؟ » وفي الوقت عينه، كلّ شخص مدعوّ إلى الإقرار بالنقص الكامن فيه، ومن ثَمّ إلى الوعي بأنّ هناك حاجةً إلى كلّ فَردٍ لتحقيق هذه المهّمة. في هذا الصدد، تنطوي الرسالة أيضًا على بُعْدٍ سينودوسيّ أساسيّ.
  • لذا، إنّ الأولويّة الثانية المحدّدة من الكنيسة والتي تكتشف في ذاتها أنّها كنيسة رساليّة وسينودوسيّة إنّما تتعلّق بالطريقة التي تُمكّنها من التماس إسهام الجميع، كلّ واحد بمواهبه وأدواره، وتقدير تنوّع المواهب وتكامل العلاقة بين العطايا الهرميّة والموهوبة[8]. نظرة الرسالة تضع المواهب والخِدَم داخل أفقِ ما هو مشترك، إذ بهذه الطريقة تُحافظ على ثمارها، إلاّ أنّها تَتَقَوّض عندما تتحوّل إلى امتيازات تُشرِّعُ أشكال الإقصاء. من واجب الكنيسة الرساليّة والسينودوسيّة أن تسأل نفسها كيف يُمكنها أن تُقرّ بالإسهام وتُقدّره الذي يُمكن لكلّ شخصٍ مُعمَّد أن يُقدّمَه في الرسالة، ويتعلّم كيف يَخرج من ذاته (أو كيف تَخرجُ من ذاتها) للاشتراك مع آخرين في شيء أفضل. « الإسهامٍ الفعّال لخير البشريّة العامّ » (مئة سنة 34) مكوِّن ثابت لكرامة الإنسان حتّى داخل الجماعة المسيحيّة. الإسهام الأوّل الذي يُمكن أن يفعله كلّ واحد هو استشفاف علامات الأزمنة (راجع « الكنيسة في عالم اليوم » 4)، للحفاظ على وعي رسالتنا المشتركة في تناغم مع نفحة الروح. كما أنّ وجهات النظر كلّها تملك شيئًا ما لتُسهم في هذا الاستشفاف، بدءًا من الفقراء والمستَبعدين : السير معهم لا يعني الاستجابة لاحتياجاتهم ومعاناتهم ومعالجتها فحسب، بل احترام دورهم الرياديّ والتعلّم منهم. هذه هي الطريقة للإقرار بالمساواة في الكرامة، والتخلّص من فِخاخ الرفاهية، كي نستبق الأمور قدر الإمكان بمنطق السماء الجديدة والأرض الجديدة التي نحن في طريقنا إليها.
  •  تسعى أدوات العمل المرتبطة بهذه الأولويّة إلى تجسيد هذا السؤال الأساسيّ المتعلّق بمواضيع مثل الاعتراف بتنوّع الدعوات والمواهب والخِدَم، وتعزيز كرامة المعموديّة للمرأة، ودور الخادم المرتسم، وبخاصّة خدمة الاسقف داخل الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة.

ب 3. مشاركة وحوكمة وسلطة : ما هي المسارات والبِنى والمؤسّسات في الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة؟

  • « هناك خطر من أن تبقى كلمتا ”شركة“ و”رسالة“ كلمتَين مجرّدتَين إلى حدٍّ ما، إلاّ إذا نَمّينا الممارسة الكنسيّة التي تُعبّر عن البُعد الحسّيّ للسينودوسيّة في كلّ خطوة من خطوات مسيرتنا ونشاطنا، وشجّعنا على الانخراط الحقيقيّ لكل شخصٍ وللجميع »[9]. كلمات الأب الأقدس هذه تُسعِفنا على تحديد المشاركة في العلاقة مع الموضوعَين الآخرَين. تُضيف المشاركة كثافة أنتروبولوجيّة إلى الطابع الواقعيّ للبُعد الإجرائيّ. إنّها تُعبّر عن الاهتمام بازدهار البشر، أي إضفاء الطابع الإنسانيّ على العلاقات في قلب مشروع الشركة والالتزام بالرسالة. تحمي المشاركة فرادة كلّ شخص، وتَحثّ على الانتقال إلى ”النحن“ من دون أن تقوّض ”الأنا“ وتطمسها في جماعة غامضة. وتحمي أيضًا من الوقوع في تجريد الحقوق أو اختزال الأشخاص وتحوّلهم إلى أدوات تابعة لأداء المؤسّسة. المشاركة، في الأساس، تعبيرٌ عن الأبداع، وطريق يُغذّي علاقات الضيافة والترحيب ورفاهيّة الإنسان الكامنة في قلب الرسالة والشركة.
  • من رؤية المشاركة المتكاملة التي عُرِضَت أعلاه تَبْرُزُ الأولويّة الثالثة أيضًا الموجّهة إلى لقاءات المرحلة القاريّة : مسألة السلطة ومعناها وأسلوب ممارستها داخل الكنيسة السينودوسيّة. هل تنشأ السلطة، بوجه خاص، كشكلٍ من أشكال القوّة المستمدّة من النماذج التي يُقدّمها العالم، أم أنّها متأصّلة في الخدمة ؟ « لا يَكُن هذا فيكُم » (متّى 20، 26 ؛ راجع مر 10، 43)، يقول الربّ، الذي، بعد أن غَسَلَ أرجل التلاميذ، حَذَّرَهُم : « فقد جَعلتُ لكُم من نفسي قُدوةً لتصنعوا أنتُم أيضًا ما صَنَعتُ إليكُم » (يو 13، 15). يُشير مصطلح سُلطة، في الأصل، إلى القدرة على مساعدة الآخرين على النموّ، ومن ثَمّ على خدمة فرادة كلّ شخص، وعلى دَعْمِ الإبداع بدلاً من أن تكون شكلاً من أشكال التحكُّم، ممًا يشلّ عملها، إذ هي خدمة تخلُق حرّيّة الشخص وليست إلزامًا يُقيّدها. ترتبط هذه المسألة بسؤال ثانٍ، تقوم مهمّته على الاهتمام بالأمور الحسّيّة والاستمراريّة مع مرور الزمن : كيف يُمكننا أن نُضيف إلى بِنيتنا ومؤسّساتنا حيويّة الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة ؟
  • ينبثق من هذا التركيز موضوع آخر، واقعيّ على نفس القدر، يهدف على وجه التحديد إلى دعم المشاركة مع مرور الوقت. يظهر موضوع التنشئة في جميع وثائق المرحلة الأولى. المؤسّسات والبِنى وحدها، كما أكّدنا ذلك مرارًا في تقارير الجمعيّات القاريّة، وقبلها في تقارير الكنائس المحلّيّة، غير كافية لجَعل الكنيسة سينودوسيّة. هناك حاجة إلى الثقافة السينودوسيّة والروحانيّة تُحييها رغبة الارتداد وتدعمها التنشئة الملائمة. لذا، لا تقتصر الحاجة إلى التنشئة على تحديث المحتوى، بل لها نطاقٌ متكامل، يُؤَثّر في جميع قدرات الشخص واستعدادته، بما في ذلك توجيه الرسالة، والقدرة على التواصل وبناء الجماعة، والاستعداد للإصغاء على الصعيد الروحيّ، والإلمام بالتمييز الشخصيّ والجماعيّ. ومن الضروريّ أيضًا التحلّي بالصبر والمثابرة والثقة والحرّيّة في قول الحقيقة (parrhesia).
  • السينودوسيّة نموذج راعويّ لحياة الكنيسة وعملها. نحن بحاجة إلى تنشئة متكاملة، أوّليّة ومستمرّة، لجميع أفراد شعب الله. لا يُمكن لشحص مُعَمَّد أن يشعر بأنّه غريب عن هذا الالتزام، لذلك، من اللازم صياغة مقترحات ملائمة للتنشئة في الطريق السينودوسيّ الموجّه إلى جميع المؤمنين. ومن ثَمّ، كُلّما دُعِيَ المرء إلى خدمة الكنيسة، كلّما شَعر بالضرورة الملحّة للتنشئة على صعيد الأساقفة والكهنة والشمامسة والرجال والنساء المكرّسين، فكلّ من يُمارس خدمةً يحتاج إلى تنشئة لتجديد طُرقِ ممارسة السلطة ومسارات صُنْع القرار في الرؤية السينودوسيّة، وأن يتعلّم كيف يُرافق تمييز المجتمع والمحادثة في الروح. يجب على المرشّحين للخدمة الكهنوتيّة أن يتدرّبوا على أسلوب السينودوسيّة وعقليّتها. ويفترض تعزيز ثقافة السينودوسيّة تجديد المناهج الإكليريكيّة السائدة وتنشئة معلّميّ اللاهوت وأساتذته، بحيث يكون هناك توجّه أكثر وضوحًا وحسمًا في التنشئة على حياة الشركة والرسالة والمشاركة. التنشئة من أجل روحانيّة سينودوسيّة أكثر أصالة هي في صميم تجديد الكنيسة
  • تسلطّ الإسهامات الكثيرة الضوء على الحاجة إلى بَذْلِ جُهْدٍ مُماثِل لتجديد اللغة التي تستخدمها الكنيسة في ليترجيّتها ووعظها وتعليمها الدينيّ وفنّها المقدّس وكلّ أشكال التواصل الموجّهة إلى المؤمنين والجمهور الأوسع، بما في ذلك الأشكال الجديدة أو التقليديّة لوسائل الإعلام. فبدلاً من أن نسعى إلى الحطّ من عُمْق السرّ الذي تُعلنه الكنيسة ومن غنى تقليدها، يجب أن يهدف تجديد اللغة إلى جعل هذا الغنى مُتاحًا وجذّابًا للرجال والنساء في عصرنا، بدلاً من أن تكون عقبة تُرغمهم على البقاء في مسافة بعيدة. إنّ إلهام نضارة لغة الإنجيل، والقدرة على الانثقاف التي يعرضها تاريخ الكنيسة، والخُبرات الواعدة الجارية بالفِعل، حتّى في البيئة الرقميّة، تدعونا إلى المضيّ قدُمًا بثقة وعَزْمٍ في مهمّة حاسمة لفعاليّة إعلان الإنجيل، وهو الهدف الذي تتطلّع إليه الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة.

روما، 29 أيّار/مايو 2023

ذكرى العذراء مريم المباركة، أمّ الكنيسة

الجمعيّة العامّة العاديّة السادسة عشرة لسينودوس الأساقفة

من أجل كنيسة سينودوسيّة : شركة ومشاركة ورسالة

أداة عمل للجمعيّة السينودوسيّة

الدورة الأولى (تشرين الأوّل/أكتوبر 2023)

أداة عمل للجمعيّة السينودوسيّة

مقدّمة

إذا كانت أداة العمل قد « وُضِعت كمساعدة عمليّة لإدارة الجمعيّة السينودوسيّة في تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، ومن ثَمّ الإعداد لها » (رقم 10)، فالأمر ينسحب أيضًاّ على أداة العمل المقدّمة هنا. لقد أُعدّت لتسهيل التمييز في الأولويّات الثلاث التي برزت بقوّة في عمل جميع القارات (رقم 14)، بهدف تحديد الخطوات العمليّة التي نشعر من خلالها بأنّ الروح القدس قد دعا إليها لتنمية الكنيسة السينودوسيّة. لذلك، إنّ عرْضَ أدوات العمل، وتفسير بِنيتها والتعليمات الخاصّة بكيفيّة استخدامها يحتاج إلى وضعها في سياق العمل الأوسع للجمعيّة.

حيويّة الجمعيّة

ستبحث الجمعيّة في المسائل التي طُرِحت في أداة العمل بالتناوب في الجمعيّات العموميّة وفريق العمل كما هو متوقّع في المادّة 14 من الشركة الأسقفيّة.

وستُبادر الجمعيّة، بنوعٍ خاصّ، إلى معالجة المسائل المختلفة بحسب الترتيب الذي تعرضه أداة العمل. ومن ثَمّ، ستشرع في دراسة القسم أ، « من أجل كنيسة سينودوسيّة. تجربة متكاملة » (رقم 17-42)، بهدف التركيز بوضوح أكبر على الخصائص الأساسيّة للكنيسة السينودوسيّة، انطلاقًا من خبرة السير معًا التي عاشها شعب الله في هذين العامين، والتي جُمِعت في الوثائق التي أُنتجت خلال المرحلة الاولى وفقًا لتمييز الرعاة. والمجلس مدعوٌّ إلى إدارة عمله بطريقة متكاملة آخذًا بعين الاعتبار تجربة شعب الله في مجمله وفي كلّ تشعّباته.

من ثَمّ، ستُبادر الجمعيّة إلى معالجة المسائل الأولى الثلاث التي ظهرت في مرحلة الاستشارة كما عُرِضت في القسم ب من أداة العمل (الأرقام 43-60). كلّ واحدة من هذه الأولويّات هي موضوع جزء من الأجزاء الثلاثة من القسم ب، وذلك في ارتباط مع الكلمات الرئيسيّة الثلاث للسينودوس : شركة ورسالة ومشاركة (رقم 43). إنّ الترتيب الذي تظهر فيه هذه المصطلحات الثلاثة قد انعكس كما اتّضح ذلك في الرقم 44. بيد أنّ هذا الترتيب بقي كما هو في أدوات العمل، التي بدورها قُسّمت إلى ثلاثة أجزاء، كلّ منها يأخذ عنوان الجزء المقابل من القسم ب، ممّا يُبرز وحدة الموضوع:

  • « ب 1. شركة تُشِعّ : كيف يُمكننا أن نكون علامة وأداة اتّحاد بالله وبوحدة البشريّة جمعاء ؟ » (الأرقام 46-50) ؛
  • « ب 2. المسؤوليّة المشتركة في الرسالة : كيف يُمكننا أن نتشارك في المواهب والمهامّ بشكل أفضل في خدمة الإنجيل ؟ » (الأرقام 51-55) ؛
  • « ب 3. المشاركة والحوكمة والسلطة : ما الطرق والبِنى والمؤسّسات المطلوبة في الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة ؟ » (الأرقام 56-60).

خمس أدوات عمل تتوافق مع كلّ من الأولويّات الثلاث، « تُشكّل كلّ واحدة منها نقطة انطلاق إلى الأولويّة المعنيّة التي يُمكن بهذه الطريقة مقاربتها من وجهات نظر مختلفة ولكن متكاملة، ترتبط بجوانب مختلفة من حياة الكنيسة التي ظهرت خلال عمل الجمعيّات القاريّة » (رقم 45).

تنظيم العمل في خطوات متتالية لا يُقلّل من الديناميّة التي تربط هذين القسمين. إنّ خبرة شعب الله التي تُعالج من منظور متكامل في القسم أ تستمرّ في تمثيل الأفق الذي من خلاله توضع الأسئلة المختلفة المطروحة في القسم ب التي تبقى متجذّرة في تلك الخبرة. وسيُطلب من الجمعيّة « دَعَم توازن حيويّ بين الحفاظ على نظرة شاملة […] وتحديد الخطوات الواجب اتّخاذها » (رقم 16). هذه الأمور تُعطي عمقًا للأوّل وتجعله ملموسًا، وتتلقّى في المقابل منظورًا متماسكًا ضدّ خطر التشتّت في التفاصيل.

وسيُخصّص الجزء الأخير من عمل الجمعيّة، في آخر المطاف، لجَمْعِ ثمار المسار، لتمييز السُبُل التي سنواصل السير فيها معًا. وسينظر المجلس في سُبُلِ متابعة قراءة تجربة شعب الله، بما في ذلك تعزيز الدراسات اللاهوتيّة والقانونيّة المعمّقة واللازمة استعدادًا للدورة الثانية من الجمعيّة السينودوسيّة في تشرين الأوّل/أكتوبر 2024.

ستستمر الجمعيّة في استخدام طريقة المحادثة في الروح (راجع الأرقام 32-42) التي ميّزت المسار السينودوسيّ بأكمله، وتكييفه عند الضرورة. ومن خلال الاختبار المباشر لهذه الطريقة (راجع الرسم أعلاه)، ستتمكّن الجمعيّة إذًا من التفكير بمزيد من التبصّر في سُبُلِ دمجها بسهولة أكثر في الحياة العاديّة للكنيسة كوسيلة مشتركة لتمييز إرادة الله.

كيف تُستخدم أدوات العمل ؟

صُمِّمَت أدوات العمل لتكون أداة عَمَلٍ تُعالج القضايا الثلاث المحدّدة، بحسب الأولويّة، في القسم ب إبّان جمعيّة تشرين الأوّل/أكتوبر 2023. فهي ليست فصولاً يجب قراءتها بالتسلسل، كما أنّها ليست محاولات أو مواضيع قصيرة أو كاملة إلى حدّ ما. إنّها أوراق يجب « وضعها حيّز التنفيذ » وبالتالي «ليست للقراءة»، بمعنى أنّها تُقدّم مخطّطًا للصلاة والتفكير الشخصيّ استعدادًا للمناقشة في الجلسة العامّة وفي الجماعة. وفي معنى مشابه، يُمكن استخدامها في اجتماعات حول مواضيع مُعمّقة بأسلوب سينودوسيّ على جميع مستويات حياة الكنيسة. فلا يُقصد بها أن نتعامل معها بالتسلسل : يجب الاحتفاظ بكلّ منها معًا مع جزء القسم ب من أداة العمل التي تتوافق معها، بيد أنّه يُمكن مُقاربتها بشكل مستقلّ عن سائر الأوراق.

تتبع جميع الأدوات الهيكليّة نفسها. فهي تبدأ بتحديدٍ وجيزٍ لسياق السؤال المصاغ في العنوان، كلّ واحد في الإطار الذي ظهر فيه في المرحلة الأولى. ومن ثَمّ، تَعرض سؤالاً للبَتّ فيه. وأخيرًا، تُقدّم الأدوات بعض الأفكار التي تُحدّد وجهات النظر المختلفة (لاهوتيّة، رعويّة، قانونيّة، وغيرها) والأبعاد والمستويات (رعيّة، أبرشيّة، وغيرها). قبل كلّ شيء، تُذكّر الأوراق بخصوصيّة أوجُه أعضاء شعب الله ومواهبهم وخدمتهم، والقضايا التي عبّروا عنها إبّان مرحلة الإصغاء. كما أنّ وفرة المحفّزات المعروضة في كلّ أداة عَمَلٍ هي نتيجة سَعيٍ إلى البقاء في الأمانة لغنى المواد وتنوّعها التي جُمِعت من الاستشارة، ولكن لا يُقصد بها أن تتحوّل إلى استفتاء، إذ تقتضي حينئذ إجابة عن كلّ قضيّة. بعض الأفكار ستُثبِتُ أنّها مُحَفِّزة بشكل خاصّ في بعض المناطق من العالم، والبعض الآخر في مناطق مختلفة. كلّ واحدٍ مدعوّ إلى اختيار الأفكار التي يشعر بأنّها أفضل ما يُمكِّنه من مشاركة الآخرين بثراء كنيسته. هذه الأمور كلّها ستُعبِّر عن إسهامهم في المهمّة المشتركة.

تُركِّز كلُّ أداةِ عملٍ على الموضوع الذي يشير إليه العنوان، آخذة بعين الاعتبار الإطار المرجعيّ الذي تُمثّله أداة العمل، إذ لا تتكرّر محتوياته ولا يُستشهد به بوضوح في كلّ حالة. ومع ذلك، تُشكّل هذه الوثائق أساس العمل، جنبًا إلى جنب مع جميع الوثائق التي أُنتِجَت خلال مرحلة الاستشارة : « في التحضير للجمعيّة، يُطلب من أعضاء السينودوس أن يتنبّهوا للوثائق السابقة، ولا سيّما وثائق الأمانة العامّة للسينودوس والوثائق الختاميّة للجمعيّات القاريّة لمختلف القارّات، وكذلك تقرير السينودوس الرقميّ واستخدامها كأدوات لتمييزهم الخاصّ » (رقم 9). لذا، لا يتعلّق الأمر بالبدء من نقطة الصفر، بل متابعة المسيرة الجارية بالفعل. ولأسباب تتعلّق بالمساحة الواضحة، لا تُقدم أدوات العمل معالجة منهجيّة لكلّ موضوع، ولا تهتمّ بالمسائل بعُمق. وإذا كان المسار السينودوسيّ قد سلّط الضوء على بعض المسائل كأولويّات فهذا لا يُفسّر أنّ مسائل أخرى هي أقلّ أهمّيّة. وتُمثّل المسائل المقترحة في ورقات العمل، استنادًا إلى التشاور مع شعب الله، نقاط دخول لمعالجة السؤال الأساسيّ الذي يقود المسار برمّته ويوجّهه : « كيف يَتِمُّ السير معًا، الذي يَحدث اليوم في مختلف المستويات (من المستوى الخاصّ إلى المستوى العامّ)، ليسمح للكنيسة بالتبشير بالإنجيل وفقًا للرسالة التي عُهدت إليها، وما هي الخطوات التي يدعونا الروح القدس إلى اتّخاذها كي ننموَ ككنيسة سينودوسيّة ؟ (وثيقة تحضيريّة 2).

هناك نقاط اتّصال واضحة وبعض التشابك بين أوراق العمل. فهذه ليست مسألة تكرار. ذلك بأنّه عند الصياغة، كان هناك اتّفاق على أنّ أوراق العمل قد صُمّمت لتُستخدم بشكل مستقلّ بعضها عن بعض. علاوة على ذلك، هذه الأوراق تُسلّط الضوء على شبكة غنيّة من الترابط الضمنيّ بين المواضيع التي تُعالج.

بعض الأسئلة التي برزت من استشارة شعب الله تتعلّق بمسائل تنطوي على تعليم سلطويّ ولاهوتيّ لا بدّ من أخذها بعين الاعتبار. سنعطي مَثَلَين : يُمكننا أن نلاحظ قبول المطلّقين المتزوّجين مرّة أخرى، وهي مسألة قد عولِجت في الإرشاد الرسوليّ فرح الحبّ، أو الانثقاف الليترجيّ الذي هو موضوع تعليمِ رسالة اختلافات مشروعة Varietates legitimae (1994) في مجمع العبادة الإلهيّة ونظام الأسرار. الحقيقة أنّ الأسئلة ما برحت تبرز في قضايا مثل هذه وأنّه ينبغي ألاّ نتجاهلها بشكل متسرّع، بل تستدعي التمييز، وما الجمعيّة السينودوسيّة سوى منبرٍ مُتميّز للقيام بذلك. من الضروريّ، بنوع خاصّ، دراسة العوائق، الحقيقيّة أو الملموسة، التي حالت دون تنفيذ الخطوات المشار إليها في الوثائق السابقة، وتقديم الأفكار من أجل إزالتها. فعلى سبيل المثال، إذا كان الانسداد ناتجًا عن نَقْصٍ عامّ في المعلومات، فستكون هناك حاجة إلى تواصل أفضل. ومن ناحية أخرى، إذا كانت المشكلة تنبع من صعوبةِ استيعاب تداعيات الوثائق في المواقف العاديّة أو عدم قدرة الأشخاص على معرفة ذواتهم فيما هو مُقترَح، فإن المسيرة السينودوسيّة للتقبّل الفعّال من قبل شعب الله تكون الردّ المناسب. مثال آخر يظهر في عودة بروز مسألةٍ هي علامة لواقع متغيّر أو حالات حيث هناك حاجة إلى « فيض » النعمة. يقتضي هذا مزيدًا من التفكير في وديعة الإيمان والتقليد الحيّ للكنيسة.

سيكون من الصعب على أعمال الدورة الأولى للمجلس العامّ العاديّ السادس عشر لسينودوس الأساقفة أن يُنتج مبادئ نهائيّة حول العديد من هذه المواضيع. لهذا السبب قرّر الأب الأقدس أن تنعقد الجمعيّة السينودوسيّة في دورتَين. الهدف الرئيسيّ للدورة الأولى هو وَضْع السُبُل للدراسات المتعمّقة التي ينبغي إجراؤها بأسلوب سينودوسيّ، مع الإشارة إلى الفاعلين المناسبين لإشراكهم والطرق لضمان مسارٍ مثمرٍ في خدمة التمييز حتّى تكتمل في الجلسة الثانية في تشرين الأوّل/أكتوبر 2023. وسوف تُرفع الاقتراحات لاحقًا إلى الأب الأقدس لمعرفة كيفيّة النموّ في كنيسة سينودوسيّة.

ب 1. شركةٌ تشِعّ

كيف يُمكننا أن نكون بشكل كامل علامة وأداة للاتّحاد بالله والوحدة مع الإنسانيّة كلّها ؟

ب 1.1. كيف تُغذّي خدمة المحبّة والالتزام بالعدالة والعناية بِبَيتنا المشترك الشّرِكة في الكنيسة السينودوسيّة؟

 تشير الجمعيّات القاريّة إلى اتّجاهات مختلفة لنموّنا ككنيسة سينودوسيّة رسوليّة :

  • يحتلّ الفقراء في الكنيسة السينودوسيّة، في المعنى الأصليّ للذين يعيشون في ظروف ماديّة من الفقر والإقصاء الاجتماعيّ، مكانة مرموقة. فَهُمْ يتلقّون الرعاية، لكنّهم يحملون، قبل كلّ شيء، البُشرى السّارة التي يحتاج المجتمع بأسره إلى سماعها. تتعلّم الكنيسة منهم أمورًا كثيرة (راجع لو 6، 20 ؛ الشركة الأسقفيّة، 198). تُقِرّ الكنيسة السينودوسيّة بدورهم المحوريّ وتُجلّهم.
  • الاهتمام بِبَيتِنا المشترك يستدعي عملاً مشتركًا. يقتضي حلّ العديد من المشكلات، كتغيير المناخ، التزامَ الأسرة البشريّة بأكملها. كما أنّ العمل معًا للاهتمام بِبَيتِنا المشترك يُوفّر بالفعل إطارًا للقاء والتعاون مع أعضاء من الكنائس والجماعات الأخرى، مع المؤمنين من الديانات الأخرى ومع الأشخاص ذوي الإرادة الحسنة. هذا الالتزام يفترض أن نعمل في آن واحد على مستويات متعدّدة: التربية المسيحيّة والعمل الراعويّ، وتعزيز أنماطٍ حياتيّة أفضل، وإدارة أصول الكنيسة (العقارات والمال).
  • حركات الهجرة هي علامة لزمننا، والمهاجرون هم نموذج قادرٌ على تسليط الضوء على عصرنا[10]. ومن ثَمّ، يُشكّل حضورهم دعوةً خاصّة للمؤمنين الكاثوليك للسير معًا. المهاجرون يُمثّلون دعوة لخَلْقِ روابط مع كنائس البلدان الأصليّة، وتُمثّل أيضًا فرصة لتجربة التنوّع في الكنيسة، بما في ذلك عَبْرَ جاليات الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة.
  •  بمقدور الكنيسة السينودوسيّة أن تُقدّم شهادة نبويّة لعالم مجزّأ يقوم على الاستقطاب، ولا سيّما عندما يلتزم أعضاؤه بالسير معًا مع الآخرين لبناء الخير العامّ. في الأماكن التي تشهد صراعًا عميقًا، يفترض ذلك القدرة على أن نكون وكلاء مصالحة وصُنّاع سلام.
  • كلّ مسيحيّ – وكلّ جماعة – مدعوّ إلى أن يكون أداةَ لله لتحرير الفقراء ودعمهم (الشركة الأسقفيّة 187). هذا يعني الاستعداد لاتّخاذ موقف إلى جانب الأشخاص الأكثر تهميشًا في النقاش العامّ، وإسماع صوت قضيّتهم وإدانة حالات الظلم والتمييز العنصريّ، حينما نسعى إلى تجنّب التواطؤ مع المسؤولين عن الظلم.

سؤال للتمييز

السير معًا يعني ألاّ نترك أحدًا على قارِعَةِ الطريق وأن نبقى إلى جانب أولئك الذين يُناضلون أكثر من غيرهم. كيف يُمكننا أن نبنيَ كنيسة سينودوسيّة قادرة على تعزيز انتماء الأكثر عوزًا وإشراكهم في الكنيسة والمجتمع ؟

اقتراحات للصلاة والبحث التحضيريّ

  1. أعمال العدل والرحمة هي شكلٌ من أشكال المشاركة في رسالة المسيح. لذا، كلّ شخص مُعمّد هو مدعوّ إلى الالتزام بهذا المجال. كيف يُمكن إيقاظ هذا الوعي وتنميته ودعمه في الجماعات المسيحيّة؟
  2. التفاوتات التي يتّسِم بها عالمنا المعاصر حاضرة أيضًا في الكنيسة، إذ تفصل، على سبيل المثال، بين كنائس الدول الغنيّة والكنائس الفقيرة، وبين المناطق الفقيرة والمناطق الغنيّة في البلد نفسه. كيف يُمكننا التغلّب على هذه التفاوتات، للسير معًا ككنيسة محلّيّة ونختبر العطاء في مشاركة حقيقيّة ؟
  3. طوال المسيرة السينودوسيّة، ما هي الجهود التي بُذِلت لاستقبال صوت الأكثر فقرًا ودمج إسهامهم؟ ما الاختبار الذي تعلّمتّه الكنائس لمساندة الانتماء والمشاركة للأكثر تهميشًا ؟ ما الذي يجب أن نفعله لنُمكّنهم من الاندماج بشكل أكبر في مسيرتنا معًا وكيف نفسح المجال لأصواتهم بالتشكيك في طريقتنا في مقاربة الأمور عندما لا تشملها بشكل كافٍ ؟
  4. كيف يُمكن أن يتحوّل استقبال المهاجرين إلى فرصة للسير مع أشخاص من ثقافة أخرى، ولا سيّما عندما نتشارك في الإيمان نفسه ؟ ما الاعتمادات المرصودة للجماعات المهاجرة في الاهتمام الراعويّ المحلّيّ ؟ كيف نُقيّم الشتات في الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة وكيف يُمكن أن يتحوّل وجودها إلى فرصة لاختبار الوحدة في التنوّع ؟ وكيف يُمكن إنشاء روابط بين الكنائس في بلدان المغادرة وبلدان الوصول؟
  5. هل تعرف الجماعة المسيحيّة كيف تُرافق المجتمع كَكُلّ في بناء الخير العامّ، أم أنّها تسعى إلى الذود عن مكتسباتها الخاصّة فحسب ؟ هل المجتمع المسيحيّ قادر على الشهادة لإمكانيّة التوافق وأن يَتخطّى الاستقطابات السياسيّة ؟ كيف يُجهّز نفسه من خلال الصلاة والتنشئة لهذه المهام ؟ العمل من أجل الخير العامّ يقتضي تشكيل تحالفات وائتلافات. ما هي معايير التمييز التي ينبغي اعتمادها ؟ كيف تُرافق الجماعة أعضاءها المنخرطين في العمل السياسيّ ؟
  6. ما الخبرة التي نملكها في السير مع الآخرين خارج الكنيسة الكاثوليكيّة (أفراد وجماعات وحركات) للاهتمام بالخير العامّ ؟ ماذا تعلّمنا ؟ ما التقدّم الذي أُحرِزَ للتنسيق بين مختلف مستويات العمل اللازمة للاهتمام الفّعال بالخير العامّ ؟
  7. السير معًا مع الفقراء والمهمّشين يفترض الاستعداد للإصغاء. هل ينبغي للكنيسة أن تُقرّ بخدمة خاصّة للإصغاء ومرافقة الذين يتولّون هذه الخدمة ؟ كيف يُمكن للكنيسة السينودوسيّة أن تُنشّأ الذين يُقومون بهذه المرافقة وتدعمهم ؟ كيف يُمكننا أن نُعطيّ اعتراف كنسيًّا إلى الذين يحملون دعوة خاصّة للإسهام في مجتمع عادل والاهتمام بِبَيتِنا المشترك ؟

ب 2.1 كيف يُمكن للكنيسة السينودوسيّة أن يُصبح الوعد فيها ذا مصداقيّة بحيث « الرحمة والحقيقة تتلاقيا » ؟ (مز 85، 11).

فَهْمُ المعنى الحقيقيّ والملموس للدعوة المسيحيّة للقاء الربّ من خلال الاستقبال والمرافقة بَرَزَ كاهتمام أساسيّ خلال المرحلة الأولى من المسيرة السينودوسيّة.

لقد اختارت الأمانة العامّة للسينودوس الصورة الكتابيّة للخيمة الفسيحة للتعبير عن دعوة المجتمع إلى أن يكون متأصّلاً ومنفتحًا في آنٍ واحد. واقترحت الجمعيّات القاريّة، في حديثها عن سياقاتها المتنوّعة، صورًا أخرى رنّانة تربط بُعْدَ جوهر الاستقبال برسالة الكنيسة. قدّمَت آسيا صورةَ الشخصِ الذي يخلع – أو تخلع – حذاءه لِيَعْبر العَتَبَة كعلامةٍ للتواضع الذي نستعدّ به للقاء الله وجيراننا. واقترحت قارّة أوقيانيا صورة القارب واقترحت إفريقيا صورة الكنيسة كأسرة الله، القادرة على تقديم الانتماء والاستقبال لجميع أعضائها على اختلاف تنوّعهم. في هذا التنوّع، يُمكننا تَتَبُّع وحدة الهدف.

في هذا التنوّع، تسعى الكنيسة في كلّ مكان إلى تجديد رسالتها لتكون جماعة مضيافة ومُرَحّبة، للقاء المسيح في الأشخاص الذين تُرحِّب بهم لتكون علامة لحضوره وبشارة موثوقة بها بالإنجيل في حياة الجميع. هناك حاجة ماسّة لاقتفاء خُطى الرّبّ والمعلّم في إمكانيّة العيش في تناقض ظاهريّ «لإعلان تعليمه الحقيقيّ بشجاعة وتقديم شهادة على الاندماح والقبول المتأصّلَين» (أمانة سرّ السينودوس 30).

في هذه النقطة، اعتُبِرَ المسارُ السينودوسيّ فرصة للتفاعل في لقاء عميق، بتواضع وصِدْقٍ. لقد تفاجأ البعض حينما اكتشفوا أنّ النمط السينودوسيّ يُتيح لوضع الأسئلة التي بَرَزت في هذا اللقاء ضمن رؤية رسوليّة. هذه اللقاءات لا تقود إلى الشلل، بل غذَّت الأمل في أنّ يكون السينودوس حافزًا لتجديد الرسالة عَلّه يحُثّنا على إصلاح نسيج الكنيسة العلائقيّ.

إنّ الرغبة في تقديم ضيافة حقيقيّة هي شعور يُعبِّر عنه المشاركون في السينودوس ضمن سياقات متنوّعة :

  • تشير الوثائق الختاميّة للجمعيّات القاريّة في أغلب الأحيان إلى الذين لا يشعُرون بالترحاب في الكنيسة، مثل المطلّقين والمتزوّجين مرّة أخرى، أو أصحاب الزوجات المتعدّدة، أو المثليّين الكاثوليك ؛
  • وتلحظ الوثائق كيف أنّ التمييز العنصريّ أو القبليّ أو العرقيّ أو الطبقيّ أو الطبقات المبنيّة على التمييز السائدة أيضًا في شعب الله، يؤدّي بالبعض إلى الشعور بأنّهم أقلّ أهمّيّة أو غير مرغوب فيهم في الجماعة.
  • هناك تقارير واسعة الانتشار عن مجموعة من القيود العمليّة والثقافيّة التي تستبعد الأشخاص ذوي الإعاقة، التي يجب التغلّب عليها ؛
  • يبرزُ القلق أيضًا أنّ أفقر الناس الذين تُوجّه إليهم البشرى السارّة غالبًا ما يكونون على هامش الجماعات المسيحيّة (على سبيل المثال، المهاجرون واللاجئون، أطفال الشوراع والمُشرّدون وضحايا الاتجار بالبشر وغيرهم) ؛
  • تُشير وثائق الجمعيّات القاريّة إلى أنّه من الضروريّ المحافظة على الصلة بين الارتداد السينودوسيّ ورعاية الناجين من الاعتداء والمهمّشين داخل الكنيسة. وتُشدّد الجمعيّات القاريّة بشكل كبير على تَعلّم ممارسة العدالة كشكل من أشكال الاهتمام بالذين جُرحوا من قبل أعضاء الكنيسة، ولا سيّما الضحايا والناجين من جميع أنواع الاعتداءات.
  • الإصغاء إلى الأصوات الأكثر إهمالاً إنّما يُحدّد طريق النموّ في الحبّ والعدل اللذين يدعونا الإنجيل إليهما.

سؤال للتمييز

ما هي الخطوات التي يُمكن أن تتّخذها الكنيسة السينودوسيّة لاقتفاء خُطى معلّمها وربّها، الذي يسير مع الجميع بمحبّة غير مشروطة ويُعلن عن كمال حقيقة الإنجيل؟

اقتراحات للصلات والتفكير التحضيريّ

  1. ما الموقف الذي يجب اتّخاذه لمقاربة العالم ؟ هل نعرف أن نُقِرّ بما هو جيّد، وفي الوقت عينه، أن نُلزم أنفسنا بتنديد نبويّ بكلّ ما يَنتهك كرامة الأشخاص والجماعات البشريّة والخلق؟
  2. كيف يُمكننا التحدّث بصوت نبويّ لمعرفة أسباب الشرّ من دون أن نُفتّت مجتمعاتنا؟ كيف يُمكننا أن نُصبح كنيسة تتعامل بأمانة مع صراعاتها ولا تخشى الحفاظ على مساحات الخلاف؟
  3. كيف يُمكننا استعادة علاقات التقارب والانتباه باعتبارها جوهر رسالة الكنيسة، و «السير مع الناس بدلاً من الحديث عنهم أو التحدّث معهم فحسب ؟»
  4. في إطار روح الإرشاد الرسوليّ، المسيح يحيا، كيف يُمكننا أن نسير معًا مع الشبيبة؟ كيف يُمكن أن يكون اختيار الشبيبة التفضيليّ في قلب خطّتنا الراعويّة وحياتنا السينودوسيّة؟
  5. كيف يُمكننا أن نستمرّ في اتّخاذ خطوات هادفة وواقعيّة لتوفير العدالة للضحايا والناجين من الاعتداء الجنسيّ والإساءة الروحيّة والاقتصاديّة والسلطويّة والضميريّة من الأشخاص الذين كانوا يؤدّون خدمة أو مسؤوليّة كنسيّة ؟
  6. كيف يُمكننا أن نَخلق مساحات يَشعُر فيها الذين أُصيبوا بأذى في الكنيسة وباتوا غير مرحّبٍ بهم في المجتمع بالاعتراف بهم والاستقبال وحرّيّة طَرْح الأسئلة وعدم الحُكم عليهم ؟ في ضوء الإرشاد الرسوليّ فَرَحُ الحبّ، ما الخطوات الملموسة اللازمة لاستقبال الذين يشعرون بالإقصاء من الكنيسة بِسَبَب وضْعِهم أو حياتهم الجنسيّة (على سبيل المثال، المطلّقون المتزوّجون مرّة أخرى، أو أصحاب الزوجات المتعدّدة، أو الذين غيّروا هويّتهم الجنسيّة، وغيرها) ؟
  7. كيف يُمكننا أن نكون أكثر انفتاحًا واستقبالاً إزاء المهاجرين واللاجئين والأقلّيات العرقيّة والثقافيّة، والمجتمعات الأصليّة التي كانت منذ فترة طويلة جزءًا من الكنيسة ولكنّها تكون في أغلب الأحيان مُهمّشة ؟ كيف يُمكن للكنيسة أن تَتَبنّى حضورهم بشكل أفضل كعطيّة من الله؟
  8. ما العوائق الماديّة والثقافيّة التي نحتاج إلى كسرها كي يشعر أصحاب الإعاقات بانّهم أعضاء كاملون في المجتمع ؟
  9. كيف يُمكننا أن نُعزّزَ إسهام كبار السنّ في حياة الجماعة المسيحيّة والمجتمع ؟

ب 3.1 كيف يُمكن أن تنمو علاقة حيويّة من خلال تبادل الهبات بين الكنائس ؟

الشركة التي تُدعى الكنيسة إليها هي علاقة حيويّة لتبادل المواهب، إذ تشهد على وحدة متسامية في التنوّع. من أهمّ هبات المسيرة السينودوسيّة البارزة حتّى الآن إعادة اكتشاف غنى تنوّعنا وعُمق ترابطنا. التنوّع والترابط لا يُهدّداننا بل يوفّران لنا الإطار لاستقبالٍ أكثر عمقًا لوحدتنا في الخلق والدعوة والمصير.

لقد اختُبِر المسار السينودوسيّ بطريقة حيويّة وحماسيّة على المستوى المحلّيّ للكنيسة، ولا سيّما عندما يكون هناك فُرَصٌ للمحادثة في الروح. لقد سَعَتْ الأمانة العامّة للسينودوس إلى الاستحواذ على هذه الحيويّة أثناء تَشديدها على التقارب الهائل للقضايا والمواضيع التي برزَت خلال هذه الأطُر. خلال الجمعيّات القاريّة، اكتُشفَت جوانب من حياة الكنيسة في سياقات مختلفة كَموهِبة قيّمَة. وفي الوقت عينه، دخلت القارّات في علاقة عميقة مع التنوّع الذي يُميّزُ مناطقها المختلفة. تشمل هذه التباينات بين الجيران داخل القارّات كما في التعابير المتنوّعة عن الكاثوليكيّة في الأماكن حيث تشترك فيها الكنائس اللاتينيّة والشرقيّة الكاثوليكية في المنطقة عينها، غالبّا ما تكون نتيجةً لموجات الهجرة الكاثوليكيّة وتشكيل الجماعات في بلاد الاغتراب. فكما لاحظت إحدى الجمعيّات القاريّة، فقد اختبرنا أنفسنا بشكل ملموس للغاية ك « جماعات الجماعات »، مع الإشارة إلى الهدايا والتوتّرات التي يمكن أن تولّدها.

هذه الجمعيات أدّت إلى تبادُل الملاحظات والمتطلّبات الواضحة :

  • من المستحسن أن نُصغيَ بشكل أفضل ونُقرَّ بالتقاليد المختلفة للمناطق الخاصّة والكنائس في حوار كنَسيّ ولاهوتيّ غالبًا ما تُهيمن عليه الأصوات اللاتينيّة الغربيّة. الإقرار بكرامة المعمّدين كنقطة أساسيّة في العديد من السياقات، وبصورة مماثلة للكثيرين من أعضاء الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، وبخاصّة، سرّ الفصح الذي نحتفل به في أسرار التنشئة المسيحيّة، يبقى محور التفكير في الهويّة المسيحيّة والكنيسة السينودوسيّة.
  • تحظى الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة بخبرة طويلة ومُميّزة في السينودوسيّة، تشترك فيها مع الكنائس الأرثوذكسيّة، وهو تقليد ترغب أن نعيره اهتمامنا في النقاشات والتمييز في المسار السينودوسيّ.
  •  وبطريقة مماثلة، هناك وقائع خاصّة ومحدّدة يواجهها مسيحيّو الشرق في الشتات في سياقات جديدة، جنبًا إلى جنب مع إخوتهم وأخواتهم الأرثوذكس. لذا، من المستحسن أن تكون الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة في الشتات قادرة على الحفاظ على هويّتها وأن يُعترف بها أكثر من جماعات عرقيّة، أي ككنائس فريدة ذات تقاليد روحيّة ولاهوتيّة وليترجيّة غنيّة تُسهم في رسالة الكنيسة اليوم في سياق عالميّ.

سؤال للتمييز

كيف يُمكن لكلّ كنيسة محلّيّة، انطلاقًا من موضوع الرسالة، أن تَدْعَم وتُعزّز وتَتَكامل في تبادل الهدايا مع الكنائس المحلّيّة الأخرى داخل أفُقِ الكنيسة الكاثوليكيّة الواحدة ؟ كيف يُمكن مساعدة الكنائس المحلّيّة على تعزيز كاثوليكيّة الكنيسة في علاقة متناغمة بين الوحدة والتنوّع، والحفاظ على خصوصيّة كلّ واحدة منها ؟

اقتراحات للصلات والتفكير التحضيريّ

  1.  كيف نُنمّي الوعي، بأنّ الكنيسة الواحدة والجامعة، هي بالفعل منذ البداية، حاملة لتنوّع غنيّ ومتعدّد الأنماط ؟
  2. بأيّ مبادرة يُمكن لجميع الكنائس المحلّيّة أن تُظهِر حُسْن الضيافة بعضها لبعض للاستفادة من التعاون المتبادل للمواهب الكنسيّة في ميادين الليترجيّا والروحانيّة والاهتمام الراعويّ والتفكير اللاهوتيّ ؟ كيف يُمكننا تسهيل تبادل الخبرات والرؤى حول السينودوسيّة، بنوع خاصّ، بين الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة والكنيسة اللاتينيّة ؟
  3. كيف يُمكن للكنيسة اللاتينيّة أن تُنمّي انفتاحًا أكبر على التقاليد الروحيّة واللاهوتيّة والليترجيّة للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ؟
  4. كيف يُمكن للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة في الشتات أن تُحافظ على هويّتها وأن يُعترف بها أكثر من مجرّد جماعات عرقيّة ؟
  5. تعيش بعض الكنائس في أوضاع محفوفة بالمخاطر. كيف يُمكن للكنائس الأخرى أن تأخذ على عاتقها معاناتها وتوفّر لها حاجاتها، مطبّقة تعاليم الرسول بولس الذي طلب من الجماعات في اليونان أن تدعم بسخاء كنيسة أورشليم : « إذا سَدَّتِ اليومَ سَعَتُكُم ما بِهِمْ من عَوَز، سَدَّت سَعَتُهُم عَوزَكُم في المستقبل، فحَصَلت المساواة » (2قور 8، 14) ؟ أيّ دور تلعبه المؤسّسات العالميّة ومؤسّسات الكرسيّ الرسوليّ المخصّصة لخدمة الأعمال الخيريّة ؟
  6. كيف يُمكننا أن نأخذ بعين الاعتبار ونُقدّر إسهامات الكنائس المحلّيّة واختباراتها في تعليم السطلة التعليميّة والقواعد على المستوى العالميّ ؟
  7. في عالم تتنامى فيه العولمة والتواصل، كيف نُطوّر نسيج العلاقات بين الكنائس المحلّيّة في المنطقة نفسها وفي القارّات المختلفة أيضًا ؟ كيف يُمكننا أن نُنَمّي الحراك البشريّ، ليُصبح وجود جماعات المهاجرين فرصةً لبناء روابط بين الكنائس وتبادل الهبات ؟ كيف يُمكن التعامل مع التوتّرات وسوء الفهم التي قد تَبرز بين المؤمنين من ثقافات وتقاليد مختلفة بطريقة بنّاءة؟
  8. كيف يُمكن لمؤسّسات الكنيسة العالميّة، بدءًا من التي ترتبط بالكرسيّ الرسوليّ والدوائر الرومانيّة، أن تُشجّع انتقال الهبات بين الكنائس ؟
  9. كيف يُمكن أن يكون تبادل الخبرات والهبات فاعلاً ومثمرًا ليس بين الكنائس المحلّيّة المختلفة فحسب، بل بين مختلف الدعوات المختلفة والمواهب والروحانيّات داخل شعب الله أيضًا، بما في ذلك مؤسّسات الحياة المكرّسة وجماعات الحياة الرسوليّة، والجمعيّات والجماعات العلمانيّة، والجماعات الجديدة ؟ كيف يُمكن ضمان مشاركة جماعات الحياة التأملّيّة في هذا التبادل ؟

ب 4.1 كيف يُمكن للكنيسة السينودوسيّة أن تَؤدّي رسالتها من خلال التزامٍ مسكونيّ متجدّد؟

« طريق السينودوسيّة التي تسلكها الكنيسة الكاثوليكيّة هي طريق مسكونيّة، يجب أن تكون هكذا، تمامًا كما أنّ الطريق المسكونيّة سينودوسيّة »[11]. السينودوسيّة هي تحدّ مشترك يَهُمُّ جميع المؤمنين بالمسيح، تمامًا كما أنّ العمل المسكونيّ هو أوّلاً وقبل كلّ شيء طريقٌ مشترك  (syn-odos) نَجتازُه معًا مع مسيحيّين آخرين. السينودوسيّة والمسكونيّة طريقان للسير معًا نحو هدفٍ مشترك : شهادة مسيحيّة أفضل. يُمكن أن يأخذ هذا الأمر شكلاً من أشكال التعايش في « الحياة المسكونيّة » على مستويات مختلفة، بما في ذلك الزيجات بين الكنائس، وأيضًا من خلال العمل النهائيّ في أن يُعطي الإنسان حياته شهادة للإيمان بالمسيح في مسكونيّة الاستشهاد.

هناك عدّة انعكاسات مسكونيّة للالتزام ببناء كنيسة سينودوسيّة :

  • بمعموديّة واحدة، يشترك جميع المسيحيّين في حاسّة الإيمان (حاسّة الإيمان فوق الطبيعة، راجع « الكنيسة »، 12)، لذا ينبغي في الكنيسة السينودوسيّة الإصغاء إلى جميع المعمّدين بانتباه ؛
  • المسيرة المسكونيّة هي مسيرة « تبادل مواهب »، وإحدى هذه المواهب التي يُمكن أن يحصل عليها الكاثوليك من المسيحيّين الآخرين هي بالتحديد اختبارهم السينودوسيّ (راجع فرح الإنجيل 246 ). إنّ اكتشاف السينودوسيّة كبُعْد تأسيسيّ للكنيسة هو ثمرة من ثمار الحوار المسكونيّ، وبخاصّة مع الأرثوذكس.
  •  الحركة المسكونيّة كمختبر للسينودوسيّة. منهجيّة الحوار والإجماع، بنوع خاصّ، التي اختُبِرت على مستويات مختلفة، في الحركة المسكونيّة يُمكن أن تكون مصدر إلهام ؛
  • السينودوسيّة جزء من « الإصلاح المستمرّ » في الكنيسة، إذ من خلال إصلاحها الداخليّ بشكل أساسيّ، الذي تلعب فيه السينودوسيّة دورًا أساسيًّا، تتقرّب الكنيسة الكاثوليكيّة من المسيحيّين الآخرين (راجع « الحركة المسكونيّة » 4، 6) ؛
  • هناك علاقة متبادلة بين الترتيب السينودوسيّ للكنيسة الكاثوليكيّة ومصداقيّة التزامها المسكونيّ؛
  • تُختبر السينودوسيّة بين الكنائس حينما يجتمع المسيحيّون من جماعات مختلفة باسم يسوع المسيح لصلاة مشتركة، والعمل والشهادة المشتركتَين أو من أجل مشاورات منتظمة والمشاركة في مسارات الآخرين السينودوسيّة ؛

معظم الوثائق الختاميّة للجمعيّات القاريّة تُسلطّ الضوء على العلاقة الوثيقة بين السينودوسيّة والمسكونيّة، وقد خصّص لها البعض فصولاً كاملة. في الواقع، السينودوسيّة والمسكونيّة متـأصلتان في كرامة المعموديّة لدى شعب الله بأسره. وتدعوان معًا إلى الالتزام المتجدّد برؤية الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة. وهما أيضًا مساران للإصغاء والحوار، إذ يدعواننا إلى النموّ في الشركة لا إلى التماثل، وإلى الوحدة والتنوّع المشروعَين. وهما يُسلّطان الضوء على الحاجة إلى المسؤوليّة المشتركة، منذ أن باتت القرارات والنشاطات على مستويات مختلفة تؤثّر بجميع أعضاء جسم المسيح. إنّهما مساران روحيّان في التوبة والمسامحة والمصالحة في حوار من الارتداد الذي يُفضي إلى شفاء الذاكرة.

سؤال للتمييز

كيف يُمكن لاختبار المسيرة المسكونيّة وثمارها أن تُساعد على بناء كنيسة سينودوسيّة كاثوليكيّة بشكل أفضل ؛ كيف يُمكن للسينودوسيّة أن تُساعد الكنيسة الكاثوليكيّة على الاستجابة لصلاة يسوع : « ليكونوا هُم أيضًا فينا… ليؤمن العالم » (يو 17، 21) ؟

اقتراحات للصلات والتفكير التحضيريّ

  1. السينودوس فرصة لنتعلّم من الكنائس الأخرى والجماعات الكنسيّة أن « نَجني ما زَرَعَه الروح فيها كهبة لنا أيضًا » (فرح الإنجيل 246). ماذا يستطيع الكاثوليك أن يتعلّموا من خبرة السينودوس والمسيحيّين الآخرين والحركة المسكونيّة ؟
  2. كيف يُمكننا أن نُعزّز المشاركة الفعّالة لشعب الله كلّه في الحركة المسكونيّة ؟ كيف يُمكننا إشراك الإسهام المهمّ مع الذين يعيشون حياة مكرّسة ومع الأزواج والأسر بين الكنائس، والشباب والحركات الكنسيّة والجماعات المسكونيّة ؟
  3. في أيّ ميادين يكون « شفاء الذاكرة » ضروريًّا في شأن العلاقة بكنائس أخرى وجماعات كنسيّة ؟ كيف يُمكن أن نبنيَ « ذاكرة جديدة » معًا ؟
  4. كيف يُمكن تحسين مسيرتنا معًا مع المسيحيّين من كافّة التقاليد ؟ كيف يُمكن لإحياء ذكرى ال1700 سنة لمجمع نيقية (325-2025) أن تّوفّر لنا مثل هذه الفرصة ؟
  5. « الخدمة الأسقفيّة للوحدة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسينودوسيّة »[12]. كيف يُدعى الأسقف « كمبدأ منظور وأساس للوحدة » (« الكنيسة »23) إلى أن يُعزّز المسكونيّة بطريقة سينوديّة في كنيسته المحلّيّة ؟
  6. كيف يُمكن للمسار السينودوسيّ السائد أن يُسهم في إيجاد « أسلوب لممارسةِ الأوّليّة منفتًحا على الوضْعٍ الراهن، ولكن من دون تخلّ عن جوهر رسالته؟»[13]
  7. كيف يُمكن للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة أن تُساعد وتدعم وتحثّ الكنيسة اللاتينيّة على الالتزام السينودوسيّ والمسكونيّ المشترك ؟ كيف تستطيع الكنيسة اللاتينيّة أن تسند هويّة المؤمنين الشرقيّين الكاثوليك في الشتات وتُعزّزها ؟
  8. كيف يُمكن لشعار البابا فرنسيس المسكونيّ : «السير معًا، العمل معًا، الصلاة معًا»[14] أن يوحي بالتزام متجدّد بالوحدة المسيحيّية بطريقة سينودوسيّة ؟

ب 5.1 كيف يُمكننا أن نعترف بغنى الثقافات ونُحافظ عليه لتطوير الحوار بين الأديان في ضوء الإنجيل؟

الإصغاء إلى الناس يفترض معرفةَ كيف نُصغي إلى الثقافات التي تترسّخ فيهم، مع العلم أنّ كلّ ثقافة هي في تطوّر دائم. تحتاج الكنيسة السينودوسيّة إلى تَعلّم كيف نُعبّر عن الإنجيل داخل الثقافات والسياقات المحلّيّة، من خلال تمييز ينبع من التأكّد من أنّ الروح يَمنحُ الكنيسة نَفحةً تُمكّنُها من استقبال أيّ ثقافة من دون استثناء. والدليل على ذلك أنّ الكنائس المحلّيّة تَتَميّز بالفعل بتنوّع كبير، إذ هو بركة لها. تتعايش داخل الكنيسة المحلّيّة قوميّات وجماعات عرقيّة ومؤمنون من التقاليد الشرقيّة والغربيّة. إلاّ أنّه ليس من السهل التعايش دومًا مع هذا الغنى، فقد يتحوّل إلى مصدر للانقسام والصراع.

فضلاً عن ذلك، يتميّز زمننا بالانتشار الهائل لثقافة جديدة، هي ثقافة البيئات الرقميّة ووسائل الإعلام. فكما تظهر مبادرة السينودوس الرقميّة، فإنّ الكنيسة حاضرة هناك من خلال نشاطات الكثيرين من المسيحيّين، وبخاصّة الشباب. ومع ذلك، ما ينقص حتّى الآن هو الوعي الكامل للإمكانيّات التي توفّرها هذه البيئة للتبشير أو التفكير، ولا سيّما من الناحية الأنثروبولوجيّة، إزاء التحدّيات التي تطرحها. وقد برَزَت توتّرات مختلفة في عَمَلِ المرحلة التحضيريّة. بيد أنّ هذه الأشياء يجب ألاّ تستحوذ علينا، إذ يُمكن استخدامها كمصادر حيويّة.

  • في العلاقة بين الإنجيل والثقافات المحلّيّة، بخبرات ومواقف مختلفة. يرى البعض أنّ تَبنّي تقاليد الكنيسة الجامعة هو فَرْضٌ على الثقافات المحلّيّة وأنّها شكلٌ من أشكال الاستعمار. ويعتقد البعض الآخر بأنّ الروح يعمل في كلّ ثقافة، ممّا يجعلها قادرة بالفعل على التعبير عن حقيقة الإيمان المسيحيّ. ويرى البعض أيضًا أنّ المسيحيّين لا يستطيعون تَبنّي ممارسات ثقافيّة ظهرت قبل المسيحيّة أو تكييفها ؛
  • في العلاقة بين المسيحيّة وسائر الأديان. في حين أنّ هناك خِبْرات مثمرة للغاية للحوار والمشاركة مع المؤمنين من الديانات الأخرى، تَبرز في بعض المناطق صعوبات وقيود ومؤشّرات تدلّ على عدم الثقة، إلى حدّ الصراع والاضطهاد المباشر وغير المباشر. ترغب الكنيسة في بناء جسور لتعزيز السلام والمصالحة والعدالة والحرّيّة، بيد أنّ هناك أيضًا حالات تقتضي منّا التحلّي بالصبر الكبير والأمل في أنّ الأمور قد تتغيّر ؛
  • في العلاقة بين الكنيسة، من جهة، والثقافة الغربيّة وأشكال الاستعمار الثقافيّ، من جهة أخرى. هناك قوى تعمل في العالم تُناهض رسالة الكنيسة، تستند إلى أيديولوجيّات فلسفيّة واقتصاديّة وسياسيّة مبنيّة على افتراضات معادية للإيمان. لا ينظر الجميع إلى هذه التوتّرات بالطريقة عينها، ولا سيّما في شأن ظاهرة العلمنّة التي يراها البعضُ تهديدًا والبعضُ الآخر فُرصةً. يُفسَّر هذا التوتّر، في بعض الأحيان، بطريقة اختزاليّة على أنّه صدام بين الذين يرغبون التغيير والذين يخشونه ؛
  • في العلاقات بين المجتمعات الأصليّة والنموذج الغربيّ للعمل التبشيري. أظهر العديد من المرسلين الكاثوليك تفانيًا وسخاء كبيرَين في مشاركة إيمانهم، ولكن في بعض الحالات، أعاقتَ أعمالهم إمكانيّة الثقافات المحلّيّة بتقديم مساهمتهم البديعة في بناء الكنيسة ؛
  • في العلاقة بين الجماعة المسيحيّة والشباب. يشعر الكثيرون منهم بأنّهم مُستَبعدون من اللغة المعتمدة في السياقات الكنسيّة، التي تبدو غير مفهومة بالنسبة إليهم.

لا بدّ من معالجة هذه التوتّرات أوّلاً من خلال التمييز على المستوى المحلّيّ، إذ لا توجد حلول جاهزة. لقد شدّدت الجمعيّات القاريّة على عددٍ من الاستعدادات الشخصيّة والجماعيّة التي يُمكن أن تكون مفيدة : موقف التواضع والاحترام ؛ القدرة على الإصغاء وتعزيز الحوار الحقيقيّ في الروح ؛ الاستعداد للتغيير ؛ تبنّي حيويّة الفصح في الموت والقيامة واحترام الأشكال الواقعيّة التي تتجلّى في حياة الكنيسة؛ التدرّب على التمييز الثقافيّ حينما تبدو الحساسيّات المحلّيّة متباينة، ومرافقة أشخاص في ثقافات مختلفة.

سؤال للتمييز

كيف يُمكننا أن نُعلِن الإنجيل بشكل فعّال في سياقات وثقافات مختلفة لتعزيز اللقاء بالمسيح لرجال ونساء عصرنا ؟ ما هي الروابط التي يُمكن أن نُرسيها مع أتباع الديانات الأخرى لبناء ثقافة اللقاء والحوار ؟ ما هي الفُرَص التي يُمكن أن نخلقها لقراءة تعاليم الكنائس في ضوء الثقافات المحلّيّة؟

اقتراحات للصلات والتفكير التحضيريّ

  1. ما الأدوات التي تستخدمها الكنائس المحلّيّة لقراءة الثقافات التي تندمج فيها؟ كيف يُمكنها، في ضوء الإنجيل، أن تحترم وتُقدّر ثقافات السياقات المحلّيّة المختلفة ؟
  2. ما المساحات المتوفّرة لثقافات الأقلّيّات والمهاجرين للتعبير عنها في الكنائس المحلّيّة ؟
  3. أعربت الأبرشيّات المختلفة والمجالس الأسقفيّة والجمعيّات القاريّة عن الرغبة في إعادة صياغة الحياة الجماعيّة ولا سيّما الليترجيّا وفقًا للثقافات المحلّيّة. ما الحيويّة السينودوسيّة التي يُمكن وضعها لتلبية هذه الرغبة ؟
  4. كيف يُمكن تعزيز التنشئة في التمييز الثقافيّ ؟ كيف نتبنّى ونُعلّم ونقرّ بمواهب «الوسطاء» ودعواتهم، أي الذين يساعدون على بناء جسور بين الأديان وثقافات الشعوب؟
  5. ما هي بوادر المصالحة والسلام مع الديانات الأخرى التي نشعر من خلالها بأنّنا مدعوّون إلى القيام بها ؟ كيف تتعامل الكنائس بطريقة بنّاءة مع الأحكام المسبقة والتوتّرات والصراعات ؟ كيف يُمكن أن نشهد للإنجيل في البلدان التي تكون فيها الكنيسة أقلّيّة، من دون إضعاف شهادتنا للإيمان، وألاّ نُعرّض المسيحيّين للتهديد والاضطهاد من دون مُبَرّر؟
  6. كيف يُمكن للكنيسة أن تُشرك الثقافة الغربيّة والثقافات الأخرى، بما في ذلك داخل الكنيسة، بطريقة صريحة ونبويّة وبنّاءة، وتتجنّب كلّ أشكال الاستعمار؟
  7. بالنسبة إلى البعض، يُعتبر المجتمع العلمانيّ تهديدًا لا بدّ من مواجهته، وبالنسبة إلى آخرين، إنّه واقع يجب القبول به، وبالنسبة للبعض الآخر هو مصدر إلهام وفرصة. كيف يُمكن للكنيسة أن تبقى في الحوار مع العالم من دون أن تُصبح كنيسة دنيويّة ؟
  8. كيف يُمكننا خَلْق فُرَصٍ للتمييز داخل البيئات الرقميّة ؟ ما هي أشكال التعاون وما هي البِنى التي نحتاجها إلى خلقها بهدف نَشْر الإنجيل في بيئة تفتقر إلى البُعد الإقليميّ ؟

ب 2. المسؤوليّة المشتركة في الرسالة

كيف يُمكننا المشاركة في المواهب والمهامّ بشكل أفضل في خدمة الإنجيل ؟

ب 1.2 كيف يُمكننا أن نسير معًا نحو وعيٍ مشترك لمعنى الرسالة ومضمونها ؟

من مهام الكنيسة إعلان الإنجيل وجَعْل المسيح حاضرًا من خلال موهبة الروح. تقع هذه المهمّة على عاتق جميع المُعمَّدين (راجع فرح الإنجيل 120) : السينودوسيّة رساليّة في بنيتها والرسالة نفسها هي عملٌ سينودوسيّ. نحن مدعوّون باستمرار إلى أن نَنْمُوَ في استجابتنا لهذه الدعوة، وأن نُجدّد الطريقة السينودوسيّة التي تُكمّل فيها الكنيسة رسالتها. وفي تفكير الجمعيّات القاريّة، توضح هذه الرسالة تَعدّد الأبعاد التي يجب تنسيقها كي لا تتعارض بعضها مع بعض في الرؤية المتكاملة التي تُشجّعها رسالة إعلان الإنجيل والتي تبنّتها أيضًا رسالة فرح الإنجيل. مثلاً :

  • هناك دعوة مخلصة إلى تجديد الحياة الليترجيّة في الكنيسة المحلّيّة كمكان للتبشير بالكلمة والسرّ، مع التشديد على نوعيّة الكرازة ولغة الليترجيّا. تفترض الليترجيّا توازنًا ملائمًا بين وحدة الكنيسة، التي يُعبَّر عنها في وحدة طقوسها، والتنوّع المشروع، الذي يأخذه الانثقاف الصحيح بعين الاعتبار[15]؛
  • التشديد على الرغبة في كنيسة فقيرة وقريبة من الذين يتألّمون، تكون قادرة على التبشير من خلال التقارب والمحبّة. هذه الشهادة تصل، على خطى الربّ، إلى حدّ الاستشهاد وتُعبّر عن دعوة « السامريّ » في الكنيسة. وبالإشارة إلى المواقف التي تُسبّبُ فيها الكنيسة جراحًا للآخرين وتلك التي جُرحت فيها هي نفسها، هذه المواقف تُصبح حجر عثرة لشهادة الكنيسة وحبّ الله وحقيقة الإنجيل، من دون التوقّف عند الأشخاص المعنيّين ؛
  • مفتاح المعارضة النبويّة للاستعمار الجديد والمُدَمّر هو فَتْحُ أماكن غير مشروطة للخدمة في خُطى المسيح الذي جاء ليَخدُم لا ليُخْدَم (راجع مر 10، 45). هذه أماكن يُمكن الحصول فيها على الاحتياجات الإنسانيّة الأساسيّة، أماكن يشعر فيها الناس بالترحيب وليس بالحُكم عليهم، يطرحون الأسئلة بحرّيّة عن أسباب رجائهم (راجع بط 3، 15)، يتركون ويعودن إليها بحرّيّة. ففي عُرْفِ الكنيسة السينودوسيّة، الرسالة هي دومًا بناء مع الآخرين وليس من أجل الآخرين فحسب ؛
  • تكتشف الكنيسة، في البيئة الرقميّة، فرصة للتبشير. وتُقرّ بأنّ بناء شبكات العلاقات في هذا الفضاء تَمنح الإمكانيّة للأشخاص، وبخاصّة الشباب، أن يختبروا طُرُقًا جديدة للسير معًا. تُلفِتُ مبادرة السينودوس الرقميّ الانتباه إلى واقع الإنسان على أنّه كائن يتواصل، حتّى في وسائل التواصل التي تُشكّل عالمنا المعاصر ؛

الرغبة في النموّ في الالتزام بالرسالة لا يُعيقُها وَعيُ الجماعات المسيحيّة بحدودها، ولا الإقرار بفشلها. إلى جانب هذه الرغبة، خلافًا لذلك، حركة الخروج من الذات في الإيمان والرجاء والمحبّة هي سبيل لمعالجة هذا النقص. ومع ذلك، إلى جانب تأكيد هذه الرغبة، تُعبّر المجالس القاريّة أيضًا عن نَقصٍ في الوضوح والفَهم المشترك لمعنى رسالة الكنيسة ونطاقها وفحواها أو عن المقاييس التي تربط تعابيرها المتنوّعة. وهذا ما يُعيق مسيرتنا معًا ويُمكن أن يُفرّقنا. لذا، لا بدّ من طَلَبِ أنماطٍ جديدة من التنشئة والأمكنة للقاء والحوار، في الرؤية السينودوسيّة، بين وجهات النظر المختلفة والروحانيّات والحساسيّات التي يَتكوّن منها غنى الكنيسة.

سؤال للتمييز

ما مدى استعداد الكنيسة اليوم وما هي جهوزيّتها لإعلان الإنجيل بقناعة وحرّيّةِ روحٍ وفعاليّة؟ كيف تُحوّل وجهة نَظَرِ الكنيسة السينودوسيّة فَهْمَ الرسالة وتُمكّنها من توضيح أبعادها المختلفة ؟ كيف يُغني اختبار الرسالة المنجزة معًا فَهْمَ السينودوسيّة ؟

اقتراحات للصلات والتفكير التحضيريّ

  1. الحياة الليترجيّة في الجماعة هي مصدر رسالتها. كيف يُمكن دَعْمُ تجديدها بطريقة سينودوسيّة من خلال تعزيز الخدمات والمواهب والدعوات وتقديم مساحات للاستقبال والانتماء ؟
  2. كيف يُمكن للوعظ والتعليم المسيحيّ والعمل الراعويّ أن يُعزّز الوعي المشترك لمعنى مضمون الرسالة ؟ كيف يُمكن أن نقتنع بأنّ الرسالة تُشكّل دعوة حقيقيّة وملموسة لكلّ مُعمّد ؟
  3. دعت نتائج المجامع الأسقفيّة والجمعيّات القاريّة مرارًا وتكرارًا إلى «خيار تفضيليّ» للشباب والأسر، يُقرّ بأنّهم ذوات وليسوا مواضيع للاهتمام الراعويّ. كيف يُمكن لهذا التجديد السينودوسيّ الرساليّ في الكنيسة أن يتبلور، بما في ذلك وَضْع حَيّز التنفيذ نتائج السينودوس لأعوام 2014-15 و 2018 ؟
  4. بالنسبة إلى الأغلبيّة العظمى من شعب الله، تكتمل الرسالة « من خلال إدارة الشؤون الزمنيّة التي يُنظّمونها بحسب الله » (« الكنيسة » 31 ؛ راجع أيضًا « رسالة العلمانيّين » 2). كيف يُمكننا تنمية الوعي بأنّ الالتزامات المهنيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والعمل التطوّعيّ هي مساحات تُمارَس فيها الرسالة ؟ كيف يُمكننا مرافقةَ الذين يضطلعون بهذه الرسالة ودَعْمِهم بشكل أفضل، ولا سيّما في البيئات المعاديّة والخطرة ؟
  5. غالبًا ما تُعتبر العقيدة الاجتماعيّة للكنيسة اختصاص الخبراء واللاهوتيّين وأنّها لا تَمُتّ بالحياة اليوميّة للجماعات بِصِلَة. كيف يُمكن أن نُشجّع على إعادة تفعيلها في شعب الله كمصدر للرسالة؟
  6. البيئة الرقميّة تُشكّل الآن حياة المجتمع. كيف يُمكن للكنيسة أن تَضطلِع برسالتها بفعاليّة أكبر في هذا الفضاء ؟ كيف يُمكن أن نُعيد التفكير في البشارة والمرافقة والعناية بهذه البيئة ؟ كيف يُمكن أن نُقِرّ بعمل الذين يهتمّون بالالتزام الرسوليّ داخل الكنيسة ونخلق طُرُقَ تنشئة لهم ؟ كيف يُمكننا أن نُشجّع النشاط الرياديّ للشباب الذين يتحمّلون مسؤوليّة مشتركة بشكل خاصّ في رسالة الكنيسة في هذا المجال ؟
  7. الاضطلاع بالرسالة، في العديد من المجالات، يفترض تعاونًا مع مجموعة متنوّعة من الأشخاص والمنظّمات ذات التوجّهات المختلفة، بما في ذلك مؤمني الكنائس والجماعات الكنسيّة، وأعضاء الديانات الأخرى، والنساء والرجال وذوي الإرادة الحسنة. ماذا نتعلّم من « السير معًا » وكيف يُمكننا تجهيز أنفسنا تجهيزًا أفضل للقيام بذلك؟

ب 2.2 ماذا ينبغي أن نفعل لتكون الكنيسة السينودوسيّة كلّها كنيسة كهنوتيّة رساليّة؟

تُناقش الجمعيّات القاريّة كلّها الخِدَم في الكنيسة في تعابير غنيّة ومُحفّزة للتفكير. يُقدّم المسار السينودوسيّ رؤية إيجابيّة عن الخِدَم، ويَضَعُ الخدمة الكهنوتيّة ضمن خدمة نطاقٍ خدمة أوسع من دون خَلْقِ اعتراضات. ومع ذلك، تشير الجمعيّات القاريّة أيضًا إلى حاجة ملحّة لتمييز المواهب الناشئة والأنماط الملائمة لممارسة خدمات المعموديّة (المؤسَّسة، غير عاديّة وفعليّة) داخل شعب الله الذي يشترك في وظيفة المسيح النبويّة والكهنوتيّة والملكيّة. تُركّز أداة العمل على هذه الخِدَم، في حين تَجِدُ العلاقة بالخدمة الكهنوتيّة ومهمّة الأساقفة في كنيسة سينودوسيّة مساحةً في الأخرى. وبنوعٍ خاص:

  • هناك دعوة واضحة للتغلّب على رؤية تَختَصر أيّ وظيفة فاعلة في الكنيسة في الخُدّام المرسومين دون سواهم (الأساقفة، الكهنة، الشمامسة)، وتختزل مشاركة المعمّدين في تعاونٍ ثانويّ. تُفْهمُ الخِدَم في أفقٍ سينودوسيّ، من دون أن نُخَفّف من قيمة سرّ الكهنوت، من خلال مفهوم خِدَميّ للكنيسة جمعاء. ترتبط كرامة المعموديّة بالكهنوت المشترك كأصل لخِدَم المعموديّة، وتُؤكّد على العلاقة اللازمة بين الكهنوت المشترك وكهنوت الخِدمة، إذ هما « مترابطان » كلاهما بالآخر « كلٌّ على نحوٍ خاصّ » و « يشتركان في كهنوت المسيح » (« الكنيسة » 10).
  • لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المكان الأكثر ملاءمة لتحقيق مشاركة الجميع في كهنوت المسيح، وإضفاء قيمة في الوقت عينه على خِدَم المعموديّة وعلى خصوصيّة الخادم المرسوم، هو الكنيسة المحلّيّة. نحن مدعوّون هنا إلى تمييز المواهب والخِدَم المفيدة لخير الجميع في سياق اجتماعيّ وثقافيّ وكنسيّ خاصّ. هناك حاجة إلى إعطاء زَخْمٍ جديد وكفاءة عالية لمشاركة العلمانيّين الخاصّة في التبشير في مختلف مجالات الحياة الاجتماعيّة والثقافيّة والاقتصاديّة والسياسيّة، وفي تَحَمّل مسؤوليّاتهم، وتعزيز إسهام الرجال والنساء المكرّسين، بمواهبهم المختلفة، ضمن حياة الكنيسة المحلّيّة.
  • اختبار السير معًا في الكنيسة المحلّيّة يجعل من الممكن تَصوُّر خِدَمٍ جديدة في خدمة الكنيسة السينودوسيّة. في أغلب الأحيان، تطلب الجمعيّات القاريّة، مستندةً إلى نصّ « الكنيسة » 10-12، مزيدًا من الاعتراف بِخِدَم المعموديّة، إذ من الأفضل أن يُعبَّر عنها بشكل أفضل في تَفْريع السلطة في المستويات المختلفة للكنيسة. في هذا السياق، من الممكن الإجابة عن العديد من هذه الأسئلة عن خِدَمِ المعموديّة من خلال عملٍ سينودوسيّ أكثر عُمقًا في الكنائس المحلّيّة، استنادًا إلى مبدأ المشاركة المتمايزة في مَهام المسيح الثلاث (tria munera)، إذ من الأسهل الاحتفاظ بوضوح بالتكامل بين الكهنوت المشترك وكهنوت الخدمة، محدّدين بوضوح خِدَم المعموديّة التي تحتاجها الجماعة.
  • الكنيسة القائمة على الخدمة ليست بالضروة كنيسة تكون فيها « الخِدَم كلّها ذات طابع مؤسّساتيّ ». هناك العديد من الخِدَم تنبع بشكل شرعيّ من دعوة المعموديّة، بما في ذلك الخِدَم التلقائيّة وغيرها من الخِدَم المعترف بها التي لا تنطوي على طابعٍ مؤسّساتيّ، وغيرها، بِفِعْلِ تأسيسها، تحظى بتنشئة خاصّة ورسالة واستقرار. النموّ ككنيسة سينودوسيّة يقتضي الالتزام بتمييز الخدمات معًا تلك التي ينبغي تأسيسها أو تعزيزها في ضوء علامات الأزمنة في خدمة العالم.

سؤال للتمييز

كيف يُمكننا أن نتطوّر في اتّجاه مسؤوليّة مشتركة ذات معنى وفاعليّة في الكنيسة، حيث يوجد إنجاز أَكْمَل لدعوات جميع المعمّدين ومواهبهم وخِدَمهم في بُعْدٍ رساليّ؟ ماذا يُمكننا أن نفعل لنضمن أنّ الكنيسة السينودوسيّة هي أيضًا « كنيسة خدمة في مجملها » ؟

اقتراحات للصلات والتفكير التحضيريّ

  1. كيف ينبغي لنا أن نحتفل بالمعموديّة والتثبيت والإفخارستيّا بحيث تكون فُرَصًا للشهادة وتعزيز المشاركة والمسؤوليّة المشتركة لجميع الأشخاص الفاعلين في حياة الكنيسة ورسالتها ؟ كيف يُمكننا تجديد فَهْم الخدمة كي لا تبقى محصورة بالأشخاص المرتسمين وحدهم ؟
  2. كيف يُمكننا أن نُميّز خِدَمَ المعموديّة الضروريّة للرسالة في الكنيسة المحلّيّة، سواء أكانت مؤسّسة أم لا ؟ ما هي المساحات المتاحة للتجربة على المستوى المحلّيّ؟ ما القيمة التي تُنسب إلى هذه الخِدَم ؟ ما هي الشروط التي يُمكن أن تقبلها الكنيسة بأسرها وتُقِرّ بها ؟
  3. ماذا يُمكننا أن نتعلّم من الكنائس الأخرى والجماعات الكنسيّة في شأن الخِدَمِ الكنسيّة ؟
  4. تتجلّى المسؤوليّة المشتركة وتتحقّق بالدرجة الأولى في مشاركة الجميع في الرسالة. كيف يُمكن تعزيز الإسهام الخاصّ للذين يحملون مواهب ودعوات خاصّة لخدمة الانسجام في التزام الجماعة والحياة الكنسيّة، ولا سيّما في الكنائس المحلّيّة ؟ هذه المواهب والدعوات قد تمتدّ من المهارات الفرديّة والكفاءات، بما في ذلك المهارات المهنيّة، إلى الإلهام التأسيسيّ للجمعيّات ومعاهد الحياة المكرّسة، وجماعات الحياة الرسوليّة، والحركات والجمعيّات، وغيرها.
  5. كيف يُمكننا أن نَخلق مساحات وفترات من المشاركة الفعّالة في المسؤوليّة المشتركة للرسالة مع المؤمنين الذين، لأسباب مختلفة، يعيشون على هامش حياة المجتمع ولكنّهم، وفقًا لمنطق الإنجيل، يقدّمون إسهامًا فريدًا ؟ (نشمل هنا كبار السنّ والمرضى والأشخاص ذوي الإعاقات والذين يعيشون في الفقر، والذين لا يُتاح لهم أيّ تعليم رسميّ…) ؟
  6. يلتزم الكثير من الناس ببناء مجتمع عادل ويهتمّون بِبَيتنا المشترك استجابة لدعوة أصيلة واختيار حياتي، تاركين بدائل مهنيّة تؤمّن لهم أجورًا عالية. كيف يُمكننا أن نعترف بهذا الالتزام بِطُرُقٍ توضح أن هذا المسلك ليس مجرّد عملٍ شخصيّ فحسب، بل هو استكمال لحِرْص الكنيسة على العالم ؟

ب 3.2 كيف يُمكن للكنيسة في زمننا الحاضر أن تكمل رسالتها بمزيد من الإقرار وتعزيز كرامة معموديّة المرأة ؟

بالمعموديّة، يدخل المسيحيّ في علاقة جديدة مع المسيح، وبه وبواسطته، يدخل مع جميع المعمّدين، مع البشريّة جمعاء ومع الخليقة كلّها. أبناء وبنات الآب الواحد، الممسوحون بالروح نفسه، بفِعْلٍ المشاركة في العلاقة نفسها مع المسيح، المُعمَّدون، يُعطون أنفسهم بعضهم لبعض كأعضاء في جسدٍ واحد ويتمتّعون بالكرامة عينها (راجع غلا 3: 26-28). وقدّ أكدّت مرحلة الإصغاء من جديد على وَعي هذا الواقع، وأشارت إلى أنّه يجب إيجاد تحقيق ملموس أكثر من أيّ يوم مضى في حياة الكنيسة، بما في ذلك من خلال علاقة التبادل والمعاملة بالمثل والتكامل بين الرجل والمرأة. وبخاصّة :

  • أجمعت الجمعيّات القاريّة على الدعوة إلى الاهتمام بتجربة المرأة ومكانتها ودورها، بالرغم من وجهات النظر المختلفة القائمة في كلّ قارّة. فهي تُشيد بالإيمان والمشاركة والشهادة للعديد من النساء العلمانيّات والمكرّسات في جميع أنحاء العالم، وغالبًا ما تَظهَرْن كمبشّرات ومعلّمات في طُرُق الإيمان، وتخدُمْن في أماكن نائية وسياقات خطرة، وفي « هوامش نبويّة » ؛
  • تدعو الجمعيّات القاريّة أيضًا إلى تفيكر أعمق في الإخفاقات في العلاقات الكنسيّة، التي هي إخفاقات بنيويّة تركت أثرًا في حياة المرأة في الكنيسة، وتدعونا إلى مسار اهتداء مستمرّ للسعي إلى النموّ بشكل كامل في تلك الهويّة المعطاة لنا في المعموديّة. الأولويّات في الجمعيّة السينودوسيّة تشمل معالجة الأفراح والتوتّرات وفُرَص الارتداد والتجديد، في كيفيّة عيش العلاقات بين الرجال والنساء في الكنيسة، ولا سيّما العلاقات بين الخدّام المرسومين، والرجال والنساء المكرّسين، والعلمانيّين من الرجال والنساء ؛
  • إبّان المرحلة الأولى من السينودوس، برزت مسائل عن مشاركة المرأة والاعتراف بها، والعلاقات الداعمة المتبادلة بين الرجل والمرأة، والرغبة في حضور أكبر للمرأة في مراكز المسؤوليّة والحوكمة، برزت كعناصر حاسمة في البحث عن نَمَطٍ سينودوسيّ أفضل لعيش رسالة الكنيسة. عبَّرَت النساء المشاركات في المرحلة الأولى عن رغبة واضحة بأنّ يكون المجتمع والكنيسة مكانَين للنموّ والمشاركة الفعّالة والانتماء الصحيح للمرأة. تطلب النساء من الكنيسة أن تكون إلى جانبهنّ لمرافقة هذه الرغبة وتعزيزها. لذا، يجب على الكنيسة السينودوسيّة أن تعالج هذه الأسئلة معًا، وأن تسعى إلى الحصول على أجوبة تُقدّم اعترافًا أكبر بكرامة معموديّة النساء وأن تَنبذ كلّ أشكال التمييز والإقصاء التي تواجهه المرأة في الكنيسة والمجتمع ؛
  • وقد سلّطت المجالس القاريّة الضوء، أخيرًا، على تعدّديّة خبرات النساء، ووجهات نظرهن وطلبت أن يُعتَرف بهذا التنوّع في عمل الجمعيّات السينودوسيّة، وتُجنّب معاملة النساء كفريق متجانس أو مُجرّد أو موضوع نقاش أيديولوجيّ.

سؤال للتمييز

ما الخطوات الواقعيّة التي يُمكن للكنيسة أن تتّخذها لتجديد وإصلاح إجراءاتها المؤسّساتيّة وترتيباتها وبُناتها، لتمكين مزيد من الاعتراف والمشاركة للمرأة، بما في ذلك الحوكمة ومسارات صُنْع القرار، في روح من الشركة ورؤية للرسالة ؟

اقتراحات للصلاة والتفكير التحضيريّ

  1. تلعب النساء دورًا مهمًّا في نقل الإيمان إلى الأسَر والرعايا والحياة المكرّسة والجمعيّات والحركات والمؤسّسات العلمانيّة، كمعلّمات ومدرّسات في التعليم الدينيّ. كيف يُمكننا أن نُقِرّ بمساهمتهِنّ الكبيرة وندعمهنّ ونرافقهنّ ؟ كيف يُمكننا أن نُعزّزهنّ لنتعلّم أن نكون كنيسة سينودوسيّة بنحوٍ مُطرِد؟
  2. المواهب النسائيّة حاضرة بالفعل والعمل في الكنيسة في أيّامنا. ماذا يُمكننا أن نفعل لتمييزهنّ ودعمهنّ لمعرفة ما يُريد الروح أن يُعلّمنا من خلالهنّ ؟
  3. تدعو جميع الجمعيّات القاريّة إلى معالجة مسألة مشاركة المرأة في الحوكمة وصُنْع القرار والرسالة والخِدَم على جميع المستويات في الكنيسة، ومنحهنّ هذه المشاركة ودعم البِنى الملائمة كي لا تبقى هذه المشاركة مجرّد أمنية عامّة.
  4. كيف يُمكن ضَمّ النساء إلى هذه المجالات بأعداد كبيرة وبِطُرق جديدة؟
  5. في الحياة المكرّسة، كيف يُمكن أن تُمثَّلَ النساء بطريقة أفضل في الحوكمة في الكنيسة ومسارات صُنْع القرار، وتنعمن بحماية أفضل من سوء المعاملة في جميع السياقات الكنسيّة، وحيثما يكون ذلك منسابًا، للحصول على إنصاف أكبر مقابل عملهنّ ؟
  6. كيف يُمكن أن تُسهم النساء في الحوكمة وتساعدن على تعزيز أكبر للمساءلة والشفافيّة وتَمتين الثقة في الكنيسة ؟
  7. كيف يُمكننا تعميق التفكير في مساهمات النساء في التفكير اللاهوتيّ ومرافقة الجماعات ؟ كيف يُمكننا إعطاء مساحة واعتراف بهذه الإسهامات في مسارات التمييز الشكليّة في كلّ مستوى من مستويات الكنيسة ؟
  8. ما الخِدَم الجديدة التي يُمكن إنشاؤها لتوفير الوسائل والفُرص لمشاركة المرأة مشاركةً فعّالة في التمييز وصُنْع القرار ؟ كيف يُمكننا رَفْع مستوى المسؤوليّة المشتركة في مسارات صُنْع القرار بين النساء العلمانيّات المكرّسات والإكليروس في المناطق النائية والسياقات الاجتماعيّة الصعبة حيث تكون النساء في أغلب الأحيان العامل الرئيسيّ للاهتمام الراعويّ والتبشير ؟ تُشير الإسهامات الواردة في المرحلة الأولى إلى أنّ التوتّرات تَبْرزُ مع الخدّام المرسومين حيث تكون الحيويّة والمسؤوليّة المشتركة ومسارات صُنْع القرار غائبة.
  9. معظم الجمعيّات القاريّة ونتائج بعض المجامع الأسقفيّة تدعو إلى إعادة دراسة مسألة وصول المرأة إلى الشموسيّة. هل من الممكن تصوّر ذلك، وبأيّ طريقة ؟
  10. كيف يُمكن للرجال والنساء أن يتعاونوا بطريقة أفضل في الخدمة الراعويّة وأن يُمارسوا المسؤوليّات المرتبطة بها ؟

ب 4.2 كيف يُمكننا أن نُقيّم بشكل صحيح علاقة الخدمة الكهنوتيّة بخدمات المعموديّة من وجهة نَظَرٍ رساليّة ؟

 تُعبِّر الوثائق الختاميّة للجمعيّات القاريّة عن رغبة قويّة في السينودوس للتفكير في العلاقة بين المرسومين وخدمات المعموديّة، وتُشدّد على الصعوبة على القيام بذلك في الحياة اليوميّة للجماعات. ففي ضوء تعليم المجمع الفاتيكانيّ الثاني، يُقدّم المسار السينودوسيّ فرصة قيّمة للتشديد على العلاقة بين ممارسة كرامة المعموديّة (في غِنى الدعوات والمواهب والخدمات المتأصلّة في المعموديّة) والخدمة الكهنوتيّة، على أنّها هِبة ومهمّة راسخة في خدمة شعب الله، وبخاصّة :

  •  في خُطى المجمع الفاتيكانيّ الثاني، إذ ثُبِّتَت العلاقة المتلازمة بين الكهنوت المشترك وكهنوت الخدمة من جديد. ذلك بأنّ كِلاهما « يشتركان كلٌّ على نحوٍ خاصّ، في كهنوت المسيح الواحد» (« الكنيسة » 10). فليس هناك من تعارض أو تنافس بين الإثنين على الأرض. لذا، ينبغي الإقرار بتكاملهما ؛
  •  تُعبِّر الجمعيّات القاريّة عن تقديرها الواضح لموهبة الخدمة الكهنوتيّة، وعن رغبة عميقة، في الوقت عينه، في تجديدها من خلال رؤية سينودوسيّة. وتُشير الجمعيّات أيضًا إلى صعوبة إشراك بعض الكهنة في المسار السينودوسيّ، ولاحظت القلق السائد الذي ينتاب الكهنة الذين يُكافحون لمواجهة تحدّيات عصرنا، فَهُم إمّا بعيدون عن حياة الناس وحاجاتهم أو يركّزون على ليترجيّا الأسرار ونطاقها فحسب. وعبّرت الجمعيّات أيضًا عن قلق الكهنة الذين يختبرون الوحدة وشدّدت على ضرورة حاجاتهم إلى الاهتمام والصداقة والدَّعم ؛
  • يُعلّم المجمع الفاتيكانيّ الثاني أنّ « ممارسةُ الخدمةِ الكنسيّة، التي وضعها الله، على رُتَبٍ متنوّعةٍ، بين مَنْ يسمُّونهم، منذ القديم، أساقفةً وكهنةً وشمامسةً » (« الكنيسة » 28). ويبرُز المطلب من الجمعيّات القاريّة بأن تكون الخدمة الكهنوتيّة للجميع، في تنوّع مهماها، شهادةً حيّة للشركة والخدمة في منطق الإنجيل ومجانيّته. وتُعبّر الجمعيّات عن رغبتها في أن يُمارس الاساقفة والكهنة والشمامسة خدمتهم في الإدارة والوحدة بأسلوب سينودوسيّ. ويشمل ذلك تَوقٌ خاصّ إلى الاعتراف بالهبات والمواهب الحاضرة في الجماعة وتعزيزها، وتشجيع مسارات الاحتضان الجماعيّ للرسالة ومرافقتها، والسعي إلى اتّخاذ قرارات تتوافق مع الإنجيل من خلال الإصغاء إلى الروح القدس. ما هو مطلوبٌ أيضًا هو تجديد برامج الإكليريكيّات لتتوجّه أكثر إلى المفهوم السينودوسيّ وإلى الاتّصال بشعب الله.
  • تعرض المرحلة الأولى من السينودوس، من خلال التفكير في وظيفة الكاهن في خدمة حياة المعموديّة، هيمنة الإكليروس clericalism على أنّها قوّة تعزل وتفصل، وبالتالي تُضعف طاقات الكنيسة الصحيحة ومُجمل خدمتها. وتُشير أيضًا إلى أنّ التنشئة هي الوسيلة المميّزة للتغلّب عليها بفعاليّة. لا تقتصر هيمنة الإكليروس على الخدّام المرسومين وحدهم، إنّما هي موجودة في طُرُقٍ مختلفة بين مكوّنات شعب الله بأسره ؛
  • تروي بعض المناطق أنّ الثقة بالخدّام المرسومين، الذي يضطلعون بمهام كنسيّة، في المؤسّسات الكنسيّة، والكنيسة ككلّ، قد تزعزت بفِعل نتائج « فضائح الاستغلال من قبل أعضاء في الإكليروس أو أشخاص يشغلون مناصب كنسيّة : أوّلاً، وقبل كلّ شيء، الإساءة إلى القاصرين والأشخاص المستَضْعفين، وأيضًا الإساءة إلى أنواع أخرى (روحيّة، جنسيّة، اقتصاديّة، السلطة، الضمير). إنّه جرحٌ مفتوح ما بَرِحَ يُلحق الألم بالضحايا والناجين، وبأُسَرهم وجماعاتهم » (الأمانة العامّة للسينودوس رقم 20).

سؤال للتمييز

كيف يُمكننا أن نُعزّز في الكنيسة، على حدّ سواء، ثقافة وأنماطًا ملموسة من المسؤوليّة المشتركة بحيث تكون العلاقة بين خدّام المعموديّة والخدمة الكهنوتيّة مُثمرة ؟ إذا كانت الكنيسة كلّها خادمة، فكيف يُمكننا أن نفهم الهبات الخاصّة للخدّام المرسومين ضِمْن شعب الله في رؤية رساليّة ؟

اقتراحات للصلات والتفكير التحضيريّ

  1.  ما هي علاقة وظيفة الكهنة المكرّسين « ليبشّروا بالإنجيل، ويكونوا رعاةً للمؤمنين، ويُقيموا الشعائر الدينيّة » (« الكنيسة » 28) بخدمات المعموديّة ؟ كيف ترتبط الوظائف الثلاث للخادم المرسوم بالكنيسة كشعب نبويّ وكهنوتيّ وملوكيّ ؟
  2. في الكنيسة المحلّيّة، الكهنة مع أساقفتهم « يُؤلّفون أُسرةً كهنوتيّةً واحدةً » («الكنيسة» 28). كيف يُمكننا أن نُساعد على دَعْم الوحدة بين الأسقف وكهنته من أجل خدمة أكثر فعاليّة لشعب الله الذي أُوكِل إلى رعاية الأسقف ؟
  3. الكنيسة غنيّة بخدمة الكثيرين من الكهنة الذين ينتمون إلى مؤسّسات الحياة المكرّسة والحياة الرسوليّة. كيف يُمكن لخدمتهم، التي تتميّز بموهبة المؤسّسة التي ينتمون إليها، أن تُعزَّز الكنيسة السينودوسيّة بشكل أوسع ؟
  4. كيف يُمكن أن تُفهم خدمة الشموسيّة الدائمة داخل الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة ؟
  5. ما هي الخطوط الموجِّهة التي يُمكن اعتمادها لإصلاح المناهج الدراسيّة وبرامج التعليم في الكليّات ومدارس اللاهوت لتعزيز الطابع السينودوسيّ للكنيسة ؟ كيف يُمكن أن تتغلغل تنشئة الكهنة بشكل وثيق في الحياة والواقع الرعويّ لشعب الله المدعو إلى الخدمة ؟
  6. ما هي سُبُل التنشئة التي ينبغي أن نتبنّاها في الكنيسة لِتَعزيز فَهْمِ الخدمات التي لا تقتصر على خدمة المرسومين، بل تدعمها في الوقت عينه ؟
  7. هل يُمكننا أن نُميّز معًا كيف أنّ العقليّة السلطويّة، سواء في الإكليروس أو العلمانيّين تمنع التعبير الكامل عن دعوة الخدّام المرسومين في الكنيسة، وكذلك دعوة الأعضاء الآخرين من شعب الله ؟ كيف يُمكننا إيجاد السُّبُل للتغلّب عليها معًا ؟
  8. هل بوسع الأشخاص العلمانيّين الاضطلاع بدور رياديّ في الجماعة، ولا سيّما في الأماكن التي يكون فيها عدد الخدّام المرسومين منخفضًا جدًّا ؟ ما هي التداعيات التي تتركها لِفَهْمِ خدمة المرسومين ؟
  9. هل يُمكن التفكير مباشرة، كما تعرض بعض القارّات، في شأن نظام الوصول إلى الكهنوت للرجال المتزوّجين، على الأقل في بعض المناطق ؟
  10. كيف يُمكن لفَهم الخدمة الكهنوتيّة وتنشئة مرشّحين أكثر تجذّرًا في رؤية الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة أن تُسهم في الجهود المبذولة لمَنعِ تكرار الاعتداء الجنسيّ وغيره من أشكال الاعتداء ؟

ب 5.2 كيف يُمكننا تجديد خدمة الأسقف وتعزيزها من رؤية سينودوسيّة رساليّة ؟

خِدمةُ الأسقف خِدمةٌ متجذّرة في الكتاب المقدّس تطوّرت في التقليد أمانة لإرادة المسيح. وقد اقترح المجمع الفاتيكانيّ الثاني، أمانةً لهذا التقليد، تعليمًا غنيًّا عن الأسقفيّة : « الأساقفة خُلفاءِ الرسُل، الذين يُدبِّرون شؤون بيتِ الله الحيّ بمَعيّةِ خليفَة بطرس، نائبِ المسيح والرأس الظاهرِ للكنيسة كلِّها » (« الكنيسة » 18). ويؤكّد فصل « الكنيسة » في نظام السلطة في الكنيسة على البُعد السرّيّ للأسقفيّة. على هذا الأساس يتطوّر موضوع المجمعيّة (راجع « الكنيسة » 22-23) وخدمة الأسقف لممارسة الوظائف الثلاث (راجع «الكنيسة» 24-27). ومن ثَمّ، أُسِّسَ سينودوس الأساقفة كهيئة، ممّا يُتيح لهم بالمشاركة، مع أسقف روما، في الاهتمام بالكنيسة بأكملها. إنّ الدعوة إلى عيش البُعد السينودوسيّ بقوّة أكبر تستدعي تجدّدًا عميقًا للخدمة الأسقفيّة، لوضعها في إطار سينودوسيّ، وبخاصّة :

  • هيئة الأساقفة، بالاشتراك مع الحَبْر الرومانيّ الذي هو رأسها وليس أبدًا بمَعزِلٍ عنها، تملك «السلطانَ الأعلى والكاملَ على الكنيسة كُلّها » (« الكنيسة » 22). تُشارك هذه الهيئة في المسار السينودوسيّ حينما يشرع كلّ أسقفٍ في استشارة شعب الله المؤتَمن عليه وتوجيهه، وحينما يُمارس مجمع الأساقفة موهبة التمييز في المجامع المختلفة : سينودوسات أو مجامع السلطة في الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، المجامع الأسقفيّة، في الجمعيّات القاريّة، ولا سيّما الجمعيّة السينودوسيّة ؛
  • تطلب الجمعيّات القاريّة من الأساقفة، خلفاء الرسل، الذين تسلّموا « خدمة الجماعة، ويرئسون، بالنيابة عن الله، القطيع الذي هم رعاتُه » (« الكنيسة » 20)، ارتدادًا سينودوسيًّا. وحين يُذكّر المجمع الفاتيكانيّ الثاني « بأنّ هذه المهمّة التي أناطها الربُّ برعاةِ شعبه هي لخِدمةٌ حقيقيّة » (« الكنيسة » 24)، يَطلب المسار السينودوسيّ منهم أن يعيشوا ثقة جذريّة في عَمَلِ الروح في حياة جماعاتهم، من دون الخوف من أنّ مشاركة أي فرْدٍ هي تهديد لخدمتهم في قيادة جماعتهم. هذا المسار يَحُثّهم على أن يكونوا مبدأ وحدةٍ في كنيستهم ويدعو الجميع (من كهنة وشمامسة ورجال ونساء مكرّسين، ورجال ونساء علمانيّين) إلى السير معًا كشعب الله لتعزيز نَمَطِ الكنيسة السينودوسيّ؛
  • شدّدت استشارة شعب الله على أن التحوّل إلى كنيسة أكثر سينودوسيّة يقتضي أيضًا مشاركة أوسع للجميع في التمييز، ممّا يستدعي إعادة تفكير في مسارات صُنْع القرار. ومن ثَمّ، هناك حاجة إلى بِنى حوكمة ملائمة تستجيب للمطالبة بمزيد من الشفافيّة والمساءلة، ممّا سيؤثّر في طريقة ممارسة خدمة الأسقف. وقد أدّى هذا الوضع إلى بروز مقاومة وتخوّف أو إلى شعور بالارتباك. ففي حين يدعو البعض إلى انخراط أكبر لجميع المؤمنين، وبالتالي إلى ممارسة « محدودة » للأساقفة، عبّر البعض الآخر عن شكّهم وخوفهم من خَطَرِ الانحراف إذا تُرِكَت المسارات للديمقراطيّة السياسيّة؛
  • هناك وعيٌ قويّ أيضًا يَعتَبر أنّ كلّ سلطة في الكنيسة إنّما تنبع من المسيح ويقودها الروح القدس. إنّ التنوّع في المواهب من دون سلطة يتحوّل إلى فوضى، تمامًا كما تُصبح صرامة السلطة من دون غنى المواهب والخدمة والدعوات ديكتاتوريّة. الكنيسة، في الوقت عينه، كنيسة سينودوسيّة وهرميّة، لهذا السبب تفترض الممارسة السينودوسيّة سلطةً أسقفيّة لمرافقة الوحدة وصيانتها. فلا بدّ من إعادة فَهْم الخدمة الأسقفيّة وتحقيقها من خلال ممارسة السينودوسيّة، التي تجمع في الوحدة الهبات المختلفة والمواهب والخِدَم والنداءات التي يثيرها الروح في الكنيسة ؛
  • المضيّ قُدُمًا في تجديد الخدمة الأسقفيّة داخل الكنيسة السينودوسيّة بشكل كامل، إنّما يفترض تحوّلات ثقافيّة وبنيويّة، والمزيد من الثقة المتبادلة، وقبل كلّ شيء، الثقة في توجيهات الربّ. لذا، تأمل الجمعيّات القاريّة في أن تدخل حيويّة الحوار في الروح في حياة الكنيسة اليوميّة وتُحيي الاجتماعات والمجامع وهيئات صُنْعِ القرار، مفضّلة بناء الشعور بالثقة المتبادلة وتكوين إجماع فَعّال ؛
  • تَشمل خدمة الأسقف أيضًا الانتماء إلى هيئة الأساقفة ومن ثَمّ ممارسة المسؤوليّة المشتركة للكنيسة بأكملها. هذه الممارسة هي أيضًا جزءٌ من رؤية الكنيسة السينودوسيّة، في روح « اللامركزيّة السليمة »، بهدَف اللجوء « إلى كفاءة الأساقفة وسلطتهم لإيجاد الحلّ، ضِمْن ممارسة مهمّتهم الخاصّة كمعلّمين ورعاة، للمسائل التي يعرفونها جيّدًا والتي لا تُؤثّر في وحدة الكنيسة وعقيدتها ونظامها وشركتها، كي يعملوا دومًا بروح المسؤوليّة المشتركة التي هي ثمرة سرّ الشركة وتعبيره الذي هو الكنيسة » (التبشير بالإنجيل، 2، 2 ؛ فرح الإنجيل 16 ؛ راجع أيضًا « الوحي الإلهيّ» 7).

سؤال للتمييز

كيف يُمكننا أن نفهم دعوة الأسقف ورسالته في رؤية سينودوسيّة رساليّة ؟ إلى أيّ تجديد في رؤية الخدمة الأسقفيّة وممارستها نحتاج من أجل كنيسة سينودوسيّة تتميّز بالمسؤوليّة المشتركة ؟

اقتراحات للصلاة والتفكير التحضيريّ

  1. « الأساقفةَ يأخذون على عاتقهم، على وجهٍ سام ٍ ومنظور، مهامّ المسيح نَفسِه، المعلِّم والراعي والحَبر » (« الكنيسة » 21). ما العلاقة التي تُقيمها هذه الخدمة مع الكهنة المكرّسين « ليبشّروا بالإنجيل، ويكونوا رُعاةً للمؤمنين، ويُقيمُوا الشعائر الدينيّة » (« الكنيسة» 28) ؟ وما العلاقة القائمة بين هذه الوظائف الثلاث للخدّام المرسومين مع الكنيسة كشعب نبويّ وكهنوتيّ وملوكيّ ؟
  2. كيف تلتمس ممارسة الخدمة الأسقفيّة التشاور والتعاون والمشاركة في مسارات صُنْعِ القرار لشعب الله ؟
  3. على أساس أيّ معايير يُمكن للأسقف أن يُقَيِّم نفسه وأن يُقيَّم في أداء خدمته بأسلوب سينودوسيّ ؟
  4. متى يشعر الأسقف بأنّه مُلزمٌ بأن يتّخذ قرارًا يتنافى مع المشورة التي قدّمها الجسم الاستشاريّ ؟ ما القاعدة التي ينبغي اتّباعها في مثل هذا القرار ؟
  5. ما طبيعة العلاقة بين « حاسّة الإيمان الفائقة الطبيعة » (« الكنيسة » 12) وخدمة الأسقف في السطلة ؟ كيف يُمكننا أن نَفْهَمَ العلاقة جيّدًا بين الكنيسة السينودوسيّة وخدمة الأسقف ؟ هل ينبغي للأساقفة أن يُميّزوا مع سائر الأعضاء من شعب الله أو بشكل مُنفصِل ؟ هل لهذين الخيارَين (معًا وبشكل منفصل) مكان في الكنيسة السينودوسيّة ؟
  6.  كيف يُمكننا ضمان الاهتمام بالوظائف الثلاث والتوازن بينها (تقديس، تعليم، إدارة) في حياة الأسقف وخدمته ؟ إلى أيّ مدى تُتيح النماذج الحاليّة من الحياة الأسقفيّة وخدمتها للأسقف أن يكون رجل صلاة ومعلّم إيمان ومدبّرًا حكيمًا وفعّالاً، ليُحافظ على الوظائف الثلاث في وتيرة إبداعيّة ورسوليّة ؟ كيف يُمكن تَعديل صورة الأسقف وتحديد المرشّحين للأسقفيّة في رؤية سينودوسيّة ؟
  7. كيف ينبغي أن يَتطوّر دورُ أسقفِ روما وممارسة أولويّته في الكنيسة السينودوسيّة ؟

ب 3. مشاركة وحوكمة وسلطة

ما هي المسارات والبِنى والمؤسّسات التي نحتاج إليها في الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة ؟

ب 3.1. كيف يُمكننا أن نُجدّد خدمة السلطة وممارسة المسؤوليّة في الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة ؟

الكنيسة السينودوسيّة مدعوّة إلى دَعْم حقّ الجميع في المشاركة في حياة الكنيسة ورسالتها، بفعل معموديّتهم وخدمة السلطة وممارسة المسؤوليّة التي عُهِدَت إلى البعض منهم. الرحلة السينودوسيّة فرصةٌ لتمييز الطُرُق التي يُمكن القيام بها بما يتلاءم مع زمننا. لقد أتاحت المرحلة الأولى جَمْعَ بعض الأفكار للمساعدة على هذا التفكير:

  • تأخذ أدوار السلطة والمسؤوليّة والحوكمة – التي تُشير أحيانًا في المصطلح الإنكليزيّ إلى القيادةleadership  – أشكالاً متنوّعة داخل الكنيسة. السلطة في الحياة المكرّسة، في الحركات والجمعيّات المرتبطة بالمؤسّسات (كالجامعات والمنظّمات والمدارس، وغيرها) مختلفة عن تلك التي تنجم عن سرّ الكهنوت ؛ السلطة الروحيّة التي تتّصل بالموهبة تختلف عن الخدمة المرتبطة بالخدمات الأخرى. فلا بدّ من المحافظة على الفروقات بين هذه الأشكال، من دون أن ننسى أنّها تنطوي كلّها على قاسم مشترك يتجلّى في خدمة الكنيسة.
  • تشترك هذه السلطات كلّها، بنوع خاص، في شكل الدعوة إلى مثال السيّد، الذي قال عن نفسه: « أنا بينكم كالذي يَخدُم » (لو 22، 27). « فبالنسبة إلى تلاميذ المسيح، أمس واليوم ودائمًا، السلطة الوحيدة هي سلطة الخدمة »[16]. إنّها تنسيقٌ أساسيّ تنمو بواسطتها ممارسة السطلة والمسؤوليّة، في كلّ أشكالها وفي جميع مستويات الحياة الكنسيّة. إنّ وجهة نَظَر هذا التحوّل الرساليّ تهدف إلى تجديدها (« الكنيسة ») على أنّها مرآة لرسالة المسيح الخاصّة بالمحبّة (التبشير بالإنجيل، I، 2).
  • في هذا السياق، تُعبّر وثائق المرحلة الأولى عن بعض خصائص ممارسة السلطة والمسؤوليّة في الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة : إنّها موقف خدمة وليست سلطة أو سيطرة؛ شَفافيّة وتشجيع وتنمية للشخص ؛ والقدرة والكفاءة للرؤية والتمييز والتعاون والتفويض. وتشدّد، قبل كلّ شيء، على القدرة والاستعداد للإصغاء. لذا، هناك إصرار على الحاجة إلى تنشئة خاصّة في المهارات والكفاءات لمن هم في مناصب المسؤوليّة والسلطة، فضلاً عن إجراءات اختيار أكثر تشاركيّة، ولا سيّما في شأن انتقاء الأساقفة.
  • إنّ المقاربة الشفّافة الخاضعة للمساءلة هي أساسيّة لممارسة إنجيليّةٍ أصيلة للسطلة والمسؤوليّة. ومع ذلك، فالسلطة تثير المخاوف والمقاومة. لذا، من الأهمّيّة بمكان مواجهة أحدث نتائج علوم الإدارة والقيادة، بموقِفٍ فَطِن. علاوة على ذلك، تُعرَّف المحادثة في الروح على أنّها طريقة لإدارة صُنْعِ القرار وبناء الإجماع الذي يُوطّد الثقة ويُعزّز ممارسة السلطة المناسبة للكنيسة السينودوسيّة.
  • تُشير المجالس القاريّة أيضًا إلى التجارب التي حصل فيها الاستيلاء على السلطة ومراكز صُنع القرار، وذلك من بعض الذين تبوّؤا مناصب السلطة والمسؤوليّة. فقد ربطوا هذه التجارب بالثقافة الإكليروسيّة وأشكال الإساءة المختلفة (الجنسيّة، الماليّة، الروحيّة والسلطة)، ممّا يُقوّض مصداقيّة الكنيسة ويُعَرّض فعاليّة رسالتها للخطر، ولا سيّما تلك التي يكون فيها احترام السلطة أمرًا ضروريًّا ينطوي على قيمة مهمّة.

سؤال للتمييز

كيف يُمكن فَهْم ممارسة السلطة والمسؤوليّة بحيث تَخدم مشاركة شعب الله بأكمله ؟ أيّ تجدّد للرؤية والأشكال للممارسة الملموسة للسلطة والمسوؤليّة والحوكمة نحتاج لكي تنموَ الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة؟

اقتراحات للصلاة والبحث التحضيريّ

  1. هل تغلغل تعليم المجمع الفاتيكانيّ الثاني فيما يتعلّق بمشاركة الجميع في حياة الكنيسة ورسالتها بشكل فعّال في وعي الكنائس المحلّيّة وممارستها، ولا سيّما لدى الرعاة الذين يُمارسون وظيفةً في مسؤوليّة ما ؟ ما الذي يُمكن أن يُعزّز وعيًا وتقديرًا بليغًا لهذا التعليم في بلوغ رسالة الكنيسة؟
  2. هناك أدوار للسلطة والمسؤوليّة في الكنيسة لا ترتبط بسرّ الكهنوت، تُمارَس في خدمة الشركة والرسالة في مؤسّسات الحياة المكرّسة وفي جماعات الحياة الرسوليّة، في الجمعيّات والحركات العلمانيّة وفي الحركات الكنسيّة والجماعات الجديدة، وغيرها. كيف يُمكن تعزيز هذه الأشكال من السلطة بشكل مناسب، وكيف يُمكن ممارستها في العلاقة مع سلطة الرعاة داخل الكنيسة السينودوسيّة؟
  3. ما هي العناصر الضروريّة في تكوين قادة الكنيسة لممارسة السلطة ؟ كيف يُمكن تشجيع التنشئة على طريقة المحادثة الحقيقيّة الثاقبة في الروح ؟
  4. كيف يُمكن إصلاح الإكليريكيّات ودور التنشئة لتُنشأ مرشّحين للخدمة الكهنوتيّة قادرين على تطوير طريقة لممارسة السلطة تتناسب مع الكنيسة السينودوسيّة ؟ كيف ينبغي أن نُفكرّ من جديد في هبة الدعوة الكهنوتيّة والوثائق المتعلّقة بها على المستوى الوطنيّ ؟ كيف ينبغي لنا إعادة توجيه المناهج الدراسيّة في مدارس اللاهوت ؟
  5. أيّ وجه من أوجه الإكليروس ينبغي أن يستمرّ في المجتمع المسيحيّ ؟ المسافة بين المؤمنين العلمانيّين ورعاتهم ما برحت قائمًة : ما الذي يُمكن أن يُساعد على تجاوزها ؟ ما هي أشكال ممارسة السلطة والمسؤوليّة التي ينبغي لنا أن نستبدلها لكونها باتت غير ملائمة للكنيسة السينودوسيّة بشكل صحيح ؟
  6. إلى أيّ حدّ يَمْنَحُ النقص في عدد الكهنة في بعض المناطق حافزًا للتساؤل عن العلاقة بين الخدمة الكهنوتيّة والحوكمة وتحمّل المسؤوليّة في الجماعة المسيحيّة ؟
  7. ماذا يُمكننا أن نتعلّم من ممارسة السلطة والمسؤوليّة من الكنائس الأخرى والجماعات الكنسيّة؟
  8. في كلّ زمن، تتأثّر ممارسة السلطة والمسوؤليّة داخل الكنيسة بالنماذج الإداريّة السائدة وصور القوّة في المجتمع. كيف يُمكننا أن نُدرك هذا الأمر ونُمارس التمييز الإنجيليّ للعادات السائدة لمزاولة السلطة في الكنيسة وفي المجتمع ؟

ب 2.3. كيف يُمكننا تطوير مسارات صُنْع القرار بطريقة سينودوسيّة أصيلة تحترم دورَ الروح الرئيسيّ؟

نحو مدعوّون، ككنيسة مجمعيّة، إلى أن نُميّز معًا الخطوات التي ينبغي لنا اتّخاذها لبلوغ رسالة البشارة، وإلى التشديد على حقّ الجميع في المشاركة في حياة الكنيسة ورسالتها التي تستدعي إسهام المعمدّين الذين لا يُمكن الاستغناء عنهم. ذلك أنّ وراء كلّ تمييز تكمن الرغبة في عمل مشيئة الربّ والتقرّب منه من خلال الصلاة والتأملّ في الكلمة والمشاركة في حياة الأسرار، ممّا يُمكّننا من اختيار ما يشاء. وفي شأن مكانة التمييز في الكنيسة السينودوسيّة الرساليّة :

  • تُعبّر الجمعيّات القاريّة عن رغبتها في الاشتراك في مسارات صُنْع القرار القادرة على دَمْج إسهام شعب الله بأكمله، ولا سيّما الذين يملكون خبرة مناسبة، وإشراك أولئك الذين ما برحوا على هامش حياة الجماعة، لأسباب مختلفة، كالنساء والشباب والأقليّات والفقراء والمُستَبعَدين. غالبًا ما يُعبَّر عن هذه الرغبة معًا بعدم الرضا عن أشكال ممارسة السلطة التي تُتخَذ فيها القرارات من دون استشارة ؛
  • تنبّهت الجمعيّات القاريّة أيضًا إلى مخاوف أولئك الذين يَرَوْن منافسة بين البُعدَين السينودوسيّ والهرميّ مع أنّهما يشكّلان كلاهما الكنيسة. ومع ذلك، تبرز أيضًا علامات معاكسة. المثل الأوّل، إنّ تجربة السلطة المعنيّة التي تتّخذ قرارًا داخل مسارٍ سينودوسيّ سمحت للمجتمع بأن يكون أكثر استعدادًا لقبول شرعيّتها. والمثل الثاني هو نموّ الوعي بأنّ النقص في التبادل السليم داخل المجتمع يُضعِفُ دور السلطة، فيقتصر دورها أحيانًا على إثبات السلطة. وفي المثل الثالث، في منطقة ينخفض فيها كثيرًا عدد الكهنة، عُهِدت المسؤوليّات الكنسيّة إلى المؤمنين العلمانيّين الذين يُمارسونها بطريقة بنّاءة من دون اعتراض ؛
  • التبنّي الواسع لأسلوب التخاطب في الروح خلال مرحلة التشاور يُتيح للكثيرين اختبار عناصر التمييز في المجتمع وبناء إجماع تشاركيّ بطريقة لا تخفي النزاعات أو تَخلق الاستقطابات ؛
  • إنّ الذين يضطلعون بمهام الحوكمة والمسؤوليّة مدعوون إلى تحفيز مسارات التمييز المشترك وتسهيلها ومرافقتها التي تشمل الإصغاء إلى شعب الله. يلعب الأسقف، بنوع خاصّ، دورَ أساسيًّا في تنشيط الطابع السينودوسيّ وتثبيته في هذه المسارات وتأكيد مصداقيّة الاستنتاجات التي تَظهر إبّان المسار. ويعود إلى الرعاة، بنوع خاص، مسؤوليّة التحقّق من العلاقة بين تطلّعات مجتمعاتهم و « وديعة كلمة الله المقدّسة التي أسندت إلى الكنيسة » (« الوحي الإلهيّ » 10)، وهي علاقة تتيح لهذه التطلّعات أن تعبّر تعبيرًا حقيقيًّا عن شعور شعب الله بالإيمان ؛
  • تَبَنّي رؤية التمييز المشترك يَضَع الكنيسة أمام تحدّ على جميع المستويات وفي جميع أشكالها التنظيميّة. فبالإضافة إلى البِنى الراعويّة والأبرشيّة، فإنّ هذا الأمر يتعلّق أيضًا بمسارات صُنْع القرار في الجمعيّات والحركات والجماعات العلمانيّة، إذ تلجأ إلى الآليّات المؤسّساتيّة التي تُشارك بشكل روتينيّ في بعض الممارسات كالتصويت. ويضع التمييز على بساط البحث الطريقة التي تُحدّد بها هيئات القرار في المؤسّسات المرتبطة بالكنيسة (المدارس، الجامعات، المؤسّسات، المستشفيات، مراكز الاستقبال والعمل الاجتماعيّ)، وتصيغ المبادئ التوجيهيّة العمليّة. وأخيرًا يتحدّى معاهد الحياة المكرّسة وجمعيّات الحياة الرسوليّة من خلال تجاوز خصوصيّات مواهبها ودساتيرها الخاصّة (راجع الأمانة العامّة للسينودوس 81).
  • تَبَنّي مسارات صُنْعِ القرار التي تستخدم التمييز الجماعيّ بشكل ثابت يفترض تحوّلاً شخصيًّا وجماعيًّا وثقافيًّا ومؤسّساتيًّا، بالإضافة إلى الاستثمار في التربية.

سؤال للتمييز

كيف يُمكننا تصوّر مسارات صُنْع القرار لتكون أكثر تشاركيّة، لتَفْسَح المجال للإصغاء والتمييز الجماعيّ المدعوم من سلطة تُفهَمُ على أنّها خدمة للوحدة ؟

اقتراحات للصلاة والتفكير التحضيريّ

  1. ما المساحة التي نُوفّرها في مسارات صُنْعِ القرار للإصغاء إلى كلمة الله ؟ كيف نُفسح المجال لدور الروح الأوّل من الناحية العمليّة وليس في الكلام فحسب ؟
  2. كيف يُمكن للمحادثة في الروح، التي تَفتَتح ديناميّة التمييز الجماعيّ، أن تُسهم في تجديد مسارات صُنْع القرار في الكنيسة ؟ كيف يُمكن جذبها بمركزيّة أوسع في الحياة الشكليّة للكنيسة كيما تصبح ممارسة عاديّة ؟ ما هي التغييرات الضروريّة في القانون الكنسيّ لتسهيل ذلك ؟
  3. كيف يُمكننا تعزيز خدمة مُسَهِّل مسارات التمييز الجماعيّ، لضمان من يقوم بها للحصول على تنشئة ومرافقة مناسبتين ؟ كيف يُمكننا تنشئة كهنة لمرافقة مسارات التمييز الجماعيّ ؟
  4. كيف يُمكننا تعزيز مشاركة النساء والشباب والأقليّات والأصوات المهمّشة في التمييز ومسارات صُنْع القرار ؟
  5. كيف يُمكن إيجاد تفسير أوضح بين مسار صُنْع القرار بأكمله واللحظة المحدّدة لاتّخاذ القرار من أجل تحديد مسؤوليّات مختلف الجهات الفاعلة بشكل أفضل في كلّ مرحلة ؟ كيف نَفْهَم العلاقة بين اتّخاذ القرار والتمييز المشترك ؟
  6. كيف يُمكن للرجال والنساء المكرّسين وكيف يجب عليهم أن يُشاركوا في مسارات صُنْع القرار في الكنائس المحلّيّة ؟ ماذا يُمكننا أن نتعلّم من تجربتهم وروحانيّتهم المختلفة فيما يتعلّق بالتمييز ومسارات صُنْع القرار ؟ ماذا يُمكننا أن نتعلّم من الجمعيّات والحركات والجماعات التي يُديرها علمانيّون
  7. كيف يُمكننا أن نتعامل بشكل بنّاء مع الحالات التي يشعر فيها من هم في السلطة أنّهم غير قادرين على التأكّد من الاستنتاجات التي تَوَصَّل إليها مسار التمييز الجماعيّ، وتأخذ من ثَمّ قرارًا في اتّجاه مختلف ؟ أيّ نوع من التعويض ينبغي للسلطة أن تُقدّم إلى أولئك الذين اشتركوا في المسار ؟
  8. ماذا يُمكننا أن نتعلّم من الطُرق التي تدير بها مجتمعاتنا وثقافاتنا المسارات التشاركيّة ؟ ما هي النماذج الثقافيّة التي تتبنّاها الكنيسة، التي تُثبِت، بالمقابل، أنّها عقبة أمام بناء كنيسة سينودوسيّة بشكل أكبر ؟
  9. ماذا يُمكننا أن نتعلّم ونتقبّل من تجربة الكنائس الأخرى والجماعات الكنسيّة، ومن تجربة الأديان الأخرى ؟ ما هي المحَفّزات الناجمة عن ثقافات الأصليّين والأقليّات والمضطهدين التي تُساعد على إعادة التفكير في مسارات صُنْع القرار ؟ ما هي الرؤى التي يُمكن اكتسابها من التجارب في البيئة الرقميّة ؟

ب 3.3. ما البِنى التي يُمكن تطويرها لتعزيز كنيسة سينودوسيّة ارساليّة ؟

تُعَبّر الجمعيّات القاريّة عن رغبة شديدة في المضي قُدُمًا في المسار السينودوسيّ، الذي اختُبِر في المسيرة الحاليّة، كي تتغلغل في الحياة اليوميّة للكنيسة على جميع المستويات، إمّا عن طريق تجديد البِنى القائمة – كالمجالس الأبرشيّة والراعويّة، ومجالس الشؤون الاقتصاديّة، وسينودوسات الأبرشيّات – وإمّا عن طريق إنشاء مجالس جديدة. هذا لا يعني الانتقاص من أهمّيّة العلاقات المتجدّدة داخل شعب الله، ذلك أنّ العمل على البِنى ضروريّ لتعزيز التغيّرات مع مرور الزمن. وبخاصّة :

  • كي لا تظلّ هذه الأفكار مجرّد تمرين على الورق أو أن ترتبط كلّيًّا بالأفراد ذوي الإرادة الحسنة، يجب أن تتّخذ المسؤوليّة المشتركة في الرسالة المستمدّة من المعموديّة أشكالاً بنيويّة واقعيّة. لذلك من الضروري وجود أُطُرٍ مؤسّساتيّة ملائمة، إلى جانب الفضاءات التي يُمكن ممارسة التمييز الجماعيّ فيها بشكل مُنتظِم. بيد أنّه ينبغي لنا ألاّ نفهم ذلك على أنّه طلبٌ لإعادة توزيع السلطة، بل يجب أن تُفهم على أنّها ضرورة لممارسة فعّالة للمسؤوليّة المشتركة التي تنبع من المعموديّة. هذه الممارسة تمنح حقوقًا وواجبات لكلّ شخص، حيث يستطيع كلّ فَرْدٍ أن يُمارسَها وفقًا لمواهبه أو وظيفته ؛
  • هذا يقتضي أن تَتّخذ البِنى والمؤسّسات إجراءات مناسبة وشفّافة، مركّزة على الرسالة ومنفتحة على المشاركة ؛ إجراءات تفسح المجال للنساء والشباب والأقليّات والفقراء والمهمّشين. هذا الأمر ينطبق أيضًا على الهيئات التشاركيّة التي أشرنا إليها، التي يجب إعادة التأكيد على دور كلّ منها وتعزيزه. ويسري الأمر أيضًا على هيئات صُنْع القرار والجمعيّات والحركات والجماعات الجديدة؛ وهيئات الحوكمة معاهد الحياة المكرّسة وجمعيّات الحياة الرسوليّة (بطريقة تتناسب مع الموهبة الخاصّة بكلّ منها) ؛ والمؤسّسات العديدة المتنوّعة التي تخضع في أغلب الأحيان للقانون المدنيّ، التي من خلالها يتحقّق العمل التبشيريّ وخدمة المجتمع المسيحيّ، كالمدارس والمستشفيات والجامعات ووسائل الإعلام ومراكز الاستقبال والعمل الاجتماعيّ والمراكز الثقافيّة والمؤسّسات، وغيرها ؛
  • الدعوة إلى إصلاح البِنى والمؤسّسات وآليّات العمل بهدف الشفافيّة هي دعوة قويّة بشكل خاصّ في السياقات التي شَهِدَت أزمة الانتهاكات (الجنسيّة والاقتصاديّة والروحيّة والنفسيّة والموسّساتيّة والضميريّة والقضائيّة). إنّ التعامل مع حالات الانتهاكات غالبًا ما يكون جزءًا من المشكلة، ممّا يُثير التساؤل عن الآليّات والإجراءات والأداء العامّ للبِنى والمؤسّسات الكنسيّة، فضلاً عن عقليّة الأشخاص العاملين داخلها. إنّ البحث عن الشفافيّة والمسؤوليّة الجماعيّة يُثير مخاوف ومقاومة ؛ لذا من الضروريّ أن نُعمّق الحوار، وأن نَخلق فرصًا للمشاركة والحوار على جميع المستويات ؛
  • أَثْبَتَ أسلوب المحادثة في الروح أنّه ذو قيمة خاصّة لإعادة بناء الثقة في تلك السياقات، إذ نشأ، لأسباب مختلفة، مناخ من عدم الثقة بين مختلف أعضاء شعب الله. مسيرة الاهتداء والإصلاح، التي تُصغي إلى صوت الروح، تتطلّب بنًى ومؤسّسات قادرة على مرافقة هذه المسيرة ودعمها. وفي الوقت عينه، مع ذلك، عبّرت الجمعيّات القاريّة بشدّة عن اقتناعها بأنّ البِنى وحدها غير كافية، لأنّ هناك حاجة أيضًا إلى تغيير العقليّة، وحاجة، من ثَمّ، إلى الاستثمار في التنشئة؛
  • علاوة على ذلك، يبدو أنّه من المستحسن أيضًا اتّخاذ إجراءات في مجال القانون الكنسيّ من خلال إعادة التوازن بين مبدأ السلطة، الذي تمّ التأكيد عليه بقوّة في التشريع الحاليّ، ومبدأ المشاركة ؛ وتعزيز التوجّه السينودوسيّ للمؤسّسات القائمة ؛ وإنشاء مؤسّسات جديدة، حيث يبدو ذلك ضروريًّا لاحتياجات حياة المجتمع ؛ والإشراف على التطبيق الفعّال للتشريعات الحاليّة.

سؤال للتمييز

تحتاج الكنيسة السينودوسيّة إلى العيش في المسوؤليّة المشتركة والشفافيّة : كيف يُمكن لهذا الوعي أن يُشكّل أساسًا لإصلاح المؤسّسات والبِنى والإجراءات لدعم التغيير مع مرور الزمن ؟

اقتراحات للصلاة والبحث التحضيريّ

  1. كيف ينبغي للبِنى القانونيّة والإجراءات الراعويّة أن تتبنّى المسؤوليّة المشتركة والشفافيّة ؟ هل البِنى التي في حوزتنا ملائمة لضمان المشاركة أو أنّنا نحتاج إلى بِنى جديدة ؟
  2. كيف يُمكن للقانون الكنسيّ أن يُسهم في تجديد البِنى والمؤسسات ؟ ما هي التغيّيرات التي تبدو ضروريّة أو مناسبة ؟
  3. ما هي العقبات (العقليّة واللاهوتيّة والعمليّة والتنظيميّة والماليّة والثقافيّة) التي تَقف في طريق تحوّل الهيئات التشاركيّة المنصوص عليها حاليًّا في القانون الكنسيّ إلى هيئات تمييز مشترك وفعّال ؟ ما الإصلاحات المطلوبة كي تتمكّن من دعم مهمّة الرسالة بفعاليّة وإبداع وحيويّة ؟ كيف يُمكننا أن نجعلها أكثر انفتاحًا على وجود النساء والشباب والفقراء والمهاجرين والأقليّات وأولئك الذين، لأسباب مختلفة، يجدون أنفسهم على هامش حياة المجتمع ؟
  4. كيف تتحدّى رؤية الكنيسة السينودوسيّة بِنى الحياة المكرّسة وإجراءاتها، وأشكال الجمعيّات العلمانيّة المختلفة، وعمل المؤسّسات المرتبطة بالكنيسة ؟
  5. ما هي المجالات في الحياة المؤسّساتيّة التي تستدعي حاجةّ كبرى إلى الشفافيّة (إعداد تقارير اقتصاديّة وماليّة، اختيار المرشّحين لمناصب المسؤوليّة، والتعيينات، وغيرها) ؟ ما الأدوات التي يُمكننا استخدامها لتحقيق ذلك ؟
  6. إنّ منظور الشفافيّة والانفتاح على مسارات التشاور والتمييز المشتركَين يثير المخاوف أيضًا. كيف تظهر هذه المخاوف ؟ ما الذي يخشاه الذين يُعبّرون عنها ؟ كيف يُمكن مقاربة هذه المخاوف والتغلّب عليها ؟
  7. إلى أيّ مدى يُمكن التمييز بين أعضاء مؤسّسة والمؤسّسة نفسها ؟ هل مسؤوليّة سوء التعامل مع حالات الاستغلال هي مسؤوليّة فرديّة أو منهجيّة ؟ كيف يُمكن للرؤية السينودوسيّة أن تُسهم في خلق ثقافة تمنع الاستغلال في كلّ أنواعه ؟
  8. ما الذي يُمكن أن نتعلّمه من الطريقة التي تسعى من خلالها المؤسّسات العامّة والقانون المدنيّ إلى الانصياع إلى الشفافيّة والمساءلة في المجتمع (فصل السلطات، هيئات إشراف مستقلّة، الالتزام بالإعلان عن إجراءات مُعيّنة، تحديد مدّة اللقاءات، وغيرها،) ؟
  9. ما الذي يُمكن أن نتعلّمه من خبرة الكنائس والجماعات الكنسيّة الأخرى وفقًا لعمل البِنى والمؤسّسات بأسلوب سينودوسيّ ؟ 

ب 3. 4 كيف يُمكننا إعطاء بنية لنماذج السينودوسيّة والمجمعيّة لإشراك تجمّعات من الكنائس المحلّيّة؟

المرحلة الأولى من المسار السينودوسيّ تُسلّط الضوء على الدور الذي تلعبه الهيئات السينودوسيّة والمجمعيّة التي جَمَعَت بين كنائس محلّيّة متنوّعة : البِنى الهرميّة الشرقيّة، وفي الكنيسة اللاتينيّة، المجامع الأسقفيّة (راجع التبشير بالإنجيل، رقم 1، 7). كما تُشدّد الوثائق التي وُضِعت خلال المراحل المختلفة على كيفيّة استشارة شعب الله في الكنائس المحلّيّة والمراحل اللاحقة للتمييز، وعلى تجربة الإصغاء إلى الروح من خلال الإصغاء بعضنا إلى بعض. من هذه التجربة الغنيّة يُمكننا أن نُبرز الأفكار للمساعدة على بناء كنيسة سينودوسيّة بشكل متزايد :

  • بوسع المسار السينودوسيّ أن يتحوّل إلى « حيويّة شركةٍ تُلهم جميع القرارات الكنسيّة »[17]، إذ تشملّ حقًّا جميع الأفراد – شعب الله، مَصَفّ الأساقفة، أسقف روما – كلّ فريق بحسب وظيفته. إنّ التطوّر المنظّم لمراحل السينودوس قد بَدَّدَ الخوف من أن تؤدّي استشارة شعب الله إلى إضعاف خدمة الرعاة. فعلى العكس من ذلك، باتت الاستشارة ممكنة لأنّ المبادرة أتت من كلّ أسقف، إذ هو « المبدأ المنظور والأساس للوحدة » (« الكنيسة »، رقم 23) في كنيسته. ففي البِنى الهرميّة الشرقيّة والمجامع الأسقفيّة، من ثَمّ، قام الرعاة بعمل تمييز مجمعيّ لتقييم الإسهامات الناجمة عن الكنائس المحلّيّة. وهكذا، عزّز المسار السينودوسيّ ممارسةً حقيقيّة للمجمعيّة الأسقفيّة في كنيسة سينودوسيّة كاملة.
  • مسألة ممارسة السينودوسيّة والمجمعيّة في الحالات التي تَشمل مجموعات من الكنائس المحلّيّة التي تشترك في التقاليد الروحيّة والليترجيّة والتنظيميّة والتواصل الجغرافيّ والتقارب الثقافيّ، بدءًا من المجامع الأسقفيّة، هذه المسألة تفترض تجدّدًا فكيريًّا ولاهوتيًّا. على الرغم من هذه الهيئات، فقد وجدت وثيقة « الشركة الأسقفيّة » صدى في خدمة «الشركة الكنسيّة» المبنيّة على « شركة المؤمنين ». (التبشير بالإنجيل، رقم 1 7).
  • أحد أسباب مواجهة هذا التحدّي يظهر في فرح الإنجيل : « ليس من المستحسن أن يَحِلّ البابا مكان الأساقفة المحلّيّين في تمييز كلّ مسألة تنشأ في مناطقهم. في هذا السبيل، إنّي أُدركُ الحاجة إلى تعزيز ”لامركزيّة“ سليمة » (رقم 16). بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس سينودوس الأساقفة، حَدَّد الأب الأقدس أنّ السينودوسيّة لا تُمارس على مستوى الكنائس المحلّيّة والكنيسة الجامعة فحسب، بل على مستوى تجمّعات الكنائس، مثل المقاطعات والمناطق الكنسيّة، والمجالس الخاصّة ولا سيّما المجامع الأسقفيّة : « نحن بحاجةٍ إلى التفكير في كيفيّة تحقيق أفضل، من خلال هذه الهيئات، والحالات الوسطيّة للمجمعيّة، ربّما عن طريق دَمْجِ بعض الجوانب من التنظيم الكنسيّ القديم وتحديثه »[18].

سؤال للتمييز

في ضوء التجربة السينودوسيّة حتّى الآن، كيف يُمكن للسيندوسيّة أن تجد تعبيرًا أفضل في المؤسّسات ومن خلالها تلك التي تُشارك فيها مجموعات من الكنائس المحلّيّة، مثل سينودوسات الأساقفة ومجامع رؤساء الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، والمجامع الأسقفيّة والجمعيّات القاريّة، بحيث يُنظر إليها على أنّها « رعايا لصفات مُحدّدة، بما في ذلك السلطة العقائديّة الحقيقيّة » (فرح الحياة، 32)، وذلك من منظور تبشيريّ.

اقتراحات للصلاة والبحث التحضيريّ

  1. إنّ الحيويّة السينودوسيّة للإصغاء إلى الروح من خلال الإصغاء بعضنا إلى بعض هي الطريقة الأكثر عمليّة وإقناعًا لوضع المجمعيّة الأسقفيّة حيّز التنفيذ في كنيسة سينودوسيّة كاملة. انطلاقًا من تجربة المسار السينودوسيّ :
  2. كيف نجعل من الإصغاء إلى شعب الله السبيل العاديّ والمألوف لاتّخاذ القرار في الكنيسة في كلّ مراحل حياتها ؟
  3. كيف يُمكننا أن نُطبّق الإصغاء مع شعب الله في الكنائس المحلّيّة ؟ كيف يُمكننا بنوع خاصّ أن نُعزّز الهيئات التشاركيّة لتكون أمكنة فعّالة للإصغاء والتمييز الكنسيّ ؟
  4. كيف يُمكننا إعادة التفكير في مسارات صُنْعِ القرار على مستوى الهيئات الأسقفيّة في الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة والمجامع الأسقفيّة استنادًا إلى الإصغاء إلى شعب الله في الكنائس المحلّيّة؟
  5. كيف يُمكن دَمْجُ المشاركة على المستوى القاريّ في القانون الكنسيّ ؟
  6. منذ أن باتت استشارة الكنائس المحلّيّة السبيل الفعّال للإصغاء إلى شعب الله، اتّخذ تَمييزُ الرعاة طابعَ عملٍ مجمعيّ يُؤكّد بشكل رسميّ ما قاله الروح للكنيسة من خلال إحساس شعب الله بإيمانه.
  7. ما هي درجة السلطة العقائديّة التي يُمكن أن تُنسب إلى تمييز المجامع الأسقفيّة ؟ كيف تُنظّم الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة مجالسها الأسقفيّة ؟
  8. ما هي درجة السلطة العقائديّة التي يُمكن أن تُنسب إلى تمييز الجمعيّة القارّيّة ؟ أو إلى أعضاء تَجْمَعُ المجامع الأسقفيّة على المستوى القاريّ أو العالميّ؟
  9. – ما الدور الذي يُؤدّيه أسقف روما فيما يتعلّق بهذه المسارات التي تشمل تجمّعات الكنائس؟ في أيّ طُرُقٍ يُمكن أن يُمارسها ؟
  10. ما هي عناصر النظام الكنسيّ القديم التي يجب دمجها وتحديثها لجَعْلِ البِنى الهرميّة الشرقيّة والمجامع الأسقفيّة والجمعيّات القاريّة فعّالة في السينودوسيّة والمجمعيّة ؟
  11. يَنُصّ المجمع الفاتيكانيّ الثاني على أنّ الكنيسة كلّها وجميع أجزائها تستفيد من المشاركة المتبادلة في مواهبها (راجع « الكنيسة »، رقم 13).
  12. ما هي قيمة تداولات المجلس العموميّ والمجلس الخاصّ والسينودوس الأبرشيّ تجاه الكنائس الأخرى؟
  13. أيّة رؤى يُمكن للكنيسة الكاثوليكيّة استخلاصها من التجربة السينودوسيّة الغنيّة في الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ؟
  14. إلى أيّ مدى يُلزم تلاقي مجموعات عديدة من الكنائس المحلّيّة (المجامع الخاصّة، المجامع الأسقفيّة، وغيرها) في ذات المسألة أسقف روما كي يتبنّاها على مستوى الكنيسة الجامعة ؟
  15. كيف تُمارس خدمة الوحدة التي تُعهَد إلى أسقف روما عندما تتبنّى المؤسّسات المحلّيّة مناهج مختلفة؟ ما هو المجال المتاح لمجموعة متنوّعة من الأساليب بين مختلف المناطق ؟
  16.   ماذا يُمكننا أن نتعلّم من تجربة الكنائس الأخرى والجماعات الكنسيّة في شأن تجمّعات الكنائس المحلّيّة من أجل ممارسة المجمعيّة والسينودوسيّة ؟

ب 5.3 كيف يُمكن تقوية مؤسّسة السينودوس لتُضحيَ تعبيرًا عن المجمعيّة الأسقفيّة داخل الكنيسة السينودوسيّة ؟

ثَبّتَ البابا بولس السادس، من تلقاء نفسه، في رسالة الرعاية الرسوليّة (15 أيلول 1965)، السينودوس « كمجمع دائم لأساقفة الكنيسة الجامعة ». وهكذا وافق على طَلَبَ الهيئة المجمعيّة لضمان مشاركة الأساقفة لرعاية الكنيسة جمعاء، موضحًا أنّ « هذا السينودوس على غرار […] المؤسّسات البشريّة، يُمكن تحسينه مع مرور الزمن ». ومن خلال الدستور الرسولي للشركة الأسقفيّة (15 أيلول 2018)، أسهم البابا فرنسيس في هذا التحسين المنتظر، فَحَوّل السينودوس من حَدَثٍ أُنشِئ كهيئة أساقفة إلى مسار للإصغاء يتجلّى في مراحل (راجع المادة 4)، تُشارك فيه الكنيسة كلّها وكلّ أفراد الكنيسة – شعب الله، هيئة الأساقفة، أسقف روما – مشاركة كاملة.

  • يُظهر سينودوس 2021-2024 بوضوح أنّ المسار السينودوسيّ هو السياق الأنسب لممارسة متكاملة للأولويّة والمجمعيّة والسينودوسيّة كعناصر لا تقبل النقاش في الكنيسة، إذ يؤدّي فيها كلّ فرد وظيفته الخاصّة بأفضل ما في وسعه بالتآزر مع الآخرين ؛
  • مسؤوليّة دعوة الكنيسة لانعقاد السينودوس تقع على عاتق أسقف روما، وكذلك الدعوة إلى جمعيّة للكنيسة الجامعة، وافتتاح المسار السينودوسيّ ومرافقته واختتامه. هذا الامتياز يعود إليه وحده، إذ هو «المبدأُ الدائم المنظور والأساسُ للوحدة التي تَربطُ بين الأساقفة، وتَربطُ بين جمهور المؤمنين» (« الكنيسة »، 23)
  • وبما أنّ « أمّا الأساقفة، فكلّ واحدٍ منهم، في ما يخصّه، هو مبدأُ الوحدة وأساسها في كنائسهم الخاصّة […]، وفيها وبها تقوم الكنيسة الكاثوليكيّة واحدةً وحيدة » (« الكنيسة »، 23)؛ فمن مسؤوليّة كلّ أسقف أبرشيّ أن يَفتتح ويُرافق ويَختتم استشارةَ شعب الله في كنيسته. في ضوء اهتمام الأساقفة بالكنيسة الجامعة (راجع (« الكنيسة »، 23)، تقع على عاتقهم أيضًا مسؤوليّة التعاون مع هيئات أخرى من الأبرشيّة التي تُوفّر ممارسة السينودوسيّة والمجمعيّة. في هذا السياق، يؤدون وظيفة التمييز الكنسيّ الخاصّ بالخدمة الأسقفيّة؛
  • على الرّغم من أنّ هذه الهيئات لا تحضر كلّ مجمع الأساقفة، فإنّ التمييز الذي يقوم به الرعاة من خلالهم يأخذ طابعًا مجمعيًّا نظرًا إلى أهمّيّة الهدف في العمل. مهمّة جمعيّة الأساقفة في المسار السينودوسيّ هو تَقصّي نتائج المشاورات التي تُجرى في الكنائس المحلّيّة، التي يتجلّى فيها معنى إيمان شعب الله. كيف يُمكن لعَمَلٍ غير مجمعيّ أن يُميّز ما يقوله الروح للكنيسة من خلال استشارة شعب الله الذي « لا يُمكن أن يُضلّ في الأيمان » ؟ (« الكنيسة »، 12) ؛
  • أثبت الاختبار السينودوسيّ حتّى الآن أنّه يُمكن تطوير ممارسة المجمعيّة في كنيسة سينودوسيّة. ذلك بأنّ التمييز هو فِعْلٌ بالدرجة الأولى « من شأن الرؤساء في الكنيسة » (« الكنيسة »، 12)، إذ اكتسب عُمقًا وأهمّيّة في العلاقة بالقضايا التي سيُدقّق النظر فيها بفضل إسهام شعب الله الذي شارك في المجالس القاريّة.

سؤال للتمييز

في ضوء العلاقة الحيويّة والمتبادلة بين سينودوسيّة الكنيسة ومجمعيّة الأساقفة وأولويّة بطرس، كيف ينبغي لمؤسّسة السينودوس أن تكون كاملة لتُصبح فضاءً آمنًا ومضمونًا لممارسة السينودوسيّة كي تضمن المشاركة الكاملة للجميع – شعب الله، مصفّ الأساقفة وأسقف روما – مع احترام مواقعهم الخاصّة ؟ كيف يُمكننا أن نُقيّم تجربة توسيع المشاركة لمجموعة من غير الأساقفة في الدورة الأولى من الجمعيّة العامة العاديّة السادسة عشرة لسينودوس الأساقفة ؟ (تشرين الأوّل/أكتوبر 2023).

اقتراحات للصلاة والبحث التحضيريّ

  1. تُدخِل المسيرة السينودوسيّة إلى الكنيسة « حيويّةَ شركةٍ تُلهِم جميع القرارات الكنسيّة »[19].
  2. كيف تستطيع هذه الحيويّة أن تُضحي طريقة معياريّة للمضيّ قُدُمًا في جميع مستويات حياة الكنيسة ؟
  3. كيف ينسجم مبدأ السلطة مع المسيرة السينودوسيّة ؟
  4. كيف تُؤثِّر المسيرة السينودوسيّة على فهمنا للسلطة في الكنيسة في مختلف الأصعدة، بما في ذلك سلطة أسقف روما ؟
  5. تَضَعُ المرحلة الأولى من المسيرة السينودوسيّة حيّز التنفيذ حركةً من الخاصّ إلى العامّ، بالتشاور مع شعب الله في الكنائس المحلّيّة وأعمال التمييز اللاحقة، أوّلاً في البِنى الهرميّة الشرقيّة والمجامع الأسقفيّة، ومن ثَمّ في المجالس القاريّة :
  6. كيف يُمكننا التأكّد من أن التشاور يعكس حقًّا تجلّي معنى الإيمان لشعب الله الذي يعيش في كنيسة معيّنة ؟
  7. كيف يُمكن للبِنى الهرميّة الشرقيّة والمجامع الأسقفيّة والمجالس القاريّة أن تُعزّز الصلة المُثمِرة بين حسّ الإيمان لدى شعب الله وسلطة الرعاة ؟
  8. هل من المستحسن حضور أعضاء كفوئين من شعب الله في الجمعيّات والمجامع الأسقفيّة كما في الجمعيّات القاريّة ؟
  9. ما الدور الذي يُمكن أن تلعبه الهيئات الكنسيّة المؤلّفة بشكل دائم من أكثر من أسقف، كالمجمع الكنسيّ الذي أُنشئ حديثًا في منطقة الأمازون ؟
  10. في مجمع الأساقفة الذي اجتمع في روما، تُعبّر المرحلة الثانية من المسار السينودوسيّ عن شموليّة الكنيسة التي تُصغي إلى ما قاله الروح لشعب الله :
  11. كيف ينسجم المجمع الأسقفيّ مع المسار السينودوسيّ ؟
  12. كيف تتحقّق استمراريّة المرحلة الأولى من المسار السينودوسيّ ؟ هل يكفي وجود مراقبين مؤهّلين للمرحلة الأولى من المسار السينودوسيّ لضمان ذلك ؟
  13. إذا كانت مجالس المجامع الأسقفيّة والجمعيّات القاريّة تقوم بأعمالٍ حكيمة، كيف يتمّ تمييز الفعل الحكيم وما قيمته ؟
  14. المرحلة الثالثة تتضمّن الحركة لإعادة نتائج الجمعيّة السينودوسيّة إلى الكنائس المحلّيّة لوضعها حيّز التنفيذ : كيف يُمكننا أن نُساعد على بلوغ « البعد الداخليّ المتبادل » بين ما هو شامل ومحلّيّ للكنيسة الواحدة ؟

[1]  توخّيًا للاختصار، إنّ التعبيرَين « جمعيّة » و « جمعيّة سينودسيّة »، يشيرا، من الآن فصاعدًا، ما لم يكن هناك بيان مُخالف، إلى دورة تشرين ألاول/أكتوبر 2023، التي تهدف إليها أداة العمل هذه.

[2] خطاب البابا فرنسيس في الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة 17 تشرين ألاول/أكتوبر 2015، (وثيقة تحضيريّة 15).

[3] تشير عبارة « الكنيسة المحلّية » هنا إلى ما يُسمّيه الحقّ القانونيّ « بالكنيسة الخاصّة ».

[4] سيَعرض القسم ب الأسباب التي أدّت إلى تغيير الترتيب فيما يتعلّق بالعنوان الفرعيّ للسينودس، راجع أدناه، رقم 44.

[5] البابا فرنسيس، لحظة تأملّ في بداية المسار السينودسيّ، 9 تشرين ألاول/أكتوبر.

[6] كلمة البابا فرنسيس في الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة، 17 تشرين ألاول/أكتوبر 2015.

[7] تنصّ الوثيقة الختاميّة، على سبيل المثال، في الرقم 128، على ما يلي : « لا يكفي أن يكون هناك بِنًى، إذا لم يتمّ تطوير علاقات حقيقيّة من داخلها؛ إنّ نوعيّة هذه العلاقات هي ما ينبغي التبشير به ». 

[8] راجع مجمع عقيدة الإيمان، الكنيسة تستعيد شبابها، 15 أيّار 2016، الأرقام 13-18.

[9] البابا فرنسيس، لحظة تأمّل في بداية المسيرة السينودسيّة، 9 تشرين ألاول/أكتوبر 2015. 

[10] الجمعيّة العامّة العاديّة الخامسة عشرة لسيندوس الأساقفة. « الشباب، الإيمان وتمييز الدعوة، الوثيقة الختاميّة »، 27 تشرين ألاول/أكتوبر 2018، 25. 

[11] فرنسيس، خطاب لقداسة مار عواص الثالث كاثوليكوس وبطريرك كنيسة المشرق الآشوريّة، 19 تشرين ألاول/أكتوبر 2022.

[12] المجلس البابويّ لتعزيز وحدة المسيحيّين، الأسقف والوحدة المسيحيّة : دليلٌ مسكونيّ، 5 حزيران 2020، رقم 4.

[13] القدّيس يوحنّا بولس الثاني، رسالة ليكونوا واحدًا، 25 أيّار 1995، رقم 95 ؛ ورد النصّ أيضًا في فرح الإنجيل، رقم 32 ؛ وفي الشركة الأسقفيّة، رقم 10.

[14]  فرنسيس، خطاب في الصلاة المسكونيّة، مجلس الكنائس العالميّ، المركز المسكونيّ، جنيف، 21 حزيران 2108.

[15] راجع مجمع العبادة الإلهيّة ونظام الأسرار، اختلافات مشروعة، 25 كانون الثاني، 1994.

[16] خطاب البابا فرنسيس في الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة 17 تشرين ألاول/أكتوبر 2015.

[17] خطاب البابا فرنسيس في الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة 17 تشرين ألاول/أكتوبر 2015.

[18]  المرجع السابق.

[19] خطاب البابا فرنسيس في الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة 17 تشرين ألاول/أكتوبر 2015.

Scroll to Top