أيقونة الوحدة والسلام
المطران مار متياس شارل مراد
تكريس الشرق للعائلة المقدّسة
وسط الأزمات التي تراكمت على مواطني الشرق الأوسط، أطلقت اللجنة الأسقفيّة “عدالة وسلام” المنبثقة من مجلس البطاركة الكاثوليك في الشرق الأوسط مبادرة القداس السنويّ ل “يوم السلام للشرق”، برعاية بطاركة الشرق الكاثوليك، ومباركة قداسة البابا فرنسيس، والذي تم الاحتفال به هذا العام يوم الأحد ٢٧ حزيران، وذلك بأن احتفل كلّ بطريرك في بلده مع مؤمنيه بالقداس الإلهيّ للابتهال إلى الله لطلب نعمة السلام في الشرق الأوسط وتكريسه للعائلة المقدّسة، في نفس اليوم ونفس الساعة.
ويأتي هذا التكريس في إطار الذكرى الخمسين بعد المائة لإعلان القدّيس يوسف شفيعًا للكنيسة الكاثوليكيّة، وإصدار قداسة البابا فرنسيس رسالة رسوليّة تحت عنوان “بقلب أبويّ” والتي تهدف إلى تنمية حبّنا لهذا القدّيس العظيم، حتّى نطلب شفاعته ونتشبّه بفضائله واندفاعه. وفي الوقت عينه كرّس البابا سنة خاصّة “سنة القدّيس يوسف” التي امتدت من الثامن من كانون الأوّل ٢٠٢٠ حتّى الثامن من كانون الأوّل لعام ٢٠٢١.
في رسالته الموجّهة إلى اصحاب الغبطة بمناسبة هذا التكرّيس، يرى البابا أنّ العائلة المقدّسة، يسوع ويوسف ومريم، التي اختاروا تكريس الشرق الأوسط لها، تمثّل جيدًا هويتنا ورسالتنا في الشرق، معتبرًا أنّ “التكريس للعائلة المقدّسة يدعو أيضًا كلّ واحد منكم، أفرادًا وجماعات، إلى أن تعيدوا اكتشاف دعوتكم أن تكونوا مسيحيّين في الشرق الأوسط: ليس فقط بأن تطالبوا بالإعتراف العادل بحقوقكم كمواطنين أصليّين في تلك الأراضي الحبيبة، بل أيضًا، بأن تعيشوا رسالتكم، رسالة حراس وشهود للأصول الرسوليّة الأولى…”.
أيقونة “العائلة المقدّسة للمشيئة الإلهيّة”
استند البابا في رسالته “بقلب أبويّ” على الإنجيليّين متى ولوقا في وصفهما ليوسف النجّار المتواضع وخطًيب مريم بأنه كان رجلًا بارًّا ومستعدًّا دائمًا لتتميم مشيئة الله. من هنا انطلقت فكرة كتابة “أيقونة العائلة المقدّسة للمشيئة الإلهيّة”، والتي تمت تسميتها بحسب الجواب الموحَّد الذي أتى على لسان أفراد العائلة المقدّسة يسوع ومريم ويوسف، كما ورد في الكتاب المقدّس:”لتكن مشيئتك”، وذلك بهدف تحقيق رغبة الآب والمشيئة الإلهيّة، من أجل خلاص البشريّة بأسرها. ( راجع إنجيل لوقا 1: 38 ، وإنجيل متّى 1: 24و 26: 42، وانجيل مرقس 14: 36 ، وانجيل لوقا 22: 42).
كتب هذه الأيقونة الأب سمير بولس روحانا، كاهن رعيّة مار الياس في عسفيا – جبل الكرمل للروم الملكيين مستلهمًا من لوحة العائلة المقدّسة المرسومة فوق المذبح في كنيسة القدّيس يوسف المُشَيَّدة فوق بيته ومنجرته في الناصرة، بحسب ما جاء في التقليد. وقد تمّ ترصيع الأيقونة بذخيرة مأخوذة من كنيسة البشارة في الناصرة، حيث تمّ تبريكها في ختام قداس يوم السلام للشرق، لتجوب بعدها في رحلة حج، انطلاقًا من لبنان مرورًا ببلاد المشرق حتى الوصول إلى روما في نهاية سنة القدّيس يوسف، لتعود في الختام إلى الأرض المقدّسة، حيث تبقى.
شرح الأيقونة
تحمل الأيقونة في طيّاتها دائمًا رسالة خلاصيّة. هي كتاب لاهوت. ترتكز قوانين كتابتها على أسس عقائديّة، تنطلق من واقع الحدث في التاريخ والمكان، لتنقلنا الى واقع متألّه متجلٍّ. أيقونة العائلة المقدّسة: القدّيس يوسف مع مريم العذراء والسيّد المسيح، لم تكن أسرة مكوّنة بالجسد! جمعتها العناية الإلهيّة، من أجل إنجاز المسيح لعمله الخلاصيّ، لافتداء الجنس البشريّ.
الحدث هذا هو في الناصرة. الروح القدس يظهر بهيئة حمامة، والسماء الدائرة المستديرة لا بداية ولا نهاية لها، والموطن هو موطن القدّيسين في الذخيرة، وثمر الروح القدس هي القداسة.
العذراء مريم تنظر إلى بعيد، ترى آلام ابنها، ترى الصلب، فملامح الوجه تبدو حزينة، سيف سيجوز في قلبها. تستقبل في يد مشيئة الله كاملةً، وتشير في اليد الأخرى إلى الطريق يسوع المسيح، هو الطريق والحقّ والحياة. يلبس الأموفوريون الأحمر القاتم، لباسًا يغطي الرأس والكتفين، يرمز إلى الإنسانية المتألمّة، وإلى محبّة المسيح، أعطت حياتها كلّها لله. كما تمثّل الكنيسة المصّلية التي تحبل بالكلمة المتجسّد، وتتقبّل تدبير الربّ ببساطة قلب. الثوب الأزرق يرمز إلى كونها إنسانة بطبيعتها، ورمز المعرفة التي لا تدرَك بالعقل ولكن بالقلب. ونرى ثلاث نجوم على كتفيها والرأس: هي بتول قبل الولادة، في الولادة، وبعد الولادة.
أما يوسف، فيلبس الثوب البني الذي يرمز إلى الأرض والثوب الأخضر الذي يرمز إلى التجديد وإلى الطبيعة البشريّة. القدّيس يوسف هو حارس هذه العائلة، وفي الأيقونة نراه يضع يده على صدره إذ يأخذ على عاتقه المسؤوليّة بالحراسة وبالعمل كنجّار بأمانة لتعيش هذه العائلة بكرامة. في اليد الأخرى يمسك يوسف العصا، وفي ذلك دلالة على أنّه كونه المسؤول عن كلّ ما يحدث لهذه العائلة، وهو يحميها ويبعد كلّ شرّ عنها، حتّى بهروبه إلى مصر. هو ذلك الشخص الذي يطيع دائمًا ارادة الله ومشروعه الخلاصي.
يمكن لمثال القدّيس يوسف أن يساعدنا جميعًا اليوم، فهو لم يفصل بين إعالته للعائلة المقدّسة وساعات تعبه في ورشة العمل إذ كان يعتني بمريم من خلال العمل ويظهر حبّه للمسيح من خلال جهوده اليوميّة، في حياة كاملة التماسك.
يلبس يسوع المسيح لباس البالغين، رمز السلطة والقوّة والجبروت! في يده اليمنى يبارك ويشير إلى الثالوث الأقدس الآب والإبن والروح القدس وإلى الطبيعتين البشريّة والإلهيّة، في يده الأخرى وبكلّ حنان يمسك الكرة الأرضيّة يضعها على صدره عند قلبه. فكل همّه خلاص البشريّة، والكرة الأرضيّة مكلّلة بتاج المجد الذي حصلنا عليه بصليبه، فقد غسلنا بدمه الثمين.
يلبس الثوب الأحمر كالأباطرة ورمز الألوهيّة. واللون الأزرق حصل عليه من الطبيعة البشريّة. وهنا الكتابة: “او اون” أنا هو الكائن! الإسم الذي أعطاه الله لموسى وقال عنه السيّد المسيح عندما ترفعون ابن الإنسان تعرفون أنّني أنا هو، أنا هو الكائن.
ونرى الأفواه مغلقة تدعونا إلى الصمت، إلى التأمّل. دعوة للصلاة من أجل السلام في العالم وخاصّة في الشرق الأوسط.
رحلة حجّ الأيقونة في لبنان
نظّمت اللجنة الأسقفيّة “عدالة وسلام” المنبثقة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، لجنة خاصّة تتولى تنظيم رحلة حج الأيقونة في الأراضي اللبنانيّة، برئاسة سيادة المطران متياس شارل مراد، يعاونه الممثلون عن كل كنائس الشرق الكاثوليك، وذلك بالتعاون والتنسيق مع المركز الكاثوليكيّ للإعلام.
إنطلقت مسيرة حجّ الأيقونة في لبنان، يوم السبت 31 تموز 2021، بقداس إحتفاليّ في كاتدرائية سيّدة البشارة للسريان الكاثوليك – المتحف. ترأس الذبيحة الإلهيّة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الإنطاكيّ، عاونه أصحاب السيادة: مار متياس شارل مراد رئيس اللجنة المنظمة لحج الأيقونة والنائب البطريركيّ العام لأبرشيّة بيروت للسريان الكاثوليك، وشكرالله نبيل الحاج رئيس اللجنة الأسقفيّة “عدالة وسلام”، مار رابولا أنطوان بيلوني.
لم تكن القداديس وحدها التي رافقت مسيرة حج الأيقونة في مختلف المناطق اللبنانيّة، بل كرّمت ساعات السجود للقربان الأقدس العائلة المقدّسة بحضور الأيقونة المرّصعة بالذخائر، وكان أبرزها في كنيسة سيدة النجاة في دير الشرفة في درعون- حريصا حيث أعطى المطران أنطوان رابولا بيلوني بركته الختاميّة بعد زياح القربان وصلوات السهرانة، وكذلك القداس والسجود في كنيسة سيدة فاتيما – جونيه للسريان الكاثوليك، كما السجود والقداس في كنيسة مار جرجس في ذوق مكايل للروم الملكيّين، وكذلك السجود الذي تلا القداس الإلهيّ في كنيسة القدّيسة تيريز في سهيله.
رفعت التراتيل والصلوات المريميّة، وعلى رأسها الباراكليسي الخاصّة بعيد إنتقال والدة الإله الفائقة القداسة في دير البشارة للراهبات الباسيليّات الشويريّات في ذوق مكايل. وكان للأيقونة حصّة لا يستهان بها مع الرهبانيّات: من راهبات الكرمل المحصّنات في ديرهنّ في حريصا إلى راهبات القربان الأقدس المرسلات في ديرهنّ في عين ورقة-غوسطا، ومن دير جمعية المرسلين اللبنانيّين في ميروبا إلى راهبات العائلة المقدّسة المارونيّات في مركزهنّ في الأشرفية، مرورًا براهبات الخدمة الصالحة في ديرهنّ في جبولة في محافظة بعلبك الهرمل، حيث استقبلن العائلة المقدّسة بالتراتيل والبخور والزهور. وكثّفت جماعات الصلاة وجماعات الرحمة الإلهيّة والحركات الرسوليّة والرعايا، صلوات المسابح والورديّات على نيّة السلام في لبنان والشرق والعالم. كما قدّمت الريسيتالات مثل ريسيتال رابطة الأخوّة في كنيسة القدّيسة تقلا في منطقة سد البوشرية بمشاركة عدد كبير من الشبيبة.
من جنوب لبنان إلى أقصى شماله، مرورًا بالبقاع والمدن والبلدات والقرى تعدّدت زيارات الأيقونة بين أديرة وكنائس، وبخاصّة في أبرز المزارات المريميّة اللبنانيّة. فبعد محطتها في مزار سيّدة المنطرة في مغدوشة حيث ترأس القداس الأرشمندريت سمير نهرا، زارت مزار أم المراحم في مزيارة حيث ترأس القداس في جولته الختاميّة مع الأيقونة، صاحب السيادة المطران يوسف سويف رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة، إثر مسيرة وزياح الشبيبة. وقد ترأس المطران سويف أيضًا قداديس عيد سيّدة الإنتقال في عدة رعايا في الشمال من كنيسة السيّدة في عندقت وكنيسة سيّدة مجدليا إلى كنيسة سيّدة الغسالة في القبيّات وسيّدة الإنتقال في مزيارة وسيّدة الخلاص في شكا .
ثم كانت المحطة التي توّجت زيارة الأيقونة المباركة للمزارات المريميّة في مقام سيّدة زحلة والبقاع حيث ترأس القداس الأرشمندريت ايلي بو شعيا.
في كنيسة سيّدة الملائكة في بدارو، ترأس القداس الأوّل سيادة المطران سيزار ايسايان النائب الرسولي للاتين في لبنان والقداس التالي الأب عبدالله النفيلي الرئيس العامّ للرهبانيّة الكبوشيّة في لبنان. أمّا في كاتدرائية الملاك روفائيل للكلدان في بعبدا، فترأس الذبيحة الإلهيّة المنسنيور رافائيل طرابلسي؛ وفي دير المخلص في الصالحيّة، ترأس الذبيحة الإلهيّة سيادة المطران ايلي بشارة الحداد، رئيس أساقفة صيدا للروم الملكيّين. في كنيسة سيّدة البشارة في دوما ترأس القداس الإلهيّ راعي أبرشيّة طرابلس للروم الملكيّين الكاثوليك المطران ادوار جاورجيوس ضاهر. بالإضافة إلى محطتها اللافتة في كنيسة مار يعقوب السروجي للسريان الأرثوذكس في السبتيّة حيث ترأس القداس الإلهيّ سيادة المطران جورج صليبا، زارت الأيقونة عشرات الكنائس الكاثوليكيّة.
اتّسمت بعض الزيارات بطابعها العفويّ، لا سيما زيارة الأيقونة لسيّدة المعونات في عين الخروبة المجاورة لبكفيا، وزيارتها لكنيستي القدّيسة ريتا والقديس انطونيوس البدواني في سن الفيل، ومن كابيلا القدّيس يوحنا بولس الثاني وكنيسة الصليب في بزمار، إلى كنيسة مار سمعان للروم الملكيّين في السبتية، مرورًا بكنيسة مار يوسف في العطشانة حيث كرّم الأهالي عائلة الناصرة باستقبال لائق وحفاوة كبيرة، عقب القداس الإلهيّ الذي ترأسه كاهن الرعيّة الأب الجليل جوزيف صوما.
من محطاتها الأخيرة في لبنان، نذكر زيارة أيقونة العائلة المقدّسة لكنيسة السيّدة في فالوغا في محافظة جبل لبنان حيث ترأس الذبيحة الإلهيّة المطران ماتياس شارل مراد. كما نذكر القداس الإلهيّ في كنيسة المخلّص للأرمن الكاثوليك في برج حمود، حيث ترأس الذبيحة الإلهيّة المطران جورج أسادوريان. عشية مغادرتها لبنان، تبارك المؤمنون بذخائر الأيقونة في ختام القداس في كنيسة مار يوحنا مرقس جبيل، كما استقبلها المونسنيور جورج أبي سعد رئيس الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة في غزير.
أمّا في يوم مغادرتها لربوع الوطن الحبيب، زارت السفارة البابويّة حيث احتفل السفير البابويّ المونسنيور جوزف سبيتيري بالذبيحة الإلهيّة الختاميّة بمشاركة المطران شكرالله نبيل الحاج رئيس اللجنة الأسقفيّة “عدالة وسلام”. واختتمت مسيرة الحج التي دامت أربعة أسابيع، في اللقاء الوداعيّ، في مقرّ مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، بحضور رئيس اللجنة المنظّمة سيادة المطران مار ماتياس شارل مراد وأمين عام المجلس الأب كلود ندره، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم، والمنسّقة العامة في اللجنة الأسقفيّة “عدالة وسلام” السيّدة سوزي الحاج.
أيقونة سلام
في وسط عالم يتخبط بنفسه وبما حوله، تعيش عائلاتنا في الشرق تحديّات جمّة. وإذ يشكل الانقسام في العائلات أول تهديد لمجتمعنا، تذكّرنا العائلة المقدّسة بأنّ العائلة تشكّل واحدة من أهم الأعمدة لبناء المجتمع، وأنّه رغم جميع الخلافات يجب علينا أن نبقى متحدّين وأن نثق بالله. في الواقع إنّ الأسرة هي في نفس الوقت مجتمعًا شيّد من خلال العمل، ومدرسة العمل الأولى لكلّ شخص في المنزل. (البابا يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامّة “مزاولة العمل” (Laborem exercens)، ١٤ أيلول ١٩٨١، رقم 10).
تحثّنا الكنيسة اليوم الى الوعي والمسؤولية، وتجعلنا ننظر الى الأمام، فالأجيال التي ستتولى المسؤوليّة في المستقبل ستعتمد على الموارد الروحيّة والأخلاقيّة التي تتلقّاها اليوم، لا سيما في العائلة. لذا من الضروري أن نأخذ هذه المهمة الرسوليّة على محمل الجدّ وليبدأ كلٌّ منا بأسرته ومن دون إبطاء.
إزاء الصعوبات، يقول البابا فرنسيس، قد تختلف المواقف بين الذين يتخلون عن الميدان ويهربون أو الذين يجتهدون ويجاهدون بطريقة أو بأخرى، والقديس يوسف هو شخص يجتهد ولا يقف مكتوف اليدين. رسالتنا اليوم كمسيحيّين في هذا الشرق، هي أن نسعى بإصرار لجلب روحانيّة المسيح للمجتمع كلّه من حولنا. دعوتنا أن تكون عائلتنا منارة تضيء، بفضل الجهود التي نبذلها لإفاحة عطر المسيحيّة في بيوتنا وفي تربية أطفالنا، كي يصبح المجتمع في لبنان، مجتمع سلام ومحبّة. ولا يغيب عن ضميرنا ووجداننا أن نحترم الإنسان ونحبّه كما هو، كي نعيش جمعينا في عائلة واحدة وهي لبنان، ونحوّل ثقافة الموت والعنف إلى ثقافة الحياة والسلام.
لنسعى جميعًا أن نكون ملحًا لأرضنا وأن نعطي طعمُا ومعنىً لحياتنا الإجتماعيّة، ونساهم في بناء الخير العام، وفقا لمبادئ تعليم الكنيسة الإجتماعيّ. ولتتبارك مناطقنا وضيعنا وشوارعنا وعائلاتنا من رحلة الحج لهذه الأيقونة المباركة.
فعل تكريس الشرق للعائلة المقدّسة
نلتجئ إلى حمايتك أيّتُها العائلة المقدّسة، يسوع ومريم ويوسف، وسط الأزمات السياسيّة والإقتصاديّة التي تراكمت علينا، نحن مواطني الشرق الأوسط.
نلتجئ إلى حمايتك أيّتُها العائلة المقدّسة، يسوع ومريم ويوسف، وسط تداعيّات جائحة كورونا التي خَلقت حالة من عدم الاستقرار والخوف والقلق.
نلتجئ إلى حمايتك يا عائلة الناصرة، أنتِ التي عشتِ الشدّة بإيمان ورجاء ومحبّة، لنكرِّسَ لكِ شرقَنا وبلداننا تكريسًا كاملًا، ونستودعَكِ حياتَنا وأوطاننا، مخاوفنا وآمالنا، أطفالنا وشبيبتنا وعائلاتنا، لتُصبح كلُّ عائلة كنيسة بيتيّة ومشتل قداسة.
أيّتها العائلة المقدّسة، استمدّي للشرق ا لأوسط من الله بركة الخروج من هذه الظروف الخانقة وعودة السلام والاستقرار، لكي يعيش مواطنوه متساوين في الحقوق والواجبات، وينعَموا بحياة حُرّة وكريمة، بغضّ النظر عن طبيعة إنتمائهم الدينيّ والقوميّ.
أيّتها العائلة المقدّسة، ليكن نظَرُكِ الحنون علينا وعلى عائلاتنا وبلادنا، لننفتح على علامات حضور الله مثلما انفتحتِ بأمانة مطلقة، فتنفتح قلوبنا بعضُها على بعض، وعلى أبعادِ العالم، فنغدوَ جميعًا عائلة واحدة، تعيش بالسلام والمحبّة والتناغم.
مع القدّيس أفرام نبتهلُ إليكَ يا ربِّ : اجعل الوِفَاقَ بينَ الشُّعُوبِ يَتِمُّ في زمانِنا، ليَكونوا شَعبًا واحدًا حقًّا، إجمَعْ أبناءَكَ في حضنِكَ، فيَرفعوا الشكرَ لصلاحِكَ. لو كان جميعُ أبناءِ النور متَّحدين، لأزالَ إشعَاعُهُم المُوحَّد الظَلامَ، بقُوَّةِ وحدَتِهم.
أيّتها العائلة المقدّسة يسوع ومريم ويوسف، نضع بثقة صلاتنا هذه وتكريس شرقِنا بين يديكِ. وللثالوث الأقدس الشكر والحمد الآن والى الأبد، آمين.